أحدهما أقلّ أفرادا والآخر أكثر أفرادا ، أو ما لم يكن أحدهما مخصّصا والآخر مخصّصا ، وما كان التخصيص الوارد على أحدهما أقلّ من التخصيص الوارد على الآخر ، وما كان تخصيصه على تقدير رجوعه إليه من تخصيص الأقلّ وفي الأخر من تخصيص الأكثر إلى غير ذلك ممّا يصير أظهر في العموم لأمر داخلي أو خارجي ، ففي الجميع يجب الأخذ بعموم الأوّل وإرجاع التخصيص إلى الآخر ، وقد يترجّح ظهور أحدهما باعتضاده بالمرجّحات الخارجيّة كالشهرة والاستقراء والأولويّة ونحوها إذا أوجبت موافقة أحدها وهنا في العامّ المخالف له بحيث صار الموافق أظهر.
ومن أمثلته ما في تعارض حسنة عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » وحسنة أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « كلّ شيء يطير لا بأس بخرئه وبوله » والأوّل موافق للشهرة ، لأنّ المشهور نجاسة أبوال وأرواث ما لا يؤكل لحمه طيرا كان أو غيره ، ولعلّه لذا رجّحه السيّد في الرياض استنادا إلى الشهرة ، لوضوح أنّه لولا كونها موهنة للعامّ الآخر لم يكن لترجيحه عليه وجه ، لأنّ أصالة الحقيقة جارية فيهما معا ، وكما أنّها في الأوّل مانعة من العمل بها في الآخر فكذلك هي في الآخر مانعة عن العمل بها في الأوّل ، واللازم من ذلك طروّ الإجمال لهما معا المانع من العمل بكلّ منهما ، ولعلّه لذا استوجه صاحب المدارك في ذرق الغير المأكول بل بوله القول بالطهارة عملا بالأصل السالم عن المعارض مريدا به أصالة الطهارة في الأشياء.
وربّما يحتمل كونه ترجيحا للخبر الثاني بموافقة الأصل بناء منه على القول بالترجيح به ، ولكنّه خلاف ما يظهر من كلامه ، فما اختاره بناء على ظاهر كلامه على تقدير عدم كون شهرة الفتوى موهنة في دلالة الخبر الثاني أوفق بالقواعد ، لأنّ مجرّد وجود نحو هذه الشهرة الغير الموهنة لا يوجب زوال التعبّد بأصالة الحقيقة المفروض جريانها في الخبر المخالف للشهرة.
هذا إذا كان العمل بأصالة الحقيقة من باب التعبّد استنادا إلى أصالة عدم القرينة وأصالة عدم التخصيص.
وأمّا إذا كان من باب الظنّ النوعي فربّما يسبق إلى الوهم جواز الترجيح بها وبغيرها من المرجّحات الخارجيّة إذا أفادت الظنّ الشخصي بمضمون ما يوافقها.
ويزيّفه : أنّ الظنّ في باب الدلالات إنّما يعتبر حيث كان بناء العرف على اعتباره ،