توقّف على شرط آخر من المسائل (١) وغيرها.
وفيه : أنّ مآل هذا الكلام إلى إنكار شرائط الاجتهاد كلّها ، فيفسده كلّما تقدّم في إثباتها ، هذا مع بطلان مقايسة حالنا على حال العاملين بالأخبار والأحاديث من أهل عصر الأئمّة عليهمالسلام مع ما في التقرير المدّعى من الإجمال المانع من الاتّكال من جهات عديدة باعتبار العامل والمعمول به ووجه العمل وكيفيّته ما لا يخفى على المتأمّل.
فالعموم المدّعى عليه التقرير غير مسموع ، بل ثبوت أصل التقرير غير مسلّم ، وقد تقدّم في الأخبار الدالّة على وجود الأحاديث الكاذبة فيما بين أحاديث أهل العصمة ما هو صريح في المنع من عموم العمل بكلّ حديث ، والردع عن إطلاق الأخذ بالأحاديث المسموعة ، مع أنّ الأمر بالتفريع الوارد في الأخبار المستفيضة لا يتناول كلّ من سمع الحديث ولا كلّ عامل بالخبر ولو عاميّا.
فاختصاص هذا الأمر بغير العامي ينهض دليلا على اعتبار الشرائط كلّها حتّى الملكة المبحوث عنها ، ضرورة أنّ التفريع المأمور به لا يتمّ بدونها.
فالاستدلال على نفي اعتبارها بما ذكر وغيره من الوجوه السخيفة يشبه بكونه اجتهادا في مقابلة النصّ.
وبذلك يبطل ما قيل أيضا : من أنّ عموم تكليف المكلّفين بالعمل بالأخبار يدلّ على أنّ العمل بالأفراد الخفيّة واللوازم الغير البيّنة الّتي لا يهتدي إليها إلاّ الأكثرون ولا يعرف فرديّتها ولزومها إلاّ بالنظر والاستدلال غير لازم ، وإلاّ لزم التكليف بما لا يطاق بالنسبة إلى غير المتمكّنين ، فإنّ ما ادّعي من عموم التكليف بالعمل بالأخبار في محلّ منع لجهات عديدة : فتارة باعتبار العامل ، واخرى باعتبار المعمول به ، وثالثة باعتبار جهة العمل ، مع أنّ التكليف العامّ على فرض وجوده حسبما ادّعي ليس إلاّ من باب الخطابات المعلّقة على شرائط التكليف عقليّة وغيرها فيختصّ كمّا وكيفا وجهة بواجديها.
وبالتأمّل في جميع ما ذكر في دفع جميع الوجوه المذكورة يظهر ضعف ما قيل أيضا : من أنّهم كانوا يعملون بالأخبار بدون الفحص عن المعارض وحصول الملكة المحتاج إليها في علاج التعارض.
__________________
(١) كذا في الأصل ، والأنسب بسياق العبارة هكذا : « من الملكة » الخ.