تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

ولو وقف على المؤمنين ، انصرف إلى الاثني عشرية ، وهل يشترط مجانبة الكبائر؟ قال الشيخ : نعم (١) ومنعه ابن إدريس (٢) وهو حسن.

ولو وقف على الشيعة ، اندرج فيه كل من قدّم عليا عليه‌السلام من الإماميّة ، والجاروديّة (٣) من الزيدية (٤) والواقفيّة (٥) وغيرهم من فرق الشيعة دون البتريّة (٦) من الزيدية.

__________________

(١) النهاية : ٥٩٧ ـ ٥٩٨.

(٢) السرائر : ٣ / ١٦١.

(٣) «الجاروديّة» هم أصحاب «أبي الجارود» وانّما سمّوا «جارودية» لأنّهم قالوا بقول «أبي الجارود» يزعمون انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نصّ على عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بالوصف لا بالتسمية فكان هو الإمام من بعده وانّ الناس ضلّوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. لاحظ الملل والنحل : ٧ / ٤٥٣ تأليف العلّامة الشيخ جعفر السبحاني.

(٤) وهم أتباع زيد بن علي بن الحسين (٧٩ ـ ١٢١ ه‍) الّذي اتّفق علماء الإسلام على جلالته ووثاقته وعلمه وفضله.

(٥) «الواقفية» هم الذين وقفوا على الإمام الكاظم عليه‌السلام وربما يطلق عليهم «الممطورة» وإنّما وقفوا على الكاظم عليه‌السلام بزعم انّه القائم المنتظر.

قال الكشي : وقد كان بدء الواقفة انّه اجتمع عند بعض الشيعة ثلاثون ألف دينار ، فحملوها إلى وكيلين لموسى الكاظم عليه‌السلام أحدهما : حيّان السراج وآخر كان معه ، وكان موسى بن جعفر عليهما‌السلام في الحبس ، فلمّا مات موسى عليه‌السلام وانتهى الخبر إليهما أنكرا موته ، وأذاعا في الشيعة انّه لا يموت لأنّه هو القائم ، وانتشر قولهما في الناس ، ثمّ استبان للشيعة انّهما قالا ذلك حرصا على المال. اختيار معرفة الرجال : ٢ / ٧٦٠ مع تلخيص وتغيير قليل.

(٦) «البتريّة» هم أصحاب «الحسن بن صالح بن حي» وأصحاب «كثير النواء» وإنّما سمّوا «بتريّة» لأنّ «كثيرا» كان يلقّب بالأبتر ، يزعمون أنّ عليا عليه‌السلام أفضل الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأولاهم بالإمامة ، وأنّ بيعة أبي بكر وعمر ليست بخطإ ، لأنّ عليا عليه‌السلام ترك ذلك لهما ، وينكرون رجعة الأموات إلى الدنيا ، ولا يرون لعليّ عليه‌السلام إمامة إلّا حين بويع ، وحكي أنّ «الحسن بن صالح بن حي» كان يتبرّأ من عثمان بعد الأحداث الّتي نقمت عليه. لاحظ الملل والنحل : ٧ / ٤٥٤ تأليف العلّامة الشيخ جعفر السبحاني. وقال الحلّي في السرائر : ٣ / ١٦٢ : والبترية فرقة تنسب إلى «كثير النواء» وكان أبتر اليد.

٣٠١

ولو وقف على الإماميّة فهو على الاثني عشرية ، ولو وقفه على الزيدية فهو لكلّ من قال بإمامة زيد وكذا لو علّقهم بالنسبة إلى أب كان لكلّ من انتسب إليه بالأبوة ، فالهاشميّين يصرف إلى من انتسب إلى هاشم بالأبوّة ، وهل يدخل فيه من انتسب إليه بالأمومة؟ قيل : نعم وقيل : لا (١) وكذا لو وقفه على العلويّين كان لمن انتسب إلى علي عليه‌السلام ، ولو وقفه على الحسنيّين كان لأولاد الحسن بن علي عليهما‌السلام ليس للحسينيّين فيه شي‌ء ، وكذا بالعكس.

ولو وقفه على الفاطميّين كان لأولاد فاطمة عليهم‌السلام.

٤٦٦٥. الثاني عشر : يدخل في الوقف على القبيلة وغيرهم من المتعددين الذكور والإناث ، ويكونون سواء إلّا أن يشترط التفضيل ، ولو قال : على كتاب الله تعالى ، كان (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، وكذا لو وقف على والديه ، تساويا ما لم يفضّل.

٤٦٦٦. الثالث عشر : قال ابن إدريس : لو وقف الإمامي على المسلمين ، كان للإماميّة خاصّة ، لأنّ التقرب إلى الله تعالى إنّما يحصل به ، وهو شرط (٢) ، وقال الشيخ : يدخل فيه كلّ من صلّى إلى القبلة (٣) وكذا لو وقف الإمامي على الزيدي لم يصحّ.

قال الشيخ : ولو وقف على الشيعة كان شاملا لجميع فرقهم من الكيسانيّة (٤)

__________________

(١) لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف : ٦ / ٢٩١.

(٢) السرائر : ٣ / ١٦٠ ـ ١٦١.

(٣) النهاية : ٥٩٧.

(٤) الكيسانية هم القائلون بإمامة محمد بن الحنفية ، ويزعمون انّه اليوم حيّ ، وهو المهدي الّذي يظهر.

٣٠٢

والناووسية (١) والفطحيّة (٢) والواقفيّة ، وقال ابن إدريس : إن كان الواقف إماميّا اختصّ بالإماميّة ، وإن كان من أحد هؤلاء حمل كلامه على شاهد حاله في اختصاص أهل نحلته بالوقف خاصّة. (٣)

٤٦٦٧. الرابع عشر : إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده دخل أولاد البنين وأولاد البنات ، وكذا لو قال : على أولادي ولم يقل لصلبي ، فإنّه يدخل فيه أولاد بنيه وأولاد بناته ما تعاقبوا وتناسلوا.

ولو قال : على أولادي لصلبي ، كان لأولاده خاصّة.

ولو قال : على من انتسب إليّ ، ففي دخول أولاد البنات نظر.

ولو قال الهاشمي : على أولادي وأولاد أولادي الهاشميّين ، لم يدخل في الوقف من أولاد بناته من كان غير هاشمي ، ومن كان هاشميا من غير أولاد بنيه ، وهم من أولاد بناته دخلوا.

فلو قال : على عقبي أو نسلي ، أو ذرّيتي ، دخل أولاد البنين وأولاد البنات.

ولو قال : على عترتي ، فهم أخصّ قومه وعشيرته ، ولو وقف على قومه ، قيل : يكون للذكور من أهل لغته دون الإناث (٤) وقال ابن إدريس : يكون للرجال من قبيلته ممّن يطلق عليهم أنّهم أهله وعشيرته دون غيرهم (٥).

ولو وقف على عشيرته كان لأقاربه.

__________________

(١) وهم أتباع رجل من أهل البصرة ، يعتقدون بإمامة جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام وزعموا أنّه لم يمت وهو المهدي. لاحظ فرق الشيعة : ٦٧.

(٢) الفطحية : هم القائلون بإمامة عبد الله بن جعفر الصادق عليه‌السلام ، قيل : إنّه كان أفطح الرّجلين.

(٣) السرائر : ٣ / ١٦٢.

(٤) القائل الشيخ المفيد في المقنعة : ٦٥٥.

(٥) السرائر : ٣ / ١٦٤.

٣٠٣

٤٦٦٨. الخامس عشر : إذا وقف على قومه وأولادهم وأولاد أولادهم اقتضى ذلك ، تشريك البطون الأخيرة مع البطن الأوّل ، ولا يقدّم بعضهم على بعض لقربه ، ولو تجدّد حمل لم يشارك حتّى ينفصل حيّا.

ولو رتّب فقال : على أولادي ثمّ أولاد أولادي ، أو قال : الأعلى (١) فالأعلى ، أو الأقرب فالأقرب ، أو الأوّل فالأوّل أو البطن الأوّل ثمّ البطن الثاني ، أو قال : على أولادي ، فإذا انقرضوا فعلى أولادهم ، ترتبوا بحسب الشرط ، ولا يستحقّ البطن الثاني شيئا حتّى ينقرض البطن الأوّل كلّه ، ولو لم يبق من البطن الأوّل إلّا واحد ، كان الوقف كلّه له ، لا يشاركه البطن الثاني.

ولو قال : على أولادي وأولاد أولادي على أنّ من مات منهم عن ولد كان ما كان جاريا عليه جاريا على ولده ، كان ذلك دليلا على الترتيب وإلّا لم يحصل التسوية فحينئذ يترتّب بين كلّ والد وولده ، فإذا مات عن ولد انتقل إلى ولده سهمه ، سواء بقي من البطن الأوّل أحد أو لم يبق.

ولو رتّب في البعض دون الباقي ، عمل بقوله ، كما لو قال : وقفت على ولدي وولد ولدي ثمّ على أولادهما ، أو على أولادي ، ثمّ على أولاد أولادي وأولادهم ما تعاقبوا وعلى أولادي وأولاد أولادي ثمّ على أولادهم وأولاد أولادهم ، فيشترك بين من شرّك بينهم بالواو ويترتب بين من رتّب بحرف الترتيب.

٤٦٦٩. السادس عشر : إذا وقف على أولاده اشترك فيه أولاده وأولاد

__________________

(١) في «ب» : أو قال : على الأعلى.

٣٠٤

أولاده ما تعاقبوا على احتمال ، ولا يمنع الأقرب الأبعد ، ولو صرح بما يصرفه عن الظاهر أو إليه (١) حمل على ما دلّت القرينة عليه ، فلو قال : على أولادي لصلبي ، أو الذين يلونني ، صرف إلى البطن الأوّل.

ولو قال : على أولادي ، ولا ولد له من صلبه ، انصرف إلى أولاد أولاده ، وكذا لو قال : على أولادي إلّا أولاد البنات ، أو على أولادي إلّا بني فلان.

٤٦٧٠. السابع عشر : لو قال : على أولادي ثمّ على أولاد أولادي على أنّه من مات من أولادي عن ولد فنصيبه لولده ، أو لإخوته ، أو لأولاد إخوته ، فهو على ما شرطه ، ولو قال : على أنّ من مات منهم فنصيبه لولده ، ومن لا ولد له ، فنصيبه لأهل الوقف ، ومات أحد البنين الثلاثة عن ابنين ، كان نصيبه لهما ، فإن مات الثاني عن غير ولد ، كان نصيبه لأخيه وابني أخيه بالسوية ، ولو مات أحد ابني الأخ عن غير ولد ، كان نصيبه لأخيه وعمّه ، ولو مات أحد الثلاثة وخلّف أخويه وابني أخ له ، فنصيبه لأخويه ، ولا شي‌ء لا بني الأخ ما دام أبوهما حيّا ، فإن مات أبوهما صار نصيبه لهما ، وهل يأخذان من عمهما سدس الثلث؟ فيه احتمال ، فلو مات الثالث ، كان نصيبه لابني الأخ.

ولو خلّف ابنا كان له نصيب أبيه وهو النصف ، ولكلّ واحد من ابني الأخ الربع ، وعلى الاحتمال الّذي قلناه يكون لابنه الثلث وثلثا السدس ولا بني الأخ الباقي.

ولو قال : على أنّ من مات منهم عن غير ولد كان نصيبه لمن هو في

__________________

(١) أي يصرفه إلى الظاهر تأكيدا له.

٣٠٥

درجته ، وكان مرتبا ، كان نصيب الميّت عن غير ولد لأهل البطن الّذي هو منه ، وإن كان مشتركا ، فالأقرب عود نصيبه إلى أهل البطن الّذي هو منه ، ويستوي في ذلك إخوته وبنو عمه وبنو بني عمّ أبيه ، فإن لم يكن في درجته أحد بطل الشرط.

٤٦٧١. الثامن عشر : إذا وقف على أولاده الثلاثة على أنّ من مات عن ولد فلولده نصيبه ، ومن لا ولد له فنصيبه إلى من هو في درجته ، فمات أحدهم عن ابن ، ومات الثاني عن ابنين ، ثم مات أحد الابنين وترك أخاه وابن عمّه [المتوفى] وعمّه وابن عمّه الحي (١) ، فالأقرب أنّ نصيبه بين أخيه وابن عمّه (٢) ولو كان في درجته في النسب من لا يصل إليه الوقف بحال ، ففي أخذه نظر ، مثل أن يكون له أربعة أولاد فيقف على ثلاثة على هذا الوجه ، ثم يموت أحد الثلاثة عن غير ولد ، احتمل أن لا يأخذ الرابع شيئا ، لأنّه ليس من أهل الوقف.

٤٦٧٢. التاسع عشر : لو وقف على الذكور والإناث ، وقال : من مات من الذكور فنصيبه لأولاده ، ومن البنات فلأهل الوقف ، لزم ما شرطه ، ولو قال : على أولادي على أن يصرف إلى البنات ألف والباقي للبنين ، لم يستحق البنون شيئا حتّى تستوفي البنات الألف.

٤٦٧٣. العشرون : لو قال : وقفت على أولادي فلان وفلان وفلان ثمّ على المساكين ، لم يكن لأولاد أولاده شي‌ء ، ولو كان له ثلاثة فقال : وقفت على ولدي

__________________

(١) الحيّ وصف للعمّ.

(٢) وحاصله : أنّ نصيبه لأخيه وابن عمّه المتوفى ولا نصيب للعمّ الحيّ وابنه ، وهذا أحد الوجوه الذي استقربه المؤلّف ، ويحتمل أن يكون نصيبه لأخيه وابني عمّه ، فلا نصيب للعم الحيّ وحده لأنّه ليس من طبقة المورّث في باب الوقف.

٣٠٦

فلان وفلان وعلى ولد ولدي ، لم يكن للثالث شي‌ء ، وكان للأوّلين وأولادهما وأولاد الثالث بالسويّة.

٤٦٧٤. الحادي والعشرون : إذا وقف على قوم بشرط اتّصافهم بصفة ، استحقّوا ما داموا على تلك الصفة ، مثل أن يقول : من اشتغل بالعلم ، أو حفظ القرآن فله ، ومن ترك فلا شي‌ء له ، وكذا لو قال : من كان على مذهب كذا فله ، ومن خرج منه فلا شي‌ء له ، وكذا لو فضّل الكبير على الصغير ، أو بالعكس ، والعالم على الجاهل ، والفقير على الغنيّ ، أو بالعكس.

والمستحبّ له التسوية بين الذكور والإناث ، وأن لا يفضّل في حال وقفه قوما على آخرين.

٤٦٧٥. الثاني والعشرون : إذا وقف على أولاده ثمّ على المساكين انصرف إلى المساكين بعد انقراض أولاده وأولاد أولاده ، وإن نزلوا ، ويشترك فيه الفقير والمسكين ، لا يتميّز أحدهما عن الآخر إلّا أن يجمعهما فيقفه على الفقراء والمساكين أثلاثا ، فيجب التميز بينهما ، ولا يجب تعميمهم بالعطية ، وكذا كلّ وقف على منتشرين ، وهل يجب صرفه إلى الثلاثة فما زاد؟ الأقرب ذلك ، ويصرف إلى أهل البلد ، ولا يجب تتبع من غاب ، وضابطه أنّ الوقف على من يمكن حصره يقتضي (١) التشريك والتسوية ، فلا يجوز التخصيص ولا التفضيل.

أمّا لو وقف على من لا ينضبط ، فلا يقتضي ذلك ، فيجوز صرفه إلى الواحد ، والتفضيل في الجماعة.

__________________

(١) في «ب» : ويقتضي.

٣٠٧

ولو وقفه على مستحقي الزكاة ، كان للأصناف الثمانية المذكورة في القرآن (١) والأقرب أنّه لا يجب التشريك ولا التسوية ، ويجوز أن يخصّ بعضا من صنف ويفضّله ، ولا يجب أن يعطى مثل ما يعطى في الزكاة ، فلا يعطى الغارم بشرط أن يصرفه في الغرم ، ولا المكاتب بشرط أن يصرفه في كتابته.

٤٦٧٦. الثالث والعشرون : إذا وقف على جيرانه ، رجع فيه إلى العرف ، وقيل : كان لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا من كلّ جانب (٢) وهو جيّد ، وقيل : إلى أربعين دارا (٣) وهو بعيد ، وهل يشترط تملّك الجار للدار حتّى لو كانت مستأجرا أو مستعيرا لم يتناوله الوقف؟ فيه إشكال ، أمّا الغاصب فالظاهر عدم تناول الوقف له ، ولو قلنا بدخول المستأجر أو المستعير ، لو خرجا عن الدار ، خرجا عن الاستحقاق ، ولو عادا ففي عدم عوده إليهما إشكال.

ولو باع صاحب الدار داره الّتي يسكنها ، خرج عن الوقف ، ودخل المشتري عوضه ، فلو استعادها عاد الوقف إليه دون المشتري ، ولو لم تكن الدار مسكونة ، ففي استحقاق مالكها إشكال ، أمّا لو كانت موطنه فاتّفق السفر له بنيّة العود ، ثمّ

__________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) ذهب إليه المفيد في المقنعة : ٦٥٣ ؛ والشيخ في النهاية : ٥٩٩ وابن إدريس في السرائر : ٣ / ١٦٣ ؛ وسلّار في المراسم : ١٩٨.

(٣) كما في الشرائع : ٢ / ٢١٥ ، وقال في الجواهر : ٢٨ / ٤٣ بعد نقل كلام الشرائع «وقيل : إلى أربعين دارا ...» ما هذا نصّه : وإن لم نعرف قائله كما اعترف به في المسالك. ولاحظ الوسائل : ٨ / ٤٩١ ، الباب ٩٠ من أبواب أحكام العشرة ، أحاديث الباب.

نعم نقله ابن قدامة في المغني : ٦ / ٥٥٦ ـ في كتاب الوصيّة ـ عن أحمد بن حنبل والشافعي حيث قال : وإن وصّى لجيرانه فهم أهل أربعين دارا من كلّ جانب ، نصّ عليه أحمد وبه قال الأوزاعي والشافعي.

٣٠٨

وقف الواقف ، فالأقرب دخوله ، وهل يشارك صاحب الدار من هو ساكن معه كولده وأهله؟ فيه نظر.

ولا يخرج صاحب الدار عن الوقف بسفره المنقطع ولا بتردّده في السكنى بينها وبين غيرها ، وعلى القول بحرمان المستأجر والمستعير ، ففي استحقاق المالك إشكال.

٤٦٧٧. الرابع والعشرون : إذا وقف في سبيل الله انصرف إلى كلّ ما يتقرّب به إلى الله تعالى ، كمعونة الغزاة ، والحاجّ ، وبناء القناطر ، والمساجد ، ولو قال : في سبيل الله ، وسبيل الثواب ، وسبيل الخير ، فكذلك ، ولا تجب قسمة الفائدة أثلاثا بين الغزاة ، وأقرب الناس إليه وآخذ الزكاة لحاجته وهم من عدا العاملين والغزاة والمؤلّفة.

٤٦٧٨. الخامس والعشرون : إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها ، صرف في وجوه البرّ ، ولو وقف على البرّ ولم يعيّن ، صرف في كلّ ما يتقرّب به إلى الله ، كمعونة الفقراء وغيرها.

٤٦٧٩. السادس والعشرون : إذا وقف على أولاده ، أو إخوته ، أو بني فلان ، اشترك (١) الذكورة والإناث والأقرب والأبعد على التساوي ، إلّا أن يشترط التفضيل ، أو التخصيص.

ولو وقف على أخواله وأعمامه تساووا. ولو وقف على أقرب الناس إليه ، فهو للأبوين والولد وإن نزلوا ، ثمّ الأجداد والإخوة ثمّ الأعمام والأخوال

__________________

(١) في «أ» : استوت.

٣٠٩

على ترتيب الميراث ، وكلّ من منع في الميراث يمنع هنا ، يتساوون ما لم يفضّل ، ولو اجتمع الإخوة المتفرقون ، أو الأخوال أو الأعمام كذلك ، كان المتقرّب بالأبوين أولى من المتقرّب بأحدهما.

٤٦٨٠. السابع والعشرون : إذا وقف على أولاده فإذا انقرضوا وانقرض أولاد أولاده فعلى الفقراء ، فالوقف لأولاده ، فإذا انقرضوا ، قال الشيخ : يأخذ أولاد أولاده فإذا انقرضوا فالفقراء ، لأنّ اشتراط انقراضهم يدلّ على أنّ لهم نصيبا لكن لا يأخذون إلّا بعد انقراض الأولاد (١). وقيل : إنّه لا يأخذ أولاد أولاده شيئا ، لأنّ تخصيصهم بالذكر يعطي إخراجهم من لفظة الأولاد ، وحينئذ يكون انقراضهم شرطا لصرفه إلى الفقراء. وحينئذ قيل : يرجع الوقف بعد أولاده إلى أقرب الناس إليه وإذا انقرض أولاد الأولاد ، صرف إلى الفقراء.

٤٦٨١. الثامن والعشرون : إذا وقف على عقب زيد ، ثمّ من بعده على عقب عمرو ، أخذه عقب زيد ، فإذا انقطع بعد ذلك ، أخذه عقب عمرو ، فإن تجدّد عقب زيد بعد ذلك ، رجع الوقف إليه ، والنماء وقت انقطاع عقب زيد إلى وقت عوده ، لعقب عمرو.

٤٦٨٢. التاسع والعشرون : إذا كان له موال من أعلى ، فوقفه على مواليه ، انصرف إليهم ، وكذا لو كان له موال من أسفل ، فإنّه ينصرف إلى مواليه من أسفل ، ولو اجتمعا فإن قرن بما يصرفه إلى أحدهما ، حمل عليه ، وإن أطلق ، قال الشيخ : يشترك بينهما (٢) ولو قيل : بالبطلان للجهالة اذ المشترك لا يراد به كلا معنييه ، كان وجها.

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ٢٩٨.

(٢) المبسوط : ٣ / ٢٩٥.

٣١٠

٤٦٨٣. الثلاثون : إذا وقف على قراباته ، انصرف إلى كلّ من كان مشهورا بقرابته من قبل الرجال والنساء ، ولو تجدّد له قرابة بعد الوقف ، دخل فيه.

ولو قال : لأهل بيتي ، انصرف إلى أقاربه من قبل الرّجال والنساء ، فلو وقف على عشيرته صحّ وإن لم ينحصر كبني تميم. (١)

٤٦٨٤. الحادي والثلاثون : إذا وقف على شخصين ثمّ على المساكين فمات أحدهما ، احتمل عود نصيبه إلى المساكين ، والأقرب عوده إلى الآخر.

٤٦٨٥. الثاني والثلاثون : إذا وقف على أولاده ، دخل البنون والبنات والخناثى ، ولو وقف على البنين والبنات ، أو على أحدهما ، لم يدخل الخناثى ، ولا يدخل في أولاده المنفيّ باللعان ، ولو اعترف بعده ، دخل.

الفصل الخامس : في شرائط الموقوف

وفيه اثنا عشر بحثا :

٤٦٨٦. الأوّل : الموقوف كلّ عين مملوكة يمكن الانتفاع بها مع بقائها ، وشروطه أربعة : أن يكون عينا مملوكة ينتفع بها مع بقائها ، وتصحّ إقباضها ، فلا يصحّ وقف ما ليس بعين كالدين ، حالا كان أو مؤجّلا ، على مليّ باذل كان أو معسر جاحد ، وكذا لو وقف فرسا أو دارا ولم يعيّن لم يصحّ ، ولا

__________________

(١) في «ب» : وكبني تميم.

٣١١

ينفذ وقف الخنزير والخمر ، وكلّ ما لا يصحّ تملّكه ، ولا وقف الطعام وشبهه ممّا لا نفع له ـ كالشراب والشّمع ـ إلّا في استهلاكه ، ولا وقف الآبق ، وما لا يمكن إقباضه.

٤٦٨٧. الثاني : الذهب والفضة إن كان حليّا صحّ وقفه إجماعا. وإن كان دنانير أو دراهم قيل : لا يصحّ لأنّ الانتفاع بها إنّما يصحّ بإخراجها ، ولو قيل بالجواز لإمكان الانتفاع بها ولو في شي‌ء قليل ، كان وجها ، ولو سوّغناه ففي جواز عمله حليّا للموقوف عليه ، نظر.

٤٦٨٨. الثالث : كلّ ما يسرع إليه الفساد ، كالمشمومات من النبات والرّياحين ، لا يصحّ وقفه.

٤٦٨٩. الرابع : لا يصحّ وقف ما لا يصحّ بيعه ، كأمّ الولد والرهن ، وهل يصحّ وقف السباع من البهائم والطيور؟ الأقرب جوازها إن كانت ممّا يصاد بها ، وإلّا فلا ، وكذا الوقف لا يصحّ وقفه ثانيا. (١)

٤٦٩٠. الخامس : لو وقف ملك غيره بغير إذنه ، احتمل البطلان ، فلا اعتبار بإجازة المالك ، والصحّة ، فإن اجاز المالك لزم ، وإلّا بطل ، وهو أقربهما.

٤٦٩١. السادس : لو وقف سرجا ، أو لجاما عليه حلية صحّ الوقف ، ولا تباع الحلية ويشترى (٢) بثمنها سرج ولجام.

٤٦٩٢. السابع : كلّ ما يصحّ الانتفاع به مع بقائه صحّ وقفه ، سواء كان

__________________

(١) في «أ» : وكذا لو وقف لا يصحّ وقفه ثانيا.

(٢) عطف على المنفي أي ولا يشترى.

٣١٢

عقارا ، أو حيوانا ، أو سلاحا ، أو كراعا ، أو أثاثا ، أو عروضا ، أو رقيقا.

٤٦٩٣. الثامن : يصحّ وقف المشاع كالمقسوم ، وقبضه كقبضه في البيع(١) ، ولا يثبت بالوقف شفعة للشريك ، ولو أراد الموقوف عليه قسمته مع الطلق جاز إلّا أن يتضمّن ردّا من الطلق ففيه نظر ، لتضمّنه بيع جزء من الوقف ، ولو كان الجميع وقفا ، وأراد الموقوف عليهم قسمته لم يجز ، ولو بيع الطلق فالأقرب أنّ لأرباب الوقف الشفعة مع شرائطها ولا يصير وقفا.

٤٦٩٤. التاسع : إذا كان العبد بين اثنين فأوقف أحدهما نصيبه جاز ، فإن أعتقه بعد ذلك الواقف أو الموقوف عليه ، لم يصحّ ، وإن أعتق الطلق حصّته صحّ ولا يقوّم عليه الباقي.

٤٦٩٥. العاشر : يجوز وقف الشي‌ء على جهتين مختلفتين ، كما لو وقف داره على ولده والمساكين ، فإن عيّن نصيب كلّ واحد ، عمل به ، وإلّا كان لولده النصف وللمساكين النصف. ولو قال : على زيد وعمرو والمساكين ، كانت أثلاثا.

٤٦٩٦. الحادي عشر : لو جعل سفل داره مسجدا دون علوّها ، أو بالعكس جاز ، ولو وقف موضعا في وسط داره ، جاز ، وإن لم يذكر الاستطراق ، ويكون للموقوف عليه حقّ الاستطراق ، كما لو آجر بيتا من داره.

٤٦٩٧. الثاني عشر : لا يجوز وقف الحرّ نفسه ، ولا الدار المستأجرة ، ولا الموصى بخدمته ، والأقرب جواز وقف الكلب المنتفع به والسنّور ، أمّا العقور فلا ، وكذا لا يصحّ وقف ما لا منفعة له محلّلة كآلات اللهو وشبهها.

__________________

(١) في «أ» : في المبيع.

٣١٣

الفصل السادس : في الأحكام

وفيه اثنا عشر بحثا :

٤٦٩٨. الأوّل : يجب اتّباع ما شرطه الواقف في العقد ، فإذا شرط النظر فيه لنفسه ، صحّ ، وليس لغيره معارضته فيه ، وإن شرطه للموقوف عليه أو لبعضهم ، أو لأجنبي جاز ، وإن أطلق ولم يبيّن فإن قلنا : إنّه ملك للموقوف عليه ، كان له ، وإن قلنا : للواقف ، كان النظر له وبعده للحاكم ، وإن قلنا لله تعالى كان النظر للحاكم ، وكذا البحث لو شرطه لأحد فمات.

ولو كان الوقف على المصالح ، كالمساجد ، أو على من لا ينحصر كالمساكين ، كان النظر فيه مع الإطلاق أو مع موت المشروط (١) إلى الحاكم ، ولو جعل النظر للأرشد ، عمل بذلك ، ولو كان الأرشد فاسقا ، فالأقرب عدم ضمّ عدل إليه ولو أطلق ، وكان الموقوف عليه واحدا رشيدا ، فهو أولى بالنظر ، رجلا كان أو امرأة ، ولو تعدّدوا مع الرشد ، فلكلّ منهم النظر في نصيبه ، ولو كان [الموقوف عليه] غير رشيد فالنظر فيه لوليّه.

ولو جعل النظر لأجنبي عدل ، ثمّ فسق ، ضمّ إليه الحاكم أمينا ، ويحتمل انعزاله بنفسه.

__________________

(١) أي مع موت من جعل النظر إليه ، وسمّاه مشروطا بالنظر إلى الإطلاق أي أطلق ولم يعيّن شخصا.

٣١٤

٤٦٩٩. الثاني : إذا وقف حيوانا وشرط نفقته من ماله أو من كسبه ، صحّ الشرط ، وإن أطلق ، قال الشيخ : يكون نفقته في كسبه ولو عجز لكبر أو مرض ، كانت نفقته على الموقوف عليهم (١) ولو قيل بثبوتها على الموقوف عليهم على التقديرين ـ إن كان ملكا لهم ـ كان وجها ، وإن قلنا : إنّه ملك لله تعالى كانت نفقته في بيت المال. ولو صار مقعدا عتق ، وسقطت عنه الخدمة وعن مولاه النفقة ، وكذا البحث لو كان غير حيوان ، واحتاج إلى الإنفاق لعمارة وشبهها ، فإن شرط عمل بالشرط ، وإلّا أخذ من نمائه أوّلا ما يصرف في عمارته ، والفاضل للموقوف عليه.

٤٧٠٠. الثالث : إذا كان الوقف على منحصرين ، وكان شجرا فأثمر ، أو أرضا فزرعت فحصل لبعضهم من الحبّ والثمرة نصاب ، وجبت فيه الزكاة ، وإن كانوا غير منحصرين كالمساكين ، لم يكن عليهم زكاة ممّا حصل في أيديهم وإن حصل في يد كلّ واحد نصاب لأنّ الواحد لا يتعيّن لجواز حرمانه والدّفع إلى غيره ، وانّما يملك بالقبض.

٤٧٠١. الرابع : إذا جنى الوقف بما يوجب القصاص اقتصّ منه ، فإن كانت [الجناية] نفسا ، بطل الوقف بقتله ، سواء كان المجنيّ عليه الموقوف عليه أو غيره ، وليس للمجنيّ عليه استرقاقه ، وإن كانت دون النفس اقتصّ منه ، وكان الباقي وقفا ، وإن أوجبت المال (٢) قيل : تعلّقت بمال الموقوف عليه بناء على ملكه ، وقيل : بالواقف لأن ملكه لم يزل وهو الموجب لمنعه عن البيع ، وقيل : في بيت المال لأنّه ملك لله فصار كالحرّ المعسر (٣) والأقرب تعلّقها بكسبه.

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩.

(٢) كما في الجناية خطأ.

(٣) لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف : ٦ / ٢٧٨ ؛ والمبسوط : ٣ / ٢٨٩.

٣١٥

٤٧٠٢. الخامس : إذا قتل الوقف ووجب القصاص ، فالأقرب أنّ للموجودين من الموقوف عليهم استيفاؤه ، وفي العفو إشكال إن قلنا بانتقال الوقف إليهم ، وإن قلنا إلى الله تعالى ، فالأمر إلى الإمام ، وكذا لو قطع يده ، أو جرح عمدا ، ولو أوجبت أرشا فللموجودين من أرباب الوقف ، وإن قيل وجبت القيمة (١) فالأقرب أنّه كذلك ، ويحتمل أنّه يشترى بالقيمة عبد يكون وقفا ، وعلى هذا فالأرش أيضا يشترى به عبد يكون وقفا إن احتمل وإلّا تنقص منه.

٤٧٠٣. السادس : لا يجوز بيع الوقف بحال ، ولو انهدمت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف ، ولم يجز بيعها ، ولو وقع خلف بين أرباب الوقف بحيث يخشى خرابه ، جاز بيعه على ما رواه أصحابنا (٢) وقال ابن إدريس : لا يجوز بحال (٣) ثمّ فصّل ما رواه أصحابنا إلى ما وقف على قوم معيّنين من غير تأبيد ، وإلى مؤبّد ، وقال في الأوّل بجواز بيعه للموقوف عليهم عند بعض أصحابنا ، وقال في الثاني : لا يجوز بيعه إجماعا (٤) ولو قيل بجواز البيع إذا ذهبت منافعه بالكليّة كدار انهدمت وعادت مواتا ، ولم يتمكّن من عمارتها ، ويشترى بثمنه ما يكون وقفا ، كان وجها.

٤٧٠٤. السابع : إذا وقف مسجدا فخرب ، وخربت القرية أو المحلّة ، لم يعد إلى ملك الواقف ، ولم تخرج العرصة عن الوقف ، ولم يجز بيعه بحال ، أمّا آلته فلا بأس باستعمالها في غيره من المساجد.

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ٣ / ٢٨٩.

(٢) لاحظ المبسوط : ٣ / ٢٨٧ و ٣٠٠ ؛ والمهذب : ٢ / ٩٢ ؛ والمقنعة : ٦٥٢ ؛ والمراسم : ١٩٧ ؛ والكافي في الفقه : ٣٢٥.

(٣) السرائر : ٣ / ١٥٣.

(٤) السرائر : ٣ / ١٥٣.

٣١٦

ولو أخذ السيل ميّتا ، أو أكله السبع ، عاد الكفن إلى الورثة لامتناع وصوله إليه بعد ذلك ، بخلاف المسجد لإمكان عود عمارته. (١)

٤٧٠٥. الثامن : لو أراد الواقف للمسجد رفعه من الأرض وجعل سقاية ، أو بيوت للسكنى تحته ، لم يجز.

وهل يجوز غرس شجر في المسجد؟ الأقرب المنع مع الضرر ومع عدمه إشكال ، ولو قلنا بالجواز منعناه من الغرس لنفسه ، ولو غرس في أرضه ثمّ وقفها بعد الغرس ، لم يزل حقّ الواقف من الشجرة ، ولم يلزمه قلعها ، وكان نفعها له.

ولو وقف النخلة مع المسجد ، فإن عيّن المصرف لها صحّ ، وإلّا بطل فيها دون المسجد ، ولو وقفها على المسجد ، صرف ثمنها إليه.

وما يفضل من حصر المسجد وفرشه ، جاز أن يصرف إلى مسجد آخر ، ولا يجوز صرفه إلى المساكين.

٤٧٠٦. التاسع : لا يجوز للموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة ، فإن أولدها كان الولد حرّا ، ولا قيمة عليه ، ولا حدّ ، قيل : وتصير أمّ ولد تعتق بموته وتؤخذ القيمة من تركته لمن يليه من البطون (٢) وفيه نظر.

٤٧٠٧. العاشر : لو انقلعت نخلة الوقف أو انكسرت ، قال الشيخ : جاز بيعها لأرباب الوقف (٣) ، والأقرب ذلك مع عدم الانتفاع بها في التسقيف وغيره ، أمّا مع النفع بالأجرة للتسقيف وغيره ، فالوجه المنع.

__________________

(١) وجه الشبه الخروج عن الاختصاص أو الملكيّة.

(٢) لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣.

(٣) المبسوط : ٣ / ٣٠٠ ـ ٣٠١.

٣١٧

٤٧٠٨. الحادي عشر : الأقرب جواز تزويج الأمة الموقوفة ويليه الموقوف عليه إن قلنا إنّه يملك ، أو الواقف إن قلنا ببقاء ملكه ، وإن قلنا بالانتقال إلى الله تعالى كان أمرها بيدها لأنّها ملكت رقبتها (١) فتزوّج نفسها ، والمهر للموجودين من أرباب الوقف.

وأمّا الولد فإن تزوّجت بحر فهو حر وإن (٢) شرطت رقيّته ، أو كان عن مملوك كذلك ، أو من زنا قيل اختصّ به البطن الّذين يولد معهم ، فإن قتل فلهم قيمته ، وقوّى الشيخ كونه وقفا كأمّه (٣) ولو وطئها الحر بشبهة ، كان ولده حرا وعليه قيمته للموقوف عليه ، ولو كان من مملوك ولم يشترط رقيّته ، كان بينهما ، ويكون البحث في المتعلّق بنصيب الأمّ كما تقدّم.

ولو أكرهها أجنبيّ فوطئها ، أو طاوعته ، فعليه الحدّ مع انتفاء الشبهة وعليه المهر للموجودين من أرباب الوقف ، وحكم الولد ما تقدّم ، ولو وطئها الواقف كان كالأجنبيّ.

٤٧٠٩. الثاني عشر : إذا آجر البطن الأوّل الوقف ثمّ انقرضوا قبل المدة ، فإن قلنا : الموت يبطل الإجارة ، فلا بحث ، وإن قلنا : إنّه غير مبطل ، فالأقرب أنّها تبطل هنا إلّا ان يجيز البطن الثاني ، ولو فسخوا ، رجع المستأجر على ورثة البطن الأوّل بما قابل المتخلّف من المدّة.

__________________

(١) في «ب» : ملكت نفسها.

(٢) إن شرطية جوابها قوله : «قيل».

(٣) المبسوط : ٣ / ٢٩٠.

٣١٨

كتاب

السكنى والحبس والصدقات

٣١٩
٣٢٠