تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

٤٧٩٣. الرابع عشر : لو خلّف أربعة بنين ، وأوصى لرجل بثلث ماله إلّا نصيب أحدهم ، أو أوصى له بتكملة الثلث على نصيب أحدهم ، فله التسع ، وطريقه أن يدفع إلى الموصى له وابن ثلث المال ، يبقى ثلثاه لثلاثة بنين ، لكل واحد تسعان ، يبقى تسع للموصى له.

٤٧٩٤. الخامس عشر : إذا أوصى لواحد بسدس ماله ، ولآخر بتمام الثلث ، فهو سدس أيضا ، فإن ردّ الأوّل وصيّته ، فللآخر تمام الثلث لا الثلث كملا ، ولو أوصى للأوّل بالثلث ، وللآخر بباقي الثلث ، فلا شي‌ء للآخر ، سواء رضي الأوّل أو ردّ.

٤٧٩٥. السادس عشر : إذا أوصى بوصايا متعدّدة ، فنسي الوصيّ ) بابا منها ، قال الشيخ : يصرف في وجوه البرّ (٢) وقال في جواب الحائريات (٣) : إذا نسي الوصيّ جميع أبواب الوصيّة عاد ميراثا.

٤٧٩٦. السابع عشر : إذا أوصى له بسيف وعليه حلية ، وهو في جفن ، دخل الجفن والحلية في الوصيّة ، وكذا لو أوصى بسفينة فيها متاع ، دخل المتاع فيها ، وكذا لو أوصى بجراب ، أو صندوق ، أو وعاء مختوم ، دخل ما في الجراب والصندوق والوعاء في الوصيّة ، وذلك مأخوذ من الرواية (٤) وفتوى الأصحاب (٥).

٤٧٩٧. الثامن عشر : لو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته ، لم يصحّ ، واحتمل البطلان في الجميع وفي ثلثي المال.

__________________

(١) في «أ» : ونسي الوصيّ.

(٢) النهاية : ٦١٣.

(٣) المسائل الحائريات في ضمن الرسائل العشر : ٢٩٧. هذا نصّه : إذا نسي جميع أبواب الوصيّة ، ولم يكن هناك ما يرجع إليه فيتذكره ، بطلت وصيّته.

(٤) لاحظ الوسائل : ١٣ / ٤٥١ ـ ٤٥٢ ، الباب ٥٧ و ٥٨ و ٥٩ من كتاب الوصايا.

(٥) في «أ» : وقبول الأصحاب.

٣٦١

الفصل الخامس : في الموصى له

وفيه ثلاث وثلاثون بحثا :

٤٧٩٨. الأوّل : يشترط في الموصى له كونه ممّن يتصور له الملك ، فلا تصحّ الوصيّة للمعدوم ، وإن علّقها بوجوده ، ولا للميّت ، ولا لما تحمله المرأة ، أو لمن يوجد من أولاد فلان ، ولو أوصى لمن يظنّ وجوده ، فبان ميّتا ، لم تصحّ.

٤٧٩٩. الثاني : كما تصحّ الوصيّة للأجنبيّ فكذا تصحّ للوارث عندنا إجماعا ، سواء أجاز الورثة أو لم يجيزوا ، ويخرج من الثلث كغيرها من الوصايا.

ولو أسقط عن وارثه دينا ، أو أوصى بقضاء دينه ، أو أسقطت المرأة صداقها عن زوجها ، أو عفا عن جناية يوجب المال ، فهو كالوصيّة.

ولو عفا عن القصاص سقط إلى غير بدل ، وكذا عن حدّ القذف.

ولو أوصى لغريم وارثه صحّت الوصيّة ، وكذا إن وهب له ، أو أوصى لولد وارثه ، وإن قصد نفع الوارث.

ولو أوصى لكل وارث بشي‌ء من ماله معيّن ، كجارية قيمتها ضعف قيمة العبد ، ولا تركة غيرهما ، فأوصى لابنه بها ، ولابنته بالعبد ، وقف على إجازة فيما زاد على الثلث.

ولو أوصى لوارثه وأجنبيّ بثلثه ، صحّ ، سواء أجاز الورثة أو لا ، وكذا لو

٣٦٢

أوصى بشيئين لهما قيمتهما الثلث ، ولو أوصى لهما بما زاد على الثلث ، بطلت في الزائد ، فإن رتّب ، دخل النقص على الأخير ، سواء كان أجنبيّا أو وارثا ، وإن شرك دخل النقص عليهما بالسوية ، ولا يختص به الوارث ، ولو أجازوا وصية احدهما وأبطلوا وصيّة الآخر ، صحّ فيما زاد على الثلث ، ولو رتّب الوصيّة بالثلثين فأجازوا الثانية بشرط إبطال الأولى لم تصحّ الإجازة ، وصحّت الأولى خاصّة ، ولو أوصى بالثلثين على الشريك ، فأجازوا وصيّة الوارث ونصف وصيّة الأجنبيّ ، صحّ وكذا بالعكس ، ولو أجازوا وصيّة أحدهما خاصّة ، ففي التشريك بينهما في الثلث نظر.

٤٨٠٠. الثالث : إذا أوصى لوارثه بما يزيد على الثلث ، وأجاز بعض الورثة دون بعض ، صحّت من الأصل بالنسبة إلى المجيز ومن الثلث بالنسبة إلى غيره ، فلو خلّف عبدا لا غير وثلاثة أولاد ، فأوصى به لأحدهم ، فأجاز واحد ، فله الثلث بالوصية ، ونصيب المجيز ، وهو ثلث الباقي ، ونصيبه بالميراث ، ويخلف اثنان من تسعة لغير المجيز ، ولو أجاز له نصف العبد ، فله النصف خاصّة والباقي ميراث بينهم.

ولو أوصى به لاثنين ، كان للثالث أن يجيز لهما أو يردّ عليهما ، أو يجيز لهما بعض وصيتهما إن شاء متساويا ومتفاضلا ، أو يرد على أحدهما ويجيز للآخر.

٤٨٠١. الرابع : لو قال : أوصيت لفلان بثلثي ، فإن مات قبلي ، فهو لفلان ، صحّ ، وكذا [لو قال :] أوصيت به لفلان ، فإن قدم فلان الغائب ، فهو له ، صحّ ، فإن قدم الغائب قبل موت الموصي ، بطلت وصيّة الأوّل ، سواء عاد إلى الغيبة أو لا ، وإن

٣٦٣

مات الموصي قبل قدومه ، فهو للحاضر ، سواء قدم بعد ذلك أو لا ، ويحتمل ثبوت الوصيّة لغائب مع قدومه بعد الموت أيضا.

ولو قال : هذا ثلثي لفلان ، ويعطى زيد منه كلّ سنة مائة ، صحّت الوصية ، ويعطى زيد منه كلّ سنة مائة ، فإن فضل شي‌ء أعطي صاحب الثلث.

٤٨٠٢. الخامس : ينبغي أن يوصي لأقاربه الّذين لا يرثون مع فقرهم إجماعا ، ولو أوصى لغيرهم ، وتركهم صحّت وصيّته لمن أوصى له.

٤٨٠٣. السادس : إذا ملك المريض من يعتق عليه بغير عوض عتق وورث ، سواء حمله الثلث أو لا ، ولا يسعى في باقي الثلث ، وكذا لو ملكه بعوض ، فلو وهب له ابنه وقيمته مائة ، وخلّف ابنا ومائتين ، أخذ نصف التركة ، ولو ملك من ورثته من لا يعتق عليه فأعتقه في مرضه ، كان وصيّة إن خرج من الثلث عتق وإلّا فبقدره ، والأقرب أنّه يرث بقدر الحريّة أمّا لو أوصى بالعتق ، فإنّه لا يرث.

ولو وهب لإنسان أبوه ، أو أوصى له به ، استحبّ له قبوله ولم يجب.

٤٨٠٤. السابع : لو أوصى لوارث ثمّ صار غير وارث قبل الوفاة ، صحّت الوصيّة إجماعا ، وكذا بالعكس عندنا ، كما لو أوصى لإخوته ثم صار له ولدا ، وكذا لو أوصى لأجنبية ثم تزوجها.

٤٨٠٥. الثامن : لا تصحّ الوصيّة للميت سواء علم أنّه ميّت أو لا ، وليس لورثة الميت شي‌ء منها ، فلو أوصى بثلثه لحيّ وميت كان للحيّ السدس ، سواء علم موت الميت أو جهله ، وليس للحيّ كمال الوصيّة ، وكذا لو قال : هو بينهما ، وكذا غير الميت ممّن لا يصحّ تملّكه (١) كالحائط وشبهه ، ولو أوصى لحيّين فرد أحدهما ، كان للآخر النصف إجماعا.

__________________

(١) في «أ» : ملكه.

٣٦٤

٤٨٠٦. التاسع : تصحّ الوصيّة للحمل إجماعا ، فإن انفصل ميّتا ، بطلت الوصيّة ، ورجع المال ميراثا لورثة الموصي ، سواء مات لعارض من ضرب ، أو شرب دواء ، أو لغير عارض ، وإن وضعته حيّا صحّت الوصيّة له إذا حكم بوجوده حال الوصيّة ، وذلك بأن يأتي لدون ستّة أشهر منذ الوصيّة ، وإن أتت به لعشرة أشهر من حين الوصيّة ، لم تصحّ ، ولو جاء لما بينهما ، وكانت خالية من زوج أو مولى ، صحّت الوصيّة ، وإلّا فلا ، لاحتمال توهم الحمل في حال الوصيّة وتجدّده بعدها.

ولو أوصى لحمل امرأة من زوجها أو سيّدها ، صحّت الوصيّة له ، ولو كان منفيّا باللعان أو الإنكار لم تصحّ الوصيّة له ، لعدم نسبه المشروط في الوصيّة ، ولو كانت فراشا إلّا أنّ الزوج لا يطأها لغيبوبته في بلد لا يمكن وصوله إليها في زمان الحمل ، أو كان أسيرا أو محبوسا ، لم تصحّ الوصيّة ، ولو أوصى لما تحمل هذه المرأة لم تصحّ ، بخلاف الوصيّة به.

٤٨٠٧. العاشر : إذا أوصى لحمل امرأة تولّدت ذكرا وأنثى ، تساويا فيها ، ولو فاضل بينهما جاز ، ولو قال : إن كان في بطنها ذكر فله ديناران ، وإن كانت فيها جارية فلها دينار ، فولدتهما معا ، كان لكل منهما ما وصّى له به ، ولو قصر الثلث ، فالأقرب دخول النقص على الأخير ، ولو ولدت أحدهما خاصّة فله وصيّته ، ولو كانا ذكرين ، احتمل التوزيع وتخيّر الورثة في التعيين واتفاقه حتّى يصطلحا بعد البلوغ.

ولو قال : إن كان حملها ، أو كان ما في بطنها ، أو الّذي في بطنها ، أو جميع ما في بطنها ، ذكرا فله ديناران ، وإن كان أنثى فدينار ، فولدت أحدهما منفردا ، فله وصيّته وإن ولدتهما ، فلا شي‌ء لهما.

٣٦٥

٤٨٠٨. الحادي عشر : تصحّ الوصيّة لذمّي وإن كان أجنبيّا ، ومنع بعض علمائنا من الأجنبي (١) وبعضهم من القريب أيضا (٢) أمّا الحربي فالأقرب أنّه لا تصحّ الوصيّة له ، وتصحّ وصيّة الذمّي لمثله وللمسلم ، وإنّما تصحّ وصيّة المسلم للذمّي وبالعكس فيما تصحّ به وصيّة المسلم للمسلم.

والمرتدّ إن كان عن فطرة لم تصحّ الوصيّة له ، لأنّه ليس أهلا للملك ، وإن كان عن غير فطرة فقولان.

ولو أوصى لكافر بمصحف أو عبد مسلم ، فالأقرب البطلان ، ولو أوصى له بعبد كافر فأسلم قبل موت الموصي ، بطلت الوصيّة ، وكذا بعده قبل القبول ، ولو كان بعد الوفاة والقبول ، صحّت وبيع عليه من مسلم.

٤٨٠٩. الثاني عشر : لو أوصى المسلم لأهل قريته ، أو قرابته بعام يدخل فيه المسلم والكافر ، تناولت الوصيّة المسلمين (٣) خاصّة ، ولو صرّح بهم دخلوا على أحد القولين ، وكذا لو كان أهل القرية كلّهم كفارا ، ولو كان فيهم مسلم واحد فالأقرب دخول الكفّار إن سوّغنا الوصيّة لهم ، ولو كان أكثرهم كفّارا يخصّص بها المسلمون ، وكذا البحث في ألفاظ العموم كإخوته وأعمامه واليتامى والفقراء.

ولو أوصى الكافر تناولت الوصيّة أهل دينه ، ويدخل في وصيّته المسلمون إن وجدت القرينة ، وإلّا فإشكال ، ولو كان في القرية كافر من غير دين أهل الموصي ، لم يدخل في وصيّته على إشكال.

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في المبسوط : ٤ / ٤.

(٢) وهو خيرة القاضي ابن البراج في المهذب : ٢ / ١٠٦.

(٣) في «ب» : للمسلمين.

٣٦٦

٤٨١٠. الثالث عشر : لا تصحّ الوصيّة لعبد غيره ولا مكاتبه المشروط أو الّذي لم يؤدّ من كتابته (١) شيئا ولا مدبّره ولا لأمّ ولده ، سواء أجاز مولاه أو لم يجز ، ولا لعبد واراه وإن أجاز الورثة ، وسواء كان قليلا أو كثيرا ، وتصحّ الوصيّة لعبده ومدبّره ومكاتبه وأمّ ولده ، وإن أوصى لأحد هؤلاء بجزء مشاع ، كثلث تركته أو ربعها ، صحّت الوصيّة ، واعتبر القدر الموصى به بعد خروجه من الثلث ، فإن كان بقدر قيمته أعتق وكان الموصى به للورثة ، وإن قصرت قيمته أعتق وأعطي الفاضل ، وإن كانت أكثر ، أعتق منه بقدر الوصيّة ويستسعى للورثة فيما بقى ، قال الشيخ : لو بلغت قيمته ضعف الوصيّة بطلت. (٢) وليس بمعتمد.

ولو أوصى له بمعيّن من ماله ، كثوب ، أو دار ، أو مائة درهم ، صحّت الوصيّة أيضا ، وكان الحكم ما تقدم من اعتباره مع القيمة.

وإذا أوصى له برقبته ، احتمل الصحة ، ويعتق من الثلث ، كالتدبير ، والبطلان لأنّه لا يملك رقبته.

٤٨١١. الرابع عشر : إذا أوصى بعتق عبده ، وعليه دين ، قال الشيخ : إن كانت قيمة العبد ضعف الدين أعتق العبد ويستسعى في خمسة أسداس قيمته : ثلاثة للديّان ، وسهمان للورثة ، وإن كانت قيمته أقل من الضعف بطلت الوصيّة (٣).

__________________

(١) في «أ» : من مكاتبة.

(٢) النهاية : ٦١٠.

(٣) النهاية : ٦١٠. قال المفيد في المقنعة : ٦٧٦ : إذا كان على الإنسان دين ولم يخلف إلّا عبدا أو عبيدا ، فأعتقهم عند الموت ، نظر في قيمة العبد أو العبيد وما عليه من الدين ، فإن كان اكثر من قيمة العبيد بطل العتق وبيع العبيد وتحاصّ الغرماء بثمنهم ... فإن كانت قيمة العبيد ضعف الدين كان للغرماء النصف منهم ، وللورثة الثلث ، وعتق منهم السدس ، كنّ لصاحبهم الثلث من تركته يصنع به ما يشاء ، فوصيته نافذة في ثلث ما يملكه وهو السدس ، بهذا جاء الأثر عن آل محمد عليهم‌السلام.

٣٦٧

والوجه تقديم الدين على الوصيّة ، فإن فضل بعده شي‌ء عتق من الثلث ، وكان الباقي للورثة.

ولو أوصى بعتق أمته على أن لا تتزوّج ، فامتنعت من التزويج بعد الوفاة ، عتقت ، وإن تزوجت بعد العتق لم تعد في الرق.

ولو أوصى لأمّ ولده بألف على أن لا تتزوّج ، ففعلت وأخذت الألف ، ثمّ تزوّجت ، احتمل بطلان الوصيّة ، لفوات الشرط ، بخلاف العتق الّذي لا يمكن رفعه ، (١) وعدمه ، لصحّة الوصيّة أوّلا ، فلا تبطل بالمتجدد كالأولى.

٤٨١٢. الخامس عشر : إذا أوصى لمكاتب غيره المطلق ، وقد أدّى من كتابته شيئا ، كان له من الوصيّة بقدر ما عتق منه ، وبطلت بقدر الرقيّة.

ولو أوصى لأمّ ولده ، صحّت الوصيّة من الثلث ، وهل تعتق من الوصيّة أو من نصيب الولد؟ قيل : بالأوّل (٢) لترتب الميراث على الوصيّة ، وقيل : بالثاني فتعتق من النصيب وتأخذ ما أوصى لها به (٣) والأقرب الأوّل.

٤٨١٣. السادس عشر : تصحّ الوصيّة للقاتل ، سواء كان عمدا أو خطأ ، وسواء وصّى له بعد جرحه أو قبله ، وكذا لو دبّر عبده بعد جرحه إيّاه ، فإنّه يصحّ تدبيره ، أو دبّر عبده ثم قتل سيّده.

٤٨١٤. السابع عشر : لو أوصى للدابة لم تصحّ ، ولا يكون لمالكها شي‌ء من الوصيّة ، ولا فرق بين دابته وبين دابة غيره ، ولا بين أن يطلق أو يقصد

__________________

(١) في «أ» : دفعه.

(٢) اختاره الحلّي في السرائر : ٣ / ٢٠٠.

(٣) وهو خيرة الشيخ الطوسي قدس سرّه في النهاية : ٦١١.

٣٦٨

التمليك ، ولو فسر بالتصرف في علفها ، صحّ ، ويفتقر في ذلك إلى قبول المالك ، ومع القبول يصرف إلى ما عيّنه الموصي ، وهل للمالك التصرف فيه بغيره؟ فيه نظر ، وكذا لو أوصى للعبد على هذا الوجه ، وعندي في ذلك كلّه نظر.

٤٨١٥. الثامن عشر : إذا أوصى لكل وارث بقدر حصته ، فهو لغو ، وإن خصص كل واحد بعين هي قدر حصته ، افتقر إلى الإجازة ، ولو أوصى بأن يباع عين ماله من إنسان ، افتقر فيما زاد على الثلث إلى الإجازة ، ولو باع في مرض الموت عين ماله بثمن المثل نفذ.

٤٨١٦. التاسع عشر : هل يشترط في الموصى له التعيين؟ فيه نظر ، ولو أوصى لأحدهما بشي‌ء ، ومات قبل التعيين ، وقلنا بالاشتراط ، بطل ، وإلّا احتمل التوزيع وتخيير الورثة في التعيين ، واتفاقه حتّى يصطلحا.

٤٨١٧. العشرون : لو أوصى أن يشترى عبد زيد بخمسمائة فيعتق ، فتعذر شراؤه ، إما لامتناع سيّده من بيعه بالمعيّن ، أو لموته ، أو لعجز الثلث من الثمن ، فالثمن للورثة ولا يلزمهم شراء غيره ، فلو اشتروه بأقل ، فالوجه صرف الباقي إلى العبد لا إلى الورثة ، ولا إلى السيّد ، على إشكال ، ولا في العتق ، ولو وجد منه ما يدلّ على صرف الفاضل إلى السيّد صريحا أو تعريضا ، صرف إلى السيّد قطعا.

ولو أوصى أن يشترى عبد بألف فيعتق عنه ، فقصر الثلث عنه ، فالأقرب أنّه يشترى عبد بما يخرج من الثلث ، ولا تبطل الوصيّة ، ولو احتمله الثلث ، فاشترى وأعتق ثمّ ظهر دين مستوعب ، بطلت الوصيّة ، وردّ العبد في الرقّ إن كان الشراء بالعين ، وإن كان في الذمّة صحّ العتق عن الموصي ، ويغرم المشتري الثمن ، ولا يرجع به على البائع ، لأنّ التغرير من الموصي ، ولا على الموصي لأنّه

٣٦٩

لا تركة له ، ولو قيل : بأنّه يشارك الغرماء في التركة ، لأنّ الثمن لزمه بتغرير الموصي احتمل.

ولو أوصى بشراء عبد وأطلق ، أو ببيع عبد وأطلق ، بطلت الوصيّة ، ولو أوصى ببيعه بشرط العتق صحّ ، وبيع كذلك ، فإن تعذر مشتر بالشرط ، بطلت الوصيّة ، ولو أوصى ببيعه لشخص معيّن بثمن معلوم ، صحّت الوصيّة ، ولو لم يسم ثمنا بيع بالقيمة ، فان امتنع من شرائه أو تعذر ، بطلت الوصيّة.

٤٨١٨. الواحد والعشرون : إطلاق الوصيّة يقتضي التسوية ، فإذا أوصى لأولاده وهم ذكور وإناث تساووا ، وكذا لإخوته وأخواته وأعمامه وعماته وغيرهم.

ولو أوصى للعمومة دخل العمّات دون العكس ، وكذا الخؤولة والخالات ، ولو أوصى لأخواته ، فهو للإناث خاصّة.

ولو أوصى لإخوته ، دخل فيه الذكر والأنثى.

ولو أوصى لبنيه ، لم تدخل البنات وبالعكس ، ولو أوصى لأعمامه ، وأخواله ، تساووا أيضا ، وقول الشيخ في النهاية يقسم أثلاثا (١) ، مطّرح.

ولو أوصى لبني فلان فهو للذكور إلّا في القبيلة ، فتدخل الإناث والخناثى أيضا عرفا.

ولو قال : لأولاده ، دخل فيه الذكور والإناث والخناثى على السواء إلّا ان يفصل.

__________________

(١) النهاية : ٦١٤.

٣٧٠

ولو أوصى لبنات فلان ، فهو للإناث خاصّة دون الذكور والخناثى.

٤٨١٩. الثاني والعشرون : إذا أوصى لأقاربه ، أو أقارب فلان استوى الذكور والإناث ، وأعطي كل من صدق عليه اسم القريب عرفا ، سواء كان وارثا أو غير وارث ، وهو أحد قولي الشيخ (١) وفي الآخر : يعطى لكلّ من يتقرّب إليه إلى آخر أب وأمّ له في الإسلام (٢) وهو اختيار المفيد (٣) ويسوي (٤) بين القريب والبعيد ، والصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، الغني والفقير ، ويدخل فيه القرابة من قبل الأمّ كالأخوال والإخوة للأمّ ، سواء كان الموصي عربيا أو عجميّا ، ولا يختص بالأقرب فالأقرب ، ولا بذي الرحم المحرم.

ولو أوصى لأقرب الناس إليه أو أقرب قرابته ، أو أقربهم إليه رحما ، اختص بالأقرب ، ومنع الأبعد مع وجوده ، ونزّل على الميراث فيشترك الآباء والأولاد ، فإن فقدوا فالأجداد والإخوة ، فإن فقدوا فالأعمام والأخوال على مراتب الإرث.

ولو أوصى لجماعة من أقرب الناس إليه ، أعطي ثلاثة نفر من الأقرب فما زاد ، ولو لم يوجد من الطبقة الأولى سوى واحد أو اثنين ، ففي تشريك الطبقة الثانية نظر.

٤٨٢٠. الثالث والعشرون : إذا أوصى لأهل بيته ، دخل الأولاد والآباء والأجداد ، وحكمه حكم القرابة ، ولو أوصى لعترته قال الشيخ : كان ذلك في ذريته الذين هم أولاده وأولاد أولاده (٥).

__________________

(١) اختاره في الخلاف : ٤ / ١٥٠ ، المسألة ٢٤ من كتاب الوصايا ؛ والمبسوط : ٤ / ٤٠.

(٢) ذهب إليه في النهاية : ٦١٤.

(٣) المقنعة : ٦٧٥.

(٤) في «أ» : ويستوي.

(٥) الخلاف : ٤ / ١٥٧ ، المسألة ٣٣ من كتاب الوصايا.

٣٧١

ولو أوصى لآله ، فهو لقرابته أيضا ، وكذا العشيرة.

ولوا أوصى لجيرانه كان لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا ، وقيل : (١) إلى أربعين دارا ، ولا يختص بالملاصق (٢).

ولو أوصى لأهل دربه (٣) أو سكّته فهو لأهل محلّته.

٤٨٢١. الرابع والعشرون : إذا أوصى لمواليه وله موال من فوق ، فهو لهم ، وإن كانوا من أسفل فكذلك ، ولو اجتمعوا قيل : اشتركوا ، والأقرب البطلان ، ولا شي‌ء لابن العمّ ، ولا الناصر ، ولا

الحليف ، ولا الجار ، ولا يستحق موالي أبيه شيئا ، سواء كان له مولى أو لم يكن على إشكال في العدم ، وهل يدخل في الوصيّة لمواليه مدبّره وأمّ ولده؟ الأقرب دخول المدبّر دون أمّ الولد.

٤٨٢٢. الخامس والعشرون : إذا أوصى لمستحقّي (٤) الزكاة ، كان للأصناف الثمانية المذكورة في القرآن ، (٥) وينبغي أن يجعل لكل صنف ثمن الوصيّة ، والأقرب الوجوب في ذلك ، ويجوز الاقتصار من كلّ صنف على واحد ، ولا يجب إعطاء ثلاثة من كلّ صنف ولا اثنين ، والأقرب أنّه لا يجب الاقتصار به على أهل بلده.

ولو أوصى للفقراء دخل المساكين وبالعكس ، ويستحبّ تعميم من أمكن

__________________

(١) القائل أحمد بن حنبل والشافعي والأوزاعي ، لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٥٥٦.

(٢) هذا ناظر إلى ردّ ما قاله أبو حنيفة حيث خصّ الجار بالملاصق. لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٥٥٦.

(٣) في مجمع البحرين : الدّرب معروف وأصله المدخل بين جبلين.

(٤) في «أ» : لمستحقّ.

(٥) التوبة : ٦٠.

٣٧٢

منهم ، والدفع إليهم على قدر الحاجة ، ولا يملك أحدهم شيئا إلّا بالإقباض.

ولو أوصى بعبده للفقراء وكان أب العبد فقيرا لم يعتق عليه منه شي‌ء.

ولو أوصى في سبيل الله صرف في كلّ ما يتقرب به إلى الله تعالى ، كمعونة المجاهدين ، والحاج ، والزوّار ، وبناء المساجد والقناطر ، وتكفين الموتى وغير ذلك من القربات ، هذا أجود قولي الشيخ (١) ولا يختص بالحجّ ولا المجاهدين خلافا للشيخ (٢).

ولو أوصى المسلم للفقراء ، انصرف إلى فقراء المسلمين ، وكذا الكافر إذا أوصى للفقراء ، انصرف إلى فقراء ملّته.

٤٨٢٣. السادس والعشرون : إذا أوصى بثلثه لزيد والفقراء ، كان لزيد النصف ، وقيل : الربع ، والأقرب الأوّل ، ولو كان زيد فقيرا لم يدفع إليه من سهم الفقراء شي‌ء ، ولو ضم إلى زيد قوما منحصرين ، كإخوته ، احتمل أن يكون كالأوّل ، وأن يكون زيد كأحدهم.

٤٨٢٤. السابع والعشرون : إذا أوصى بشراء رقاب وعتقهم ، لم يجز صرفه إلى المكاتبين ، فإن اتسع الثلث لثلاثة ، لم يجز الاقتصار على الأقلّ ، ولو أمكن أن يشترى به أزيد من ثلاثة ، كان أولى من شراء ثلاثة غالية ، ولو أوصى بثلث ماله في الرقاب صرف إلى المكاتبين والعبيد يشترون ويعتقون ، ولا يختص بالمكاتبين ولا بالعبيد.

__________________

(١) اختاره في النهاية : ٦١٣.

(٢) قال في الخلاف : ٤ / ١٤٨ : إذا أوصى بثلث ماله في سبيل الله فسبيل الله هم الغزاة المطوعة دون المترصدين للقتال. (المسألة ٢٠ من كتاب الوصايا).

٣٧٣

ولو أوصى أن يشترى بثلث ماله عبيد ويعتقوا اشتري ثلاثة ، فإن وجد اثنان وبعض الثالث خاصّة ، قال الشيخ : يشترى اثنان ويعتقان ويعطيان الفاضل (١) ولو قيل : بشراء بعض الثالث ، كان وجها.

٤٨٢٥. الثامن والعشرون : إذا قال : اعطوا فلانا كذا ، ولم يبيّن ما يعمل به فلان ، صرف إليه يعمل به ما شاء.

٤٨٢٦. التاسع والعشرون : إذا أوصى بثلثه في البر ، صرف في كلّ ما يتقرب به إلى الله تعالى ، كإصلاح طريق ، وفك أسير ، وإعتاق رقبة ، ولا تجب قسمته أثلاثا في الغزو وصدقة القرابة والحج.

ولو قال : ضع ثلثي حيث يريد الله ، جاز صرفه أيضا في كل قربة ، ولا يختص بالفقراء والمساكين.

ولو أوصى بفرس في سبيل الله وألف درهم ينفق عليه ، فمات الفرس ، فالأقرب عود الألف إلى الورثة ، وإن أنفق البعض ثم ماتت ، عاد الباقي إلى الورثة.

٤٨٢٧. الثلاثون : إذا قال : يخدم عبدي فلانا سنة ثم هو حرّ ، صحّت الوصيّة بالخدمة والحرية ، فإن قال الموصى له بالخدمة : لا أقبل ، أو قد وهبت الخدمة له ، فالأقرب أنّه لا يقع العتق في الحال بل بعد السنة.

٤٨٢٨. الواحد والثلاثون : إذا مات الموصى له قبل الموصي ، فإن رجع الموصي ، بطلت الوصية إجماعا ، وإن مات ولم يرجع ، قيل : بطلت أيضا ، وقيل : يكون الموصى به لورثة الموصى له ، فإن لم يخلّف أحدا كان لورثة الموصي (٢) وهو الأقوى.

__________________

(١) الخلاف : ٤ / ١٤٥ ، المسألة ١٦ ، من كتاب الوصايا.

(٢) ذهب إليه الشيخ المفيد قدس‌سره في المقنعة : ٦٧٧ ، ولاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف : ٦ / ٣٦٤.

٣٧٤

٤٨٢٩. الثاني والثلاثون : إذا أوصى لواحد بنصف ماله ، وللآخر بالثلث ، ولآخر بالربع ، ولم يجز الورثة ، أعطي الأوّل الثلث ، وسقط الآخران ، ولو نسي المبدأ به ، استعمل القرعة ، فإن فضل كان لمن يليه بالقرعة.

ولو أوصى لرجل بجميع ماله ، ولآخر بالثلث ، وأجازت الورثة ، أخذ الأوّل الجميع ، وسقط الآخر ، وان بدأ بصاحب الثلث ، وأجازوا ، أخذ الثلث ، والثلثان لصاحب الكل ، ولو اشتبها أقرع ، وإن لم يجز الورثة فإن بدأ بصاحب الثلث ، سقط صاحب الكل ، وان بدأ بصاحب الكل ، أخذ الثلث ، وسقط صاحب الثلث ، ولو اشتبه أقرع.

٤٨٣٠. الثالث والثلاثون : إذا أوصى للقراء ، كان لمن يحفظ جميع القرآن ، فإن لم يحفظ عن ظهر القلب ، فالأقرب الحرمان.

ولو أوصى للعلماء أعطي العالم بعلوم الشرع ، فيدخل فيه الفقه ، والتفسير ، والحديث ، ولا يدخل فيه سامع الحديث فقط إذا لم تكن له معرفة بالطريق.

ولو أوصى لقبيلة عظيمة ، كالعلويّين ، والهاشميّين ، صحّ وأعطي الموجود في بلد الوصيّة ، ولا يجب الاستيعاب ، ولا التسوية ، ويدخل الذكر والأنثى إن كان اللفظ يشملهما (١) كالأولاد ، والذرية ، والعالمين ، وإلّا اختص بالذكور إن لم يتناول الإناث ، كالبنين ، والذكور ، والرجال ، والغلمان ، أو بالإناث إن لم يتناول الذكور ، كالنساء ، والبنات ، والمسلمات ، وإن وضع للذكور أمكن دخول الإناث مع الاجتماع ، كالمسلمين ، والعلويّين ، فالأقرب دخول الإناث على إشكال.

والأرامل النساء اللاتي فارقن أزواجهنّ بموت أو غيره.

__________________

(١) في «أ» : يشتملهما.

٣٧٥

والأيامى جمع أيّم ، وهي المرأة الخالية من البعل ، والعزاب الذين لا أزواج لهم ، وهو مشترك بين الذكور والإناث ، وكذا يشترك بينهما الثيب والبكر ، وأقل ما يجب في كلّ جنس ثلاثة.

أمّا لو أوصى لثلاثة معيّنين ، فإنّه يجب التسوية بينهم.

ولو أوصى لزيد ولجبرئيل عليه‌السلام صحّ لزيد النصف ، وبطل في حق جبرئيل عليه‌السلام ، وكذا لو قال : لزيد وللريح ، ولو قال : لزيد ولله تعالى ، احتمل أن يكون النصف لزيد والباقي لغو ، وأن يكون الباقي للفقراء.

ولو أوصى بثلث ماله لمفاداة أسارى المشركين من أيدي المسلمين ، صحّ كما يصحّ العكس.

ولو أوصى لأعقل الناس ، قال الشافعي : يصرف إلى الأزهد (١).

الفصل السادس : في الأوصياء

وفيه ثلاثة وعشرون بحثا :

٤٨٣١. الأوّل : يشترط في الوصيّ العقل ، فلا تصحّ الوصيّة إلى المجنون ولا السفيه ، ولو طرأ الجنون على الوصيّ بطلت وصيّته ، ولو كان الجنون يعتوره أدوارا ، ففي صحّة الوصيّة إليه نظر.

__________________

(١) لاحظ التهذيب في فقه الشافعي للبغوي : ٥ / ٨٠.

٣٧٦

٤٨٣٢. الثاني : يشترط في الوصيّ المنفرد البلوغ ، فلا تصحّ الوصيّة إلى الطفل المنفرد ، سواء كان عاقلا أو لا ، ويجوز أن يوصي إليه منضمّا إلى البالغ العاقل.

٤٨٣٣. الثالث : يشترط في وصيّ المسلم الإسلام ، فلا تصحّ وصيّة المسلم إلى الكافر ، سواء كان حربيا أو ذمّيا ، وسواء كان ذا رحم ، أو أجنبيّا ، ولو أوصى إليه مثله صحّ ، ولا تشترط عدالته في دينه ، وتصحّ وصيّة الكافر إلى المسلم إلّا أن تكون التركة خمرا أو خنزيرا.

٤٨٣٤. الرابع : اختيار الشيخ (١) أن العدالة شرط فلا تصحّ الوصيّة إلى الفاسق وإن كان مؤمنا ، ومنعه ابن إدريس (٢) وعندي فيه نظر.

ولو أوصى إلى عدل ففسق بعد موت الموصي ، عزله الحاكم واستناب غيره.

٤٨٣٥. الخامس : تصحّ الوصيّة إلى المملوك إن أذن له مولاه ، وإلّا فلا ، وكذا المدبّر ، والمكاتب ، والمعتق بعضه ، وأمّ الولد ، ولو أوصى إلى عبد نفسه ، أو مدبّره أو مكاتبه ، أو أمّ ولده ، قال الشيخ : لا تصحّ وإن لم يكن في الورثة رشيد (٣) وجوّز المفيد رحمه‌الله الوصيّة إلى المدبّر والمكاتب (٤).

٤٨٣٦. السادس : هذه الصفات المعتبرة في الوصيّ ، قيل : يشترط تحقّقها حالة الوصيّة ، وقيل : حين الوفاة والوصيّة ، وقيل : في المدة بأجمعها ، وقوّى الشيخ (٥) وابن إدريس (٦) الأوسط ، فلو أوصى إلى صبيّ ، أو عبد ، أو

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٥١.

(٢) السرائر : ٣ / ١٨٩.

(٣) المبسوط : ٤ / ٥١.

(٤) المقنعة : ٦٦٨.

(٥) المبسوط : ٤ / ٥٢.

(٦) السرائر : ٣ / ١٨٩.

٣٧٧

مجنون ، ثم مات بعد زوال الأوصاف ، صحّ عند من يعتبر الشروط حال الوفاة.

ولو أوصى إلى عاقل فجنّ ثم مات بعد زوال جنونه ، صحّ على القولين الأوّلين دون الأخير ، ولو جنّ أو فسق بعد الموت ، بطلت وصيّته ، فإن عاد عقله أو تاب لم تعد وصيّته.

٤٨٣٧. السابع : تصحّ الوصيّة إلى المرأة ، والأعمى ، مع وجود الشرائط ، وإلى العدل العاجز ، ويضم الحاكم إليه أمينا يعينه ، ويكون الأوّل هو الوصيّ دون المعين ، وكذا لو أوصى إلى عدل فتجدد العجز ، فإنّ الحاكم يضم إليه ثقة ، وليس للحاكم نزع يد العدل في الموضعين.

٤٨٣٨. الثامن : يجوز أن يوصي إلى اثنين فما زاد ، فإن شرط الاجتماع أو أطلق ، لم يكن لأحدهما الانفراد عن صاحبه بشي‌ء من التصرف ، ولو تشاحّا لم ينفذ تصرف أحدهما منفردا ، إلّا ما يحتاج إليه من الكسوة وشبهها ، ويجبرهما الحاكم على الاجتماع ، فإن تعذر استبدل بهما ، وليس لهما المقاسمة للمال ، ولو تغيّرت حال أحدهما بموت أو فسق ، لم يتصرف الآخر بانفراده ، ويضم الحاكم معه أمينا ، وهل يجوز للحاكم جعل الولاية له بأجمعها؟ فيه وجهان ، ولو عجز ، ضم الحاكم إليه من يعينه على التصرف ، ولو تغيّرت حالهما معا بفسق ، أو موت ، أو جنون ، أقام الحاكم عوضهما اثنين ، وهل له أن يقيم واحدا؟ فيه وجهان.

ولو سوّغ لهما التصرف منفردين ، جاز لكلّ منهما أن يتصرف في جميع المال ، وينفذ تصرفه ، وإن لم يداخله الآخر ، ولو اقتسما المال ، وتصرف كل منهما في بعضه جاز.

٣٧٨

ولو تغيرت حال أحدهما بعجز ، ضم الحاكم معه أمينا ، ولو كان بفسق ، أو موت ، كانت الولاية بأجمعها للثاني ، ولا يضمن إليه الحاكم غيره.

٤٨٣٩. التاسع : يجوز أن يوصي إلى واحد في شي‌ء بعينه ، وإلى آخر في غيره ، ولا يشارك أحدهما الآخر ، وإذا أوصى إليه في شي‌ء لم يصر وصيّا في غيره.

ولو قال : قد أوصيت إلى زيد ، فإن مات ، فقد أوصيت إلى عمرو ، صحّ ، ويكون كلّ منهما وصيّا ، إلّا أنّ وصيّة عمرو (١) موقوفة على موت زيد ، وكذا لو قال : أوصيت إلى زيد ، فإن كبر ابني ، أو تاب من فسقه ، أو اشتغل بالعلم ، فهو وصيّي ، صحّ.

ولو أوصى إلى زيد ، ثمّ أوصى إلى عمرو ، وقبلا معا ، كانا شريكين ، ولم ينفرد أحدهما بالتصرف ، ولو قبل أحدهما دون الآخر ، انفرد بالتصرف ، ولو أوصى إلى زيد ، ثم قال : ضممت عمرا إليك ، فقبل عمرو دون زيد ، لم يكن لعمرو الانفراد إلّا أن يضم الحاكم إليه أمينا.

٤٨٤٠. العاشر : إذا أوصى إلى اثنين أحدهما صغير ، تصرف الكبير إلى حين بلوغه ، وليس للصغير التصرف قبل البلوغ ، ولا نقض شي‌ء ممّا فعله الكبير قبل البلوغ بعده ، إذا لم يخالف المشروع ، ولا للكبير التصرف منفردا بعد البلوغ ، ولو مات الصبيّ أو بلغ فاسد العقل ، انفرد الكبير بالوصيّة ، ولم يداخله الحاكم.

٤٨٤١. الحادي عشر : إذا أوصى إلى غيره ، لم يجب على الغير القبول ، وله

__________________

(١) في «أ» : وصيّته.

٣٧٩

الردّ في حياة الموصي وبعده ، وقيل (١) : لم يكن له الردّ بعد موت الموصي ، ويجوز في حياته بشرط أن يعلم الردّ ، فإن لم يعلم حتّى مات ، لم يصحّ الردّ ووجب على الوصيّ القيام بها ، فإن امتنع أجبره الحاكم على ذلك.

ولا يشترط في القبول وقوعه في حياة الموصي ، فلو أوصى إلى غيره ، ولم يقبل حتّى مات ، صحّ القبول ، ولزمته الوصية.

٤٨٤٢. الثاني عشر : إذا أوصى إلى الثقة ، فظهرت (فيه) ) الخيانة بعد الموت ، عزله الحاكم وأقام غيره ، ولو عاد أمينا ، لم تعد ولايته ولو ظهر منه عجز ضم إليه الحاكم من يساعده ولا يجوز له إخراج يده عن الوصيّة.

ولو أوصى إلى الخائن ، فالأقرب ، البطلان ، وكان بمنزلة من لا وصي له ، ولو قيل بالجواز وضمّ أمين إليه ، إن أمكن الحفظ وإلّا فلا ، كان وجها.

٤٨٤٣. الثالث عشر : الوصيّة إن كانت بالمال بأن جعل له التصرف بعد موته فيما كان له التصرف من قضاء ديونه واستيفائها ، ورد الودائع وأخذها ، وتفرقة أمواله ، اشترط في الموصي أهليّة التصرف في المال ، وهو العقل ، والبلوغ ، والحرية ، وزوال المانع من الفلس والسفه ، فليس للمجنون ولا السفيه ولا الصبيّ ولا العبد ولا المحجور عليه للفلس ، الوصيّة بالمال إلّا في رواية لنا دالة على جواز وصيّة من بلغ عشرا في المعروف (٣) وتصحّ وصيّة من عدا هؤلاء ذكرا أو

__________________

(١) في «أ» : «ولو قيل» والصحيح ما في المتن. لاحظ المبسوط : ٤ / ٣٧ ؛ والخلاف : ٤ / ١٤٨ ، المسألة ٢١ من كتاب الوصايا (ونقل الشيخ الطوسي قدّس سره أقوال العامّة في المسألة).

(٢) ما بين القوسين يوجد في «ب».

(٣) لاحظ الوسائل : ١٣ / ٤٢٨ ، الباب ٤٤ من كتاب الوصايا ، الحديث ٤ و ٦.

٣٨٠