بالسنّة ، لئلاّ يتوقّف المكلّف عن العمل بها بتسويل النفس أو الشيطان بابداء احتمال الخلاف ، فلا نكون في حاجة إلى مثل هذه التشبّثات ، وينطبق الرجاء في الثواب على العامل بالحجّة الشرعية والعامل بالقطع والعامل بطريق الاحتياط ، فإنّ المكلّف في جميع هذه الصور طامع في الثواب طالب له ، أو أنّه طالب لموافقة السنّة المعبّر عنه في بعض تلك الأخبار « طلباً لقول النبي صلىاللهعليهوآله » ويكون رجاؤه وطلبه لذلك في الجميع بوتيرة واحدة ، فتأمّل.
قوله : القسم الثالث : التخيير الناشئ عن تعارض الحجّتين وتنافي الطريقين ، كتعارض فتوى المجتهدين المتساويين ، ومؤدّى الخبرين مع تساويهما في مرجّحات باب التعارض ... الخ (١).
الأصل في تعارض الأمارات هو التساقط ، ولكن دلّت المقبولة ونحوها على التخيير في خصوص باب الأخبار بعد التساوي في المرجّحات ، وعلى كلّ حال فباب فتوى المجتهدين المتساويين في العلمية خارج عن تعارض الأمارات ، بل إنّ أصل تشريع التقليد ـ أعني وجوب كون العمل على طبق فتوى المجتهد ـ إنّما هو على نحو العموم البدلي ، وإن كانت فتوى كلّ من المجتهدين حجّة في نفسها ، وبواسطة هذا العموم البدلي في وجوب كون العمل على طبق فتوى المجتهد يكون التخيير ثابتاً في أصل التشريع ، بخلاف باب العمل في الأخبار ونحوها من الأمارات ، فإنّ وجوب العمل فيها يكون عمومه انحلالياً ، فيقع التعارض عند التنافي بينهما ، فتدخل المسألة في أصالة التساقط ما لم يدلّ دليل على التخيير في خصوص مورد منها كما في الأخبار ، وقد شرحنا ذلك في
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٤٢٠.