ليس إلاّ كقيام أمارة ظنّية في المسألة الفرعيّة كخبر الواحد والإجماع المنقول والشهرة ونحوها ، فكما أنّها لا تؤخذ إلاّ سببا محصّلا للظنّ في المسألة الفرعيّة فكذلك الظنّ في المسألة الاصوليّة ، فإنّ غاية ما فيه من الوصف كونه سببا مفيدا للظنّ في المسألة الفرعيّة ، واندراج هذا الظنّ في عموم دليل حجّية الظنّ في المسائل الفرعيّة من حيث إنّه ظنّ في المسائل الفرعيّة من أيّ سبب حصل ليس من اندراج سببه الّذي هو الظنّ في المسألة الاصوليّة من حيث إنّه كذلك في عموم ذلك الدليل ، ليكون ذلك من حجّية الظنّ في المسائل الاصوليّة لعموم دليل الحجّية في المسائل الفرعيّة وهذا واضح.
فتحقيق المقام : أنّ ما كان من المسائل الاصوليّة من قبيل مباحث الحجّيّة كحجّيّة الظنّ وحجّية خبر الواحد وغيره من الأمارات المأخوذة من الظنون المطلقة الاجتهاديّة فلا يعقل كون الدليل القائم عليه ظنّيا على وجه يكون التعويل في إثباته على الظنّ الحاصل منه لاستحالة الدور والتسلسل ، والتعويل على الظنّ المذكور ممّا يفضي إلى أحد الأمرين البتّة.
ولا يفترق الحال في ذلك بين كون هذا الدليل الظنّي قائما على الظنّ المتعلّق بالواقع أو الظنّ المتعلّق بالطريق حسبما يراه بعض أصحابنا المتأخّرين ، وجعل دليل الانسداد بحيث ينطبق على الظنّ بالطريق فيفيد حجّية الظنّ في المسألة الاصوليّة محلّ إشكال ، لابتنائه على مقدّمة غير ثابتة وتمام الكلام في محلّه.
وما كان منها من باب مسألة اجتماع الأمر والنهي واقتضاء النهي لفساد العبادة أو هي مع المعاملة ، ومقدّمة الواجب واستلزام الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه ومسألة الإجزاء وتبعيّة القضاء للأداء ومسائل الواجب المخيّر والواجب الكفائي والواجب الموسّع وغير ذلك ممّا يتولّد من الظنّ فيه الظنّ في المسألة الفرعيّة ، فإن قرّرنا دليل الانسداد بحيث يشمل الظنّ من أيّ سبب حصل قضى ذلك بحجّية هذا الظنّ ، لكن من حيث رجوعه إلى المسألة الفرعيّة لا من حيث كونه ظنّا في المسألة الاصوليّة. نعم إنّما يعتبر ذلك سببا لما هو في المسألة الفرعيّة على حدّ سائر أسباب الظنّ.
وما كان منها من باب حمل المطلق على المقيّد وبناء العامّ على الخاصّ عند تنافي مدلوليهما وتخصيص الكتاب بخبر الواحد وتخصيص العامّ بمفهوم المخالفة وتحكيم التخصيص على غيره من أنواع المجاز ، وغير ذلك ممّا يذكر في باب تعارض الأحوال وغيره ممّا له دخل في إحراز الدلالة وتشخيص المراد في الموارد الجزئيّة من ألفاظ الكتاب