منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٣

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٣

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتورة ماجدة فيصل زكريا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٦٥٦

وثمانين برشة (١) مشحونة بالرجال والسلاح ، فقاتلهم الشريف بنفسه ، وترك الحج ، ونزل إلى جدة في جيش عظيم بعد أن أمر بالنداء في نواحي مكة المشرفة : «من صحبنا فله أجر الجهاد ، وعلينا السلاح والنفقة».

فبلغ أهل الجهاد مبلغا عظيما ، لا يعد ولا يحد ، ونفقة مولانا شاملة للجميع ، وعيون الكفار تدور عليهم كل حين فتشاهدهم (٢) يزيدون عددا وعددا وعيشا رغدا ، وخدام مولانا المشار إليه يتوجهون إلى أطراف البلاد ، ويحضرون بأنواع الطعام بأغلى ثمن ، حتى فرغت (٣) الحبوب ، وكادت تعدم ، فدخروها للخيل ، وأقبلوا على نحر الابل ، فكان مولانا يأمر بأن ينحر لكل مائة نفس بدنة ناقة أو بعير.

واستمر ذلك مدة ، فقال له بعض الناس :

إن هذا الفعل يستأصل ما عندك من الابل ، فأجابه : «بأني نويت أنحر / ما أملكه ، ويملكه (٤) أولادي وأحفادي ، فإذا نفدت الابل نحرت الخيل ، ثم كل حيوان يجوز أكله».

فلما قرب زمن الحج برز أمره إلى ابنه الشريف أحمد بن أبي نمي أن

__________________

مكة ٣٤٧ ، البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٣ / ٢٣٤.

(١) نوع من أنواع السفن الحربية على ما يظهر من السياق ، ولم أعثر على تعريف لها.

(٢) في (أ) «فنشاهدهم» ، وفي (د) «فشاهدهم» ، والاثبات من (ج).

(٣) في (ج) «فرقت».

(٤) سقطت من (ج).

٣٠١

يقابل (الأمراء (١) ، ويلبس الخلع الواردة ، ويحج بالناس على عادة أجداده.

فلما وصل) (٢) أمراء الحج ، وبلغوا ما قصدوه ، [فحينئذ](٣) توجهوا للقاء مولانا الشريف أبي نمي بجدة لإلباسه الخلع ، فلاقاهم ، وهو شاكي السلاح لابسا درعه في هيئة المقاتل. ولما أن قرب الأمراء أمر بطلق المدافع ، فطلقت لمقابلتهم نحو ثلثمائة مدفع (٤) ، فكان (مشهدا عظيما) (٥) ، فألبسوه الخلع الواردة صحبتهم ، وانصرفوا راجعين للحج.

__________________

(١) كان أمير المحمل المصري في تلك السنة هو جانم بن قصروه دوادار ابن السلطان قانصوه الغوري ، ونائب السلطنة باقليمي الفيوم والبهنساوية ، من أجود أمراء الشراكسة ، أصله من مماليك السلطان الغوري ، تولى إمرة الحج المصري من سنة ست وأربعين وتسعمائة إلى آخر سنة إحدى وخمسين وتسعمائة. انظر : الجزيري ـ درر الفرائد ٣٨١.

(٢) ما بين قوسين سقط من (ج).

(٣) ما بين حاصرتين زيادة من (ج).

(٤) أطلق مصطلح مدفعية في بادئ الأمر على كل ما يستعمل في الحروب من مدافع وبنادق ، ثم قصر إستعماله أخيرا على أنواع من المدافع الثقيلة والهاوتزر والجنود الذين يتولون إدارتها ، والعجلات والحيوانات التي تستخدم في حملها وجرها. هذا وقد ظهر المدفع في أعقاب اكتشاف البارود ، وكان أهم استعمال له هو مهاجمة الحصون التي فقدت أهميتها الدفاعية في العصور الوسطى. فقد استخدم العثمانيون المدافع في حصارهم القسطنطينية سنة ١٤٥٣ م ، كما استخدموا المدافع البرونز التي تقذف الحجارة. وتنقسم المدفعية عامة إلى مدفعية ثابتة تعمل في الحصون ، ومدفعية ضد الطائرات أو متنقلة بدرجات مختلفة ، حيث كانت تجر في ميدان الحرب في بادئ الأمر بواسطة عجلات الخيل ، ثم استخدمت السكك الحديدية بعدها ، واستخدمت في الدبابات أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها. الموسوعة العلمية الميسرة ص ١٦٧٣.

(٥) ما بين قوسين ورد في (أ) «مشهد شهده» ، وفي (د) «شهد مشهده» ،

٣٠٢

ولما رأى الكفار صبره ، وحصاره لهم انقلبوا خاسئين (١).

ولما بلغ حضرة مولانا السلطان سليمان خان ذلك ، زاد في إكرام المشار إليه ، وسمح له بنصف معلوم جدة ، إلى غير ذلك من الإنعامات التى لا تحصى» (٢).

قلت : وإلى هذه الواقعة يشير مولانا العلامة مفتى الأنام بالبلد الحرام الشيخ عبد العزيز بن علي الزمزمي (٣) في قصيدته (٤) (السينية التي) (٥) امتدح بها مولانا الشريف أبا نمي ومطلعها (٦) :

__________________

والاثبات من (ج).

(١) في (د) «خائبين مخذولين».

(٢) انظر هذه الأحداث في : زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٥٣ ، ومختصرة في ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن ، أحداث سنة ٩٤٨ ه‍.

(٣) هو عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز بن عبد السلام الزمزمي المكي الشافعي عز الدين ، شيرازي الأصل ، فقيه من أعيان مكة ، له مصنفات. ولد سنة ٩٠٠ ه‍ ، وتوفي سنة ٩٦٣ ه‍ وقيل ٩٧٦ ه‍. انظر : الغزي ـ الكواكب السائرة ٢ / ١٧٠ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، الزركلي ـ الأعلام ٤ / ٢٣.

(٤) في (ج) «قصيدة».

(٥) ما بين قوسين سقط من (ج).

(٦) وهذا مخالف لما أورده العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٣٨ في المناسبة التي قيلت فيها هذه القصيدة ، وهي معارضة قصيدة ابن خطيب داريا التي مطلعها :

قم عاطني الشهباء يا مؤنسي

وكان هذا الاعراض بإلزام له من الشريف أبي نمي ، فقال يمدحه ويهنيه بعرس ابنه الشريف أحمد.

٣٠٣

ليحتس (١) الصهباء (٢) من يحتسي

حسبي لما (٣) مرشفك (٤) الألعس (٥)

سل النصارى (٦) (عنه مذ) (٧) قاربوا

جدة عن جدهم (٨) الأتعس (٩)

[و](١٠) ماذا (١١) الذي نكس (١٢) أعلامهم

عنها نعم لولاه لم تنكس

فاستبعدوا الأقرب واستقربوا

الأبعد من طورهم الأقدس (١٣)

ثم انثنوا للهند (١٤) والرعب في

قلوبهم صار إلى قبرس (١٥)

__________________

(١) في (ج) «لتحتس». وحسا الرجل الماء ونحوه ، أي تناوله جرعة بعد جرعة. انظر : المعجم الوسيط ١ / ١٧٤.

(٢) الصهباء : الخمر. المعجم الوسيط ١ / ٥٢٦.

(٣) اللمى : الشفاه.

(٤) في (ج) «يرشفك». ويرشف الماء ونحوه مصه بشفتيه. انظر : المعجم الوسيط ١ / ٣٤٧.

(٥) اللعس : سواد مستحسن في الشفة. انظر : الفيروز آبادي ـ القاموس المحيط ٢ / ٢٤٩.

(٦) أي البرتغال.

(٧) في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٤٠ «عند ما».

(٨) جدهم : حظهم. انظر : المعجم الوسيط ١ / ١٠٩.

(٩) في (ج) «الألعس».

(١٠) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (ج).

(١١) سقطت من بقية النسخ.

(١٢) نكس الشيء : قلبه ، وجعل أعلاه أسفله. انظر : المعجم الوسيط ٢ / ٩٥٢. كناية عن هزيمتهم.

(١٣) الطور : هو جبل في بلاد الشام ، وهو طور سيناء. انظر : الحميري ـ الروض المعطار ٣٩٧.

(١٤) أي بحر الهند.

(١٥) قبرس ، وقبرص : يقصد بها الجزيرة المعروفة

٣٠٤

وهي طويلة موجودة (١) ، فلا حاجة لنا بها.

فائدة [في فضل المرابطة] :

قال بعضهم (٢) :

«إذا (٣) أغار (٤) العدو على موضع مرة ، يكون ذلك الموضع رباطا إلى أربعين سنة ، وإذا أغار مرتين يكون (٥) [ذلك الموضع](٦) رباطا إلى مائة وعشرين سنة ، وإذا أغار (٧) ثلاث مرات يكون رباطا إلى يوم

__________________

في شرقي البحر الأبيض المتوسط المقابلة لسواحل بلاد الشام ، كانت جزءا من دار الإسلام إلى أن احتلها الانجليز سنة ١٨٧٨ م فجعلو أكثر سكانها يونانيين نصارى ، استقلت سنة ١٩٦٠ م. انظر : ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٤ / ٣٠٥ ، البغدادي ـ مراصد الاطلاع ٣ / ١٠٦٣ ، الحميري ـ الروض المعطار ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، المصري : جميل ـ حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة ـ ط ٢ ـ دار أم القرى ـ عمان ١٤١٠ ه‍ / ١٨٩٨ م ص ٢ / ٦٠٩.

(١) انظرها في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٣٨ ـ ٣٤١. ولصاحبها ديوان شعر مخطوط موجود في دار الكتب المصرية ، وفي المكتبة الوطنية العامة بباريس رقم ٣٢٢٨. انظر : الزركلي ـ الأعلام ٤ / ٢٣ ، الردادي ـ الشعر الحجازي ١ / حاشية ص ٦٦.

(٢) أي من الفقهاء.

(٣) في (ب) «قال».

(٤) في (ب) ، (ج) ، (د) «غار».

(٥) سقطت من (ب).

(٦) ما بين حاصرتين زيادة من (ج).

(٧) في (ب) ، (ج) «غار».

٣٠٥

القيامة (١).

قال في الفتاوى الكبرى :

والمختار هو الأول (٢) ، كذا نقله صاحب الفتح.

انقطاع الدولة العباسية بمصر (٣)

وفي سنة ٩٥٠ تسعمائة وخمسين :

توفي المتوكل على الله محمد بن يعقوب (٤) الخليفة العباسي بمصر ، وبموته انقطعت الخلافة العباسية (٥) ـ رحمه‌الله ، الدائم بعد فناء خلقه ـ.

[أعمال الأمير خوش كلدي في مكة عام ٩٥٠ ه‍]

قال القطب (٦) : «وفي حدود هذه السنة قطع الأمير قوش (٧) كلدي

__________________

(١) أضاف ناسخا (ب) ، (ج) ما نصه : «والمختار هو الأول».

(٢) وهذه إشارة إلى اهتمام المسلمين بالجهاد وفرضيته.

(٣) وضع المؤلف هذا العنوان الجانبي على حاشية المخطوط اليسرى.

(٤) هو محمد بن يعقوب (٨٧٠ ـ ٩٥٠ ه‍) بن المستمسك بالله بن عبد العزيز المتوكل على الله الثاني ، نزل له أبوه عن الخلافة سنة ٩١٤ ه‍ في عهد السلطان قانصوه الغوري ، فلما فتح السلطان سليم خان مصر سنة ٩٢٢ ه‍ أخذه معه إلى الاستانة وترك والده في مصر لكبر سنه ، فمكث فيها مدة ثم عاد إلى مصر بعد وفاة السلطان سليم خان ، فأقام فيها إلى أن مات ، كان أديبا فاضلا ، له شعر. انظر : ابن إياس ـ بدائع الزهور ٤ / أحداث سنة ٩١٤ ـ ٩٢١ ه‍ ، ٥ / أحداث السنوات ٩٢٢ ـ ٩٢٧ ه‍ ، الشلي ـ السنا الباهر / أحداث سنة ٩٥٠ ه‍ ، الزركلي ـ الأعلام ٧ / ١٧٤ ، الموسوعة العربية الميسرة ١٦٤٥ ، وفيها وفي الزركلي أن السلطان سليم أطلقه قبيل وفاته.

(٥) سنة ٩٥٠ ه‍ / ١٥٤٣ م. انظر : الشلي ـ السنا الباهر / أحداث سنة ٩٥٠ ه‍ ، الزركلي ـ الأعلام ٧ / ١٤٧ ، الموسوعة العربية الميسرة ١٦٤٥.

(٦) أي النهروالي.

(٧) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «خوش» بالخاء.

٣٠٦

أشجار السلم (١) بطريق عرفة ، وكسر أحجارا (٢) من الطريق ورضمها (٣) بين الجبلين» (٤).

واستمرا شريكين (٥).

بناء قبة السيدة خديجة (٦) :

وفي سنة ٩٥٠ تسعمائة وخمسين :

بنى الأمير الشهيد محمد بن سليمان الجركسي (٧) قبة السيدة خديجة (٨) بنت خويلد رضي‌الله‌عنها بالحجر الشميسي (٩).

__________________

(١) في (ج) «شلم» ، وأشجار السلم هو نوع من شجر العضاه يدبغ به ، واحدته سلمة. انظر : المعجم الوسيط ١ / ٤٤٦.

(٢) في (ب) «أحجازا».

(٣) في (ب) ، (ج) «ورصها» ، وهي بنفس المعنى. فالرضم : صخور عظام يرضم بعضها فوق بعض في الأبنية. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب ١٢ / ٢٤٣ ، المعجم الوسيط ١ / ٣٥١.

(٤) لم يرد في ثنايا كتاب الاعلام ، مما يشير إلى أن المؤلف قد اقتبسه من مصدر آخر.

(٥) أي الشريف محمد أبو نمي وابنه الشريف أحمد.

(٦) وضع ناسخ (ج) هذا العنوان الجانبي على حاشية المخطوط اليسرى ص ٧١.

وبناء القبب كما هو معلوم بالضرورة نوع من البدع التي ظهرت عند المسلمين ، وكانت أحد مظاهر ضعفهم وانحرافهم.

(٧) في (ب) «الجراكسي». هو محمد بن سليمان الجركسي الأصل ، كان دفتر دار داود باشا ، يجالس العلماء ومحبا للفضلاء محسنا لهم. النهروالي ـ البرق اليماني ٧٨.

(٨) ما بين حاصرتين زيادة من بقية النسخ.

(٩) في (أ) ، (ب) ، (ج) «الشميشي» ، والاثبات من (د).

٣٠٧

وكان دفتردار (١) مصر في دولة داود باشا (٢) نائب السلطان سليمان ، وكان الضريح قبل هذا البناء عليه تابوت خشب (٣) ، وجعل المذكور لخادم القبة علوفة (٤) من صدقات مولانا السلطان.

ـ كذا رأيته في بعض تواريخ مكة المشرفة [والله أعلم](٥) ـ.

[اشتعال الدرفة اليمنى من باب الكعبة سنة ٩٥٤ ه‍]

وفي سنة ٩٥٤ تسعمائة وأربع وخمسين :

وفي اليوم السابع من ذي الحجة ، رأى الطائفون وقت السحر دخانا

__________________

(١) في (أ) «دفندار» ، وفي (د) «دفترار» ، والاثبات من (ب) ، (ج).

ودفتردار : كلمة فارسية بمعنى من يتولى أمر الدفتر ، ومعناها كبير المحاسبين ، وتطلق عادة على من يتولى النظر في صادرات وواردات الدولة ، فمهمته مهمة وزير المالية ، كما أطلقت على من يتولى تدبير الشئون المالية في ولاية من الولايات. انظر : المصري ـ معجم الدولة العثمانية ٨٨ ، ٨٩.

(٢) هو داود باشا الخادم ، تربى في السراي العالي ، وتقلب في المناصب إلى أن أصبح خزينةدار باشي ، ثم تولى إيالة مصر عن سليمان باشا ، كانت له محبة للعلماء والفضلاء محسنا لهم ، كما كانت مصر في أيامه آمنة مستقرة. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ٧٨.

(٣) هدمت هذه القبة سنة ١٢١٨ ه‍ من قبل الأمير سعود بن عبد العزيز أمير الدرعية. ثم على ما يبدو أعيد بناؤها سنة ١٢٩٨ م. انظر : البتنوني ـ الرحلة الحجازية ١٤٧ ، ١٤٨ ، إبراهيم رفعت ـ مرآة الحرمين ١ / حاشية ص ٣١. هدمت في الآونة الأخيرة ، وهي غير موجودة في عصرنا.

(٤) في (د) «علوفا».

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د). كما أثبت ناسخ (ج) الدهلوي في المتن ما نصه : «قال كاتبه أبو الفيض والاسعاد والى ذكر هنا الشريف أحمد بن أبي نمي المشارك لوالده في إمرة مكة قد انتهى تاريخ العلامة (بياض يعادل ثلاث كلمات) ابن ظهيرة القرشي المكي المسمى بالجامع اللطيف في أخبار مكة المشرفة والبيت الشريف ، والله أعلم».

٣٠٨

صاعدا من جهة الكعبة ، فوصل الخبر إلى الشريف ، فنزل بنفسه ومعه أكابر الدولة ، ففتحت الكعبة ، فوجدوا نارا في عقب الدرفة اليمنى من باب الكعبة ، فعزلوا الباب المذكور ، وأطفأوا النار ، وأعادوه على حاله.

ذكر ذلك الجزيري (١) في تاريخه (٢).

ورود المنبر المكي للخطيب (٣)

وفي سنة ٩٥٦ تسعمائة وست وخمسين :

بعث السلطان سليمان خان بالمنبر (٤) الرخام الذي هو بفناء الكعبة

__________________

(١) هو عبد القادر بن محمد بن عبد القادر الأنصاري الجزيري ، نسبة إلى جزيرة الفيل من أعمال مصر. مؤرخ ولد سنة ٨٨٠ ه‍ ، وتوفي بعد سنة ٩٧٦ ه‍. تولى كتابة ديوان إمرة المحمل بعد وفاة والده عنها سنة ٩٤٠ ه‍ ، له عدة مصنفات. انظر : تاريخه عن نفسه كتابه درر الفرائد ص ١٢٧ ـ ١٣٢ ، مقدمة التحقيق ، البغدادي ـ هدية العارفين ١ / ٥٩٦ ، إيضاح المكنون ١ / ٤٣٥ ، ٤٦٧ ، ٢ / ١٢٢ ، ٥٥٥.

(٢) درر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة ص ٣٩٧.

(٣) وضع المؤلف هذا العنوان الجانبي على حاشية المخطوط اليسرى.

(٤) ذكر المؤرخون أن الخلفاء وأمراء مكة المكرمة من عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كانوا يخطبون في أيام الجمع قياما على أقدامهم في وجه الكعبة المعظمة وفي حجر إسماعيل عليه‌السلام إلى خلافة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ، فكان هو أول من أحدث المنبر بالمسجد الحرام قدم به من الشام لما حج ، وكان منبر صغير على ثلاث درجات ، وظل هذا المنبر يخرب ويعمر إلى أن حج هارون الرشيد ، فأهدى للحرم منبرا منقوشا عال في تسع درجات ، أهداه له عامله على مصر موسى بن عيسى ، وجعل المنبر القديم في عرفة ، بعدها توالت المنابر على مكة إلى أن جاء هذا المنبر. انظر : الأزرقي ـ أخبار مكة ٢ / ٩٩ ، ١٠٠ ، الفاسي ـ شفاء الغرام ١ / ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، إبراهيم رفعت ـ مرآة الحرمين ١ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، باسلامة ـ تاريخ عمارة المسجد الحرام ٢٠١ ـ ٢٠٤.

٣٠٩

إلى الآن (١) ، وهو من تحف الدنيا كما هو مشاهد (٢).

وأرخ وروده القاضي صلاح الدين بن ظهيرة القرشي (٣) المكي بقوله :

شيد الله ملك من

أسبغ الله ظله

وبأم القرى لقد

ضاعف الله نزله /

إن ذا المنبر السني (٤)

قد حوى الحسن كله

__________________

(١) بقي موجودا إلى عصرنا الحالي ، حيث كسر سنة ١٤٠٠ ه‍ في أحداث الحرم. انظر : الحجبي : محمد صالح بن أحمد بن زين العابدين الشيي العبدري (توفي ١٣٣٥ ه‍) ـ إعلام الأنام بتاريخ بيت الله الحرام ـ تحقيق إسماعيل أحمد إسماعيل حافظ ـ مكة المكرمة ١٤٠٥ ه‍ / ١٩٨٤ م حاشية ص ٧٦ المحقق.

(٢) ويحتوي هذا المنبر على ثلاث عشرة درجة ، وعلى علوه فوق المصطبة العليا أربع اسطوانات من المرمر ، وعلى علو الاسطوانات الأربع قبة مستطيلة عملت من الخشب القوي وصفحت بألواح من الفضة المطلية بالذهب الوهاج ، ويبلغ ارتفاع هذا المنبر من أرض المطاف إلى هلال القبلة نحو عشرين ذراعا بذراع اليد ، وله ميزة خاصة ، وهي أن الشمس لا تصل إلى موضع الخطيب صيفا ولا شتاءا. انظر : باسلامة ـ تاريخ عمارة المسجد الحرام ٢٠٤ ، ٢٠٥.

(٣) في (ب) «القريشي» ، وفي (ج) أثبت الناسخ في المتن ما نصه» وهو غير المؤرخ المذكور». هو صلاح الدين القرشي الهاشمي المكي الشافعي ، شاعر البطحاء ، كان من فضلاء مكة وأدبائها ، تتلمذ على الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر ، والشيخ عبد العزيز الزمزمي ، برع بالشعر وتولع بالنكت الشعرية ، مدح الشريف أبا نمي وولده حسن ، واختص بالسيد ثقبة ، اشتهر بعمل التواريخ اللطيفة. توفي بمكة سنة ٩٨٠ ه‍. انظر : أبو الخير مرداد ـ المختصر من كتاب نشر النور والزهر ٢٢٣.

(٤) في (ج) ، وإبراهيم رفعت ـ مرآة الحرمين ١ / ٢٥٤ ، وباسلامة ـ تاريخ عمارة المسجد الحرام ٢٠٥» الذي».

٣١٠

هاك تاريخه (١) الذي

شهد الخلق فضله

لسليمان منبر

بالدعاء شاهد له (٢)

كذا نقلته (٣) من خط بعض الأفاضل.

وذكر الإمام علي بن عبد القادر [الطبري](٤) ما نصه :

«وكان انتهاء عمل المنبر الرخام (٥) سنة ٩٦٦ تسعمائة وست

__________________

(١) حساب الجمل الذي يحسب به التاريخ الشعري ، وهو إعطاء قيمة رقمية لكل حرف. انظر : الموسوعة العربية الميسرة ٧١٦ ، الردادي ـ الشعر الحجازي ٢ / ٨٥٤ ، النابلسي : عبد الغني بن إسماعيل (توفي ١١٤٣ ه‍) ـ نفحات الأزهار على نسمات الأسحار في مدح النبي المختار شرح البديعية المزرية بالعقود الجوهرية ـ عالم الكتب ـ بيروت ـ مكتبة المتنبي بالقاهرة ـ بدون تاريخ ص ٣٣٦.

(٢) والبيت هو التاريخ ، ويساوي بحساب الجمل سنة ٩٦٦ ه‍ ، وذلك مخالف لما أورده السنجاري في أول الخبر وهو سنة ٩٥٦ ه‍ ، حيث يظهر أن الفرق بينهما هو عشر سنوات ، وذلك يتفق مع ما نص عليه بعد ذلك حين قال أنها سنة ٩٦٦ ه‍.

(٣) في (ب) «نقله» ، وهو خطأ.

(٤) ما بين حاصرتين زيادة من بقية النسخ. هو علي بن عبد القادر بن محمد بن يحيى الحسيني الطبري الشافعي ، ألف عدة مصنفات منها : الأرج المسكي والتاريخ المكي ـ مخطوط في عدة مجلدات ضمنه كل ما يتعلق بمكة ورجاله وأمرائها ، والأقوال المعلمة في وقوع الكعبة المعظمة ، وتحفة الكرام بأخبار عمارة السقف والباب من البيت الحرام ، وشن الغارة على مانع نصب الستارة ، كما له علم بالأدب وشعر. انظر : المحبي ـ خلاصة الأثر ٣ / ١٦١ ـ ١٦٦ ، نفحة الريحانة ٤ / ٣٥ ـ ٤٠ ، البغدادي ـ إيضاح المكنون ١ / ٥٧ ، ١١٤ ، ٢٥٦ ، ٣٨٠ ، ٢ / ٤٥ ، ٥٨ ، ٢١١ ، ابن معصوم ـ سلافة العصر ٥٧ ـ ٦٣ ، الشرواني : أحمد بن محمد بن علي (توفي ١٢٥٣ ه‍) ـ حديقة الأفراح لإزاحة الأتراح ـ المطبعة العثمانية ـ مصر ١٣٠٥ ه‍ ص ٤٢ ، ٤٣ ، الزركلي ـ الأعلام ٤ / ٣٠١ ، كحالة ـ معجم المؤلفين ٧ / ١٢٦ ، في كتابه الأرج المسكي ورقة ١١١.

(٥) سقطت من (د).

٣١١

وستين (١) ، وكانت أول خطبة خطب بها عليه خطبة عيد الفطر. وكان الخطيب السيد أبا حامد البخاري. وجعلت الناس لهذا المنبر تواريخ عديدة نظما ونثرا.

فمن ذلك قول (٢) العلامة الشيخ علي بن حسن باكثير :

انظر إلى منبر منير (٨)

أشرق في الخافقين بدره

عمره مالك البرايا

خليفة الله جل ذكره

أعني سليمان خير مولى

من آل عثمان طال عمره

تاريخه : قل الهي (٣) اقبل

بنا سليمان عز نصره (٤)

وقال آخر :

منبر السلطان تاه علا

وتناها رفعة وسنا

بسليمان (٥) الزمان حوى

افتخارا فايقا حسنا

(جاء تاريخ) (٦) له عجب

منبر السلطان تم بناه (٧)

__________________

(١) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «وخمسين» ، وحساب الجمل يبين أنه سنة ٩٦٦ ه‍.

(٢) في (ب) ، (د) «قوله».

(٨) في (د) «منبرا».

(٣) في (أ) ، (ب) ، (د) ، والأرج المسكي «اله» والاثبات من (ج).

(٤) وهذا يساوي في حساب الجمل سنة ٩٦٦ ه‍.

(٥) في (ب) ، (ج) «سليمان».

(٦) في (ج) «حاز تاريخا».

(٧) في (أ) «بناه» ، وهو خطأ حسب حساب الجمل كما يتضح فيما يلي ، والاثبات من بقية النسخ وعلي بن عبد القادر الطبري ـ الأرج المسكي ورقة ١١١. و (منبر السلطان تم بنا) هو التاريخ ويساوي في حساب الجمل : ٩٦٦ ه‍.

٣١٢

ومن التواريخ النثر (١) قول بعضهم :

عامره (٢) السلطان سليمان (٣) بن سليم (بن بايزيد) (٤)».

انتهى كلامه (٥).

ورأيت في ذيل الصواعق المحرقة للعلامة ابن حجر المكي (٦) عند ذكر

__________________

(١) في (ب) «نثر» ، وفي (ج) «نثرا».

(٢) في (أ) «غامره» ، وهو خطأ حسب حساب الجمل كما يتضح في الهامش بعد التالي. والاثبات من بقية النسخ ، وعلي بن عبد القادر الطبري ـ الأرج المسكي ورقة ١١١.

(٣) سقطت من (ج).

(٤) ما بين قوسين في (د) «ابن يزيد» ، وهو خطأ. (عامره السلطان سليمان بن سليم بن بايزيد) هو التاريخ ويساوي بحساب الجمل تاريخ سنة ٩٦٦ ه‍.

(٥) هذا وقد أضاف ناسخ (ج) في المتن ما نصه «قال كاتبه أبو الفيض والإسعاد : وهذا المنبر هو الموجود إلى عصرنا هذا لم يحصل فيه تغير والله أعلم».

(٦) أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي السعدي الأنصاري ، شيخ الإسلام شهاب الدين أبو العباس ، ولد بمصر سنة ٩٠٩ ه‍ في محلة أبي الهيثم من إقليم الغربية بمصر وإليها ينسب ، والسعدي نسبة إلى بني سعد من عرب الشرقية بمصر ، فقيه وباحث. توفي بمكة سنة ٩٧٤ ه‍ ، وفي رواية أخرى سنة ٩٧٣ ه‍ ودفن بالمعلاة بتربة الطبريين. له مصنفات كثيرة ، منها : الصواعق المحرقة على أهل البدع والظلال والزندقة ، ويوجد على هامش هذا المؤلف كتاب تطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوه بثلب سيدنا معاوية بن أبي سفيان ، هذا ولم يذكر المؤرخون ومحققوا الكتابين أن لهذا الكتاب ذيل ، وله أيضا الفتاوى الكبرى الفقهية. انظر : العيدروس ـ النور السافر ٢٨٧ ـ ٢٩٢ ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ٨ / ٢٧٠ ـ ٣٧٢ ، المحبي ـ خلاصة الأثر ٢ / ١٦٦ ، الشوكاني ـ البدر الطالع ١ / ١٠٩ ، دائرة المعارف الإسلامية ١ / ١٣٣ ـ ١٣٥ ، ابن حجر الهيثمي : أحمد (توفي ٩٧٤ ه‍) ـ الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة ، ويليه كتاب تطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوه بثلب سيدنا معاوية بن أبي سفيان ـ تحقيق جماعة

٣١٣

ما ينبغي من رعاية أهل البيت قال :

«خصوصا بني حسن وبني حسين إن عملوا ما عملوا (١) وذكر حكايات في المعنى منها :

[فتنة بين الشريف وأمير الحج]

سنة ٩٨٥ تسعمائة وثمان وخمسين أن أمير الحاج محمود باشا (٢) سولت له نفسه الهجوم على (الشريف صاحب) (٣) مكة أبي نمي ، يوم عيد النحر وقتله ، هو وأولاده في ساعة واحدة ، فظفرهم الله سبحانه وتعالى به ، ووقع في أيديهم ، فأرادوا (٤) قتله (٥). ثم إن الشريف خشي

__________________

من العلماء ـ ط ١ ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان ١٤٠٣ ه‍ / ١٩٨٣ م ـ مقدمة التحقيق ص ٧ ، ٨.

(١) وهذا يخالف ما دعى إليه الإسلام ، فالإنسان بأعماله وليس بقرابته من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنما التفاضل هو بالتقوى لا بالقرابة. قال الله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) آية رقم ١٣ من سورة الحجرات.

(٢) هو عتيق محمد باشا نائب الشام ، ثم أصبح كتخدا والي مصر داود باشا ، ولي إمارة الحج المصري سنتي ٩٥٧ ه‍ ، ٩٥٨ ه‍. عينه الوزير علي باشا سنجقا من الأمراء المحافظين بمصر ، ولم يزل يرقيه إلى أن جعله بكلربكيا اليمن عوضا عن قرة شاهين مصطفى باليمن فدخلها في شهر صفر سنة ٩٦٨ ه‍ ثم عزل عنها سنة ٩٧٢ ه‍ ، فولي مصر حيث قتل فيها سنة ٩٧٥ ه‍. انظر : الجزيري ـ درر الفرائد ٣٩٩ ، النهروالي ـ البرق اليماني ١٢٦ ـ ١٥٧ ، ابن علي ـ غاية الأماني ٢ / ٧١٩ ـ ٧٢٢ ، ٧٢٤.

(٣) ما بين قوسين في بقية النسخ» شريف».

(٤) في (ب) «وأراد» ، وهو خطأ ، وفي (ج) ، (د) «وأرادوا».

(٥) أضاف العيدروس في النور السافر ص ٢٥٠ «وجميع جنوده».

٣١٤

على الحجاج / فأمسك عن قتله وأمر بإطلاقه ، ثم ذهب ـ أعني الشريف ـ ليلة النفر إلى مكة والناس في أمر مريج فلم يزد (١) ذلك الجبار (٢) إلا طغيانا (٣) فنادى أن الشريف معزول. فلما سمع الأعراب ذلك نهبوا الحجاج وأخذوا (٤) أموالا كثيرة ، وعزموا على أخذ مكة أيضا (٥) ، فبلغ ذلك الشريف (٦) ، وعلم هلاك الحاج ، فركب بنفسه ، وأثخن في العرب (٧) الجراح ، وقتل بعضهم فخمدوا (٨).

واستمر أمير الحاج بمكة ، والناس في امر مريج بحيث عطلت أكثر شعائر الحج. ثم رحل [محمود](٩) الباشا (١٠) ، وهو يتوعد الشريف بالعزل ، والنقمة (١١) والسلطنة (١٢).

__________________

(١) في (ج) «يزدد».

(٢) أي محمود باشا أمير الحاج.

(٣) في (ب) «طمنعانا» ، وهو خطأ ، وفي (ج) «عنادا وطغيانا».

(٤) في (د) «وأخذا» ، وهو خطأ.

(٥) سقطت من (ج). في العيدرس ـ النور السافر ص ٢٥٠ «وعزموا على نهب مكة بأسرها واستئصال الحجاج والأمير وجنده».

(٦) سقطت من (ب) ، (ج).

(٧) في (ب) «العراب» ، وفي (ج) «الأعراب».

(٨) سقطت من (ب) ، (ج).

(٩) ما بين حاصرتين زيادة من بقية النسخ.

(١٠) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «باشا».

(١١) في (ب) ، (ج) «النعمة» ، وهو خطأ.

(١٢) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «من». انظر هذه الأحداث في : العيدروس ـ النور السافر ٢٥٠ ، محب الدين الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ٩٥٨ ه‍ ،

٣١٥

ثم كان عكس ما أضمر (١). فلما وصل الخبر إلى الأبواب [السلطانية](٢) أرسلوا بالتأييد ، والاعتذار عما وقع من الباشا محمود (٣) ، وأنه قوبل بما يستحق (٤) من النكال. ـ وكان ذلك (٥) من كرامات صاحب مكة ـ انتهى ملخصا» (٦).

وذكر مولانا السيد أبو بكر بن السيد سالم شيخان (٧) ومن خطه نقلت في ترجمة مولانا السيد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن أحمد بن الأستاذ الأعظم الفقيه (٨) المقدم باعلوي (٩) صاحب

__________________

زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٥٣ ، ٥٤ ، وأما في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٣١ فوردت فيه مع بعض الاختلاف.

(١) في (ب) ، (ج) «أضمره».

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (ج).

(٣) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «محمود باشا».

(٤) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «يستحقه.»

(٥) سقطت من (ب) ، (ج).

(٦) ذكر المؤرخون أن هذه الوقعة تعرف عند أهل مكة بسنة الهبة وسنة الفتنة. انظر : النهروالي ـ البرق اليماني ١٢٦.

(٧) هو أبو بكر بن سالم بن أحمد بن علي بن أبي بكر مولى الدويلة شيخان ، ولد بمكة سنة ١٠٢٦ ه‍ ، وتوفي فيها سنة ١٠٨٥ ه‍ ، فقيه وأديب. من مؤلفاته : شرح كبير على منسك الحج للخطيب الشربيني ، وكان ينظم وينثر. انظر : المحبي ـ خلاصة الأثر ١ / ٨٢ ـ ٨٤ ، الزركلي ـ الأعلام ٣ / ٦٢ ، كحالة ـ معجم المؤلفين ٣ / ٦٢.

(٨) في (ب) «الفقه».

(٩) صوفي من أهل حضرموت ، جاور بمكة ١٤ سنة ، اشتهر بها بالعيدروس ، اعتقد الناس بكراماته وأقاموا الاحتفالات بمولده على العادات البدعية ، وحاول ناظر الحرم

٣١٦

الشبيكة (١) [الشهير ببافقيه](٢) قال :

«ومن كراماته أنه أرسل إلى الشريف أبي (٣) نمي (صاحب مكة) (٤) كتابا يقول (٥) فيه : ما عليك من الطباخين ، والعبيد ، والفلاحين ، وأنت منصور عليهم مع إشارات (٦) كثيرة لم يفهم معناها إلا بعد ، وأرسلها مع خادمه. فحفظ الشريف الكتاب. فوقعت تلك السنة ، وهي سنة ٩٥٨ تسعمائة وثمان وخمسين فتنة أمير الحاج المصري بمنى. فلما أراد الخادم أن يسافر إلى حضرموت (٧) طلب من الشريف جواب الكتاب فقال له

__________________

الشريف محمد بن سليمان المغربي إزالة هذه البدعة لما يحصل فيها من منكر بخروج الرجال والنساء إلى هذا الضريح وذلك سنة ١٠٨٦ ه‍ إلا أنه لم يتمكن من ذلك. انظر :

العيدروس ـ النور السافر ٢٨٦ ، ٢٨٧ ، الشلّي ـ السنا الباهر / أحداث سنة ٩٧٤ ه‍ ، السنجاري ـ منائح الكرم / أحداث سنة ١٠٨٦ ه‍.

(١) الشّبيكة : تصغير الشبكة لبتي يصاد بها ، بين مكة والزاهر على طريق التنعيم ، واليوم هي حي كبير من أحياء مكة المكرمة ومن أعرقها. انظر : ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٣ / ٣٢٤ ، البغدادي ـ مراصد الإطلاع ٢ / ٧٨٢ ، ٧٨٣ ، البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٥ / ١٨ ، ١٩.

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) حيث استدركها الناسخ على حاشية المخطوط لصفحة ٧٣.

(٣) في (د) «أبا» ، وهو خطأ.

(٤) ما بين قوسين سقط من بقية النسخ.

(٥) أضاف ناسخ (ب) «له» ، وفي (د) «يقوله» ، وهو خطأ.

(٦) في (ب) «اشاراة» ، وفي (ج) «اشارة».

(٧) حضرموت : ناحية واسعة تقع شرقي عدن بقرب البحر ، حولها رمال كثيرة تعرف بالأحقاف ، بها قبر هود عليه‌السلام ، لها مدينتان يقال لأحدهما تريم وللأخرى

٣١٧

الشريف : «شيخك صفته كذا ، كذا ، وجعل يصف السيد.

فقال الخادم : «نعم (١) هذه صفة سيدي السيد عبد الله بافقيه».

فقال الشريف : «نعم رأيته في وقت (٢) الواقعة وهو أمامي يذود الناس عني» (٣) ـ رحمه‌الله تعالى ـ انتهى.

وذكر العلامة (٤) الإمام علي بن عبد القادر الطبري في تاريخه (٥) بعد ذكر هذه الواقعة ما نصه : «وكان شيخ مشايخنا الشيخ (٦) محمد بن أبي الحسن البكري الصديقي / حج في (هذا العام) (٧) وكان قد نزل (إلى

__________________

شبام. واليوم هي جزء من الجمهورية اليمنية على خليج عدن والبحر العربي ، أهم مدنها وموانيها المكلا. انظر : ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٢ / ٢٦٩ ـ ٢٧١ ، الموسوعة العربية الميسرة ص ٧٢٦.

(١) سقطت من بقية النسخ.

(٢) في (ب) «قف» ، وهو خطأ.

(٣) وهي من البدع التي أغرق الصوفيون فيها في عصور انحطاط المسلمين ، وقاموا بحركات تجذب الجهال إليهم مثل ما حصل في هذه الحكايات. وانظر القصة أيضا في : زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٥٣ ، ٥٤.

(٤) سقطت من (ج).

(٥) في الأرج المسكي ورقة ٧٣.

(٦) في الأرج المسكي ورقة ٧٣» جمال الدين محمد». وهو : محمد بن علي بن محمد بن أبي الحسن البكري الصديقي المصري الشافعي ، صوفي توفي سنة ٩٩٤ ه‍ ، جاور بمكة مرارا. انظر : الغزي ـ الكواكب السائرة ٣ / ٦٧ ـ ٧٢.

(٧) ما بين قوسين ورد في (ج) «هذه السنة» وهي بالمعنى نفسه.

٣١٨

مكة) (١) للطواف والسعي وكان عنده في منزله الشيخ أحمد الحرفوش فحصلت للشيخ محمد حالة [جلال](٢) فجعل (٣) يدور في المجلس الذي هو فيه وهو (٤) قد امتلأ غيظا ، ويشير بيده ويقول :

حوش يا (٥) حرفوش كأن يدفع شيئا ، فاستغرب الحرفوش ذلك ، ثم إن الشيخ سكنت (٦) حالته وقال للحرفوش :

الآن (٧) وقعت بمنى فتنة عظيمة ، وكان الأمر كذلك (٨).

ويحكى عن بعض مشايخ اليمن أنه أمر بعض فقرائه بأن يجبذ (٩) ماء من بئر عندهم في بلده ، ويكبه في الأرض في ساعة الوقعة. ثم عاد إلى شعوره وقال :

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من بقية النسخ.

(٢) في علي بن عبد القادر الطبري ـ الأرج المسكي ورقة ٧٣ «جلاء» ، ويقصد بذلك حالة الكشف التي يزعم المتصوفة أنهم يتمتعون بها.

(٣) سقطت من (ب) ، (ج).

(٤) سقطت من (د).

(٥) حوش باللهجة المصرية بمعنى ادفع عني.

(٦) في (د) «سكت».

(٧) في (ب) «إلا ان».

(٨) وهذه الحكاية كسابقتها من البدع التي ابتدعها الصوفيون. انظر القصة أيضا في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٣١ ، ٣٣٢ وفيه أنه وقعت سنة ٩٥٥ ه‍ ، زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٥٤ وفيه أنها وقعت سنة ٩٥٨ ه‍.

(٩) في (ج) «يجب» ، وفي (د) «يجذب» وهي بالمعنى نفسه. جبذ الشيء جذبه. انظر : الرازي ـ مختار الصحاح ٩١.

٣١٩

وقعت بمنى فتنة عظيمة ، وطفيناها بهذا الماء (١). انتهى كلام الإمام إلا أنه قال : أن هذه الواقعة كانت سنة ٩٥٠ تسعمائة وخمسين ، ولعله من الكاتب (٢)) ـ والله أعلم ـ.

قلت (٣) :

ومحمود باشا هذا ذكره القطب (٤) [في البرق اليماني في الفتح العثماني](٥) فيمن ولي اليمن ، وأنه أرسله داود باشا (٦) صاحب مصر بخلع إلى الشريف الحسن (٧) بن أبي نمي ، فلما وصل مكة كأنه لم يرض بما قوبل به من جهة (٨) الشريف ، فعاد إلى مصر وهو غضبان (٩) في

__________________

(١) وهذه الحكاية كسابقاتها من البدع الصوفية.

(٢) أي ناسخ كتاب تاريخ عبد القادر الطبري. وما بين قوسين سقط من بقية النسخ. انظر تاريخ عبد القادر الطبري ورقة ٧٣. وقد وردت هذه القصة في : زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٥٤ وفيه وقعت سنة ٩٥٨ ه‍.

(٣) أي المؤلف.

(٤) أي النهروالي.

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من (د) ، وورد في (ب) «في البرق اليماني في من ولي الفتح العثماني» ، وفي (ج) «في البرق اليماني». انظر ص ١٢٦ ـ ١٥٩.

(٦) سبق ترجمته ص ٤٢٣.

(٧) في (ب) ، (ج) «حسن» وسقطت من (د). انظر ترجمته في : الشلّي ـ عقد الجواهر والدرر / أحداث سنة ١٠١٠ ه‍ ، المحبي ـ خلاصة الأثر ٢ / ٢ ـ ١٤ ، العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٣٣٠ ، «٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٤٤٦ ، ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ٩٩٢ ـ ١٠١٠ ه‍ ، زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٥٦ ـ ٦١ ، الزركلي ـ الأعلام ٢ / ٢١٨ ـ ٢١٩.

(٨) سقطت من (د).

(٩) كذا من ج وبالأصل تعبان.

٣٢٠