وإن شئت قلت : تركّب التقليد والاجتهاد ، وهو غير معروف *.
__________________
وبالذات باعتبار استنباطه وقدرته على هذا الاستنباط في مسائل اخر فرعيّة.
وقد تقدّم عند التعرّض لتعاريف الاجتهاد أنّها للأعمّ من الصحيح والفاسد ، فجواز العمل بالاجتهاد ليس بمأخوذ في ماهيّة الاجتهاد ليكون عدمه منافيا لها فضلا عن كون الجواز ثابتا بطريق الاجتهاد ، على معنى أنّ جواز العمل بالاجتهاد ليس داخلا في مفهوم الاجتهاد سواء ثبت هذا الجواز بطريق الاجتهاد في المسألة الاصوليّة أو بطريق التقليد ، فثبوته بطريق التقليد غير مناف لصدق « المجتهد » على المتجزّي أصالة أوّلا وبالذات ، كما أنّ عدم الجواز المبنيّ عليه بالاجتهاد أو التقليد غير مناف له.
مع أنّا نقول : لو بنينا على أنّ الاجتهاد اسم للصحيح منه بالخصوص لا يلزم انتفاء صدقه عن المتجزّي العامل باجتهاده من جهة التقليد ، نظرا إلى أنّ صحّة الاجتهاد ليست إلاّ عبارة عن جواز العمل به ، والصحّة بهذا المعنى ثابتة على الفرض باعتبار التقليد.
وأمّا لزوم كون ثبوتها باعتبار الاجتهاد في المسألة الاصوليّة فغير مسلّم ، هذا.
إلاّ أن يقال في توجيه العبارة : إنّ المراد من إلحاق المتجزّي بالمجتهد إلحاقه بالمجتهد المطلق في الحكم لا في مجرّد اسم المجتهد ، على معنى أن يثبت له جواز العمل بالظنّ الاجتهادي على نحو ما ثبت للمطلق ، والّذي ثبت للمطلق إنّما هو الجواز المستند إلى الاجتهاد والمفروض في حقّ المتجزّي بناء على الرجوع إلى التقليد خلاف ذلك ، فهو بالنسبة إلى هذه المسألة مقلّد وإن كان بالنسبة إلى المسائل المجتهد فيها مجتهدا ، وإثبات الجواز في حقّه بهذا الوجه ليس إلحاقا له بالمجتهد المطلق بل هو إلحاق له بالمقلّد وإن كان من جهة عمله بظنّه الاجتهادي في الفروع ملحقا بالمجتهد المطلق إلاّ أنّه إلحاق به بالعرض ، لكون عمله المذكور متفرّعا على عمله بفتوى غيره في هذه المسألة الّذي هو عنوان التقليد أصالة.
* ويظهر منه أنّ وجه الاستبعاد هو عدم المعروفيّة ، ويشكل ذلك : بأنّ عدم معروفيّة التركيب من التقليد والاجتهاد لو سلّم كان بالنسبة إلى فرض التقليد في الأصل والاجتهاد في الفرع ، وأمّا عكس هذا الفرض بأن يكون الاجتهاد في الأصل والتقليد في الفرع فليس بعزيز ولا نادر لشيوعه ، كما في مسألة جواز تقليد غير الأعلم ، وجواز تقليد الميّت ابتداء ، والبقاء على تقليد الميّت ونحو ذلك إذا علم حكم هذه المسائل باجتهاده ، فإنّه حينئذ يبني على هذا الاجتهاد ويقلّد غيره في الفروع فيكون مجتهدا من جهة ومقلّدا من اخرى ،