تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

الفصل الخامس : في باقي مباحث تتعلّق بأنكحة الكفّار

وفيه ستة مباحث :

٥٠٥٩. الأوّل : أنكحة المشركين صحيحة ، وطلاقهم واقع ، فلو طلّق المشرك زوجته ثلاثا ، ثمّ أسلما ، لم يحلّ له مراجعتها إلّا بالمحلّل ، ولو كان للمسلم زوجة ذمّية فطلّقها ثلاثا ، فتزوّجت بذمّي ، وطلّقها ، حلّت للأوّل.

٥٠٦٠. الثاني : إذا أسلم الذمّي وتحته أكثر من أربع حرائر ذميّات ، اختار أربعا منهنّ ، كالحربي لا فرق بينهما إلّا في شي‌ء واحد ، وهو أنّ الحربيّ إذا قهر امرأة منهم ، وكان يعتقد ذلك نكاحا ، وأسلموا ، أقرّ على ذلك ، بخلاف الذمّي ، فإنّه لا يقرّ على مثل ذلك ، لأنّ أهل الذمّة لا يجوز لهم ذلك ، وعلى الإمام الذّبّ عنهم ودفع من قهرهم.

والمستأمن إذا قهر امرأة على نفسها ، وكان يعتقد ذلك نكاحا ، أقرّ عليه إذا أسلما ، لأنّ المستأمنين لا يلزم الإمام (١) نصرتهم ، وانّما هم آمنون من المسلمين وأهل الذمّة ، ولهذا لو قصدهم أهل الحرب لم يلزم الإمام دفعهم بخلاف أهل الذمّة.

٥٠٦١. الثالث : إذا تزوّج مجوسيّ أو وثنيّ بذمّية أقرّهما الحاكم إذا ترافعا إليه ، وكذا لو تزوّج ذميّ بمجوسيّة أو وثنيّة ، ولو تزوّج مرتدّ بمرتدّة لم يقرّا عليه وإن تابا.

__________________

(١) في «أ» : لا يلزمهم الإمام.

٥٠١

ويجوز للذمّي أن يتزوّج بحربيّة من أهل الكتاب وغيرهم ، أمّا المسلم فلا يحلّ له ذلك ولا بالذمّيات من أهل الكتاب.

٥٠٦٢. الرابع : لا يجوز للمسلم أكل ذبيحة الكفّار ، وإن كانوا أهل كتاب ، ولا نكاح نسائهم ، وكذا المتولّد من الحربي وأهل الذمّة (١) قال الشيخ : وفي أصحابنا من أجاز نكاح أهل الذمّة وأكل ذبائحهم (٢).

والولد يتبع المسلم من أبويه في الإسلام ، وفي الإقرار بالحريّة يتبع الأب إذا كان بين مشركين مختلفين ، قال بعض الجمهور : ويتبع الأمّ في الحريّة والرقّ.

٥٠٦٣. الخامس : إذا ترافع الكفّار إلى الحاكم ، تخيّر بين الحكم بينهم ، وبين دفعهم إلى أهل نحلتهم ، سواء كانوا حربيّين ، أو مستأمنين ، أو أهل ذمّة ، أو كان أحد الخصمين من جنس من هذه ، والآخر من الآخر ، ولا يجب على الحاكم الحكم بينهم ، وإن كانوا أهل ذمّة ، ولا يجب على الحاكم إعداء الخصم إن استعداه على خصمه.

ولا يجب على الخصم إذا استدعاه الحاكم الترافع إليه ، لأنّه إذا لم يجب على الحاكم الحكم ، لا يلزم الخصم أن يرتفع إليه.

٥٠٦٤. السادس : إذا حكم الحاكم بين الكفّار ، وجب أن يحكم بما يقتضيه شرعنا ، فإذا أراد المشرك ابتداء نكاح مشركة عنده ، عقده لهما كما يعقده للمسلمين ، وإجبار المنكوحة وعدمه كما في المسلمين ، وإن أراد استدامته ، حكم بصحّته إن كان يسوغ له ابتداؤه عليها بعد أن يكون الواقع في الشرك يعتقدونه صحيحا لازما.

__________________

(١) في «أ» : بين الحربي وأهل الذمّة.

(٢) المبسوط : ٤ / ٢٣٩.

٥٠٢

والحاصل أن كلّ نكاح لو أسلما عليه أقرّا عليه ، فإنّه يحكم بينهما بصحّته إذا ترافعا إلينا مشركين ، والمهر الصحيح يحكم بصحّته ، سواء كان مقبوضا أو لا ، وإن كان فاسدا فإن كان مقبوضا لزم واستقرّ ، وإلّا سقط وقضى بمهر المثل ، وإن قبض بعضه سقط من مهر المثل بإزائه ، فإن كان خمرا عشرة أزقاق وقبضت منه خمسة ، فإن كانت متساوية ، وجب نصف مهر المثل ، وإن كانت مختلفة ، فالأقرب اعتباره بالقيمة عند مستحلّيه ، ولو كان كلابا أو خنازير ، فبالقيمة (١) من غير التفات إلى العدد ، ولو كان للكافر ابن صغير كان له تزويجه كالمسلم.

الفصل السادس : في مباحث تتعلّق بأنكحة المماليك

وفيه ستة وعشرون بحثا :

٥٠٦٥. الأوّل : قد بيّنا أنّه لا يجوز للعبد ولا للأمة أن يزوّجا أنفسهما إلا بإذن المولى ، فإن بادر أحدهما من غير إذن ، قيل : يبطل (٢) والأقرب أنّه موقوف على إذن المولى ، فإن أجازه صحّ ، وإلّا بطل ، وعلى المولى مهر عبده ونفقة زوجته ، وله مهر أمته ، وكذا لو كان كلّ واحد منهما لمالك أو أكثر ، وأذن البعض لم يمض إلّا بإذن الباقي ، وكذا لا يحلّ وطء المكاتبة ، مطلقة كانت أو مشروطة ، ولا العقد عليها إلّا بإذن المولى ، وكذا المكاتب.

__________________

(١) في «أ» : فالقيمة.

(٢) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٤ / ١٦٣ ؛ والنهاية : ٤٧٦.

٥٠٣

٥٠٦٦. الثاني : إن كان الأبوان رقّا فالولد للمولى ، فإن كان مولاهما واحدا فالولد له ، وإلّا كان لهما بالسويّة ، سواء شرطا الملك (١) أو أطلقا ، ولو اشترطه أحدهما أو شرط زيادة فيه لزم.

ولو كان أحدهما حرّا ، تبعه الولد ، سواء الحرّ الأب أو الأمّ إلّا أن يشترط المولى رقّ الولد ، فيلزم.

٥٠٦٧. الثالث : لو تزوّج الحرّ أمة من غير إذن المالك ، ووطئها قبل الإجازة مع العلم بالتحريم ، كان عليه الحدّ ، فإن كانت عالمة ، فلا مهر لها ، وإلّا ثبت المهر للمولى ، والولد رقّ له ، ولو كان الزّوج جاهلا ، أو حصلت له شبهة ، سقط الحدّ دون المهر ، وانعقد الولد حرّا ، وعلى الأب قيمته يوم سقوطه حيّا لمولاه ، وكذا لو عقد عليها بمجرّد دعواها الحرّيّة ، فيلزمه المهر وقيل : عشر قيمتها مع البكارة ونصفه مع الثيبوبة (٢) ولو كان دفع إليها مهرا ، استعاد ما وجد منه ، وكان الولد رقا ، وعلى الزّوج فكّهم (٣) بالقيمة ، ويجب على المولى دفعهم إليه ، ولو لم يكن له مال سعى في قيمتهم ، وإن امتنع قيل : وجب على الإمام أن يفديهم من سهم الرقاب (٤).

٥٠٦٨. الرابع : إذا تزوّج العبد حرّة على أنّه حرّ ، ثمّ بان أنّه عبد ، وكان مأذونا له في التزويج ، تخيّرت المرأة بين الفسخ والإمضاء ، فإن فسخته قبل الدخول ،

__________________

(١) في «ب» : شرطا ذلك.

(٢) اختاره الشيخ في النهاية : ٤٧٧.

(٣) يرجع الضمير إلى «الولد» باعتبار إرادة الجنس الشامل للجمع. وفي النهاية : ٤٧٧ : كان أولاده رقّا لمولاها ويجب عليه أن يعطيهم إيّاه بالقيمة ، وعلى الأب أن يعطيه قيمتهم.

(٤) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٤٧٧.

٥٠٤

فلا مهر ، وإن كان بعده ، فلها المسمّى ، وعليها العدّة ، ولا نفقة لها ، ولا سكنى ، وإن كانت حاملا وقلنا النفقة للحمل ، ثبت لها ، وإلّا فلا.

وإن كان غير مأذون ، فالنكاح موقوف على الإذن ، ولو شرطت نسبا فبان بخلافه أعلى أو أدون ، أو صفة كالبياض ، أو السواد ، أو الطول ، أو القصر ، أو الحسن ، أو القبح ، فبان الخلاف ، صحّ العقد ، وثبت لها الخيار في طرف العبوديّة ، إذا شرطت حرّيته ، وفي طرف النسب إذا شرطت رفيعا فبان دونه ، سواء كان مساويا لها ، أو أدون ، أو أرفع منها. وقوّى الشيخ رحمه‌الله سقوط خيارها، إذا بان دون الشرط أو كان مساويا لها أو أعلى (١).

ولو كان الغرور من جهتها ، فإن كان في الحرّيّة ، بأن تزوّج بها على أنّها حرّة ، فبانت أمة ، قال الشيخ : الأظهر في الروايات البطلان (٢) ، فإن لم يدخل فرّق بينهما ، ولا مهر ، وإن دخل فلها المهر ، ويكون للسيّد ، لأنّه من كسبها ، ويرجع الزّوج به على المدلّس ، فإن كان [المدلّس] الوكيل ، استعاده منه مع يساره ، وينتظر اليسار مع عسره ، وإن كان [المدلّس] الزوجة ، تبعها به بعد العتق ، وإن أحبلها فالولد حرّ ، وعلى الأب قيمته يوم سقط حيّا ، ويرجع به على الغارّ أيضا ، قال : وقيل النكاح صحيح ، وحينئذ هل يثبت الخيار للزوج؟ المذهب نعم.

وإن كان الغرور بغير الحرّيّة من النسب ، أو الصفات ، كالحسن وغيره ، ثمّ ظهر الخلاف ، فالنكاح صحيح ، وهل يثبت الخيار فيه؟ احتمال.

ولو تزوّجها على أنّها مسلمة ، فبانت كتابيّة ، بطل العقد ، ومن قال هنا بصحّة العقد عليهنّ أوجب الخيار.

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ٤ / ١٨٩.

٥٠٥

٥٠٦٩. الخامس : لو تزوّج عبده بأمته ، كان عقدا صحيحا لا إباحة مجرّدة ، قيل : ويجب أن يعطيها المولى شيئا من ماله (١) والأولى الاستحباب ، وكان الفراق هنا بيد المولى ، فيأمره باعتزالها ويأمرها باعتزاله ، وإن لم يوقع طلاقا ، ويكون ذلك فسخا بينهما.

ولو مات المولى ، تخيّر الوارث في فسخ العقد وإبقائه.

٥٠٧٠. السادس : إذا تزوّج العبد بحرّة مع علمها بعدم الإذن والتحريم ، لم يكن لها مهر ولا نفقة ، وكان أولادها رقّا لمولاه ، ولو كانت جاهلة ، فالأولاد أحرار ولا قيمة عليها ، ولها المهر يتبع به العبد بعد عتقه.

ولو تزوّج العبد بأمة غير مولاه ، كان الولد لمولاه ومولى الجارية معا ، سواء أذنا في النكاح أو لم يأذنا ، ولو أذن أحدهما دون الآخر ، كان الولد لمن لم يأذن ، أمّا لو زنى العبد بأمة غير مولاه ، فانّ الولد هنا لمولى الأمة خاصّة.

٥٠٧١. السابع : لو تزوّج حرّ بأمة اثنين ، ثم اشترى حصّة أحدهما ، بطل العقد ، وحرم وطؤها ، سواء أجاز الشريك العقد بعد الابتياع على خلاف أو لا ، ولو حلّلها له الشريك ، ففي إباحة الوطء قولان.

وكذا لو ملك نصفها وكان الباقي حرّا لم يجز له وطؤها بالملك ولا بالعقد الدائم ، ولو هاياها قيل : جاز له عقد المتعة عليها في زمانها المختصّ بها.

٥٠٧٢. الثامن : يجوز للمولى ان يتزوّج بأمته ويجعل صداقها عتقها ، فيقول : تزوّجتك وأعتقتك وجعلت مهرك عتقك ، فيلزمها عقد النكاح ، قال

__________________

(١) القائل الشيخ في النهاية : ٤٧٨.

٥٠٦

الشيخ رضي‌الله‌عنه : ولو قدّم العتق على التزويج عتقت وكانت بالخيار في النكاح ، ومنهم من منع ذلك وجعل المعتبر تقديم العتق ، لأنّ العقد لا يتناول الأمة. (١) فعلى قول الشيخ ، لو قدّم العتق عتقت ، فإن اختارت النكاح فلا بحث ، وإن امتنعت منه ، فعليها قيمتها يوم العتق ، فإن رضيت بأن يتزوّجها بالقيمة ، وكانت معلومة ، صحّ وإلّا فلا ، ولو تزوّجها بغير القيمة صحّ ، ولها عليه المسمّى ، وله عليها قيمتها.

ولو طلّق الّتي جعل عتقها صداقها قبل الدخول ، قال الشيخ : رجع نصفها رقا ، واستسعت فيه ، فان امتنعت ، كان له من خدمتها يوم ولها يوم ، ويجوز أن تشترى من الرقاب [الزكاة] (٢). وقال ابن البراج : يرجع بنصف القيمة وهي حرّة. (٣) واختاره ابن إدريس ، (٤) وهو عندي قويّ.

ولو قال لها : أعتقتك على أن أتزوّج بك ، ولم يقل : وعتقك صداقك ، نفذ العتق على تردّد ، والأقرب عدم وجوب قبول النكاح ، فإن امتنعت فالوجه ثبوت القيمة.

ولو كان للحرّة مملوك فقالت له : أعتقتك على أن تتزوّج بي ، وقع العتق ، ولم يجب التزويج ، قال الشيخ : ولا شي‌ء لها ، لأنّ النكاح حقّ له والحظّ له فيه (٥).

ولو قال لغيره : أعتق عبدك على أن أزوّجك بنتي ، فأعتقه ، نفذ العتق ، ولم يجب على الباذل التزويج ، وهل عليه للسيّد قيمة العبد؟ قال الشيخ :

فيه قولان (٦) والظاهر أنّ مراده للجمهور بناء على قول الرجل لسيّد العبد :

__________________

(١) النهاية : ٤٩٧.

(٢) النهاية : ٤٩٧ ـ ٤٩٨.

(٣) المهذب : ٢ / ٢٤٨.

(٤) السرائر : ٢ / ٦٣٩.

(٥) المبسوط : ٤ / ١٧٥ ـ ١٧٦.

(٦) المبسوط : ٤ / ١٧٦.

٥٠٧

أعتق عبدك عن نفسك على أنّ عليّ مائة درهم ، ففي وجوب البذل قولان ، وقوّى الشيخ العدم ، لأصالة براءة الذمّة. (١)

٥٠٧٣. التاسع : إذا قتلت الأمة نفسها بعد الدخول ، لم يسقط مهرها ، وكذا لو قتلها السيّد ، ولو قتلت نفسها قبل الدخول ، أو قتلها سيّدها ، لم يسقط المهر أيضا ، وقوّى الشيخ سقوطه. (٢) وكذا البحث في الحرّة.

٥٠٧٤. العاشر : يجوز بيع الأمة المزوّجة ، ويكون ذلك كالطلاق عندنا ، فإن أجاز المشتري النكاح صحّ ، فإن فسخه كان مفسوخا ، وخياره على الفور ، فإن علم ولم يفسخ لزم العقد ، وكذا العبد إذا بيع وكانت تحته أمة.

ولو كانت تحته حرّة فبيع ، قال : الشيخ يثبت للمشتري الخيار أيضا (٣) على رواية ، (٤) ومنع ابن إدريس ذلك وحكم بلزوم النكاح (٥) ، ولو كانا لمالك فباعهما لاثنين ، كان لكلّ واحد من المشتريين الخيار ، وكذا لو باعهما على واحد.

ولو باع أحدهما دون الآخر ، كان للمشتري الخيار بين الفسخ والإمضاء ، وكذا للبائع على من عنده.

ولو كان كلّ منهما لمالك فباع أحدهما أحد الزّوجين ، تخيّر المشتري أيضا والمالك الآخر بين الفسخ والإمضاء ، ولو حصل بينهما أولاد كانوا لموالي الأبوين.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ١٧٦.

(٢) المبسوط : ٤ / ١٩٧.

(٣) النهاية : ٤٧٧.

(٤) لاحظ الوسائل : ١٤ / ٥٥٥ ـ ٥٥٦ ، الباب ٤٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.

(٥) السرائر : ٢ / ٥٩٨.

٥٠٨

٥٠٧٥. الحادي عشر : إذا باع الجارية فاختار المشتري الإمضاء ، ثمّ سافر بها ، لم تكن لها نفقة ، وكذا لو لم يرسلها إلى الزّوج ليلا ونهارا ، أمّا لو مكّنه منها دائما ، فإنّه تجب لها النفقة على الزّوج ، وعلى المولى إرسالها ليلا للاستمتاع ، ولا يجب إرسالها نهارا ، فلا نفقة لها حينئذ.

٥٠٧٦. الثاني عشر : إذا زوّج أمته فإن كان سمّى مهرا صحيحا ، فهو له ، فإن باعها قبل الدخول ، سقط المهر ، ولو أجاز المشتري كان المهر له ، لأنّ الإجازة كالعقد المستأنف ، ولو باعها بعد الدخول ، فالمهر للأوّل ، سواء أجاز الثاني أو فسخ وقال الشيخ : إن كان الأوّل قبض المهر فهو له ، فإن كان بعد الدخول ، فقد استقرّ له ، وإن كان قبله ، ردّ نصفه ، وإن كان لم يقبضه ، فلا مهر لها لا للأوّل ولا للثّاني ، فإن اختار المشتري الإمضاء ، ولم يكن قد قبض الأوّل المهر ، كان للثاني ، لأنّه يحدث في ملكه ، فإن دخل بها بعد الشراء ، استقرّ له الكلّ ، وإن طلّقها قبل الدخول ، كان عليه نصف المهر للثاني ، فإن كان الأوّل قد قبض المهر ، ورضي الثاني بالعقد ، لم يكن له شي‌ء.

وإن باعها قبل الدخول ، فرضي المشتري بالعقد ، ودخل بها الزّوج بعد البيع ، كان نصف المهر للسيّد الأوّل ، ونصفه للثاني ، وإن كان قد قبض الأوّل بعض المهر ، ثمّ باعها ، لم يكن له المطالبة بباقي المهر ، سواء دخل بها أو لم يدخل ، لأنّه حال بينه وبين الاستمتاع بها ، وإن كان الثاني رضي بالعقد ، كان له المطالبة بباقي المهر ، وإن لم يرض لم يكن له ذلك. (١)

٥٠٧٧. الثالث عشر : للسيّد الاستخدام بالجارية المزوّجة ـ وإن كرهه الزوج ـ

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ١٩٨. نقله المصنّف بتلخيص.

٥٠٩

نهارا ، وله المسافرة بها ، وليس للزوج ذلك ، وللمولى أيضا إجازتها مدّة من الزمان من غير رضا الزّوج.

٥٠٧٨. الرابع عشر : لو زوّج عبده ثمّ باعه ، قال الشيخ : للمشتري الفسخ ، وعلى المولى نصف المهر ، (١) ومنع بعض علمائنا من الأمرين. (٢)

٥٠٧٩. الخامس عشر : لو باع أمة وادّعى أنّ حملها منه ، وأنكر المشتري ، لم يقبل قوله في إفساد البيع ، وهل يقبل في التحاق النسب؟ قيل : نعم ، لأنّه إقرار لا يتضرّر به الغير ، وفيه نظر ، ينشأ من حصول التضرّر به ، كما لو مات المقرّ ولا وارث له سواه.

٥٠٨٠. السادس عشر : يجوز للمولى عتق جاريته المزوّجة ، سواء كان الزوج قد دخل بها أو لا ، وسواء كان الزوج عبدا للمولى أو لغيره ، أو حرّا ، وعلى كلّ تقدير يثبت للجارية خيار فسخ النكاح ، وقيل : انّما يثبت لو كانت تحت عبد ، ولو كانت تحت حرّ فلا ، اختاره الشيخ (٣) وهو قويّ.

والخيار على الفور ، ولو عتق العبد ، لم يكن له خيار ولا لمولاه ولا لزوجته حرّة كانت أو أمة ولا لمولى الجارية.

ولو زوّج عبده أمته ، ثمّ أعتق الأمة أو أعتقهما معا ، كان لها الخيار ، وكذا لو كانا لمالكين ، ثمّ أعتقت الجارية أو أعتقا (٤) معا فإنّ الخيار لها خاصّة ، ولو عتقت ولم يعلم كان لها الخيار مع العلم ، وإن وطئها قبله ، ولو جهلت الحكم فالأقرب

__________________

(١) لاحظ النهاية : ٤٧٧ و ٤٩٩.

(٢) وهو الحليّ في السرائر : ٢ / ٥٩٨.

(٣) لاحظ المبسوط : ٤ / ٢٥٨ ؛ والخلاف : ٤ / ٣٥٤ ، المسألة ١٣٤ من كتاب النكاح.

(٤) في «أ» : أو أعتقتا.

٥١٠

ثبوت خيارها على إشكال ، ولو طلّقها الزوج رجعيا ثمّ أعتقت ، كان لها الفسخ أيضا ، والصبر حتّى تنقضي العدّة ، ولا يدلّ على ذلك على الرضا بالنكاح ، لجواز استناد الصّبر إلى رجاء الفرقة ، فلو صبرت ، فراجعها في العدّة ، ففسخت النكاح ، انفسخ ، وعندي في ذلك إشكال.

٥٠٨١. السابع عشر : أمّ الولد لا تنعتق بالولادة ، بل هي باقية على الرقيّة ، لكن لا يجوز بيعها ما دام ولدها حيّا ، إلّا في ثمن رقبتها إذا كان دينا على مولاها ولا مال له سواها ، قيل : ويجوز بيعها بعد وفاة المولى في الدين

المحيط بالتركة وإن لم يكن ثمنا (١) وليس بجيّد.

ولو مات الولد وأبوه حيّ بيعت مطلقا ، وعادت إلى محض الرّقّ.

ولو مات المولى والولد حيّ ، عتقت من نصيب الولد ، ولو عجز النصيب قيل : يلزم الولد السعي في المتخلّف من قيمتها (٢) وقيل : تستسعي هي فيه ، (٣) وهو أقرب.

ولو كان ثمنها دينا ، فأعتقها مولاها وتزوّجها ، وجعل عتقها صداقها ، ثمّ أولدها وأفلس بثمنها ، ومات نفذ العتق والنّكاح ، وكان الولد حرّا وقال الشيخ :

تباع في الدّين ويعود الولد رقّا ، (٤) وليس بمعتمد.

٥٠٨٢. الثامن عشر : إذا تزوّج العبد بإذن مولاه بحرّة أو أمة لغيره ، كان الطلاق بيد العبد ، ولو طلّق مولاه لم يقع ، وليس للمولى إجباره على الطلاق ، ولا منعه عنه ، ولو زوّجه بأمته ، صحّ العقد ، وكان الطلاق بيد المولى ، وله أن يفرّق

__________________

(١) ذهب إليه ابن حمزة في الوسيلة : ٤٠٨.

(٢) وهو خيرة الشيخ في المبسوط : ٦ / ١٨٥ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٤٠٨.

(٣) ذهب إليه الحلي في السرائر : ٣ / ١٤.

(٤) النهاية : ٤٩٨ و ٥٤٤ ـ ٥٤٥.

٥١١

بينهما بغير لفظ الطلاق ، فيأمرها باعتزاله ، أو يأمره باعتزالها (١) أو يقول : فسخت عقدكما ، سواء دخل العبد أو لا ، وهل يكون ذلك طلاقا؟ قيل : نعم ، حتّى لو كرّره مرّتين ، وبينهما رجعة ، حرمت إلّا بالمحلّل ، وقيل : يكون فسخا مجرّدا ، وهو أقرب.

أمّا لو أتى بلفظ الطلاق ، فإنّه يكون طلاقا حقيقة ، ولو طلّقها الزّوج ثمّ باع مالك الجارية جاريته ، أتمّت العدّة وهل يجب على المشتري استبراؤها زيادة على العدّة؟ قيل : نعم ، وليس بجيّد.

٥٠٨٣. التاسع عشر : قد بيّنا أنّه إذا عتقت الأمة تحت عبد ، كان لها الخيار إلّا في صورة واحدة ، وهي أنّه إذا زوّج أمته ـ وقيمتها مائة ـ بمائة ، ويملك مائة فأعتقها في مرضه ثمّ مات ، أو أوصى بعتقها ، فإنّه لا خيار لها قبل الدخول ، لأنّه يسقط مهرها فيزيد قيمتها على الثلث ، فيسترقّ بعضها فيبطل خيارها ، فيدور ، ولو دخل بها قبل العتق ثبت الخيار ، لاستقرار المهر بالدخول.

ولو كانت تحت حرّ فأعتقت ، ففي ثبوت الخيار خلاف ، فإن قلنا بسقوطه لو كانت تحت عبد فأعتق ثمّ أعتقت ، لم يكن لها خيار ، لأنّه يعتبر حين حرّيّتها ، وفي تلك الحال هي تحت حرّ ، ولو أعتقت أوّلا ولم تعلم حتّى أعتق ، ففي سقوط خيارها نظر.

٥٠٨٤. العشرون : لو ادّعت بعد عتقها جهالة العتق ، فإن كانت نائية (٢) في بلد آخر أو محلّة ، قبل قولها مع اليمين ، وإن كانت في موضع لا يخفى عنها ، لم يقبل منها ، ولو ادّعت جهالة الحكم ، فالأقرب تصديقها مع اليمين.

٥٠٨٥. الحادي والعشرون : كلّ موضع يثبت لها الخيار بعد العتق ، إن اختارت

__________________

(١) في «ب» : ويأمره باعتزالها.

(٢) في «ب» : ثابتة.

٥١٢

فراقه قبل الدخول ، سقط المهر ، وإن كان بعده ، فإن كان الدخول قبل العتق ، ثبت المسمّى ، لاستناد الفسخ إلى حالة العتق الحاصل بعد الدخول ، وإن كان بعده ، وجب مهر المثل ، لاستناد الفسخ إلى حالة العتق ، فصار الوطء كأنّه في نكاح فاسد ، وإن اختارت المقام قال الشيخ : إن كان المهر مسمّى فهو للسيّد ، وإن كانت مفوّضة ، فالمهر لها ، لأنّ المهر في المفوّضة يجب بالفرض حين الفرض ، وهي حينئذ حرّة. (١)

٥٠٨٦. الثاني والعشرون : إذا طلّق العبد الأمة رجعيّا ، ثمّ أعتقت ، كان لها الفسخ ، وسقطت الرجعة ، ولا تستأنف عدّة أخرى ، بل تتمّ عدّة حرّة ، ولو سكتت ، لم يسقط خيارها ، فإن راجعها في العدّة ، كان لها خيار الفسخ ، وتبتدئ بعدّة الحرّة من حين اختيار الفسخ هنا ، ولو خرجت العدّة ولم يراجعها ، انقطعت العصمة بينهما ، والعدّة هنا عدّة حرّة ، وإن اختارت المقام معه قبل مراجعتها ، لم يعتدّ به ، فإن لم يراجعها حتّى انقضت العدّة ، فقد بانت ، فإن راجعها كان لها اختيار الفسخ ، فإن فسخت انقطع النكاح وعليها عدّة الحرّة من حين الفسخ ، ولا يبطل اختيار المقام المتقدّم خيار الفسخ.

٥٠٨٧. الثالث والعشرون : لو أعتقت الصبيّة تحت عبد ، لم يسقط خيارها ، وانتظر بلوغها ، فتختار على الفور ، وللزوج الاستمتاع بها قبل البلوغ ، وليس لوليّها أن يختار عنها ، وكذا المجنونة ، وكذا لو زوّج الكافر ابنه الصغير بعشر ثم أسلم وأسلمن ، تبعه ابنه ، وكان النكاح موقوفا حتّى يبلغ ويختار ، ويمنع الولد هنا من الاستمتاع بهنّ ، بخلاف العبد.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٥٩.

٥١٣

٥٠٨٨. الرابع والعشرون : لو انعتق بعضها ، لم يثبت لها الخيار ، وإنّما يثبت لها مع كمال الحرّيّة ، وكذا لا خيار للعبد إذا أعتق وتحته أمة.

٥٠٨٩. الخامس والعشرون : خيار الأمة لا يفتقر إلى حاكم ولا الإشهاد عليه ، وتعتدّ عدّة الحرّة للطّلاق من حين اختيار الفسخ ، ويكون بائنا ، ليس للزوج الرّجعة فيها إلّا بعقد مستأنف.

٥٠٩٠. السادس والعشرون : إذا أعتقت تحت عبد ، فطلّقها قبل أن تختار ، قال الشيخ : الّذي يليق بمذهبنا عدم وقوعه أصلا ، (١) لاستلزامه إبطال الاختيار ، ويحتمل وقوعه ، إذ العتق لا يزيل النكاح ، فقد صادف ملكه ، فيقع ، ويحتمل وقوعه مراعى ، فإن اختارت الفسخ لم يقع ، لاستناد الفسخ بعد العتق إلى حالة العتق ، فصار كأنّ النكاح انفسخ في تلك الحال ، فيكون الطّلاق واقعا في نكاح مفسوخ ، وإن اختارت النكاح وقع.

الفصل السابع : في النكاح بملك اليمين

وفيه تسعة عشر بحثا :

٥٠٩١. الأوّل : وطء الإماء يستباح بأمور ثلاثة :

العقد عليهنّ بإذن أهلهنّ ، وقد سلف.

وملكهنّ.

وإباحة المولى لهنّ.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٦١.

٥١٤

وهذا الثالث في الحقيقة داخل في الأوّلين ، لأنّ الإجماع منعقد عليه فعند المرتضى قدس‌سره أنّه من الأوّل (١) وعند الشيخ رحمه‌الله أنّه من الثاني (٢) إذ الإباحة نوع تمليك للمنافع.

والأوّل من الأقسام ينحصر في عدد ، فالحرّ لا يستبيح أكثر من أمتين ، والعبد لا يستبيح أكثر من أربع ، وأمّا القسمان الباقيان فلا ينحصران في عدد ، بل يجوز للحرّ والعبد معا أن يستبيحا بهما مهما شاءا من غير حصر.

٥٠٩٢. الثاني : يحرم على المالك مملوكته إذا زوّجها حتّى تحصل الفرقة وتقضي عدّتها إن كانت ذات عدّة ، ولا يجوز له النظر منها إلى ما لا يجوز لغير المالك ، وليس للمولى فسخ العقد إلّا أن يكون الزوج مملوكه ، ولو باعها ، تخيّر المشتري في الفسخ والإمضاء.

٥٠٩٣. الثالث : إذا اشترى أمة لم يجز له وطؤها حتّى يستبرئها بحيضة إن كانت ممن تحيض ، أو بخمسة وأربعين يوما ، ولو كان لها زوج فأجاز نكاحها لم يكن له بعد ذلك فسخ النكاح ، وكذا لو علم ولم يفسخ ، ولو فارق الزوج حلّت عليه بعد العدّة ، ولو لم يجز نكاحه كفاه الاستبراء عن العدّة.

٥٠٩٤. الرابع : يجوز شراء ذوات الأزواج من أهل الحرب وبناتهم وما يسبيه الكفّار منهم.

٥٠٩٥. الخامس : كلّ من ملك أمة بأيّ وجه كان ، لا يجوز له وطؤها قبلا حتّى يستبرئها بحيضة أو بخمسة وأربعين يوما ، ولو ملكها حائضا ، أو

__________________

(١) الانتصار : ٢٨٢ ، المسألة ١٥٧.

(٢) المبسوط : ٤ / ٢٤٦.

٥١٥

كانت لعدل وأخبر باستبرائها ، أو كانت لامرأة ، خلافا لابن إدريس في الثلاثة (١) أو آيسة ، أو حاملا ، سقط استبراؤها ، ولو ملك أمة فأعتقها ، كان له العقد عليها والوطء في الحال من غير استبراء ، والأفضل استبراؤها ، ولو كان قد وطأها وأعتقها ، لم يكن لغيره العقد عليها إلّا بعد العدّة ثلاثة أشهر أو ثلاثة أقراء.

٥٠٩٦. السادس : يجوز للرجل تحليل جاريته لغيره ، والصيغة فيه : أحللت لك وطأها ، أو جعلتك في حلّ من وطئها ، ولا تحلّ بلفظ العارية ، وهل يحلّ بلفظ الاباحة؟ قولان.

ولو قال : وهبتك وطأها ، أو سوّغتك أو ملّكتك ، ففي تسويغها بذلك إشكال.

ولو قال أجزتك وطأها ، لم يجز.

ولو حلّل أمته لمملوكه ، ففي تسويغها له روايتان ، إحداهما الجواز مع التعيين للموطوءة ، لأنّه نوع إباحة ، والمملوك أهل لها ، (٢) والثاني المنع ، لأنّه تمليك ، والعبد ليس بصالح له. (٣)

٥٠٩٧. السابع : يجوز تحليل المدبّرة وأمّ الولد ، ولو انعتق بعضها فأحلّته

__________________

(١) السرائر : ٢ / ٦٣٤.

(٢) لاحظ الاستبصار : ٣ / ١٣٨ برقم ٤٩٦ ؛ والوسائل : ١٤ / ٥٣٦ ، الباب ٣٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.

(٣) لاحظ التهذيب : ٧ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤ برقم ١٠٦٢ ؛ والاستبصار : ٣ / ١٣٧ برقم ٤٩٥ ؛ والوسائل : ١٤ / ٥٣٦ ، الباب ٣٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ٢.

٥١٦

لم تحلّ ، ولو هاياها (١) فعقد عليها متعة في يومها فالمرويّ الجواز (٢) ولو كانت مشتركة فأحلّ أحد الشريكين لصاحبه حلّت.

٥٠٩٨. الثامن : يجب أن يقتصر المستبيح على ما حلّله المالك وما يقتضي العادة تناوله ، فلو أحلّ له التقبيل واللمس لم يحلّ له الوطء ولا الاستخدام ، ولو أباحه الاستخدام لم يجز له سواه ، ولو أباحه الوطء جاز له التقبيل واللمس ، وحرم عليه الاستخدام ، ولو وطأ في موضع المنع كان عاصيا ، وعليه عوض البضع ، وكان الولد رقّا للمولى.

٥٠٩٩. التاسع : يجوز أن يحلّل الرّجل جاريته لمملوك غيره بإذن مولاه ، ولا يجوز للمملوك الوطء بدون الإذن.

٥١٠٠. العاشر : إذا أحلّ جاريته للحرّ ، فإن شرط رقيّة الولد لزم الشرط ، وان شرط الحريّة كان حرّا ، وإن أطلق فروايتان إحداهما : أنّ الولد رقّ لمولى الجارية (٣) وهي خيرة الشيخ ، (٤) والثانية : أنّه حرّ ، (٥) وهو المعتمد.

وعلى قول الشيخ يجب على الأب فكّ الولد بالقيمة يوم سقوطه حيّا ، وعندنا لا شي‌ء عليه.

٥١٠١. الحادي عشر : اشترط الشيخ في بعض أقواله في التحليل ضبط المدّة(٦) وفيه نظر.

__________________

(١) يقال : هايأ مهايأة في الأمر : وافقه ، والمهاياة اصطلاح عند الفقهاء يطلق على شريكين في شي‌ء يريد كلّ منهما أن يستفيد من ذلك الشي‌ء بقدر سهمه في الشركة ، يقال : هاياه في دار كذا ، أى سكنها هذا مدّة وذاك مدّة. لاحظ المنجد مادة (هيئ).

(٢) لاحظ الوسائل : ١٤ / ٥٤٥ ، الباب ٤١ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث ١.

(٣) لاحظ التهذيب : ٧ / ٢٤٦ برقم ١٠٦٨.

(٤) النهاية : ٤٩٤ ؛ والمبسوط : ٤ / ٢٤٦.

(٥) لاحظ التهذيب : ٧ / ٢٤٧ برقم ١٠٧٣.

(٦) المبسوط : ٤ / ٢٤٦.

٥١٧

٥١٠٢. الثاني عشر : إذا اشترى أمة حاملا قال الشيخ في النهاية : لم يجز له وطؤها حتّى تضع أو تمضي عليه أربعة أشهر وعشرة أيّام ، فإن أراد وطأها قبل ذلك وطئها فيما دون الفرج (١) وفي الخلاف : أنّه مكروه (٢) وهو الأجود عندي.

٥١٠٣. الثالث عشر : إذا طلّقت الأمة بعد الدخول بها ، ثمّ باعها مولاها في العدّة ، أتمّت العدّة ، قال في المبسوط : ويجب عليها الاستبراء بعدها ، لأنّهما حكمان لا يتداخلان (٣) والأقرب جواز وطئها للمشتري بعد العدّة.

٥١٠٤. الرابع عشر : الحرّة إذا اشترت زوجها المملوك أو ورثته أو انتقل إليها بأحد وجوه التمليكات ، بطل النكاح ، وليس لها أن تبيحه أو تعقد عليه ، فإن أرادت ذلك لم يكن إلّا بأن تعتقه وتتزوّج به.

٥١٠٥. الخامس عشر : إذا تزوّج العبد بإذن مولاه ، فالنفقة على المولى ، فإن أبق المملوك قال الشيخ : سقطت النفقة ، وبانت من الزوج ، وعليها العدّة منه ، فإن عاد قبل خروج العدّة ، فهو أملك بها ، وإن خرجت العدّة قبل عوده انقطعت العصمة (٤) وليس بجيّد ، بل النفقة ثابتة ، وكذا الزّوجية.

٥١٠٦. السادس عشر : يجوز أن يطأ الجارية وفي البيت غيره ، وأن ينام بين الأمتين ، ويكره ذلك في الحرائر ، وكذا يكره وطء الفاجرة ، ومن ولدت من الزّنا.

٥١٠٧. السابع عشر : إذا زوّج مملوكه بحرّة ، فإنّ المهر في ذمّة المولى ، فإن

__________________

(١) النهاية : ٤٩٦.

(٢) الخلاف : ٥ / ٨٥ ، المسألة ٤٦ من كتاب العدّة.

(٣) المبسوط : ٥ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

(٤) النهاية : ٤٩٨.

٥١٨

باعه قبل الدخول ، قال الشيخ : وجب نصف المهر على المولى (١) وقال ابن إدريس : يجب الجميع (٢).

وفيه نظر.

٥١٠٨. الثامن عشر : إذا أعتق أمته المزوّجة ثمّ مات الزّوج ورثته ، فلو علّق عتقها بموت الزّوج ، قال الشيخ : لم يكن لها ميراث ، وكان عليها عدّة الحرّة (٣) ومنع ابن إدريس من هذا العتق (٤) لأنّ العتق بالشرط باطل والتّدبير إنّما يصحّ إذا علّق بموت المولى.

٥١٠٩. التاسع عشر : إذا أعتق أمّ ولده ، فارتدّت بعد ذلك ، وتزوّجت ذميّا ، وأتت منه بولد ، قال الشيخ : كان أولادها من الذمّي رقّا للّذي أعتقها ، فإن لم يكن حيّا ، كانوا رقّا لأولاده ، ويعرض عليها الإسلام ، فإن رجعت ، وإلّا وجب عليها ما يجب على المرتدّة عن الإسلام (٥) ومنع ابن إدريس رقيّة الأولاد. (٦)

الفصل الثامن : في نكاح المتعة

وفيه عشرون بحثا :

٥١١٠. الأوّل : نكاح المتعة هو النّكاح المنقطع ، وهو أن يتزوّجها مدّة معيّنة كاليوم والشهر والسنة وغير ذلك من الأزمنة المحصورة ، وقد اتّفقت الإماميّة

__________________

(١) النهاية : ٤٩٩.

(٢) السرائر : ٢ / ٦٤٣.

(٣) النهاية : ٤٩٩.

(٤) السرائر : ٢ / ٦٤٤.

(٥) النهاية : ٤٩٩ ـ ٥٠٠.

(٦) السرائر : ٢ / ٦٤٤.

٥١٩

على تسويغه عملا بنصّ القرآن (١) وبالمتواتر من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه أباحها (٢) وأجمع المسلمون على ذلك ، وادّعاء النسخ لم يثبت ، لاستناده إلى عمر (٣) وقوله ليس بحجّة.

٥١١١. الثاني : لا بدّ في هذا العقد من الإيجاب ، وهو زوّجتك أو أنكحتك أو متّعتك مدّة كذا بمهر كذا ، والقبول ، وهو ما يدلّ على الرضا ، مثل قبلت النكاح أو المتعة ، ولو قال : قبلت أو رضيت ، واقتصر جاز ، ولو بدأ بالقبول فقال : تزوّجت ، فقالت : زوّجتك ، صحّ.

ولا ينعقد بلفظ الهبة والتمليك والإجارة والعارية.

ويشترط في الإيجاب والقبول الإتيان بصيغة الماضي ، فلو قال : أقبل أو أرضى ، وقصد الإنشاء لم يقع ، وقيل : لو قال : أتزوّجك مدّة كذا بمهر كذا ، وقصد الإنشاء ، فقالت : نعم ، أو زوّجتك صحّ. (٤)

٥١١٢. الثالث : لا بدّ في هذا العقد من ذكر الأجل المعلوم والمهر المعيّن ، فلو أخلّ بهما بطل إجماعا ، وكذا لو أخلّ بالمهر ، ولو ذكر المهر وأخلّ بالأجل ، قال الشيخ : ينعقد دائما (٥) وقيل : يبطل العقد (٦) وهو الأقوى.

__________________

(١) النساء : ٢٤.

(٢) صحيح البخاري : ٧ / ١٦ ، كتاب النكاح ؛ صحيح مسلم : ٤ / ١٣٠ باب نكاح المتعة ؛ ولاحظ التفاسير ، سورة النساء الآية ٢٤.

(٣) وظاهر كلام عمر أنّه هو المحرّم دون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أيّها الناس ثلاث كنّ على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنا أنهى عنهنّ ، وأحرمهنّ ، وأعاقب عليهنّ : متعة النساء ، ومتعة الحجّ ، وحيّ على خير العمل. مفاتيح الغيب : ١٠ / ٥٣ ؛ شرح التجريد للقوشجي : ٤٨٤ طبع ايران.

(٤) ذهب إليه المحقق في الشرائع : ٢ / ٢٧٣.

(٥) النهاية : ٤٨٩ ؛ والخلاف : ٤ / ٣٤٠ ، المسألة ١١٩ من كتاب النكاح.

(٦) وهو خيرة الحلّي في السرائر : ٢ / ٥٥٠ و ٦٢٠.

٥٢٠