خالف العادة وارتكب السجود لا يمكننا القول بأنّه لم يفعل حراماً ، كما أنّه لا يمكننا القول بأنّه قبل الإقدام على السجود ليس السجود حراماً لكنّه يكون حراماً بالاقدام عليه ، فلابدّ حينئذ من القول بأنّه حرام ومنهي عنه قبل الإقدام عليه.
لا يقال : في صورة عدم التمكّن العادي وقبل طي المسافات ماذا يكون حكم الشرب من تلك الآنية بالنسبة إلى ذلك الشخص.
لأنّا نقول : يلتزم بأنّها لا حكم لها حتّى الاباحة وإن كانت مشتملة على ملاك التحريم ، وهي في ذلك مثل الفعل الواجب في حدّ نفسه لو كان غير مقدور عقلاً بالنسبة إلى بعض الأشخاص في كونه مشتملاً على ملاك الوجوب ، وإن لم يكن واجباً على الشخص.
لا يقال : إنّه وإن لم يكن واجباً عليه إلاّ أنّه محكوم فعلاً بجواز الترك ، فمقتضى المقابلة أن يكون الشرب من تلك الآنية محكوماً بالجواز.
لأنّا نقول : إنّ ذلك الفعل غير المقدور ليس محكوماً شرعاً بجواز الترك كي يتوجّه ما ذكرته من المقابلة ، بل أقصى ما في البين هو أنّ الشارع لم يحكم بوجوبه ، غايته أنّ العقل يسوّغ تركه ، بل هو حاصل قهري ، لا أنّه محكوم بالجواز شرعاً ، فليكن ترك الشرب من تلك الآنية من هذا القبيل.
لا يقال : إنّا نرى قبح الحكم على الشرب من تلك الآنية بالاباحة حتّى فيما لو فرض خلوّها من ملاك التحريم ، وهذا يكشف عن كون الوجه في قبح النهي عن الشرب منها لأنّها معدودة في نظر العقلاء في عداد المعدوم ، ولو كان الوجه في قبح النهي هو ما ذكرتموه من عدم صدق المنع ، لكان منحصراً فيه ، فلِمَ يكون الحكم عليها بالاباحة قبيحاً.
لأنّا نقول : إنّ الاباحة يتأتّى فيها ما ذكرناه في وجه قبح النهي ، فإنّها إباحة