تقدير حصوله علم بالصحّة أو الوثاقة وهو ليس من العلم بالصدور في شيء ولا هو مستلزم له ، هذا مضافا إلى ما في هذا المقام من الاختلاف في تعيين الأشخاص المجمع عليهم كما قرّر في محلّه ، وهذا أيضا ممّا يخلّ بالعلم.
وأمّا عن الوجه الخامس : فبأنّ التوثيق المذكور إنّما وصل إلينا بطريق الآحاد الغير المفيدة للعلم ، مع ما في أكثر هذه النصوص من المعارض المقتضي للقدح كما يظهر بمراجعة الرجال ، مع احتمال كون مراد المعصوم التوثيق بحسب ما يقتضيه الأمارات الحاصلة لديه من دون مراعاة العلم فيه بناء على عدم لزومه.
ومع الغضّ عن جميع ذلك فالعلم بالوثاقة على تقدير حصوله لنا أعمّ من العلم بصدور ما يرويه هؤلاء عن المعصوم كما يظهر وجهه بمراجعة ما تقدّم.
وأمّا عن الوجه السادس : فبعد منع تسمية ما ذكره المشايخ الثلاث شهادة للزوم العلم في الشهادة مع كونه عن حسّ ، ومن الجائز كون تصريحهم بما صرّحوا به عن اعتقاد التعبّد أو عن الاعتقاد الظنّي الخاصّ أو المطلق ، وعلى فرض كونه عن علم فهو اعتقاد نشأ عن اجتهادهم ، كما يشعر به الاعتراف بأنّهم أخذوها عن الكتب المعتمدة والاصول المعتبرة ، فلا ملازمة بين هذا الاعتقاد ومطابقته للواقع ، لأنّ غاية ما شهدوا به إنّما هو صحّة ما أوردوه في كتبهم من الأخبار وكونها حجّة فيما بينهم وبين ربّهم.
وأيّا مّا كان فهو أعمّ من الصدور ومن كون الصدور على جهة بيان الواقع لا على جهة التقيّة ، ومن الثابت بالعلم الضروري وجود الأخبار الكاذبة والأخبار الصادرة على جهة التقيّة فيما بين الآحاد المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام وفي الاصول المشتملة على تلك الأخبار ، كما نطق به أيضا أخبار مستفيضة ففي النبوي المعروف : « ستكثر بعدي القالة عليّ ».
وفي المرويّ عن الصادق عليهالسلام : « أنّ لكلّ رجل منّا رجلا يكذب عليه ».
وفي الآخر عنه عليهالسلام : « إنّا أهل البيت صادقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه ».
وفي الآخر : « إنّ المغيرة بن سعيد دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي ، فاتّقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا وسنّة نبيّنا ».
وعن يونس أنّه قال : « وافيت العراق فوجدت قطعة من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد الله عليهماالسلام متوافرين ، فسمعت منهم وأخذت كتبهم وعرضتها من بعد على أبي الحسن