منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٣

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٣

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتورة ماجدة فيصل زكريا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٦٥٦

وبساحته في عزته

لا خوف عليه ولا حذر

جاءته دواته قد دعمت

لبشاعتها حارت فكر

فهيد جاء ليشغله

بكلام ليس له ثمر

وبلطف حديث أفهمه

سبب الإتيان له وطر

وهزبر حر يقبضه (١)

طوعا لملوك قد أمر ـ وا ـ

وانقضّ عليه مفترسا

بشجاعته حصل الظفر

ألقى يده في صخرته (٢)

فتمكن من نحر ظفر

وبطوق قميص يعركه

عركا كأديم (٣) يقتدر (٤)

واللطم بكف أزعجه

فاختل وقلب ينفطر

وانقاد له ومقالته

ايش الخبر ايش الخبر!!

أمسى بقيود مثقلة

ويديه ورجليه دسر ـ وا ـ

فالصفع له نالته يد

بنعال شاع به الخبر

والتفل لوجه أتبعه

فاغتم وزاد به الكدر

وتيقن أن الظلم بلى

والبغي مراتعه صبر

لا زال يعضّ يدا ندما

والقرع لسنّ يفتكر

__________________

(١) في (ج) «بقبضته».

(٢) في (ب) «صخرة».

(٣) الأديم : الجلد. انظر : المعجم الوسيط ١ / ١٠.

(٤) في (ب) «يفترر» ، وفي (ج) «يفتور». وقدر الرجل قصر. انظر : المعجم الوسيط ٢ / ٧١٨.

٤٤١

بيتا بالفضة زخرفه

وله فيه وقعت سير

وزرا بيديه (١) يحمله

لا يدفعه عنه بشر

قلق قد حلّ بمهجته

فتراه كمن فيه ابر

وشقاوته قصيت (٢) فلذا

طعنته يداه لا يقر

ودما من بطن فجّرت

سالت كعيون تنفجر

وبطعنته روح طلعت

وتواتر ذا عمن حضر ـ وا ـ

خسر الدنيا مع آخرة

وعليه رقيب مقتدر

ومغاربة جسما نقلوا

لا غسل ولا كفنا نشر ـ وا ـ

ساروا خببا (٣) بجنازته

خوفا أن يلحقهم ضرر

ووصيف خادم (٤) يتبعهم

ولذلك (٥) على نقل قدروا (٦)

ووراءه الناس كأنهم

يا صاح جراد منتشر (٧)

لو لا الحامي لمغاربة

جزما ما رحموه (٨) وما صبر ـ وا ـ

__________________

(١) في (ب) «يديه».

(٢) في (ب) «قضيب» ، وفي (ج) «قضيت».

(٣) في (ب) ، (ج) «خبا». الخبب : ضرب من العدو. انظر : الرازي ـ مختار الصحاح ١٦٧.

(٤) في (ب) ، (ج) «الخادم».

(٥) في (ب) ، (ج) «ولذاك».

(٦) في (أ) «عذروا» والاثبات من (ب) ، (ج).

(٧) أي لكثرتهم ليس لتشييعه بل للشماتة فيه.

(٨) في (ب) «لا رجموه».

٤٤٢

وبحفرته لما وضعوا

رجموه بصخر وانتصر ـ وا ـ

والعقرب فيها ترصده

قد شاهدها جمع حضروا

فانظر لوفاة قد خبثت

فيها للمستقصي [عبر](١)

واسمع تاريخ قضيته

من بعض أناس قد عذر ـ وا ـ

وعبارته نظما وردت

هاك (٢) ابن عتيق يا سقر

انتهى (٣). وإنما ذكرت هذه القصيدة للاعتبار.

ومن الغريب في تاريخ قتله يأتي من ألطاف الله ما لا يكون (في البال) (٤) ، وله أخبار تلحق بالكفر لو لم يمت كافرا ـ نعوذ بالله تعالى ـ.

[أعمال الوزير محمد باشا في مكة]

ومما حدث في زمن مولانا الشريف حسن أن محمد باشا (٥) ـ وزير

__________________

(١) ما بين حاصرتين من (ب) ، (ج).

(٢) في (أ) «ها» والاثبات من (ب) ، (ج). والشطر الأخير هو التاريخ بحساب الجمل عام ١٠٣٠ ه‍ وهو خطأ. والصحيح كما جاء في (أ) «ها ابن عقيق يا سقر».

(٣) سقطت من (ب) ، (ج).

(٤) في (ب) ، (ج) «بالبال». انظر هذا التاريخ وقصته في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٨٤. وجملة» يأتي من ألطاف الله ما لا يكون في البال» هي التاريخ ويقابل بحساب الجمل عام ١٠١٠ ه‍ وهو الصحيح.

(٥) هو محمد باشا الطويل من صقالبة البشناق ، تولى الصدارة عقب موت سميز علي باشا ، كان محبا للجهاد في سبيل الله ، استطاع الحفاظ على نفوذ الدولة العثمانية بعد موت سليمان خان ، كذلك تمكن بدهائه وسياسته من إبرام الصلح مع دول أوروبا المعادية ، وأنشأ عمارة بحرية ، قتل بالقسطنطينية سنة ٩٨٧ ه‍ بعد أن ولى الوزارة للسلطان سليمان خان وسليم خان ومراد خان. انظر : النهروالي ـ الاعلام ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣٥٥ ، ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٤١٤ ، المحامي : محمد فريد بك (توفي

٤٤٣

مولانا السلطان الأعظم حضرة سليمان خان ـ أمر أن : يبنى له (موضع بقرب الحرم) (١) يكون محلا للفقراء صونا للحرم الشريف ، وأن يبنى لهم مساطب (٢) (تصلح للمرضى) (٣) فتكون دار الشفاء لهم ، وأن يبنى خارج ذلك دكاكين وبيوت تكرى وتصرف غلالها في مصلحة هذا المحل.

وأمر ببناء حمام في وسط البلد يكون عظيم الشأن.

فبنى جميع ذلك. وعمرت له أوقاف كثيرة بمكة (٤).

ووردت صدقاته سنة ٩٧٤ تسعمائة وأربع وسبعين (٥).

[وفاة السلطان سليمان خان]

وفي هذه السنة (٦) : خرج مولانا السلطان سليمان خان إلى محاصرة سكتوار (٧) من أرض الافرنج وكان قد خرج عليلا ، واستمر فيها إلى

__________________

سنة ١٣٣٨ ه‍ / ١٩١٩ م) ـ تاريخ الدولة العلية العثمانية ـ تحقيق إحسان حقي ـ ط ٥ ـ دار النفائس ـ بيروت ١٤٠٦ / ١٩٨٦ م ص ٢٥٠ ـ ٢٦٢.

(١) ما بين قوسين ورد في (ب) «موضعا بالقرب الحرم» ، وفي (ج) «موضعا بالقرب من الحرم».

(٢) في (ج) «مصاطب». والمساطب واحدتها مسطبة وهي الدكان يقعد عليه. انظر : المعجم الوسيط ١ / ٤٢٩.

(٣) ما بين قوسين في (ب) «تضح لمرضى». وانظر : النهروالي ـ الاعلام ٣٠٨.

(٤) انظر أخبار هذه العمارات والأوقاف في النهروالي ـ الاعلام ٣٠٦ ـ ٣٠٨.

(٥) في النهروالي ـ الاعلام ٣٠٨ «سنة ٩٨٤ ه».

(٦) أي سنة ٩٧٤ ه‍. انظر هذا في : النهروالي ـ الاعلام ٣٢٥ ، القرماني ـ تاريخ سلاطين آل عثمان ١ / ٥٠ ، ٥١ ، أما في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٥٥ ، المحامي ـ تاريخ الدولة العلية ٢٥٠ : «في سنة ٩٧٣ ه».

(٧) سكتوار : ذكرها القرماني باسم سكدوار. وسكتوار مدينة في جنوب المجر

٤٤٤

سنة ٩٧٩ تسعمائة وتسع وسبعين (١) ، فاشتد به المرض ، وتوفي ليلة أتاه خبر فتحها (٢).

وأخفى الوزير محمد باشا المذكور سابقا خبر موته ، وخلع على كبار العسكر لمقتضى الفتح ، وبعث إلى الأقطار بالبشائر ، وأرسل يستدعي حضرة السلطان سليم خان بن مولانا السلطان سليمان خان من مسيرة ستين يوما (٣) ، وجعل يدبر الأمر إلى أن وصل السلطان سليم خان (٤). فعند ذلك أظهر موت السلطان سليمان خان ، ورجع به إلى القسطنطينية ، وخرج للقائه العلماء والفضلاء (٥).

وصلى عليه (٦) أبو السعود أفندي صاحب التفسير.

__________________

تسمى زيجت على الحدود اليوغسلافية. انظر : القرماني ـ تاريخ سلاطين آل عثمان ١ / ٥١ ، المحامي ـ تاريخ الدولة العلية ٢٥٠ وحاشيتها.

(١) وهو خطأ واضح لأن السلطان سليمان توفي باتفاق المؤرخين سنة ٩٧٤ ه‍. انظر سنة وفاته في : النهروالي ـ الاعلام ٣٢٥ ، العيدروس ـ النور السافر ٢٩٢ ، الغزي ـ الكواكي السائرة ٣ / ١٥٧ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٣٥٧ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٥٢ ، المحامي ـ تاريخ الدولة العلية ٢٥١.

(٢) انظر هذا في : النهروالي ـ الاعلام ٣٢٧ ، أما في القرماني ـ تاريخ سلاطين آل عثمان ١ / ٥١ ، المحامي ـ تاريخ الدولة العلية ٢٥١ أنها فتحت بعد موته بثلاثة أيام.

(٣) في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٩١ : من مسيرة ثلاثة شهور.

(٤) في القرماني ـ تاريخ سلاطين آل عثمان ١ / ٥١ ، والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٩١ ، المحامي ـ تاريخ الدولة العلية ٢٥١ «من كوتاهيه».

(٥) انظر هذه الأخبار في : النهروالي ـ الاعلام ٣٢٤ ـ ٣٢٨ ، ومع بعض الاختلاف في القرماني ـ تاريخ سلاطين آل عثمان ١ / ٥٠ ، ٥١.

(٦) أي على السلطان سليمان.

٤٤٥

ورثاه علماء الروم (١) بالقصائد الفائقة (٢) (بالعربي ، والتركي) (٣) ، ومنهم الأفندي أبو السعود رثاه بقصيدته الرائية التي مطلعها :

أصوت صاعقة أم نفخة الصور (٤)

فالأرض قد ملئت من نقر ناقور (٥)

أصاب منها الورى دهياء داهية (٦)

وذاق منها البرايا صعقة الطور (٧)

وهي تناهز المائة بيت ذكر منها (٨) القطب قطعة مليحة في تاريخه (٩).

ومن ألطف ما أرخ بعد وفاته قول بعضهم :

(السلطان في الجنة) (١٠).

__________________

(١) أي العلماء الأعاجم (الأتراك) سواء منهم من كانوا ينطقون بالتركية أو العربية.

(٢) في (ج) «الحسان».

(٣) ما بين قوسين في (ب) ، (ج) «بالتركية والعربية».

(٤) الصور شيء كالقرن ينفخ فيه أي ينفخ في صور الموتى الأرواح. انظر : الرازي ـ مختار الصحاح ٣٧٣ ، المعجم الوسيط ١ / ٥٢٨.

(٥) ونقر في الناقور : أي نفخ في الصور. انظر : الرازي ـ مختار الصحاح ٦٧٥ ، المعجم الوسيط ٢ / ٩٤٥ أي يوم القيامة.

(٦) الداهية : الأمر العظيم. انظر : الرازي ـ مختار الصحاح ٢١٤.

(٧) الطور : هو الجبل. انظر : الرازي ـ مختار الصحاح. استعار الشاعر المعنى الذي حصل لسيدنا موسى عليه‌السلام عندما طلب رؤية ربه سبحانه وتعالى (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) آية رقم ١٤٣ من سورة الأعراف.

(٨) سقطت من (ج). أي القطب النهروالي.

(٩) النهروالي ـ الاعلام ٣٢٨ ـ ٣٣٠ ، وانظر أيضا : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٩٢ ـ ٩٤.

(١٠) وجملة «السلطان في الجنة» هي التاريخ وتقابل بحساب الجمل عام ٣٤٠ ه‍ وهو خطأ.

٤٤٦

وقال آخر : (جنات الخلد له مسكن) (١).

وأرخه ماميه الانكشاري (٢) بقوله :

انتقل العاقل (٣) من دنيته

وجاور الرحمن والمولى الكريم

وقالت الأقطار (٤) في تاريخه

ومات سليمان بن سلطان سليم (٥)

[وله أيضا](٦) :

قلت لما سألوا تاريخه

رحمة الله عليه واسعة (٧)

[من خيرات السلطان سليمان القانوني بمكة]

ومن خيراته :

__________________

(١) وجلة «جنات الخلد له مسكن» لم أتمكن من قراءتها في (أ) والاثبات من (ب) ، (ج). وهي التاريخ وتقابل بحساب الجمل عام ١٣٢٢ ه‍ وهو خطأ.

(٢) هو : محمد بن أحمد بن عبد الله المعروف بمامية الرومي ، فهو رومي الأصل ، ولد في استانبول سنة ٩٣٠ ه‍ ونشأ في دمشق ، صار ينكرجيا ثم عزل ، فتولى الترجمة في بعض المحاكم ، حج سنة ٩٦٠ ه‍ في زمرة الينكرجية ، شاعر مشهور زجال ، اشتهر بموشحات وأزجال ، له ديوان شعر. توفي في دمشق سنة ٩٨٨ ه‍. انظر : الغزي ـ الكواكب السائرة ١ / ٥٠ ، ٥١ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٤١٣ ، ٤١٤ ، الزركلي ـ الأعلام ٦ / ٧.

(٣) في العيدروس ـ النور السافر ٢٩٢ «العادل».

(٤) في (ب) ، (ج) «قلت للأقطار» ، وفي العيدروس ـ النور السافر ٢٩٢ «الأقطاب».

(٥) والشطر : «مات سليمان بن سلطان سليم» هو التاريخ ويقابل بحساب الجمل عام ٩٦٤ ه‍ وهو خطأ.

(٦) ما بين حاصرتين زيادة من (ج).

(٧) والشطر : «رحمة الله عليه واسعة» هو التاريخ ويقابل بحساب الجمل عام ٩٧٦ ه‍ وهو قريب.

٤٤٧

ـ تضعيف الصدقات الرومية ، فكان يرسل لأهل مكة كل سنة نحو ثمانية عشر ألف دينار أشرفي (١) أحمر. ـ واشترى (٢) بمصر قرى أضافها إلى خيرات الحرمين ، يجلب لهم من غلالها الحب ثلاثة آلاف إردب مضافا لما أرسله السلطان سليم (٣) وهو مستمر إلى الآن (٤).

ومن خيراته :

ـ صدقة الجوالي تؤخذ من أهل الذمة (٥) بمصر ، وهي أحل مال إن أخذت على الوجه المشروع ، وكانت ترد زمن الجراكسة إلا أنها

__________________

(١) في (أ) ، (د) «أشريفي» ، والاثبات من (ب) ، (ج). انظر هذه الصدقة في : النهروالي ـ الاعلام ٣٣١ ، ٣٣ ، إلا أنه لم يذكر مقدارها ، وفي القطبي ـ اعلام العلماء ١٠٩.

(٢) في النهروالي ـ الاعلام ٣٣٢ ، القطبي ـ اعلام العلماء ص ١٠٩ : ومنها صدقة الحب. وهو الأصح إلا أن السنجاري خلط بين الصدقتين.

(٣) سقطت من (ب) ، (ج). أي سليم الأول.

(٤) أي زمن المؤلف. في النهروالي ـ الاعلام ٣٣٢ : أن السلطان سليم خان الأول أول من تصدق بإرسال الحب ، واستمرت إلى زمن سليمان وكانت ترسل من أنبار الخاص السلطاني ، فأفرد لها سليمان قرى بمصر اشتراها من بيت مال المسلمين ووقفها وجعل غلتها لأهل الحرمين ألفا وخمسمائة اردب بالكيل المصري لأهل مكة ، وخمسة آلاف اردب لأهل المدينة ، ثم ضاعفها وجعل في كل عام ثلاثة آلاف اردب لأهل مكة ، وألفي اردب لأهل المدينة. وانظر أيضا هذا في : النهروالي ـ الاعلام ١٠٩ وفيه : ثلاثة آلاف اردب لمكة ، وخمسة آلاف اردب لأهل المدينة.

(٥) الذمي : هو غير المسلم يقيم في الدولة الاسلامية معدودا من رعاياها ، له حقوق وعليه واجبات ، وسمي ذميا لأنه بإقامته في الدولة الإسلاية تعاقد مع المسلمين على حمايته ، فله ذمتهم مقابل دفع الجزية ، وقد منح هؤلاء الذميون في الإسلام الحرية الدينية فيتعبدون ويفعلون ما يأمر به دينهم وإن كان مخالفا للدين الإسلامي. انظر : الموسوعة العربية الميسرة ٨٤٦.

٤٤٨

ضعيفة ، فتزايدت في زمنه إلى أن بلغت نحو ستة آلاف دينار إلى غير ذلك من جوالي الشام ، وحلب وغير ذلك (١) ـ رحمه‌الله تعالى ـ.

ورأيت في بعض التعاليق ما نصه : «وجد بخط السلطان سليمان خان صورة كتاب إلى صاحب مكة بعد البسملة : أما بعد : فإن الحسنة في نفسها حسنة ، وهي من (٢) بيت النبوة أحسن. والسيئة في نفسها سيئة ، وهي من بيت النبوة أشين. وقد بلغنا عنك أيها السيد الجليل بأنك بدلت الأمان بالخيفة ، وفعلت فعلا تحمر منه الوجوه ، وتسودّ [منه](٣) الصحيفة ، فلا تفعل القبيح ، وجدك الحسن ، ولا تضيع الفرض ، ومن أبيك (٤) عرفت الفروض والسنن. فكيف آويت المجرم؟! وسفكت دم المحرم؟! (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)(٥).

فإن لم تقف عند حدّك أغمدنا فيك سيف جدك!. والسلام».

فكتب الجواب (٦) : «العبد معترف بذنبه تائب إلى ربه ، فإن

__________________

(١) انظر هذا الخير والخيرات الأخرى في : النهروالي ـ الاعلام ٣٣٣ ، ٣٣٤ إلا أنه لم يذكر مقدار صدقة الجوالي ، وفي القطبي ـ اعلام العلماء ص ١٠٩. هذا وقد أشار المؤلف سابقا إلى هذه الصدقة أيام السلطان سليم خان الأول وأنها كانت ضعيفة في عصر الجراكسة وتضاعفت في عصره.

(٢) أضاف ناسخ (ب) «بعض».

(٣) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (ج).

(٤) أي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. مع أن الله سبحانه وتعالى يقول : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ.) سورة الأحزاب آية ٤٠.

(٥) سورة الحج آية ١٨.

(٦) أي الشريف ، وقد سبق أن ورد ذكر هذا الخطاب.

٤٤٩

أخذت فحقك الأقوى ، وإن تعفو فهو أقرب للتقوى ، والسلام».

قلت : ولم يذكر اسم (١) صاحب مكة. كذا رأيته.

ثم رأيت في فضائل آل عثمان للشيخ مرعي الحنبلي هذا الكتاب (٢) ، وذكر أن السلطان بيبرس كتبه إلى صاحب مكة (الشريف أبي نمي بن أبي سعد) (٣) ـ والله أعلم (٤) ـ.

[سلطنة السلطان سليم خان بن سليمان خان]

فتولى ابنه السلطان الأعظم والخاقان الأكرم سليم خان (٥) بن المبرور

__________________

(١) سقطت من (ب) ، (ج).

(٢) أي الخطاب السابق الذكر.

(٣) ما بين قوسين سقط من (ب).

(٤) هذا وقد ذكر المؤلف هذا الخطاب في ورقة ١٦١ / أأثناء حديثه عن الشريف محمد أبي نمي بن حسن ، وخلط بينه وبين جده الأكبر أبي نمي أبي سعد.

(٥) هو السلطان الغازي سليم خان الثاني بن السلطان سليمان خان بن سليم خان ، وأمه رو كسلان الروسية ، سلطان الدولة العثمانية ٩٧٤ ـ ٩٨٢ ه‍ وهو أول سلطان توفي بالقسطنطينية ، وكذلك أول سلطان صلي عليه فيها بدار السعادة سنة ٩٨٢ ه‍. له خيرات كثيرة في مكة والمدينة منها : عمارة المسجد الحرام ، وتضعيف صدقة الحب. ومن أكبر غزواته فتح جزيرة قبرص. كان سلطانا كريما رؤوفا بالرعية رحيما محبا للعلماء. انظر : النهروالي ـ الاعلام ٣٥٥ ـ ٣٩٩ ، القطبي ـ اعلام العلماء ١١٩ ـ ١٢٢ ، القرماني ـ تاريخ سلاطين آل عثمان ١ / ٥٢ ـ ٧٥ ، الغزي ـ الكواكب السائرة ٣ / ١٥٦ ، ١٥٧ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٣٩٦ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٩٤ ـ ٩٧ ، الشوكاني ـ البدر الطالع ١ / ٢٦٧ ، إبراهيم حليم (توفي بعد ١٣٢٢ ه‍) ـ تاريخ الدولة العثمانية العلية المعروف بكتاب التحفة الحليمية في تاريخ الدولة العلية ـ ط ١ ـ مؤسسة الكتاب الثقافية ـ بيروت ـ لبنان ١٤٠٨ ه‍ / ١٩٨٨ م ص ٩٧ ـ ١٠٢ ، المحامي ـ تاريخ الدولة العلية ٢٥٣ ـ ٢٥٨.

٤٥٠

مولانا سليمان خان. ومولده سنة ٩٢٩ (١) تسعمائة وتسع وعشرين. وجلس على تخت السلطنة يوم الاثنين لتسع مضين من شهر ربيع الآخر (٢) سنة ٩٧٤ تسعمائة وأربع وسبعين (٣).

وأرخ عام جلوسه على التخت إبراهيم أفندي المبلط (٤) بقوله ، وهو من المطربات :

تهنّ مليك العصر وابن مليكه

بعزّ وإقبال ونصر وإمكان

ودولة ملك قلت فيها مؤرخا

سليم تولى الملك بعد سليمان (٥)

__________________

(١) في (ب) أثبت الناسخ التاريخ في المتن رقما سنة ٩٣٩ وهو خطأ ، ثم أثبته كتابة» تسعمائة وتسعة وعشرين» وهو ما أثبته المؤلف وناسخ (ج) أيضا. وانظر سنة مولده في : النهروالي ـ الاعلام ٣٥٥ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٣٩٦ ، الشوكاني ـ البدر الطالع ١ / ٢٦٧. أما في القرماني ـ تاريخ سلاطين آل عثمان ١ / ٥٧ ، إبراهيم حليم ـ التحفة الحليمية ٩٧ ، والمحامي ـ تاريخ الدولة العلية ٢٥٣ فذكروا أن ولادته كانت في رجب سنة ٩٣٠ ه‍.

(٢) انظر تاريخ جلوسه هذا في : النهروالي ـ الاعلام ٣٥٥ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٣٩٦. أما في المحامي ـ تاريخ الدولة العلية ٢٥٣ فذكر أن جلوسه كان في ٩ ربيع الأول.

(٣) في (ب) ، (ج) «تسعمائة وأربعة وثمانين» وهو خطأ.

(٤) هو إبراهيم بن المبلط القاهري برهان الدين شاعر القاهرة ، اختلف في سنة وفاته ، فقال الغزي كان موجودا سنة ٩٩١ ه‍ ، أما ابن العماد الحنبلي فذكره مرة ضمن وفيات سنة ٩٨٤ ه‍ والأخرى ضمن وفيات سنة ٩٩١ ه‍ ، كان فاضلا أديبا شاعرا. انظر : الغزي ـ الكواكب السائرة ٣ / ٩٢ ، ٩٣ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٢٧٢ ، ٤٢٤.

(٥) والشطر : «سليم تولى الملك بعد سليمان» هو التاريخ ويقابل بحساب الجمل عام ٩٧٤ ه‍ وهو صحيح.

٤٥١

(وورد خبر وفاته (١) إلى مكة (٢) يوم الخميس الثامن (٣) من (٤) [شهر](٥) جمادى الأول سنة ٩٧٤ تسعمائة وأربع وسبعين (٦).

فخطب الخطيب يوم الجمعة ودعا لمولانا السلطان سليم خان ، وكان الخطيب الإمام أبو حامد البخاري (٧) فأمره الأتراك من أعيان الدولة أن يذكر في آخر الخطبة ما نصه :

«اللهم وجدد نصر الإسلام والمسلمين وشيد أركان قوائم الدين المتين (٨) ببقاء من جددت (٩) به أمر الخلافة العظمى وشرفت بمقدمه تخت السلطنة والملك الأسمى ..» إلى آخر ما يدعو به في المنبر (١٠).

وصلوا عليه صلاة الغائب يوم الثلاثاء الثالث عشر من جمادى الأولى وحضر مولانا الشريف حسن والأشراف وأعيان الدولة الأتراك وأعيان الفقهاء ، وصلى عليه القاضي حسين المالكي بعد أن ذكروا مناقبه بأعلى

__________________

(١) أي السلطان سليمان.

(٢) أضاف ناسخ (ج) «ظهر» وهو خطأ.

(٣) في (ب) ، (ج) «لثاني» وهو خطأ.

(٤) سقطت من (ب) ، (ج).

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من بقية النسخ.

(٦) في (ج) «٩٨٤» وهو خطأ. وفي (د) «تسعمائة وأربعة وثمانين» وهو خطأ. وانظر هذا الخبر في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٥٢.

(٧) في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٥٣ «النجاري».

(٨) في (ب) «المبين» وسقطت من (ج).

(٩) في (ج) «جدد».

(١٠) انظر هذا وباقي الخطبة في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٥٣ ، ٣٥٤.

٤٥٢

زمزم (١) ـ رحمه‌الله تعالى ـ.

[وفاة محمد بيك معمار العين]

(نرجع لذكر) (٢) عمارة العين (٣) فنقول :

ولما توفي الدفتردار (٤) معمار العين كما تقدم ذلك في سنة ٩٧٤ تسعمائة وأربع وسبعين ، (فجعل مولانا الشريف محله / قاسم بيك (٥) صاحب جدة) (٦) ، فبذل مجهوده. وعرض إلى الأبواب [السلطانية](٧) بنعي المذكور.

فعين حضرة السلطان سليم خان لذلك دفتردار (٨) مصر محمد بيك أكمل زاده (٩).

__________________

(١) في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٥٤ أن الذي ذكر ذلك هو ريس المؤذنين.

(٢) ما بين قوسين بياض في (د).

(٣) أي عين عرفة.

(٤) في (د) «الدفتردار». أي إبراهيم باشا بن تغري وردي المهمندار.

(٥) سنجق جدة والمتولي عمارة المدارس السليمانية الأربعة في مكة.

(٦) ما بين قوسين ورد في (ج) «فجعل مولنا الشريف محمد قام بيك صاحب جدة في محله» وهو خطأ.

(٧) ما بين حاصرتين زيادة من (ج).

(٨) في (د) «دفترار».

(٩) في النهروالي ـ الاعلام ٣٤٧ جاء اسمه محمد بيك أكمك جي زاده ، وفي القطبي ـ اعلام العلماء ١١٢ محمد بيك أكملجي زاده ، وفي العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٨ «محمد بيك يكمكجي زاده».

٤٥٣

فوصل مكة ولاقاه الشريف (١) بالاعزاز والإكرام. فشرع في إتمام العمل. ولم يزل إلى أن توفي (٢) ليلة الثلاثاء لأربع بقين من جمادى الأولى سنة ٩٧٦ تسعمائة وست وسبعين. وصلي عليه تجاه الكعبة (٣). ودفن بالمعلاة تجاه تربة الدفتردار الأول (٤). وبني عليه طاجن (٥) بأربعة بتر (٦).

وأرخ وفاته شيخ مشايخنا الشيخ عبد الرؤوف (٧) الواعظ المكي بقوله :

يا أميرا ثوى بأكرم معهد

ولرضوان (٨) ربه صار يشهد

نم هنيئا في ظل رب كريم

وحماه فنعم ذلك (٩) مرقد

__________________

(١) أي حسن بن أبي نمي.

(٢) ذكر النهروالي في كتابه الاعلام ص ٣٤٧ «أنه مات بمرض الاسهال.»

(٣) في النهروالي ـ الاعلام ٣٤٧ «عند باب الكعبة».

(٤) في النهروالي ـ الاعلام ٣٤٧ ، والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٨ «على يسار الذاهب إلى الأبطح». هذا وانظر خبر موته وسنته في المصدرين السابقين.

(٥) جاء في المعجم الوسيط ٢ / ٥٥١ : الطاجن : هو القلى وصفحة من صحاف الطعام مستديرة عالية الجوانب تتخذ من الفخار ، وينضج فيها الطعام في الفرن. أي أنها قبة لا رأس لها من الخارج تشبه الطاجن. انظر : المعجم الوسيط ٢ / ٥٥١ ، القطبي ـ اعلام العلماء حاشية ص ١٣٠.

(٦) البتر : هي قوائم مبنية. انظر : ابراهيم رفعت ـ مرآة الحرمين ١ / ٢٤٩.

(٧) ذكره مرداد أبو الخير ضمن شيوخ صفي الدين الكيلاني المتوفى سنة ١٠١٦ ه‍ بقوله : «أخذ بمكة المشرفة عن العلامة عبد الرؤوف المكي عدة علوم ... وروى عنه كثير من الأسانيد». المختصر من نشر النور والزهر ٢٢١.

(٨) في (ب) «لرضوانه».

(٩) في (أ) ، (ج) «ذاك» والاثبات من (ب) ، (د) ، يستقيم به الوزن.

٤٥٤

وإذا قيل أرخ الموت قلنا

خالدا بالجنان (١) أمسى محمد (٢)

واقعة [غريبة](٣) [في مفتاح الكعبة]

في سنة ٩٩٦ تسعمائة وست وتسعين (٤) :

لثلاث بقين من رمضان فتح الشيخ عبد الواحد الشيي الكعبة المشرفة للنساء على جري العادة ، فسرق من حجره مفتاح الكعبة ، وهو مصفح بالذهب (٥).

فوقعت الضجة ، وأغلقت أبواب الحرم ، وفتشت الناس ، فلم يظفروا به.

ثم وجده سنان باشا (٦) باليمن مع رجل أعجمي ، فأخذه ، وقرره ، وكبس داره ، فوجد عنده المفتاح ، وغيره من سرقات أقرّ بها ، فقطع

__________________

(١) في (ب) مطموسة ، وفي (د) «بالجناب» وهو خطأ.

(٢) والشطر «خالدا بالجنان أمسى محمد» هو التاريخ بحساب الجمل عام ٩٧٦ ه‍ وهو الصحيح.

(٣) ما بين حاصرتين زيادة من (ج).

(٤) ذكر المؤلف هذه الحادثة سابقا.

(٥) ذكر ناسخ (ج) على حاشية المخطوط اليمنى لصفحة ١١٢ ما نصه : «وذكرها في حوادث سنة ٩٩٦» إلا أن الناسخ أخطأ في سنة الورود الأولى.

(٦) هو سنان باشا قجا ، أول نواب السلطان سليم بن السلطان سليمان ، تولى مصر سنة ٩٧٥ ه‍ ثم عزل عنها سنة ٩٧٦ ه‍ ، وجه بعدها لفتح اليمن ، عاد بعدها إلى الديار الرومية حيث عاد لولاية مصر سنة ٩٧٩ ه‍ ، استمر فيها إلى شهر جمادى الآخر سنة ٩٨٠ ه‍. انظر : الشلبي ـ أوضح الاشارات ١١٦ ـ ١١٨.

٤٥٥

رأسه ، وأعاد المفتاح إلى الشيخ عبد الواحد (١).

[إتمام بناء المدارس السليمانية وعمارة عين عرفات]

رجع (٢) : فلما توفي محمد بيك أكمل زاده الدفتردار (٣) المذكور أقام صاحب مكة الشريف حسن مقامه قاسم بيك صاحب جدة المقام أولا وعرض إلى الأبواب العالية (٤).

فبرز الأمر باستقرار (٥) قاسم بيك (٦) المذكور (٧) ، وأن يكون ناظرا عليه مدبر الدولة الحسنية ، وانسان عين الإنسانية القاضي حسين المالكي (٨).

__________________

(١) انظر هذه الحادثة في : ابن المحب الطبري ـ اتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ٩٩٦ ه‍ ، زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٥٧ ، ٥٨.

(٢) بياض في (د).

(٣) في (د) «الدفتردار». ورد اسمه في النهروالي ـ الاعلام ص ٣٤٨ «محمد بك أمك جي زاده» ، وفي القطبي ـ اعلام العلماء «محمد بيك أكملجي زاده» ، وفي العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٨ «محمد بك يكمكجي زاده».

(٤) انظر هذه في النهروالي ـ الاعلام ٣٤٨ ، أما في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٨ : أن القاضي حسين المالكي هو الذي أرجعه وعرض ذلك إلى الأبواب.

(٥) في (ج) «باستمرار».

(٦) أضاف ناسخا (ب) ، (ج) «صاحب جدة».

(٧) في النهروالي ـ الاعلام ٣٤٨ ، والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٨ «أمينا على مصارفها».

(٨) في النهروالي ـ الاعلام ٣٤٨ : أن يكون القاضي حسين ناظرا على ما بقي من عمل هذه العين إلى أن تصل إلى مكة. وفي العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٨٨ : إلى أن يصل إلى عرفات.

٤٥٦

ثم إن قاسم بيك أتم عمارة المدارس ، وجعل فيها منارة ، ورتب فيها المدرسين على الوجه السابق.

وكان تمام ذلك سنة ٩٧٧ تسعمائة وسبع وسبعين (١).

ثم التفت إلى عمارة العين (٢) ، فما برح أن / لحق بصاحبيه (٣) ، فتوفي سنة ٩٧٩ تسعمائة وتسع وسبعين ، وصلي عليه تجاه الكعبة ، ودفن بالمعلاة إلى جانب محمد بيك الدفتردار (٤).

فتوجه إلى تلك (٥) العمارة القاضي حسين بموجب نظره المنوط به (٦) من جهة السلطنة ، فساعدته السعادة والاقبال ، وأسعفه (٧) الله بما عجز عنه الرجال (٨) ، فدخلت العين حين باشرها في أقل من خمسة أشهر بعد

__________________

(١) لم يثبت هذا التاريخ كلّ من النهروالي في كتابه الاعلام ، والقطبي في كتابه اعلام العلماء ، والعصامي في كتابه سمط النجوم العوالي. هذا وقد أثبت ناسخ (ج) في المتن صفحة ١١٢ بعدها ما نصه : «قال كاتبه أبو الفيض والاسعاد : والمدرسة السليمانية المذكورة وكذا المنارة التي بها باقية إلى عصرنا هذا وهي منارة المحكمة الشرعية ، والله أعلم». قلت : وهي غير موجودة في وقتنا الحاضر لدخولها في توسعة الحرم الشريف.

(٢) أي عين عرفات.

(٣) في (د) «بصاحبه» وهو خطأ. أي الدفتردار إبراهيم بن تغري وردي ، والدفتردار محمد بيك أكمك جي زادة أو أكملجي أو يكمكجي.

(٤) في (د) «الدفتدار». انظر خبر موته وتاريخه في : النهروالي ـ الاعلام ٣٤٨ ، القطبي ـ اعلام العلماء ١١٣ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٨٨.

(٥) سقطت من بقية النسخ.

(٦) سقطت من (د).

(٧) في (ج) «فأسعفه» ، وفي (د) «وساعفه».

(٨) وذلك نتيجة المجهود الجبار الذي قام به الدفتردار إبراهيم ومن بعده الدفتردار محمد بيك ، فما قام به أو حصل على يديه هو نتاج ذلك الجهد المرير.

٤٥٧

بذل الجهد من الأمراء المتقدمين (١). فجرت العين ، ودخلت مكة لعشر بقين من ذي القعدة (٢) من السنة المذكورة (٣).

وكان يوم دخولها يوم عيد أكبر ، وعمل مولانا القاضي حسين أسمطة عظيمة في الأبطح (ببستانه الأفيح) (٤) وجمع جميع الأعيان في ذلك المكان ، ونصب لهم الخيام ، ونحر الابل ، وذبح البقر والأغنام ، وخلع على المهندسين والمعلمين على اختلاف طبقاتهم ، وتصدق بمال عظيم (٥) ، وما أحسن قول بعض الأعيان ، وهو الشيخ جمال الدين بن إسماعيل العصامي المكي (٦) مخاطبا له في هذا اليوم الذي عم سروره القوم :

__________________

(١) في النهروالي ـ الاعلام ٣٤ ، والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٨ «عشرة أعوام».

(٢) في القطبي ـ اعلام العلماء ١١٣ «في ذي الحجة».

(٣) أي سنة ٩٧٩ ه‍.

(٤) في (ب) ، (ج) «ببستان الأفج».

(٥) انظر هذه الأحداث في : النهروالي ـ الاعلام ٣٤٨ ، ٣٤٩ ، والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٨.

(٦) هو جمال الدين بن إسماعيل صدر الدين بن إبراهيم عصام الدين الاسفرايني الشافعي المكي ، نشأ بمكة بين تهامة ونجد ، علامة ، هو جد المؤلف عبد الملك صاحب كتاب سمط النجوم العوالي في أخبار الأوائل والتوالي. انظر : الشهاب الخفاجي ـ ريحانة الألباء ١ / ٤١٧ ـ ٤١٩ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٤ ، ٤٢٠ ، أبو الخير مرداد ـ مختصر نشر النور والزهر ١٥٩ ، ١٦٠ ، وفيه : هو والد عبد الملك الآتية ترجمته في حرف العين ، ويعني يهه المؤرخ الحفيد وهو توهم وقع فيه. والزركلي ـ الأعلام ٤ / ١٥٧ ، ١٥٨ من ترجمة ولده وحفيده.

٤٥٨

أقضى القضاة الحسين أغنى

(سكان أم القرى) (١) بعينه

وجاء بالعين بعد يأس (٢)

فشكره واجب لعينه

ثم جهز البشارات إلى الأبواب السلطانية ، فأتته الترقيات ، والأحكام (٣) ، وأثنت عليه بألسنة الأقلام.

وجعلت للمدرسة المالكية (٤) وكانت بيده ، ثمانمائة عثماني.

هذا آخر حديث العين (٥). وهي منقبة (٦) اشترك فيها السلطان سليم مع أبيه ـ رحمهما‌الله تعالى وجعل احسانه عليهما يتوالى ـ.

وجملة ما صرف على ذلك كما رأيته بخط بعض الأفاضل خمسة لكوك (٧) وسبعة آلاف دينار (٨) ، وذلك غير ما صرف على

__________________

(١) ما بين قوسين ورد في (ج) «جميع سكان القرى». وفي (ب) «سكان القرى».

(٢) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «بأس».

(٣) في النهروالي ـ الاعلام ٣٥٠ ، والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٩ «والانعامات».

(٤) وهي إحدى المدارس الأربعة التي بناها السلطان سليمان خان القانوني ، وموقعها حسب ما ذكر العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٩ الأولى مما يلي باب الزيادة.

(٥) سقطت من (ب). أي عين عرفات. ورد هذا الخبر في النهروالي ـ الاعلام ٣٥٠ «فصارت مدرسته السلطانية السليمانية بمائة عثماني ، وما عهد ذلك لأحد من الموالي العظام في مدارسهم». وانظر هذا في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٩.

(٦) في (ب) ، (ج) «منفعة».

(٧) لكوك : عرفه السباعي في كتابه تاريخ مكة ٢ / ٤١٣ حاشية فقال : «اللك رقم يستعمل في الهند ، ومقداره مائة ألف». وبذلك يكون إجمالي الانفاق عليها (٠٠٠ ، ٥٠٧ دينار). وانظر مقدار النفقة على ذلك في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٨ / ٨٩.

(٨) أضاف العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٨٩ «ذهب أحمر جديد».

٤٥٩

إحضار (١) أرباب الصناعات من الحدادين ، والحجارين ، والقطاعين ، وغيرهم.

[غلاء عام ٩٧٨ ه‍ بمكة المكرمة]

رجع (٢) لذكر حوادث سنة ٩٧٨ تسعمائة وثمان وسبعين /.

فيها اشتد الغلاء بمكة حتى أكلت الموتى ، والدواب (٣) ، فجعل القاضي حسين على أصحاب الأموال بعض توظيف للفقراء. ثم لطف الله ـ سبحانه وتعالى ـ برحمته.

[من خيرات السلطان سليم بن سليمان بمكة المكرمة]

ومن خيرات السلطان الأعظم سليم خان :

ـ زيادة صدقة الحب ، فإنه خرج أمره أن يزاد ثلاثة آلاف في حب (٤) الدشيشة (٥) السليمانية بمكة (٦).

وكان يهدي إلى بعض أهل مكة كساوي ، كالقاضي ، والمفتي ،

__________________

(١) سقطت من (د).

(٢) بياض في (د).

(٣) هذه من أنواع المبالغات التي يعمد إليها المؤرخون لبيان شدة وقسوة الحالة الاقتصادية التي تتعرض لها أي منطقة حاصرها الغلاء.

(٤) سقطت من (ب) ، (ج).

(٥) جاء في المعجم الوسيط ١ / ٢٨٤ : الدشيشة طعام رقيق يصنع من القمح المدقوق. وتقع هذه الدشيشة التي يصنع فيها هذا الطعام في سوق المعلاة كما سيشير إلى ذلك السنجاري فيما بعد في نهاية الخبر. وبقيت هذه الدشيشة إلى عصر عبد الستار الدهلوي ناسخ (ج) ، وعرفت في عصره بالشونة السلطانية. انظر ص ١١٥ من هذا الكتاب من نسخة (ج). قلت : وهي غير موجودة في عصرنا الحاضر.

(٦) انظر هذا الخبر في : النهروالي ـ الاعلام ٣٨٨ ، ٣٨٩.

٤٦٠