تفسير التّحرير والتّنوير - ج ١٢

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور

تفسير التّحرير والتّنوير - ج ١٢

المؤلف:

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٤

[سورة إبراهيم : ٣٧] ، أو هو حوالة على ما في علم العرب من أنه مكة. وقد مضى في سورة البقرة تفسير نظيره. والتعريف هنا للعهد ، والتنكير في آية البقرة تنكير النوعية ، فهنا دعا للبلد بأن يكون آمنا ، وفي آية سورة البقرة دعا لمشار إليه أن يجعله الله من نوع البلاد الآمنة ، فمآل المفادين متحد.

(وَاجْنُبْنِي) أمر من الثلاثي المجرد ، يقال : جنبه الشيء ، إذا جعله جانبا عنه ، أي باعده عنه ، وهي لغة أهل نجد. وأهل الحجاز يقولون : جنبه بالتضعيف أو أجنبه بالهمز. وجاء القرآن هنا بلغة أهل نجد لأنها أخف.

وأراد ببنيه أبناء صلبه ، وهم يومئذ إسماعيل وإسحاق ، فهو من استعمال الجمع في التثنية ، أو أراد جميع نسله تعميما في الخير فاستجيب له في البعض.

والأصنام : جمع صنم ، وهو صورة أو حجارة أو بناء يتخذ معبودا ويدعى إلها. وأراد إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ مثل ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، أصنام قوم نوح. ومثل الأصنام التي عبدها قوم إبراهيم.

وإعادة النداء في قوله : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) لإنشاء التحسر على ذلك.

وجملة (إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) تعليل للدعوة بإجنابه عبادتها بأنها ضلال راج بين كثير من الناس ، فحق للمؤمن الضنين بإيمانه أن يخشى أن تجترفه فتنتها ، فافتتاح الجملة بحرف التوكيد لما يفيده حرف (إنّ) في هذا المقام من معنى التعليل.

وذلك أن إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ خرج من بلده أور الكلدانيين إنكارا على عبدة الأصنام، فقال : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) [سورة الصافات : ٩٩] وقال لقومه : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) [سورة مريم : ٤٨]. فلما مر بمصر وجدهم يعبدون الأصنام ثم دخل فلسطين فوجدهم عبدة أصنام ، ثم جاء عربة تهامة فأسكن بها زوجه فوجدها خالية ووجد حولها جرهم قوما على الفطرة والسذاجة فأسكن بها هاجر وابنه إسماعيل ـ عليه‌السلام ـ. ثم أقام هنالك معلم التوحيد. وهو بيت الله الكعبة بناه هو وابنه إسماعيل ، وأراد أن يكون مأوى التوحيد ، وأقام ابنه هنالك ليكون داعية للتوحيد. فلا جرم سأل أن يكون ذلك بلدا آمنا حتى يسلم ساكنوه وحتى يأوي إليهم من إذا آوى إليهم لقنوه أصول التوحيد.

٢٦١

ففرع على ذلك قوله : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) ، أي فمن تبعني من الناس فتجنب عبادة الأصنام فهو مني ، فدخل في ذلك أبوه وقومه ، ويدخل فيه ذريته لأن الشرط يصلح للماضي والمستقبل.

و (من) في قوله : (مِنِّي) اتصالية. وأصلها التبعيض المجازي ، أي فإنه متصل بي اتصال البعض بكله.

وقوله : (وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تأدب في مقام الدعاء ونفع للعصاة من الناس بقدر ما يستطيعه. والمعنى ومن عصاني أفوّض أمره إلى رحمتك وغفرانك. وليس المقصود الدعاء بالمغفرة لمن عصى. وهذا من غلبة الحلم على إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ وخشية من استئصال عصاة ذريته. ولذلك متعهم الله قليلا في الحياة الدنيا ، كما أشار إليه قوله تعالى : (قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [سورة البقرة : ١٢٦] وقوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ) [سورة الزخرف : ٢٧]. وسوق هذه الدعوة هنا للتعريض بالمشركين من العرب بأنهم لم يبروا بأبيهم إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ.

وإذ كان قوله : (فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تفويضا لم يكن فيه دلالة على أن الله يغفر لمن يشرك به.

(رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧))

جملة (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) مستأنفة لابتداء دعاء آخر. وافتتحت بالنداء لزيادة التضرع. وفي كون النداء تأكيدا لنداء سابق ضرب من الربط بين الجمل المفتتحة بالنداء ربط المثل بمثله.

وأضيف الرب هنا إلى ضمير الجمع خلافا لسابقيه لأن الدعاء الذي افتتح به فيه حظ للداعي ولأبنائه. ولعل إسماعيل ـ عليه‌السلام ـ حاضر معه حين الدعاء كما تدل له الآية الأخرى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ـ إلى قوله ـ (وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) [سورة البقرة : ١٢٧]. وذلك من معنى الشكر المسئول هنا.

٢٦٢

و (مِنْ) في قوله : (مِنْ ذُرِّيَّتِي) بمعنى بعض ، يعني إسماعيل ـ عليه‌السلام ـ ، وهو بعض ذريته ، فكأن هذا الدعاء صدر من إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ بعد زمان من بناء الكعبة وتقري مكة ، كما دل عليه قوله في دعائه هذا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) [سورة إبراهيم : ٣٩] ، فذكر إسحاق ـ عليه‌السلام ـ.

والواد : الأرض بين الجبال ، وهو وادي مكة. و (غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) صفة ، أي بواد لا يصلح للنبت لأنه حجارة ، فإن كلمة ذو تدلّ على صاحب ما أضيفت إليه وتمكنه منه ، فإذا قيل : ذو مال ، فالمال ثابت له ، وإذا أريد ضد ذلك قيل غير ذي كذا ، كقوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) [سورة الزمر : ٢٨] ، أي لا يعتريه شيء من العوج. ولأجل هذا الاستعمال لم يقل بواد لا يزرع أو لا زرع به.

و (عِنْدَ بَيْتِكَ) صفة ثانية لواد أو حال.

والمحرم : الممنع من تناول الأيدي إياه بما يفسده أو يضر أهله بما جعل الله له في نفوس الأمم من التوقير والتعظيم ، وبما شاهدوه من هلكة من يريد فيه بإلحاد بظلم. وما أصحاب الفيل منهم ببعيد.

وعلق (لِيُقِيمُوا) ب (أَسْكَنْتُ) ، أي علة الإسكان بذلك الوادي عند ذلك البيت أن لا يشغلهم عن إقامة الصلاة في ذلك البيت شاغل فيكون البيت معمورا أبدا.

وتوسيط النداء للاهتمام بمقدمة الدعاء زيادة في الضراعة. وتهيّأ بذلك أن يفرع عليه الدعاء لهم بأن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ، لأن همة الصالحين في إقامة الدين.

والأفئدة : جمع فؤاد ، وهو القلب. والمراد به هنا النفس والعقل.

والمراد فاجعل أناسا يهوون إليهم. فأقحم لفظ الأفئدة لإرادة أن يكون مسير الناس إليهم عن شوق ومحبة حتى كأن المسرع هو الفؤاد لا الجسد فلما ذكر (أَفْئِدَةً) لهذه النكتة حسن بيانه بأنهم (مِنَ النَّاسِ) ، ف (مِنْ) بيانية لا تبعيضية ، إذ لا طائل تحته. والمعنى : فاجعل أناسا يقصدونهم بحبات قلوبهم.

وتهوي ـ مضارع هوى ـ بفتح الواو ـ : سقط. وأطلق هنا على الإسراع في المشي استعارة ، كقول امرئ القيس :

كجلمود صخر حطّه السيل من عل

٢٦٣

ولذلك عدّي باللام دون على.

والإسراع : جعل كناية عن المحبة والشوق إلى زيارتهم.

والمقصود من هذا الدعاء تأنيس مكانهم بتردد الزائرين وقضاء حوائجهم منهم.

والتنكير مطلق يحمل على المتعارف في عمران المدن والأسواق بالواردين ، فلذلك لم يقيده في الدعاء بما يدل على الكثرة اكتفاء بما هو معروف.

ومحبة الناس إياهم يحصل معها محبة البلد وتكرير زيارته ، وذلك سبب لاستئناسهم به ورغبتهم في إقامة شعائره ، فيؤول إلى الدعوة إلى الدين.

ورجاء شكرهم داخل في الدعاء لأنه جعل تكملة له تعرضا للإجابة وزيادة في الدعاء لهم بأن يكونوا من الشاكرين. والمقصود : توفر أسباب الانقطاع إلى العبادة وانتفاء ما يحول بينهم وبينها من فتنة الكدح للاكتساب.

(رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨))

جاء بهذا التوجه إلى الله جامعا لما في ضميره ، وفذلكة للجمل الماضية لما اشتملت عليه من ذكر ضلال كثير من الناس ، وذكر من اتبع دعوته ومن عصاه ، وذكر أنه أراد من إسكان أبنائه بمكة رجاء أن يكونوا حراس بيت الله ، وأن يقيموا الصلاة ، وأن يشكروا النعم المسئولة لهم. وفيه تعليم لأهله وأتباعه بعموم علم الله تعالى حتى يراقبوه في جميع الأحوال ويخلصوا النية إليه.

وجملة (وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ) تذييل لجملة (إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) ، أي تعلم أحوالنا وتعلم كل شيء. ولكونها تذييلا أظهر فيها اسم الجلالة ليكون التذييل مستقلا بنفسه بمنزلة المثل والكلام الجامع.

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩))

لما دعا الله لأهمّ ما يهمه وهو إقامة التوحيد وكان يرجو إجابة دعوته وأن ذلك ليس بعجب في أمر الله خطر بباله نعمة الله عليه بما كان يسأله وهو أن وهب له ولدين في إبان

٢٦٤

الكبر وحين اليأس من الولادة فناجى الله فحمده على ذلك وأثنى عليه بأنه سميع الدعاء ، أي مجيب ، أي متصف بالإجابة وصفا ذاتيا ، تمهيدا لإجابة دعوته هذه كما أجاب دعوته سلفا. فهذا مناسبة موقع هذه الجملة بعد ما قبلها بقرينة قوله : (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ).

واسم الموصول إيماء إلى وجه بناء الحمد. و (عَلَى) في قوله : (عَلَى الْكِبَرِ) للاستعلاء المجازي بمعنى مع ، أي وهب ذلك تعليا على الحالة التي شأنها أن لا تسمح بذلك. ولذلك يفسرون (عَلَى) هذه بمعنى مع ، أي مع الكبر الذي لا تحصل معه الولادة. وكان عمر إبراهيم حين ولد له إسماعيل ـ عليهما‌السلام ـ ستا وثمانين سنة (٨٦). وعمره حين ولد له إسحاق ـ عليهما‌السلام ـ مائة سنة (١٠٠). وكان لا يولد له من قبل.

وجملة (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) تعليل لجملة (وَهَبَ) ، أي وهب ذلك لأنه سميع الدعاء. والسميع مستعمل في إجابة المطلوب كناية ، وصيغ بمثال المبالغة أو الصفة المشبهة ليدلّ على كثرة ذلك وأن ذلك شأنه ، فيفيد أنه وصف ذاتي لله تعالى.

[٤٠ ، ٤١] (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١))

جملة مستأنفة من تمام دعائه. وفعل (اجْعَلْنِي) مستعمل في التكوين ، كما تقدم آنفا ، أي اجعلني في المستقبل مقيم الصلاة.

والإقامة : الإدامة ، وتقدم في صدر سورة البقرة.

(وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) صفة لموصوف محذوف معطوف على ياء المتكلم. والتقدير واجعل مقيمين للصلاة من ذريتي.

و (مِنْ) ابتدائية وليست للتبعيض ، لأن إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ لا يسأل الله إلا أكمل ما يحبه لنفسه ولذريته. ويجوز أن تكون (مِنْ) للتبعيض بناء على أن الله أعلمه بأن يكون من ذريته فريق يقيمون الصلاة وفريق لا يقيمونها ، أي لا يؤمنون. وهذا وجه ضعيف لأنه يقتضي أن يكون الدعاء تحصيلا لحاصل ، وهو بعيد ، وكيف وقد قال : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) [سورة إبراهيم : ٣٥] ولم يقل : ومن بنيّ.

ودعاؤه بتقبل دعائه ضراعة بعد ضراعة.

٢٦٥

وحذفت ياء المتكلم في (دُعاءِ) في قراءة الجمهور تخفيفا كما تقدم في قوله تعالى : (وَإِلَيْهِ مَتابِ) في سورة الرعد [٣٠].

وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة بإثبات الياء ساكنة.

ثم دعا بالمغفرة لنفسه وللمؤمنين ولوالديه ما تقدم منه ومن المؤمنين قبل نبوءته وما استمر عليه أبوه بعد دعوته من الشرك ، أما أمه فلعلها توفيت قبل نبوءته. وهذا الدعاء لأبويه قبل أن يتبين له أن أباه عدوّ لله كما في آية سورة براءة.

ومعنى (يَقُومُ الْحِسابُ) : يثبت. استعير القيام للثبوت تبعا لتشبيه الحساب بإنسان قائم ، لأن حالة القيام أقوى أحوال الإنسان إذ هو انتصاب للعمل. ومنه قولهم : قامت الحرب على ساق ، إذا قويت واشتدت. وقولهم : ترجلت الشمس ، إذا قوي ضوؤها ، وتقدم عند قوله تعالى : و (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) في أول سورة البقرة [٤].

[٤٢ ، ٤٣] (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣))

عطف على الجمل السابقة ، وله اتصال بجملة (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) [سورة إبراهيم : ٣٠] الذي هو وعيد للمشركين وإنذار لهم بأن لا يغتروا بسلامتهم وأمنهم تنبيها لهم على أن ذلك متاع قليل زائل ، فأكد ذلك الوعيد بهذه الآية ، مع إدماج تسلية الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ على ما يتطاولون به من النعمة والدعة ، كما دل عليه التفريع في قوله (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) [سورة إبراهيم : ٤٧]. وفي معنى الآية قوله : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) [سورة المزمل : ١١].

وباعتبار ما فيه من زيادة معنى التسلية وما انضم إليه من وصف فظاعة حال المشركين يوم الحشر حسن اقتران هذه الجملة بالعاطف ولم تفصل.

وصيغة (لا تَحْسَبَنَ) ظاهرها نهي عن حسبان ذلك. وهذا النهي كناية عن إثبات وتحقيق ضد المنهي عنه في المقام الذي من شأنه أن يثير للناس ظنّ وقوع المنهي عنه لقوة الأسباب المثيرة لذلك. وذلك أن إمهالهم وتأخير عقوبتهم يشبه حالة الغافل عن أعمالهم ، أي تحقق أن الله ليس بغافل ، وهو كناية ثانية عن لازم عدم الغفلة وهو المؤاخذة ، فهو

٢٦٦

كناية بمرتبتين ، ذلك لأن النهي عن الشيء يأذن بأن المنهي عنه بحيث يتلبس به المخاطب ، فنهيه عنه تحذير من التلبس به بقطع النظر عن تقدير تلبس المخاطب بذلك الحسبان. وعلى هذا الاستعمال جاءت الآية سواء جعلنا الخطاب لكل من يصح أن يخاطب فيدخل فيه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أم جعلناه للنبي ابتداء ويدخل فيه أمته.

ونفي الغفلة عن الله ليس جاريا على صريح معناه لأن ذلك لا يظنه مؤمن بل هو كناية عن النهي عن استعجال العذاب للظالمين. ومنه جاء معنى التسلية للرسولصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

والغفلة : الذهول ، وتقدم في قوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ) في سورة الأنعام [١٥٦].

والمراد بالظلم هنا الشرك ، لأنه ظلم للنفس بإيقاعها في سبب العذاب المؤلم ، وظلم لله بالاعتداء على ما يجب له من الاعتراف بالوحدانية. ويشمل ذلك ما كان من الظلم دون الشرك مثل ظلم الناس بالاعتداء عليهم أو حرمانهم حقوقهم فإن الله غير غافل عن ذلك. ولذلك قال سفيان بن عيينة هي تسلية للمظلوم وتهديد للظالم.

وقوله : (فِيهِ الْأَبْصارُ) مبنية لجملة (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً) إلخ.

وشخوص البصر : ارتفاعه كنظر المبهوت الخائف.

وأل في (الْأَبْصارُ) للعموم ، أي تشخص فيه أبصار الناس من هول ما يرون. ومن جملة ذلك مشاهدة هول أحوال الظالمين.

والإهطاع : إسراع المشي مع مد العنق كالمتختل ، وهي هيئة الخائف.

وإقناع الرأس : طأطأته من الذل ، وهو مشتق من قنع من باب منع إذا تذلّل. و (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) حالان.

وجملة (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) في موضع الحال أيضا. والطرف : تحرك جفن العين.

ومعنى (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ) لا يرجع إليهم ، أي لا يعود إلى معتاده ، أي لا يستطيعون تحويله. فهو كناية عن هول ما شاهدوه بحيث يبقون ناظرين إليه لا تطرف أعينهم.

وقوله : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) تشبيه بليغ ، إذ هي كالهواء في الخلو من الإدراك لشدة الهول.

٢٦٧

والهواء في كلام العرب : الخلاء. وليس هو المعنى المصطلح عليه في علم الطب وعلم الهيئة.

[٤٤ ، ٥٥] (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥))

(وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ).

عطف على جملة (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [إبراهيم : ٤٢] ، أي تسلّ عنهم ولا تملل من دعوتهم وأنذرهم.

والناس يعم جميع البشر. والمقصود : الكافرون ، بقرينة قوله : (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا). ولك أن تجعل الناس ناسا معهودين وهم المشركون.

و (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ). منصوب على أنه مفعول ثان ل (أَنْذِرِ) ، وهو مضاف إلى الجملة. وفعل الإنذار يتعدى إلى مفعول ثان على التوسع لتضمينه معنى التحذير ، كما في الحديث «ما من نبي إلا أنذر قومه الدجال».

وإتيان العذاب مستعمل في معنى وقوعه مجازا مرسلا.

والعذاب : عذاب الآخرة ، أو عذاب الدنيا الذي هدّد به المشركون. و (الَّذِينَ ظَلَمُوا) : المشركون.

وطلب تأخير العذاب إن كان مرادا به عذاب الآخرة فالتأخير بمعنى تأخير الحساب ، أي يقول الذين ظلموا : أرجعنا إلى الدنيا لنجيب دعوتك. وهذا كما في قوله تعالى : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) [سورة المؤمنون : ٩٩ ، ١٠٠] ، فالتأخير مستعمل في الإعادة إلى الحياة الدنيا مجازا مرسلا بعلاقة الأول. والرسل جميع الرسل الذي جاءوهم بدعوة الله.

وإن حمل على عذاب الدنيا فالمعنى : أن المشركين يقولون ذلك حين يرون ابتداء العذاب فيهم. فالتأخير على هذا حقيقة. والرسل على هذا المحمل مستعمل في الواحد

٢٦٨

مجازا ، والمراد به محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

والقريب : القليل الزمن. شبه الزمان بالمسافة ، أي أخّرنا مقدار ما نجيب به دعوتك.

(أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) (٤٥) لما ذكر قبل هذه الجملة طلب الذين ظلموا من ربهم تعين أن الكلام الواقع بعدها يتضمن الجواب عن طلبهم فهو بتقدير قول محذوف ، أي يقال لهم. وقد عدل عن الجواب بالإجابة أو الرفض إلى التقرير والتوبيخ لأن ذلك يستلزم رفض ما سألوه.

وافتتحت جملة الجواب بواو العطف تنبيها على معطوف عليه مقدر هو رفض ما سألوه ، حذف إيجازا لأن شأن مستحق التوبيخ أن لا يعطى سؤله. التقدير كلا وأ لم تكونوا أقسمتم .. إلخ.

والزوال : الانتقال من المكان. وأريد به هنا الزوال من القبور إلى الحساب.

وحذف متعلق (زَوالٍ) لظهور المراد ، قال تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) [سورة النحل : ٣٨].

وجملة (ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) بيان لجملة (أَقْسَمْتُمْ). وليست على تقدير قول محذوف ولذلك لم يسرع فيها طريق ضمير المتكلم فلم يقل : ما لنا من زوال ، بل جيء بضمير الخطاب المناسب لقوله : (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ).

وهذا القسم قد يكون صادر من جميع الظالمين حين كانوا في الدنيا لأنهم كانوا يتلقون تعاليم واحدة في الشرك يتلقاها الخلف عن سلفهم.

ويجوز أن يكون ذلك صادرا من معظم هذه الأمم أو بعضها ولكن بقيتهم مضمرون لمعنى هذا القسم.

وكذلك الخطاب في قوله : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) فإنه يعم جميع أمم الشرك عدا الأمة الأولى منهم. وهذا من تخصيص العموم بالعقل إذ لا بد أن تكون

الأمة الأولى من أهل الشرك لم تسكن في مساكن مشركين.

والمراد بالسكنى : الحلول ، ولذلك عدّي بحرف الظرفية خلافا لأصل فعله المتعدي

٢٦٩

بنفسه. وكان العرب يمرون على ديار ثمود في رحلتهم إلى الشام ويحطون الرحال هنا لك ، ويمرون على ديار عاد في رحلتهم إلى اليمن.

وتبيّن ما فعل الله بهم من العقاب حاصل من مشاهدة آثار العذاب من خسف وفناء استئصال.

وضرب الأمثال بأقوال المواعظ على ألسنة الرسل ـ عليهم‌السلام ـ ، ووصف الأحوال الخفية.

وقد جمع لهم في إقامة الحجة بين دلائل الآثار والمشاهدة ودلائل الموعظة ..

(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦))

يجوز أن يكون عطف خبر على خبر ، ويجوز أن يكون حالا من (النَّاسَ) في قوله: (وَأَنْذِرِ النَّاسَ) ، أي أنذرهم في حال وقوع مكرهم.

والمكر : تبييت فعل السوء بالغير وإضماره. وتقدم في قوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) في سورة آل عمران [٥٤] ، وفي قوله : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ) في سورة الأعراف [٩٩].

وانتصب (مَكْرَهُمْ) الأول على أنه مفعول مطلق لفعل (مَكَرُوا) لبيان النوع ، أي المكر الذي اشتهروا به ، فإضافة مكر إلى ضمير هم من إضافة المصدر إلى فاعله. وكذلك إضافة مكر الثاني إلى ضمير هم.

والعندية إما عندية علم ، أي وفي علم الله مكرهم ، فهو تعري بالوعيد والتهديد بالمؤاخذة بسوء فعلهم ، وإما عندية تكوين ما سمي بمكر الله وتقديره في إرادة الله فيكون وعيدا بالجزاء على مكرهم.

وقرأ الجمهور (لِتَزُولَ) ـ بكسر اللام وبنصب الفعل المضارع بعدها ـ فتكون (إن) نافية ولام (لِتَزُولَ) لام الجحود ، أي وما كان مكرهم زائلة منه الجبال ، وهو استخفاف بهم ، أي ليس مكرهم بمتجاوز مكر أمثالهم ، وما هو بالذي تزول منه الجبال. وفي هذا تعريض بأن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمسلمين الذين يريد المشركون المكر بهم لا يزعزعهم مكرهم لأنهم كالجبال الرواسي.

وقرأ الكسائي وحده ـ بفتح اللام الأولى ـ من (لِتَزُولَ) ورفع اللام الثانية على أن

٢٧٠

تكون (إِنْ) مخففة من (إِنْ) المؤكدة وقد أكمل إعمالها ، واللام فارقة بينها وبين النافية ، فيكون الكلام إثباتا لزوال الجبال من مكرهم ، أي هو مكر عظيم لتزول منه الجبال لو كان لها أن تزول ، أي جديرة ، فهو مستعمل في معنى الجدارة والتأهل للزوال لو كانت زائلة. وهذا من المبالغة في حصول أمر شنيع أو شديد في نوعه على نحو قوله تعالى : يكاد (السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) [سورة مريم : ٩٠].

(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧))

تفريع على جميع ما تقدم من قوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [إبراهيم : ٤٢]. وهذا محل التسلية. والخطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وتقدم نظيره آنفا عند قوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) ، لأن تأخير ما وعد الله رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ من إنزال العقاب بأعدائه يشبه حال المخلف وعده ، فلذلك نهي عن حسبانه.

وأضيف (مُخْلِفَ) إلى مفعوله الثاني وهو (وَعْدِهِ) وإن كان المفعول الأول هو الأصل في التقديم والإضافة إليه لأن الاهتمام بنفي إخلاف الوعد أشد ، فلذلك قدم (وَعْدِهِ) على (رُسُلَهُ).

و (رُسُلَهُ) جمع مراد به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا محالة ، فهو جمع مستعمل في الواحد مجازا. وهذا تثبيت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأن الله منجز له ما وعده من نصره على الكافرين به. فأما وعده للرسل السابقين فذلك أمر قد تحقق فلا يناسب أن يكون مرادا من ظاهر جمع (رُسُلَهُ).

وجملة (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) تعليل للنهي عن حسبانه مخلف وعده.

والعزة : القدرة. والمعنى : أن موجب إخلاف الوعد منتف عن الله تعالى لأن إخلاف الوعد يكون إما عن عجز وإما عن عدم اعتياد الموعود به ، فالعزة تنفي الأول وكونه صاحب انتقام ينفي الثاني. وهذه الجملة تذييل أيضا وبها تمّ الكلام.

[٤٨ ـ ٥١] (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١))

استئناف لزيادة الإنذار بيوم الحساب ، لأن في هذا تبيين بعض ما في ذلك اليوم من الأهوال ؛ فلك أن تجعل (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ) متعلقا بقوله : (سَرِيعُ الْحِسابِ) قدّم عليه

٢٧١

للاهتمام بوصف ما يحصل فيه ، فجاء على هذا النظم ليحصل من التشويق إلى وصف هذا اليوم لما فيه من التهويل.

ولك أن تجعله متعلقا بفعل محذوف تقديره : اذكر يوم تبدل الأرض ، وتجعل جملة (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) على هذا تذييلا.

ولك أن تجعله متعلقا بفعل محذوف دل عليه قوله : (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ). والتقدير يجزي الله كلّ نفس بما كسبت يوم تبدل الأرض .. إلخ.

وجملة (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) تذييل أيضا.

والتبديل : التغيير في شيء إما بتغيير صفاته ، كقوله تعالى : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) [سورة الفرقان : ٧٠] ، وقولك : بدلت الحلقة خاتما وإما بتغيير ذاته وإزالتها بذات أخرى ، كقوله تعالى : (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) [سورة النساء : ٥٦] ، وقوله : (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) [سورة سبأ : ١٦].

وتبديل الأرض والسماوات يوم القيامة : إما بتغيير الأوصاف التي كانت لها وإبطال النظم المعروفة فيها في الحياة الدنيا ، وإما بإزالتها ووجدان أرض وسماوات أخرى في العالم الأخروي. وحاصل المعنى استبدال العالم المعهود بعالم جديد.

ومعنى (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) مثل ما ذكر في قوله : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) [سورة إبراهيم : ٢١]. والوصف ب (الْواحِدِ الْقَهَّارِ) للرد على المشركين الذين أثبتوا له شركاء وزعموا أنهم يدافعون عن أتباعهم. وضمير (بَرَزُوا) عائد إلى معلوم من السياق ، أي وبرز الناس أو برز المشركون.

والتقرين : وضع اثنين في قرن ، أي حبل.

والأصفاد جمع صفاد بوزن كتاب ، وهو القيد والغل.

والسرابيل : جمع سربال وهو القميص. وجملة (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ) حال من (الْمُجْرِمِينَ).

والقطران : دهن من تركيب كيمياوي قديم عند البشر يصنعونه من إغلاء شجر الأرز وشجر السرو وشجر الأبهل ـ بضم الهمزة والهاء وبينهما موحدة ساكنة ـ وهو شجر من فصيلة العرعر. ومن شجر العرعر بأن تقطع الأخشاب وتجعل في قبة مبنية على بلاط سوي

٢٧٢

وفي القبة قناة إلى خارج. وتوقد النار حول تلك الأخشاب فتصعد الأبخرة منها ويسري ماء البخار في القناة فتصب في إناء آخر موضوع تحت القناة فيتجمع منه ماء أسود يعلوه زبد خاثر أسود. فالماء يعرف بالسائل والزبد يعرف بالبرقي. ويتخذ للتداوي من الجرب للإبل ولغير ذلك مما هو موصوف في كتب الطب وعلم الأقرباذين.

وجعلت سرابيلهم من قطران لأنه شديد الحرارة فيؤلم الجلد الواقع هو عليه ، فهو لباسهم قبل دخول النار ابتداء بالعذاب حتى يقعوا في النار ـ.

وجملة (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) مستأنفة ، إما لتحقيق أن ذلك واقع كقوله : (إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ) [سورة الذاريات : ٥ ، ٦] ، وإما استئناف ابتدائي. وأخرت إلى آخر الكلام لتقديم (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ) إذا قدر معمولا لها كما ذكرناه آنفا.

(هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢))

الإشارة إلى الكلام السابق في السورة كلها من أين ابتدأته أصبت مراد الإشارة ، والأحسن أن يكون للسورة كلها.

والبلاغ اسم مصدر التبليغ ، أي هذا المقدار من القرآن في هذه السورة تبليغ للناس كلهم.

واللام في (لِلنَّاسِ) هي المعروفة بلام التبليغ ، وهي التي تدخل على اسم من يسمع قولا أو ما في معناه.

وعطف (وَلِيُنْذَرُوا) على (بَلاغٌ) عطف على كلام مقدر يدل عليه لفظ (بَلاغٌ) ، إذ ليس في الجملة التي قبله ما يصلح لأن يعطف هذا عليه فإن وجود لام الجر مع وجود واو العطف مانع من جعله عطفا على الخبر ، لأن المجرور إذا وقع خبر عن المبتدا اتصل به مباشرة دون عطف إذ هو بتقدير كائن أو مستقر ، وإنما تعطف الأخبار إذا كانت أوصافا. والتقدير هذا بلاغ للناس ليستيقظوا من غفلتهم ولينذروا به.

واللام في (وَلِيُنْذَرُوا) لام كي. وقد تقدم قريب من نظم هذه الآية في قوله تعالى (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) في سورة الأنعام [٩٢].

٢٧٣

والمعنى وليعلموا مما ذكر فيه من الأدلة ما الله إلا إله واحد ، أي مقصور على الإلهية الموحدة. وهذا قصر موصوف على صفة وهو إضافي ، أي أنه تعالى لا يتجاوز تلك الصفة إلى صفة التعدد بالكثرة أو التثليث ، كقوله : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) [سورة النساء : ١٧١].

والتذكر : النظر في أدلة صدق الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ووجوب اتباعه ، ولذلك خص بذوي الألباب تنزيلا لغيرهم منزلة من لا عقول لهم (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) [سورة الفرقان : ٤٤].

وقد رتبت صفات الآيات المشار إليها باسم الإشارة على ترتيب عقلي بحسب حصول بعضها عقب بعض ، فابتدئ بالصفة العامة وهي حصول التبليغ. ثم ما يعقب حصول التبليغ من الإنذار ثم ما ينشأ عنه من العلم بالوحدانية لما في خلال هذه السورة من الدلائل. ثم بالتذكير في ما جاء به ذلك البلاغ وهو تفاصيل العلم والعمل. وهذه المراتب هي جامع حكمة مما جاء به الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم موزعة على من بلّغ إليهم. ويختص المسلمون بمضمون قوله : (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ).

٢٧٤

محتوى الجزء الثاني عشر من كتاب تفسير التحرير والتنوير

١٢ ـ سورة يوسف

(الر)......................................................................... ٧

(تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ).................................................... ٧

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)............................................ ٨

(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) إلى (لَمِنَ الْغافِلِينَ)........... ٩

(إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) إلى (لِي ساجِدِينَ)....... ١١

(قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ) إلى (عَدُوٌّ مُبِينٌ).................... ١٧

(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) إلى (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).. ١٩

(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ)................................... ٢١

(إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) إلى (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)....... ٢٢

(اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً) إلى (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ).......... ٢٤

(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غيابات الجب) إلى (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ). ٢٦

(قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ) إلى (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)................ ٢٨

(قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ) إلى (إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ)........................ ٣٠

(فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ في غيابات الجب) إلى (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).... ٣٢

(وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ* قالُوا يا أَبانا) إلى (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ)...... ٣٤

(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ).... ٣٦

٢٧٥

(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ) إلى (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ)....... ٣٨

(وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)....................... ٤٠

(وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ) إلى (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً)..................... ٤١

(وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) إلى (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)........... ٤٢

(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)................... ٤٤

(وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ) إلى (إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ)............. ٤٤

(وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ) إلى (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).................... ٥٣

(فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ) إلى (وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ)............... ٥٤

(قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) إلى (هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).......... ٥٧

(ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ).......................... ٥٩

(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) إلى (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)........................ ٦٠

(قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ) إلى (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ).............. ٦١

(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ) إلى (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)......... ٦٤

(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما) إلى (فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ)............................ ٦٦

(وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي) إلى (بِضْعَ سِنِينَ)....................... ٦٧

(وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ) إلى (فَأَرْسِلُونِ)...................... ٦٨

(يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا) إلى (لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ)............................... ٧٢

(قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) إلى (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)............................. ٧٣

(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ) إلى (إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ)........................... ٧٤

(قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ) إلى (لَمِنَ الصَّادِقِينَ).............. ٧٦

(ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ).................. ٧٨

(وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)...... ٧٩

(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ) إلى (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)..... ٨٠

٢٧٦

(وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ) إلى (وَكانُوا يَتَّقُونَ)...... ٨٣

(وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) إلى (وَلا تَقْرَبُونِ)...... ٨٣

(قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ)........................................... ٨٥

(وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ) إلى (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)................ ٨٦

(فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ) إلى (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)..... ٨٦

(وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ) إلى (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ)......... ٨٨

(قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) إلى (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ)..... ٨٩

(وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا) إلى (وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ).. ٩٠

(وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي) إلى (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ٩٣

(وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ) إلى (فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)...... ٩٥

(فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) إلى (كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ). ٩٦

(فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها) إلى (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)....... ٩

(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها) إلى (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ)... ١٠١

(قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ) إلى (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) ١٠٥

(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا) إلى (وَإِنَّا لَصادِقُونَ)... ١٠٥

٢٧٧

(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) إلى (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)... ١٠٦

(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) إلى (إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)............ ١٠٧

(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) إلى (إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ).......... ١١١

(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) إلى (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)......... ١١١

(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) إلى (فَارْتَدَّ بَصِيراً)........ ١١٥

(قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) إلى (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).. ١١٧

(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا) إلى (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ١١٧

(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) إلى (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) ١٢٠

(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) ١٢٢

(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) إلى (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ).......... ١٢٣

(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها) إلى (إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ).... ١٢٤

(أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ) إلى (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)................ ١٢٤

(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) إلى (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ١٢٥

(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) إلى (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) ١٢٦

٢٧٨

(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) إلى (وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)... ١٣٠

١٣ ـ سورة الرعد

(المر).................................................................... ١٣٥

(تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) ١٣٥

(اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) إلى (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى)..... ١٣٦

(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ).......................... ١٣٧

(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً) إلى (جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ). ١٣٨

(يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)......................... ١٤٠

(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ) إلى (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ١٤١

(وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً) إلى (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)       ١٤٤

(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) إلى (وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ)........... ١٤٦

(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)... ١٤٨

(اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ) إلى (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ). ١٤٩

(سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) ١٥٢

(لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ)...................... ١٥٢

(إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) إلى (مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ)........ ١٥٣

٢٧٩

(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) إلى (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ)       ١٥٤

(لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) إلى (إِلَّا فِي ضَلالٍ) ١٥٨

(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ)... ١٦١

(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ) إلى (لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) ١٦٢

(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)................ ١٦٣

(أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) إلى (وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) ١٦٤

(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) إلى (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ).... ١٦٥

(لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا) إلى (وَبِئْسَ الْمِهادُ)....... ١٧٠

(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) ١٧١

(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ* وَالَّذِينَ يَصِلُونَ) إلى (لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) ١٧١

(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) إلى (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).......... ١٧٧

(وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) إلى (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)............... ١٧٨

(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) إلى (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ).. ١٧٩

(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) إلى (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ).... ١٨٠

٢٨٠