وفي بعض الأخبار أيضا ما يشير إلى ذلك كالخبر المتقدّم إليه الإشارة في وجود الأخبار الكاذبة المتضمّن لقوله : « فيسقط صدقنا بكذبه » حسبما بيّنّاه سابقا.
ومنها : كون مراجعة الكتب الرجاليّة بدعة ، لأنّ علم الرجال قد حدث تدوينه في الأزمنة المتأخّرة فلم يكن مأخوذا عن أهل العصمة كما عداه من العلوم المتداولة ، وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار.
وفيه أوّلا : النقض بعلم الفقه ومراجعة الكتب الفقهيّة لعين ما ذكر.
وثانيا : منع كلّية الكبرى ، فإنّ هذا العلم وتدوينه ومراجعة كتبه من البدع المستحسنة الدائرة بين الواجبة منها أو المستحبّة بل الواجبة على التحقيق في موضع وجوب الاجتهاد عينا أو كفاية ، على أنّ البدعة تنقسم عندهم انقسام الأحكام الخمسة ، وقد نقل ثاني الشهيدين في الروضة (١) عن بعضهم تقسيمها إليها.
وعن شرح المشكاة : « البدعة على خمسة أقسام : واجبة كتعلّم النحو وحفظ إعراب القرآن والحديث وكتدوين علم اصول الفقه ، ومحرّمة كمذهب القدريّة والجبريّة والمرجئة ، ومندوبة كإحداث المدارس وكلّ إحسان لم يعهد في العصر الأوّل ، ومكروهة كتزيين المساجد وتذهيب المصاحف ، ومباحة كالمصافحة عقيب الصبح والعصر والتوسّع في لذيذ المآكل والمشارب والملابس والمساكن المباحة » انتهى.
وبالجملة البدعة المحرّمة على سبيل الإذعان واليقين هو : إدخال ما ليس من الدين في الدين على أن يكون من الدين مع الاعتقاد أنّه ليس من الدين ، ولا يوجد ذلك إلاّ في الأحكام أو موضوعاتها الشرعيّة.
ولا ريب أنّ علم الرجال ليس من هذا الباب ولا بشيء من الأمرين ، كيف ولم يدوّن إلاّ لأجل حفظ الدين عن الانهدام وصونه عن الهرج والمرج ومعه كيف يكون محرّما إن لم نقل بوجوبه ، بل تدوينه ـ مع الغضّ عمّا يقتضي وجوبه ووجوب المراجعة إلى كتبه ومزاولة مطالبه ـ مندرج في عموم ما ورد في الروايات من أنّه : « من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها » كما ورد في ضدّه : « أنّ من سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها ».
ومنها : ما عن بعض الفضلاء من : « أنّ الاستقراء وتتبّع سير السلف يكشفان عن أنّ
__________________
(١) الروضة البهيّة ١ : ٥٨١.