منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٣

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٣

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتورة ماجدة فيصل زكريا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٦٥٦

الماشين والده من باب الصفا ، وأنشد المنشدون في الختم (١) ، وخلع عليهم وعلى المكبرين / ، والفراشين ، والوقادين (٢) أربع عشرة خلعة عطية لهم ، وفرقت الحلاوات (٣) على القضاة ، والأعيان ، والفقهاء والأمراء ، والتجار بحيث كان ذلك مما يضرب به المثل (٤).

[ابن الزمن يبني مدرسة على المذاهب الأربعة سنة ٨٨٢ ه‍]

وفيها (٥) :

أرسل قايتباي إلى الخواجا (٦) ابن الزمن (٧) بمكة يأمره ببناء

__________________

(١) من العادات التي كانت سائدة عندهم عند ختم القرآن الكريم. وهي من البدع.

(٢) في (د) «والقوادين». وهو خطأ.

(٣) في (د) «الحلاوة الطيبة». والحلاوات هي كل ما عولج من الطعام بسكر أو عسل وكذلك تطلق على الفاكهة الحلوة. انظر : المعجم الوسيط ١ / ١٩٥.

(٤) انظر هذه الأحداث في : النجم عمر بن فهد ـ اتحاف الورى ٤ / ٦١٨ ، ٦١٩.

(٥) أي سنة ٨٨٢ ه‍.

(٦) في (د) «الخواجة». الخواجة أو الخواجا هو : من ألقاب أكابر التجار الأعاجم من الفرس ونحوهم وهو لفظ فارسي ومعناه السيد أو المعلم أو الكاتب أو التاجر أو الشيخ ، وقد استعمل في العالم الإسلامي كلقب عام ويأتي أحيانا في أول الألقاب كما يطلق أحيانا على من يمت بصلة إلى الأصل الفارسي. والخواجكي بزيادة الكاف التي تدخل على ياء النسبة بالفارسية نسبة إليه للمبالغة ثم استعملها كتاب الإنشاء في عصر المماليك ضمن سلسة ألقاب التجار في آخر الألقاب المفردة للدلالة على وظيفة الملقب دلالة خاصة ، ومثلها في ذلك مثل الحاكمي للقضاة والوزيري للوزراء من العسكريين والصاحبي للوزراء من المدنيين. انظر : القلقشندي ـ صبح الأعشى ٦ / ١٢ ، الباشا ـ الألقاب الإسلامية في التاريخ والوثائق والآثار ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة سنة ١٩٥٧ م ، بدون تاريخ ص ٢٧٩ ، ٢٨٠.

(٧) الخواجا ابن الزمن (٨٢٤ ـ ٨٩٧ ه‍) هو : محمد بن عمر بن محمد بن عمر

٨١

مدرسة (١) يرتب فيها دروس الأربعة المذاهب. ورباطا يسكنه الفقراء. ويعمر له ربوعا ، ومسقفات ، يحصل بها ريع كثير يصرف (٢) على المدرسين ، وأن يقرأ له ربعة (٣) في كل يوم ، يحضرها القضاة الأربعة. ويعمل [له](٤) مكتبا للأيتام ، وغير ذلك من جهات الخير.

فاستبدل الخواجا ابن الزمن رباط المراغي (٥) ، ورباط

__________________

الزمن بن السراج القرشي شمس الدين الدمشقي ثم القاهري الشافعي ، ولد بدمشق ونشأ بها واشتغل بالتجارة كأبيه ، سافر إلى عدة أقطار من بينها مصر ، تعرف فيها على الأشرف قايتباي ، فلما تسلطن عينه لمشارفة العمائر المكية ، عمر كثيرا من الأماكن في مكة والمدينة قبل قايتباي وبعده ، توفي بمكة. انظر : النجم عمر بن فهد ـ اتحاف الورى ٤ / ٤٩٤ ، ٥٢٥ ، ٥٢٧ ـ ٥٣٠ ، ٥٣٢ ، ٥٥٥ ـ ٥٥٧ ، ٦٣٧ ، ٦٣٨ ، ٦٤٧ ـ ٦٤٩ ، السخاوي ـ الضوء اللامع ٨ / ٢٦٠ ـ ٢٦٢ ترجمة رقم ٧٠٣ ، ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ٢٩٣.

(١) وضع المؤلف عنوانا جانبيا على حاشية المخطوط اليسرى نصه : «قف على بناء مدرسة السلطان (مطموسة) عام ٨٨٣ ه». كما وضع ناسخ (ج) على حاشية المخطوط اليمنى ص ٤ كعنوان جانبي ما نصه : «قف على مدرسة السلطان قايتباي بمكة».

(٢) في (ج) «ويصرف ذلك».

(٣) الربعة : أي المصحف الشريف حيث كانوا يقسمونه إلى ثلاثين جزءا يطبع كل جزء منها منفردا ومجموع هذه الأجزاء كانوا يطلقون عليها اسم ربعة. انظر : السباعي ـ تاريخ مكة حاشية ص ٢٩٧.

(٤) ما بين حاصرتين زيادة من بقية النسخ.

(٥) رباط المراغي : هو رباط قاضي القضاة أبي بكر محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم المراغي ، ويعرف بالقيلاني لسكناه له ، يقع عند باب المسجد المعروف بباب الجنائز بالجانب الشرقي للمسجد الحرام ، وتاريخ وقفه سنة ٥٧٥ ه‍ ، وقفه صاحبه على الصوفية الواصلين إلى مكة المقيمين والمجتازين من العرب والعجم. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٣٠ ، العقد الثمين ١ / ١١٨.

٨٢

السدرة (١) ، وبعض دور كانت (٢) لصاحب مكة ، فهدمها ، وبنى في محلها المدرسة الباقية إلى الآن (٨) وفيها اثنان وسبعون خلوة (٣) ، ومجمعا مشرفا على المسجد وعلى المسعى ، ومكتبا ، ومأذنة. وصير المجمع مدرسة بناها بالرخام الملون. وقرر فيها أربعة مدرسين ، وأرسل (خزانة كتب) (٤) من أجل ما يذخر (٥) من الكتب ، ومن جملتها ربعة (٦) مكتوبة بالذهب الخالص من أولها إلى آخرها بقلم الشعر (٧) في صورة قلم

__________________

(١) رباط السّدرة : يقع بالجانب الشرقي من المسجد الحرام على يسار الداخل إلى المسجد الحرام من باب بني شيبة ، وهو ملاصق لرباط المراغي ، لم يعرف واقفه ولا تاريخ وقفه إلا أنه كان موقوفا في سنة ٤٠٠ ه‍ وموضعه هو دار القوارير التي بنيت في زمن الرشيد. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٣٠ ، العقد الثمين ١ / ١١٨.

(٢) أضاف في (د) «بمكة».

(٨) أضاف أحد المطلعين على المخطوط في سنة ١٢٨٧ ه‍ على الحاشية اليسرى للمخطوط ما نصه : «قلت أما في عصرنا (١٢٨٧ ه‍) فلم يبق لها ذكر بل أكثر الناس يظن أنها بنيت للاستغلال ولا يعرف غير ذلك لما يرى عنه من بيعها وكرائها في غير توقف فالله المستعان».

(٣) خلوة : هو المكان الذي ينقطع فيه العابد للعبادة ، وعند الصوفية المكان الذي يختلي فيه الصوفي بنفسه مبتعدا عن الخلق للتعبد والزهد والحصول على كمال الصفا. وفي النصرانية هو المكان الذي يحبس الراهب نفسه فيه للتعبد وهي بمنزلة الكنيسة. انظر : القلقشندي ـ صبح الأعشى ٥ / ٤٤٥ ، البستاني ـ المعلم بطرس (١٢٣٤ ـ ١٣٠٠ ه‍) ـ دائرة المعارف ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ٧ / ٤٥٧ ، دائرة معارف فريد وجدي ٣ / ٧٨٤ ، البقلي ـ التعريف بمصطلحات صبح الأعشى ١٢٢.

(٤) أشار ناسخ (ج) على حاشية المخطوط اليمنى ص ١٤ أن في نسخة أخرى «خزانة كتب».

(٥) هكذا في (أ) وفي بقة النسخ «يدخر» بالدال.

(٦) أي قرآن كريم.

(٧) قلم الشعر : هو قلم الغبار ، وسمي بذلك لدقته كأن النظر يضعف عن رؤيته.

٨٣

الثلث (١) ، أوقف الجميع على طلبة العلم. وعين للكتب خادما جعل له معلوما لذاته ـ إلى غير ذلك من الخيرات ـ ، وقد ضاعت أكثر كتب هذه (٢) المدرسة لتداول الأيدي ، واستولى عليها في عصرنا [هذا](٣) من لا يحسن ذكره في كتاب نظر الله سبحانه وتعالى إلى من نظر إليها ، ونفع بها المسلمين من ولاة الدين. وكان الفراغ من بناء هذه المدرسة سنة ٨٨٤ ثمانمائة وأربع وثمانين على يد الأمير سنقر (٤).

__________________

انظر : القلقشندي ـ صبح الأعشى ٣ / ١٢٥.

(١) قلم الثلث : وهو نمط من أنماط الخط يكتب بقلم سماكته تساوي ثمان شعرات من شعر البرذون ، والبرذون هي الخيول والبغال غير العربية ، اخترعه إبراهيم السجزي ، وقطعة هذا القلم محرفة لأنه يحتاج فيه إلى تشعيرات لا تأتي إلا بحرف القلم ، وهو إلى التقوير أميل منه إلى البسط. ويروس فيه من الحروف الألف المفردة والجيم وأختاها والطاء والكاف المجموعة واللام المفردة والسنة المبتدأة وعقده من الصاد وأختها الطاء وأختها والعين وأختها والفاء والقاف والميم والهاء والواو واللام ألف المحققة كلها مفتحة لا يجوز فيها الطمس بحال. القلقشندي ـ صبح الأعشى ٣ / ١٦ ، ١٧ ، ٥٣ ، ٦٤.

(٢) سقطت من (ب) ، (ج).

(٣) ما بين حاصرتين زيادة من (ج). أي عصر المؤلف.

(٤) الأمير سنقر هو : يوسف بن كاتب جكم الزين الجمالي ، أبو السعادات ، ناظر الخاص ، ترقى حتى عمل الشادية على عمائر السلطان بمكة والمدينة وأضيفت له الحسبة بمكة وغيرها ، ودام في ذلك مدة. انظر : النجم عمر بن فهد ـ اتحاف الورى ٤ / ٥٠٩ ، ٥٢٦ ، ٦١٩ ، ٦٣٧ ، ٦٣٨ ، ٦٥٤ ، السخاوي ـ الضوء اللامع ٣ / ٢٧٣ رقم الترجمة ١٠٤٠ .. انظر أخباره هذه العمارة في : النهروالي ـ الاعلام ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، النجم عمر بن فهد ـ اتحاف الورى ٤ / ٦١٢ ، ٦١٩ ، ٦٢٠ ، ٦٣٨ ، ٦٣٩ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، وفيهما أن اكتمال المدرسة كان سنة ٨٨٣ ه‍ وهو الأصح لقول المصادر به ومن بينها المعاصرة زمانا ومكانا.

٨٤

([و](١) في السنة السابق ذكرها (٢) غزا مولانا الشريف جازان (٣) من أرض اليمن ، فخرب حصونها ، وأخرب أوديتها ، وأخذ الأموال وغنم غنائم جزيلة منها (٤)).

[أمر قايتباي بغسل الكعبة وتطييبها سنة ٨٨٢ ه‍]

وفي هذه السنة :

وردت من السلطان قايتباي أحكام يأمره بغسل الكعبة ، ويطيبها ظاهرا ، وباطنا ، لمنام رآه يقتضي ذلك. فحضر شريف مكة ـ الشريف محمد بن بركات ـ وقاضي مكة ـ برهان الدين بن ظهيرة ـ وجردت

__________________

(١) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د).

(٢) أي سنة ٨٨٢ ه‍.

(٣) جازان : تقع جنوب مكة المكرمة بحوالي ٧٠٠ كيلومتر على طريق حاج صنعاء واليوم تمتد امارة جازان من وادي ذهبان شمالا إلى وادي حرض جنوبا ومن سراة جنب بني مالك وفيفا وغيرهم شرقا إلى البحر الأحمر غربا ، بها مدينة جازان المتطورة التي تعتبر قاعدة مقاطعة جازان تتبعها عدد من الإمارات الصغرى وبها ميناء كبير ترسو فيه البواخر. انظر : ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٢ / ٩٤ ، البلادي ـ بين مكة واليمن ٢٦٥ ـ ٢٦٧.

(٤) سقطت من (ج). واستدرك المؤلف ما بين قوسين على الحاشية اليسرى للمخطوط. وسبب هذه الغزوة كما ذكر النجم عمر بن فهد في إتحاف الورى ٤ / ٦١٣ ، والعز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٢٤ غيظه من صاحبها لعدة أمور منها إكرامه لأخيه علي لما وفد عليه مغاضبا له ، ومساعدته على عبور البحر الأحمر إلى سواكن حتى توصل إلى صاحب مصر ، وكذلك ايوائه لمن ينفيه من عسكره ومنهم ذوو عمر. وانظر ذلك في : النجم عمر بن فهد ـ اتحاف الورى ٤ / ٦١٣ ، ٦١٤ ، العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٢٤ ، ٥٢٥ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٢٧٧.

٨٥

الكعبة ، وغسلت ظاهرا ، وباطنا (١) ، وطيبت بالماورد (٢) والمسك (٣) ، ثم أعيد ثوبها.

حج السلطان قايتباي عام ٨٨٤ ه‍ (٤) :

وفي سنة ٨٨٤ ثمانمائة وأربع وثمانين :

حج السلطان قايتباي ، وكان أمير الحج الوارد بالمحمل المصري خشقدم (٥) ، فخرج الأمير المذكور بالمحمل ، وخرج السلطان / بعده بثلاثة أيام ، ووصلت القصاد إلى الشريف محمد بن بركات بحج السلطان فتهيأ هو ، وقاضي مكة (٦) للقائه ، وأرسل الشريف بعض قواده يسبقه إلى لقاء السلطان بسماط (٧) حلوى ، فوصل القائد إلى الحوراء (٨) ، ولاقى

__________________

(١) انظر أخبار ذلك في : النجم عمر بن فهد ـ اتحاف الورى ٤ / ٦٢٠ ، ٦٢١ ، العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٣٠ ، النهروالي ـ الاعلام ٢٢٦ ، ٢٢٧.

(٢) جاء في المعجم الوسيط ٢ / ٨٩٢ : ماء الزهر : يحضر بالتقطير البخاري للزهور الناضرة ولهذا المحلول رائحة الزهور المعطرة ومثله ماء الورد.

(٣) جاء في المعجم الوسيط ٢ / ٨٦٩ : المسك : ضرب من الطيب يتخذ من ضرب من الغزلان.

(٤) هذا العنوان الجانبي وضعه المؤلف على حاشية المخطوط اليسرى. وكذلك وضع ناسخ (ج) كعنوان جانبي على حاشية المخطوط اليسرى ص ١٥ ما نصه : «قف على حج السلطان قايتباي».

(٥) في (ب) «خشوش قدم» ، وفي (ج) «خوش قدم». وخشقدم هو : الصاحب خشقدم الزمام. انظر : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ١٥٨ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٣٩.

(٦) هو برهان الدين إبراهيم بن ظهيرة.

(٧) السماط : هو ما يمد ليوضع عليه الطعام في المآدب ونحوها. المعجم الوسيط ١ / ٤٤٩.

(٨) في (ب) «الحوداء» ، وفي (د) «الحورأ». والحوراء : كورة

٨٦

السلطان ، ومد له السماط ، فجلس (١) عليه السلطان بنفسه ، وأظهر من كرم الأخلاق ، واللطف ما لا يوصف حتى يقال أنه لما تناول من نوع (٢) الحلوى (٣) الذي يقال له : «كل واشكر» (٤) التفت إلى قائد الشريف ، وقال : «قد أكلنا وشكرنا». ـ وهذا لطف عظيم ـ. وأخلع على القائد ، ومن معه (٥).

ولما وصل إلى ينبع (٦) عدل إلى المدينة لزيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وشرف

__________________

من كور مصر القبيلة في آخر حدودها من جهة الحجاز وهي على البحر في شرقي القلزم شمال بلدة أم لج بحوالي ٨ كيلومتر ، وكانت مرفأ سفن مصر إلى المدينة ومحطة على درب الحاج المصري ، اشتهرت بملوحة آبارها درست فورثتها أم لج. انظر : ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٢ / ٣١٦ ، البغدادي ـ مراصد الاطلاع ١ / ٤٣٥ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٥٢٨ ـ ٥٢٩ ، سيد بكر ـ دروب الحجيج ص ١٣٧ ، ١٣٨ ، ١٤١.

(١) في (د) «فجعل». وهو خطأ.

(٢) في (ج) «النوع» ، وفي (د) «لون».

(٣) سقطت من (ج).

(٤) هو نوع خاص من المعمول المخبوز. انظر : الجزيري ـ درر الفرائد ص ٣٤٠.

(٥) انظر : النهروالي ـ الاعلام ٢٣٠ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٤٦ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٤٠.

(٦) في (أ) «الينبع». والاثبات من بقية النسخ. وينبع : بفتح أوله وإسكان ثانية ، بعده باء معجمة بواحدة مضمومة وعين مهملة سميت به لكثرة ينابيعها ، قرية وحصن غناء على يمين رضوى لمن كان منحدرا من المدينة المنورة إلى البحر ، على ليلة من رضوى وسبع مراحل من المدينة أي حوالي ١٥٠ كيلومترا على طريق الحاج المصري ، والمقصود هنا ينبع النخل أما ينبع البحر فلم توجد إلا متأخرة وبينهما حوالي عشرة كيلومترات ، وينبع النخل اليوم بمنطقة المدينة المنورة. انظر : البكري ـ معجم ما استعجم ٢ / ١٤٠٢ ، ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٥ / ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، البغدادي ـ مراصد الإطلاع ٣ / ١٤٨٥ ،

٨٧

وكرم) (١). وسار الشريف محمد بن بركات صاحب (٦) مكة حتى ورد الصفراء (٢) ، فلاقاه السلطان راجعا من المدينة ، وكان صحبة الشريف ، ولده السيد هزاع (٣) ، وقاضي مكة برهان (٤) الدين بن ظهيرة ، (وجملة من الأعيان ، ووجوه مكة ، واستمر بينبع (٥) إلى أن رجع السلطان من

__________________

الجزيري ـ درر الفرائد ٥٣٣ ـ ٥٣٧ ، السباعي ـ تاريخ مكة حاشية ص ٤٤٥ ، البلادي ـ أودية مكة المكرمة ، ط ١ ، دار مكة للطباعة والنشر والتوزيع سنة ١٤٠٥ ه‍ / ١٩٨٥ م ص ١٥٧ ، سيد بكر ـ دروب الحجيج ص ١٣٨ ـ ١٤٠.

(١) ما بين قوسين سقط من بقية النسخ.

(٦) في (د) «شريف».

(٢) الصفراء : وادي الصفراء من ناحية المدينة ، كثير النخل والزرع والخير في طريق الحاج ، بينه وبين بدر مرحلة وماؤه عيون كلها ، وفي رواية أخرى قرية فوق ينبع مما يلي المدينة ، كثير النخل والمزارع ، ماؤها عيون يجري إلى ينبع. انظر : البكري ـ معجم ما استعجم ٣ / ٨٣٦ ، ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٣ / ٤١٢ ، البغدادي ـ مراصد الاطلاع ٢ / ٨٤٤ ، سيد بكر ـ دروب الحجيج ١٤٣ ، ١٤٤.

(٣) في النجم عمر بن فهد ـ إتحاف الورى ٤ / ٦٤٥ ، العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٣٣ ، والنهروالي ـ الاعلام ٢٣١» هيزع» وهي الأصح ، وبه قالت المصادر ومن بينها المعاصرة زمانا ومكانا ، وسبق التعريف به. وهزاع هذا (توفي ٩٠٧ ه‍) : تولى إمارة مكة بعد أن انتزعها من أخيه بركات سنة ٩٠٧ ه‍ بعد حرب شديدة بينهما استمر بها أشهرا ثم توفي بمكة. انظر : العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٩ ، ٦١٢ ، ٣ / ٧٣ ، ٧٤ ، ٨٠ ـ ٩٠ ، ٩٧ ، ٩٨ ، ١٠٠ ـ ١٠٩ ، ١١٢ ـ ١١٧ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٨٢ ـ ٢٨٤ ، زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٤٦ ـ ٤٧ ، الزركلي ـ الأعلام ٨ / ٨٣.

(٤) في (ب) «بركان» وهو خطأ.

(٥) في (أ) «نيبع» وهو خطأ ، والاثبات من بقية النسخ. جاء في النجم عمر بن فهد ـ إتحاف الورى ٤ / ٦٤٥ ، والجزيري ـ درر الفرائد ٦٨٣ ، والنهروالي ـ الاعلام

٨٨

الزيارة فلاقوه) ، فصافحه صاحب مكة ، وهما على الخيل ، ومشى عن يمينه ، والقاضي برهان الدين عن يساره ، وسلم الباقون على بعد. وصار السلطان يلاطفهم ، ويشكر لهم فعلهم ، ويبدأهم بالحديث ، والمباسطة ، وألبسهم الخلع الفاخرة مرارا متكاثرة وفارقوه من بدر (١). وتقدموا إلى مر الظهران ، ورتبوا هناك سماطا حافلا (٢).

فلما كان يوم الأحد مستهل ذي الحجة وصل السلطان إلى الوادي (٣) ووجد السماط ممدودا ، فجلس عليه ، ومن (٤) معه ، وجعل يطعم ، ويأكل ، وخلع على الخدام ، والأنفار [الذين مدوا السماط](٥) ، ووصل بقية القضاة ، والخطباء (٦) ، وأعيان مكة ، فسلموا عليه وانصرفوا. وركب فيمن معه ، ودخل مكة ليلا ، وكان قاضي مكة

__________________

٢٣٣ ، والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٤٦ أن الشريف استمر ببدر.

(١) بدر : وفيها وقعة الفرقان سنة ٢ ه‍. ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء. واليوم هي قرية عامرة من قرى الحجاز في الجنوب الغربي من المدينة المنورة على بعد ١٥٥ كيلومترا منها و ٣٠٥ كيلومترا من مكة ، فيها عين جارية ونخيل وزراعة ، وهي أيضا قاعدة وادي الصفراء وتتبعها عدة امارات صغيرة. انظر : البكري ـ معجم ما استعجم ١ / ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ١ / ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، البغدادي ـ مراصد الاطلاع ١ / ١٧٠ ، ١٧١ ، البلادي ـ معجم معالم الحجاز ١ / ١٨٩ ـ ١٩٣.

(٢) سقطت من بقية النسخ.

(٣) أي وادي مر الظهران.

(٤) سقطت من (ب).

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من (ج).

(٦) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ قدم النساخ الخطباء على القضاة.

٨٩

المذكور (١) هو الملقن (٢) له الأدعية (٣) إلى أن دخل من باب السلام فدخل بحصانه ، فعثر ، فطاحت عمامته ، فتقدم رمضان المهتار (٤) ، فناوله إياها ـ وكان ذلك تأديبا من الله سبحانه وتعالى له (٥) حيث لم يدخل محرما ـ.

فترجل من العتبة (٦) الثانية ، وقرأ الريس بين يديه (٧)(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ

__________________

(١) البرهان إبراهيم بن ظهيرة.

(٢) في (ب) «الملعلن» وهو خطأ ، وفي (ج) «المعلن».

(٣) يرى السباعي في كتابه تاريخ مكة ٣٢٧ : أن صناعة الطوافة ابتدعت في هذا العهد لأن الشراكسة بحكم جهلهم اللغة العربية وميلهم إلى الأبهة والبذل كانوا يفضلون أن يعتمدوا على من يخدمهم ويدلهم على مشاعر الحج ، ويتلو أمامهم الأدعية ، وقال : «ولم يذكر المؤرخون مطوفا قبل القاضي كان يلقن الحجاج في مكة فيما قرأته من تواريخ مكة».

(٤) رمضان المهتار ، أو مهتار رمضان يبدو أنه رمضان المنفلوطي ثم القاهري المهتار ، عامي جلف. ولد ببني غالب قرية من عمل منفلوط ، رقاه أستاذه وصار يتكلم في الكسوة وغيرها. السخاوي ـ الضوء اللامع ٣ / ٢٢٩ ترجمة رقم ٨٦٣. والمهتار : هو لقب من ألقاب أرباب الوظائف من طائفة أرباب الخدم ، أطلق في دولة المماليك على كبير كل طائفة من غلمان البيوت السلطانية كمهتار الشراب خاناه ومهتار الركاب خاناه.

وهذا اللقب مشتق من اللغة الفارسية ، أصله مهتر ، ويتألف هذا اللفظ من كلمتين : مه بكسر الميم ومعناها الكبير ، وتاو بمعنى أفضل التفضيل ، فيكون المعنى الكلي الأكبر.

وكانت مهتارية البيوت السلطانية يعينون من قبل السلطان نفسه أو نائبه وعلى نمط مهتارية البيوت السلطانية ، وجدت مهتارية لبيوت الأمراء. يضاف إلى ما تقدم أن هذه الوظيفة أول ما عرفت في الدولة الغزنوية حيث كان صاحبها يسمى مهتر سراي ، أي أكبر رجال القصر. انظر : القلقشندي ـ صبح الأعشى ٥ / ٤٤١ ، الباشا ـ الفنون الإسلامية ٣ / ١١٤٥ ـ ١١٥٢.

(٥) سقطت من بقية النسخ.

(٦) انظر : النهروالي ـ الاعلام ٢٣٤ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٤٦ ، ٤٧. في (ب) «الفبة» وهو خطأ.

(٧) في النجم عمر بن فهد ـ إتحاف الورى

٩٠

رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ)(١) الآية الشريفة. ثم / دعا للسلطان ، وأمن أصحاب الأصوات ، وطاف ، وخرج إلى الصفا ، فسعى راكبا (٢). فلما فرغ من السعي عاد إلى الزاهر (٣) ، وبات هناك ، وركب في الصبح في موكب أعظم (٤) ، ولاقاه الشريف محمد بن بركات ، وأعيان الأشراف ، وقضاة مكة. وخرج للقائه حتى النساء.

ودخل مكة في أوفى عظمة إلى أن وصل مدرسته المذكورة ، ومد له بها (٥) شريف مكة سماطا ، واستمر يمده صبحا ، وليلا.

ومدّ له ثاني يوم قاضي مكة.

واستمر في المدرسة. وخرج [في](٦) بعض الليالي إلى نحو بركة (ماجن (٧) ينظر ابلا ، وخيلا أهداها له صاحب مكة ، ثم رجع إلى

__________________

٤ / ٦٤٦ ، والجزيري ـ درر الفرائد ٦٨٣ «بعض القراء».

(١) وتتمة الآية : (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً.) آية ٢٧ من سورة الفتح.

(٢) انظر : النهروالي ـ الاعلام ٢٣٤. أما في النجم عمر بن فهد ـ إتحاف الورى ٤ / ٦٤٦ ، والجزيري ـ درر الفرائد ٦٨٣ «فسعى ماشيا».

(٣) أضاف ناسخ (د) «في صيوانه».

(٤) في (ج) «عظيم» وهي بالمعنى نفسه.

(٥) سقطت من (ب) ، (ج).

(٦) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (ج).

(٧) بركة ماجن : تقع أسفل مكة عند باب مكة المعروف بباب الماجن ، ذكره

٩١

المدرسة المذكورة (١) ، واستمر بها إلى أن طلع عرفات. وعاد بعد التشريق (٢) إلى مكة) (٣). (وتأخر بعد الحج بمكة أياما (٤)) ، وقرر وظائف المدرسة جميعا ، وحضر بنفسه يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة ، وجلس بطرف الإيوان (٥) الشمالي ، والقاضي برهان الدين في صدر الإيوان ، وقدامه المصحف العظيم (٦) على كرسي وفرق على الحاضرين أجزاء (٧) (قرآن ، وأخذ السلطان جزءا (٨)) من

__________________

الفاسي ، والماجل في اللغة هو كل ماء مجتمع في أصل جبل أو واد ، وبركة المسفلة هذه كانت ماجلا لأبي صلاته ، ثم بنى فيه بركة سميت بركة الماجل وحرفها الناس ، فقالوا بركة ماجن أو ماجد ، ولا تزال هذه البركة إلى اليوم يسقى منها بعض أحواض الزراعة الصغيرة الموجودة هناك ، كما ينتفع منها بعض أصحاب مصانع الطوب. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٤٠ وحاشيتها ، السباعي ـ تاريخ مكة ١٥٦ ، ٤٦٤.

(١) في النجم عمر بن فهد ـ إتحاف الورى ٤ / ٦٤٧ ، والجزيري ـ درر الفرائد ٦٨٤ : أنه لم يره أحد بمكة في النهار إلا مرتين مرة ذهب لعرفة ومرة لدرب اليمن لرؤية ما قدمه له الشريف من هدايا.

(٢) وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة.

(٣) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٤) في النجم عمر بن فهد ـ إتحاف الورى ٤ / ٦٤٧ «يومين». وما بين قوسين في (ج) ، (د) «وتأخر بمكة بعد الحج أياما».

(٥) الايوان : الصفة العظيمة. ابن منظور ـ لسان العرب ١٣ / ٤٠.

(٦) في (ج) «الكريم».

(٧) في (ب) «أجزأ» وسقطت من (ج).

(٨) في (د) «جزا». وما بين قوسين سقطت من (ب) ، (ج).

٩٢

جملة الناس (١) ، وقرئت الختمة. ودعي للسلطان. ومدّ للحاضرين سماط حلوى.

وسافر ظهر يوم السبت لأربع عشرة (٢) ليلة خلت من ذي الحجة بعد أن طاف طواف الوداع ، ومشى القهقرى إلى أن (٣) خرج من باب الحزورة (٤) ، وركب معه شريف مكة ، وأولاده ، وقاضيها ، فودعهم (٥) ، وأمرهم بالرجوع من الزاهر.

وسار متوجها إلى مصر ، فدخلها ، وهي على غاية ما يكون من الضبط (٦).

__________________

(١) أضاف ناسخ (ج) «أجزاء».

(٢) في (ج) «وعشرين».

(٣) سقطت من (ب).

(٤) باب الحزورة : هو أحد أبواب الحرم الواقعة في الجهة الغربية ، والحزورة اسم لسوق في الجاهلية كانت في هذا المكان ودخلت في توسعة الحرم ، ويسمى أيضا بباب البقالية وكان يعرف بباب بني حكيم بن حزام ، والغالب عليه باب الحزامية ، ثم صار يعرف مؤخرا قبل ازالته بباب الوداع لأن الناس يخرجون منه عند سفرهم. أنشأه الخليفة المهدي سنة ١٦٩ ه‍ ، جدد بعدها عدة مرات كان آخرها سنة ٨٠٤ ه‍. انظر : الأزرقي ـ أخبار مكة ٢ / ٩١ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٢٣٨ ، ابن ظهيرة ـ الجامع اللطيف ٢١٨ ، إبراهيم رفعت ـ مرآة الحرمين ١ / ٢٣٣ ، باسلامة ـ تاريخ عمارة المسجد الحرام ١٢٥ ـ ١٢٧.

(٥) في (ب) ، (ج) «وقوادهم».

(٦) انظر أخبار حج السلطان قايتباي في : النجم عمر بن فهد ـ إتحاف الورى ٤ / ٦٤٥ ـ ٦٤٩ ، العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٣٣ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٦٨٣ ـ ٦٨٥ ، النهروالي ـ الاعلام ٢٣٠ ـ ٢٣٦ ، العصامي ـ سمط النجوم

٩٣

[وفاة الخليفة المستنجد بالله سنة ٨٨٤ ه‍]

وفي هذه السنة (١) :

توفي الخليفة العباسي (٢) بمصر في رابع عشر المحرم منها (٣) ، وبويع للمتوكل على الله أبو العز عبد العزيز (٤) بعهد من عمه المستنجد بحضرة السلطان قايتباي (٥) ، وتوفي سنة تسعمائة وثلاث ، وبويع لولده المتمسك (٦) بالله يعقوب. واستمر إلى أيام الدولة العثمانية

__________________

العوالي ٤ / ٤٥ ـ ٤٧.

(١) أي سنة ٨٨٤ ه

(٢) المستنجد بالله.

(٣) انظر : السخاوي ـ الضوء اللامع ١٠ / ٣٣٠ ، السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ـ تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ـ بدون مكان الطبع وتاريخه ص ٥١٤ ، ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ١٥١.

(٤) في (ب) «العرز» وهو خطأ. هو المتوكل على الله الثاني (٨١٩ ـ ٩٠٣ ه‍) العز عبد العزيز بن يعقوب بن محمد المتوكل الأول ، بويع بالخلافة بعد وفاة عمه (٨٨٤ ـ ٩٠٣ ه‍). انظر : السخاوي ـ الضوء اللامع ٤ / ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ٥١٤ ـ ٥١٦ ، ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ١٥١ ، ١٥٢ ، ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، الزركلي ـ الأعلام ٤ / ٢٩.

(٥) هذا وأضاف ناسخ (ج) على الحاشية اليسرى ثم السفلى ص ١٧ بجانب هذه الكلمة ما لا فائدة في اثباته.

(٦) هكذا في جميع النسخ ، وفي المصادر والمراجع الواردة في الترجمة «المستمسك». والمستمسك بالله يعقوب (٨٥١ ـ ٩٢٧ ه‍) : هو أبو الصبر ، بويع بعهد من أبيه فأقام فيها إحدى عشرة سنة ثم صرف عنها سنة ٩١٤ ه‍. توفي بالقاهرة لم يكن له من الأمر شيء كسائر الخلفاء العباسيين. السخاوي ـ الضوء اللامع ١٠ / ٢٨٥ ترجمة رقم ١١١٦ ، ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٥ / ٣٨٨ ، ٣٨٩ ، الزركلي ـ الأعلام ٨ / ٢٠٠.

٩٤

كما يأتي بيانه ـ إن شاء الله تعالى ـ.

[وفاة السلطان قايتباي سنة ٩٠١ ه‍]

واستمر قايتباي إلى أن انتقل (١) يوم الأحد لثلاث بقين من ذي القعدة سنة واحد وتسعمائة (٧). ولم يحج أحد من الجراكسة غيره ـ ولذا ذكرت قصة حجه ملخصة ، وإلا فقد أطال فيها القطب الحنفي (٢) وتاريخه (٣) كثير بأيدي الناس ـ.

فولي بعد قايتباي ابنه الناصر (٤) ، وكان سيء السيرة ، فقتله عبيده سنة ٩٠٤ تسعمائة وأربع.

وولي مصر خاله الملك الظاهر (٥) أبو النصر قانصوه (٦) ثم خلع.

__________________

(١) في (ب) «انتعل».

(٧) انظر : السيوطي ـ حسن المحاضرة ٢ / ١٢٢ ، ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ٣٢٤.

(٢) أي النهروالي.

(٣) وهو الاعلام بأعلام بيت الله الحرام ص ٢٢٩ ـ ٢٣٦.

(٤) الناصر (٨٨٧ ـ ٩٠٤ ه‍) هو : محمد أبو السعادات ناصر الدين ، تلقب بالناصر ثم بالأشرف ، بويع وأبوه على فراش الموت سنة ٩٠١ ه‍ ، فاستمر إلى سنة ٩٠٤ ه‍ ، وقام كرتباي الأحمر بتدبير مملكته ، ثم استبدل بالأتابكي أزبك بن ططخ ، توفي في الطالبية من ضواحي القاهرة. انظر : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ٣٣٢ ـ ٤٠٣ ، النهروالي ـ الاعلام ٢٣٧ ، ٢٣٨ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤٨ ، ٤٩ ، الزركلي ـ الأعلام ٧ / ٩.

(٥) سقطت من (ج).

(٦) في المصادر الواردة في الترجمة «أبو سعيد قانصوه». ، وهو : ابن قانصوه الأشرفي ، أبو سعيد أحد ملوك الجراكسة بمصر (٩٠٤ ـ ٩٠٥ ه‍) بلغت مدته سنة وثمانية أشهر و ١٣ يوما ، وفي رواية أخرى سنة وسبعة أشهر ، خلعه أمراء الجيش والناس عنه راضون ، فاختفى ثم سجن بالاسكندرية. ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ٤٠٩ ـ ٤٣٨ ، النهروالي ـ الاعلام ٢٣٩ ، سمط النجوم العوالي ٤٩ ، الزركلي ـ الأعلام ٥ / ١٨٧.

٩٥

وولي مصر جنبلاط (١) في أوائل سنة ٩٠٦ تسعمائة وست ، وخلع بعد ستة (٢) أشهر.

وولي بعده طومان باي (٣) ، ولم يستكمل يوما فخلع (٤).

وولي السلطان قانصوه الغوري (٥) ليلة عيد الفطر في السنة

__________________

(١) في (ب) «حنبلاط». وجان بلاط أو جانبلاط (٨٦٥ ـ ٩٠٦ ه‍) بن عبد الملك ، وفي رواية ابن عبد الله الملك الأشرف ، أبو النصر على لقب أستاذه الأشرف قايتباي أحد ملوك الجراكسة المماليك في مصر ، تسلطن سنة ٩٠٥ ه‍ ثم خلع عنها وقبض عليه وأرسل إلى سجن الاسكندرية حيث خنق فيه. انظر : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ٤٣٨ ـ ٤٦٣ ، الغزي ـ الكواكب السائرة / ١٧١ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٢٨ ، الزركلي ـ الأعلام ٢ / ١٠٧.

(٢) في (ب) ، (ج) ، (د) «تسعة» وهو خطأ. انظر : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ٤٣٨ ـ ٤٦٣ ، الغزي ـ الكواكب السائرة ١ / ١٧١ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٢٨.

(٣) طومان باي (... ـ ٩٠٦ ه‍) : ابن قانصوه ، أبو النصر ، الأشرف قايتباي ، الملك العادل أحد ملوك الجراكسة في مصر والشام والحجاز ، تسلطن في دمشق وعاد إلى مصر حيث جددت له البيعة سنة ٩٠٦ ه‍ فأقام فيها ثلاثة أشهر وعشرة أيام خلع بعدها ثم اختفى ثم ظهر فقبض عليه وقطع رأسه. انظر : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ٤٥٦ ـ ٤٧٧ ، ابن طولون ـ مفاكهة الخلان ١ / ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٢٣٧ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٢٤٢ ، الزركلي ـ الأعلام ٣ / ٢٣٣.

(٤) انظر : النهروالي ـ الاعلام ٢٣ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٤٩ مع اختلاف في مدة سلطنته عما ورد في كل من : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٣ / ٤٥٦ ـ ٤٧٧ ، ابن طولون ـ مفاكهة الخلان ١ / ٢٣١ ، ٢٤١ ، ٢٤٢ ، الزركلي ـ الأعلام ٣ / ٢٣٣ وفيها أن مدة سلطنته ثلاثة أشهر وعشرة أيام.

(٥) قانصوه الغوري (٨٥٠ ـ ٩٢٢ ه‍) : ابن عبد الله الظاهري الأشرفي ، أبو النصر ، سيف الدين ، لقب بالملك الأشرف سلطان مصر والشام والحجاز (٩٠٦

٩٦

المذكورة (١).

[فتنة بين أمير الحاج وأمير المحمل سنة ٨٩١ ه‍]

(وفي سنة ٨٩١ ثمانمائة وإحدى وتسعين :

وقعت فتنة بين أمير الحاج (٢) ، وأمير المحمل (٣) عند المسعى وتقاتل الترك بالسيوف ، ثم ردّ الله الفتنة ، واصطلحوا ، وكتبوا بذلك محضرا ، وأخذوا عليه خطوط [العلماء و](٤) الفقهاء ، والسادة (٥).

[اعتداء بني لام على الحجاج سنة ٩٠٠ ه‍]

وفي سنة ٩٠٠ تسعمائة : أخذ بنو لام الحجاج من كل طرف ، ولم يحج إلا شرذمة من الناس) (٦)).

__________________

٩٢٢ ه‍) من الجراكسة ، حاربه السلطان سليم في مرج دابق قرب حلب وهزمه فأغمي عليه وهو على فرسه فمات قهرا وضاعت جثته تحت سنابك الخيل ، كان شجاعا فطنا وداهية ، له مآثر جميلة في مكة وطريق الحاج وبناء سور جدة. انظر : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٤ / أحداث السنوات ٩٠٦ ـ ٩٢١ ه‍ ، ٥ / أحداث ٩٢٢ ه‍ ، النهروالي ـ الاعلام ٢٣٩ ـ ٢٤٣ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ١١٣ ، ١١٤ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٤٩ ـ ٥٣ ، الزركلي ـ الأعلام ٥ / ١٨٧.

(١) انظر خبر ولاية السلطان قانصوه الغوري في : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٤ / ٣ ، ٤ ، ابن طولون ـ مفاكهة الخلان ١ / ٢٣٧ ، الغزي ـ الكواكب السائرة ١ / ٢٥٩ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ١١٣ ، وجاء فيها أنه ولي في يوم عيد الفطر.

(٢) هو خاير بك الأشرفي كاشف الغربية. انظر : الجزيري ـ درر الفرائد ٣٤٢.

(٣) هو أزدمر تمساج ، أحد المقدمين. انظر : الجزيري ـ درر الفرائد ص ٣٤٢.

(٤) ما بين حاصرتين زيادة من (ج).

(٥) انظر هذا الخبر في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٨٠.

(٦) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج). انظر هذا الخبر في : العصامي ـ سمط

٩٧

[وفاة الشريف محمد بن بركات سنة ٩٠٣ ه‍]

وفي سنة ٩٠٣ تسعمائة وثلاث :

توفي الشريف محمد بن بركات في يوم الثلاثاء الحادي عشر من محرم بوادي الظهران (١) ، وحمل إلى مكة ، وصلي عليه ، ودفن بالمعلاة ، وبنى عليه قبة موجودة إلى الآن (٢).

قال ابن فهد (٣) :

«ولما وصلوا إلى مكة ، ضجت البلاد ، وغلقت الأسواق (٤) ، وقرئت الرباع (٦) ستة أيام بالمسجد الحرام صباحا ، ومساء بحضرة الأشراف ، والقضاة ، والفقهاء وغيرهم ، وأنشد الشعراء فيه المراثي الحسنة ـ رحمه‌الله سبحانه وتعالى ـ والمسلمين على توالي الأزمنة ـ.

وكان جامعا لأشتات (٥) الفضائل ، حاويا محاسن الشمائل ، بنى

__________________

النجوم العوالي ٤ / ٢٨٠.

(١) في العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٦ ، العيدروس ـ النور السافر ٣٧ ، ٣٨ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٧٩ أنه توفي بوادي الآبار.

(٢) أي إلى عصر المؤلف. وهي من البدع التي كانت سائدة في تلك الفترة. انظر خبر موت الشريف وبناء القبة عليه في : العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٦ ، ٥٩٧ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٧٩. هذا وقد استدرك ناسخ (ج) على الحاشية اليمنى للمخطوط لصفحة ١٨ ما نصه : «قف وكانت مدة ولاية الشريف محمد بن بركات ثلاث وأربعين سنة».

(٣) أي العز بن فهد. غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام ٢ / ٥٩٦ ، ٥٩٧.

(٤) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «الأبواب».

(٦) أي القرآن.

(٥) في (د) «لأشتاق» وهو خطأ.

٩٨

بمكة رباطا للفقراء (١) ، وخلف من الأولاد ستة عشر غير الإناث منهم : حميضة (٢) ، ورميثة (٣) ، وجازان (٤) ، وهزاع ، وقايتباي (٥) ، وعلي (٦) ، وراجح (٧) ، وبركات ـ كذا قال ابن الفضل (٨) : ولم يذكر بقية

__________________

(١) وموقعه بأول أجياد قبالة رباط والده. انظر : العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٩.

(٢) انظر ترجمته في : العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٩ ، ٣ / ١٦٦ ، ١٧٠ ـ ١٧٢ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٨٨ ، ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ٩٠٣ ه‍.

(٣) انظر ترجمته في : العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٩ ، ٣ / ١٤٥ ، ١٤٦ ، ٣٠٢ ، ٣١٠ ، ٣٢١ ، ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ٩٠٣ ه‍.

(٤) واسمه : أحمد. انظر ترجمته في : العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٩ ، ٦٠٥ ، ٣ / ١١٥ ـ ١١٧ ، ١٢١ ـ ١٣٩ ، ١٤٤ ، ١٤٦ ـ ١٤٨ ، ١٦٦ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٤٨ ، ٣٥٠ ـ ٣٥٤ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٧٩ ، ٢٨٢ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، ٢٨٨ ، ٣٠١ ـ ٣٠٣.

(٥) انظر ترجمته في : العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٩ ، ٦٠٥ ، ٣ / ضمن ترجمة أخيه الشريف بركات ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٥٨ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٨٦ ، ٢٨٩.

(٦) انظر : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٧٩.

(٧) انظر : العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٩ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٧٩.

(٨) ابن الفضل هو : أحمد بن الفضل بن محمد (٩٨٥ ـ ١٠٤٧ ه‍) باكثير ، أبو العباس الحضرمي المكي الشافعي ، من أدباء الحجاز وفضلائها ، له معرفة في العلوم الفلكية ، كانت له منزلة وشهرة عند أشراف مكة ، من مؤلفاته : حسن المآل في مناقب الآل ، أو وسيلة المآل بذكر فضائل الآل جعله باسم الشريف إدريس ، وجاء اسمه في الأعلام للزركلي وسيلة المآل في عد مناقب الآل ، وأنه مخطوط موجود في الرباط (٦٠٦ ك) ألف سنة ١٠٢٧ ه‍. توفي بمكة. انظر : المحبي ـ خلاصة الأثر ١ / ٢٧١ ـ ٢٧٣ ، البغدادي

٩٩

الذكور» (١) ـ.

ورأيت بخط العلامة الشيخ قطب الدين الحنفي على هامش نسخة من الضوء اللامع (٢) عند ترجمة علي بن محمد بن عبد الرحمن المنوفي نزيل مكة شيخ رباط ربيع (٣) ، ويعرف بابن مصاص بمهملتين ما نصه (٤) : «حكي أنه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أيام الشريف [محمد بن](٥) بركات صاحب مكة ، أن الشريف المذكور توفي ، وأن الشيخ علي المذكور ، وهو (٦) الرائي لهذه الرؤيا يغسله ، وكان دملا يخرج منه القيح ، (وكان القيح) (٧) سال منه ، فأراد الشيخ علي أن يكتفي بذلك الغسل ، ويكفنه ، فرأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يقول له :

__________________

هدية العارفين ١ / ١٥٩ ، إيضاح المكنون ١ / ٤٠٥ ، ٢ / ٧٠٨ ، الزركلي ـ الأعلام ١ / ١٩٥ ، كحالة ـ معجم المؤلفين ٢ / ٤٦. هذا ولم أقف على المخطوط.

(١) انظر ذلك في : العز بن فهد ـ غاية المرام ٢ / ٥٩٩ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٧٩ ، ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ٩٠٣ ه‍.

(٢) للسخاوي ، وقد سبق التعريف بالمؤلف والترجمة له.

(٣) رباط ربيع : وموقعه بأجياد وربيع هو الذي وقفه عن موكله في ذلك السلطان الملك الأفضل نور الدين علي بن السلطان صلاح الدين علي بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وتاريخ وقفه سنة ٥٩٤ ه‍ وقف على الفقراء من المسلمين الغرباء. انظر : الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، العقد الثمين ١ / ١٢١.

(٤) انظر : السخاوي ـ الضوء اللامع ٥ / ٣١٢ رقم الترجمة ١٠٣٠.

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من بقية النسخ.

(٦) سقطت من (ج).

(٧) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

١٠٠