الخلافيّة ، ولأنّه لو حصل منه العلم فالعلم بصدقه إمّا أن يكون ضروريّا أو نظريّا ، والأوّل باطل جزما ، والثاني يحتاج إلى دليل والمفروض عدمه وإلاّ لم يكن تقليدا » انتهى.
وكأنّ مبنى هذه الإجماعات مع ما عرفت وستعرف أيضا من وجود الخلاف على عدم الالتفات إليه لشذوذ المخالف أو وضوح غفلته عن الحقّ أو اتّضاح فساد دليله أو لحوقه بالإجماع ، وهي لكشفها باستفاضتها عن حقّيّة المورد في الجملة تنهض دليلا على حكم المسألة.
وليعلم أنّ المراد بالتقليد هنا معناه المعروف وهو الأخذ بقول الغير من غير حجّة يحتجّ بها على هذا القول ، بأن يأخذ المكلّف في اصول عقائده كوجود الصانع تعالى ووحدانيّته وصفاته الثبوتيّة والسلبيّة وعدله ونبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وإمامة الأئمّة عليهمالسلام والمعاد بقول الغير ويعوّل عليه لا على حجّة يحتجّ بها ودليل يستدلّ به عليه ، وإلاّ لم يكن تقليدا بل كان أخذا فيها بالنظر وتحصيلا لها بالاستدلال كما أشار إليه العضدي في العبارة المتقدّمة في الوجه الأخير من الوجوه الثلاث الّتي أقامها على منع حصول العلم من التقليد ، وعليه فالتقليد في الاصول من هذه الجهة لا يغائر التقليد في الفروع ، فإنّ التقليد في الفروع يتضمّن جهتين :
إحداهما : أنّه لا يعتبر فيه في لحاظ الأخذ بقول الغير دليل يستدلّ به ولا حجّة يحتجّ بها على هذا القول بل يعتبر العدم كما لا يخفى.
واخراهما : أنّه لا يعتبر أيضا في القول المأخوذ به كونه مستتبعا لاعتقاد المقلّد بالحكم المقلّد فيه لا قطعا ولا ظنّا ، لبنائه على التعبّد المحض ومن علامته كون مستند الآخذ في أخذه نفس ذلك القول المأخوذ به كما تقدّم مشروحا.
والتقليد في الاصول المأخوذ في محلّ البحث لا يغائره من الجهة الاولى كما أشار إليه العضدي وأشار إليه أيضا شيخ الطائفة في صريح عبارته في العدّة عند الاستدلال على العفو عن خطأ المقلّد في تقليده بقوله : « إنّي لم أجد أحدا من الطائفة ولا من الأئمّة قطع موالاة من يسمع قولهم واعتقد مثل اعتقادهم وإن لم يستند في ذلك إلى حجّة عقليّة أو سمع شرعي » (١).
وهل يغايره من الجهة الثانية فيعتبر حصول الاعتقاد من قول الغير للمقلّد بالحكم
__________________
(١) عدّة الاصول ٢ : ٧٣١.