الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦١٣
عليها عند عقد النكاح أن يأتيها متى شاء كلّ شهر أو جمعة يوما ، ومن النفقة كذا وكذا ، [قال :] فليس ذلك الشرط بشيء (١) وعن ابن سنان عن الصادق عليهالسلام في رجل قال لامرأته : إن نكحت عليك أو تسرّيت فهي طالق ، قال : ليس ذلك بشيء ، انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من اشترط شرطا سوى كتاب الله تعالى فلا يجوز ذلك له ولا عليه. (٢)
٥١٩٨. السابع : إذا تزوّجها على عين ، وشرط لها (٣) الخيار مدّة من الزمان ، فإن كان في أصل العقد ، بطل النكاح ، فإن لم يدخل فلا شيء لها ، وإن دخل ، كان لها مهر المثل ، وإن كان الخيار في المهر ، صحّ العقد والمهر والشرط.
٥١٩٩. الثامن : إذا تزوّجها على عين موصوفة ، صحّ الصداق ، ولزمه تسليمه ، ولا يتخيّر الزّوج بين دفع العين ودفع القيمة.
٥٢٠٠. التاسع : لو سمّى لها تسمية فاسدة ، وجب لها مهر المثل مع الدخول بالغا ما بلغ ما لم يتجاوز السنّة المحمديّة ، وهي خمسمائة درهم ، فإن تجاوز ردّ إليها ، ولا اعتبار بالأقلّ من المسمّى ومهر المثل.
٥٢٠١. العاشر : يردّ المهر بالعيب وإن كان يسيرا ، ولا يشترط العيب الفاحش.
٥٢٠٢. الحادي عشر : لو تزوّج ذمّي بذمّية على أن لا مهر لها ، أو سكت عن ذكره ، وجب لها بالدخول مهر المثل ، وكان لها بالعقد المطالبة بالفرض ، ولو سمّى لها خمرا أو خنزيرا ، ثمّ أسلما قبل التقابض ، لزمه قيمة المسمّى عند مستحلّيه لا العين ولا مهر المثل.
__________________
(١) الوسائل : ١٥ / ٤٨ ، الباب ٣٩ من أبواب المهور ، الحديث ٣.
(٢) الوسائل : ١٥ / ٤٧ ، الباب ٣٨ من أبواب المهور ، الحديث ٢.
(٣) في «ب» : وشرط عليها.
الفصل الرابع : في التفويض
(١) وفيه ثلاثة عشر بحثا :
٥٢٠٣. الأوّل : التفويض تفعيل من فوّض أمره إليه أي أسنده ، والمرأة إذا فوّضت نفسها ، فقد أسندته (٢) إلى الزّوج ، ولم يقدّر (٣) معه مهرا.
وقيل : التفويض الإهمال ، كأنّها أهملت أمر المهر فلم تسمّه (٤).
وهو قسمان : تفويض بضع ، وهو الّذي ينصرف إليه إطلاق التفويض ، بأن يقول : تزوّجتك ، ولا يذكر المهر ، أو تقول هي : زوّجتك على أن لا مهر عليك.
وتفويض مهر ، وهو أن يقول : تزوّجتك على أن تفرضين ما شئت أو ما شئنا أو ما شاء زيد ، أو تقول هي : زوّجتك على أن تفرض ما شئت أو ما شئنا أو ما شاء زيد.
٥٢٠٤. الثاني : ليس ذكر المهر شرطا في العقد ، فلو تزوّجها ولم يذكر مهرا ، أو شرط أن لا مهر ، صحّ العقد ، ولو قالت : زوّجتك على أن لا مهر عليك في الحال ولا في ثانيه ، قال الشيخ : صحّ العقد ، وكانت مفوّضة
__________________
(١) قال المحقق الثاني : التفويض أن يجعل الأمر إلى غيره ويكله إليه ، وتسمّى المرأة مفوّضة ، لتفويضها أمرها إلى الزوج أو الوليّ بلا مهر ، ومفوّضة ، لأن الوليّ فوّض أمرها إلى الزوج. أو لأنّ الأمر في المهر مفوّض إليها بالنسبة إلى نفيه وعدمه. جامع المقاصد : ١٣ / ٤١٤.
(٢) أي الأمر.
(٣) أي الزوج.
(٤) لاحظ المغني لابن قدامة : ٨ / ٤٦.
ويلغو الشرط (١) وعندي فيه نظر ، وكذا الإشكال عندي في كلّ شرط فاسد مقرون بالعقد.
٥٢٠٥. الثالث : إنّما يصحّ التفويض للبضع ، في حقّ البالغة الرشيدة إذا أذنت فيه ، أمّا الصغيرة والسفيهة فلا يتحقّق فيهما التفويض ، فلو زوّجهما الوليّ مفوّضتين ، كان لهما مهر المثل مع الدخول على إشكال ينشأ من استناد أمرهما إلى الوليّ مع المصلحة ، وكذا لو زوّجهما الوليّ بدون مهر المثل ، هل يثبت المسمّى مع المصلحة أو مهر المثل؟ إشكال.
٥٢٠٦. الرابع : يجوز للسيّد أن يزوّج جاريته مفوّضة ، لأن المهر له ، سواء كانت صغيرة أو كبيرة ، وكذا المدبّرة وأمّ الولد ، أمّا المكاتبة فلا إلّا بإذنها.
وإذا زوّج الجارية مفوّضة ، ثمّ باعها ، كان فرض المهر (٢) بين الزوج والمولى الثاني إن أجاز النكاح ، ويكون المهر له دون الأوّل ، ولو أعتقها الأوّل قبل الدخول ، فرضيت بالعقد ، كان لها المهر خاصّة.
٥٢٠٧. الخامس : كل موضع حكمنا بأنّها مفوّضة لم يجب لها بالعقد مهر ولا المطالبة بالمهر ، وإنّما لها المطالبة بفرض المهر ، ويجب المهر لها بالفرض منهما إن اتّفقا ، أو فرض الحاكم إن اختلفا فترافعا إليه.
٥٢٠٨. السادس : مفوّضة البضع إذا طلقها قبل الدخول وقبل الفرض ، كان لها عليه المتعة واجبا ، حرّة كانت أو مملوكة ، ولا مهر ، وإن طلّقها بعد الفرض قبل الدخول وجب لها نصف المفروض ، لا المتعة ، وإن دخل بها قبل الفرض ،
__________________
(١) المبسوط : ٤ / ٢٩٤.
(٢) في «ب» : قبض المهر.
وجب لها مهر المثل ، ولا متعة ، سواء طلّقها أو لا ، وإن مات أحدهما ، فإن كان بعد الفرض ، ثبت ما فرضناه أجمع ، وإن كان قبله توارثا ولا مهر لها ، ولا متعة ، سواء كان الميّت الرجل أو المرأة ، لأنّ مهر المثل عندنا لا يجب بنفس العقد ، وإنّما يجب بالدخول مع التفويض ، أو فساد المسمّى ، أو إكراه المرأة على الزنا ، أو وطأها بشبهة ، أو فوّضها (١) بغير إذنها مع الدخول ، أو فوّضها (٢) الوليّ لصغرها أو سفهها مع الدخول أيضا على إشكال.
٥٢٠٩. السابع : المعتبر في مهر المثل ، حال المرأة في الشرف ، والجمال ، وعادة أقاربها من الأمّ والأخت والعمّة والخالة وبناتهنّ ونظائرهنّ ما لم يتجاوز خمسمائة درهم ، فإن تجاوز ذلك ، ردّ إليها.
ويعتبر أيضا النساء اللواتي في بلدها ، لاختلاف عادات البلاد في المهر ، ويعتبر بمن هو في سنّها وعقلها ويسارها وضدّه وبكارتها وثيوبتها وصراحة نسبها في الطرفين ، وبالجملة كلّ صفة يختلف المهر بها معتبرة ، ولو لم يكن لها أقارب ، ففي اعتبار أهل بلدها إشكال ، وعلى تقديره لو فقدت ، ففي اعتبار أقرب البلد إلى بلدها إشكال أيضا.
ولو كان الزوج من عشيرتها ، وعادة نسائها تخفيف المهر إذا تزوّجن بالعشائر ، خفّف ، وكذا لو كانت العادة تخفيفه عن الأشراف ، وكان الزوج منهم.
٥٢١٠. الثامن : إذا وجب مهر المثل كان حالّا ولم يلزمها التأخير ، وإذا
__________________
(١) و (٢) في «ب» : فرضها.
اعتبرنا بنسائها من الطرفين ، اعتبر الأقرب فالأقرب ، ولو وطأ المفوّضة بعد سنين كثيرة وقد تغيّرت صفتها ، اعتبر مهر المثل بحال العقد ، لأنّه سبب وجوبه.
٥٢١١. التاسع : إذا لم يسمّ مهرا ، وهي مفوّضة البضع ، إذا طلّقها قبل الدخول ، فقد بيّنا أنّ لها المتعة ، قال الشيخ : المعتبر في حال المتعة إنما هو بالزّوج (١).
فالموسر يتمتّع بجارية أو ثوب مرتفع أو عشرة دنانير ، والمتوسّط بخمسة دنانير ونحوها ، والفقير بدينار ونحوه.
وقال في المبسوط : الاعتبار بهما جميعا عندنا ، وقال قوم : الاعتبار بالرّجل خاصّة ، وهو الأقوى. (٢) وهو يدلّ على تردّده في ذلك ، والاعتبار في اليسار والإعسار بالعادة ، ولا تستحق المتعة إلّا المطلّقة الّتي لم يفرض لها مهر ولم يدخل بها ، فلو حصلت البينونة بفسخ ، أو موت ، أو لعان ، أو غير ذلك ، سواء كان من قبله أو قبلها أو منهما ، فلا مهر ولا متعة.
ولو اشترى المملوكة المفوّضة زوجها ، بطل العقد ، ولا مهر ولا متعة ، ولو دخل ثبت مهر المثل لا المتعة.
وتثبت المتعة سواء كان الزّوج حرّا أو عبدا ، وسواء كانت الزّوجة حرّة أو أمة.
٥٢١٢. العاشر : المفوّضة إذا طلبت مهرا لم تجب إليه ، وإن طلبت فرضه كان لها ذلك قبل الدخول أو بعده ، فإن ترافعا إلى الحاكم ، فرض لها مهر المثل من غير زيادة ولا نقصان بما لم يتجاوز السنّة ، فيردّ (٣) إليها ، ولا يجوز له فرضه حتّى
__________________
(١) الخلاف : ٤ / ٣٧٥ ، المسألة ١٦ من كتاب الصداق.
(٢) المبسوط : ٤ / ٢٩٥.
(٣) في «ب» : فردّ.
يعلم قدر مهر مثلها وإن تراضيا بفرضه ، فإن فرضا مهر المثل جاز وإن زاد على مهر السنّة ، وإن فرضا أقلّ أو أكثر مع علمهما بمهر المثل لزم ، وإن جهلاه صحّ الفرض أيضا.
ولو فرض لها أجنبيّ ودفعه إليها ، ثمّ طلّقها الزّوج قبل الدخول ، احتمل ردّ الجميع إلى الأجنبيّ وإلزام الزّوج بالمتعة ، لعدم ثبوت الولاية والوكالة ، وكان فرضه كالعدم ، وصحّة الفرض ، إمّا مع ردّ النصف إلى الزّوج ، لأنّه حقّ واجب على الزّوج ، فصحّ أداء غيره له ، وبالأداء ملكه الزّوج ، وإمّا مع ردّ النصف إلى الأجنبيّ ، لأنّه قضى ما وجب عليه ، وبالطلاق سقط النصف ، فلم يسقط به حقّ عمّن قضاه عنه فعاد إليه ، وكذا الإشكال لو تبرّع أجنبيّ بأداء المسمّى قبل الطلاق ، ثمّ طلّق الزوج ، هل يرجع النصف إلى المتبرّع أو الزّوج؟
ولو فرض الزوج شيئا لم ترضه لم يصحّ الفرض إذا كان دون مهر المثل ، ولم يلزمه ، فإذا طلّقها قبل الدخول ، كان لها المتعة ، ولا اعتبار بما فرضه.
٥٢١٣. الحادي عشر : يستحبّ أن لا يدخل بالمفوّضة حتّى يفرض لها المهر ، وكذا يستحبّ لمن سمّى مهرها أن لا يدخل بها حتّى يوفّيها ، أو شيئا منه أو غيره ولو هديّة ، ولو لم يسمّ مهرا وقدّم لها شيئا ودخل بها ، قال الشيخ : كان ذلك مهرها (١) وليس بمعتمد ، بل يثبت لها مهر المثل ، ويحتسب ما دفعه منه إن لم يهبها إيّاه.
٥٢١٤. الثاني عشر : مفوّضة المهر : أن يتزوّجها (٢) على حكمها أو حكمه
__________________
(١) النهاية : ٤٧٠.
(٢) في «ب» : إن يزوّجها.
فيصحّ ، فإن كان الحاكم الزّوج ، لزم ما يحكم به قلّ أو كثر ، وجاز أن يحكم بمهما شاء ممّا يصحّ أن يكون مهرا ، وإن كان الزّوجة ، لزم ما تحكم به ، قليلا كان أو كثيرا ، ما لم يتجاوز مهر السنّة ، وهو خمسمائة درهم ، فيردّ إليها.
ولو جعلا الحكم إليهما ، لزم ما يتّفقان عليه ، قلّ أو كثر.
وإن اختلفا ، وقف حتّى يصطلحا ، وعلى التقادير الثلاثة لا يجب مهر المثل ولا المتعة ، بل ما يحكم به الحاكم منهما.
ولو طلّق مفوّضة المهر قبل الدخول بعد الحكم ، لزم نصف ما حكم به ، وإن كان قبل الحكم أيضا ألزم من إليه الحكم أن يحكم ، وكان لها النصف ، فإن كانت هي الحاكمة لزمه نصف ما تحكم به ما لم تزد في الحكم عن مهر السنّة.
ولو مات الحاكم قبل الحكم وقبل الدخول ، فالمرويّ ثبوت المتعة لها (١) وابن إدريس قال : لا مهر لها ولا متعة. (٢)
٥٢١٥. الثالث عشر : المدخول بها لا متعة لها ، بل إن كان لها مسمّى ثبت خاصّة دون المتعة ، وإن لم يكن لها مسمّى ثبت مهر المثل خاصّة دون المتعة ، لكن يستحبّ لها المتعة في الموضعين ، وعليه حملنا الرّواية (٣) الدّالّة عليه وقوله تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) (٤) لقرينة الإحسان. (٥)
__________________
(١) لاحظ الوسائل : ١٥ / ٣٢ ، الباب ٢١ من أبواب المهور ، الحديث ٣.
(٢) السرائر : ٢ / ٥٨٧.
(٣) الوسائل : ١٥ / ٥٥ ، الباب ٤٨ من أبواب المهور ، الحديث ٥.
(٤) البقرة : ٢٤١.
(٥) لكن الإحسان ورد في آية أخرى أعني قوله : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ ... مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) البقرة : ٢٣٦.
الفصل الخامس : في الثابت للمطلّقات
وفيه عشرون بحثا :
٥٢١٦. الأوّل : إذا تزوّج وطلّق قبل الدخول ، فإن لم يكن سمّى شيئا ، ثبت لها المتعة كما تقدّم ، وإن كان قد سمّى المهر ثبت لها نصفه وسقط عن الزوج نصفه.
وإن كان الطلاق بعد الدخول ، فإن كان قد سمّى ، ثبت ما سمّاه إن كان صحيحا ، وإلّا القيمة ، وإن لم يكن سمّى ، ثبت لها مهر المثل. إذا عرفت هذا فنقول :
إذا أصدقها عينا وطلّقها قبل الدخول بعد تسليم الصداق إليها ، فإن كان بحاله ، رجع في نصفه ، وإن كان ناقصا نقصان عين ، تخيّر بين الرجوع بنصف العين أو بالأقلّ من قيمة العين ما بين يوم العقد والإقباض ، وإن كان نقصان قيمة ، لم يكن له الرجوع بالتفاوت ، بل حقّه في العين خاصّة ، وإن كان زائدا زيادة منفصلة ، كالولد والثمرة ، كانت الزيادة بأجمعها لها ، ورجع بنصف العين خاصّة.
وإن كانت متّصلة ، كالسمن وتعلّم الصنعة ، تخيّرت بين إعطائه نصف العين مع الزيادة ، وبين إعطائه القيمة ، فإن أعطته نصف العين ، وجب عليه أخذها ، لأنّه حقّه وزيادة ، وإن امتنعت ، تردّد الشيخ في إجبارها وعدمه ، والأقرب عندي عدم إجبارها وأخذ القيمة منها ، وليس هاهنا نماء لا يتبع الأصل ويمنع من الرجوع إلّا في هذه المسألة.
وإن زاد من وجه ونقص من آخر ، مثل أن سمنت ونسيت صنعة ، تخيّر كلّ منهما ، فإن اتّفقا على نصف العين جاز ، وإن امتنعت من تسليم نصفها أو امتنع هو من الرجوع في النصف ، كان لهما ذلك ، وعلى تقدير الامتناع من أحدهما يرجع الزّوج بنصف القيمة خالية عن النقص والزيادة.
وإن طلّقها بعد تلف العين في يدها ، فإن كانت مثليّة ، رجع بنصف المثل ، وإن لم تكن مثليّة ، رجع بأقلّ الأمرين من قيمتها حين العقد إلى حين التسليم.
وإن طلّقها والعين في يده بحالها ، كان لها نصفها ، وإن زادت زيادة منفصلة ، فالزيادة بأجمعها لها ، ولها نصف العين ، وإن كانت متّصلة ، تخيّرت بين أخذ النصف ودفع الآخر ، وبين أخذ الكلّ وإعطائه قيمة النصف غير زائد ، وإن نقصت ، تخيّرت بين أخذ نصف العين ناقصة ـ والأقوى أنّ لها الأرش ـ وبين أخذ نصف القيمة غير ناقص.
وإن زادت من وجه ونقصت من آخر ، تخيّرت بين أخذ نصفه وإعطائه الآخر ـ فيجبر عليه (١) حينئذ ، لأنّ النقص مضمون عليه ـ وبين فسخه ومطالبته بنصف القيمة ، والأقوى أنّ لها أيضا الرجوع في نصف العين مع أرش النقصان ، ولا تجبر بالزيادة.
وكلّ موضع حكمنا فيه للزوج بالقيمة ، فإنّما ثبت له أقلّ القيمتين من يوم العقد ويوم الإقباض.
٥٢١٧. الثاني : إذا طلّقها قبل الدخول ، قال الشيخ رحمهالله : الأقوى أنّه يملك
__________________
(١) في «أ» : فتخيّر عليه.
النصف بغير اختياره ، (١) فنماء النصف من حين الطلاق له ، ويحتمل أنّه يملك أن يملك (٢) فالنماء المتجدّد بعد الطلاق بأجمعه لها إلى حين الاختيار ، ولا يفتقر في تملّك الزّوج للنصف إلى حكم الحاكم ، ولا في تضمينها (٣) إيّاه.
ولو تجدّد العيب في يدها بعد الطلاق ، فإن فرّطت بإهمالها بعد مطالبته ، ضمنت النقصان قطعا ، وكذا لو لم يطالب على إشكال ضعيف.
٥٢١٨. الثالث : لو أصدقها نخلا حائلا فأثمر في يدها ، ثمّ طلّقها قبل الدخول ، فإن طالبها بنصف النخل ونصف الثمرة ، لم يكن له ذلك ، ويكون حقّه في نصف قيمة النخل خاصّة.
وإن بذلت نصف العين ونصف الثمرة ، لزمه القبول ، سواء كان النخل مؤبّرا أو غير مؤبّر.
وإن طلب قطع الثمرة ليرجع في نصف العين فارغة ، لم يلزمها ذلك.
ولو قالت : أنا أقطع الثمرة الآن ليرجع في النصف ، أجبر على ذلك ، وكذا لو كانت جارية فسمنت ثمّ هزلت ، فعليه قبض النصف.
ولو طلبت الصبر منه لتدرك الثمرة ، ثمّ يرجع في العين ، لم يلزمه.
ولو بذل تأخير الرجوع إلى وقت الجذاذ ليرجع في نصف العين ، لم يلزمها ذلك.
__________________
(١) المبسوط : ٤ / ٢٧٩.
(٢) وفي المبسوط : انّه بالطلاق قبل الدخول كالشفيع ، فانّه بالبيع ملك أن يملك ، كذلك الزوج ملك أن يملك إلّا الميراث. المبسوط : ٤ / ٢٧٩.
(٣) في «ب» : ولا في تضمّنها.
ولو قال : أنا أرجع في النصف وأقبضه ليزول عنك الضمان ، ثمّ أدفعه إليك ، ويكون حقّي أمانة في يدك ، والثمرة بأجمعها لك ، فالأقوى إجبارها عليه.
ولو طلب الرجوع في نصف النخل دون الثمرة ، ويكون النصف في يده ، وتبقى الثمرة إلى الجذاذ ، كان له ذلك ، وكذا البحث في الشجرة المثمرة.
ولو أصدقها نخلا حاملا إمّا مؤبّرا أو غير مؤبّر ، ثمّ طلّقها بعد الزيادة ، كان حكمها حكم النماء المتّصل ، وقد سلف.
٥٢١٩. الرابع : لو أصدقها أرضا فحرثتها ، ثمّ طلّقها قبل الدخول ، لم يجب عليها دفع العين للزيادة بالحرث المتّصل ، ولو اختارت تسليمها بالزيادة ، لزمه القبول بخلاف النخل المثمر.
ولو زرعت الأرض أو غرستها ، كان حكمهما حكم النخلة إذا أثمرت عندها وقد تقدّم إلّا في شيء واحد ، وهو أنّه إذا دفعت نصف الأرض المزروعة ، لم يجب عليه القبول ، لاشتغاله بما أودعته.
ولو طلّقها بعد الحصاد ، لم يجبر على قبول العين إن كان قد أضرّ الزرع بها ، وإلّا أجبر ، وكذا لو طلّقها أوان الحصاد.
٥٢٢٠. الخامس : إذا كان الصداق جارية حائلا أو بهيمة فحملت في يده وولدت ، ثمّ طلّقها قبل الدخول ، كان الولد بأجمعه لها ونصف عين الأمّ ، ولو زادت الأمّ ، كان لها دفع نصف القيمة ، وإن نقصت رجعت بأرش النقصان.
وإن تلف الولد في يده ، رجعت بقيمته عليه ، سواء منعهما أو لم تطالبه.
ولو تلفت الأمّ خاصّة أخذت الولد ، ورجعت بنصف قيمة الأمّ.
ولو كانت حاملا بمملوك ثمّ طلّقها قبل الدخول ، تخيّرت المرأة بين ردّ نصف الأمّ ونصف الولد ، وبين ردّ قيمة نصفهما (١) ويقوّم الولد حين الوضع ، والزيادة في الرّحم غير معتبرة.
ولو كانت الأمة حاملا ثم طلّقها بعد الحمل قبل الوضع ، كان لها إلزامه بنصف القيمة ، لحدوث (٢) النقص بالحبل ، وأخذ الجميع ودفع نصف القيمة للزيادة أيضا به ، وإذا رجعت بالقيمة ، احتمل رجوعها بأكثر القيمة من حين العقد إلى حين الطلاق وبنصف المهر خاصّة.
٥٢٢١. السادس : إذا قبضت الصّداق ، ثمّ ارتدّت قبل الدخول ، رجع بالمهر أجمع ، فإن زاد زيادة منفصلة ، كانت الزيادة لها ، وإن كانت متّصلة ، تخيّرت بين ردّ العين مع الزيادة ، وبين ردّ القيمة من دون الزيادة.
٥٢٢٢. السابع : يجوز للمرأة أن تتصرّف في الصداق قبل القبض ، فلو باعته أو وهبته ثمّ رجع إليها فطلّقها قبل الدخول ، رجع في نصف العين.
٥٢٢٣. الثامن : إذا كان المهر جارية فولدت في يده ، ثمّ طلّقها قبل الدخول ، رجع في نصف الجارية دون الولد ، سواء كان للولد سبع سنين أو أقلّ ، لكن يكره التفرقة ، ويستحبّ له أخذ قيمة النصف ، وليس واجبا ، خلافا للشيخ في بعض أقواله. (٣)
٥٢٢٤. التاسع : إذا تزوّج الذمّي على خمر وقبضتها ، فصارت خلا ثم طلّقها قبل الدخول ، رجع الزوج بنصف العين ، ويحتمل عدم الرجوع بشيء ،
__________________
(١) في «ب» : نصفها.
(٢) في «ب» : بحدوث.
(٣) لاحظ المبسوط : ٤ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤.
لأنّه زاد فسقط حقّه من العين ، ولا قيمة للمسمّى ، ولو استهلكت الخلّ ، ثم طلّقها ، لم يرجع بشيء قطعا ، لأنّ حقّه مع استهلاك العين في القيمة حين العقد.
٥٢٢٥. العاشر : لو أصدقها خشبا فشقّته أبوابا ، فزادت ، فطلّقها قبل الدخول ، سقط حقّه من العين ، فإن بذلت نصفها ، لم يلزمه القبول.
أمّا لو أصدقها سبيكة فصاغتها ، فبذلت له النصف من العين ، لزمه القبول.
ولو أصدقها حليّا ، فكسرته وصاغته على ما كان عليه ، لم يكن له الرجوع في العين ، لأنّ صياغتها زيادة ، ويحتمل رجوعه في نصف العين ، لأنّه لم تحصل زيادة على ما ملكته منه ، وكذا لو كانت الجارية سمينة فهزلت ، ثمّ سمنت.
أمّا لو صاغتها على غير تلك الصفة الأولى ، فللزوج المطالبة بنصف القيمة ، ولها المنع من الرجوع في نصف العين.
ولو أصدقها صيدا برّيا ـ وهما حلالان ـ فأحرم ، ثم طلّقها ، عاد الصّيد إلى ملكه ، ولزمه إرساله.
٥٢٢٦. الحادي عشر : لو رهنت الصداق فطلّقها ، لم يكن له فسخ الرهن ، وكذا لو وهبته وأقبضت ، وإن لم تقبض ففي إجبارها على الفسخ نظر ، وكذا لو باعته بخيار لها ، فطلّق في مدّة الخيار.
ولو آجرته ، لم يكن له فسخ الإجارة ، ورجع في نصف القيمة ، ولو أمهلها حتّى تخرج المدّة ، لم يلزمها ذلك ، لأنّه يكون مضمونا عليها ، ولها الامتناع منه على إشكال ، إلّا أن يقول : أنا أقبضه وأردّه إلى المستأجر أمانة ، فله ذلك.
٥٢٢٧. الثاني عشر : لو طلّقها بعد تدبير المهر ، لم يرجع في النصف على إشكال ، أمّا لو أوصت به ، فإنّ له الرجوع في العين قطعا ، ولو طلّقها بعد رجوعها في التدبير ، فإنّه يرجع في العين قطعا ، ولو طلّقها قبل الرجوع ، ثمّ رجعت بعد أن أخذ الزوج القيمة ، سقط حقّه من العين ، وإن كان قبله ، احتمل أن يأخذ حقّه من العين ، وعدمه ، لثبوت حقّه في القيمة ، وقوّى الشيخ الأوّل (١) ولو طلّقها بعد عتقه ، رجع بنصف القيمة خاصّة.
٥٢٢٨. الثالث عشر : إذا زوّج الرجل ابنه الصغير على مهر معلوم ، وكان الولد موسرا ، تعلّق المهر بذمّة الولد ، ولزمه في ماله ، وإن كان معسرا تعلّق بذمّته ، ويكون الأب ضامنا ، فإن مات الأب خرج المهر من أصل تركته ، سواء بلغ الولد وأيسر ، أو مات قبل ذلك ، فلو دفع الأب المهر عن الصبيّ للضمان أو تطوّعا ، وبلغ الصبيّ فطلّق قبل الدخول ، أو ارتدّت المرأة ، رجع المهر كلّه أو نصفه إلى الابن ، لأنّ دفع الأب يتضمّن هبته للابن ، وهذا كما لو قال : أعتق عبدك عنّي ، ففعل ، فإنّه يعتق عن الآمر ، وولاؤه له دون المأمور ، ولا يحتاج الأب إلى استدعاء الابن ، لولايته عليه بالصغر ، فإن عاد إلى الابن لم يكن للأب الرجوع فيه ، سواء عادت العين أو القيمة.
ولو قال الأب : إنّما دفعته لأرجع به ، قبل قوله ، لأنّه أمين عليه.
ولو أصدق الأب عينا من ماله عن ابنه الصغير ، جاز ، وملكها الابن ، فلو رجعت إليه كان الحكم ما تقدّم.
__________________
(١) المبسوط : ٤ / ٢٩٠.
ولو طلّق الولد قبل دفع الصداق ، فإن كان موسرا ، لزمه نصف المسمّى ، وإن كان معسرا ، أو ضمن الأب عنه ، وجب على الأب دفع النصف.
ولو أدّى الأب عن ولده الكبير المهر تبرّعا ، أو أجنبيّ كذلك ، برئ الولد ، فإن طلّق ، رجع إليه النصف ، ولم يكن للأب انتزاعه ولا للأجنبيّ ، مع احتمال ثبوته لهما ، لأنّ الكبير لا يملك إلّا باختياره ، وإنّما أسقط عنه الحقّ ، فإذا سقط نصفه رجع النصف إلى الدافع ، وفيه قوّة.
٥٢٢٩. الرابع عشر : لو تزوّج السفيه أو المحجور عليه بغير إذن الوليّ ، لم يصحّ النكاح ، ولو أجازه الوليّ فعلى بعض أقوال الشيخ لا تصحّ الإجازة ، لوقوعه فاسدا ، وكذا المجنون ، ولا مهر هنا (١) فإن دخل أحدهم ، قال الشيخ : عليه مهر المثل ، لأنّه يجري مجرى الإتلاف ، ثم قوّى عدمه أيضا ، لأنّها رضيت ببذله فلا عوض لها. (٢)
٥٢٣٠. الخامس عشر : إذا دخل الزّوج دخولا يوجب الغسل قبلا أو دبرا ، وجب المهر كملا ، وإن طلّق قبل الدخول ، وجب نصف المهر ، ولا خلاف في التقديرين ، أمّا لو لم يدخل بها ولكنّه خلا وأرخى الستر ثمّ طلّقها ، فيه قولان : أحدهما يجب عليه نصف المهر ، والثاني يجب كملا ، وبهما روايات (٣) والأقرب الأوّل.
ولو خلا بها وادّعت الدخول ، فالأقرب أنّ القول قول الزّوج مع اليمين.
__________________
(١) و (٢) المبسوط : ٤ / ٢٩٣ ؛ والخلاف : ٤ / ٣٧٣ ، المسألة ١٤ من كتاب الصداق.
(٣) لاحظ الوسائل : ١٥ / ٦٧ ، الباب ٥٥ من أبواب المهور ، أحاديث الباب.
ولو جامعها بين الفخذين ولم يولج ، فالأقرب نصف المهر أيضا ، فإن سبق الماء إلى فرجها أو استدخلته ، فحملت منه ، فإنّ العدّة تجب قطعا ، وهل يجب كمال الصداق؟ فيه إشكال.
وعلى هذا لو أتت بولد يمكن أن يكون منه ، ولم ينفه ، ولكنّه أنكر الوطء في الفرج ، كان في المهر الإشكال.
٥٢٣١. السادس عشر : لو دبّر عبده ثمّ جعله صداقا ، انفسخ تدبيره على ما اخترناه نحن ، وعند الشيخ التدبير باق ، فإذا طلّقها قبل الدخول ، صار بينهما نصفين ، (١) فإذا مات المولى تحرّر ، والمعتمد ما قلناه.
٥٢٣٢. السابع عشر : لو طلّقها بائنا ، أو خالعها بعد الدخول ثمّ تزوّجها في عدّته بمهر جديد ، صحّ ، فإن طلّقها قبل الدخول بها ، كان لها نصف المهر.
٥٢٣٣. الثامن عشر : لو تزوّجها بعبدين ، فمات أحدهما في يدها ، وطلّقها قبل الدخول ، رجع عليها بنصف الموجود ونصف قيمة الميّت ، ولو أعطاها عوضا عن المهر عبدا آبقا وشيئا آخر ، ثم طلّقها قبل الدخول ، رجع بنصف المسمّى دون العوض ، وكذا لو أعطاها متاعا أو عقارا ، فليس له إلّا نصف ما سمّاه.
٥٢٣٤. التاسع عشر : إذا مات الزوج قبل الدخول ، استحقت المرأة المهر كملا ، ويستحبّ لها ترك نصفه.
ولو ماتت هي قبل الدخول ، قال الشيخ : كان لأوليائها نصف المهر. (٢) وقال
__________________
(١) لاحظ المبسوط : ٤ / ٢٩٠.
(٢) النهاية : ٤٧١.
المفيد في أحكام النساء (١) : يكون لورثتها المهر كملا ، (٢) وهو اختيار ابن إدريس ، (٣) وهو قويّ.
ولو ماتت المرأة بعد الدخول ، ولم تكن قبضت المهر ، ولا طالبته به ، كره لورثتها المطالبة به ، وليس بمحظور.
٥٢٣٥. العشرون : المريض يصحّ نكاحه ، فإن تزوّج في مرضه ودخل ، لزمه المهر كملا ، وورثته المرأة ، وإن لم يدخل ومات في مرض العقد ، بطل ، ولا ميراث لها ولا مهر.
الفصل السادس : في عفو المرأة
وفيه ستّة مباحث :
٥٢٣٦. الأوّل : يجوز للمرأة البالغة الرشيدة أن تعفو عن جميع حقّها وعن بعضه ، وكذا الّذي بيده عقدة النكاح ، وهو الأب أو الجدّ للأب ، أو وكيل المرأة على قول ، إلّا أنّ الّذي بيده عقدة النكاح ليس له أن يعفو عن جميع المهر ولا عن جميع النصف مع الطلاق قبل الدخول ، بل له أن يعفو عن البعض من النصف قبل الدخول.
__________________
(١) قال في الذريعة إلى تصانيف الشيعة : ١ / ٣٠٢ : استظهر شيخنا العلّامة النوري من كلامه في ديباجة الكتاب أنّه كتبه للسيدة الجليلة أمّ الشريفين الرضي والمرتضى فاطمة بنت الحسين.
(٢) نقله عنه الحلّي في السرائر : ٢ / ٥٨٥.
(٣) السرائر : ٢ / ٥٨٥ ـ ٥٨٦.
وانّما يصحّ عفوه بشرائط.
أن تكون المرأة صغيرة ، سواء كانت بكرا أو ثيّبا.
وكان الوليّ أبا أو جدّا.
ولا يكون الزّوج قد وطأها ، لأنّه بالوطء تلف بدل المهر.
ويكون بعد الطلاق ، لأنّه قبله معرض لإتلافه.
أمّا المرأة الرشيدة فإنّها مالكة للعفو مطلقا ، وكذا الزّوج له أن يعفو عن النصف الّذي يستحقّه بالطلاق ، وليس لوليّه ذلك إن حصل الطلاق.
٥٢٣٧. الثاني : إذا عفا الزّوج عن نصيبه ، أو الزّوجة عن نصيبها ، فإن كان المهر موجودا ، لم يخرج عن ملك أحدهما بمجرّد العفو ، لأنّه هبة ، فتفتقر إلى القبض ، أمّا لو كان دينا على الزّوج ، أو تلف في يد الزوجة ، فإنّ العفو كاف ، لأنّه إبراء ، ولا يفتقر إلى القبول ، ولو عفا الّذي عليه المال لم ينتقل عنه نصيبه إلّا بالتسليم.
٥٢٣٨. الثالث : إذا كان الصداق عينا في يده ، وكان العافي المرأة ، صحّ بلفظ العفو والهبة والتمليك ، دون الإبراء والإسقاط ، (١) ويفتقر إلى القبول لا إلى مضيّ زمان يمكن فيه القبض.
وإن كان العافي الزوج ، وقلنا يملك بالطلاق ، صحّ بلفظ العفو والهبة والتمليك دون الإبراء والإسقاط ، وافتقر إلى القبول والإقباض ، وإن قلنا يملك أن يملك صحّ أيضا بلفظ الإسقاط والإبراء.
__________________
(١) في «أ» : لا بلفظ الإبراء أو الإسقاط.
وان كان في يدها وعفت ، افتقر إلى لفظ التمليك والقبول والإقباض ، وإن كان هو العافي ، افتقر أيضا إلى ذلك عند الإقباض إن قلنا يملك بالطلاق ، وإن قلنا يملك أن يملك ، كفاه إسقاط حقّه قبل الاختيار.
وإن كان دينا في ذمّة الزوج ، وعفت المرأة عن حقّها ونصفه ، صحّ بلفظ العفو والإسقاط والإبراء والتمليك وأشباه ذلك ، ولا يفتقر إلى القبول.
وإن عفا الزّوج لم يصحّ إن قلنا إنّه يملك بالطلاق ، وإن قلنا إنّه يملك بالاختيار ، وعفا قبل الاختيار ، سقط حقّه ، وثبت المهر بأجمعه ، وإن كان في ذمّتها ، فإن عفا الزّوج صحّ ، وإن عفت هي لم يصحّ.
٥٢٣٩. الرابع : إذا عفا الزوج عن المهر قبل الطلاق أو عن بعضه لم يصحّ ، سواء كان دينا أو عينا ، فإن طلّق بعد ذلك قبل الدخول ، كان له المطالبة بحقّه ، ولو عفت المرأة عنه أو عن بعضه صحّ عفوها دينا كان أو عينا ، فإذا طلّقها قبل الدخول ، فإن كانت قد عفت قبل الطلاق عن جميع المهر ، رجع الزّوج عليها بنصفه ، سواء كان دينا أو عينا ، وإن كانت قد عفت عن النصف لم يردع عليها بشيء ، ولا ترجع هي أيضا عليه بشيء ، إن كان دينا غير مقبوض ، وإن كان عينا كانت بينهما.
ولو وهبته صداقها قبل الدخول ثمّ ارتدّت ، فالأقرب رجوعه عليها بجميع الصداق.
ولو خالعها قبل الدخول بجميع مهرها ، رجع عليها بالنصف ، سواء كان الصداق عينا أو دينا مقبوضا أو غير مقبوض ، وإن خالعها على نصفه ، فإن كان (١)
__________________
(١) في «ب» : وكان.
دينا برئت ذمّته منه أجمع ، ولا يرجع عليها بشيء ، وإن كان عينا كانت بينهما.
٥٢٤٠. الخامس : مفوّضة البضع إذا أبرأت الزوج من مهر المثل ، فإن كان بعد الدخول صحّ الإبراء ، وإن لم يعلما كميّته ، وإن كان قبله لم يصحّ ، لعدم ثبوته ، وكذا لو أبرأته من حقّها من المطالبة بمهر المثل ، ولو أبرأته عن المتعة قبل الطلاق ، لم يصحّ ، ولو أبرأته منها بعده صحّ.
ولو تزوّجها وذكر مهرا صحيحا ثمّ أبرأته منه ، صحّ الإبراء ، ولو أبرأته من غير جنسه ، مثل أن كان دنانير فأبرأته من الدراهم لم يصحّ ، وإن كان مهرا فاسدا ، وثبت مهر المثل ، فأبرأته منه صحّ ، وكذا لو أبرأته من بعضه إذا كان البعض معلوما ، كالنصف وشبهه ، وإن لم يعلما كميّة المهر.
ولو تزوّجها على مشاهدة غير معلوم المقدار ، صحّ ، فلو تلف في يده فأبرأته منه ، صحّ قبل الطلاق وبعده ، لأنّ الإبراء لا يستدعي العلم بالمقدار ، وكذا لو أبرأه (١) من مائة وهو لا يعلم بها ، كأنّه أتلف عليه شيئا لا يعلم به ، ففي صحّة الإبراء إشكال ينشأ من مصادقة الإبراء الثبوت في الذمّة فيصحّ ، ومن أنّه أبرأ ممّا يعتقد أنّه ليس له عليه فلم يصحّ ، وكذا البحث لو باع مال مورّثه وقد انتقل إليه بموته ولم يعلم.
٥٢٤١. السادس : يستحبّ تقديم المهر قبل الدخول ، فإن دخل قبله كان دينا عليه ، ولم يسقط بالدخول ، سواء طالت المدّة أو لا ، وسواء طالبت به أو لا.
__________________
(١) في «أ» : وكذا لو أبرأته.