الواقع ، فرجع الترجيح بما ذكر إلى ترجيح الأقرب إلى الواقع ، والتعليل بعد إلقاء الخصوصيّة يفيد عموم العلّة وتأثيرها في الحكم حيث توجد.
ومن جملة ذلك أيضا تعليله عليهالسلام للترجيح بمخالفة العامّة بكون الرشد في خلافهم ، وفي بعض الروايات كون الحقّ في خلافهم.
وقضيّة ذلك كون مناط الترجيح هو الأقربيّة إلى الحقّ والأبعديّة عن الباطل ، ومن تهافت الأخباريّة في زعمهم للاقتصار على المنصوص ـ مع أنّ ظاهر النصّ في الترجيح بصفات الراوي اعتبار اجتماع الصفات الأربع ـ عدم اقتصارهم على ظاهر النصّ بجعلهم كلّ واحد مرجّحا بانفراده ، غاية ما هنا لك قيام صارف وهو الإجماع على أنّ الرواية ليست على ظاهرها ، فجعل كلّ واحد من الصفات الأربع مرجّحا مستقلاّ تعبّديّا ليس بأولى من جعل ورودها من باب المثال ، بدعوى : أنّ الترجيح بكلّ واحد من هذه الصفات لإفادة أنّ العبرة في الترجيح بقوّة ظنّ الصدور واطمئنان الصدق والوثوق بمطابقة الواقع.
هذا ومن تهافتهم أيضا أنّ ظاهر النصّ في الترجيح بصفات الراوي اعتبار العلم بالأعدل والأفقه والأصدق والأورع ، وهو في الأزمنة المتأخّرة عن أعصار الرواة إلى زماننا هذا غير ممكن الحصول ، إذ لا طريق إلى إحراز هذه الصفات في الغالب إلاّ بيانات علماء الرجال وهي أخبار آحاد لا تفيد العلم ، بل غايتها الظنّ ، فالترجيح بما ظنّ من هذه الصفات خروج عن المنصوص ، والمفروض عدم بلوغ الأخبار المذكورة حدّ البيّنة لتكون حجّة تعبّديّة.
فإن قالوا : بأنّ ذلك ظنّ اجتهادي قام الدليل على اعتباره ، يقع الكلام في دليله وليس إلاّ دليل الانسداد ، وهو يقضي بجواز العمل بكلّ ما يورث ظنّ الصدور بل الصدق ، وربّما يحصل من غير المنصوص من الظنّ ما لا يحصل من المنصوص ، مع أنّ الاقتصار على المنصوص ربّما يؤدّي إلى سدّ باب الترجيح ، إذ إحراز صفات الراوي ولو ظنّا غير متيسّر غالبا لغير المعاصرين للرواة والملاقين لهم ، وكتب الرجال غير متكفّلة لبيان هذه المزايا ، والشهرة لترجيح الخبر المشهور أيضا ممّا لا يتيسّر إحرازه ، سواء اريد به ما أجمع الكلّ على نقله أو ما رواه الأكثر ، لأنّ الروايات الّتي بأيدينا اليوم لم يبلغنا إلاّ بواسطة كتاب أو كتابين أو ثلاثة أو أربعة فهذا المرجّح أيضا إنّما يتيسّر حصوله لأهل زمان الصدور.
وبالجملة فإحراز كون أحد الخبرين مشهورا قلّما يتّفق لنا في هذه الأزمنة.
ثمّ ننقل الكلام إلى موافقة الكتاب والسنّة ، أمّا موافقة السنّة فممّا لا مصداق لنا ، إذ ليس