وفيه : بطلان أصل الدعوى مع فساد أدلّته.
أمّا الأوّل : فلأنّ الواقعة إذا كانت من قبيل الامور المخترعة من العبادات وسائر العقود والإيقاعات وإن كان يجب لإحراز وقوعها في الخارج تطبيقها على الفتوى ، لكن لا على أنّ مؤدّاها أمر مستقلّ واقع في طرف العرض من الواقع هو المأمور به في العبادات ، والسبب المشروع في العقود والإيقاعات وإن غاير الواقع لبطلان الجعل الموضوعي في الأمارات على ما بيّنّاه مرارا ، بل على أنّه الواقع بمعنى المأمور به الواقعي والسبب الواقعي ، فمعنى وجوب الأخذ به وجوب ترتيب آثار الواقع عليه على أنّه الواقع لا ما يغايره ، ولا يعقل ذلك إلاّ ما لم يتحقّق الرجوع ، إذ الرجوع معناه انكشاف أنّ المأتيّ به غير المأمور به الواقعي والمأمور به الواقعي غير مأتيّ به ، وإنّ ما وقع من الصيغة الّتي يرى المجتهد صحّتها أوّلا غير السبب الواقعي المشروع الّذي يترتّب عليه الملكيّة أو الزوجيّة أو البينونة أو الحرّيّة أو غيرها ، والسبب الواقعي المشروع غير واقع ، ومع ذلك فكيف يعقل ترتيب آثار الواقع على الوقائع السابقة على الرجوع؟
وبالجملة فإن أراد الفاضل المتقدّم ذكره من كون الواقعة ممّا تعيّن أخذه بمقتضى الفتوى أنّ ما أخذه المجتهد أو مقلّده من الواقعة بمقتضى الفتوى كان حكمه الواقعيّ الأوّلي فلا ينتقض بعد الرجوع الآثار اللاحقة بها قبله ، فلا يجب في العبادة كالصلاة بلا سورة أو مستصحبة لشعر الأرانب والثعالب ونحو ذلك إعادة لو كان الرجوع في الوقت ولا قضاء لو كان في خارج الوقت.
ففيه : أنّه تصويب باطل.
وإن أراد أنّ مؤدّى الاجتهاد السابق الّذي وقعت الواقعة على طبقه وإن لم يكن هو المأمور به الواقعي الأوّلي إلاّ أنّه كان بدلا عن الواقعي الأوّلي ما دام الاجتهاد المذكور باقيا تنزيلا له منزلة الأعذار الموجبة للبدليّة.
ففيه ـ مع أنّه نوع من التصويب أيضا ـ : أنّ هذا المعنى ممّا لا يستفاد من أدلّة الطرق الّتي وقع فيها الاجتهاد ونشأ منها الفتوى ، بل قصارى ما استفيد منها وجوب الأخذ بمؤدّى الطرق على أنّه الواقع ، لا على أنّه شيء في عرضه أو أنّه بدل منه.
وإن أراد غير هذين المعنيين فمقتضى الدليل والقاعدة وجوب الإعادة مع بقاء الوقت والقضاء مع خروجه إن لم يكن إجماع على خلافه ، كما هو قضيّة عدم سقوط الأمر في