وهو ممّا لا يمكن تعيينه بالأصل ، إمّا لعدم جريانه رأسا كما هو المحقّق ، أو لكونه معارضا بمثله إن صحّحنا جريانه.
نعم ربّما يدخل في الوهم كون الشكّ المجامع للعلم الإجمالي في غير محصور ـ كما هو عنوان الصورة الثانية ـ من باب الشبهة الغير المحصورة المجمع على عدم حجّية العلم الإجمالي فيها ، الباعث على عدم وجوب الاجتناب مطلقا لعدم تنجّز الخطاب بالواقع فيجري فيه أيضا ذلك الحكم الّذي هو أصل في كلّ شبهة غير محصورة ، واللازم من ذلك سقوط احتمال وجوب التعيين بالقياس إلى الأخذ من الأعلم.
ولكن يزيّفه : أنّ الوجه في عدم تأثير العلم الإجمالي في الشبهة الغير المحصورة في تنجّز التكليف بالواقع في الشبهة الغير المحصورة ـ على ما بيّنّاه في محلّه ـ هو انتفاء شرط تأثيره الّذي هو شرط حجّيته ، وهو أحد الأمرين من التمكّن من الامتثال بطريقة الاحتياط ، أو التمكّن من العلم التفصيلي الّذي هو أيضا يرجع إلى التمكّن من الامتثال في الشبهة الغير المحصورة ، بخلاف ما نحن فيه لتحقّق شرط التأثير فيه وهو التمكّن من الامتثال بواسطة الاحتياط الّذي يحصل في مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير بالأخذ بمحتمل التعيين ، لكونه مبرئا للذمّة ومخرجا عن العهدة يقينا على كلّ التقديرين حسبما بيّنّاه ، فالوجه في الصورتين أحد الأمرين من الفحص إحرازا للموافقة الّذي هو مناط التخيير أو الرجوع إلى الأعلم لا غير ، وكذلك الحكم في الصورة الخامسة وهو الشكّ المجامع للعلم الإجمالي في محصور هو من محلّ الابتلاء مع مطابقة فتاويه الاحتياط فلا وجه للتأمّل في حكمه.
نعم ينبغي القطع بالتخيير وجواز الأخذ من غير الأعلم بلا فصل في الصورة الثالثة والرابعة.
أمّا الاولى : فلفرض انتفاء الخلاف في محلّ الابتلاء الّذي هو محلّ التقليد لا غير ، فلا مانع من الرجوع إلى غير الأعلم.
وأمّا الثانية فلأنّ الاختلاف المعلوم بالإجمال في محلّ الابتلاء هنا مع مطابقة فتاوى غير الأعلم للاحتياط لا يصلح مانعا من الرجوع إلى غير الأعلم مطلقا إلاّ باعتبار لزومه المخالفة القطعيّة للعلم الإجمالي.
ويدفعه : أنّ مخالفة العلم الإجمالي ـ على ما قرّر في محلّه ـ إنّما يقبح عقلا إذا كانت عمليّة وهي هنا التزاميّة ولا قبح فيها ، وذلك لأنّ الالتزام بالوجوب أو الحرمة أو النجاسة