تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

ونصفه مع الثيبوبة ، ويبطل المسمّى (١) والأوّل أقرب ، ويرجع بما غرمه على المدلّس ، فإن كان هو المولى ، لم يكن لها المهر ، وإن كان قد تلفّظ بما يقتضي الحريّة ، كانت حرّة.

ولو كانت هي المدلّسة ، كان المهر للمولى ويرجع به الزوج عليها بعد العتق بأجمعه ، لأنّ السيّد قبض المهر ، ولو كان دفع المهر إليها استعاده ، وان تلف بعضه ، رجع عليها بالتالف بعد العتق.

ولو كان الزوج عبدا مأذونا له في النكاح ، فالأقرب ثبوت الخيار له ، فان اختار الإمساك ثبت لسيّدها المهر ، وإن اختار الفسخ قبل الدخول ، فلا مهر ، وإن كان بعده ، فلها المسمّى على السيّد.

وإن كان غير مأذون له ، فإن قلنا ببطلان العقد ، وكان قد دخل ، تبعته بالمهر بعد عتقه ، وإن لم يكن دخل فلا مهر ، وإن قلنا بصحّته ، وقف على إجازة المولى ، فإن أجاز صحّ العقد ، وكان للعبد الخيار في الفسخ ، ويجب المهر على المولى بعد الدخول على إشكال ، فإن فسخه كان باطلا ، فإن أوجبنا المهر على العبد أو المولى ، كان له الرجوع على الغارّ منهما أو من الوكيل ، فإن غرّته هي والوكيل ، رجع بالنصف على الوكيل معجّلا وبالنصف عليها بعد العتق ، قال الشيخ : ولو أتت بولد كان حرّا ، لأنه دخل في العقد على ذلك ، وعليه القيمة يوم سقوطه حيّا لسيّد الأمة ، وفي محلّها أقوال ثلاثة : أحدها في كسبه ، والثاني في رقبته ، والثالث في ذمّته ، ويرجع بها على الغارّ وهذه الأقوال للجمهور. (٢)

والحكم في المدبّرة وأمّ الولد حكم الأمة القنّ.

__________________

(١) النهاية : ٤٧٧.

(٢) نقلها الشيخ في المبسوط : ٤ / ٢٥٦.

٥٤١

٥١٦٤. الثاني : لو تزوّج امرأة على أنّها حرّة فبانت مكاتبة قوّى الشيخ البطلان (١) ويحتمل الصحّة وثبوت الخيار ، فإن اختار الإمساك ثبت لها المسمّى لا للسيّد ، وإن اختار الفسخ ، فإن كان قبل الدخول فلا مهر ، وإن كان بعده ، ثبت لها المسمّى ، وقال الشيخ : مهر المثل ، (٢) وكذا لو قلنا ببطلان العقد ، وإذا رجعت بالمهر ، رجع هو على المدلّس ، فإن كان الوكيل رجع بالجميع ، وإن كانت هي ، رجع بالزائد عن أقلّ ما يكون مهرا ولو أتت بولد كان حرّا ، وعليه قيمته ، فإن قلنا قيمة ولد المكاتبة المقتول للسيّد ، فالقيمة هنا له ، فإن كان الغارّ الوكيل رجع عليه بكمالها ، وإن كانت هي رجع عليها بما في يدها ، لأنّه كالدّين ، وإن قلنا للأمّ فكذلك هنا ، فإن كان الغارّ هو الوكيل رجع عليه بالقيمة ، وإن كانت هي تقاصّا.

ولو ضربها جان فألقته ميّتا وجب عليه الكفارة وعليه دية الجنين للأب إن لم يكن الجاني ، ولمن يليه إن كان هو الجاني لا للسيد ، لأنّه إنّما يأخذ مع خروجه حيّا ، ولا للأمّ ، لأنّها مكاتبة لا ترثه.

٥١٦٥. الثالث : لو تزوّجت الحرّة برجل على أنّه حرّ فخرج عبدا ، كان لها خيار الفسخ ، فإن فسخت قبل الدخول فلا مهر لها ، وان كان بعده ، فلها المسمّى.

ثمّ إن كان مأذونا له ، كان لازما للسيّد ، أو في كسبه ، على الخلاف ، وإن لم يكن مأذونا ، كان ثابتا في ذمّته يتبع به بعد العتق.

٥١٦٦. الرابع : لو تزوّج بامرأة على أنّها بنت مهيرة ، (٣) فكانت بنت أمة ، فإن

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ٤ / ٢٥٦.

(٣) في القاموس : المهيرة : الحرّة الغالية المهر. (مادة مهر). وفي الصحاح : المهيرة : الحرّة وقال المحقّق الثاني : وكأنّ أهل اللغة لحظوا في الاشتقاق انّها لا توطأ إلّا بمهر بخلاف الأمة فانّها لا توطأ إلّا بالملك. جامع المقاصد : ١٣ / ٢٩٧.

٥٤٢

شرط كان له الخيار ، فإن فسخ قبل الدخول ، فلا مهر لها ، وإن كان بعده ، كان لها المهر ، ويرجع به على المدلّس ، أبا كان أو غيره ، لكن إن كانت هي المدلّسة لم يرجع بأقلّ ما يصلح مهرا.

٥١٦٧. الخامس : لو زوّج بنته من المهيرة وأدخل عليه بنته من الأمة ، ردّها مع المهر إن كان دخل بها ، ويرجع به على السائق (١) ويردّ عليه امرأته ، ولا يسقط عنه مهرها ، وكذا كلّ من أدخل عليه غير زوجته فظنّها زوجته ، سواء كانت أرفع أو أخفض ، ويثبت مهر المثل للموطوءة بالشبهة.

٥١٦٨. السادس : لو تزوّج رجلان بامرأتين ، فأدخل كلّ منهما على غير زوجها ، ثبت لكلّ منهما على واطئها مهر المثل ، وعلى زوجها المسمّى ، وتردّ كلّ واحدة على زوجها ، وليس له وطؤها حتّى تنقضي عدّتها من الوطء ، ويرجع كلّ غارم عن الوطء على السابق ، ولو ماتت المرأتان في العدّة ورث كلّ واحد زوجته ، وكذا لو مات الرجلان ، ورثت كلّ زوجة زوجها ، وتعتدّ بعد الفراغ من العدّة الأولى عدّة الوفاة ، ولو حملتا من الوطء اعتدّتا بوضعه للواطئ ثمّ عدّة الوفاة بعدها للزّوج.

٥١٦٩. السابع : لو تزوّج وشرط البكارة ، فخرجت ثيّبا لم يكن له الفسخ ، وكان له أن ينقص من مهرها شيئا ، وهو ما بين مهر البكر والثيّب ، ويرجع فيه إلى العادة.

٥١٧٠. الثامن : قد بيّنّا أنّ الأقوى المنع من نكاح الكتابية دائما ، وجوازه متعة ، فلو استمتع امرأة فخرجت كتابيّة ، لم يكن له الفسخ إلا بهبته المدّة ولا إسقاط

__________________

(١) في الشرائع : ويرجع به على من ساقها إليه. شرائع الإسلام : ٢ / ٣٢٢.

٥٤٣

شي‌ء من مهرها ، وكذا لو تزوّجها دائما على القول الآخر ، ولو اشترط إسلامها ، فخرجت كتابيّة ، كان له الفسخ في الموضعين ، ويثبت لها المهر مع الدخول ، ويسقط مع عدمه ، ولو تزوّجها على أنّها كتابيّة متعة أو دواما ، وقلنا بجوازه ، فخرجت مسلمة ، فالأقرب سقوط الخيار ، ولو قلنا بتحريم الدوام في الكتابية لو تزوّجها دائما على أنّها كتابيّة فبانت مسلمة ، قوّى الشيخ البطلان لإنشائه عقدا يعتقد بطلانه. (١)

٥١٧١. التاسع : كلّ موضع حكم فيه ببطلان العقد ، فإنّه يثبت للمرأة مع الدخول مهر المثل ، وكلّ موضع حكم فيه بصحّته فلها المسمّى مع الوطء ، وإن لحقه الفسخ ، سواء كان الفسخ بعيب سابق على الوطء أو متجدّد ، ولو لم يكن دخول لم يكن لها مهر في البطلان والفسخ ولا نصفه إلّا في الطلاق والفسخ بالعنّة على ما سلف.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٥٤.

٥٤٤

المقصد الخامس : في الصداق

وفيه فصول :

الفصل الأوّل : في المسمّى

وفيه أربعة عشر بحثا :

٥١٧٢. الأوّل : الأصل في الصداق الكتاب والسنّة والإجماع ، قال الله تعالى :

(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) (١) إمّا تديّنا مأخوذ من الانتحال ، وهو التديّن (٢) أو أنّه من النحلة وهي الهبة ، لأنّ الاستمتاع مشترك بينهما ، فثبوت

__________________

(١) النساء : ٤.

(٢) قال النووي في المجموع : فإن قيل : لم سمّاه نحلة ، والنحلة العطية بغير عوض ، والمهر ليس بعطية وانّما هو عوض عن الاستمتاع. ففيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : انّه لم يرد بالنحلة العطية ، وانّما أراد بالنحلة الانتحال وهو التديّن ، لأنّه يقال : انتحل فلان مذهب كذا أي دان به ، فكأنّه تعالى قال : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) أي تديّنا.

والثاني : ان المهر يشبه العطية ، لأنّه يحصل للمرأة من اللّذة في الاستمتاع ما يحصل للزوج وأكثر ، لأنّها أجلب شهوة ، والزوج ينفرد ببذل المهر ، فكأنّه تأخذه بغير عوض. ـ

٥٤٥

المهر لها نحلة ، أو لأنّ الصداق في الشرائع القديمة للأولياء ، فهو لهنّ نحلة.

٥١٧٣. الثاني : ذكر المهر في العقد ليس بواجب ، لكنّه مستحبّ ، وكلّ ما يملك يصحّ أن يكون مهرا ، سواء كان عينا أو منفعة ، فلو عقد على منفعة الحرّ ، كتعليم الصنعة ، أو شي‌ء من القرآن ، أو غير ذلك من الأعمال المحلّلة ، صحّ ، وكذا على إجارة الزوج نفسه مدّة معيّنة خلافا للشيخ في بعض أقواله. (١)

٥١٧٤. الثالث : إذا عقد المسلم على خمر أو خنزير ، لم يصحّ المسمّى ، سواء كانت الزوجة مسلمة أو كتابيّة ، وهل يبطل النكاح؟ قيل : نعم (٢) وقيل : لا ، (٣) وهو الأقرب.

وعلى تقدير الصحّة قيل : ثبت قيمة المسمّى عند مستحلّيه ، (٤) وقيل : مهر المثل (٥) وهو أقرب ولو سمّاه الذمّي صحّ ، فلو أسلما أو أسلم أحدهما بعد القبض ، برئت ذمّة الزّوج ، وإن كان قبله ، دفع القيمة ، سواء كان عينا أو مضمونا.

__________________

والثالث : انّه عطيّة من الله تعالى في شرعنا للنساء ، لأنّ في شرع من قبلنا كان المهر للأولياء ، ولهذا قال تعالى في قصّة شعيب (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ). القصص : ٢٧ [ولم يقل «تأجر بنتي»] المجموع : ١٨ / ٥ ـ ٦. ولاحظ المبسوط للشيخ الطوسي قدس‌سره : ٤ / ٢٧١ ـ ٢٧٢.

(١) قال الشيخ في النهاية : ولا يجوز العقد على إجارة ، وهو أن يعقد الرجل على امرأة على أن يعمل لها أو لوليّها أيّاما معلومة أو سنين معيّنة. النهاية : ٤٦٩.

(٢) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٤٦٩ ؛ وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ٢٩٣.

(٣) وهو خيرة ابن زهرة في الغنية قسم الفروع : ٣٤٨ والحلّي في السرائر : ٢ / ٥٧٧ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ٢٩٦ ؛ وذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٤ / ٢٧٢ ؛ والخلاف : ٤ / ٣٦٣ ، المسألة ١ من كتاب الصداق.

(٤) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٤ / ٢٩٠.

(٥) وهو خيرة الشيخ في الخلاف : ٤ / ٣٦٣ ، المسألة ١ من كتاب الصداق ؛ والمبسوط : ٤ / ٢٧٢.

٥٤٦

٥١٧٥. الرابع : لا تقدير في المهر في القلّة والكثرة ، بل ما تراضيا عليه الزوجان ، من القليل والكثير ، صحّ أن يكون مهرا ، فلو سمّى أقلّ من نصاب القطع في السرقة ، لزم ، بل جاز أن يكون كفّا من برّ أو مثقالا من سكّر ما لم يقصر عن التقويم ، كحبّة من حنطة ، وكذا في طرف الكثرة ولو سمّى أزيد من خمسين دينارا ، مهما كانت الزيادة لزمت ولو بلغ مائة قنطار (١) وقول السيد المرتضى قدس‌سره :

لو زاد على الخمسين ردّ إليها (٢) غير معتمد ، نعم الأفضل أن لا يتجاوز السنّة المحمّدية ، وهي خمسمائة درهم ، وتخفيف الصداق أفضل من زيادته.

٥١٧٦. الخامس : تعليم القرآن يجوز أن يكون صداقا ، وليس بمكروه ، فلا بدّ من تعيين المهر من السورة أو الآيات المشترطة ، ويجوز أن يقدّره بالمدّة كاليوم والشهر ، وتتعلّم هي ما شاءت ، ولو أبهم فسد المهر ، ووجب مهر المثل مع الدخول ، والأقرب أنّه لا يشترط تعيين الحرف ، (٣) كقراءة حمزة أو غيره ، بل يكفيها الجائز في السبعة دون الشاذة.

ولو أصدقها تعليم سورة معيّنة ، وهو لا يحسنها ، فإن قال : عليّ أن أحصّل لك تعليم ذلك جاز ، لأنّها منفعة في الذمّة ، وإن قال : عليّ أن أعلّمك أنا ، احتمل الصحّة ، كما لو أصدقها مالا ، ولا شي‌ء له ، والبطلان لتعيّنه بفعله ، وهو غير قادر ، والأوّل أقرب.

__________________

(١) قال في القاموس المحيط : ٢ / ١١٢ : القنطار ـ بالكسر ـ : وزن أربعين أوقية من ذهب ، أو ألف ومائتا دينار ، أو ألف ومائتا أوقية ، أو سبعون ألف دينار وثمانون ألف درهم ، أو مائة رطل من ذهب أو فضّة ، أو ألف دينار ، أو مل‌ء مسك ثور ذهبا أو فضّة.

(٢) قال في الانتصار : وممّا انفردت به الإماميّة : أنّه لا يتجاوز بالمهر خمسمائة درهم جيادا قيمتها خمسون دينارا ، فما زاد على ذلك ردّ إلى هذه السنّة. الانتصار : ٢٩٢ ، المسألة ١٦٤.

(٣) المراد من الحرف : القراءة.

٥٤٧

ولو طلبت منه تعليم غير السورة المشترطة ، لم يجب عليه ، سواء كانت أسهل أو أصعب.

ولو طلبت منه أن يعلّم المشترطة غيرها من الأشخاص ، لم يجب عليه ، لاختلاف الناس بالذكاء والبلادة.

ولو تعلّمت المشترطة من غيره ، أو تعذّر تعلّمها (١) شيئا منها ، فالأقرب ثبوت أجرة تعليم السورة.

ولو اختلفا فقالت : تعلّمتها من غيره ، فقال : بل منّي ، فالقول قولها مع اليمين ، وكذا لو قالت : علّمني غير السورة ، لأنّ الأصل عدم الإقباض ، وإن لقّنها السورة فنسيتها ، برئت ذمّته ، لحصول القبض ، والتفريط بسببها ، وإن لقّنها البعض فنسيته ، فإن كان بعض آية ، لم يكن إقباضا ، لأنّه مذاكرة ، وإن كان آية فما زاد ، كان إقباضا ، ولا يجب عليه إعادة التعليم لما نسيته.

٥١٧٧. السادس : لو تزوّج المسلم كتابيّة على أن يصدقها تعليم شي‌ء من القرآن ، فإن قصدت به التفكّر ، وطمع الزّوج في الاستبصار ، صحّ ، وإن قصدت المباهاة بحفظ كتاب المسلمين ، لم يصحّ ، قاله

الشيخ ووجب مهر المثل مع الدخول. (٢)

ولو أصدق الذمّي تعليم التوراة والإنجيل ، فترافعوا إلينا ، أبطلنا المهر إن لم يكن علّمها ، وأوجبنا مهر المثل ، لأنّه مبدّل مغيّر لا يجوز جعله مهرا ، وإن كان قد علّمها فقد استوفت ، لأنّا لا ننقض ما تقابضوه.

__________________

(١) في «ب» : تعليمها.

(٢) المبسوط : ٤ / ٢٧٥.

٥٤٨

ولو تزوّج المسلم بذمّية ، وأصدقها تعليم التوراة أو الإنجيل ، (١) لم يصحّ ، ووجب لها مهر المثل ، سواء علّمها أو لا.

ولو أصدقها تعليم شعر يجوز تعليمه كالحكم والمواعظ والآداب ، جاز ، وإن لم يجز تعليمه كهجاء المؤمنين والسخف ، بطل المسمّى ، ووجب مهر المثل وقيمة التعليم على إشكال.

٥١٧٨. السابع : إذا طلّقها قبل تعليم السورة المشترطة بعد الدخول ، استقرّ الصداق ، وهل يعلّمها من وراء الحجاب؟ قال الشيخ : الأقوى ذلك (٢) كما يجوز سماع المرأة في المعاملات ، ويحتمل المنع خوف الافتتان ، فيثبت لها الأجرة ، وإن كان قبل الدخول ، فإن قلنا بالأجرة ، استحقّت أجرة النصف ، وإن قلنا بالتعليم ، احتمل هنا الأجرة ، لاختلاف الآيات في السهولة وضدّها وقسمة الآيات بالحروف.

وإن طلّق بعد التعليم ، فإن كان بعد الدخول ، فلا بحث وإن كان قبله رجع عليها بنصف الأجرة.

٥١٧٩. الثامن : إذا تزوّجها على أن يعلّم غلامها صنعة ، أو قرآنا ، وجعله صداقا ، جاز ، ولو أصدقها ردّ عبدها الآبق وجملها الشارد ، فإن كان الموضع معلوما صحّ ، فإن طلّقها قبل الدخول رجع عليها بنصف أجرة الردّ إن فعله ، وإلّا رجعت هي بنصف الأجرة ، وهل لها إلزامه بردّه نصف المسافة؟ الأقرب ، عدمه.

__________________

(١) في «أ» : والإنجيل.

(٢) المبسوط : ٤ / ٢٧٥ ؛ والخلاف : ٤ / ٣٦٨ ، المسألة ٥ من كتاب الصداق.

٥٤٩

أمّا لو طلّقها بعد الدخول قبل الردّ ، فإنّه يلزمه الردّ قطعا ، ولو لم يجده في ذلك الموضع ، وجب عليه أجرة الردّ بعد إسقاط ما قابل فعله ، وإن كان مجهولا بطل المسمّى ، ووجب لها مهر المثل مع الدخول ، لا الأجرة ، لعدم العلم بمقدارها قبل العقد وبعده.

٥١٨٠. التاسع : منافع الحرّ يجوز أن تكون مهرا بشرط التعيين ، فإذا أصدقها خياطة ثوب بعينه (١) فتلف قبل الخياطة ، كان لها أجر (٢) مثل الخياطة ، وكذا كلّ مهر تلف وجبت قيمته ، وإن كان فاسدا فمهر المثل مع الدخول.

وإن تعطّل الخيّاط ، وكان المهر خياطته بنفسه ، وجب عليه الأجرة ، وبطل المسمّى ، وإن كان خياطة مطلقة لزمه عمله بغيره.

وإن كانا سليمين فطلّقها (٣) بعد الدّخول ، وجب عليه الخياطة إن لم يكن فعلها ، وإن كان قبله ، فالأقرب وجوب نصف الأجرة مع احتمال خياطة نفسه إن انضبطت ، ولو اختار خياطة الجميع لم يكن لها المطالبة بغير ذلك على إشكال. (٤)

وإن طلّق بعد الخياطة قبل الدخول ، رجع عليها بنصف الأجرة.

٥١٨١. العاشر : قد ذكرنا أنّ من شرط المهر التعيين ، فإن أبهمه ثبت مهر المثل مع الدخول ، والمتعة مع الطلاق قبله ، ويكفي في المهر مشاهدته إن كان حاضرا ولو جهل وزنه أو كيله ، كقطعة من ذهب ، وقبضة من فضّة ، وقبة من طعام.

__________________

(١) في «أ» : معيّنة.

(٢) في «ب» : أجرة.

(٣) في «أ» : «فإن كانا سليمين فطلّقا» والصحيح ما في المتن.

(٤) لاحظ المبسوط : ٤ / ٢٧٦.

٥٥٠

ولو تزوّجها على خادم وأطلق ، أو دار كذلك ، قيل : كان لها خادم وسط ودار كذلك (١) وعندي فيه نظر.

ولو تزوّج امرأتين فما زاد بمهر واحد ، صحّ العقد والمهر ، وقسط على مهور الأمثال.

ولو تزوّج امرأتين لإحداهما زوج ، بألف لم يكن الألف للأخرى خاصّة ، بخلاف ما لو تزوّجها والحائط ، (٢) ويقسّم الألف على مهر مثلهما ، فما يخصّها فهو مهرها لا مهر المثل.

٥١٨٢. الحادي عشر : لو تزوّجها على كتاب الله وسنّة نبيّه ، ولم يسمّ مهرا ، كان مهرها خمسمائة درهم ، ولو سمّى لها مهرا ولأبيها شيئا ، لم يلزم ما سمّاه للأب ، وثبت لها المسمّى.

ولو تزوّجها بمهر معيّن ، وشرط عليها أن تعطي أباها منه شيئا ، قيل : صحّ المهر والشرط ، وفيه نظر ، قال الشيخ : إن كان على سبيل الهبة ، لم يلزمها الوفاء به ، وكان بأجمعه لها ، وإن كان على سبيل التوكيل في القبض ، فكذلك. (٣)

٥١٨٣. الثاني عشر : إذا أصدقها عبدا فبان مستحقّا ، كان لها قيمته ، ولو بان حرّا ، قال الشيخ رحمه‌الله : الأقوى قيمته لو كان عبدا ، (٤) ولو قيل بمهر المثل كان وجها.

ولو أصدقها عبدا مجهولا ، فإنّه يجب مهر المثل قطعا ، لعدم إمكان الرجوع إلى قيمته ، ولو تزوّجها بخلّ فبان خمرا ، قال الشيخ رضى الله عنه : كان لها مهر المثل أيضا (٥) وقيل : لها قيمته عند مستحلّيه ، ويحتمل قيمة الخلّ ، أمّا لو تزوّجها

__________________

(١) القائل الشيخ في الخلاف : ٤ / ٣٧١ ، المسألة ٩ من كتاب الصداق ؛ والنهاية : ٤٧٣.

(٢) في «ب» : أو الحائط.

(٣) المبسوط : ٤ / ٣٠٣.

(٤) و (٥) المبسوط : ٤ / ٢٩٠.

٥٥١

بهذا الحرّ ، أو بهذا الخمر ، فالوجه هنا بطلان المهر والرجوع إلى مهر المثل.

ولو تزوّجها على عبدين ، فبان أحدهما حرّا ، فسد فيه ووجبت قيمته لو كان عبدا ، وصحّ في الآخر ، وهل لها المطالبة بقيمتهما ودفع الآخر؟ إشكال.

ولو قال : بهذا الحرّ وهذا العبد ، بطل في الحرّ ، وكان لها قدر حصّته من مهر المثل والآخر ، ولا يكون العبد خاصّة هو كمال المهر في الموضعين.

٥١٨٤. الثالث عشر : لو تزوّجها بمهر سرّا وبأزيد منه علانية ، أو بالعكس ، كان الحكم للأوّل ولا اعتبار بالأخير.

٥١٨٥. الرابع عشر : لو زوّجها الوليّ بدون مهر المثل ، قيل : يبطل المهر ، ولها مهر المثل وقيل : يصحّ المسمّى ، (١) وهو الأقرب مع المصلحة ، ولو زوّجه الوليّ بأكثر من مهر المثل ، فالأقرب لزوم المسمّى مع المصلحة.

الفصل الثاني : في تسمية ما يزيد وينقص من الأعيان

وفيه ستّة مباحث :

٥١٨٦. الأوّل : المهر تملكه المرأة بالعقد ، ولا يتوقف في تملّك جميعه إلى الدخول ، ثمّ إن طلّقها الزوج قبل الدخول ، رجع بنصفه ، وقبل الطلاق فالجميع ثابت ، ويكون من ضمان الزوج حتّى تقبضه ، وزيادته لها ، سواء كان

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في الخلاف ، ونقل عن الشافعي انّه قال : يبطل المسمّى ويجب مهر المثل. الخلاف : ٤ / ٣٩٢ ، المسألة ٣٧ من كتاب الصداق.

٥٥٢

في يده أو يدها ، ولها أن تتصرّف فيه قبل قبضه بالبيع والهبة وما شاءت من أنواع التصرّفات.

٥١٨٧. الثاني : إذا أصدقها عينا ، فتلفت قبل القبض ، وجب لها مثل تلك العين إن كانت من ذوات الأمثال ، وإلّا قيمة يوم التلف إن تلفت في يده من غير مطالبة ، وإن طالبته ثمّ تلفت وجب أكثر القيمة من وقت المطالبة إلى وقت التلف ، هذا إذا تلف بسببه أو بأمر سماويّ ، ولو أتلفه أجنبيّ تخيّرت في إلزام الزّوج بما ذكرنا إمّا بالقيمة يوم الإتلاف أو بأكثر القيمة مع المطالبة ، على ما قلنا من التفصيل ، فيرجع الزوج على المتلف بقيمته يوم الإتلاف خاصّة وإلزام المتلف بقيمته يوم إتلافه ، وحينئذ هل لها أن ترجع على الزّوج بتفاوت القيمة من يوم المطالبة إلى وقت الإتلاف لو رجعت على الأجنبيّ بالقيمة؟ الأقرب ذلك.

ولو أتلفته هي ، كان ذلك قبضا منها ، وليس لها الرجوع مع تلف المهر قبل القبض بمهر المثل بل بالقيمة.

٥١٨٨. الثالث : قد بيّنا أنّ المهر مضمون في يد الزوج ، لو تلف رجعت عليه بقيمته ، وهل يضمنه بقيمته يوم التلف أو بأعلى القيم من حين العقد وان لم يطالب به إلى حين التلف؟ الأقرب الأوّل.

٥١٨٩. الرابع : إذا وجدت بالمهر عيبا ، كان لها ردّه ، ولو حدث به العيب بعد العقد قبل القبض ، كان لها الأرش ، وهل لها الردّ والمطالبة بالقيمة؟ قيل : نعم.

ولو أصدقها نخلا حائلا فأثمر في يدها أو يده بعد العقد ، فالثمرة لها ، ولو كانت في يده حتّى انتهت فجذها ووضعها في أواني ، وجعل عليها سيلان

٥٥٣

الرطب ليحفظ رطوبتها كما يصنعه أهل الحجاز ، فإن لم ينقص قيمتها بذلك ولا بإخراجها ، دفعها إليها ولا شي‌ء عليه ، وإن نقصت القيمة نقصانا متناهيا ردّها مع الأرش ، وإن كان غير متناه بل حكم أهل الخبرة بنقصها كلّ وقت ، فالوجه ردّها مع أرش النقصان الموجود ، وكلّ ما نقصت رجعت عليه ، ولو لم ينقص بوضعها في الأواني لكنّها ينقص بإخراجها ، فللزوج إخراجها ودفع الأرش ، ولو دفع الزوج الأواني مع الثمرة ، ففي وجوب القبول على المرأة إشكال هذا إذا كان السيلان من ثمرتها ، وإن كان من ثمرته ، دفع الثمرة دونه ، وعليه أرش النقصان ، كما تقدّم ، وكلّ موضع حكم فيه بإخراج الثمرة من الآنية ، فالأجرة فيه على الزوج.

٥١٩٠. الخامس : لو كان المهر أمة حرم عليه وطؤها ، فإن فعل عالما بالتحريم حدّ ، والولد مملوك ، ولا تصير أمّ ولد ، فإن طاوعته فلا مهر ، وإلّا كان المهر للسيّدة ، وان كان جاهلا بأن يكون قريب العهد بالإسلام أو نائيا عن بلاده ، كجفاة العرب ، أو يكون مالكيّا يعتقد انتقال النصف خاصّة بالعقد ، فلا حدّ ، والولد حرّ لاحق به ، وعليه قيمته للسيّدة بيوم سقوطه حيّا والمهر ، ولا تصير أمّ ولد في الحال ، فإذا ملكها بعد ذلك ففي صيرورتها أمّ ولد إشكال ، والضابط أنّه إذا أحبل الأمة بحرّ في ملكه ، فهي أمّ ولد ، وفي غير ملكه إشكال ، وبمملوك في غير ملكه لا تصير أمّ ولد ، وإن ملكها بعد ، فإذا أحبلها الزّوج نقصت ، فعليه الأرش ، ولها الردّ والمطالبة بالقيمة لا بمهر المثل.

٥١٩١. السادس : يجوز جمع العقود المختلفة في عقد واحد.

كبيع وصرف ، مثل أن يبيع دراهم وثوبا بذهب ، وكذا إن اتّحد الجنس مثل

٥٥٤

أن باع دراهم وثوبا بدراهم ، لكن يجب نقصان ما انضمّ إليه المتاع عن الآخر.

وكبيع وإجارة ، مثل [أن يقول :] بعتك عبدي وآجرتك داري بكذا ، أمّا لو قال : آجرتك داري وبعتكها بكذا ، قال الشيخ : بطلا ، لأنّ مالك الرقبة يملك المنافع (١) وعندي فيه نظر.

وكبيع وكتابة مثل [أن يقول :] بعتك عبدي هذا وكاتبتك بألف إلى نجمين ، قال الشيخ : يبطل البيع ، لأنّ بيع عبده من عبده باطل ، (٢) وفيه نظر ، أمّا الكتابة فصحيحة ، ويقسّط العوض.

وكبيع ونكاح مثل [أن يقول :] زوّجتك بنتي وبعتك عبدها بكذا ، فانّهما يصحّان ويقسّط الثمن على مهر المثل وقيمة العبد.

ولو قال : زوّجتك بنتي وهذه الألف لك بعبدك هذا صحّا ، وكان بعض العبد مهرا وبعضه مبيعا فيقسّط قيمته عليهما.

ولو قال : زوّجتك بنتي وبعتك هذا الألف بألف ، بطل البيع والمهر ، دون النكاح ، وثبت مهر المثل.

ولو قال : زوّجتك هذه الجارية وبعتكها بألف ، صحّ البيع ، وبطل النكاح والمهر ، وكان عليه من الثمن بنسبة القيمة ومهر المثل ، وهل يتخيّر البائع؟ الوجه ذلك ولو اشترت المرأة زوجها ، صحّ البيع وبطل النكاح ، وسقط المهر ، سواء كان قبل الدخول أو بعده ، وليس لها معاودته إلّا بإعتاقه والعقد عليه ثانيا ، أو ببيعها إيّاه ثمّ تجديد العقد.

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ٤ / ٢٨٩.

٥٥٥

الفصل الثالث : في الشرط في المهر والعقد

وفيه أحد عشر بحثا :

٥١٩٢. الأوّل : إطلاق العقد يقتضي تعجيل المهر ، فإن شرطا الحلول أو أطلقا ، وجب دفعه إليها بالعقد مع المطالبة ، وإن شرطا التأجيل ، وجب أن يكون الأجل محروسا من الزيادة والنقصان ، فإن شرطا أجلا مجهولا ، فالوجه بطلان المسمّى وثبوت مهر المثل ، ويجب دفع مهر المثل مع الدخول من غير تأجيل.

وإذا سمّيا أجلا معيّنا ، لم يجب دفعه قبل الأجل ، سواء دخل بها أو لا ، وليس لها الامتناع من تسليم نفسها قبل حلوله.

ولو شرطا تأجيل بعضه وحلول الباقي صحّ.

٥١٩٣. الثاني : إذا كان الصداق حالّا كان لها أن تمنع نفسها حتّى تقبضه ، وإن كانت قد سلمت نفسها ، فإن لم يدخل بها كان لها الامتناع بعد ذلك ، لأنّ التسليم هو القبض ، والقبض في النكاح هو الوطء ، وإن كان قد دخل بها ، قال في الخلاف : ليس لها الامتناع ولها إجباره على الصداق (١) وقوّى في المبسوط جواز امتناعها حتّى تستوفيه. (٢)

٥١٩٤. الثالث : إذا كان الزوج معسرا ، لم يكن لها الامتناع بعد الدخول ، وهل

__________________

(١) الخلاف : ٤ / ٣٩٣ ، المسألة ٣٩ من كتاب الصداق.

(٢) المبسوط : ٤ / ٣١٣.

٥٥٦

لها ذلك قبل الدخول؟ قيل : نعم ، وهو قويّ ، ويلوح من كلام ابن إدريس عدمه (١) وإذا سلّم الزوج المهر لم يجز لها بعد ذلك الامتناع ، فإن امتنعت كانت ناشزا ، إن كانت كبيرة ، ولو طلبت إمهال يومين أو ثلاثة ، قوّى الشيخ ثبوت ذلك لها لإصلاح أمرها ، والاستعداد لزوجها (٢) والأقرب عندي عدم وجوبه.

وإن كانت صغيرة دون البلوغ ، لم يجب تسليمها إليه ، وإن التزم بحضانتها وتربيتها ، ولو امتنع من نقل (٣) هذه [الصغيرة] ، لم يجب عليه لو طلب أهلها نقلها إليه.

٥١٩٥. الرابع : لو كان المهر مؤجّلا فلم يحصل الدخول حتّى حلّ ، لم يكن لها الامتناع من تسليم نفسها حتّى يقبض ، ولو كان بعضه حلّا وبعضه مؤجّلا ، وجب تعيين الأجل وتعيين قدر المؤجّل ، ولها الامتناع حتّى تقبض الحالّ ، فاذا قبضته لم يجز لها أن تمنع قبل حلول الباقي ولا بعده على ما تقدّم.

٥١٩٦. الخامس : اذا كان الزّوج كبيرا والمرأة كذلك ، وامتنع كلّ منهما من تسليم ما عليه ، قال الشيخ : الأقوى نصب عدل يأمر الزوج بتسليم الصداق إليه ، فإذا فعل أمرها بتسليم نفسها إليه ، فإذا فعلت أعطاها العدل الصّداق (٤) فإذا امتنعت من تسليم نفسها قبل دفع الزّوج الصداق ، كان لها ذلك على ما قلنا ، ولا تسقط نفقتها في مدّة امتناعها ، لأنّها بذلت نفسها إن دفع الواجب لها ، فإذا امتنع لم يسقط نفقتها.

__________________

(١) السرائر : ٢ / ٥٩١.

(٢) المبسوط : ٤ / ٣١٤.

(٣) كما في المبسوط : ٤ / ٣١٥ ، وفي النسختين «بعض» وهو مصحّف.

(٤) المبسوط : ٤ / ٣١٦.

٥٥٧

ولو كانت نضوا خلقة ، فسلّم مهرها ، لم يكن لها الامتناع ، ولا يستمتع لها في الفرج مع تضرّرها ، بل في غيره ، وخيّر بين إمساكها كذلك وتطليقها مع استرجاع نصف المهر منها ، وليس له الفسخ ، كالرتقاء ، وان لم تتضرّر كان له الاستمتاع في الفرج ، فإن كان [نضوها] لعارض كان لها منع نفسها حتّى تبرأ ، ولا نفقة لها حتّى تبرأ وتسلم نفسها ، ولو سلّمت نفسها لزمته النفقة ، وكذا لو سلّمت نفسها وهي صحيحة فمرضت ونحلت ، فعليه النفقة ، ولا يمكّن من جماعها مع الضرر.

وإن كانا صغيرين ، لم يكن لها نفقة ، وقوّى الشيخ عدم وجوب تسليم الصداق (١) وكذا لو كان كبيرا وهي صغيرة.

وإن كان صغيرا ، وهي كبيرة ، فبذلت نفسها ، فالّذي قوّاه الشيخ عدم النّفقة وعدم وجوب تسليم المهر ، (٢) وفيه نظر.

٥١٩٧. السادس : الشروط المذكورة في العقد إن نافت مقتضاه ، كانت باطلة ، مثل أن يشترط عليها في العقد أنّه لا يتزوّج عليها ولا يتسرّى ، وأنّه لا نفقة لها ، ولا ميراث ، والعقد صحيح وكذا المسمّى ، ولو شرط عليها أن يتزوّج عليها ، أو يتسرّى ، أو يسافر بها ، أو ينفق عليها ، فالشرط صحيح ، لأنّه من مقتضيات العقد إجماعا.

ولو شرطت عليه أن لا يطأها في الفرج ، قال الشيخ رحمه‌الله : بطل النكاح ، لأنّه إخلال بالمقصود ، قال : وروى أصحابنا : أنّ الشرط صحيح ، والعقد صحيح ، ولا

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ٤ / ٣١٦.

٥٥٨

يكون له وطؤها ، فإن أذنت له بعد ذلك كان له وطؤها ، قال : وعندي أنّ هذا يختصّ عقد المتعة دون الدوام ، (١) وفي طريق الرواية (٢) ضعف.

ولو شرطت أن يطأها ليلا خاصّة ، أو شرط هو ذلك ، قال : لا يفسد وله وطؤها متى شاء ، وكذا لو شرط عليها أن لا يدخل عليها سنة أو شرطت هي ذلك ، فإنّه يبطل الشرط ويصحّ العقد. (٣)

ولو شرطت عليه أن لا يخرجها من بلدها ، قال في الخلاف (٤) والمبسوط (٥) : لا يلزم الشرط ويصحّ العقد والمهر ، وهو اختيار ابن إدريس (٦) وقال في النهاية : يلزم الشرط أيضا ، (٧) وبه رواية صحيحة عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٨).

وفي رواية حسنة عن ابن رئاب عن الكاظم عليه‌السلام في رجل تزوّج امرأة على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده ، فقال : إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد الشرك فلا شرط له عليها في ذلك ، ولها مائة دينار الّتي أصدقها إيّاها ، وإن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين ودار الإسلام فله ما اشترط عليها ، والمسلمون عند شروطهم ، وليس له أن يخرج بها إلى بلاده حتّى يؤدّي إليها صداقها أو ترضى

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

(٢) رواها الشيخ في التهذيب بسند فيه محمد بن سنان وهو ضعيف وامّا ما رواه الكليني فالسند صحيح ، لاحظ الوسائل : ١٥ / ٤٥ ، الباب ٣٦ من أبواب المهور ، الحديث ١ ، وج ١٤ / ٤٩١ ، الباب ٣٦ من أبواب المتعة ، الحديث ١.

(٣) المبسوط : ٤ / ٣٠٤.

(٤) الخلاف : ٤ / ٣٨٨ ، المسألة ٣٢ من كتاب الصداق.

(٥) المبسوط : ٤ / ٣٠٣.

(٦) السرائر : ٢ / ٥٩٠.

(٧) النهاية : ٤٧٤.

(٨) لاحظ الوسائل : ١٥ / ٤٩ ، الباب ٤٠ من أبواب المهور ، الحديث ١.

٥٥٩

منه من ذلك بما رضيت وهو جائز له (١) وابن إدريس منع هذه الرواية ، وصحّح العقد وأوجب عليها الخروج معه أين شاء ولم يتعرّض بما يجب عليه من المهر (٢) والأقوى عندي ما تضمّنته الرواية لجودة سندها ، واختلاف الأغراض بذلك ، فوجب أن يكون مشروعا.

ولو شرطت أنّ بيدها الجماع والطلاق ، صحّ العقد والمهر ، وبطل الشرط.

ولو شرطت تأجيل المهر صحّ ، فإن شرطت فيه أنّه متى لم يأت بالمهر قبل الأجل ، فلا نكاح بينهما ، بطل الشرط وصحّ العقد ، وهي رواية حسنة عن ابن قيس عن الباقر عليه‌السلام (٣).

ولو أعتق عبده على أن يزوّجه ابنته (٤) ، فإن تزوّج عليها أو تسرّى فعليه مائة دينار ، فتزوّج أو تسرّى عليها ، ففي رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام عليه ما شرطه (٥) ولو شرط الرجل لامرأته إن تزوّج عليها ، أو هجرها ، أو اتخذ عليها سريّة [فهي طالق] ففي رواية محمد بن قيس عن الباقر عليه‌السلام يبطل الشرط ويصحّ العقد (٦). وفي رواية حسنة عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه‌السلام فيمن تزوّج امرأة وشرط عليها أن يأتيها إن شاء أو ينفق عليها شيئا مسمّى ، قال : لا بأس (٧). وعن زرارة قال : سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن الجارية يشترط

__________________

(١) الوسائل : ١٥ : ٤٩ ، الباب ٤٠ من أبواب المهور ، الحديث ٢.

(٢) السرائر : ٢ / ٥٩٠.

(٣) الوسائل : ١٥ / ٢٠ ـ ٢١ ، الباب ١٠ من أبواب المهور ، الحديث ٢.

(٤) كما في الرواية ولكن في النسختين «أمته» وهو مصحّف.

(٥) الوسائل : ١٥ / ٤٦ ، الباب ٣٧ من أبواب المهور ، الحديث ١.

(٦) الوسائل : ١٥ / ٤٦ ، الباب ٣٨ من أبواب المهور ، الحديث ١.

(٧) الوسائل : ١٥ / ٤٧ ، الباب ٣٩ من أبواب المهور ، الحديث ١.

٥٦٠