كلّ من الفعل والترك ، فلابدّ أن يكون الفعل ميسوراً ممكناً للمكلّف ، فتأمّل. ولو كان الوجه هو ما تقدّم من عدّها في عداد المعدومات ، لكان متحقّقاً في الأمر بالشرب منها ، فإنّه لا يصحّ الأمر بالشرب من الآنية المعدومة (١) ، هذا غاية ما أمكنني تحريره في هذا المبحث من أوّله إلى آخره ، ولكن النفس بعد هذا كلّه غير راضية بالاقتناع بشيء من هذه التوجيهات لسقوط النهي والتحريم في مسألة الخروج عن الابتلاء ، والله المستعان وعليه التكلان.
قوله ـ في الحاشية على التأمّل الذي ذكره في الأصل ـ : وجهه أنّه يلزم على هذا وجوب الاجتناب عن أحد طرفي المعلوم بالاجمال مع العلم بخروج الآخر عن مورد الابتلاء ... الخ (٢).
لا يخفى أنّه بناءً على كون الشكّ في القدرة ، سواء ذلك في القدرة العقلية أو العادية من قبيل الشكّ في المسقط ، وأنّه يلزم الاحتياط فيما لو علم بملاك التكليف وحصل الشكّ في القدرة المعتبرة فيه عادية كانت أو عقلية ، لا يمكن أن ينقض بصورة العلم الاجمالي المردّد بين ما هو داخل تحت القدرة وما هو خارج عنها ، لأنّ العلم الاجمالي حينئذ يكون خارجاً عن الشكّ في المسقط ، بل يكون
__________________
(١) تنبيه : لو كان التلف أو الخروج عن الابتلاء حاصلاً قبل العلم الاجمالي ، فلا إشكال في عدم منجّزية العلم الاجمالي الحاصل بعد التلف أو الخروج عن الابتلاء ، لكن هل يجري استصحاب التكليف المردّد بين الساقط والباقي. ونظيره في الواجبات ما لو صلّى الظهر مثلاً ثمّ علم إجمالاً بوجوب الجمعة أو الظهر ، تعرّضنا لذلك في مباحث الاستصحاب في التنبيه الثالث في حاشية ص ١٥٣ [ في المجلّد التاسع من هذا الكتاب صفحة : ٣٠٨ وما بعدها ] ، وتعرّض له الأُستاذ العراقي قدسسره في مقالته ص ١٤٨ و ١٤٩ فراجع [ مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٢ ـ ٣٨٤ ، منه قدسسره ].
(٢) فوائد الأُصول ٤ ( الهامش ١ ) : ٥٧.