وجداناً تحتمل أنّه مخالف للواقع ، وهذا المقام إنّما هو فيما لو كان المخاطب مشكّكاً ، أو فرض المتكلّم تشكيكه ولو من جهة ظاهر حاله الادّعائي أنّه بصدد الشكّ والانكار ، فإنّ هذه الجهات جهات بلاغة ومناسبة المقال لمقتضى الحال ، حسبما يراه المتكلّم مناسباً للمقام تحقيقاً أو تنزيلاً ، كما يظهر ذلك من مراجعة كلمات علماء البلاغة في القسم الأوّل المعبّر عنه بعلم المعاني في تأكيد الحكم بمراتبه من الجملة الاسمية المؤكّدة بأنّ ، والقسم ، ولام الابتداء ، حسب فرض خلوّ ذهن السامع من الانكار والشكّ في الحكم.
ولكن مع ذلك كلّه إنّما يكون المقامان المذكوران ، أعني مقام صرف ذهن السامع عن احتمال المخالفة للواقع ، ومقام إبداء ذلك الاحتمال ليحكم عليه بالغائه ، إنّما هو بعد الفراغ عن كون المتكلّم في مقام الجعل ، وتردّدنا بين كون المجعول هو الحجّية أو الاستحباب ، وهذا إنّما يتمّ بعد طي المرحلة الأُولى ، وقد عرفت الحال في ذلك وأنّه لم تقم قرينة على أنّه في مقام الجعل والتشريع ، وأنّ جعل الثواب لا يستلزم جعل الاستحباب ، ومن ذلك كلّه يظهر لك الكلام في :
القرينة الثالثة ، الراجعة إلى دعوى أنّ مثل قوله عليهالسلام : « رجاء ذلك الثواب » لا يكون قيداً في العمل ، بأن يكون عمله رجائياً لاحتمال الأمر الاستحبابي ، بل إنّه مسوق لبيان الداعي له على العمل ، فيكون المنظور إليه هو حالة المكلّف وأنّه فعله بداعي الثواب راجياً ترتّبه عليه ، فإنّ هذه القرينة إنّما تنفع بعد سدّ باب احتمال جعل الحجّية ، وأنّها مسوقة لجعل الاستحباب وتردّدنا بين كون المستحب هو نفس الفعل ، أو كونه هو بداعي الاحتمال لتكون هذه الأخبار منطبقة على استحباب الاحتياط ، أمّا بعد أن صرفنا هذه الروايات عن كلّ من جعل الحجّية والاستحباب ، وقلنا إنّ المنظور بها هو الحثّ والترغيب على العمل