تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

امرأة ، وإن كانت بالولاية بأن جعله قيّما على أولاده ، اشترط في الموصي الولاية عليهم ، فيجوز للأب والجد للأب الوصية على الأصاغر ، ولا تصحّ ممن عداهما كالأخ والعلم وغيرهما.

ولو أوصى أحد هؤلاء بالنظر في المال الّذي تركه لهم لم يصحّ له التصرف ، ولا في الثلث وكانت الولاية للورثة مع بلوغهم وللحاكم مع صغرهم.

ولو أوصى في إخراج حقّ ، أو تفرقة ثلثه جاز ، ولو أوصى الأب على أولاده الأصاغر وله أب ، كانت الولاية بعده للجد دون الوصيّ ، أمّا لو أوصى بالولاية في تفرقة ثلثه فإنه يصحّ من غير مداخلة الجد.

٤٨٤٤. الرابع عشر : إذا كان في الورثة صغير وكبير ، فاحتاج الصغير إلى بيع شي‌ء من التركة ، كان للوصيّ بيع نصيب الصغير دون نصيب الكبير إلّا بإذنه ، وإن كان بيع الجميع أوفق بهما ، وكذا لو أوصى إليه بتفرقة ثلثه ، وكان بيع الجميع أولى ، لم يكن له البيع إلّا بإذن الوارث.

٤٨٤٥. الخامس عشر : الوصيّ أمين لا يضمن ما يتلف في يده إلّا بالتفريط أو التعدّي ، فلو أوصى إليه بقضاء الدين أو تفرقة المال وأخّر مع المكنة ، ضمن مع التلف.

٤٨٤٦. السادس عشر : يجوز للوصيّ أن يستوفي ممّا في يده ما يستحقّه من دين وغيره من غير إذن الحاكم إذا لم تكن له حجّة ، وهل له ذلك مع الحجّة؟ الأقرب ، نعم ، وفي جواز شرائه من مال اليتيم لنفسه من نفسه إشكال ، الأقرب جوازه ، ولا يشترط شراؤه بأكثر من ثمن المثل.

٣٨١

ولو قال له الموصي : جعلت لك أن تضع مالي حيث شئت وفيمن شئت ، أو حيث رأيت ، كان الخيار إليه في صرفه إلى من شاء ، وهل يجوز له صرفه إلى نفسه؟ فيه إشكال.

٤٨٤٧. السابع عشر : إذا شهد الوصيّ على الأطفال بمال أو على الميت ، قبلت شهادته ، وإن شهد لهم لم تقبل إلّا أن يكون الورثة كبارا ، وتكون الوصيّة تخرج من الثلث من دون الشهادة.

٤٨٤٨. الثامن عشر : إذا أذن الموصي للوصيّ أن يوصي ، جاز إجماعا ، وإن لم يأذن [أ] ومنعه لم يكن له ذلك قطعا ، وإن لم يمنعه فقولان ، أقربهما أنّه ليس له أن يوصي ، وتكون الولاية بعده إلى الحاكم ، وإن أذن له في الوصيّة ، فإن عيّن صحّ وكذا إن أطلق بأن يقول : أوص إلى من شئت فهو وصيّي.

٤٨٤٩. التاسع عشر : إذا مات ولا وصيّ له ، كانت الولاية للحاكم مع فقد الجدّ ، ولو لم يكن هناك حاكم جاز أن يتولّاه من المؤمنين من يوثق به على إشكال.

٤٨٥٠. العشرون : يجوز أن يجعل للوصيّ جعلا ، ويجوز لمن يتولّى أموال اليتامى أن يأخذ أجرة المثل عن نظره في ماله ، وقيل : يأخذ قدر كفايته ، وقيل : يأخذ بأقلّ الأمرين ، ولا يكره الدخول في الوصيّة مع التمكن من القيام بها.

وإذا أوصى بتفريق ثلثه فامتنع الورثة من إخراج ثلث ما في أيديهم ، جاز للوصيّ أن يخرج ثلث ما في يده ، وهل له أن يخرج ممّا في يده بإزاء ما منعوه ، أو يحبسه عليهم حتّى يدفعوا إليه؟ فيه إشكال.

٤٨٥١. الواحد والعشرون : إذا علم الوصيّ أنّ على الميّت دينا / ، ففي جواز

٣٨٢

قضائه من دون إذن الحاكم نظر ، ولو صدق الورثة صاحب الدين جاز له الدفع مع امتناعهم منه ، ويجوز للوصيّ أن يخرج من مال اليتيم ما يتعلّق به ، كأرش ما يتلفه من المال ، وكفّارة قتله ، دون ديته ، لأنّ خطاه على العاقلة ، وكذا عمده ، وينفق عليه بالمعروف ، ويضمن الوصيّ لو أنفق أزيد.

ولو ادّعى الصبيّ بعد بلوغه الزيادة على المعروف ، فالقول قول الوصيّ ، وكذا لو ادّعى الخيانة عليه ، ولو اختلفا في المدّة بأن يدّعي الصبيّ موت أبيه منذ سنتين ، والوصيّ منذ ثلاث ، فالقول قول الصبيّ مع يمينه ، وكذا لو أنكر دفع المال إليه بعد البلوغ.

وليس للوصيّ أن يزوّج الصغيرة ولا الطفل ، وإن أوصي إليه في ذلك ، وله أن يزوّج عبيدهم وإماءهم مع المصلحة ، وأن يزوّج من بلغ غير رشيد إذا احتاج إليه ومع بلوغه يدفع الوصي ماله إليه إن كان رشيدا ، وإن بلغ مجنونا فكالصبيّ ، وإن بلغ سفيها لم ينفك الحجر عنه ، وتكون ولاية الوصيّ على ما كانت ويخرج الوصيّ عنه الزكاة مع وجوبها ، وإن جنى على مال أخرجه الوصيّ ، وإن كانت على نفس خطاء أخرج الكفّارة من ماله ، والدية على العاقلة ، وإن كانت عمدا قيد به ، ويزوّجه الوصيّ مع الحاجة.

٤٨٥٢. الثاني والعشرون : الصيغة عن الوصيّة إليه أن يقول : أوصيت إليك لتتصرف في مال الأطفال ، وما أدّى هذا المعنى ، فإن لم يذكر التصرف نزل مطلق الإيصاء على مجرد الحفظ ، ولو اعتقل لسانه فقرئ عليه كتاب الوصيّة فأشار برأسه أو بغيره إلى ما يدلّ على الرضا قبل.

٤٨٥٣. الثالث والعشرون : يجوز للموصي الرجوع في الوصيّة بالولاية ، فلو أوصى إلى رجل جاز له أن يرجع عن ذلك ما دام حيّا ويوصي إلى غيره ، وأن يشترك معه غيره.

٣٨٣

الفصل السابع : فيما تثبت به الوصيّة

وفيه ستّة مباحث :

٤٨٥٤. الأوّل : لا يشترط في الوصيّة الشهادة بل لو صدّقوا الورثة الوصيّ حكم عليهم بها ، وكذا لو تمكن الوصيّ من فعل ما أوصي إليه وجب عليه ، وإن لم يكن معه شاهد ، نعم يستحبّ الإشهاد بها دفعا للتنازع.

٤٨٥٥. الثاني : تثبت الوصيّة بالمال بشهادة عدلين ، أو رجل وامرأتين ، أو رجل ويمين ، وتقبل شهادة المرأة الواحدة في ربع الوصيّة ، واثنتين في النصف ، وثلاثة في ثلاثة أرباعها ، وأربع (من النساء) (١) في الجميع من غير يمين في ذلك كلّه.

أمّا الوصيّة بالولاية ، فلا تثبت إلّا بشهادة رجلين ، ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات ولا منضمات إلى الرجال ، ولا الشاهد واليمين على الأقوى.

٤٨٥٦. الثالث : لا يقبل في الشهادة بالوصيّة إلّا عدول المسلمين مع الاختيار ، ويجوز مع الضرورة وعدم عدول المسلمين قبول نفسين من أهل الذمّة ممّن ظاهرهما الأمانة عند أهل دينهما ، ولا تقبل شهادة غير أهل الذمّة من الكفّار.

٤٨٥٧. الرابع : إذا أشهد الرجل عبدين له على حمل جاريته أنّه منه ، وأنّه

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في «ب».

٣٨٤

أعتقهما ثمّ مات ، فردّت شهادتهما ، وحاز الميراث غيره ، ثمّ أعتقا فشهدا قبلت شهادتهما ، ورجع المولود بالتركة على آخذها ، ورجعا عبدين كما كانا ويكره له استرقاقهما لأنّهما أحييا حقّه.

٤٨٥٨. الخامس : لا تقبل شهادة الوصيّ للميّت فيما يجر به نفعا إليه ، ولا تقبل شهادة الورثة بعزل الوصيّ ، ولا بانضمام غيره إليه ، ولا بتخصيص ولايته.

ولو شهد ثقتان من الورثة على الميّت بعين أو دين لغيره ، قبلت شهادتهما ، وإن خرجت ولاية الوصيّ عمّا شهدا به.

٤٨٥٩. السادس : لو أقرّ الوارث العدل بأنّ مورثه أوصى لزيد بالثلث ، حلف زيد معه إن كان وارث غيره ، فإن أقام آخر شاهدين بالوصيّة له بالثلث ، ولم يجز الورثة ، فالأقرب تشاركهما مع اتحاد المجلس أو الإطلاق ، وحكم للأخير ، ولو لم يكن عدلا فالثلث لمن أقام البينة ، وهل يأخذ المقر له من حصّة المقرّ شيئا؟ فيه إشكال ، أقربه الأخذ به.

الفصل الثامن : في تصرّفات المريض

وفيه تسعة وعشرون بحثا :

٤٨٦٠. الأوّل : تصرفات المريض قسمان : مؤجّلة ومنجّزة.

فالمؤجلة : ما علّق بالموت ، كالوصيّة بالمال ، والتدبير ، وهي تخرج من الثلث بالإجماع ، وكذا لو علّق الصحيح تصرفه بما بعد الوفاة.

٣٨٥

والمنجزة : كالهبة ، والوقف ، والعتق ، والإبراء ، والمحاباة في البيع (١) وغيره من عقود المعاوضات ، إن وقعت من المريض ، ويبرأ من مرضه ذلك ثمّ مات ، أو وقعت من الصحيح ، مضت من الأصل بلا خلاف ، وإن وقعت في مرض الموت ، فقولان أقربهما خروجها من الثلث ، وكذا إذا وهب في الصحّة وأقبض في مرض الموت.

أمّا الإقرار فإن كان المريض متّهما كان من الثلث ، وإن كان مأمونا أخرج من صلب المال ، سواء كان لوارث أو لغيره.

٤٨٦١. الثاني : لو باع المريض بثمن المثل ، نفذ البيع ، وملك المشتري السلعة ، فإن أبرأه من الثمن مضى الإبراء من الثلث ، وكان على المشتري ثلثا الثمن للورثة ، ولو باع بأقلّ من ثمن المثل مضى البيع فيما قابل ثمن المثل من الأصل والزائد من السلعة يكون محاباة ، إن خرجت من ثلث التركة ، كانت للمشتري أيضا ، وإلّا كان له ما قابل الثلث.

٤٨٦٢. الثالث : البيع إذا اشتمل على المحاباة لم يقع باطلا في نفسه ، فلو باع عبدا ـ هو التركة وقيمته ثلاثون ـ بعشرة فقد حابى بعشرين ، فإن أجاز الورثة ، صحّ البيع في الجميع ، وإن لم يجيزوا كان للمشتري الفسخ أيضا ، فإن اختار الإمضاء ، أخذ ثلثي المبيع بالثمن أجمع (٢).

__________________

(١) قال الطريحي في مجمع البحرين : بيع المحاباة هو : أن يبيع شيئا بدون ثمن مثله ، فالزائد من قيمة المبيع عن الثمن عطيّة (مادة حبو) وقال الفيّومي : حاباه محاباة : سامحه مأخوذ من «حبوته» : إذا أعطيته. المصباح المنير.

(٢) لأنّه يتملّك أحد الثلثين بالثمن والثلث الآخر بمحاباة البائع ، لأنّ المفروض ان التركة منحصرة في العبد.

٣٨٦

وقال بعض الجمهور : يأخذ نصفه بنصف الثمن ، لأنّ فيه مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذر الجميع ، كما لو اشترى سلعتين بثمن وفسخ البيع في إحداهما لعيب أو غيره (١) وهو وجه أيضا.

ولا يتخيّر المشتري بين الفسخ في الجميع ، وأداء عشرة ليأخذ الجميع (٢) ، وليس للمشتري أيضا خلع الثلث ، وهو أن يفسخ ويأخذ ثلث المبيع بالمحاباة (٣).

ولو اشترى عبدا قيمته عشرة بثلاثين ، فعلى ما قلناه يكون للمشتري عوض العبد عشرين إن لم يجز الورثة ، وعلى الوجه الآخر يكون له نصف الثلثين ويسلّم له نصف العبد ، ولو باعه وقيمته ثلاثون بخمسة عشر ، فعلى ما قلناه يصحّ البيع في خمسة أسداسه بجميع الثمن ، وعلى الوجه الآخر يصحّ في ثلثيه بثلثي الثمن ، وطريق ما قلناه أن ينسب الثمن وثلث المبيع إلى قيمته ، فيصحّ البيع في قدر تلك النسبة ، وهو خمسة أسداسه ، وعلى الثاني يسقط الثمن من قيمة المبيع وينسب الثلث إلى الباقي فيصحّ البيع في قدر تلك النسبة ، وهو ثلثاه بثلثي الثمن ، فإن خلّف البائع عشرة (٤) أخرى ، صحّ البيع في العبد إلّا نصف تسعه بجميع الثمن ، وعلى الثاني في ثمانية أتساعه بثمانية أتساع الثمن.

أمّا لو باع قفيز حنطة يساوي ثلاثين بقفيز منها يساوي عشرة ، ولا تركة

__________________

(١) وهو خيرة ابن قدامة في المغني : ٦ / ٥١٥ ـ ٥١٦.

(٢) وهو خيرة أهل العراق قال ابن قدامة في المغني : ٦ / ٥١٦ : وقال أهل العراق : يقال له : إن شئت أدّيت عشرة أخرى وأخذت المبيع ، وإن شئت فسخت ولا شي‌ء لك.

(٣) وهو خيرة مالك على ما نقله عنه ابن قدامة في المغني : ٦ / ٥١٦ حيث قال : «وعند مالك ، له أن يفسخ ويأخذ ثلث المبيع بالمحاباة ، ويسمّيه أصحابه خلع الثلث».

(٤) في «أ» : بعشرة أخرى.

٣٨٧

سواه ، فإنّه يتعيّن في الحكم الوجه الثاني ، لأنّ المساواة في القدر شرط في الصحّة وإلّا حصل الربا ، فيمضى البيع في النصف بنصف الثمن ، السدس في مقابلة النصف والثلث بالمحاباة.

ولو باع قفيزا يساوي ستّة بآخر يساوي ثلاثة ، فالمحاباة بالنصف فيردّ على الورثة ثلث قفيزهم ، وعلى المشتري ثلث قفيزه ، فيفضل معه درهمان هي قدر الثلث الّذي صحّت المحاباة فيه.

٤٨٦٣. الرابع : إذا وهب التركة أجمع ، فإن أجاز الورثة صحّ ، وإن لم يجيزوا ، فإن شرط العوض ، وكان بقدر ثمن المثل ، صحّت أيضا مع دفع العوض ، وإن لم يشترط العوض ، صحّت من الثلث ، سواء أقبض أو لا.

ولو وهب وحابى فإن وسعهما الثلث صحّا معا ، وإلّا بدئ بالأوّل فالأوّل ، وكان النقص على الأخير.

ولو وهب مريض مريضا تركته أجمع ، ثمّ وهب الموهوب له ما وهبه إيّاه ، ولا شي‌ء له سواه ، دخله الدور ، فإذا كانت التركة مائة تضرب ثلاثة في ثلاثة [و] تسقط منها سهما ، تبقى ثمانية ، فاقسم المائة عليها ، لكل اثنين خمسة وعشرون ، ثمّ خذ ثلثها ثلاثة اسقط منها سهما ، يبقى سهمان ، فهو (١) للموهوب الأوّل ، وذلك هو الربع ، أو تقول : صحّت الهبة الثانية في ثلثه بقي للموهوب الأوّل ثلثا شي‌ء ، وللواهب مائة إلّا ثلثي شي‌ء يعدل شيئين أجبر وقابل يخرج الشي‌ء سبعة وثلاثين ونصفا ، رجع إلى الواهب ثلثها اثنا عشر ونصف ، [و] بقي للموهوب [له] خمسة وعشرون.

__________________

(١) هذا ما أثبتناه ولكن في النسختين «فهي».

٣٨٨

ولو وهب جارية ولا مال سواها ، وقيمتها ثلاثمائة ، فقبضها الموهوب [له] ووطئها ومهر مثلها مائة ، ولم يجز الورثة ، فقد صحّت الهبة في شي‌ء ، وسقط من مهر مثلها ثلث شي‌ء ، وبقى للواهب أربعمائة إلّا شيئا وثلثا يقابل شيئين ، وهما مثلا ما صحّت فيه الهبة ، فتجبر الأربعمائة بشي‌ء وثلث ، فيكون أربعمائة تقابل ثلاثة أشياء وثلثا ، فنضربها في ثلاثة يكون عشرة ، فالشي‌ء ثلاثة أعشار أربعمائة ، وذلك مائة وعشرون ، فقد صحّت الهبة في خمسي الجارية ، وسقط خمسا العقر ، وحصل للورثة ثلاثة أخماسها وثلاثة أخماس العقر ، وذلك مائتان وأربعون مثلا ما صحّت فيه الهبة.

ولو وطئها أجنبيّ فكذلك ، ويكون عليه مهرها ثلاثة أخماسه للواهب وخمساه للموهوب له إلّا أنّ الهبة انّما تنفذ فيما زاد على الثلث بعد حصول المهر من الواطئ ، فإن لم يحصل منه شي‌ء لم تزد الهبة على ثلثها ، وكلّما حصل للموهوب له من الجارية شي‌ء بالهبة وثلث شي‌ء بالعقر وللورثة شيئان مثلا ما حصل له بالهبة ، فتكون الجارية تعدل ثلاثة أشياء وثلثا ، فالشي‌ء ثلاثة أعشارها ، فالوصيّة من الجارية بقدر تسعين ، وله من العقر ثلاثون ، ويبقى للورثة مائة وثمانون ، وهما مثلا ما حصل بالوصيّة.

ولو وهب المريض عبدا لا يملكه سواه ، فقتل العبد الواهب خطأ ، فإن سلمه الموهوب له إلى الورثة ، كان تسليم النصف بالجناية ، والنصف لانتقاص الهبة فيه ، لصيرورة العبد بأجمعه للورثة وهو مثلا نصفه ، فيتعيّن أنّ الهبة جازت في نصفه ، وإن فداه وكانت قيمته دية ، قلت : صحّت الهبة في شي‌ء وتدفع إليهم نصف العبد وقيمة نصفه ، وذلك يعدل شيئين ، فتبيّن أنّ الشي‌ء نصف العبد ، وإن كانت قيمته نصف الدّية أو أقل ، وقلنا : يفديه بأرش الجناية ، نفذت الهبة في

٣٨٩

جميعه ، لأنّ الأرش ضعف القيمة أو أكثر ، ولو كانت قيمته ثلاثة أخماس الدية ، وفداه بالأرش ، فقد صحّت الهبة في شي‌ء ، ويفديه بشي‌ء وثلثين ، فصار مع الورثة عبد وثلثا شي‌ء يعدل شيئين ، فالشي‌ء ثلاثة أرباع ، فتصحّ الهبة في ثلاثة أرباع العبد ، ويرجع إلى الواهب ربعه مائة وخمسون وثلاثة أرباع الدية سبعمائة وخمسون ، صار الجميع تسعمائة وهو ضعف ما صحّت الهبة فيه.

٤٨٦٤. الخامس : إذا أعتق في مرض الموت نفذ العتق من الثلث على ما اخترناه ، سواء كان منجزا أو معلقا بالموت ، وإذا أوصى بالعتق ، وجب على الوارث الإعتاق إذا خرج من الثلث ، وإلّا فبإزائه ، فان امتنع أجبره الحاكم ، ويحكم بحريته من حين العتق ، وولاؤه للموصي ، لأنّه السبب ، والوارث نائب عنه.

ولو أوصى إلى غير الوارث بالعتق ، كان الإعتاق إليه.

ولو أوصى بوصايا من جملتها العتق ، بدئ بالواجب أوّلا من صلب المال ، وكان الباقي من الثلث ، ولو كان الكل تطوعا كان بأجمعه من الثلث ، يبدأ بالأوّل من وصيته فالأوّل ، ولا أولويّة لتقديم العتق ، وقد روى الشيخ أنّه إذا كانت من جملة الوصايا الحج بدئ به (١) ونحن نقول بذلك إن كان واجبا وإلّا قدّم ما ذكره الموصي أوّلا.

٤٨٦٥. السادس : إذا أجمع بين عطية منجّزة ومعلّقة بالموت ، بدئ بالمنجّزة أوّلا ، كمن أعتق منجّزا ، وأوصى بشي‌ء ، فإنّه يبدأ بالعتق ، وكذا لو وهب ثم

__________________

(١) لاحظ التهذيب : ٩ / ٢٢١ برقم ٨٦٩.

٣٩٠

أوصى بالعتق ، فإنّه يبدأ بالهبة ، ثمّ إن اتّسع الثلث للباقي صحّ ، وإلّا صحّ فيما يحتمله الثلث ، وبطل فيما قصر عنه.

٤٨٦٦. السابع : إذا أعتق عبيده ولا مال سواهم ، عتق ثلثهم ويمضى العتق فيمن ذكره أوّلا ، وكذا لو أوصى بعتقهم ، ولو أعتقهم بلفظ واحد من غير ترتيب ، عتق ثلثهم ويستخرج بالقرعة.

ولو أعتق مملوكه ولا شي‌ء سواه ، عتق ثلثه واستسعي في باقي قيمته للورثة.

٤٨٦٧. الثامن : إذا أوصى بعتق جميع مماليكه ، وله مماليك مختصة ، ومماليك مشتركة بينه وبين غيره ، ووسع الثلث عتق الجميع عتق المختص وقدر ما يخصه من المشترك ، قال الشيخ : ويقوّم حصص الشركاء عليه من الثلث ، ويعتقون (١) وفيه نظر.

٤٨٦٨. التاسع : إذا أوصى بعتق نسمة مؤمنة ، وجب ذلك ، فإن لم يوجد قيل : (٢) عتق من أفناء الناس من لا يعرف بنصب وعداوة والأقرب التوقع ، وإذا اشترى نسمة على أنها مؤمنة وأعتقها ، ثمّ ظهر أنّها ليست كذلك ، فقد أجزأت عن الموصي.

٤٨٦٩. العاشر : إذا أعتق عبيده بلفظ واحد ، وتساوت قيمتهم ، وكان لهم ثلث صحيح كستة أعبد قيمتهم متساوية ، أقرع بينهم إمّا على الحرية أو الرقية ، وإن

__________________

(١) النهاية : ٦١٦ ـ ٦١٧ ، ولاحظ التهذيب : ٩ / ٢٢٢ برقم ٨٧٢.

(٢) القائل هو الشيخ في النهاية : ٦١٦.

٣٩١

كان فيهم كسر كعبدين قيمة أحدهما مائتان والآخر ثلاثمائة ، أقرعت بينهما فأيّهما وقعت عليه قرعة الحرية ، ضربت قيمته في ثلاثة أسهم ، فما بلغ نسبت إليه قيمة العبدين معا ، فمهما خرج بالنسبة ، فهو القدر الذي يعتق منه ، فإذا وقعت على الّذي قيمته مائتان ضربتهما في ثلاثة صارتا ستمائة ونسبت منها قيمة العبدين معا ، وهي خمسمائة تجدها خمسة أسداسها ، فيعتق منها خمسة أسداسه ، وإن وقعت على الآخر عتق منه خمسة أتساعه.

ولو كان له عبدان اسمهما واحد ، فقال : فلان حر بعد موتي ، وله مائتا درهم ، ولم يعيّنه ، أقرع بينهما في العتق ، وأمّا الدراهم ، فيحتمل بطلان الوصيّة فيها ، لوقوعها لغير معيّن ، والصحّة ، لأنّ مستحقها حر في حال استحقاقها.

٤٨٧٠. الحادي عشر : إذا أعتق عبدا من عبيده ولم يعيّنه ، استخرج بالقرعة ، ولو أوصى بعتق أحد عبيده ، احتمل تخيير (١) الوارث فيه.

ولو أوصى بعتق عبد من غير إضافة ولا تعيين وصفه ، أعتق الوارث من يجزئ في الكفّارة.

٤٨٧١. الثاني عشر : قد بيّنا أنّ العطية تخرج من الثلث ، ويعتبر حال الوفاة ، فمهما خرج من الثلث علم أنّ العطية صحّت فيه حال العطيّة ، فإن نما المعطى أو كسب شيئا ، قسّم بين الورثة وبين صاحبه على قدر مالهما فيه ، وربّما أفضى إلى الدور ، فإذا أعتق عبدا لا يملك غيره فكسب مثل قيمته في حال حياة سيده ، فللعبد من كسبه بقدر ما عتق منه ، وباقيه لسيّده ، فيزداد به مال السيّد ، فتزداد الحريّة بذلك ، ويزداد حقّه من كسبه ، فينقص به حق السيّد من الكسب ، وينقص

__________________

(١) في «ب» : تخيّر.

٣٩٢

بذلك قدر المعتق منه ، فيستخرج ذلك بالجبر ، فيقال : عتق من العبد شي‌ء وله من كسبه شي‌ء ، لأنّ كسبه مثله ، وللورثة من العبد وكسبه ، شيئان ، لأنّ لهم مثلي ما عتق منه ، وقد عتق منه شي‌ء ، ولا يحسب على العبد ما حصل له من الكسب ، لأنّه استحقّه (١) بجزئه الحر لا من جهة سيّده ، فصار للعبد شيئان وللورثة شيئان من العبد وكسبه ، فيقسم العبد وكسبه نصفين ، يعتق منه نصفه وله نصف كسبه ، وللورثة نصفهما.

ولو كسب مثلي قيمته ، فله من كسبه شيئان ، فيصير له ثلاثة أشياء ، وللورثة شيئان ، فيقسم العبد وكسبه أخماسا ، يعتق منه ثلاثة أخماسه ، وله ثلاثة أخماس كسبه ، وللورثة خمساه وخمسا كسبه.

ولو كسب ثلاثة أمثال قيمته ، فله ثلاثة أشياء من كسبه مع ما عتق منه ، ولهم شيئان ، فيعتق منه ثلثاه ، وله ثلثا كسبه ، ولهم الثلث منهما.

ولو كسب نصف قيمته ، عتق منه شي‌ء ، وله نصف شي‌ء ، ولهم شيئان ، فالجميع ثلاثة أشياء ونصف ، إذا بسطتها أنصافا صارت سبعة ، له ثلاثة أسباعها ، فيعتق ثلاثة أسباعه ، وله ثلاثة أسباع كسبه ، فالباقي لهم ، فإذا كانت قيمته مائة ، وكسب خمسين ، فقد عتق من العبد شي‌ء وتبعه من الكسب نصف شي‌ء ، لأنّ الكسب مثل نصف قيمته ، وللورثة شيئان ، فالعبد وكسبه وهما مائة وخمسون ، يعدل ثلاثة أشياء ونصف تضربها في مخرج النصف ، وهو اثنان يصير سبعة ، وتضرب الاثنان في مائة وخمسين ، يكون ثلاثمائة فالشي‌ء (٢) سبع ثلاثمائة ، وهو ثلاثة أسباع مائة ، فيعتق من العبد ثلاثة أسباعه ، ويتبعه من الكسب ثلاثة أسباعه ،

__________________

(١) في «ب» : يستحقّه.

(٢) في «ب» : والشي‌ء.

٣٩٣

وقد حصل للورثة أربعة أسباع العبد وأربعة أسباع الكسب ، وهما مثلا ثلاثة أسباع العبد ، فيكون للورثة ستّة أسباع مائة ، وللمعتق ثلاثة أسباع مائة.

ولو كان على السيّد دين يستغرق قيمته وقيمة كسبه ، بطلت الوصيّة ، وإن لم يستوعب صرف من العبد وكسبه ما يقضى به الدين ، والباقي يقسّم على ما يعمل في العبد الكامل وكسبه ، فلو كان على السيّد دين كقيمته ، صرف فيه نصف العبد ونصف كسبه ، وقسّم النصف الباقي بين الورثة والمعتق نصفين.

ولو كسب العبد مثل قيمته ، وللسيّد مال مثل قيمته ، قسّمت العبد ومثلي القيمة ، على الأشياء الأربعة ، فلكل شي‌ء ثلاثة أرباع ، فيعتق من العبد ثلاثة أرباعه ، وله ثلاثة أرباع كسبه.

ولو أعتق عبدا قيمته عشرون ثمّ أعتق آخر قيمته عشرة ، ولا مال سواهما ، وكسب كل واحد مثل قيمته ، لم يكمل الحرية في الأوّل وإلّا لتبعه كسبه (١) فيحصل له ضعف ما للورثة ، بل طريقه أن نقول : عتق منه شي‌ء ، وله من كسبه شي‌ء ، وللورثة شيئان ، فيقسّم العبدان وكسبهما على الأشياء الأربعة ، فيكون لكلّ شي‌ء خمسة عشر ، فيعتق منه بقدر ذلك ، وهو ثلاثة أرباعه ، وله ثلاثة أرباع كسبه ، والباقي منه ومن كسبه والعبد الآخر وكسبه أجمع للورثة.

ولو بدأ بعتق الأدنى ، عتق كله ، وأخذ كسبه ، ويستحق الورثة من العبد الآخر وكسبه مثلي الأدنى ، وهو نصفه ونصف كسبه ، ويبقى نصفه ونصف كسبه بينهما نصفين ، فيعتق ربعه ، وله ربع كسبه ، ويرق ثلاثة أرباعه ، ويتبعه ثلاثة أرباع كسبه ، وذلك مثلا ما انعتق منهما.

__________________

(١) في «أ» : ليتبعه كسبه.

٣٩٤

ولو عتق العبدين دفعة ، أقرع بينهما ، فمن خرجت له قرعة الحرية ، فحكمه كما لو بدأ بعتقه.

ولو كان له ثلاثة أعبد قيمة كل واحد مائة ، وعليه دين مائة ، وكسب أحدهم مائة ، وأعتقهم ، ولم يجز الورثة ، أقرع لإخراج الدين ، فإن وقعت على غير المكتسب بيع في الدين ، ثمّ أقرع بين المكتسب والآخر للحريّة ، فان خرجت على غير المكتسب ، عتق كلّه ، وكان المكتسب وماله للورثة ، وإن وقعت قرعة الحرية على المكتسب ، دخل ذلك الدور ، فنقول (١) : عتق منه شي‌ء ، وتبعه من كسبه شي‌ء ، وللورثة شيئان ، فالعبدان والكسب ثلاثمائة يعدل أربعة أشياء ، فالشي‌ء خمسة وسبعون ، وذلك ثلاثة أرباع العبد ، فيعتق ثلاثة أرباعه ، ويتبعه من الكسب خمسة وسبعون ، ويبقى للورثة ربعه خمسة وعشرون ، ومن كسبه مثلها ، والعبد الآخر قيمته مائة ، فيحصل للورثة مائة وخمسون ، وذلك ضعف ما عتق من العبد.

ولو وقعت قرعة الدين على المكتسب أوّلا بيع نصفه في الدين ، وصرف نصف كسبه فيه ، ولو بعنا الجميع أبطلنا عليه العتق ، ولم يقض الدين من كسبه خاصّة ، لإمكان وقوع العتق عليه ، فيكون الكسب له لا من مال الميت ، فلا يجوز أن يقضى بماله دين الميت ، وإنّما قضي الدين بما يتبع ما رقّ منه من الكسب ، لبطلان العتق فيه ، فإذا ثبت هذا أقرع بين باقيه وبين العبدين الآخرين في الحريّة ، فإن وقعت على غيره ، عتق بأجمعه ، وللورثة الباقي ، وإن وقعت عليه ، عتق باقيه وأخذ باقي كسبه ، ثمّ أقرع بين العبدين لإتمام الثلث ، فمن وقعت عليه القرعة ،

__________________

(١) هذا ما أثبتناه ولكن في النسختين : «فيقول».

٣٩٥

عتق ثلثه ، وبقي ثلثاه والعبد الآخر للورثة ، فيكون المعتق خمسة أسداس عبد ، لأنّ مال الميّت بعد قضاء الدين عبدان ونصف ، ولو لم يكن هناك دين أقرع بين الثلاثة ، فإن خرجت قرعة العتق على المكتسب ، عتق ، وكان كسبه له ، ورقّ العبدان الباقيان ، وهما مثلا ما عتق ، وإن خرجت على غير المكتسب ، عتق وبقي من الثلث شي‌ء ، لأنّ قيمة العبيد والكسب أربعمائة ، فيقرع بين الباقيين ، فإن خرجت القرعة على الّذي لم يكتسب ، عتق ثلثه ، وقد استوفى الثلث ، وإن خرجت على المكتسب ، قلنا : نفذ العتق في شي‌ء وتبعه من الكسب شي‌ء ، وللورثة شيئان مثلا ما عتق ، وقد نفذ العتق في عبد قيمته مائة ، فيجعل للورثة مثلا ذلك مائتان ، وفي أيديهم عبدان قيمتهما مائتان ومائة الكسب ، فيسقط من ذلك مائتان ، ويبقى معهم مائة ، تعدل أربعة أشياء ، فالشي‌ء خمسة وعشرون ، وتبعه من الكسب خمسة وعشرون ، ويبقى للورثة عبد قيمته مائة وثلاثة أرباع المكتسب خمسة وسبعون ، وكسب ذلك خمسة وسبعون ، فيكون لهم مائتان وخمسون ، وقد عتق عبد وربع عبد بمائة وخمسة وعشرين.

٤٨٧٢. الثالث عشر : إذا أعتق عبدين بلفظ واحد ، ولا مال سواهما ، وهما متساويان قيمة ، فمات أحدهما ، أقرع بين الحيّ والميت ، فإن وقعت على الميت ، فالحي رقيق ، وتبين أنّ الميت نصفه حر ، لأنّ الواصل إلى الورثة مثلا نصفه ، وإن وقعت على الحيّ ، عتق ثلثه ، ولا يحسب الميت (١) على الورثة.

٤٨٧٣. الرابع عشر : لو أعتق عبده وقيمته عشرة ، ولا مال سواه ، فمات قبل سيّده ، وترك عشرين ، استحقّها السيّد بالولاء ، وتبين أنّه مات حرا ، ولو خلف

__________________

(١) في «ب» : ولا يحتسب الميّت.

٣٩٦

عشرة دخله الدور ، فنقول : تحرر منه شي‌ء ، وله من كسبه شي‌ء ، ولسيّده شيئان ، وقد حصل في يد سيّده عشرة تعدل شيئين ، فتبيّن أنّ نصفه حر وباقيه رقيق ، والعشرة للسيّد ، نصفها بالردّ ، ونصفها بالولاء.

ولو خلف العبد ولدا ، فله من رقبته شي‌ء ، ومن كسبه شي‌ء ، يكون لولده بالميراث (١) وللسيّد شيئان ، فتقسّم العشرة على ثلاثة ، للابن ثلثها ، وللسيّد ثلثاها ، وتبيّن أنّه عتق من العبد ثلثه.

ولو خلف العبد عشرين وابنا ، فله من كسبه شيئان يكونان لابنه ، ولسيّده شيئان ، فالعشرون بين السيّد والولد نصفين ، وتبيّن أنّه عتق نصفه ، ولو مات الابن قبل موت السيّد ، وكان ابن معتقه ، ورثه السيّد ، لأنّا تبيّنا أنّ أباه مات حرا ، إذا السيّد قد ملك عشرين هي مثلا قيمته ، فعتق وجر ولاء ابنه إلى سيّده ، فورثه ، وإن لم يكن ابن معتقه لم ينجر ولاؤه ، ولم يرثه سيّد أبيه ، وكذا البحث لو خلف الولد عشرين ، ولم يخلف الأب شيئا ، أو ملك السيّد عشرين من أيّ جهة كانت ، ولو لم يملك عشرين لم ينجر ولاء الابن إليه ، لأنّ أباه لم يعتق ، ولو عتق بعضه انجر من ولاء ابنه بنسبته.

[المحاباة في التزويج]

٤٨٧٤. الخامس عشر : المريض إذا تزوّج ومات في مرضه ، فإن لم يدخل ، بطل النكاح ولا مهر للمرأة ولا ميراث ، وإن دخل صحّ النكاح ، وثبت لها الميراث ، وكان لها المهر ، فإن حابى فيه بأن كان مهر مثلها خمسة فأصدقها

__________________

(١) في المغني لابن قدامة : ٦ / ٥١٤ : «يكون لابيه بالميراث».

٣٩٧

عشرة ، لا يملك سواها ، كان لها مهر المثل وثلث المحاباة ، ولو أجاز الورثة ، تثبت المحاباة ، ولو ماتت قبله ، فورثها ولم تخلّف سوى الصداق ، دخلها الدور ، فتصحّ المحاباة في شي‌ء ، فيكون لها خمسة بالصداق ، وشي‌ء بالمحاباة ، ويبقى لورثة الزوج خمسة إلّا شيئا ، ثم رجع إليهم بالميراث نصف مالها ، وهو اثنان ونصف ونصف شي‌ء ، صار لهم سبعة ونصف إلّا نصف شي‌ء يعدل شيئين أجبر وقابل ، يخرج الشي‌ء ثلاثة وكان لها ثمانية ، رجع إلى ورثة الزوج نصفها أربعة ، صار لهم ستّة ، ولورثتها أربعة.

ولو ترك الزّوج خمسة أخرى بقي مع الورثة اثنا عشر ونصف إلّا نصف شي‌ء يعدل شيئين ، فالشي‌ء خمسة ، فجازت لها المحاباة أجمع ، ورجع جميع ما حاباها به إلى ورثة الزّوج ، وبقي لورثتها صداق مثلها.

ولو كان للمرأة خمسة ولا شي‌ء للزّوج ، بقي مع ورثة الزوج عشرة إلّا نصف شي‌ء يعدل شيئين ، فالشي‌ء أربعة ، فيكون لها بالصداق تسعة مع خمسها أربعة عشر ، رجع إلى ورثة الزوج نصفها مع الدينار الّذي بقي لهم ، صار لهم ثمانية ، ولورثتها سبعة.

٤٨٧٥. السادس عشر : إذا أعتق أمته في صحّته ، ثم تزوّجها في مرضه ، ودخل ، صحّ ، وورثته إجماعا ، وإن أعتقها في مرضه ، ثمّ تزوّجها ، ودخل ، وكانت تخرج من الثلث ، عتقت وورثت.

ولو أعتق أمة لا يملك غيرها ، ثم تزوّجها ، صحّ النكاح ، فإن مات ظهر فساد النكاح ، ويسقط مهرها ، ويعتق ثلثها ، ويرقّ ثلثاها ، وإن كان قد دخل بها ، ومهرها نصف قيمتها ، عتق منها ثلاثة أسباعها ، واسترقّ أربعة أسباعها.

٣٩٨

وطريقه أن تقول : عتق منها شي‌ء ، ولها بصداقها نصف شي‌ء ، وللورثة شيئان ، فيجتمع ذلك ، فيكون ثلاثة اشياء ونصف ، تبسطها ، فتكون سبعة ، لها منها ثلاثة ، ولهم أربعة ، ولو أراد الورثة دفع حصّتها من مهرها ، وهو سبعاه ، ويعتق منها سبعاها ويسترقوا خمسة أسباعها ، فلهم ذلك.

ولو قلنا : يحسب مهرها من قيمتها وتسعى فيما بقي ، وهو ثلث قيمتها ، كان وجها.

ولو أعتقها وقيمتها مائة وتزوّجها ومهرها كذلك ، وخلّف مائة ، صحّ النكاح ، وبطل المسمّى ، وإلّا جاء الدور ، لتوقفه على ثبوت العقد ، المتوقف على العتق ، المتوقف على بطلان المهر ، لقصور الثلث (١) عن القيمة مع صحّته ، ويثبت مهر المثل ، لأنّه يجري مجرى أرش الجناية ، ويبطل العتق في بعضها ، لزيادتها عن الثلث.

وطريق تحصيل مقدار العتق وحصّته من مهر المثل ، أن يقال : عتق منها شي‌ء ، وحصل لها من مهر المثل شي‌ء آخر ، وحصل للورثة شيئان في مقابلة ما عتق منها ، فيكون التركة الّتي من جملتها الجارية ، في تقدير أربعة أشياء ، والتركة ثلاثمائة ، وقيمة الجارية ثلثها (٢) فتعتق ثلاثة أرباعها ، ويحصل لها ثلاثة أرباع مائة من مهر المثل ، تؤدّي منه خمسة وعشرين تمام قيمتها ، يبقى لها خمسون ، وللورثة مائة وخمسون.

٤٨٧٦. السابع عشر : لو أعتقت المريضة عبدا قيمته عشرة ، وتزوّجها بعشرة

__________________

(١) في «ب» : بقصور الثلث.

(٢) في «ب» : «وقيمة الجارية ثلاثمائة» والصحيح ما في المتن.

٣٩٩

في ذمّته ، ثمّ ماتت ، وخلّفت مائة ضمت العشرة إلى المائة ، فتكون هي التركة ، فيرث النصف ، ويبقى للورثة خمسة وخمسون ، ولا يحسب عليه قيمته.

٤٨٧٧. الثامن عشر : خلع المريضة جائز ، فإذا خالعت في مرضها ، فإن كان بمهر المثل ، صحّ له الفدية ، وإن كان بأكثر كانت الزيادة على مهر المثل محاباة من الثلث ، فإذا خالعت ومهر مثلها اثنا عشر بثلاثين لا مال لها سواها ، فللزوج ثمانية عشر.

ولو تزوّج المريض امرأة على مائة ، ولا يملك غيرها ، ومهر أمثالها عشرة ، ثمّ مرضت ، فاختلعت منه بالمائة ، ولا مال لها سواها ، فلها مهر مثلها ، و [لها] شي‌ء بالمحاباة ، والباقي له ، ثم رجع إليه صداق المثل وثلث شي‌ء بالمحاباة ، فصار له مائة إلّا ثلثي شي‌ء يعدل شيئين ، فالشي‌ء ثلاثة أثمانها ، وهو سبعة وثلاثون ونصف ، فصار لها ذلك ومهر المثل ، يرجع إليه مهر المثل وثلث الباقي اثنا عشر ونصف (١) فيصير بيده خمسة وسبعون ، وهو مثلا محاباتها.

٤٨٧٨. التاسع عشر : لو وهب المريض أخته مائة لا يملك سواها ، فقبضتها ، ثمّ ماتت وخلفته مع زوجها ، فقد صحّت الهبة في شي‌ء ، والباقي للواهب ، ورجع إليه بالميراث نصف الشي‌ء الّذي جازت الهبة فيه ، صار معه مائة إلّا نصف شي‌ء يعدل شيئين ، فالشي‌ء خمسا ذلك ، أربعون ، رجع إلى الواهب نصفها عشرون ، صار معه ثمانون ، وبقي لورثة الموهوبة عشرون.

وطريقه أن تأخذ عددا لثلثه نصف ، وهو ستّة ، فتأخذ ثلثها اثنين ، وتلقى (٢)

__________________

(١) كذا في «أ» ولكن في «ب» : فصار لها ذلك ومهر المثل وثلث الباقي اثنا عشر ونصف.

(٢) في «ب» : وتبقى.

٤٠٠