أحدا قدح فيهم وحكم بفسقهم من هذه الجهة ، إلى آخره.
والثاني : أنّه لو وجب الاجتهاد وترك التقليد على المجتهد المفروض بالنحو المفروض من ترك الاشتغال بالمنافيات وتأخير العبادات الموسّعة المنافية إلى آخر الأوقات والاشتغال بالاجتهاد في جميع الأزمان للزم العسر العظيم الّذي هو أعظم من الضرر الحاصل من العمل بالاحتياط في جميع المسائل ، والتالي باطل.
الثالث : أنّ ذلك لو كان واجبا لوردت الأخبار بذلك لتوفّر الدواعي عليه ومسيس الحاجة إليه ، وبطلان التالي في غاية الوضوح.
والجواب عن ذلك : منع الملازمة ، أمّا أوّلا : فلما قرّرناه في محلّه من عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن أضداده الخاصّة.
وأمّا ثانيا : فلعدم ابتناء الأمر بالاجتهاد على المضائقة المستلزمة لما ذكر ، بل المأمور به هنا لابدّ وأن يؤخذ على وجه يتحمّل عادة من غير تضمّنه شيئا من العذر والعسر ، أمّا أوّلا : فلما تقدّم من التنبيه عليه من أنّ محلّ البحث الاجتهاد الّذي لم يقم ضرورة دعت إلى عدمه ولا مانع شرعي منه ، وكما أنّ العذر مانع عقلي وكذلك العسر مانع شرعي لأنّه ممّا أخذه الشارع مانعا عن تعلّق التكاليف بما هو ملزوم له.
وأمّا ثالثا (١) : فلما عرفت عند تقرير دليل الانسداد من أنّ العدول عن الاحتياط إلى الاجتهاد ـ مع أنّ مقتضى الأصل بعد تعذّر العلم التفصيلي بامتثال أحكامه تعالى هو الرجوع إلى العلم الإجمالي الّذي لا يتأتّى إلاّ من الاحتياط ـ إنّما هو لأجل التفصّي عمّا نفاه الأدلّة الأربعة من العسر والحرج الّذي لا يتحمّلان عادة ، ومعه كيف يصحّ أن يعتبر الاجتهاد على وجه يقتضيهما ، ضرورة أنّه لو لا كونهما منفيّين في نظر الشارع كان المتعيّن في المقام بل في غير المقام ـ كموضوع المسألة المتقدّمة ـ الأخذ بالاحتياط.
وقضيّة ذلك بناء الأمر في الاجتهاد على المواسعة الّتي لا يجب معها الاقتصار في امور المعاش على قدر الضرورة ، فلا تأخير الصلاة وغيرها من العبادات الموسّعة إلى آخر وقت الإمكان.
فتحقيق المقام : أنّ الواجب من الاجتهاد عينا بمقتضى الجمع بين دليل وجوبه وقاعدة العذر والعسر النافيين للتكليف صرف الوقت في الاشتغال باستنباط الأحكام من مداركها
__________________
(١) كذا في الأصل ، والصواب : « وأمّا ثانيا ».