الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦١٣
وكلّما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز عوضا في الإجارة ، فيجوز أن يكون عينا ، أو منفعة أخرى ، اتّفق جنسها ، كسكنى دار بسكنى أخرى ، أو اختلف كاستخدام عبد بالسكنى.
ويجوز ، أن تكون مطلقة بشرط الوصف الرافع للجهالة ، ومعيّنة موصوفة معلومة المقدار ، ولا يكره بالطعام الموصوف ، ولو استأجر دارا بعمارتها ، جاز مع التعيين ، وإلّا فلا ، وكذا لو استأجر بدراهم ويشترط صرفها إلى العمارة.
ولو استأجر لسلخ الميتة بجلدها ، لم يجز ، ولو كان للمذكّى ، قال الشيخ : يجوز. (١) وعندي فيه نظر لجهالة الجلد ، فلا يعلم خروجه سليما ، أو معيبا ، وثخينا ، أو رقيقا.
ولو استأجره لنقل الميتة بجلدها ، ثبتت له أجرة المثل ، ولو أستأجره لرعي الغنم مدّة معيّنة بنصفها أو جزء معلوم جاز ، والنماء بينهما من حين العقد على النّسبة ، وكذا لو استأجره لرعيها بشياه معيّنة منها ، ولو كانت مجهولة لم تجز وتثبت أجرة المثل ، ولو استأجره بدرّها ، أو نسلها ، أو صوفها ، أو شعرها ، أو بعض ذلك لم تجز ، وكذا لو استأجره بطعامه ، وشرابه ، وكسوته ، أو بأحدها لم تجز ، سواء كان ظئرا أو غيرها ، ولو عيّن الطعام والشراب والكسوة بما يرفع الجهالة ، جاز بشرط تعيين وقت الدفع.
ولو استأجره بعوض ، وشرط الإطعام ، والكسوة عليه (٢) ففي الجواز نظر ، فإن سوّغناه ، وتشاحّا ، رجع في القدر في الإطعام والكسوة إلى قدر كفايته بمجرى عادته ، ولا يقدّر الإطعام بمدّ.
__________________
(١) الخلاف : ٣ / ٥١١ ، المسألة ٤٤ من كتاب الإجارة ؛ والمبسوط : ٣ / ٢٥٠.
(٢) في «ب» : والكسوة العادة عليه.
وليس له إطعام الأجير إلّا ما يوافقه من الأغذية ، ولو لم يشترط طعاما ولا كسوة كانا على نفسه ، ولو شرط الأجير طعام غيره وكسوته ، جاز بشرط العلم بالمقدار ، وهل يكون ذلك للأجير إن شاء أطعمه وإن شاء تركه ، أو للمشروط له؟ فيه نظر.
ولو استأجر دابّة يعلفها ، أو بأجر مسمّى وعلفها ، فإن عيّنه جاز ، وإلّا فلا.
ولو شرط طعاما معيّنا ، واستغنى عنه بطعام نفسه ، أو غيره ، أو عجز عن الأكل لمرض ، أو غيره ، لم تسقط نفقته ، وطالب بها.
ولو احتاج إلى دواء لمرضه ، لم يلزم المستأجر ، ويجب دفع قدر المشترط من الطعام ، يشتري به ما يصلح له ، ولو شرط الطعام مع الأجرة ، وسوّغناه مع الإطلاق ، لزمه بقدر طعام الصحيح ، ولو استفضل من طعامه ، فإن كان المؤجر دفع إليه أكثر من الواجب ليأكل قدر حاجته ، ويستردّ الباقي ، أو كان في تركه لأكله ضرر على المؤجر ، بأن يضعف عن العمل ، أو يقلّ لبن الظئر ، منع منه ، ولو لم يلحقه ضرر في الاستفضال ، ودفع إليه الواجب خاصّة أو أزيد ، وملّكه الباقي جاز له الاستفضال.
ولو قدّم الطعام فنهب أو تلف قبل أكله ، فإن كان بعد القبض ، فهو من ضمان الأجير ، وإلّا فمن ضمان المستأجر. ولو كان على مائدة ولا يخصّه فيها بطعامه ، فهو من ضمان المستأجر.
ولو قال : بع هذا الثوب بكذا ، فما ازددت فهو لك ، فالوجه عندي وجوب أجرة المثل للدلّال ، والزيادة للمالك ، ولا يلزمه الوفاء ، ولو باعه بالقدر المسمّى ، ثبتت له أجرة المثل أيضا ، ولو باعه بنقص ، لم يصحّ البيع ، ولو تعذّر الردّ ،
ضمن النقص ، وللشيخ قول بضمان النقصان مطلقا (١). ولو باعه نسيئة لم يصحّ.
ولو استأجره لحصد الزرع أو صرام النخل بجزء منه معلوم كالسّدس وشبهه جاز ، وكذا لو استأجر الطحان بالنخالة المتبرّعة أو بقفيز منها.
ولو شرط للمرضعة جزءا من المرتضع الرقيق بعد الفطام ، ولقاطف (٢) الثمار جزءا منها بعد الصرام جاز ، وكذا في الحال.
فلو قال : إن خطته اليوم ، فلك در همان ، وإن خطته غدا ، فدرهم.
فللشيخ قولان أحدهما الجواز ، ويلزمه إن عمله في الأوّل درهمان ، وإن عمله في الثاني درهم (٣) والثاني الجواز أيضا ، لكن إن عمله في الأوّل لزمه درهمان ، وإن عمله في الثاني كإن له أجرة المثل ، لكن لا يزاد عن درهمين ولا ينقص عن درهم (٤) ولو قيل بالبطلان وثبوت أجرة المثل كان وجها ، وأوّل قول الشيخ لا يخلو من قوّة.
ولو قال : إن خطته روميّا ـ وهو ما يعمل بدرزين ـ فلك درهمان ، وإن خطته فارسيّا ـ وهو ما يكون بدرز واحد ـ فلك درهم ، جاز على إشكال.
ولو استأجره ليحمل متاعه إلى موضع معيّن بأجرة معيّنة في وقت معيّن ، فإن قصّر عنه ، نقّص من أجرته شيئا ، جاز (٥) ، ولو شرط سقوط الأجرة مع التقصير ، لم يجز ، وله أجرة المثل عملا ، برواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الباقر عليهالسلام (٦) وهل يتعدّى الحكم؟ الوجه ذلك ، فلو استأجره إلى مصر
__________________
(١) النهاية : ٤٠٨.
(٢) في مجمع البحرين : قطفت العنب : قطعته.
(٣) الخلاف : ٣ / ٥٠٩ ، المسألة ٣٩ من كتاب الإجارة.
(٤) المبسوط : ٣ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.
(٥) جواب «لو الشرطية».
(٦) الوسائل : ١٣ / ٢٥٣ ، الباب ١٣ من كتاب الإجارة ، الحديث ١.
بأربعين ، فإن نزل دمشق فثلاثون ، فإن نزل الكوفة فعشرون ، ففي الجواز نظر.
ولو اكترى دابّة وشرط ، إن ردّها ليومها فدرهم ، ولغدها درهمان ، ففي الجواز نظر.
٤٢٠٦. الثالث : أن تكون المنفعة إمّا بالتبعيّة لملك العين أو بانفرادها ، فلو استأجر عينا ، جاز أن يؤجرها غيره ممّن يساويه أو يقصر عنه في استيفاء المنفعة ، ما لم يشترط المالك عدم ذلك ، قبل قبض العين ، للمؤجر وغيره أيضا ، أو الأقرب أنّه ليس له إبدال الثوب الّذي عيّن للخياطة ، والصبيّ الذي عيّن للارتضاع والتعليم.
ثمّ المستأجر إن أحدث في العين حدثا ، كحفر النهر ، وبناء الحائط ، وعمل الباب ، وغير ذلك ، وإن قلّ العمل ، جاز أن يؤجرها بأكثر ممّا استأجرها به ، سواء كان من الجنس أو من غيره ، وإن لم يحدث فيها حدثا ، ففي جواز إجارتها بأكثر ممّا استاجرها من الجنس قولان أقربهما المنع ، ولو آجرها بغير الجنس جاز ، سواء كان بالزيادة أو النقصان ، ولو آجرها من الجنس بأقلّ ، جاز أيضا.
ولو آجر بالجنس من غير حدث بأزيد ، ففي بطلان العقد نظر ، ومع القول بالصحة لا تجب الصدقة بالزيادة ، (١) ولو سكن بعض الدار ، وآجر الباقي بغير الجنس ، جاز بالزيادة والنقصان ، ولو كان من الجنس لم يجز أن يوجره بأزيد إلّا أن يحدث فيه حدثا ، ويجوز أن يؤجره بأكثر [من] مال الإجارة.
والصانع إذا تقبّل عملا بشيء معلوم لم يجز أن يقبّله غيره بأقلّ من ذلك
__________________
(١) ناظر إلى ردّ فتوى أحمد بن حنبل حيث قال : «فإن فعل تصدّق بالزيادة». لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٥٥.
ما لم يحدث فيه حدثا ، كقطع الثوب ، أو خياطة شيء منه ، أو يعطيه خيوطا أو إبرة ، ولو أحدث حدثا جاز أن يقبّله بأقلّ من ذلك الجنس وغيره ، وكذا لو لم يحدث وقبّله بأقلّ من غير ذلك الجنس.
ولو شرط المؤجر استيفاء المنفعة بنفسه فآجرها ، ضمن. ولا تجوز إجارة ما لا منفعة له ، أو تكون له منفعة لا اعتبار بها في نظر الشرع ، أو تكون له منفعة محرّمة ، ولا يجوز أن يؤجر مال غيره إلّا بإذنه ، فإن فعل ، فالأقرب وقوفه على الإجازة.
٤٢٠٧. الرابع : أن تكون المنفعة معلومة
وفيه عشرون بحثا :
٤٢٠٨. الأوّل : يجب كون المنفعة معلومة لينفى الغرر ، فلو كانت مجهولة ، مثل أن يستأجر أحد الدارين لم يجز ، والعلم يحصل إمّا بتقدير العمل ، كخياطة الثوب ، وبناء الجدار ، ونسخ الكتاب ، وإمّا بتقدير المدّة ، كالخياطة شهرا ، أو سنة مثلا.
ولو كانت العين ممّا له عمل ، كالحيوان ، جاز الوجهان ، وإن لم يكن له عمل ، كالدار والأرض ، لم يجز إلّا على الوجه الثاني.
وهل يجوز تقييد المنفعة بالمدّة والعمل معا ، كما لو استاجره ليخيط له هذا الثوب في هذا اليوم؟
قال الشيخ : لا يجوز ، لإمكان الفعل في أقلّ من ذلك الزمان وأكثر (١)
__________________
(١) المبسوط : ٣ / ٢٢١.
ويحتمل الجواز ، لأنّ الإجارة وقعت على العمل ، والمدّة ذكرت للتعجيل ، فحينئذ إن فرغ قبل المدّة ، لم يكن له إلزامه بالعمل في باقيها ، وإن خرجت المدّة قبله ، فللمستاجر فسخ العقد ، فإن فسخ قبل عمل شيء ، فلا أجرة ، وإن كان بعده ، كان عليه أجرة مثل ما عمل ، وإن اختار الإمضاء ألزمه بباقي العمل خارج المدّة لا غير ، وليس للأجير الفسخ.
٤٢٠٩. الثاني : إذا قرنت المنفعة بالمدّة ، وجب أن تكون مضبوطة لا تتطرق إليها الزيادة والنقصان ، كالسّنة ، والشهر ، واليوم.
ولو عقد على ما لا ينضبط ، كإدراك الغلّات ، وقدوم الحاجّ ، لم يجز ، ووجب أجرة المثل مع استيفاء المنفعة ، ولو استأجر كلّ شهر بكذا ، ولم يعيّن الأشهر ، قال الشيخ : يصحّ ويكون له المسمّى في شهر واحد وأجرة المثل في الزائد (١) والوجه عندي البطلان ، وتكون له أجرة المثل في الجميع.
ولو قرنت بالعمل ، كخياطة الثوب ، وبناء الجدار ، اقتضى ذلك التعجيل إن شرطاه ، أو أطلقا.
ولو شرط مدة متأخرة عن العقد ، قال الشيخ : لم يجز (٢). وعندي فيه نظر. قال : ولو كانت الإجارة في الذمّة ، مثل أن يستأجر ظهرا للركوب ، جاز أن تكون معجّلة ومؤخّرة. قال : ولو أستأجره لتحصيل خياطة خمسة أيّام بعد شهر لم يجز (٣).
ولو قال : آجرتك من هذا الوقت شهرا بكذا (٤) وما زاد فبحسابه ، صحّ في الشهر وكان في الزائد أجرة المثل.
__________________
(١) النهاية : ٤٤٤ ؛ والمبسوط : ٣ / ٢٢٣.
(٢) المبسوط : ٣ / ٢٣٠.
(٣) المبسوط : ٣ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.
(٤) كذا في «أ» : ولكن في «ب» : شهرا للركوب بكذا.
٤٢١٠. الثالث : إذا أطلق السنة ، وجب احتساب اثني عشر شهرا أهلّة ، ولو شرط هلالية ، كان تأكيدا ، ولو قال : عددية ، أو سنة بالأيّام ، وجب ثلاثمائة وستون يوما.
ولو استاجر هلالية من أوّل الهلال ، عدّ اثني عشر شهرا هلاليّة ، ولو كان في أثناء الشهر عدّ بعد كماله أحد عشر هلالا ، ثمّ أخذ من الثاني عشر بإزاء ما خرج من الشهر الأوّل ، وقيل يجب إكمال ثلاثين ، وهو حسن ، ولا يستوفي الأحد عشر بالعدد.
٤٢١١. الرابع : لو قيّد السنة بالروميّة ، وهي الّتي سبعة أشهر منها أحد وثلاثون ، وأربعة ثلاثون ، وواحد ثمانية وعشرون ، وكانا عارفين بحسابها ، صحّ ، ولو جهله أحدهما ، أو كلاهما بطلت ، ولو قيّداها بالقبطيّة : وهي التي كلّ شهر منها ثلاثون ويزيدونها خمسة ، لتساوي الرومية ، جاز أيضا مع العلم بالحساب ، ومع هذين القيدين تكون مدّة الإجارة ثلاثمائة وخمسة وستّين يوما.
٤٢١٢. الخامس : لو آجره إلى العيد ، وعيّنه ، حمل على المعيّن ، وإن أطلق ، حمل على الأقرب ، ويحتمل البطلان ، وتخرج المدّة بدخول أوّل جزء منه ، وكذا لو علّقه بشهر يشترك ، فيه اثنان ك «جمادى» و «ربيع» ولو علّقه ب «رجب» أو بشبهه من المنفرد ، حمل على «رجب» سنته مع احتمال ما قلنا.
ولو علّقه بيوم ، حمل على أقرب أيّام الأسبوع إليه ، إلّا أن يعيّن غيره ، ولو علّقه بعيد من أعياد الكفّار ، وهما يعلمانه ، صحّ ، وإلّا فلا.
٤٢١٣. السادس : لو آجره إلى العشاء ، فآخر المدّة غروب الشمس لا
زوالها (ولو قال : إلى العشيّ ، فكذلك مع احتمال الزوال على ضعف) (١) ولو قال : إلى الليل ، فهو إلى أوّله ، وكذا إلى النهار ، ولو استاجره نهارا ، فهو إلى غروب الشمس ، وليلة إلى طلوع الفجر.
٤٢١٤. السابع : لو استأجر فسطاطا إلى مكّة ولم يعيّن وقت الخروج ، بطل العقد ، وكذا كلّ ما يستأجر مدّة ، ولم يعيّن ابتداءها.
٤٢١٥. الثامن : لا يشرط في مدّة الإجارة اتّصالها بالعقد ، فلو آجره «المحرّم» وهما في «رجب» صحّ سواء كانت العين مشغولة بغيره ، أو لا ، فإن كانت الإجارة على مدّة تلي العقد ، لم يحتج إلى ذكر ابتدائها ، وإن كانت لا تليه ، وجب ذكر ابتدائها ، ولو أطلق ، فقال : آجرتك سنة أو شهرا ، فالأقرب الصحة ، وابتداء المدّة من حين العقد ، وإن لم يسمّ السنة والشهر ، فعلى هذا يجوز أن يؤجر العين الواحدة لاثنين في زمانين قبل أن تنقضي مدّة الأوّل.
٤٢١٦. التاسع : لا يتقدّر أكثر مدّة الإجارة بقدر ، بل يجوز على ما تراضيا عليه ، وإن تجاوز سنة أو ثلاثين سنة أو أكثر ، ولو استاجره شهرا ، لم يجب تقسيط الأجر على الأيّام ، وكذا لو استاجره سنة لم يحتج إلى تقسيط أجر كلّ شهر ، وكذا لو استأجره سنتين فصاعدا ، لم يجب تقسيط أجر كلّ سنة ، ولو قسّط الأجر على أجزاء المدّة ، جاز ، فإن انهدمت الدار في بعض الأجزاء ، سقط ما سمّاه في التقسيط ، وإن لم يقسّط ، لزم تقسيط المسمّى في أصل العقد ، ورجع بحصّته.
٤٢١٧. العاشر : يجوز استئجار المنازل ، والعقار بشرط التقييد بالمدّة المعيّنة ،
__________________
(١) ما بين القوسين يوجد في «ب».
ولا بدّ فيه من المشاهدة ، أو الوصف الرافع للجهالة ، إن أمكن ضبطه بوصف ، ويثبت له خيار الرؤية.
ولو آجرها للزراعة ، فإن كان بحرث جريب معلوم ، وجب مشاهدته ، أو وصفه بما يرفع الجهالة ، ولا تصحّ إجارة العقار في الذمّة ، بل يكون مشاهدا أو موصوفا.
٤٢١٨. الحادي عشر : إذا استأجره لعمل معيّن ، فإن قدّره بمدّة ، مثل أن يستأجره شهرا ليحفر له بئرا ، أو نهرا ، لم تجب معرفة القدر ، وعليه أن يحفر المدّة ، وهل يحتاج إلى معرفة الأرض؟ فيه نظر ، وإن قدّره بالعمل ، مثل أن يستأجره لحفر بئر معيّنة ، أو نهر معيّن ، وجب مشاهدته ، ومعرفة دور البئر ، وعمقها ، وطول النهر ، وسعته ، وعمقه ، ولو حفر بئرا ، وجب أن يشيل (١) التراب ، ولو انهار تراب من جوانبها. أو سقطت فيه بهيمة وشبهها ، لم يجب عليه إخراجه ، ولو وقع من التراب الذي أخرجه فيها لزم الحفّار إخراجه إلّا أن يقع بعد تسليمها محفورة.
ولو حصل بصخرة (٢) أو جماد يمنع الحفر ، أو نبع ماء يمنعه ، لم يلزمه حفره ، ويتخيّر في الفسخ ، فيثبت له من الأجر بنسبة ما عمل ، فيقسط الأجرة عليه وعلى الباقي ، ويأخذ بالنسبة ، ولا يقسط على الأذرع.
وفي رواية : من استأجر ليحفر بئرا عشر قامات بعشرة دراهم فحفر قامة وامتنع من الباقي ، بسطت الأجرة على خمسة وخمسين جزءا فما أصاب واحدا فهو للقامة الأولى ، والاثنين للثانية ، وهكذا (٣) والأوّل أقرب.
__________________
(١) شاله شيلا : رفعه. المعجم الوسيط : ١ / ٥٠٤.
(٢) أي وصل الحفر إلى الصخرة.
(٣) الوسائل : ١٣ / ٢٨٤ ، الباب ٣٥ ، من أبواب الإجارة ، الحديث ٢.
أقول : ولنا بحث حول الرواية سندا ومتنا أوردناه في إصباح الشيعة : ٢٨٠ ـ ٢٨١.
ولو كانت الصخرة ممّا يمكن حفرها أو ثقبها مع المشقة ، قال الشيخ : يجب عليه ذلك (١) وعندي فيه نظر.
٤٢١٩. الثاني عشر : لو استأجره لضرب اللّبن ، وقرنه بالعمل ، افتقر إلى بيان العدد ، وذكر القالب ، وموضع الضرب ، وما يؤخذ منه الماء ، فإن كان هناك قالب معروف ، جازت الحوالة عليه ، وكذا لو عيّن أبعاده.
ولو شرط قالبا غير معروف ، وهو مشاهد ، فالوجه الجواز.
ولو قرنه بالزمان ، لم يفتقر إلى ذلك ، سوى موضع الضرب على إشكال.
٤٢٢٠. الثالث عشر : لو استاجره للبناء ، فإن قدّره بالعمل ، افتقر إلى معرفة المكان ، وموضع الماء ، وذكر أبعاد الحائط ، وآلة البناء من لبن أو حجر ، أو طين.
ولو استأجره لبناء آجرّ (٢) معروف العدد ، أو لبن كذلك ، ثم سقط الحائط بعد البناء ، استحقّ الأجر ، إن لم يكن بتفريطه ، وبناه محكما ، ولو فرّط ، أو بناه محلولا ، فعليه الإعادة ، وغرامة ما تلف من الآلة.
ولو استأجره لبناء عشرة أذرع ، فرفع بعضها ثم سقط ، أعاده وأتمّ المقدّر.
٤٢٢١. الرابع عشر : إذا استأجره للنسخ ، وقرنه بالعمل ، وجب ذكر عدد الأوراق ، وقدرها ، وعدد السطور ، وقدر الحاشية من كلّ جانب ، ودقّة القلم وغلظه.
__________________
(١) المبسوط : ٣ / ٢٣٧.
(٢) في مجمع البحرين : الآجرّ ـ المدّ والتشديد أشهر من التخفيف ـ : اللبن إذا طبخ ، والواحدة آجرّة ، وهو معرّب.
ثمّ الخطّ إن عرف بالمشاهدة ، أو الوصف الرافع للجهالة ، جاز وإلّا افتقر إلى مشاهدته ، ويجوز تقدير الأجر بأوراق الفرع وبأوراق الأصل ، ولو قاطعه على نسخ الأصل بشيء معلوم جاز ، وإذا غلط قليلا تجري به العادة ، لم يكن عليه شيء ، وان تجاوز العادة ، فهو عيب يردّ به.
ولو كان الكاغذ من المستأجر ، كان عليه الأرش ، ولا يجوز له التشاغل بما يقتضي غلطه ، كالمحادثة وقت الكتابة ، وكذا ما يشبه الكتابة كالنّساجة.
٤٢٢٢. الخامس عشر : لو استأجره لحصاد الزرع ، قرنه إمّا بمدّة معيّنة ، أو عمل معلوم ، وكذا في دوسه (١) أو تصفيته ، ونقله إلى موضع معيّن.
ولو أستأجره للاحتطاب ، أو الاحتشاش ، جاز ، وقرنه بالمدّة أو العمل ، ولو آجر نفسه لنقل حطب ، وقرنه بالعمل ، جاز أن ينقل بغيره معه ، وإن قرنه بالمدّة ، فإن كان لا ضرر فيه ، فالأقرب الجواز ، وإن كان فيه ضرر ، فالأقرب سقوط ما قابل فعله مع الثاني من الأجرة ، وهكذا حكم كلّ أجير خاص عمل مع غير مستأجره.
٤٢٢٣. السادس عشر : لو استأجره لاستيفاء القصاص ، وقرنه بالعمل جاز ، وكذا إن قرنه بالمدّة مع كثرته ، وعلى التقديرين فهل الأجرة على المقتصّ منه ، أو على المستوفي؟ نظر من حيث إنّ الاستيفاء واجب ولا يتم إلّا بالأجرة ، فتجب ، كالوزان ، ومن حيث إنّ المقتصّ منه عليه التمكين ، وقد حصل ، والأوّل فيه قوة.
٤٢٢٤. السابع عشر : لو استأجره ليشتري له ثيابا ، قرنه بالمدة ، ولو عيّن العمل ، فجعل له من كلّ ألف درهم يشتري بها شيئا معلوما ، صحّ ،
__________________
(١) في النسخ : «رفعه» ولعلّ الصحيح ما أثبتناه بقرينة قول «ونقله».
ولو قال : كلّما اشتريت ثوبا ، فلك درهم أجرا ، وكانت الثياب معلومة بصفة ، أو مقدّرة بثمن ، جاز وإن لم يكن كذلك ثبتت له أجرة المثل.
٤٢٢٥. الثامن عشر : لو أستأجر الحرّ للخدمة ، لم يجز له منعه عن فرائض الصلوات اليوميّة وغيرها
كالجمع ، والأعياد ، والآيات ، والأقرب أنّ له منعه عن النوافل ، إن كانت في وقت الخدمة ، وكذا العبد.
٤٢٢٦. التاسع عشر : لو استأجر دارا ، جاز إطلاق العقد ، ولا يجب ذكر السكنى ولا صفتها ، عملا بالإطلاق ، ويجوز أن يسكنها بنفسه وعياله ، وإن لم يذكر في العقد ، وأن يسكنها غيره ممّن يقوم مقامه في الضرر أو دونه.
ويضع فيها ما جرت العادة به من الرحل ، والطعام ، والثياب ، ولا يسكنها من هو أضر منه ، كالقصّار ، والحدّاد.
ولا يجعل فيها الدّوابّ الخارجة عن العادة ، ولا يجعل فيها شيئا لم يكن ولم تجر عليه موافقة ولا شاهد حال ، مما هو مضرّ بها ، كالرّحى ، ووضع الأشياء الثقيلة فوق سطحها ، وجعل الطعام في بيوتها على سبيل الإحراز فيها.
ولا يجب ذكر عدد السكان.
ولو اكترى ظهرا ليركبه ، جاز أن يركبه غيره ممّن هو أخفّ ، ولا يركبه الأثقل ، ولا يشترط التساوي في الطول ، والقصر ، والمعرفة بالركوب ، وليس للمالك منعه عن ذلك ، ولو شرط في العقد اختصاص المستأجر باستيفاء المنفعة ، لزم.
٤٢٢٧. العشرون : لو استأجر للرضاع دون الحضانة ، أو الحضانة
دون الرضاع ، أو لهما معا ، جاز ، ولو أطلقا العقد (١) على الرضاع ، فالأقرب عدم دخول الحضانة فيه.
والحضانة : تربية الصبيّ وحفظه ، وجعله في سريره ، وأخذه منه ، وكحله ، ودهنه ، وتنظيفه ، وغسل خرقه وثيابه وأشباه ذلك ، واشتقاقها من الحضن ، وهو ما تحت الإبط تشبيها بحضانة الطير للفراخ والبيض.
ويجوز استئجار المرضعة على إرضاع من لها فيه نصيب ، ولا بدّ في الرضاع من تعيين المدّة ، ومعرفة الصبيّ بالمشاهدة ، وموضع الرضاع ، ومعرفة العوض.
وهل المعقود عليه في الرضاع ، خدمة الصبيّ وحمله ووضع الثدي في فمه ، ويكون اللّبن تابعا ، كماء البئر في الدار ، والصبغ في الصباغة ، أو اللّبن؟
الأقرب الثاني ، ولهذا تستحقّ الأجرة بالرضاع ، وإن لم تخدمه دون العكس ، وكون المنفعة عينا للرخصة (٢).
وعلى المرضعة أن تأكل وتشرب ما يكثر به اللّبن ويدرّ ، ويصلح به ، وللمستأجر مطالبتها به ، وعليها السقي (٣) بمجرى العادة.
ولا يجب صرف اللّبن بأجمعه إلى الولد لئلّا يتلف ولدها ، أو يتضرّر ، ولو اسقته لبن الغنم ، لم تستحقّ أجرا ، ولو دفعته إلى خادمتها ، فأرضعته ، فالوجه أنّه لا أجرة لها ، ولو اختلفا في الإرضاع ، فالقول قولها مع اليمين.
__________________
(١) في «ب» : ولو أطلق العقد.
(٢) أي الغالب في الإجارة كون المنفعة غير العين ، بخلاف المقام فانها هي العين (اللبن) وانما رخّص للضرورة.
(٣) سقي المرتضع.
ويجوز أن يؤجر أمته ، ومدبّرته ، وأمّ ولده ، والمأذون لها في التجارة ، للرضاع ، وليس لواحدة منهنّ الامتناع ، ولا إجارة نفسها من دون إذنه ، وإنما تجوز الإجارة على الإرضاع إذا كان في اللّبن فضل عما يحتاج الولد إليه ، ولو كان الولد مملوكا ، لأنّ السيد إنّما يملك فاضل حاجة مملوكه.
ولو كانت الأمة مزوّجة ، لم تجز إجارتها للرضاع.
إلّا بإذن الزوج على إشكال فيما إذا لم يمنع شيئا من حقوقه ، ولو زوّجها بعد الإجارة لم ينفسخ عقد الإجارة ، ويكون للزوج الاستمتاع بها وقت فراغها ، ويطؤها ، وإن لم يأذن المستأجر.
وليس له إجارة مكاتبته ، ولها أن تؤجر نفسها ، ويجوز أن يستأجر أمّه أو أخته وابنته وسائر أقاربه لرضاع ولده ، ولو استأجر زوجته لرضاع ولده صحّ ، ولزم العوض ، سواء كانت في حباله أو لا ، وليس للزوجة أن تؤجر نفسها للرضاع إلّا بإذن الزوج على إشكال ، ولو تطوّعت بإرضاع ولدها منه ، أو من غيره ، لم يجبر الأب على القبول ، وكان له منعها.
قال الشيخ : ولو تعاقدا عقد الإجارة على رضاع الولد ، لم تجز ما دامت في حباله ، وتجوز مع البينونة (١) وجوزه ابن إدريس مطلقا (٢) وهو جيّد.
وتبطل الإجارة بموت المرضعة ، أو الطفل ، فإن كان قد مضى بعض المدّة ، رجع المستأجر بما قابله ، وإلّا رجع بالجميع ، ولا تبطل بموت المستأجر ، وأجرة الرضاع على الصغير إن كان مؤسرا ، وإن كان معسرا فعلى الأب ، وليس
__________________
(١) المبسوط : ٣ / ٢٣٩.
(٢) السرائر : ٢ / ٤٧٢.
للرجل إجبار امرأته على إرضاع ولده منها ، وله إجبار مملوكته ، ومدبّرته ، وأمّ ولده ، ومكاتبته المشروطة لا المطلقة.
٤٢٢٨. الخامس (١) : أن تكون المنفعة مباحة ، فلو استأجر مسكنا ليحرز فيه خمرا ، أو دكّانا ليبيع فيه شيئا محرّما ، أو أجيرا ليحمل له حراما ، لم يصحّ العقد ، وكذا لو استأجر حائضا لكنس المسجد.
٤٢٢٩. السادس : أن تكون المنفعة مقدورا على تسليمها ، فلو استأجر الآبق للخدمة ، لم تصحّ ، ولو ضمّ إليه غيره ، ففيه نظر ، ولا تجوز إجارة الأرض للزراعة ببعض ما يخرج منها سواء عيّن مقداره ، أو جعله جزءا مشاعا.
الفصل الرابع : في باقي مباحث العقار
وهي أربعة عشر بحثا :
٤٢٣٠. الأوّل : يملك المستأجر المنافع بالعقد ، ويزول ملك المؤجر عنها ، ولا يجوز للمؤجر التصرّف فيها ، ولو استأجر دارا سنة ، فسكن شهرا مثلا ، لم يكن للمالك إخراجه منها ، فإن خرج بنفسه ، لم يسقط عنه مال الإجارة ، وكذا لو لم يسكنها أصلا ، ولو منعه المالك من السكنى في ابتداء مدّة العقد ، حتّى خرجت السنة ، انفسخ العقد.
__________________
(١) أي الشرط الخامس من شروط الإجارة الّتي بدأ بها الفصل الثالث.
ولو مكّنه بعد المنع في الابتداء ، انفسخ العقد فيما منعه ، وكان عليه أجرة الباقي بالنسبة.
ولو خرج المستأجر بعد أن سكن شهرا من قبل نفسه ، وتركها شهرا ، فسكنها المالك باقي السنة ، أو آجرها ، فالأقرب عدم بطلان الإجارة في الباقي ، ويجب على المالك أجرة المثل عن هذه المدة ، سواء زادت عن المسمّى أو ساوته ، أو قصرت عنه ، ولو سكنها شهرا ، ثمّ سكن المؤجر شهرين ، ثم تركها ، وجب على المؤجر أجرة مثل الشهرين ، وعلى المستأجر إجارة الجميع.
٤٢٣١. الثاني : لو سكن بعض المدّة ، ثمّ أخرجه المالك تمامها ، كان له أجرة (١) ما سكنه المستأجر ، ولا تسقط عنه الأجرة فيما مضى بإخراج المالك له قهرا ، وهل تنفسخ الإجارة في الباقي؟ الأقرب عدم البطلان ، وتكون للمستأجر أجرة المثل إن زادت عن المسمّى ، ولو نقصت عنه ، فالأقرب أنّه لا يضمن الزائد.
وكذا لو آجر دابّة ومنعه المالك عن استيفاء المنفعة بعد استعمالها بعض المدّة ، أو آجر نفسه أو عبده للخدمة ، ثمّ امتنع من إتمامها ، أو آجر نفسه لبناء حائط ، أو خياطة ، أو حفر بئر ، أو حمل شيء إلى موضع ، فحمله بعض الطريق ، أو بنى بعض الحائط ، أو خاط بعض الثوب ، أو حفر بعض البئر ، فإنّه لا تسقط أجرة التالف في ذلك كلّه.
ولو آجر نفسه للخدمة فهرب ، أو آجر دابّة فشردت ، أو أخذ المؤجر العين وهرب بها ، أو منعه من استيفاء المنفعة ، تخيّر المستأجر بين الفسخ
__________________
(١) في «أ» : مدّة.
والإمضاء ، فإن لم يفسخ انفسخت بمضي المدّة يوما فيوما ، فإن عادت العين في الأثناء استوفى الباقي ، ولو انقضت المدّة انفسخت الإجارة.
أمّا لو كانت الإجارة على موصوف في الذمّة ، كخياطة الثوب ، أو بناء حائط ، فالوجه أنّه يستأجر من ماله من يعمله ، ولو تعذّر كان للمستأجر الفسخ ، والصبر إلى وقت القدرة على المطالبة بالعمل.
٤٢٣٢. الثالث : إذا استأجر دارا ، أو أرضا للزرع ، فانهدمت الدار ، وغرقت الأرض ، أو انقطع ماؤها (١) في أثناء المدّة ، فإن لم يبق فيها نفع أصلا ، فهي كالتالفة تنفسخ الأجرة فيما بقي ، وليس له الفسخ فيما مضى والرجوع إلى أجرة المثل ، على إشكال ، وإن بقي فيها نفع غير ما استأجرها له مثل أن ينتفع بعرصة الدار لوضع حطب فيها ، أو نصب خيمة (٢) أو صيد السمك ، فالأقرب ثبوت الخيار للمستأجر بين الفسخ والإمضاء بالجميع ، ولا تبطل الإجارة من دون الفسخ ، ولو لم يختر أحدهما لجهله بأنّ له التخيير أو لغيره ، كان له الفسخ بعد ذلك ، ولو كان النفع الباقي لا يجوز استيفاؤه بالعقد ، كما لو استأجر [دابّة] للركوب ، فصارت لا تصلح إلّا للحمل أو بالعكس ، انفسخت الإجارة.
ولو أمكن الانتفاع مع قصوره ، مثل أن يمكنه الزّرع بغير ماء ، أو كان الماء ينحسر عن الأرض التي غرقت على وجه يمتنع معه بعض الزّرع ، أو كان يمكنه سكنى ساحة الدار ، لم تنفسخ الإجارة ، بل يتخيّر المستأجر بين الفسخ والقبول بالجميع على إشكال.
__________________
(١) في «أ» : «بناؤها» وهو تصحيف.
(٢) في «ب» : «أو نصب خشبة» والصحيح ما في المتن.
ولو كان الحادث لا يضرّ ، مثل انقطاع الماء وقت الغنى عنه ، أو وقت الحاجة لكن يجيء به المؤجر من موضع آخر ، وكان الغرق ممّا ينحسر سريعا من غير منع من الزرع ولا ضرر ، لم يكن للمستأجر الفسخ.
ولو حدث الهدم ، أو الغرق ، أو انقطاع الماء ببعض العين ، تخيّر المستأجر بين فسخ الجميع ، أو البعض ، ويمسك الباقي بحصّته لا بالجميع.
٤٢٣٣. الرابع : يجب على المالك دفع ما تتوقف المنفعة عليه كالمفاتيح ، ولو ضاعت من المستأجر بغير تفريطه ، وجب على المالك بدلها ، ولو انهدم بعض المسكن ، وجب عليه بناؤه ، وكذا لو سقطت خشبة ، وجب إبدالها ، وعليه عمل الحمام إمّا بالقير أو الصاروج (١) وعمل أبوابه وبزله (٢) وليس عليه التحسين والتزويق ، وأمّا الحبل والدلو والبكرة (٣) فعلى المستأجر ، وعلى المالك تنقية البالوعة والكنيف ، إن احتيج إليه في ابتداء المدّة ، أمّا لو احتيج إليه لامتلائها بفعل المستأجر ، فالأقرب أنّه كذلك ، وكذا البحث في تفريغ جيّة (٤) الحمّام.
ولو خرجت المدّة وفي الدار زبل أو قمامة ، وجب على المستأجر تفريغها منه على إشكال.
__________________
(١) هذا ما أثبتناه ولكن في المطبوع «الصهروج» وفي «ب» «الصروج».
والصاروج : خليط يستعمل في طلاء الجدران والأحواض. المعجم الوسيط : ١ / ٥١١ وفي مجمع البحرين : في الحديث «لا تسجد على الصاروج». هو النورة وأخلاطها ، فارسيّ معرّب.
(٢) البزل : الشقوق.
(٣) آلة مستديرة ، في وسطها محزّ يمرّ عليها حبل لرفع الأثقال وحطّها. المنجد.
(٤) قال الشيخ قدس سرّه في المبسوط : وأن يشاهد جوبة الحمام ويسمّى جيّة. المبسوط : ٣ / ٢٥١. وفي مجمع البحرين : الجوبة : الحفرة المستديرة الواسعة.
٤٢٣٤. الخامس : لو شرط على مستأجر الحمّام أو غيره ، أنّ مدّة تعطيله عليه ففي المنع نظر ، ولا يجوز أن يشترط استيفاء ما قابل مدّة التعطيل بعد مدة الإجارة.
ولو شرط المالك سلفا ، قائما يأخذه ، يكون في يده بحاله على وجه الرّهن ويردّه على المستأجر بعد انقضاء المدّة ، قال الشيخ : يبطل العقد. (١)
٤٢٣٥. السادس : إذا تجدّد العيب ، كالهدم ، والغرق ، بعد استيفاء بعض المنفعة ، تخيّر المستاجر ، وليس له الأرش ، ولو لم يعلم بالعيب حتّى انقضت المدّة ، فلا خيار ولا أرش.
٤٢٣٦. السابع : إذا شرط المالك الإنفاق على العين ، مثل أن يشترط أنّ ما يحتاج الدار أو الحمّام إليه من العمارة فعلى المستأجر ، ففي البطلان نظر ، وأفتى به في المبسوط (٢). ولو لم يشترط لكن أذن له في الإخراج ليحسب له من الأجرة ، جاز ، فإن اختلفا في الإخراج ، فالقول قول المستأجر على إشكال ، ولو اختلفا في القدر ، فالقول قول المالك ، ولو لم يأذن لم يلزمه ما أخرجه تبرعا.
ولو أذن الحاكم ، لغيبة المالك ، وحاجة الموضع ، كان له الرجوع به ، ولو تعذّر الحاكم ، فالأقرب جواز الرجوع للضرورة.
٤٢٣٧. الثامن : إذا آجره أرضا تصلح للزّرع والغرس ، وجب تعيين
__________________
(١) قال الشيخ في المبسوط : ولا يجوز أن يشترط على المكري سلفا قائما ، وهو عادة الناس ببغداد ، لأنّهم يشرطون على المكتري سلفا يأخذونه يكون في يد المكري بحاله على وجه الرهن ويردّه على المكتري إذا انقضت مدّة إجارته ، فان شرط ذلك كان العقد باطلا. المبسوط : ٣ / ٢٥٢.
(٢) المبسوط : ٣ / ٢٥١.
أحدهما ، فلو قال : آجرتكها للزرع أو الغرس ، لم تصحّ حتّى تعيّن.
ولو قال : آجرتك لهما ، جاز ، وزرع النصف ، وغرس الآخر على إشكال ، ويحتمل البطلان ، وهو قويّ ، ولو قال : لتزرعها ما شئت وتغرسها ما شئت ، فالأقرب الجواز ، ولا يجب التقسيط بينهما ، بل يجوز زرع الجميع وغرسه ، والتقسيط بالسويّة ومتفاضلا.
٤٢٣٨. التاسع : لو آجرها للزراعة ، لم يجز له الغرس ولا البناء ، ويتخيّر في أنواع المزروعات مع الإطلاق ، ومع التخصيص لا يجوز التعدّي إلى ما هو. أكثر ضررا ، أو أقلّ.
ولو آجرها لزرع نوع معيّن ، فالأقرب جواز زرع غيره ممّا يساويه في الضرر أو يقصر عنه ، ولا يجوز إلى ما هو أزيد ، ولا إذا شرط المالك التخصيص ، وكذا البحث لو أكراها للغراس في الإطلاق والتخصيص.
ولو آجرها للبناء ، لم يكن له الزرع ولا الغرس ، وبالعكس فيهما.
٤٢٣٩. العاشر : إذا كان الماء دائما صحّت إجارة الأرض للزرع والغرس ، سواء كان الماء من نهر ، أو عين ، أو مصنع يكتفى به ، ولو لم يكن الماء دائما ، بل كان وقت الحاجة ، مثل ماء الفرات الّذي يزيد وقت الحاجة إليه للزّرع ، ومصر (١) وأشباه ذلك ، فإنّه تجوز إجارة الأرض للزراعة قبل زيادة الماء وبعده ، ولو كان مجيئه نادرا بحيث لا يتحقّق حصوله وقت الحاجة ، لم تجز إجارتها للزرع والغرس قبل وقت الحصول ، وتجوز بعده.
__________________
(١) عطف على قوله «الفرات».