كالحرافة والمرارة والملوحة والحموضة وغير ذلك (١) [أو بالشّم] وهي قوّة رتّبت (٢) في زائدتي مقدّم الدّماغ الشّبيهتين بحلمتي الثّدي [من الرّوائح (٣) أو باللّمس] وهي قوّة سارية في البدن (٤) يدرك بها الملموسات [من (٥) الحرارة والبرودة والرّطوبة واليبوسة]
________________________________________
(١) أي كالدّسومة ، والحلاوة ، والعفوصة ، والقبض ، والتّفاهة ، فهذه مع ما في الشّرح تسعة ، ثمّ الدّسومة : طعم فيه حلاوة لطيفة مع دهنيّة فهو ملائم للذّوق لكن دون الحلاوة في الملائمة ، والحلاوة : طعم ملائم للذّوق غاية الملائمة ، والعفوصة : طعم منافر للذّوق قريب من المرارة ، والقبض : طعم منافر فوق الحموضة تحت العفوصة ، ولذا قيل في الفرق بينهما أنّ العفوصة تقيّض ظاهر اللسان وباطنه ، والقبض يقبّض ظاهره فقطّ.
والتّفاهة : لها معنيان كون الشّيء لا طعم له ، كما إذا وضعت إصبعك في فمك ، وكون الشّيء لا يحسس طعمه لكثافة أجزائه فلا يتحلّل منه ما يخالط الرّطوبة اللّعابيّة ، فإذا احتيل في تحليله أحسّ منه طعم كالحديد مثلا ، والمعدود من الطّعوم التّفاهة بالمعنى الثّاني. وإنّما قلنا أصولها لأنّ ما سواها من الطّعوم أنواع لا تتناهى مركّبة منها.
(٢) أي رتّبها الله ، بمعنى أنّه خلقها وجعلها في زائدتي مقدّم الدّماغ ، وهما حلمتان زائدتان هناك شبيهتان بحلمتي الثّديين ، فهما بالنّسبة لمجموع الدّماغ مع خريطته كالحلمتين بالنّسبة إلى الثّديين ، كلّ واحد منها تقابل ثقبة من ثقبتيّ الأنف ، وعلى هذا فلا إدراك في الأنف ، وإنّما هو واسطة ، لأنّ القوّة الشّامّة بتينك الزّائدتين ، بدليل أنّه إذا سدّ الأنف من داخل انقطع إدراك المشموم ، ولو سلّم نفس الأنف من الآفات.
(٣) بيان لما يدرك بالشّمّ ، ولا حصر لأنواع الرّوائح ، ولا أسمائها إلّا من جملة الملائمة للقوّة الشّامّة وعدم الملائمة لها ، فما كان ملائما يقال له : رائحة طيّبة ، وما كان غير ملائم يقال له : رائحة منتنة.
(٤) أي في ظاهر البدن كلّه ، وهو الجلد كما هو المصرّح به في كتب الحكمة ، فلا يرد أنّ هذه القوّة لم تخلق في الكبد ، والرّئة ، والطّحال ، والكلية ، والعظم ، فكيف يقول الشّارح سارية في البدن مع أنّ هذه من جملته.
(٥) بيان لما يدرك باللّمس ، ثمّ هذه الأربعة هي أوائل الملموسات ، سمّاها أوائل الملموسات ، لأنّها مدركة باللّمس من دون واسطة ، وما عداها من اللطّافة ، والكثافة ، واللزّوجة ، والبلّة ،