الكفّار » إلى آخر ما ذكره.
وهذا كما ترى صريح في عدم اختصاص النزاع بما ذكر إن لم نقل بظهوره في الاختصاص بغيره ممّا يكفر فيه المخطئ ومخالف الحقّ.
وكيف كان فتحقيق هذا المقام يستدعي النظر في جهة اخرى من جهات تحرير محلّ النزاع ، وهي كون النزاع كبرويّا أو صغرويّا؟
فلو قرّر النزاع بأنّ المكلّف بالعلم في اصول العقائد المجتهد فيها المقصّر في اجتهاده حتّى أدّى اجتهاده إلى اعتقاد خلاف الواقع معذور غير آثم على قول الجاحظ والعنبري ، بناء منهما على أنّ الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار خطابا أو عقابا ، وآثم غير معذور على قول الجمهور بناء منهم على أنّه لا ينافي الاختيار خطابا أو عقابا كان كبرويّا.
وكذلك لو قرّر بأنّ المكلّف بالعلم المجتهد القاصر عن تحصيله معذور غير آثم دفعا للتكليف بغير المقدور القبيح على الحكيم على قول الجاحظ والعنبري ، أو آثم غير معذور منعا لقبح التكليف بغير المقدور بحسب الفعل إذا كان مقدورا بحسب العادة ، على معنى كونه ممّا يتأتّى عادة وإن خرج عن المقدوريّة لعارض على القول الآخر.
وهذا وإن كان ممّا يومئ إليه بعض كلماتهم كما ستعرفه ، غير أنّ الأولى إسقاط هذا التقرير وسابقه ، لبعد كون موضوع المسألة خصوص المقصّر أو القاصر ، كبعد كون مبنى الخلاف على ما ذكر في التقريرين ، لوجوب تحقّق موافق للجاحظ وصاحبه في القول بالمعذوريّة وعدم الإثم من أصحابنا ، لأنّ منهم من يقول بمنافاة الامتناع بالاختيار للاختيار بل عليه محقّقوهم وهو الأصحّ ، بل قاطبة العدليّة مطبقون على اشتراط صحّة التكليف بالمقدوريّة ذاتا وفعلا وعدم الفرق في قبح التكليف بغير المقدور بين الامتناع الذاتي والامتناع العرضي.
والأولى في تقرير كبرويّة النزاع أن يقال : إنّ المكلّف المجتهد في العقائد إذا أخطأ هل هو معذور غير آثم وإن كان مقصّرا ، أو أنّه غير معذور وآثم وإن فرضناه قاصرا؟
ولو قرّر النزاع بأنّ المجتهد المؤدّي اجتهاده إلى مخالفة الواقع في اصول الدين آثم لكونه مقصّرا أو غير آثم لكونه قاصرا كان صغرويّا ، لرجوعه إلى أنّ المجتهد المخطئ فيها هل هو مقصّر ليكون آثما أو قاصر لئلاّ يكون آثما؟
وقد يقرّر ذلك بإمكان وجود القاصر عقلا أو عادة وعدمه ، وهذا كما ترى بعيد عن