منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٣

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٣

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتورة ماجدة فيصل زكريا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٦٥٦

ونقلت من كتاب الكواكب السائرة في أخبار المائة العاشرة (١) لشيخ مشايخنا النجم الغزي (٢) قال : «أخبرني (والدي (٣) قال : أخبرني) (٤) العلامة السيد عبد الرحيم العباسي الرومي (٥) قال : لما توفي

__________________

(١) انظر : الغزي ـ الكواكب السائرة ٢ / ١٦٣.

(٢) هو محمد بن محمد بن محمد (٩٧٧ ـ ١٠٦١ ه‍) الغزي ، العامري ، القرشي ، الدمشقي الشافعي ، نجم الدين أبو السعود ، وأبو المكارم ، ولد بدمشق وتوفي فيها ، محدث ومسند ومؤرخ وأديب ونحوي ومشارك في بعض العلوم. له عدة مصنفات منها : الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة. انظر : المحبي ـ خلاصة الأثر ٤ / ١٨٩ ـ ٢٠٠ ، البغدادي ـ هدية العارفين ٢ / ٣٣٧ ، إيضاح المكنون ١ / ٢٢ ، ١٩٤ ، ٢٠٢ ، ٢٥٣ ، الزركلي ـ الأعلام ٧ / ٦٣ ، كحالة ـ معجم المؤلفين ١١ / ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، جبرائيل جبور ـ مقدمة الكواكب السائرة.

(٣) هو محمد بن محمد بن محمد (٩٠٤ ـ ٩٨٤ ه‍) القرشي العامري الغزي الدمشقي الشافعي أبو البركات وأبو الجود ، بدر الدين ، فقيه ، ولد بدمشق وتوفي فيها. فقيه ومفسر ومحدث وأصولي وأديب ومقرئ. انظر : الغزي ـ الكواكب السائرة ٣ / ٣ ـ ١٠ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٩ / ٤٠٣ ـ ٤٠٦ ، الشوكاني ـ البدر الطالع ٢ / ٢٥٢ وفيه توفي سنة ٩٨٥ ه‍ ، الزركلي ـ الأعلام ٧ / ٥٩ ، كحالة ـ معجم المؤلفين ١١ / ٢٧٠ ، ٢٧١.

(٤) ما بين قوسين سقط من (ب) ، (ج).

(٥) هو عبد الرحيم بن أحمد (٨٦٧ ـ ٩٦٣ ه‍) : العباسي القاهري ثم الاسلام بولي ، أبو الفتح بدر الدين ، ولد بالقاهرة وأخذ من علمائها ، دخل القسطنطينية في عهد السلطان بايزيد فأهداه شرحه على البخاري فعرض عليه السلطان جائزة سنية ، ومدرسته التي بناها بالقسطنطينية ليقرئ فيها الحديث فرفض ثم عاد إليها بعد انقراض دولة الجراكسة فعين له خمسون عثمانيا كل يوم. كانت له يد طولى وسند عال في علم الحديث وله مشاركات في علوم أخرى. انظر : الغزي ـ الكواكب السائرة ٢ / ١٦١ ـ ١٦٥ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٣٣٥ ، ٣٣٦.

٢٤١

السلطان سليم خان ، وأخفي موته إلى أن يحضر (١) ولده ، رأيت في المنام كأن منشدا ينشد ، ويقول :

قل لشياطين (٢) البغاة اخسئوا

قد ولي (٣) الملك سليمان

وكان تصديق ذلك ولاية السلطان سليمان خان ، وما أبان من الجهاد للبغاة وحسن سيرته (٤).

وقد أفرد ترجمته العلامة المحب جار الله بن فهد (٥) في مؤلف سماه الخيرات الحسان في ترجمة السلطان سليمان خان نقل عنه شيخ مشايخنا

__________________

(١) في (ج) «حضر».

(٢) في (ب) «للشياطين».

(٣) في الغزي ـ الكواكب السائرة ٢ / ١٦٣ «أوتي».

(٤) هذا وقد ورد هذا الخبر في : العيدروس ـ النور السافر ٢٩٣ بشكل مخالف لما ورد. قال : «وحكي أنه لما مات السلطان سليم ، وتولى ولده سليمان سمع قائلا يقول :

قل لشياطين البغاة اخسأوا

قد أوتي الملك سليمان

(٥) هو محمد المعروف بجار الله (٨٩١ ـ ٩٥٤ ه‍) ابن عبد العزيز بن عمر بن محمد بن فهد ، المكي الهاشمي الشافعي ، أبو الفضل ، محب الدين جار الله من سلالة محمد ابن الحنفية ، مؤرخ ومحدث وحافظ من أهل مكة فيها ولد ومات ، رحل إلى الشام ومصر واليمن في طلب العلم. ألف عدة مصنفات منها :

١. الجواهر الحسان في مناقب السلطان سليمان بن عثمان.

٢. تحفة اللطائف في فضائل الحبر ابن عباس ووج والطائف.

٣. التحفة اللطيفة في أنباء المسجد الحرام والكعبة الشريفة.

انظر : العز بن فهد ـ غاية المرام ٣ / ٢٣٥ وفيه ولدي محمد محب الدين المدعو جار الله بن فهد ، حاجي خليفة ـ كشف الظنون ١ / ٣٠٦ ، ٣٧٢ ، ٣٧٣ ، الزركلي ـ الأعلام ٦ / ٢٠٩ ، وفيهما محمد. أما في : العيدروس ـ النور السافر ٢٤١ ، ٢٤٢ ، الغزي ـ الكواكب السائرة ٢ / ١٣١ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٩ / ٣٠١ ، كحالة ـ معجم المؤلفين ٣ / ١٠٧ ، فورد اسمه فيها : جار الله بن عبد العزيز.

٢٤٢

الشيخ محمد بن علان (١) ـ ولم أقف عليه (٢) ـ ومولد صاحب (٣) الترجمة (٤) سنة ٩٠٩ تسعمائة وتسع (٥) ، وجلس على (٦) تخت الملك العثماني سنة ٩٢٦ تسعمائة وست وعشرين (٧) ، ولما أن جلس على (٨) تخت السلطنة ، أرسل بالتأييد لصاحب مكة الشريف بركات بن محمد ، وابنه السيد أبي نمي (٩).

[وفاة الشريف بركات سنة ٩٣١ ه‍]

فاستمر الشريف بركات (١٠) إلى أن توفي ليلة الأربعاء الرابع عشر من (١١) ذي القعدة (١٢) سنة ٩٣١ تسعمائة وإحدى

__________________

(١) هو محمد علي بن محمد علان. وهو الأصح ، وقد سبق التعريف به ومواضع ترجمته وكتبه.

(٢) في (ب) «عليهم». وهو خطأ.

(٣) في (ج) «صاحبه». والاثبات من (ب) ، (د).

(٤) سقطت من (ب) ، (ج). والاثبات من (د).

(٥) في (ب) ، (ج) ، (د) «تسعة». في النهروالي ـ الاعلام ٢٩١ ، القرماني ـ تاريخ سلاطين آل عثمان ١ / ٤٠ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٩ / ٣٧٦ ، سرهنك ـ تاريخ الدولة العثمانية ٧٥ : أن ولادته كانت سنة ٩٠٠ ه‍.

(٦) أضاف ناسخ (ج) «سرير».

(٧) انظر هذا الخبر في المصادر والمراجع الواردة في هامش رقم (قبل السابق).

(٨) في (ب) ، (ج) «في». والاثبات من (د).

(٩) انظر هذا الخبر في : زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٥٣.

(١٠) سقطت من (ج).

(١١) في (ج) ، (د) «عشر».

(١٢) هكذا في (أ) وفي بقية النسخ» الحجة». وهو خطأ.

٢٤٣

وثلاثين بمكة (١) ، وصلي عليه تجاه الكعبة ، وطيف به سبعا (٢) ، ودفن بالمعلاة ، وبني عليه قبة ، وله من العمر (إحدى وسبعون) (٣) سنة وأعقب من الأولاد ثقبة (٤) ، وأبا القاسم ، وحازما (٥) ، وواصلا ، وسندا ، وعليا ، وأبا نمي ـ واسمه محمد ، ولقبه نجم الدين (٦) ـ.

__________________

(١) انظر خبر وفاته في : الشلي ـ السنا الباهر أخبار سنة ٩٣١ ه‍ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٩٢. أما في : العيدروس ـ النور السافر ١٥٢ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٩ / ١٧٢ فذكرا أن وفاته كانت سنة ٩٣٠ ه‍.

(٢) على عادة الأشراف وهي من البدع التي استحدثت في تلك الفترة ، أشار إليها المؤلف من قول ابن الضياء الحنفي فيما بعد ، كما أشار إلى زوال هذه البدعة.

(٣) ما بين قوسين في (أ) «أحد وسبعين» ، وفي (ب) «واحد وسبعون» ، وفي (د) «أحدا وسبعين». والاثبات من (ج). وانظر مقدار عمره في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٩٢ ، زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٥٢. وهو خطأ لأنه ولد حسب اتفاق المؤرخين سنة ٨٦١ ه‍. انظر : العز بن فهد ـ غاية المرام ٣ / ٣٦ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٧٩ وفيه : ولد في ربيع الأول. فيكون عمره حوالي ٦٨ سنة وأشهرا أو ٦٩ سنة وأشهرا. انظر (الهامش قبل السابق) حول اتفاق المؤرخين في سنة وفاته.

(٤) في (ب) «ثقبته». وهو خطأ. وهو : ثقبة بن بركات بن محمد بن بركات ابن حسن بن عجلان ، سافر مع والده إلى مصر لمقابلة السلطان قانصوه الغوري في آخر سنة ٩٢٠ ه‍ وعمره آنذاك نحو خمسين سنة. كما ارتحل إليها مرة أخرى سنة ٩٢٦ ه‍ برفقة الشريف عرار بن عجل. انظر : العز بن فهد ـ غاية المرام ٣ / ٣٠١ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، ٣١٩ ، بلوغ القرى ورقة ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٢٧ ، ابن إياس ـ بدائع الزهور ٥ / ٣٤١ ، ٣٤٦.

(٥) في (ب) «خازما».

(٦) انظر : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٩٢.

٢٤٤

فائدة :

[بدعة طواف الأشراف بالميت حول الكعبة]

قال ابن الضياء الحنفي (١) : «وما يفعله الأشراف في زماننا من الطواف بالميت (٢) سبعا حول الكعبة فبدعة (٣) شنيعة لم تنقل عن السلف ، ويجب على ولاة الأمر إزالتها لأن (٤) الميت يكره إدخاله المسجد فضلا عن الطواف به (٥). وفي كلام الفاكهي (٦) ما يفيد أن سيدنا آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام صلي عليه عند باب الكعبة ـ والله سبحانه وتعالى أعلم» ـ. انتهى كلامه (٧).

قلت (٨) : «وقد زالت هذه البدعة ولله الحمد ولا أعلم متى زالت».

__________________

(١) هو القاضي أبو البقاء محمد بن أحمد بن الضياء الصاغاني الحنفي الذي سبق التعريف به.

(٢) في (أ) ، (ب) ، (ج) «البيت». والاثبات من (د).

(٣) هكذا في (أ) وفي بقية النسخ «بدعة».

(٤) في (د) «وكان». وهو خطأ.

(٥) سقطت من (ب) ، (ج).

(٦) هو : محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي أبو عبد الله مؤرخ من أهل مكة ، كان معاصرا للأزرقي ، توفي في حدود سنة ٢٧٢ ه‍. له تاريخ مكة. انظر : السيوطي ـ تاريخ الخلفاء ١٦٣ ، حاجي خليفة ـ كشف الظنون ١ / ٣٠٦ ، الزركلي ـ الأعلام ٦ / ٢٨ ، كحالة ـ معجم المؤلفين ٩ / ٤٠. هذا وقد سبق التعريف بهذا الكتاب.

(٧) أي كلام ابن الضياء.

(٨) أي المؤلف.

٢٤٥

[ولاية الشريف أبي نمي محمد بن بركات بن محمد بن بركات ابن حسن بن عجلان]

قال الإمام عبد القادر / الطبري في النشأة بعد ذكر وفاة (١) الشريف [بركات](٢) : «وخلع أمير (٣) الحاج جانم (٤) الحمزاوي (٥) على ولده السيد (٦) أبي (٧) نمي ، فولي مكة بعد وفاة [أبيه](٨) الشريف بركات ـ ابنه مولانا الشريف أبو نمي ـ. ووصل إليه التأييد بعد وفاة أبيه من

__________________

(١) في (ب) «فات». وهو خطأ ، وفي (د) «وفات».

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د).

(٣) في (ب) «الأمير».

(٤) في (أ) «خانم» ، وفي (ج) «خاتم» والاثبات من (د).

(٥) في (أ) «الخمراوي» ، وفي (د) «الخمراوي». والاثبات من (ج). وهو : الأمير جانم بن يوسف بن أركماس السيفي قاني باي الحمزاوي نائب الشام ، ولد بمدينة حلب ونشأ بها فهو من أعيان أبناء الناس ، رقي في دولة ملك الأمراء خاير بك حتى صار صاحب الحل والعقد بمصر ثم صار ناظر الأموال بمصر وأعمالها ، وآخر أمره أصبح من أعيان أمراء الصناجق ، ولي إمارة الحج سنتي ٩٣٠ ، ٩٣١ ه‍. قتله سليمان باشا والي مصر سنة ٩٤٤ ه‍ بالقاهرة. انظر : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٥ / أحداث السنوات ٩٢٤ ـ ٩٢٨ ه‍ ، الجزيري ـ درر الفرائد ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، النهروالي ـ البرق اليماني في الفتح العثماني ـ أشرف على طبعه حمد الجاسر ـ ط ١ ـ منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر ـ الرياض ـ المملكة العربية السعودية سنة ١٣٨٧ ه‍ / ١٩٦٧ م ص ٧١ ـ ٧٦ ، الغزي ـ الكواكب السائرة ١ / ١٤٣ ، ١٥٦ ـ ١٥٩ ، ٢٠٧ ، ٢٥٤ ، ٢ / ٢٤٢ ، ٢٤٩.

(٦) سقطت من (ب) ، (ج).

(٧) في (ب) «أبا».

(٨) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د).

٢٤٦

السلطان سليمان خان ، وكان عمره إذ ذاك نحو العشرين [سنة](١) ، وبعث قاصدا إلى حضرة الأبواب [السلطانية](٢) للسلطان الأعظم مولانا السلطان سليمان (٣) خان.

[توجه سلمان الريس إلى اليمن وما فعله عسكره سنة ٩٣٢ ه‍]

[وفي](٤) سنة ٩٣٢ تسعمائة واثنتين وثلاثين :

ورد من مصر سلمان (٥) الريس متوجها إلى اليمن ، ومعه نحو أربعة آلاف عسكري جهزهم الوزير الأعظم إبراهيم باشا (٦) صاحب مصر

__________________

(١) ما بين حاصرتين زيادة من (ج).

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د).

(٣) انظر بعض هذه الأخبار في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٢٩٣.

(٤) ما بين حاصرتين زيادة من بقية النسخ.

(٥) هو سلمان الريس العثماني كبير اللوند الذين أرسلهم السلطان الغوري سنة ٩١١ ه‍ صحبة حسين كردي إلى بلاد الهند لتأديب البرتغال ، كانت له معرفة بالحروب وخصوصا بالمدافع والبنادق. عاد إلى مصر بعد إنقراض دولة الجراكسة ثم تسحب منها في عهد أحمد باشا إلى جدة ومنها إلى اليمن لأخذها ففشل ، فعاد إلى مصر في عهد واليها الوزير الأعظم إبراهيم باشا الذي جهزه بجيش كبير لأخذ اليمن وتأديب البرتغال في الهند وجعله قبطانا على الجميع تحت امرة السنجق خير الدين حمزة ، فاستقل سلمان بحكم اليمن دونه فأرسل إليه من قتله في سنة ٩٣٤ ه‍. انظر : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٤ / ٨٥ ، ٥ / ٢٠٣ ، النهروالي ـ البرق اليماني ٢٣ ـ ٢٥ ، ٣٧ ـ ٥٨ ، ٨٢.

(٦) هو مملوك السلطان سليمان خان ولاه الوزارة العظمى. أرسله السلطان لإصلاح ما فسد في مصر بعد مقتل أحمد باشا. استمر صدرا أعظم مدة طويلة استبد خلالها بالأمور ثم قتله السلطان سنة ٩٤١ ه‍ ، وولى بدلا عنه رستم باشا. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ٣٧ ، ٤٠ ـ ٤٧ ، ١٤٤ ، الاعلام ٢٩٦ ، ٢٩٨ ، الغزي ـ الكواكب السائرة ٣ / ١٥٦.

٢٤٧

لأخذ اليمن ـ مددا لمن سبق من الباشوات (١). فوصلوا جدة في شهر رمضان سنة ٩٣٢ تسعمائة واثنين وثلاثين (٢).

وصار العسكر يتعرضون العرب (٣) بالنهب ، فانقطعت الميرة (٤) عن مكة بسبب ذلك. وحصل بها غلاء لذلك ، ثم وصلت طائفة من العسكر إلى مكة ، وأخرجوا الناس من بيوتهم ، وسكنوها ، وكثر أذاهم. فتسلطت عليهم العربان ، وقتلتهم في طريق جدة ، وأينما وجدوهم (٥) إلى أن قتلوا تاجرين عظيمين (٦) من تجار مكة ظنا بهم أنهم

__________________

(١) في (ج) ، (د) «الباشوات» ، وباشوات مفردها باشا وهو لقب تعظيم بمعنى الرئيس يقال أنها من الفارسية بادشاه بمعنى ملك أو أنها من باشك أغا. وقد أطلق هذا اللقب في الدولة العثمانية على أصحاب المناصب العالية من مدنيين وعسكريين ، وبعد إلغاء الفرقة الانكشارية أصبح يمنح رجال الجيش لقب جنرال بدلا من باشا. إلا أنه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي أعيد منح هذا اللقب لمن علت رتبهم من رجال الدولة العثمانية كالوزراء وغيرهم. انظر : حمد الجاسر ـ مقدمة تحقيق البرق اليماني ٧٥ ، حسين مجيب المصري ـ معجم الدولة العثمانية ـ طبع مكتبة الأنجلو المصرية ـ القاهرة ـ بدون تاريخ ٣٨ ـ ٣٩.

(٢) انظر : النهروالي ـ الاعلام ٤٢ ، ٤٣.

(٣) سقطت من (ب) ، (ج).

(٤) الميرة : هو الطعام الذي يجمع للسفر ونحوه. انظر : المعجم الوسيط ٢ / ٨٩٣.

(٥) أضاف النهروالي في البرق اليماني ص ٤٣» أنهم تسلطوا على السوقة وعلى العرب فتسلط العرب عليهم عند بير شميس وصاروا إذا خرجوا من حدة بالحاء المهملة خرج عليهم العرب من الشعاب عند بئر شميس وهجموا وقتلوهم وسلبوهم إلى أن قتلوا منهم مقتلة كبيرة وتعفنت طريق جدة بأشلائهم وصارت طريق جدة مخوفة وترك السيد الشريف صيانة طريق جدة لبذاءة سلمان وجماعته على قواد السيد الشريف وأتباعه بمكة وجدة».

(٦) في (ج) «عظمين». في النهروالي ـ البرق اليماني ٤٣ هما : الخواجا شيخ

٢٤٨

(من العسكر) (١).

فمنع الشريف [أبو نمي](٢) العربان بعد عن القتل لكن بعدما ألح فيهم القتل ، وامتلأ طريق جدة من رممهم (٣). فبعث الشيخ محمد بن عراق (٤) جماعته (٥) ، فدفنوا ما في الطريق من جثث (٦) القتلى.

__________________

علي الكيلاني ، والخواجا محمد شاه قوام اللاري.

(١) ما بين قوسين من (ج). أثبت الناسخ في المتن» منهم» وأشار على حاشية المخطوط اليسرى لصفحة ٥٧ أن في نسخة أخرى» من العسكر».

(٢) ما بين حاصرتين في (أ) ، (د) «حسن». وهو خطأ لأن الشريف في هذه الآونة هو الشريف أبو نمي محمد بن بركات ، وسقطت من (ب) ، (ج) ، ولم يرد ذكر لهذا الاسم في البرق اليماني للنهروالي والاثبات يقتضيه السياق.

(٣) في (ج) «جثثهم» ، وهي بالمعنى نفسه.

(٤) هو : محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عراق (٨٧٨ ـ ٩٣٣ ه‍) شمس الدين أبو علي الكناني الدمشقي الشافعي الصوفي من أولاد الجراكسة ، ولد في دمشق ونشأ بها وجيها شجاعا ، انفرد بالفروسية واشتغل بالصيد ثم انقطع إلى العلم ، سكن بيروت وتصوف ثم حج وجاور بالحرمين الشريفين ، صنف عدة مصنفات ، توفي بمكة ودفن بالمعلاة وخرج أميرها أبو نمي في جنازته. انظر : العيدروس ـ النور السافر ١٩٢ ـ ١٩٨ ، الغزي ـ الكواكب السائرة ١ / ٥٩ ـ ٦٨ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ١٩٦ ـ ١٩٩ ، حاجي خليفة ـ كشف الظنون ٢ / ٣٥٨ ، البغدادي ـ هدية العارفين ٢ / ٢٣٢ ، الزركلي ـ الأعلام ٦ / ٢٩٠ ، كحالة ـ معجم المؤلفين ١١ / ٢١ ، ٢٢.

(٥) في (ب) ، (ج) «جماعة». وسبب ذلك كما جاء في النهروالي ـ البرق اليماني ص ٤٤ : أنه لم يجسر على ذلك أحد غيره لاختلاف الطريق وشدة المخافة.

(٦) في (ب) «حيث». وهو خطأ.

٢٤٩

ولما كثر العسكر المذكور بمكة نصبوا بيارقهم (١) في المسجد الشريف من باب السلام إلى باب علي ، فشكى الناس ذلك إلى الشيخ محمد بن عراق ، فجلس الشيخ في المسجد ، ودعى الأمير خير الدين (٢) ، وبعض رؤساء العسكر ، ونهرهم ، وأمرهم بالخروج من بيوت الناس ، فأكبوا على رجليه يقبلونها (٣). وقالوا : «مقصودنا الحج (٤) ونتوجه» (٥).

فقال لهم الشيخ : «اذهبوا إلى منى ، فإن بها دورا (٦) خالية ، فاسكنوها». فامتثلوا أمره ، وخرجوا إلى منى ، وقتلوا بعض المفسدين منهم امتثالا لأمر الشيخ محمد (٧).

وكان ذلك بإشارة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم للشيخ ، فإنه كان بالمدينة ،

__________________

(١) بيارقهم : أي أعلامهم الكبيرة ، مفردها بيرق وهي كلمة معربة. انظر : المعجم الوسيط ١ / ٧٨.

(٢) هو خير الدين حمزة سنجق سلطاني أرسله والي مصر الوزير الأعظم إبراهيم باشا مع سلمان الريس سنة ٩٣٢ ه‍ لفتح اليمن وتأديب البرتغال في الهند فلما فتحا اليمن استقل بها سلمان الريس دونه فأضمر خير الدين الشر له ، ففتك به سنة ٩٣٤ ه‍ فقام بالأمر بعده ولد أخته مصطفى بك بن بيرم الذي أخذ بثأره وقتل خير الدين. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ٤٢ ـ ٥٤.

(٣) هذا دليل احترام المسلمين في ذلك الزمن لعلمائهم وتأثير العلماء عليهم.

(٤) في (ب) «بالحج» ، وفي (ج) «قصدنا أن نمكث إلى الحج».

(٥) أي إلى غزو الفرنج. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ٤٤.

(٦) في (أ) «دور» والاثبات من بقية النسخ.

(٧) في النهروالي ـ البرق اليماني ٤٤ : «أن الأتراك امتثلوا أمر الشيخ فقبضوا على جماعة من مفسديهم ثم انتقلوا إلى منى».

٢٥٠

فأمره (١) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمسير (٢) إلى مكة وقال له : «توجه إلى مكة لإصلاحها». فورد مكة السادس من شوال / وصادف هذه الفتن (٣).

والشيخ محمد بن عراق هذا ترجمه العلامة الغزي في أخبار المائة العاشرة (٤).

وأما سلمان (٥) الريس ، فاستولى (٦) على محصول جدة ، وكان نصفه للسلطنة ، ونصفه لأمير (٧) مكة ، وكان المحصول في (ذلك العام) (٨) تسعين ألف دينار ذهبا.

وكان الشريف خرج من مكة ، ونزل الدكناء (٩) ، فجاءه الخبر.

__________________

(١) في (ج) «فأمر». وهو خطأ.

(٢) في (ب) «بالميسر».

(٣) قد يكون هذا القول وضع بعد وفاة الشيخ لما قام به من أعمال جليلة فنسبت إليه تلك الأقوال على عادة العوام والمتصوفة. انظر أخبار خير الدين والريس سلمان والشيخ محمد بن عراق في : النهروالي ـ البرق اليماني ٤٣ ، ٤٤.

(٤) انظر : الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة ١ / ٥٩ ـ ٦٨.

(٥) في (ب) ، (ج) «سليمان». وهو خطأ.

(٦) في (ج) «فإنه استولى».

(٧) في (ب) ، (ج) ، (د) «تسريف».

(٨) ما بين قوسين في (ج) «تلك السنة».

(٩) لم أتبين قراءتها في (أ). والاثبات من (ب) ، (د) ، وفي (ج) «الدهناء». وهو خطأ. والدكناء : تقع في وادي مر الظهران قبلي أرض حسان وموالية لأرض خالد ، يقال لها المدرة. انظر : جار الله بن فهد ـ حسن القرى في أودية أم القرى (مخطوط) برقم ١٠٧٠ بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى بمكة ورقة ٤٢.

٢٥١

ووصل إليه أمين جدة على جاوش (١) ، واعتذر إليه بغلبة سلمان (٢) ، فقبله ، وأمره بالرجوع إلى جدة.

[عصيان السيد رميثة وأبي الغيث]

وفي أثناء ذلك عصى على الشريف عماه السيد رميثة ، وأبو الغيث (٣) ، وأرسلا إلى سلمان (٤) ، وخير الدين يطلبان [منهما](٥) إمرة مكة ، فلم يقبلاهما.

فأرسل الشريف أخاه السيد ثقبة ، وولد عمته أمير المدينة السيد باز الحسيني (٦) ، ومعهما مائة وخمسون فارسا ، وأمرهما بقبض عميه المذكورين ، فسبقهما القائد جوهر المغربي ، واجتمع بالسيد رميثة ، وأبي الغيث ، وعذلهما (٧) ، وأتى بهما طائعين إلى الشريف.

[موسم حج عام ٩٣٢ ه‍]

وصادف ذلك ورود السيد محمد السمنهودي (٨) من الأبواب

__________________

(١) في (ج) «جاوس» ، وفي النهروالي ـ البرق اليماني ٤٥ «على جاووش».

(٢) في (ب) ، (ج) «سليمان». وهو خطأ.

(٣) هو أبو الغيث بن محمد بن بركات بن حسن بن عجلان.

(٤) في (ج) ، (د) «سليمان». وهو خطأ.

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، وفي (ب) «منه». وهو خطأ. أضاف النهروالي في البرق اليماني ص ٤٥ : «فرجع الشريف إلى الخيف».

(٦) في (ب) ، (ج) «الحسني» ، وفي (د) «الحسين» ، وفي النهروالي ـ البرق اليماني ٤٦ : «السيد حزيمة أمير المدينة ، السيد باز بن فارس الحسيني».

(٧) في النهروالي ـ البرق اليماني ٤٦ : «فذكرا أنهما فعلا ذلك من ضرورة ضيق اليد وضنك العيش وطلبا الزيادة في المشاهرة ، فالتزم لهما ذلك».

(٨) هكذا في (أ). وفي بقية النسخ والبرق اليماني للنهروالي «السمهودي».

٢٥٢

السلطانية بمراسيم ، وخلع للشريف أبي نمي (١) ، فوصل الشريف مكة ، ولبس الخلع (٢) وقرئت المراسيم بالحطيم. ثم عاد إلى الدكناء.

وفي السابع عشر من (٣) ذي الحجة (٤) وصل أمير الحاج المصري سنان (٥) كتخدا إلى الجموم (٦). فبرز إليه الشريف ، ولبس خلعته (٧) الواردة إليه (١١) ، وعاد بدون عرضة. ثم عقبه الأمير أويس الكاشف أمير الحج الشامي ، فدخل مكة ، وبعث بالخلعة إلى الشريف إلى الدكناء.

ولم يحج مولانا الشريف في ذلك العام ، واعتذر إلى الأمراء بخوف الفتنة من عسكر سلمان (٨) [الريس](٩) ، وضمن أمان الطرق (١٠).

__________________

(١) يتضمن الانعام عليه بإمرة مكة عوضا عن والده المرحوم الشريف بركات. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ٤٦.

(٢) في (ج) ، (د) والنهروالي ـ البرق اليماني «الخلعة».

(٣) سقطت من بقية النسخ.

(٤) في النهروالي ـ البرق اليماني «في سابع عشري ذي القعدة» وهو الصحيح أما ما أثبته المؤلف فهو خطأ واضح ففي هذا التاريخ يكون الحج قد انتهى والحجاج في طريق عودتهم إلى بلادهم.

(٥) هو سنان باشا سيواس شيخا من أعيان الأروام وأكابرهم سنا وقدرا ومكانة بحيث أن والي مصر سليمان باشا وكذلك ناظر الأموال فيها عيسى باشا كانا يترددان عليه في منزله في مصر لمجابرته. انظر : الجزيري ـ درر الفرائد ٣٧١.

(٦) في (ج) «الحجون» ، وفي النهروالي ـ البرق اليماني ٤٦» وادي الجموم».

(٧) في (ب) ، (ج) «الخلعة».

(١١) سقطت من بقية النسخ.

(٨) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «سليمان». وهو خطأ.

(٩) ما بين حاصرتين زيادة من بقية النسخ.

(١٠) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «الطريق».

٢٥٣

فحج الناس ولم يحصل لهم تعب.

ودخل سلمان (١) ، وخير الدين مكة لخمس خلون من ذي الحجة ، والعسكر يمشون من جدة إلى مكة ، وما فيهم راكب غير الأميرين.

ثم لما تم الحج رجعا إلى جدة ، وركبا في المراكب (٢) إلى اليمن ، وخبرهم في البرق اليماني في الفتح العثماني (٣) لمن أراده ـ والله سبحانه وتعالى أعلم ـ.

[استيلاء الشريف على جازان سنة ٩٤٤ ه‍]

وفي البرق اليماني (٤) أن [في](٥) سنة ٩٤٤ تسعمائة وأربع وأربعين / توجه الشريف إلى أخذ (٦) جازان ، وصاحبها إذ ذاك عامر بن عزيز (٧) ، فأخذها الشريف ، وفر صاحبها (٨) ، فأقام بها الشريف قائدا

__________________

(١) في (ج) «سليمان». وهو خطأ.

(٢) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «السفن» وهي بالمعنى نفسه.

(٣) للنهروالي. انظر ص ٤٢ ـ ٤٩. وانظر أخبارهم في اليمن في نفس المرجع السابق ص ٤٩ ـ ٥٤.

(٤) للنهروالي. انظر ص ٨٧ ـ ٩٠.

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من المحققة يقتضيه السياق.

(٦) هكذا في (أ). وفي بقية النسخ «لأخذ».

(٧) في (ب) ، (ج) «غرين» وهو خطأ. وفي النهروالي ـ البرق اليماني ٨٧ «عامر عزيز».

(٨) عامر عزيز إلى أقصى البلاد. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ص ٨٨. وسبب أخذ الشريف لجازان كما أورده النهروالي في كتابه البرق اليماني ص ٨٧ : «استطالة عامر عزيز على شرفاء مكة بلسانه وادعاء الافتخار بحسامه وسنانه ، وذكر ما لا يليق بشأنهم الشريف ، والسفه عليهم بكل كلام قبيح ووضع سخيف ، وتكرر منه هذا الوضع الشنيع وبالغ في الاحتراش والتبشيع».

٢٥٤

من جهته يضبطها ، ورجع ظافرا منصورا. واستمرت [في حكمه](١) إلى سنة ٩٤٥ تسعمائة وخمس وأربعين.

[أعمال سليمان باشا في مكة سنة ٩٤٥ ه‍]

فلما مر بها سليمان باشا [الخادم](٢) راجعا من اليمن أخرج منها قائد الشريف ، وأقام فيها (٣) نائبا من جهته ، وأضافها إلى ما افتتحه من اليمن (٤).

ثم ورد مكة ، فواجهه الشريف ليلة دخوله [إلى](٥) مكة في الحجر. وخرج من تلك الليلة إلى البر (٦).

وكان سليمان باشا جبارا عنيدا جعل ديوانا في (٧) هذه السنة (٨) في

__________________

(١) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (ج). هو سليمان باشا الخادم من الأرنوت ، كان من خواص مماليك السلطان خان بن بايزيد خان ، وفي رواية أخرى من مماليك السلطان سليمان خان. تولى ايالة مصر سنة ٩٣٣ ه‍ فاستمر بها قرابة عشرة سنين ثم عزل عنها ثم أعيد إليها وجعل سردار العسكر المجهز إلى الهند لدفع أذى البرتغال فيها ، فخرج إليهم سنة ٩٤١ ه‍ ثم عاد إلى مكة سنة ٩٤٥ ه‍ ومنها إلى مصر ثم إلى استانبول حيث تولى الوزارة العظمى سنة ٩٤٧ ه‍ بعد لطفي باشا ، استمر بها مدة ثم عزل عنها. توفي في جفتلكة سنة بضع وستين وتسعمائة ، كان ظلوما غشوما سفاكا للدماء لا أمان له. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ٧٠ ـ ٩٢ ، الاعلام ٣٠٠ ـ ٣٠٢.

(٣) في (ب) ، (ج) «بها».

(٤) أضاف النهروالي في البرق اليماني ص ٨٨ : «ومن مضافات صاحب زبيد».

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (ج).

(٦) انظر تفاصيل ذلك في : النهروالي ـ البرق اليماني ص ٨٨.

(٧) أضاف ناسخ (ج) «نفسي».

(٨) أي سنة ٩٤٥ ه‍.

٢٥٥

نفس المسجد في مقام الحنفي ، ونصب له كرسيا (١) جلس عليه ، وأجلس مصلح الدين أفندي (٢) قاضي مكة [تحته](٣) ـ وهو (٤) أول قاض رومي ورد من الروم إلى مكة ـ وأمر بضرب بعض المجاورين (٥) بالحرم الشريف ، فأخرج إلى باب السلام ، وضرب ثمة (٦).

وكان دخول هذا الباشا مكة في العشرين (٧) من ذي القعدة من

__________________

(١) في (ج) «كرسي».

(٢) سقطت من (د). هو المولى مصلح الدين مصطفى أفندي الشهير بمصدر ، قرأ على علماء عصره ثم أصبح مدرسا ببعض المدارس ، ثم صار مدرسا بسلطانية مغنيسيا ثم انتقل إلى التدريس بإحدى المدارس الثمان أصبح بعدها قاضيا بمدينة حلب ثم ولي قضاء مكة المكرمة ثم عزل عنه. توفي بموضع قريب من القسطنطينية. انظر : زاده طاشكيري (توفي ٩٦٨ ه‍) ـ الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ لبنان ١٣٩٥ ه‍ / ١٩٧٥ م ص ٢٩٢ ، ٢٩٣.

(٣) ما بين حاصرتين في (أ) أثبت المؤلف في المتن «تحت كرسيه» ثم شطبها ولم أتبين ما استدركه على الحاشية الوسطى بدلا منها والاثبات من النسخ الأخرى. وفي النهروالي ـ البرق اليماني ص ٨٩ : «وأجلسه تحت الكرسي في الأرض».

(٤) وهذا النص ليس بخط المؤلف فحبره مغاير لما خط به المتن أولا وثانيا كتب بخط نسخ جميل على غير عادة المؤلف الذي اعتاد تسجيل استدراكاته في الحواشي بخط رقعة وبحبر من لون الحبر الذي خط به المتن أو بلون أحمر.

(٥) في النهروالي ـ البرق اليماني ص ٨٨ : «من الأروام صوفي يقال له : موسى وينبز بقزل آشك». وسبب ضربه كما أورده النهروالي أن سليمان باشا قال له : «أنت الذي يقال له قزل آشك. فقال : سود الله وجه من لقبني بذلك ، فأمر به أن يفرش ويضرب».

(٦) سقطت من (ب) ، (ج).

(٧) في (ب) ، (ج) «العشر».

٢٥٦

العام المذكور (١).

وحج في هذه السنة ودار في عرفة ، فكلما رأى شيئا أعجبه كتبه في جريدة (٢) معه ، وكتب اسم صاحبه. فلما نزل الناس أرسل ، وأخذ ما أراد من تلك الحوايج (٣) ولم (٤) يراجع. ولما خرج متوجها إلى مصر بعث معه الشريف ابنه السيد أحمد (٥) ـ كما سيأتي بيانه (٦) ـ.

__________________

(١) أي سنة ٩٤٥ ه‍. هذا وقد ورد في النهروالي ـ البرق اليماني ص ٨٨ : أن سليمان باشا وصل في العشرين من ذي القعدة إلى جدة وليس إلى مكة.

(٢) الجريدة : يقصد بها القائمة التي تحرر بها الاحتياجات أو الدفتر. والمقصود بها هنا الدفتر حيث ورد في البرق اليماني للنهروالي ص ٨٩ : «كتبها عنده ، وكتب اسم صاحبها في دفتر».

(٣) سقطت من (ج).

(٤) في النهروالي ـ البرق اليماني ص ٩٠ : «بعضها بغير ثمن وبعضها بأبخس ثمن».

(٥) هو أحمد بن محمد أبو نمي بن بركات بن محمد بن بركات بن حسن بن عجلان أكبر أولاد الشريف أبو نمي أرسله والده الشريف للأبواب العالية لمقابلة السلطان سليمان خان وهو مراهق فداس بساطه سنة ٩٣١ ه‍ ولم يدسه غيره من سلاطين مكة ، عاد منها سنة ٩٣٢ ه‍ مشاركا لوالده في إمارة أقطار الحجاز. توفي في البر فحمل إلى مكة ودفن في المعلاة سنة ٩٦١ ه‍. انظر : الجزيري ـ درر الفرائد ٥٨٧ ، ٦٩٥ ، النهروالي ـ البرق اليماني ٩٠ ـ ٩٢ ، العيدروس ـ النور السافر ٢٥٣ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٣٢٨ ، ٣٢٩ ، الشلّي ـ السنا الباهر / أحداث سنة ٩٦١ ه‍.

(٦) إلى هنا وينتهي ما نقله المؤلف من البرق اليماني للنهروالي ملخصا وبدأ ينقل من كتاب آخر لنفس المؤلف هو كتاب الاعلام دون أن يشير إلى هذا الانتقال ، وأدرج الجميع تحت اسم قال القطب الحنفي ، وهذا صحيح لأن الاعلام للقطب الحنفي أيضا.

٢٥٧

[إجراء عين عرفات إلى مكة]

ومن خيرات السلطان سليمان خان ـ (رحمه‌الله تعالى) (١) ـ : إجراء عين عرفات إلى مكة ، ودوام الانتفاع بها [وسبب ذلك أن العين التي كانت جارية بمكة هي عين حنين](٢) ـ وهي من عمل زبيدة (٣) ابنة المنصور العباسي (٤) وأنفقت عليها ألف ألف وخمسمائة ألف مثقال (٥) من الذهب وقيل ألف ألف وسبعمائة ألف مثقال من الذهب (٦) ـ وقد أطال

__________________

(١) ما بين قوسين ورد في بقية النسخ «أسكنه الله أعلى فراديس الجنان».

(٢) ما بين حاصرتين إضافة من النهروالي ـ الاعلام ص ٣٣٤.

(٣) هي أمة العزيز اشتهرت بزبيدة ، قيل أن جدها المنصور كان يرقصها وهي صغيرة ويقول يا زبيدة أنت زبيدة لبياضها فغلب ذلك على اسمها ، بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية أم جعفر زوجة هارون الرشيد وأم الأمين العباسي من فضليات النساء وشهيراتهن. ولدت ببغداد وتوفيت فيها سنة ٢١٦ ه‍. لها آثار كثيرة غير العين التي تنسب إليها. انظر : الطبري : أبي جعفر محمد بن جرير (٢٢٤ ـ ٣١٠ ه‍) ـ تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك) ـ ط ٣ ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان ١٤١١ ه‍ / ١٩٩١ م ص ٥ / ١٨٣ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٩ / ٢٧٠ ، النهروالي ـ الاعلام ٣٣٤ ، الزركلي ـ الأعلام ٣ / ٤٢.

(٤) وهو خطأ واضح لأن كتب المؤرخين اتفقت جميعها على أنها زبيدة بنت جعفر ابن المنصور العباسي. انظر المصادر والمراجع الواردة في ترجمتها الهامش السابق.

(٥) المثقال : هو اسم لما له ثقل سواء كبر أو صغر ثم صار في عرف الناس إسما للدينار الذي حدد وزنه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بعد إصلاحه للسكة الإسلامية حيث جعل الدينار أو المثقال يزن ٢٥ ، ٤ جرام وتم ضبط وزنه عن طريق الصنج الزجاجية. انظر : الموسوعة العربية الميسرة ١٦٤٦. وجاء في المعجم الوسيط ١ / ٩٨ أن مثقال الشيء : مثله في وزنه وفي الموازين : وزن مقداره درهم وثلاثة أسباع الدرهم.

(٦) في النهروالي ـ الاعلام ص ٣٣٥» ألف ألف وسبعمائة ألف مثقال من الذهب

٢٥٨

القطب (١) بذكر عمارتها وملخصها : أنها أجرتها من جبل يقال له طاد (٢) ـ بالطاء المهملة فألف فدال مهملة ـ من جبال (٣) الثنية من طريق الطائف (٤) ، وجعلت له قنوات ، وشحاحيذ (٥) حتى أوصلتها إلى جبل

__________________

وهو الصحيح وبه قالت المصادر ومن بينها القديمة. انظر : المسعودي ـ علي بن الحسين ابن علي (توفي سنة ٣٤٦ ه‍) ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر ـ تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان ١٤٠٢ ه‍ / ١٩٨٢ م ص ٤ / ٣١٧ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٣٤٧ ، النهروالي ـ الاعلام ٣٣٥.

(١) أي النهروالي في كتابه الاعلام. انظر ص ٣٣٥ ـ ٣٣٩.

(٢) جبل طاد : هو جبل أسود يقع في ديار هذيل ، يسيل منه صدر حنين بين جبلي كبكب ويسوم وتوجد بجانبه الثنية المعروفة باسم (الثنية) إطلاقا يأخذها طريق من الشرائع إلى الطائف. انظر : البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٥ / ٢١٧.

(٣) أضاف الناسخان في (ب) ، (ج) «الهدا».

(٤) الطائف : كانت تسمى قديما وج ، وسميت الطائف لما أطيف عليها الحائط واليوم هي إحدى مدن المملكة العربية السعودية تقع في السفوح الشرقية لسراة الحجاز شرق مكة مع ميل يسير إلى الجنوب تبعد عنها حوالي (٩٩) كيلومترا يصلها بمكة طريقان ترتفع عن سطح البحر ١٦٣٠ مترا لذلك فهي مصيف مثالي وهي أيضا قصبة الحجاز الجنوبي الشرقي تتبعها عدة إمارات. انظر : ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٤ / ٨ ـ ١٢ ، البغدادي ـ مراصد الاطلاع ٢ / ٨٧٧ ، البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٥ / ٢١٩ ـ ٢٢٤.

(٥) في (أ) ، (ب) «شحاحيل» ، وهو خطأ ، وفي (د) «شحاحيد». والاثبات من (ج). والشحاحيذ : هي عبارة عن برك في كل جبل يكون ذيله مظنة لاجتماع الماء عند هطول الأمطار جعلت فيها قنوات متصلة إلى مجرى العين الأصلية بحيث يصبح كل شحاذ عينا يساعد العين الرئيسية. انظر : النهروالي ـ الاعلام ص ٣٣٥ ، إبراهيم رفعت ـ مرآة الحرمين ١ / ٢١٠.

٢٥٩

خلف منى في قبليها (١) ، وينصب ، من ذلك المكان إلى بئر عظيمة. ووقف المعلمون هنا ، وعجزوا عن / إدخالها مكة (٢).

وفي سنة ٩٣١ تسعمائة وإحدى وثلاثين (٣) :

عرضوا إلى حضرة السلطان سليمان خان ، وشكوا إليه ما يلقاه الحجاج بعرفات (٤) من المشقة من عدم الماء ، فخرج أمره (٥) [السلطاني](٦) بتعمير العينين عين عرفة ، وعين حنين ، وعين للعمارة ناظرا (٧) يقال له : مصلح الدين (٨) من المجاورين ، فاجتهد ، وأصلح القنوات إلى أن جرت عين حنين ، ودخلت مكة ، وخرجت من أسفلها إلى بركة ماجن ، وأصلح عين عرفات إلى أن صارت تملأ البرك بعرفات.

ثم إن الناظر المذكور اشترى عبيدا من مال السلطنة ، واشترى لهم

__________________

(١) في (ب) «في قبلها». وهو خطأ ، أي في غربيها.

(٢) لقد توهم السنجاري في ملخصه هذا فخلط بين عين حنين وعين عرفات ، والصحيح هو كما جاء في النهروالي ـ الاعلام ص ٣٣٥ ، ٣٣٦ فراجعه.

(٣) في النهروالي ـ الاعلام ٣٣٩ : هذا تاريخ نهاية العمل بالعينين وليس العرض.

(٤) في (د) «بعرفة».

(٥) في (د) «أمر».

(٦) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (ج). وفي (د) «السلطان».

(٧) في (ج) «ناظر».

(٨) هو مصلح الدين جلبي مصطفى ، سافر سنة ٩٣١ ه‍ إلى استانبول ليعرض على الأبواب العالية ما رآه بالنسبة لعمارة العين فغرق في بحر القلزم أي خليج السويس أثناء عودته إلى جدة من استانبول سنة ٩٣٧ ه‍. انظر : النهروالي ـ الاعلام ٣٣٩ ، ٣٤٠.

٢٦٠