حاصلين للراوي في نظر النوع دون الشخص فقط.
وفي خبر أبي الجهم عن الرضا عليهالسلام قلت : « يجيئان الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيّهما الحقّ؟ قال : إذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت » حيث إنّ السؤال والجواب يدلاّن على أنّه لو انتفت الوثاقة عن أحد الخبرين كان الحقّ متعيّنا في الخبر الآخر.
وقضيّة ذلك كون مدار عملهم في الأخبار وجودا وعدما على وثاقة الراوي الّتي لا تصلح بنفسها سببا للعلم.
وفي خبر الحارث بن المغيرة عن الصادق عليهالسلام قال : « إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلّهم ثقة فموسّع عليك حتّى ترى القائم » حيث إنّ فرض كون كلّهم ثقة يدلّ على أنّ الممنوع من العمل في نظر الإمام عليهالسلام ما لو انتفى عنه وثاقة الراوي دون ما لا علم بصدوره ، ضرورة أنّ مجرّد الوثاقة لا توجب العلم.
ومنها : ما ورد من الأخبار في إرجاع أصحابهم إلى أشخاص موصوفين بالوثاقة وغيرها ممّا يوجب الوثوق ، كقوله لابن أبي يعفور ـ بعد ما سأله عمّن يرجع إليه إذا احتاج أو سئل عن مسألة ـ : « فما يمنعك عن الثقفي ـ يعني محمّد بن مسلم ـ فإنّه سمع من أبي أحاديث وكان عنده وجيها ».
وقوله عليهالسلام لمسلم بن أبي حيّة : « إئت أبان بن تغلب فإنّه قد سمع منّي حديثا كثيرا ، فما روى لك عنّي فاروه عنّي » (١).
وقوله عليهالسلام لعليّ بن المسيّب ـ بعد السؤال عمّن يأخذ عنه معالم دينه ـ : « عليك بزكريّا ابن آدم المأمون على الدين والدنيا » (٢).
وما ورد في العمري وابنه اللذين هما من النوّاب والسفراء ، فعن الكافي في باب النهي عن التسمية عن الحميري عن أحمد بن إسحاق قال : سألت أبا الحسن وقلت له : من اعامل وعمّن آخذ وقول من أقبل؟ فقال له : « العمري ثقة فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع فإنّه الثقة المأمون ».
وأخبرنا أحمد بن إسحاق أنّه سأل أبا محمّد عليهالسلام عن مثل ذلك ، فقال له : « العمري وابنه ثقتان ، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما
__________________
(١) رجال الكشّي : ٣٣١.
(٢) رجال الكشّي : ٥٩٥.