بحكم شرعيّ *.
__________________
ومن الواضح أنّ نفي الاجتهاد عن الامور العلميّة ليس إلاّ من جهة أنّه بحسب الاصطلاح عبارة عمّا اخذ فيه الظنّ.
ويستفاد ذلك أيضا من ملاحظة كلماتهم في مباحث الاجتهاد وشروطه ، بل كونه مشروطا بالشروط الآتية بنفسه من الشواهد بما ذكرنا ، نظرا إلى أنّ المدار في الطرق العلميّة على إفادتها العلم من غير ابتنائها على مراعاة هذه الشروط ، وإنّما يلزم مراعاتها في الطرق الظنّية ، إذ بدونها لا يكاد يحصل منها الظنّ أو يستقرّ أو يعوّل عليه ، وبالتأمّل في ذلك يظهر النكتة الداعية إلى تخصيص الاصطلاح بالظنّيات ، وملخّصه اختصاص المباحث المتعلّقة به بالظنّيات.
فتحصّل بجميع ما ذكر : أنّ استفراغ الوسع لتحصيل القطع بالحكم ليس اجتهادا بالمعنى المصطلح عليه هنا المتنازع فيه بين الأخباريّة والاصوليّة ، وإن كان اجتهادا بالمعنى اللغوي ، أو بالمعنى الآخر ممّا يناسب المعنى اللغوي ممّا تقدّم من إطلاقاته ، وكأنّ شبهة السائل نشأت عن ذلك غفلة عن حقيقة الحال ، وبمثل ذلك يجاب أيضا عن النقض بما ينتهي إلى التعبّد أو التوقّف ، فإنّ هذا النحو من الاستفراغ وإن كان يصدق عليه الاجتهاد غير أنّه اجتهاد بالمعنى اللغوي ، أو غيره ممّا يناسبه من إطلاقاته المتقدّمة غير ما اخذ فيه الظنّ.
ولك أن تقول : بأنّ الاجتهاد بهذا المعنى أصله من العامّة ، وهم ـ على ما يظهر من إطلاقاته وملاحظة ما ورد في الأخبار وكلام علمائنا الأخيار في ذمّ الاجتهاد ـ خصّوه بالظنّ الغير المستند إلى كتاب ولا سنّة أصلا ، بأن يستند إلى رأي أو قياس أو استحسان أو غيره من الطرق المعمولة لديهم الخارجة عن الأربعة المعمولة لدى الأصحاب ، فوافقهم في أصل الاصطلاح وإن كان خالفوهم في جعل الظنّ عبارة عمّا يستند إلى الكتاب أو السنّة والإجماع أو غيره ممّا ليس من طرق العامّة ، سواء تعلّق في الأوّلين بالسند أو الدلالة أو الجهة أو الترجيح أو غيره.
* يخرج به استفراغ الوسع لتحصيل الظنّ بحكم عقلي أو حسّي كما ذكروه ، واعترض عليه تارة : بأنّه يندرج في الحدّ استفراغ الفقيه وسعه في تحصيل الظنّ بالأحكام الاصوليّة ممّا يندرج في اصول الدين كخصوصيّات عالم المعاد أو البرزخ ، أو في اصول الفقه كحجّية الحسن والموثّق والضعيف المنجبر بالشهرة ونحوها مع عدم