٢ ـ سهم أصاب جبهته الشريفة المشرقة بنور النبوة والامامة رماه به ابو الحتوف الجعفي فانتزعه ، وقد تفجر دمه الشريف ، فرفع يديه بالدعاء على السفكة المجرمين قائلا :
«اللهم انك ترى ما أنا فيه من عبادك العصاة ، اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا ، ولا تغفر لهم أبدا» وصاح بالجيش :
«يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته ، أما انكم لا تقتلون رجلا بعدي فتهابون قتله بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم اياي ، وأيم اللّه اني لأرجو أن يكرمني اللّه بالشهادة ، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون ...» (١).
لقد كان جزاء الرسول (ص) الذي انقذهم من حياة البؤس والشقاء أن عدوا على ذريته فسفكوا دماءهم ، واقترفوا منهم ما تقشعر منه الجلود وتندى له الوجوه .. وقد استجاب اللّه دعاء الامام فأنتقم له من اعدائه المجرمين ، فلم يلبثوا قليلا حتى اجتاحتهم الفتن والعواصف ، فقد هب الثائر العظيم المختار طالبا بدم الامام فأخذ يطاردهم ويلاحقهم ، وقد هربوا في البيداء وشرطة المختار تطاردهم حتى أباد الكثيرين منهم ، يقول الزهري لم يبق من قتلة الحسين أحد الا عوقب اما بالقتل أو العمى أو سواد الوجه ، او زوال الملك في مدة يسيرة (٢).
٣ ـ وهو من أعظم السهام التي فتكت بالامام. يقول المؤرخون :
ان الامام وقف ليستريح بعد ما اعياه نزيف الدماء ، فرماه وغد بحجر أصاب جبهته الشريفة فسالت الدماء على وجهه فأخذ الثوب ليمسح الدم
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرم (ص ٣٣٩)
(٢) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ / ١٠٣ ـ ١٠٤