تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

بوصيّته ، نفذ العتق في ثلثه ، ووقف عتق باقيه على إجازة الورثة ، فإن أجازوا عتق جميعه ، واختص عصبات الميّت بولائه كلّه ، ولا يختص الورثة بثلثيه.

ولو وقف على ورثته في مرضه فأجازوا ، صحّ الوقف.

٤٧٥٠. الثامن : الوصيّة تمضى من الثلث ، سواء كانت في حال المرض أو الصحة ، ولا تمضى من الأصل ، وإن قد أوقعها من الصحة ، وسواء أوصى بالجميع قبل أن يولد له ، أو بعده ، فإنّها تمضى من الثلث ، ولا اعتبار لإجازة الورثة فيه ، بل تصحّ من الثلث ، وإن لم يرضوا ، وإنّما تعتبر إجازتهم في الزائد عليه ، وفي اشتراط عدم سبق الردّ في صحّة الإجازة فيما زاد على الثلث نظر.

ولا يشترط في الإجازة الفوريّة ، فلو قبل بعد الموت ، ثمّ أجاز الوارث بعد مدّة ، صحّ ويملك الموصى له الثلث بالقبول بعد الموت ، فالنماء له حينئذ ، أمّا الزائد ، فهل يملكه حين القبول بعد الموت ، أو حين الإجازة؟ فيه نظر ، والنماء فيه تابع ، والأقرب أنّه حين الإجازة.

٤٧٥١. التاسع : إذا أجاز الورثة بعد الموت ، صحّت بلا خلاف ، وإن أجازوا قبله فقولان : أحدهما الصحّة ، وليس للورثة الرجوع حينئذ ، وهو اختيار الشيخ رحمه‌الله (١) والثاني المنع ، اختاره المفيد (٢) وابن إدريس (٣) ولو أجازوا في الصحّة ، لم يكن لهم الرجوع كما لو أجازوا في المرض.

٤٧٥٢. العاشر : إذا أوصى بنصف التركة ، فأجاز الورثة ، ثمّ قالوا : إنّما أجزنا

__________________

(١) الخلاف : ٤ / ١٤٤ ، المسألة ١٤ من كتاب الوصايا.

(٢) المقنعة : ٦٦٩.

(٣) السرائر : ٣ / ١٩٤.

٣٤١

ظنّا أنّ المال قليل فبان كثيرا ، فإن كان للموصى له بيّنة تشهد باعترافهم بمعرفتهم قدر المال ، أو كان المال ظاهرا لا يخفى عليهم ، لم يلتفت إليهم ، وإن لم يكن هناك بيّنة ، وكان المال خفيّا ، كان القول قولهم في الجهل به مع اليمين.

ولو كانت الوصيّة بعين ، كدار ، أو عبد ، أو فرس يزيد على الثلث ، فأجازوا الوصيّة ، ثمّ قالوا : ظنّنا المال كثيرا ، تخرج الوصيّة من الثلث ، فبان قليلا ، أو ظهر عليه دين ولم يعلمه ، لم يلتفت إليهم لتضمن الإجازة شيئا معلوما ، ولو قيل بمساواته الفرض الأول ، كان وجها ، لأنّ الوارث قد يسمح (١) بذلك ظنّا منه أنّه يبقى له من المال ما يكفيه ، فإذا بان خلافه ، لحقه الضرر في الإجازة.

٤٧٥٣. الحادي عشر : لا تصحّ الإجازة إلّا من جائز التصرف ، ولو أجاز الصبيّ والمجنون والمحجور عليه للسفه ، لم تصحّ ، وأمّا المفلّس فإنّ إجازته صحيحة.

٤٧٥٤. الثاني عشر : لا يجوز تغيّر الشي‌ء ممّا أوصى به الميّت إذا لم يخالف المشروع ، فإن خالفه لم يجز إمضاؤه.

٤٧٥٥. الثالث عشر : لو لم يكن له وارث من نسب ولا سبب ، فأوصى بجميع ماله ، ففي رواية تصحّ الوصيّة بأجمعها (٢) ولو قيل : تصحّ في الثلث خاصّة ، كان وجها (٣) لأنّ له وارثا ، هو الإمام عندنا ، وهو الّذي يعقل عنه.

__________________

(١) سمح به سموحا وسماحا وسماحة : جاد. مجمع البحرين.

(٢) لاحظ الوسائل : ١٣ / ٣٧٠ ، الباب ١٢ من كتاب الوصايا ، الحديث ١. واختاره الصدوق في المقنع وابن الجنيد على ما نقله المصنف عنهما في المختلف : ٦ / ٣٣٧.

(٣) ذهب إليه الشيخ الطوسي في الخلاف : ٤ / ١٦٦ ، المسألة ٥٢ من كتاب الوصايا ، وابن إدريس في السرائر : ٣ / ٢٠٤.

٣٤٢

ولو كان له وارث (١) لم يكن له الوصية بأكثر من الثلث ، وإن كان الوارث ذا فرض يأخذ ما يبقى بعده أكثر من الثلث ، لأنّه يأخذ الباقي بالردّ عندنا ، أو كان زوجا أو زوجة.

٤٧٥٦. الرابع عشر : يعتبر ثلث المال حين الوفاة لا حين الوصية ، فلو أوصى الغنيّ بما يخرج من الثلث ، ثمّ افتقر ومات ، اعتبر الثلث حال الموت ، فان لم يخرج الموصى به من الثلث ، بطل الزائد ، ولا اعتبار بيساره ، ولو أوصى ، وهو فقير ، ثمّ أيسر حتّى خرج الموصى به من الثلث ، صحّت وصيّته ، ولا اعتبار بفقره ، سواء علم الموصي ما تجدّد له أو لم يعلم.

ولو أوصى ثمّ قتل أو جرح ، خرجت الوصيّة من ثلث ماله وديته وأرش جراحه ، سواء كان القتل عمدا أو خطاء.

٤٧٥٧. الخامس عشر : لو أوصى إلى إنسان بالمضاربة بتركته ، على أن الربح بين العامل والورثة بالسوية ، صحّت الوصيّة ، وهل يشترط أن يكون من الثلث؟

فيه نظر.

٤٧٥٨. السادس عشر : إذا أوصى بأشياء تخرج من الثلث ، عمل بها ، وان قصر الثلث عنها ، فإن كانت بأجمعها واجبة ، أخرجت من صلب المال ، وإن كان بعضها واجبا بدئ بالواجب من صلب المال ، والباقي من ثلث الباقي ، وبدئ بالأوّل منه فالأوّل ، ولو كان الكل غير واجب بدئ بالأوّل فالأوّل ، حتّى يستوفى الثلث ، وكان النقص داخلا على الأخير ، ولو أجاز الورثة ، عمل بالجميع.

__________________

(١) في «ب» : ورّاث.

٣٤٣

٤٧٥٩. السابع عشر : إذا قال : حجّوا عني حجّة واحدة بقدر معيّن ، وكان فيه فضل عن أجرة المثل ، كان الزائد للنائب ، فإن عيّن أحدا ، صرف إليه وإلّا تخيّر الوارث أو الوصيّ ـ إن كان ـ في الدفع إلى من شاء ، ثمّ إن كان الحجّ الموصى به تطوعا ، أخرج من الثلث ، وإن كان واجبا أخرج أجرة المثل من الأصل والزائد من الثلث ، ولو لم يف المعيّن بالحجّ الواجب ، أخذ الباقي من صلب المال.

ولو عيّن فأبى المعيّن ، بطل التعيين ، ويستناب بأقلّ ما يكون ثقة يحج عنه ، ويصرف الباقي إلى الورثة ان كان الحجّ واجبا ، وإن كان تطوعا ، ففي بطلان الوصيّة نظر ، أحوطه إقامة نائب غير المعيّن.

ولو قال المعيّن : ادفعوا الحجّة إلى من يحجّ ، واصرفوا الباقي إليّ ، لم تجب إجابته ، ولو لم يعيّن القدر ، حجّ عنه نائب ثقة بأقلّ ما يكون ، ولو أوصى بإقامة نائب يحجّ عنه ، لم يجز للوصيّ أن يحجّ بنفسه.

ولو قال : حجّ عني بمهما شئت ، فحجّ عنه ، فالوجه أجرة المثل.

ولو أوصى أن يحجّ عنه بمائة ، ولزيد بتمام الثلث ، ولعمرو بثلث آخر ، فإن أجاز الورثة أمضى على ما قال ، وإن لم يفضل عن المائة شي‌ء ، لم يكن لزيد شي‌ء ، وكان لعمرو الثلث ، ولو ردّ الورثة بدئ بالأوّل فالأوّل ، كما قلنا.

ولو امتنع النائب ، وكان الحجّ واجبا ، أقيم ثقة غيره بأقلّ ما يمكن ، وكان تمام المائة للورثة ، وباقي الثلث لزيد ، وإن كان الحجّ تطوعا ، ففي بطلانه بردّ النائب نظر.

٣٤٤

ولو عيّن قدرا من المال يحجّ به تطوعا ، ولم يعيّن المرّات ، صرف جميعه إلى الحجّ إذا احتمل الثلث ، وليس للوصيّ أن يصرف إلى النائب أكثر من أجرة المثل ، ولا أن يستأجر غير الثقة ، فإن عجز عن الحجّ استؤجر به من أقرب المواضع ، فإن لم يسع صرف في وجوه البرّ ، وإن فضل عن الحجّة ، دفع في حجّة ثانية وثالثة ، وإن قصر الثلث عن المعيّن ، فإن كان الحجّ واجبا أخذ أكثر الأمرين من الثلث وأجرة المثل ، فإن كان الثلث أكثر صرف في الفرض قدر الكفاية وحجّ بالباقي تطوّعا ، ولو كان تطوعا أخذ الثلث خاصّة.

٤٧٦٠. الثامن عشر : إذا أوصى بثلث ماله لزيد ، وبربعه لعمرو ، فإن أجاز الورثة عمل بها ، وإن ردّوا بطل الأخير ، وكذا البحث لو زاد على ذلك ، ولو أوصى بالنصف لزيد ، والربع لعمرو ، فإن أجازوا أخذا ثلاثة أرباع التركة ، وإن امتنعوا كان لزيد الثلث موفّرا ، وبطل الزائد عليه ، ولا يقسّم الثلث على قدر السهام بين الموصى لهم ، وليس للورثة إجازة الأخيرة وإبطال الأولى.

ولو جازت الوصايا المال ، فإن ردّ الورثة ، بطلت في الزائد على الثلث ، وأخذ الأوّل فالأوّل ، وإن أجازوا فالوجه بدأة الأوّل فالأوّل ، ودخل النقص على الأخير ، كما لو لم تتجاوز الوصيّة المال.

ولو أوصى بثلثه لزيد وبثلثه لعمرو ، كان ذلك رجوعا عن الأوّل إلى الثاني ، فلو اشتبه الأوّل ، استخرج بالقرعة ، هكذا قاله علماؤنا ، وفيه نظر ، إذ لو أجاز الورثة صحّتا معا ، ولو ردّ الثاني خرج على قول علمائنا انتقال الثلث إلى الورثة لا إلى الأوّل ، ولو نصّ على عدم الرجوع ، ففي كونه رجوعا إشكال ، أقربه أنّه ليس رجوعا ، فيعطى الأوّل إن لم يجز الورثة ، وإن أجازوا أخذا ثلثي المال بينهما.

٣٤٥

ولو أوصى بشي‌ء واحد لاثنين ، فإن كان بقدر الثلث أو أقلّ ، تساويا فيه ، وإن زاد ، وأجازت الورثة ، فكذلك ، وإن ردّوا كان لهما ما يحتمله الثلث ، وبطل الزائد في حقّهما معا ، ولو جعل لكل واحد منهما شيئا بدئ بعطيّة الأوّل ، ودخل النقص على الثاني.

٤٧٦١. التاسع عشر : لو أوصى بعتق مماليكه ، تناولت الوصيّة من يملكه أجمع ومن يملك بعضه ، فيعتق نصيبه خاصّة ، وهل يقوّم عليه حصّة الشريك؟

قيل : نعم ، وفيه نظر ، هذا إن احتمل الثلث وإلّا أعتق (١) منهم من يحتمله الثلث.

ولو أوصى بثلث عبده ، فخرج ثلثاه ، مستحقا ، صحّت الوصيّة ، وصرفت إلى الثلث الباقي له ، ولو أوصى له بثلث ثلاثة أعبد ، (٢) فهلك عبدان أو استحقا ، كان له ثلث الباقي خاصّة.

ولو أوصى له بشي‌ء معيّن ، فهلك قبل موت الموصي ، أو بعده ، من غير تفريط ، بطلت الوصيّة ، ولو تلفت التركة سواه فهو للموصى له ، إن كان التلف بعد الموت والقبول ، وإلّا كان له ثلثه.

٤٧٦٢. العشرون : إذا أوصى بثلث ماله مشاعا ، كان للموصى له من كلّ شي‌ء ثلثه ، وإن أوصى بعين ، وكان بقدر الثلث ، ملكه الموصى له بالموت والقبول ، وليس للورثة دفع عوضه إلّا برضاه ، ولو كان له مال غائب ، فإن خرجت العين من ثلث الحاضر ، أخذها الموصى له ، وإلّا أخذ منها ما يحتمله الثلث من المال الحاضر ، وكلما حصل من الغائب شي‌ء أخذ من تلك العين بقدر ثلثه.

__________________

(١) في «ب» : عتق.

(٢) قال الفيومي : استعمل للعبد جموع كثيرة والأشهر منها : أعبد وعبيد وعباد. المصباح المنير.

٣٤٦

٤٧٦٣. الواحد والعشرون : إذا أوصى بالحمل صحّ إذا كان مملوكا ، بأن يكون رقيقا ، أو حمل دابّة مملوكة ، فإن انفصل ميّتا ، بطلت الوصيّة ، وإن انفصل حيّا ، وعلمنا وجوده حال الوصيّة ، أو حكمنا بوجوده ، صحّت الوصيّة ، وإلّا فلا.

ولو قال : أوصيت لك بما تحمل جاريتي هذه ، أو ناقتي ، أو نخلتي ، جاز ، وإن لم يكن الحمل موجودا ، ويقوم الحمل بعد انفصاله حيّا.

ولو أوصى بالحمل الموجود ، اعتبر وجوده في حمل الأمة بما يعتبر وجود الحمل في غير الوصيّة ، وذلك بأن تأتي به لدون ستّة أشهر منذ الوصيّة ، وإن أتت به لأكثر من ستّة أشهر إلى عشرة أشهر منذ مفارقة الزوج لها ، أو غيبته عنها ، صحّت الوصيّة أيضا ، وإن كان حاضرا عندها ففي نفوذ الوصيّة به فيما بين العشرة والستّة (١) إشكال ، أقربه النفوذ إن علم وجوده وإلّا فلا.

٤٧٦٤. الثاني والعشرون : إذا أوصى بثمر شجر ، أو بستان ، أو أجرة دار ، أو خدمة عبد ، أو سكنى الدار ، أو غير ذلك من المنافع مدّة معيّنة ، صحّ ، سواء كانت الثمرة والمنفعة موجودة أو لا ، ويعتبر ذلك من الثلث كما قلنا في الأعيان ، فإن قصر الثلث أجيز منها بقدر الثلث خاصّة ، وبطل الزائد ، ولا يتخيّر الورثة بين تسليم خدمة العبد المدّة وبين تسليم ثلث المال ، ولا يحكم بخدمته العبد للموصى له يوما وللورثة يومين حتّى يستكمل المدّة.

٤٧٦٥. الثالث والعشرون : إذا أوصى بالمنفعة مدّة معيّنة ، أخرجت من الثلث فيقوّم الموصى بمنفعته مسلوب المنفعة تلك المدّة ، ثمّ تقوّم المنفعة في

__________________

(١) في «أ» : والسنة.

٣٤٧

تلك المدّة ، فينظركم قيمتها ، وإن كانت مطلقة في الزمان كلّه ، بأن أوصى بالمنفعة على التأبيد ، قيل : تقوّم الرقبة بمنفعتها جميعا ، ويعتبر خروجها من الثلث ، لأنّ عبدا لا منفعة له وشجرا لا ثمرة لها ، لا قيمة له غالبا ، وقيل : تقوّم الرقبة على الورثة ، والمنفعة على الموصى له ، فيقوّم العبد بمنفعته ، فإذا قيل : قيمته مائة ، قيل : كم قيمته ولا منفعة فيه؟ فإذا قيل : عشرة ، علم أنّ قيمة المنفعة تسعون ، وقيل : تقوّم المنفعة على الموصى له ، ولا تقوّم العين على الورثة ، واختاره الشيخ رحمه‌الله (١).

ولو أراد الموصى له إجارة العبد أو الدار في المدّة ، فله ذلك ، ولو أراد الموصى له إخراج العبد من البلد ، كان له ذلك على إشكال.

٤٧٦٦. الرابع والعشرون : إذا أوصى له بثمرة شجرة مدّة أو دائما ، لم يملك الموصى له ولا الوارث إجبار الآخر على السقي ، ولو أراد أحدهما السقي على وجه لا يضرّ الآخر ، لا يملك الآخر منعه ، ولو يبست الشجرة ، كان الحطب للوارث.

ولو أوصى بحملها سنة معيّنة ، فلم تحمل تلك السنة ، فلا شي‌ء للموصى له.

ولو قال : لك ثمرتها أوّل عام تثمر ، صحّ ، وكان له أوّل عام ثمرها.

ولو أوصى لرجل بشجرة ولآخر بالحمل صحّ ، وقام صاحب الأصل مقام الوارث فيما قلناه.

ولو أوصى له بلبن شاته وصوفها ، صحّ كالثمرة ، ولو أوصى بأحدهما فكذلك ، ويقومهما الموصى له دون العين.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ١٤.

٣٤٨

٤٧٦٧. الخامس والعشرون : إذا أوصى بخدمة العبد أو منفعة الدابة ، كانت النفقة على الورثة ، سواء كانت الوصية مقيّدة بالزمان أو على التأبيد.

٤٧٦٨. السادس والعشرون : إذا أعتق الورثة العبد الموصى بمنفعته ، صحّ العتق ، والمنفعة باقية للموصى له بها ، ولا يرجع على المعتق بشي‌ء ، ولو أعتقه صاحب المنفعة لم تصحّ ، ولو وهب صاحب المنفعة منافع العبد له وأسقطها عنه ، كان للورثة الانتفاع به ، وهل تلزم هذه الهبة؟ فيه نظر ، ولو أراد الوارث بيع العبد ، جاز ، ويباع مسلوب المنفعة.

ولو أوصى لرجل برقبة عبد ، ولآخر بمنفعته جاز ، وقام الموصى له مقام الوارث ، ولا ينقطع تصرّف الورثة في الرقبة الموصى بنفعها ببيع وهبة وعتق وغير ذلك ، ولا يبطل حقّ الموصى له بذلك.

٤٧٦٩. السابع والعشرون : لو أوصى لرجل بمنفعة أمته فأتت بولد مملوك ، فهو لمالك الرقبة ، ولو وطأ بشبهة وجب المهر ، وهل يكون لمالك الرقبة أو المنفعة؟ الأقرب ، الأوّل.

ولو أتت بولد من الشبهة ، فهو حرّ وتجب قيمته يوم وضعه لصاحب الرقبة ، وهل للوارث وطئها؟ فيه إشكال ، أمّا صاحب المنفعة ، فليس له ذلك ، فإن وطئها لشبهة ، فلا حدّ عليه ، ولا تصير أمّ ولد ، وعليه قيمة ولدها يوم سقوطه حيّا لمالك الرقبة ، والمهر أيضا.

ولو وطئها مالك الرقبة ، فلا حدّ ، ولا تصير أمّ ولد ، ولا مهر عليه ، وليس لمالك المنفعة تزويجها ، وهل لمالك الرقبة ذلك؟ فيه نظر.

٣٤٩

٤٧٧٠. الثامن والعشرون : إذا قتل العبد الموصى بخدمته ، وجبت قيمته ، وهل يكون للمالك الرقبة خاصّة ، أو يشترى بها عبد يقوم مقامه؟ فيه إشكال.

٤٧٧١. التاسع والعشرون : إذا أوصى لرجل بحبّ زرعه ، ولآخر بتبنه صحّ ، والمنفقة عليهما ، ولو امتنع أحدهما منه ، أجبر عليه على إشكال.

٤٧٧٢. الثلاثون : لو أوصى له بخاتم ولآخر بفصّه ، صحّ ، ولا ينتفع أحدهما إلّا بإذن الآخر ، وأيّهما طلب قلع الفصّ أجبر الآخر الممتنع عليه.

ولو أوصى لرجل بدينار من غلّة داره ، وأجرته ديناران صحّ ، فإن أراد الورثة بيع النصف وإبقاء النصف الّذي أجره دينار ، كان له منعهم ، ولو كانت الدار لا تخرج من الثلث فلهم بيع ما زاد عليه ، وعليهم ترك الثلث ، فإن كانت غلّته دينارا أو أقلّ ، فهو للموصى له ، وإن كانت أكثر فله دينار ، والباقي للورثة.

٤٧٧٣. الواحد والثلاثون : إذا أوصى بعبد من عبيده ولم يعيّن ، تخيّر الورثة في التعيين ، ويجوز أن يعطوا صغيرا ، أو كبيرا ، صحيحا ، أو معيبا ، ولا يكون له جزء مشاع من العبيد بنسبة العبد ، فلو كان له عبدان فأوصى بعبد ، كان للورثة أن يعطوه واحدا منهما ، ولا يكون الموصى له شريكا للورثة بالنصف ، ولو لم يكن له إلّا واحد تعيّن للوصيّة ، وكذا لو ماتوا ولم يبق إلّا واحد.

ولو مات العبيد أجمع قبل موت الموصي ، بطلت الوصية ، وكذا لو قتلوا.

ولو ماتوا بعد موته بتفريط من الورثة ، أو قتلهم قاتل ، كان للورثة أن يعيّنوا له من شاءوا ، ويجب عليهم أو على القاتل دفع قيمة من عيّنوه.

ولو ماتوا بعد موته بتفريط ، بطلت الوصيّة ، ولو قال : أوصيت لك بعبد من

٣٥٠

عبيدي ، ولا عبيد له ، بطلت الوصيّة ، ولو اشترى قبل موته عبيدا احتمل البطلان لوقوعها باطلة ، لأنّها وصيّة بلا شي‌ء ، والصحة ، كما لو أوصى بثلث عبيده وله عبيد ، ثم ملك آخرين ، أمّا لو أوصى له بعبد من غير إضافة ، فإنّه يصحّ ويشترى له عبد أيّ عبد كان.

ولو أوصى له بعبد ، انطلق إلى الذكر ، أمّا لو أوصى له بجارية أو أمة ، كان له أنثى ، لا ذكر ولا خنثى.

ولو أوصى بواحد من رقيقه أو برأس ، تخيّر الورثة بين إعطاء الذكر والأنثى والخنثى.

٤٧٧٤. الثاني والثلاثون : إذا أوصى له بشاة من غنمه ، فالحكم كما لو أوصى بعبد من عبيده ، ويقع على الضأن ، والمعز ، والصغير ، والكبير ، والأنثى ، والذكر ، ولو أوصى بكبش ، تناول الذكر الكبير من الضأن خاصّة ، والتيس على الذكر الكبير من المعز.

وإن أوصى بعشرة من الغنم ، تناول الذكور خاصّة ، والصغار والكبار ، ولو أوصى بجمل اختصّ بذكر الإبل والناقة بالأنثى.

وإن قال : عشرة من الإبل تناول الذكور خاصّة ، ولو حذف الهاء (١) تناول الإناث خاصّة.

ولو قال : أعطوه بعيرا ، اشترك بين الذكر والأنثى ، وإن وصّى بثور ، فهو ذكر البقر ، والبقرة للأنثى.

__________________

(١) أي من لفظة «العشرة».

٣٥١

والدابّة واحدة من الخيل والبغال والحمير الذكر والأنثى ، ولو قيّد بقرينة ، انصرف إلى المقيّد كقوله دابّة يسهم لها [في الجهاد] انصرف إلى الخيل.

ولو قال : ينتفع بظهرها ونسلها ، خرجت البغال والذكور.

وإن وصّى بحمار فهو ذكر ، والأتان للأنثى ، والحصان للذكر من الخيل ، والفرس للذكر والأنثى ، ويتخيّر الورثة في تعيين ما شاءوا ممّا يقع عليه اسم الوصيّة في ذلك كله ، ولا يستحقّ الدابة سرجا ولا البعير رحلا.

٤٧٧٥. الثالث والثلاثون : إذا أوصى بعتق عبده ، لزم الوارث إعتاقه ، فإن امتنع أجبره الحاكم إذا خرج من الثلث وإلّا فبقدره ، فإذا اعتقه الوارث أو الحاكم ، فهو حرّ من حين الإعتاق ، وولاؤه للموصي ، وكذا لو أوصى إلى غير الوارث بعتقه.

٤٧٧٦. الرابع والثلاثون : إذا أوصى بعتق عبيده ، وليس له غيرهم ، أعتق ثلثهم بالقرعة ، ولو رتّبهم أعتق الأوّل فالأوّل حتّى يستوفى الثلث ، وتبطل الوصيّة في الزائد ، ولو أوصى بعتق عدد مخصوص من عبيده استخرج العدد بالقرعة ، وقيل يتخيّر الورثة بقدر ذلك العدد ، والقرعة على استحباب ، وهو أجود.

٤٧٧٧. الخامس والثلاثون : لو أوصى بعتق رقبة مؤمنة ، وجب ، فإن لم يجد قيل ، يعتق من لا يعرف بنصب ، (١) ولو أعتق من ظنّ إيمانها ثمّ بان الخلاف ، أجزأت عن الموصي. (٢)

٤٧٧٨. السادس والثلاثون : لو أوصى بعتق رقبة بثمن معيّن فلم يوجد به ،

__________________

(١) القائل الشيخ الطوسي قدس‌سره في النهاية : ٦١٦.

(٢) وفي النهاية : «عن الوصيّ».

٣٥٢

لم يجب الشراء ، وتوقّع الوجود، ولو وجده بأقل ، اشترى وأعتق ، ودفع الباقي إلى الرقبة (١).

٤٧٧٩. السابع والثلاثون : لو أوصى بعتق أمته على أن لا تتزوج ، ثمّ مات ، فقالت : لا أتزوّج ، عتقت ، فإن تزوّجت بعد ذلك لم يبطل عتقها ، ولو أوصى بأمّ ولده بألف على أن لا تتزوّج ، أو على أن تثبت (٢) مع ولده ففعلت وأخذت الألف ثمّ تزوّجت وتركت ولده ، احتمل بطلان الوصيّة وصحتها.

الفصل الرابع : في الوصايا المبهمة

وفيه ثمانية عشر بحثا :

٤٧٨٠. الأوّل : إذا أوصى بجزء من ماله ، كان له السبع ، وقيل : العشر (٣) ، ولو قال :

بسهم كان ثمنا ، ولا يتخيّر الورثة في إعطاء ما شاءوا ، ولا يحكم له بأقلّ سهام الوارث ، ولو أوصى له بشي‌ء ، كان له سدسا.

__________________

(١) لرواية سماعة عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن رجل أوصى أن تعتق عنه نسمة من ثلثه بخمسمائة درهم ، فاشترى بأقلّ من خمسمائة درهم وفضلت فضلة فما ترى في الفضلة؟

فقال : تدفع الفضلة إلى النسمة من قبل أن تعتق ، ثمّ تعتق عن الميت. الوسائل : ١٣ / ٤٦٥ ، الباب ٧٧ من كتاب الوصايا ، الحديث ١.

(٢) في هامش «أ» : أو على أن تبيت.

(٣) ذهب إليه الشيخ في التهذيب : ٩ / ٢١٠ في ذيل الحديث ٨٣١ ؛ والاستبصار : ٤ / ١٣٣ في ذيل الحديث ٥٠١ ، والمصنف في المختلف : ٦ / ٣١٠.

٣٥٣

٤٧٨١. الثاني : لو أوصى بلفظ مجمل غير هذه ، رجع في تفسيره إلى الوارث ، كما لو قال : أعطوه حظّا من مالي ، أو قسطا ، أو نصيبا ، أو قليلا ، أو جليلا ، أو جزيلا ، أو عظيما ، أو خطيرا ، بلا خلاف.

ولو قال : أعطوه كثيرا أعطي ثمانين درهما ، ولو عيّن الموصى له شيئا ، وادّعى أنّ الموصي قصده من هذه الألفاظ وادّعى علم الوارث ، كان عليه البيّنة ، وعلى الوارث اليمين على نفي العلم.

٤٧٨٢. الثالث : إذا قال : أعطوه مثل نصيب ابني ، وله ابن لا غير ، كان ذلك وصيّة بالنصف ، وقال مالك : إنّه وصيّة بالجميع (١) وليس ببعيد من الأصول ، لكن الأوّل أقرب ، فعلى ما قلناه إن أجاز الوارث اقتسما التركة بالسويّة ، وإن لم يجز كان للموصى له الثلث ، ولو كان له ابنان فأوصى لثالث بمثل نصيب أحدهما ، كان الموصى له بمنزلة ابن آخر ، فيضاف إلى أولاده ، فيكون له الثلث ، وكذا لكل ابن ، ولا يفتقر إلى الإجازة ، وعند مالك (٢) يكون له النصف مع الإجازة.

ولو كان له ذكور واناث ، وأوصى بمثل نصيب أحدهم على التعيين ، أعطي مثل نصيبه ، وإن كان من غير تعيين أعطي مثل نصيب أقلّهم ميراثا ، فلو كان له ابن وأربع زوجات ، كان له مثل نصيب زوجته ، قال الشيخ رحمه‌الله : تكون الفريضة من اثنين وثلاثين ، للموصى له سهم ، ولكل زوجة سهم ، وللابن سبعة وعشرون (٣) ، والحقّ أنّ الفريضة من ثلاثة وثلاثين ، فللابن ثمانية وعشرون ، ولو قال : مثل نصيب ابني ، كانت الفريضة من ستين ، يأخذ الموصى له مثل الابن ثمانية وعشرين.

ولو كان له بنت فأوصى بمثل نصيبها ، كان وصيّة بالنصف ، ولو كان له

__________________

(١) لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٤٤٩.

(٢) نقله عنه ابن قدامة في المغني : ٦ / ٤٤٩.

(٣) المبسوط : ٤ / ٦.

٣٥٤

ابنتان ، فأوصى بمثل نصيب إحداهما ، فهو بالثلث ، ولو كان ثلاث أخوات من أمّ وإخوة ثلاثة من أب ، فأوصى بمثل نصيب أحدهم من غير تعيين ، كان له مثل أقلّهم ، فله سهم من عشرة ، ولكل أنثى سهم ، ولكل ذكر سهمان ، ولو كان له زوجة وبنت ، وقال : مثل نصيب بنتي ، فأجاز الورثة ، فالفريضة من خمسة عشر ، للزوجة سهم والباقي بينه وبين البنت.

٤٧٨٣. الرابع : إذا أوصى بنصيب وارث ، احتمل البطلان والصحة ، فتكون وصيّته بمثل النصيب.

٤٧٨٤. الخامس : قال أبو عبيد ابن سلّام (١) : الضّعف : المثل ، لقوله تعالى : (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) (٢) أي مثلين ، وقوله (فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ) (٣) وإذا كان الضعفان مثلين ، فالواحد مثل ، فإذا أوصى بضعف نصيب ابنه ، كان له مثله على ذلك ، وقيل (٤) : مثلاه ، لقوله تعالى : (ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ) (٥) قال أبو عبيدة بن المثنى (٦) : ضعف الشي‌ء هو مثله ، وضعفاه هو مثلاه (٧).

٤٧٨٥. السادس : لو قال : أوصيت لك بضعفي نصيب ابني فله مثلا نصيبه ، ولو قال : ثلاثة أضعافه ، فهو ثلاثة أمثاله على قول أبي عبيدة وعلى الآخر يكون له في

__________________

(١) أبو عبيد قاسم بن سلّام ـ بتشديد اللام ـ الفقيه البغدادي أخذ عن الكسائي والفرّاء ، ولي القضاء بطرسوس. مات سنة ٢٢٤ ه‍. لاحظ طبقات الفقهاء : ١٠٢ ، وفيات الأعيان : ٤ / ٦٠.

(٢) الأحزاب : ٣٠.

(٣) البقرة : ٢٦٥.

(٤) القائل هو الشافعي ، لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٤٥٠.

(٥) الإسراء : ٧٥.

(٦) أبو عبيدة معمر بن المثنى اللغوي البصري ، أخذ عنه أبو عبيد والمازني وأبو حاتم ، مات سنة ٢١١ ه‍. لاحظ وفيات الأعيان : ٥ / ٢٣٥.

(٧) لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٤٥٠ ـ ٤٥١.

٣٥٥

الأوّل ثلاثة أمثاله ، وفي الثاني أربعة أمثاله ، قيل (١) في الأوّل أربعة أمثاله وفي الثاني ستّة أمثاله ، وهو قول مرذول في استعمال العرب.

٤٧٨٦. السابع : لو أوصى بمثل نصيب من لا نصيب له ، كالقاتل ، والعبد ، والكافر ، والمحجوب ، فلا شي‌ء.

٤٧٨٧. الثامن : لو أوصى لرجل بثلث ، ولآخر بربع ، ولآخر بخمس ، ولآخر بمثل وصيّة أحدهم ، فله الخمس ، ولو أوصى لواحد بعشرة ، ولآخر بستة ، ولآخر بأربعة ، ولآخر بمثل وصيّة أحدهم ، كان له أربعة ، ولو قال : فلان شريكهم ، فله خمس ما لكلّ واحد.

ولو أوصى لأحدهم بمائة ، ولآخر بدار ، ولآخر بعبد ، ثمّ قال : فلان شريكهم ، قيل : كان له نصف ما لكل واحد منهم.

٤٧٨٨. التاسع : لو أوصى بمثل نصيب وارث مقدّر ، كأن يكون له ابنان ، فيوصى بمثل نصيب ثالث لو كان ، فله الربع ، ولو أوصى بمثل نصيب خامس لو كان ، فله السدس.

٤٧٨٩. العاشر : لو أوصى لثلاثة بمثل سهام بنيه الثلاثة ، فالمال بينهم أسداسا مع الإجازة ، وإن لم يجيزوا فللموصى لهم ثلاثة من تسعة ، ولو أجازوا لواحد خاصّة ، فللمردود عليهما التسعان ، وأمّا المجاز له فله السدس فيأخذ مخرج السدس والتسع وهو ثمانية عشر ثمّ تضرب ثلاثة في ثمانية عشر تكون أربعة وخمسين ، للمجاز له تسعة ، ولكل واحد من صاحبيه ستّة ، ولكل ابن أحد عشر ،

__________________

(١) القائل هو أبو ثور ، لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٤٥١.

٣٥٦

وقال بعض الجمهور : يضمّ المجاز له إلى البنين ، فتضرب في تسعة ، تصير ستّة وثلاثين ، للمجاز له سبعة ، وكذا لكل ابن ، وللآخرين ثمانية بينهما ، فان أجازوا بعد ذلك للآخرين تمم لكل واحد منهم سدس المال ، فيصير المال أسداسا على الأوّل ، وعلى الوجه الثاني يضمّون ما حصل لهم ، وهو أحد وعشرون من ستة وثلاثين إلى ما حصل لهما ، وهو ثمانية ، ويقسّم بينهم على خمسة ، فتضرب خمسة في ستّة وثلاثين تكون مائة وثمانين ، ولو أجاز أحد البنين لهم دون الآخرين ، كان للمجيز ثلاثة من ثمانية عشر ، وللآخرين ثمانية بينهما ، تبقى سبعة ، ينكسر بضرب ثلاثة في ثمانية عشر ، ولو أجاز واحد لواحد ، دفع إليه ثلث ما في يده من الفاضل ، وهو ثلث سهم من ثمانية عشر.

٤٧٩٠. الحادي عشر : لو أوصى بثلث ماله لزيد ، وأوصى بمثل نصيب أحد ورثته ، ـ وهم ثلاثة بنين ـ لعمرو ، فإن أجازوا ، أخذ زيد الثلث ، وعمرو السدس ، وإن ردّوا بطلت وصيّة عمرو (١) ، ويحتمل مع الإجازة أن يكون لعمرو الربع على بعد.

ولو أوصى لزيد بالنصف ولعمرو بمثل النصيب ، احتمل الأمران مع الإجازة ، فيكون لعمرو الثمن على الأوّل ، وهو الأقوى ، والربع على الثاني ، ويحتمل ثالث ، وهو أن يكون له السدس ، لأنّ حقّ الورثة الثلثان لا ينقصون عنه (٢) إلّا بالإجازة ، وهي غير ثابتة في حقّ عمرو ، فلا ينقص عن السدس إلّا بإجازته ، وهو حسن.

__________________

(١) أي وصيّته لعمرو لتقدم الأولى وتأخّر الثانية.

(٢) في «ب» : لا ينتقصون عنه.

٣٥٧

ولو أوصى بالثلثين وأجازوا ، فعلى الأوّل لزيد الثلثان ، ولعمرو ربع الثلث ، وعلى الثاني الربع لعمرو ، فللورثة حينئذ نصف السدس ، وعلى الثالث لعمرو السدس.

٤٧٩١. الثاني عشر : لو أوصى لزيد بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة ، ولعمرو نصف الباقي وأجازوا ، احتمل أن يعطى صاحب النصيب مثل نصيب الوارث إذا لم تكن هناك وصيّة أخرى ، فيكون له الربع ، وللآخر نصف الباقي ، فيصحّ من ثمانية ، ويحتمل أن يعطى مثل نصيبه من ثلثي المال ، فله السدس ، وللآخر نصف الباقي ، وتصحّ من ستّة وثلاثين ، ويحتمل أن يعطى مثل نصيبه بعد أخذ صاحب الجزء وصيّته ، فيدخلها الدور ، وطريقه : أن نأخذ مخرج النصف فنسقط منه سهما ، يبقى سهم هو النصيب ، ثم نزيد على عدد البنين واحدا تصير أربعة ، نضربها في المخرج تصير ثمانية ، ننقصها سهما ، فيبقى سبعة ، فهي المال ، للموصى له بالنصيب سهم ، وللآخر ثلاثة ، ولكل ابن سهم ، أو نأخذ سهام البنين ، وهي ثلاثة ، فنقول : هذه بقيّة مال ذهب نصفه ، فإذا أردت تكميله تزيد مثلها ثم تزيد مثل سهم ابن فتصحّ من سبعة.

ولو كانت الوصيّة الثانية بنصف ما يبقى من الثلث ، أخذت مخرج النصف والثلث ، وهو ستّة ، تنقص منه سهما ، تبقى خمسة هي النصيب ، ثم تزيد واحدا على سهام البنين يصير أربعة ، تضربها في ستّة تصير أربعة وعشرين تنقصها ثلاثة يبقى أحد وعشرون ، وهو المال ، لصاحب النصيب خمسة ، يبقى من الثلث اثنان ، تدفع منهما سهما ، إلى الآخر ، يبقى خمسة عشر لكل ابن خمسة ، أو تأخذ سهام البنين ، وهي ثلاثة وتزيد عليها مثلها وسهما آخر وهو سهم ابن ، تصير سبعة ، ثمّ تضربها في ثلاثة.

٣٥٨

ولو أوصى لثالث بربع المال فخذ المخارج وهي اثنان وثلاثة وأربعة ، واضرب بعضها في بعض تبلغ أربعة وعشرين ، وزد على عدد البنين واحدا تصير أربعة ، واضربها في أربعة وعشرين ، تصير ستّة وتسعين ، فانقص منها ضرب نصف سهم في أربعة وعشرين ، وذلك اثنا عشر ، يبقى أربعة وثمانون فهي المال ، ثمّ انقص من الأربعة والعشرين سدسها لأجل الوصية الثانية. وربعها لأجل الوصية الثالثة ، تبقى أربعة عشر ، فهي النصيب ، فادفعها إلى الموصى له بالنصيب ، ثم إلى الثاني نصف ما يبقى من الثلث ، وهو سبعة ، وإلى الثالث ربع المال إحدى وعشرين ، يبقى اثنان وأربعون لكل ابن أربعة عشر ، أو يأخذ سهام البنين وهي ثلاثة ، وتزيد مثلها ومثل سهم ابن ، تصير سبعة تضربها في ثلاثة لأجل وصيّة الثلث ، تبلغ إحدى وعشرين ، تضربها في الأربعة لأجل وصيّة الربع ، تبلغ أربعة وثمانين.

[في الاستثناء]

٤٧٩٢. الثالث عشر : لو أوصى بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة إلّا ربع المال ، فخذ مخرج الكسر أربعة وزد عليها سهما تكون خمسة ، فهو النصيب وزد على عدد البنين واحدا ، واضربه في مخرج الكسر تصير ستّة عشر ، تدفع إلى الموصى له خمسة وتستثني منه أربعة يبقى له سهم ، ولكل ابن خمسة ، أو يخصص كل ابن بربع ، ويقسّم الربع الباقي بينه وبينهم أرباعا.

ولو قال : إلّا ربع الباقي بعد النصيب ، فزد على سهام البنين سهما وربعا ، واضربه في أربعة تصير سبعة عشر ، للموصى له سهمان ، ولكل ابن خمسة.

٣٥٩

ولو قال : إلّا ربع الباقي بعد الوصيّة ، جعلت المخرج ثلاثة ، وتزيد على الثلاثة واحدا ، هو النصيب ، تصير أربعة ، وتزيد على عدد البنين نصيبا وثلثا ، وتضربه في ثلاثة تكون ثلاثة عشر هو المال ، للموصى له سهم ، أو تقول : المال كله ثلاثة أنصباء ، ووصيّة ، [والوصيّة] هي نصيب إلّا ربع الباقي بعدها ، وذلك ثلاثة أرباع نصيب ، بقي ربع نصيب ، هو الوصيّة ، فيكون المال كلّه ثلاثة وربعا تبسطها إلى ثلاثة عشر.

ولو قال : إلّا ثلث ما يبقى من الثلث ، فخذ مخرج ثلث الثلث ، وهو تسعة ، [و] زد عليها سهما تصير عشرة ، فهي النصيب ، وزد على سهام البنين سهما وثلثا ، واضرب ذلك في تسعة ، تصير تسعة وثلاثين ، للموصى له تسعة ، ولكل ابن عشرة.

ولو قال : إلّا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصيّة ، جعلت المال ستّة ، وزدت عليها سهما ، فهذا هو النصيب ، وزدت عليها أنصباء البنين سهما ونصفا ، وضربته في ستّة ، تصير سبعة وعشرين ، دفعت إلى الموصى له سبعة ، وأخذت منه نصف باقي الثلث ، بقي معه ستّة ، وبقي أحد وعشرون ، لكل ابن سبعة ، لأنّ الثلث بعد الوصيّة ، هو النصف بعد النصيب.

ولو قال : إلّا خمس ما بقي من المال بعد النصيب ، ولآخر بثلث ما يبقى من المال بعد وصيّة الأوّل ، فخذ الجميع خمسة وزد عليها خمسها ، تصير ستّة ، انقص منها ثلثها من أجل الوصيّة بالثلث ، يبقى أربعة فهي النصيب ، ثمّ خذ سهما وزد عليه خمسه وانقص من ذلك ثلثه ، تبقى أربعة أخماس ، زدها أيضا على [أنصباء] البنين واضربها في خمسة تصير تسعة عشر ، فهي المال ، ادفع إلى الأوّل أربعة واستثن منه خمس الباقي ثلاثة يبقى معه سهم ، وادفع إلى الآخر ثلث الباقي ستّة ، يبقى اثنا عشر ، لكل ابن أربعة.

٣٦٠