الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦١٣
المقصد السابع : في الوكالة
وفيه فصول
[الفصل] الأوّل : في الماهيّة
وفيه ستة عشر بحثا :
٤٠٤٧. الأوّل : الوكالة عقد شرّع للاستنابة في التصرف ، وهي جائزة بالنصّ والإجماع ، وتفتقر إلى الإيجاب والقبول.
فالأوّل : كلّ لفظ دل على الإذن ، مثل : وكّلتك واستنبتك ، أو افعل كذا ، أو أذنت لك في فعله ، ولو قال : وكّلتني ، فقال : نعم أو أشار بذلك مع العجز ، كفى في الإيجاب.
والقبول : كلّ لفظ ، أو فعل يدلّ على الرضا بذلك ، مثل : قبلت وما شابهه من الألفاظ ، ولو لم يقل لفظا ، وفعل ما يدلّ على الرضا كالتصرف وفعل ما أمر به ، كان قبولا صحيحا.
٤٠٤٨. الثاني : لا تشترط فوريّة القبول ، بل لو وكّل جاز أن يقبل على التراخي قولا وفعلا ، سواء كان حاضرا أو غائبا.
٤٠٤٩. الثالث : من شرط الوكالة أن تقع منجّزة ، فلو علّقت على شرط ، أو صفة ، بطلت ، ولو قال : مهما عزلتك فأنت وكيلي ، لم ينعقد بعد العزل ، ولو نجّز الوكالة ، وعلّق التصرف صحّ ، ولم يجز للوكيل التصرّف قبل وجود المعلّق.
٤٠٥٠. الرابع : يجوز التوكيل بجعل (١) وبغير جعل ، فإن كانت بجعل استحقّه الوكيل بتسليم ما وكّل فيه إلى الموكّل إن كان ممّا يمكن تسليمه ، فإن وكّله في عمل ، كثوب ينسجه ، أو يقصره ، أو يخيطه ، فمتى سلّمه إلى الموكّل معمولا ، استحقّ الأجر ، وإن كان في منزل الموكّل.
وإن وكّل في بيع ، أو شراء ، استحقّه مع العمل ، وإن لم يقبض الثمن في البيع ، إلّا أن يجعل الأجر في مقابلة البيع والقبض.
٤٠٥١. الخامس : في اشتراط تعيين ما وكّل فيه إشكال ، فلو وكّله في كلّ قليل وكثير ، أو في كلّ تصرّف يجوز له ، أو في كلّ ماله التصرّف فيه ، قال الشيخ : لا يجوز ؛ لعظم الغرر فيه المقتضي للضرر (٢) ولو قيل : بالجواز كان حسنا ، ويكون تصرف الوكيل منوطا بالمصلحة.
ولو قال : اشتر لي ما شئت ، قيل : لا يجوز ، لأنّه قد يشتري ما لا يقدر على ثمنه (٣) ولو قيل : بالجواز مع اعتبار المصلحة كان وجها ، فحينئذ لا يشتري إلّا بثمن
__________________
(١) الجعل : ما جعل على العمل من أجر أو رشوة. المعجم الوسيط : ١ / ١٢٦.
(٢) الخلاف : ٣ / ٣٥٠ ، المسألة ١٤ من كتاب الوكالة.
(٣) القائل هو ابن قدامة في المغني : ٤ / ٢١٢.
المثل فما دون ، ولا يشتري ما لا يقدر الموكّل على ثمنه ، ولا ما انتفت المصلحة فيه.
ولو قال : بع مالي كلّه جاز إجماعا ، وكذا : اقبض ديوني كلّها.
ولو قال : بع ما شئت من مالي ، أو من عبيدي ، واقبض ما شئت من ديوني جاز ، وكذا : اقبض ديني كلّه وما يتجدّد في المستقبل.
ولو قال : اشتر لي عبدا ، أو ثوبا ، وأطلق ، قال الشيخ : لا يجوز للجهالة (١) ولو قال : تركيّا ، أو هنديّا (٢) جاز إجماعا ، والوجه عندي جواز الأوّل أيضا ، ولا يشترط ذكر قدر الثمن ، أطلق ، أو قيّد ، بل له أن يشتري بثمن المثل.
٤٠٥٢. السادس : الوكالة عقد جائز من الطرفين ، فللموكّل عزل وكيله متى شاء ، وللوكيل عزل نفسه ، سواء كان الموكّل حاضرا ، أو غائبا ، فإذا فسخ الوكيل ، بطلت وكالته ، وبطل تصرّفه بعد الفسخ ، وافتقر في التصرّف بعد الفسخ إلى تجدّد عقد الوكالة.
٤٠٥٣. السابع : تبطل الوكالة بموت الموكّل أو الوكيل ، وبالجنون من أيّهما كان ، وكذا الإغماء ، وبفعل الموكّل متعلّق الوكالة ، وتلفه كموت العبد الموكّل في بيعه ، والمرأة الموكّل في طلاقها ، ولا تبطل بالنّوم وإن طال زمانا ، ولا بالسهو وإن كثر ، ولا السكر ، ولا بالفسوق المتجدّد ، وإن كان في الإيجاب في عقد النكاح.
ولو حجر الحاكم على الموكّل ، لسفه ، أو فلس ، بطلت الوكالة أيضا في أعيان أمواله ، بخلاف ما لو حجر على الوكيل.
__________________
(١) المبسوط : ٢ / ٣٩١ ـ ٣٩٢.
(٢) في «ب» : هرويا.
ولو حجر على الموكّل ، لم تبطل الوكالة بما لا يتعلّق بالمال ، كالخصومة ، والشراء في الذمّة ، والطلاق ، والقصاص ، والخلع.
ولو كان وكيلا فيما يشترط فيه الأمانة ، كوكيل وليّ اليتيم ، ووليّ الوقف على الفقراء ونحوه ، انعزل بفسقه وفسق موكّله.
ولو كان وكيلا لوكيل من يتصرّف في مال نفسه ، انعزل بفسقه لا بفسق موكّله.
٤٠٥٤. الثامن : إذا عزل الموكّل الوكيل ، وأعلمه العزل ، انعزل إجماعا ، فإن لم يعلمه ، بل أشهد على عزله ، فإن كان مع إمكان الإعلام ، لم ينعزل ، وهل يجوز لشاهد العزل الشراء من الوكيل حينئذ؟ فيه نظر (١).
وإن كان مع تعذّره ، فقولان ، أجودهما عدم العزل ، واختار الشيخ في النهاية العزل (٢) ، فعلى ما اخترناه ، متى تصرّف قبل علمه مضى تصرّفه ، فلو اقتصّ ، وقع موقعه ، وعلى قول الشيخ يكون قصاص الوكيل بعد العزل خطأ.
ولو مات الموكّل فقد انعزل الوكيل ، سواء علم بموته أو لا ، فكلّ تصرّف فعله بعد الموت ، كان باطلا وإن لم يعلم بالموت.
٤٠٥٥. التاسع : لا تبطل الوكالة بالتعدّي فيما وكّل فيه ، كلبس الثوب ، وركوب الدابّة ، لكنّه يضمن بالتعدّي ، فإذا باعه صحّ البيع ويبرأ من الضمان بالتسليم إلى المشتري ، وهل يزول الضمان بمجرّد العقد؟ فيه نظر ، منشؤه انتقال العين إلى المشتري ، (٣) فإذا قبض الثمن من المشتري كان أمانة غير مضمون ، وكذا لو وكّله
__________________
(١) في «ب» : فيه إشكال.
(٢) النهاية : ٣١٨.
(٣) ولم يذكر منشأ وجه الضمان فتدبّر.
في شراء شيء ، فتعدّى في الثمن ، فإنّه يبرأ بتسليمه إلى البائع ، ولا يضمن المبيع ، ولو وجد بالمبيع عيبا فردّه المشتري عليه ، أو وجد هو بما اشترى عيبا ، فردّه وقبض الثمن ، فالوجه عود الضمان.
٤٠٥٦. العاشر : لو وكّل امرأته في بيع ، أو شراء ، أو غيره ، ثمّ طلّقها ، لم تبطل الوكالة ، أمّا لو وكّل عبده ثمّ أعتقه ، أو باعه ، فالأقرب انعزاله ، وكذا لو وكّل عبد غيره بإذنه ثمّ بيع ، أمّا لو أعتق ، فالوجه بقاء وكالته ، وكذا لو اشتراه الموكّل.
٤٠٥٧. الحادي عشر : لو وكّل مسلم كافرا فيما يصحّ تصرّفه فيه صحّ ، سواء كان ذميّا ، أو مستأمنا ، أو حربيّا ، أو مرتدّا ، ولو وكّل مسلما فارتد ، لم تبطل وكالته ، سواء لحق بدار الإسلام ، أو أقام بدار الحرب ، وسواء تاب عن ارتداده أو لا.
ولو ارتدّ الموكّل لم تبطل الوكالة أيضا ، إن لم يكن عن فطرة ، وإلّا بطلت ، وكذا التفصيل لو وكّل في حال ردّته.
٤٠٥٨. الثاني عشر : لو وكّل رجلا في نقل امرأته ، أو بيع عبده ، أو قبض داره من فلان ، فقامت البيّنة بطلاق الزوجة وعتق العبد وانتقال الدار عن الموكّل ، بطلت الوكالة.
٤٠٥٩. الثالث عشر : لو تلفت العين الموكّل فيها ، بطلت الوكالة على ما تقدّم ، فلو دفع إليه دينارا ووكّله في الشراء به ، فهلك ، أو ضاع ، أو استقرضه الوكيل وتصرّف فيه ، بطلت الوكالة ، سواء وكّله في الشراء بالعين ، أو مطلقا وينقد الدينار ، فإن اشترى حينئذ ، وقف على إجازة الموكّل.
ولو اشترى الوكيل بعين ماله لغيره شيئا ، فالوجه الوقوف على الإجازة لا وقوع الشراء للوكيل.
٤٠٦٠. الرابع عشر : لو غاب الموكّل وطالب الوكيل الغريم ، وجب عليه الدفع إليه ، ولا اعتبار بحضور ورثة الغائب إذا لم يثبت موته.
٤٠٦١. الخامس عشر : العبارة عن العزل أن يقول : عزلتك ، أو أزلت نيابتك ، أو فسخت ، أو بطلت ، أو نقضت ، أو لا تتصرّف ، أو امتنع من التصرّف ، ولو أنكر الوكالة فأقام الوكيل البيّنة تثبت ، ولم يكن الإنكار عزلا فيما مضى قطعا ، وفي المستقبل إشكال.
٤٠٦٢. السادس عشر : لا يشترط في التوكيل رضى الخصم فتصحّ الوكالة من دون رضاه ، ولو عزله الخصم لم ينعزل.
الفصل الثاني : فيما يصحّ التوكيل فيه وما لا يصحّ
وفيه أحد عشر بحثا :
٤٠٦٣. الأوّل : كلّ ما يتعلّق غرض الشارع بإيقاعه من العبد مباشرة لا يصحّ التوكيل فيه ، وكلّ ما جعل ذريعة إلى غرض لا يختص بالمباشرة ، جاز التوكيل فيه.
وشرطه : أن يكون مملوكا للموكّل ، فلو وكّله في طلاق امرأة سينكحها ، أو بيع عبد يشتريه ، لم يجز ، وأن يكون ممّا تصحّ فيه النيابة.
٤٠٦٤. الثاني : الطهارة لا تصحّ النيابة فيها ، لتعيّن محلّها ، ولا
يجوز أن يوضّئه غيره في محلّه إلّا مع الضرورة ، ويجوز أن يستعين.
ويجوز التوكيل في تطهير بدنه وثوبه من النجاسة.
٤٠٦٥. الثالث : الصلاة لا تصحّ النيابة فيها ، إلّا في ركعتي الطواف مع العذر ، (١) ويجوز مطلقا بعد الموت عندنا ، وإن لم يكن توكيلا حقيقيّا.
٤٠٦٦. الرابع : الزكاة تجوز النيابة في أدائها ، فيؤدّيها عنه غيره ، ويجوز أن يستنيب في إخراجها من ماله ومن مال النائب ، ويستنيب الفقراء والإمام أيضا في التسليم.
٤٠٦٧. الخامس : الصيام لا تصحّ النيابة فيه إلّا إذا مات ، فيصوم عنه وليّه ، وأمّا الاعتكاف فلا تدخله النيابة.
٤٠٦٨. السادس : والحجّ تدخله النيابة مع العجز والموت.
٤٠٦٩. السابع : البيع يصحّ التوكيل فيه وفي جميع أحكامه ، وكذا الشراء ، والرهن وقبضه.
٤٠٧٠. الثامن : التفليس لا يتصوّر فيه الوكالة ، وأمّا الحجر فيصحّ أن يوكّل الحاكم من ينوب عنه.
٤٠٧١. التاسع : الصلح يصحّ التوكيل فيه ، وكذا الحوالة ، والضمان ، والشركة ، والوكالة ، والإقرار على إشكال ، والعارية ، والقراض ، والمساقاة ، والمطالبة بالشفعة وأخذها ، والإجارة ، والاصطياد ، والاحتطاب ، والاحتشاش ، وإحياء الموات على إشكال ، والجعالة ، والمزارعة ، والعطايا ، والهبات ، والوقف ، وقبض
__________________
(١) في «أ» : مع التعذر.
الحقوق ودفعها كالميراث وغيره ، والقسمة ، والوصايا ، والودائع ، والنكاح إيجابا وقبولا من الوليّ والخاطب والمرأة ، والخلع ، والطلاق ، والرجعة ، واستيفاء القصاص بحضرة الموكّل وغيبته ، وقتال أهل البغي ، والجهاد ، واستيفاء الحدود دون إثباتها ، إلّا حدّ القذف ، وعقد الجزية ، وتسليمها وقبضها ، والذبح ، وعقد السبق والرمي ، والقضاء ، والدعوى ، وإثبات الحجج والحقوق ، والقرض ، والصلح ، والإبراء.
ولا يشترط علم الوكيل بالقدر المبرئ عنه ، ولا من عليه الدّين. وفي اشتراط علم الموكّل نظر ، والعتق والتدبير والكتابة.
٤٠٧٢. العاشر : الغصب لا يصحّ التوكيل فيه ، فإذا غصب الوكيل ، كان هو الغاصب لا الموكّل ، ولا الميراث ، ولا القسم بين الزوجات ، ولا الإيلاء ، ولا الظّهار ، ولا اللعان ، ولا العدة ، ولا الرضاع ، ولا الجناية ، ولا القسامة ، ولا الأشربة ، بل يجب الحدّ على الشارب لا الموكّل ، ولا الأيمان والنذور ، والعهود ، وأمّا الشهادة ، فإذا استناب كان شاهد فرع لا وكيلا ، ولا الاستيلاد.
٤٠٧٣. الحادي عشر : جوّز الشيخ الوكالة في الإقرار ، (١) فإن عيّن الموكّل لم يلزمه ما يزيده الوكيل في الإقرار ، وإن أطلق ، لم ينفذ إقرار الوكيل (بالمعيّن) (٢) ، فإذا أقرّ بالمطلق ، رجع في التفسير إلى الموكّل ، وإن منعنا من الوكالة ، ففي كونها إقرارا من الموكّل نظر ، فإن قلنا به ، لزمه ـ إن وكّله في الإقرار بالمعيّن ـ ما عيّنه ، وفي المطلق ما يعيّنه ، ويجبر على التعيين.
__________________
(١) الخلاف : ٣ / ٣٤٤ ، المسألة ٥ من كتاب الوكالة.
(٢) ما بين القوسين يوجد في «ب».
الفصل الثالث : في الموكل
وفيه أربعة عشر بحثا :
٤٠٧٤. الأوّل : يعتبر في الموكّل جواز التصرّف ، فكلّ من صحّ تصرّفه في شيء بنفسه ، وكان ممّا تدخله النيابة ، جاز أن يوكّل فيه ، رجلا كان أو امرأة ، حرّا ، أو عبدا ، مسلما ، أو كافرا ، فلو وكّل المجنون والسكران والمغمى عليه لم يصحّ.
وكذا لا تصحّ وكالة الصبيّ ، مميّزا كان أو غير مميّز ، ولو بلغ عشرا جاز أن يوكّل فيما له فعله بنفسه ، كالوصيّة في المعروف ، والصدقة والطلاق على رواية (١) ممنوعة ، وليس له أن يوكّل في غير ذلك وإن كان مراهقا بإذن الوليّ أو بغير إذنه.
٤٠٧٥. الثاني : لو عرض للموكّل الجنون ، بطلت الوكالة من وقت عروضه ، وإن لم يعلم به ، سواء كان مطبقا ، أو أدوارا ، وكذا الإغماء ، وأمّا السكر العارض ، فلا يبطل الوكالة.
٤٠٧٦. الثالث : المحجور عليه لسفه ، أو فلس ، ليس له أن يوكّل فيما لا يجوز له التصرّف فيه بنفسه ، كالأموال ، ويجوز فيما له التصرّف فيه بنفسه ، كالطلاق ، والخلع ، واستيفاء القصاص.
__________________
(١) لاحظ الوسائل : ١٣ / ٣٢١ ، الباب ١٥ من كتاب الوقوف والصدقات ، الحديث ١ ـ ٢ ، والباب ٤٤ من كتاب الوصايا ، الحديث ٤ ؛ وج ١٥ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ؛ الباب ٣٢ من أبواب مقدمات الطلاق ، الحديث ٢ و ٦.
٤٠٧٧. الرابع : العبد القنّ ليس له أن يوكّل إلّا بإذن سيّده فيما يشترط فيه إذن المولى ، ولا يكفي فيه الإذن في التجارة فيما لا يتعلّق بها.
أمّا المكاتب فله أن يوكّل فيما يتولّى بنفسه ممّا تصحّ فيه النيابة ، ويجوز للقنّ أن يوكّل فيما يتولّاه بنفسه ، من غير إذن السيّد ، كالطلاق ، والخلع ، فلو وكّله أجنبيّ في شراء نفسه من مولاه صحّ.
٤٠٧٨. الخامس : لا يجوز للوكيل أن يوكّل غيره إلّا بإذن الموكّل ، سواء منعه ، أو أطلق ، إلّا إذا كان الوكيل ممّن يترفّع عن متعلّق الوكالة (١) ، أو كان كثيرا منتشرا يعجز عنه بنفسه ، فيجوز له أن يستنيب ، وهل يجوز للعاجز من حيث الكثرة الاستنابة في الجميع؟ أو يجب أن يقتصر على الزيادة الّتي عجز عنها؟ الأقرب الأخير.
ولو أذن له في التوكيل جاز بلا خلاف ، ولو قال : وكّلتك فاصنع ما شئت ، ففي جواز التوكيل نظر ، أقربه ذلك.
٤٠٧٩. السادس : إذا أذن له في التوكيل ، فإن عيّن ، لم يجز التعدّي ، وإن أطلق ، وجب أن يعيّن على أمين ، فلو وكّل فاسقا لم يجز ، ولو وكّل أمينا ، فصار خائنا ، وجب عليه عزله.
٤٠٨٠. السابع : الوصيّ يجوز له أن يوكّل ، وكذا الحاكم وأمينه ، ووليّ النكاح يجوز أن يوكّل في تزويج مولّيته ، سواء كان أبا ، أو جدّا ، أمّا الوكيل ، فيقف على الإذن.
__________________
(١) كالأعمال الدنيّة.
٤٠٨١. الثامن : إذا أذن الموكّل للوكيل في التوكيل صحّ ، وكان الوكيل الثاني وكيلا للموكّل لا ينعزل بموت الوكيل الأوّل ولا عزله ، ولا يملك الأوّل عزل الثاني.
ولو أذن له أن يوكّل لنفسه ، جاز ، وكان وكيلا للوكيل ، ينعزل بموته وعزله إيّاه وموت الموكّل وعزل الأوّل.
ولو وكّل الأوّل من غير الإذن نطقا بل عرفا ، كان الثاني وكيلا للوكيل.
٤٠٨٢. التاسع : العبد المأذون له في التجارة ، يجوز له أن يوكّل فيما تحتاج التجارة إلى التوكيل فيه من غير إذن ، ولا يجوز في غير ذلك.
٤٠٨٣. العاشر : لا يجوز للمحرم أن يوكّل في عقد النكاح ، ولا شراء الصيد.
٤٠٨٤. الحادي عشر : للأب والجدّ أن يوكّلا عن الصغير.
٤٠٨٥. الثاني عشر : للغائب أن يوكّل في الطلاق إجماعا ، وكذا للحاضر ، فإذا وقع الطلاق بحضور الموكّل وقع ، خلافا للشيخ. (١)
٤٠٨٦. الثالث عشر : ينبغي للحاكم أن يوكّل عن السفهاء ونواقص العقول من يحاكم عنهم.
٤٠٨٧. الرابع عشر : يكره لذوي المروّات مباشرة الحكومة (٢) ، وينبغي لهم أن يوكّلوا فيها.
__________________
(١) النهاية : ٣١٩.
(٢) أي ممارسة طرح الدعوى وإقامة البيّنة مباشرة.
الفصل الرابع : في الوكيل
وفيه اثنا عشر بحثا :
٤٠٨٨. الأوّل : يشترط فيه البلوغ ، وكمال العقل. فلا تصحّ استنابة الصبيّ ولا المجنون والمغمى عليه ، فلو وكّل الصبيّ لم يصحّ تصرّفه ، وإن كان يعقل ما يقول.
٤٠٨٩. الثاني : كلّ ماله أن يليه بنفسه ممّا تصحّ النّيابة فيه ، صحّ أن يكون وكيلا فيه.
٤٠٩٠. الثالث : تجوز وكالة الفاسق في النكاح إيجابا وقبولا وفي غيره ، وكذا الكافر والمرتدّ ، وتجوز استنابة المحجور عليه لسفه ، أو فلس في الأموال وغيرها.
٤٠٩١. الرابع : لا يجوز استنابة المحرم فيما ليس له أن يفعله ، كابتياع الصيد ، وعقد النكاح.
٤٠٩٢. الخامس : العبد يجوز أن يكون وكيلا في قبول النكاح بإذن مولاه وفي إيجابه ، وكذا في غيره من العقود وغيرها ، ولا يجوز من دون الإذن.
٤٠٩٣. السادس : المرأة تجوز استنابتها في كلّ ما تصحّ الاستنابة فيه ، ويجوز أن تكون وكيلة في عقد النكاح إيجابا وقبولا ، وكذا يجوز أن تكون
وكيلة في طلاق غيرها ، والأقرب جواز توكيلها في طلاق نفسها ، ونقل الشيخ خلافا عن بعض علمائنا في ذلك وقوّى المنع. (١)
٤٠٩٤. السابع : كلّما لا يصحّ للوكيل أن يوقعه مباشرة لا يجوز أن يتوكّل فيه ، فلا يجوز للكافر أن يتوكّل في نكاح المسلمة ، قاله الشيخ (٢). والأقرب عندي الجواز ، ولا الطفل ولا المجنون في الحقوق أجمع ، إلّا فيما يجوز للطفل إيقاعه مباشرة على ما قلنا في الرّواية (٣) ولا يشترط عدالة الوليّ ولا الوكيل في النكاح.
٤٠٩٥. الثامن : يجوز أن يوكّل عبده في إعتاق نفسه.
٤٠٩٦. التاسع : يجوز للمكاتب أن يتوكّل بجعل من غير إذن مولاه ، وليس له أن يتوكّل لغيره بغير جعل إلّا مع الإذن.
٤٠٩٧. العاشر : يجوز تعدّد الوكلاء ، فلو وكّل اثنين جاز ، وليس لأحدهما الانفراد بالتصرّف في الجميع ولا في البعض إلّا أن يجعل له ذلك ، ولو جعله لأحدهما لم يكن للآخر ذلك ، ولو وكّلهما في حفظ ماله حفظاه في حرز لهما ، ولو غاب أحد الوكيلين لم يكن للآخر التصرّف ، ولا للحاكم ضمّ آخر إليه.
ولو ادّعى أحد الوكيلين الوكالة ، أثبتها الحاكم ، وسمع البيّنة منه ، وإن كان الآخر غائبا ، ولم يملك الحاضر التصرّف إلّا مع حضور الغائب ، ولا يحتاج مع حضوره إلى إعادة البيّنة.
ولو جحد الغائب الوكالة ، أو عزل نفسه ، لم يكن للآخر التصرّف.
ولو وكّلهما في الخصومة ، لم يكن لأحدهما الانفراد بها ، كغيرها من الحقوق.
__________________
(١) و (٢) المبسوط : ٢ / ٣٦٥.
(٣) تقدّمت آنفا.
٤٠٩٨. الحادي عشر : المسلم يجوز أن يتوكّل على مثله لمثله إجماعا ، ويكره أن يتوكّل للذمّي على المسلم ، وليس بمحرّم ، خلافا للشيخ في بعض أقواله (١) ويتوكّل للذمّي على الذمّي ، وللمسلم على الذمّي. وكذا يتوكّل الذمّي لمثله على مثله وللمسلم على الذمّي ، ولا يجوز أن يتوكّل على المسلم لا لذمّي ولا لمسلم.
٤٠٩٩. الثاني عشر : يستحبّ أن يكون الوكيل أمينا ، ذا بصيرة تامّة ، عارفا باللغة الّتي تنازع بها.
الفصل الخامس : فيما تثبت به الوكالة
وفيه اثنا عشر بحثا :
٤١٠٠. الأوّل : لا تثبت الوكالة بدعوى الوكيل ، سواء كذبه الغريم أو صدّقه ، وإنّما تثبت بإقرار الموكّل أو البيّنة ، ـ وهي شاهدان عدلان ـ ولا تثبت بشهادة النساء منفردات ، وإن كثرن ، ولا بشهادة رجل وامرأتين ، ولا بشاهد ويمين ، وإن كانت الوكالة بمال.
٤١٠١. الثاني : لو شهد عدلان بالوكالة ، ثمّ شهد أحدهما أنّ الموكّل عزله ، لم تثبت الوكالة إن كان قبل الحكم بالوكالة ، وإن كان بعده لم تؤثر شهادته في العزل ، ولو شهد ثالث بالعزل ، لم يلتفت إلى شهادته قبل الحكم ولا بعده إلّا أن يشهد معه آخر به.
__________________
(١) الخلاف : ٣ / ٣٥٠ ، المسألة ١٥ من كتاب الوكالة.
ولو شهدا بالوكالة ، ثمّ شهدا بالعزل بعد أن وكّله ، فإن كان على وجه الرجوع عن الشهادة ، بطلت الوكالة ، إن شهدا بالعزل قبل الحكم ، وإن كان بعده ، لم تبطل.
أمّا لو شهدا لا على جهة الرجوع ، فإنّه يثبت العزل بشهادتهما.
٤١٠٢. الثالث : يشترط في ثبوت الوكالة اتّفاقهما في الشهادة ، فلو شهد أحدهما أنّه وكّله يوم الجمعة ، والآخر يوم السبت ، أو شهد أحدهما أنّه وكّله بالعجميّة والآخر بالعربيّة ، أو شهد أحدهما أنّه قال : وكّلتك ، والآخر أنّه قال : استنبتك ، او أذنت لك في التصرّف ، أو ما أشبهه من ألفاظ الوكالة ، أو شهد أحدهما على عقد الوكالة ، والآخر على الإقرار بها ، أو شهد أحدهما أنّه وكّله في بيع عبده ، وشهد الآخر أنّه وكّله وزيدا ، أو شهد أحدهما أنّه وكّله في بيعه ، والآخر أنّه قال : لا تبعه حتى تستأمرني أو تستأمر فلانا ، لم تثبت الوكالة.
ولو شهد أحدهما أنّه أقرّ بتوكيله يوم الجمعة والآخر أنّه أقرّ بتوكيله يوم السبت ، أو شهد أحدهما أنّه أقرّ بالعجميّة ، والآخر انّه أقرّ بالعربيّة ، أو قال أحدهما : أشهد أنّه وكّله ، وقال الآخر : أشهد أنّه استنابه ، أو أذن له في التصرّف ، من غير حكاية لفظه ، أو شهد أحدهما أنّه أقرّ أنّه وكيله ، والآخر أنّه أقرّ أنّه نائبه ، أو وصيّه في حياته في التصرّف تثبت الوكالة.
ولو شهد أحدهما أنّه وكّله في بيع عبده ، والآخر في بيع عبده وجاريته ، تثبت الوكالة في العبد (١) ، وكذا لو شهد أحدهما أنّه وكّله في بيعه لزيد ، والآخر أنّه وكّله في بيعه لزيد وإن شاء لعمرو.
__________________
(١) هذا ما أثبتناه ولكن في النسختين «وكالة العبد».
٤١٠٣. الرابع : لا تثبت الوكالة بخبر الواحد ، ولا يجوز للوكيل التصرّف بمجرّد الخبر ، وإن شرط الضمان مع إنكار الموكّل ، وكذا لا يثبت العزل بخبر الواحد ، وإن كان رسولا.
ولو شهد اثنان بالوكالة على الغائب ، فقال الوكيل : ما علمت هذا وأنا أتصرّف الآن جاز ، لأنّ القبول لا يجب على الفور ، ولا يشترط في الوكالة أيضا حضور الوكيل عقد الوكالة ، ولا علمه به ، فلا يضرّ جهله به ، أمّا لو قال : لم أعلم صدق الشاهدين ، لم تثبت وكالته ، وإن قال : ما علمت ، وسكت ، طلب منه التفسير ، فإن فسّر بالأوّل تثبت وكالته ، وإن فسّر بالثاني بطلت.
٤١٠٤. الخامس : لو أقام البيّنة على الغائب بأنّه وكّله ، سمعت بيّنته ، وحكم على الغائب ، ولو قال من عليه الحق : احلف أنّك تستحقّ مطالبتي ، لم يجز.
ولو ادّعى العزل وأقام بذلك بيّنة ، سمعت وانعزل ، وإن لم يقم بيّنة ، لم يكن له إحلاف الوكيل إلّا أن يدّعي عليه العلم بالعزل ، فيحلف على نفيه.
٤١٠٥. السادس : تقبل شهادة الوكيل على موكّله مطلقا ، إذا كان من أهل الشهادة ، وتقبل شهادته له فيما ليس وكيلا فيه.
ولو شهد بعد العزل بما كان وكيلا فيه ، سمعت فيه شهادته إن لم يكن قد شرع في الخصومة عليه ، أو كان قد أقامها وردّت ، وإن كان قد شرع أو أقامها لم تقبل.
٤١٠٦. السابع : لو شهد الموليان أنّ الزوج وكّل في طلاق أمتهما ، لم تسمع لجرّ النفع ببقاء البضع لهما ، ولو شهدا بعزل الوكيل عن الطلاق لم تقبل ، لتهمة إبقاء المئونة.
٤١٠٧. الثامن : لو ادّعى الوكالة فشهد له ابناه أو أبواه ، قبلت ، ولو شهد له أبناء الموكّل ، لم تقبل ، وتقبل لو شهد له أبواه ، ولو ادّعى وكالة الغائب ، فادّعى الخصم العزل ، وشهد له ابنا الغائب ، لم تقبل.
ولو قبض الوكيل محضر الموكّل ، وادّعى عزله وبقاء الحقّ عند الغريم ، وشهد له ابناه ، قبلت.
ولو ادّعى مكاتب الوكالة (١) فشهد له سيّده لم تقبل ، ولو شهد له ابنا سيّده قبلت ، ولو أعتق ، وأعاد السيّد الشهادة قبلت.
٤١٠٨. التاسع : للحاكم أن يحكم بالوكالة بعلمه ، فلو شهد بوكالة شخص ، لم يفتقر إلى البيّنة.
٤١٠٩. العاشر : لو ادّعى الوكالة وأقام شاهدين ، سمعها الحاكم ، وأثبتها ، ولم يفتقر إلى حضور خصم للموكّل.
٤١١٠. الحادي عشر : إذا ادّعى الوكالة ، لم تسمع دعواه في حقّ موكّله قبل ثبوت وكالته ، ولو ادّعى رجل مالا على غائب (٢) في وجه وكيله ، وأقام [المدّعي] بيّنة ، حكم له بعد الإحلاف على إشكال ، فإن حضر الغائب وأنكر الوكالة ، أو ادّعى العزل ، لم يؤثّر في الحكم. (٣)
٤١١١. الثاني عشر : لو ادّعى الوكالة فشهد له اثنان ، أحدهما ابن الآخر ، قبلت إجماعا ، ولو شهد له أب الموكّل قبلت ، ولو شهد له ابناه ، لم تقبل إن أنكر الموكّل ذلك ، وكذا لو كان غائبا أو ساكتا.
__________________
(١) في «ب» : ولو ادّعى لمكاتب.
(٢) المراد : الموكّل.
(٣) في «ب» : «لم يقبل في الحكم» وجهه : ان القضاء على الغائب نافذ بلا حاجة إلى حضور الوكيل. لاحظ المبسوط : ٢ / ٤٠١ ، والتذكرة : ٢ / ١٤٣ ـ الطبعة الحجريّة ـ.
الفصل السادس : في التنازع
وفيه عشرون بحثا :
٤١١٢. الأوّل : إذا ادّعى الوكالة وأنكر الموكّل ، فالقول قوله مع يمينه ، إذا لم تكن للمدّعي بيّنة ، ولو قال : وكّلتك ، ودفعت إليك مالا ، فأنكر الوكيل الجميع ، فالقول قوله ، وكذا لو قال : وكّلتك فأنكر.
٤١١٣. الثاني : لو زوّجه ، وأنكر الموكّل الوكالة ، ولا بيّنة ، فالقول قول الموكّل مع يمينه ، فإن صدّقت المرأة الوكيل لم ترجع عليه بشيء ، وإلّا رجعت عليه بالمهر كملا ، اختاره ابن إدريس (١) وروي بنصفه (٢).
وقيل : يحكم ببطلان العقد في الظاهر ، فإن كان الوكيل صادقا ، وجب على الموكّل أن يطلّقها ويسوق إليها نصف المهر (٣) وفيه قوّة.
ولو ضمن الوكيل المهر ، رجعت عليه به أجمع ، وعلى الرّواية ينبغي أن يرجع بالنصف ، والأوّل أجود ، لأنّ الفرقة لم تقع بإنكاره ، فيكون النكاح باقيا (٤) في الباطن ، فيجب الجميع.
ثمّ إن صدّقت المرأة الوكيل في دعوى الوكالة ، لم يجز لها أن تتزوّج
__________________
(١) السرائر : ٢ / ٩٥.
(٢) لاحظ الوسائل : ١٣ / ٢٨٨ ، الباب ٤ من كتاب الوكالة ، الحديث ١ ؛ وج ١٤ / ٢٢٨ ، الباب ٢٦ من أبواب عقد النكاح ، الحديث ١.
(٣) لاحظ شرائع الإسلام : ٢ / ٢٠٦.
(٤) في «ب» : ثابتا.
إلّا بعد أن يطلّقها ، والوجه وجوب الطلاق على الموكّل ، وبه شهدت الرّواية. (١)
٤١١٤. الثالث : لو ادّعى أنّ فلانا الغائب وكّله في التزويج ، فزوّجها له ، ومات الغائب ، لم ترثه المرأة إلّا أن يصدّقها الورثة ، أو يثبت بالبيّنة.
٤١١٥. الرابع : لو صدّقه الموكّل على الوكالة ، وأنكر أنّه زوّجه ، فهنا الاختلاف في تصرّف الوكيل ، ففي تقديم قول الموكّل إشكال.
٤١١٦. الخامس : لو قال لزوجة الغائب : أنّه قد طلّقك ووكّلني في تجديد النكاح بألف ، فأذنت ، وعقد بها ، وضمن الوكيل الألف ، ثمّ أنكر الموكّل ، فالنكاح الأوّل باق بحاله ، فإن صدّقت المرأة الوكيل ، فهل يرجع على الضامن أم لا؟ فيه نظر ، أقربه الرجوع ، وإن لم تصدّقه ، لم ترجع عليه بشيء.
٤١١٧. السادس : إذا اختلفا في صفة الوكالة ، كان القول قول الموكّل مع يمينه ، فإذا ادّعى إذنه في شراء الجارية بعشرين ، وقال الموكّل : أذنت بعشرة ، قدّم قول الموكّل مع عدم البيّنة ، فإن كان الوكيل اشترى بعين مال الموكّل وذكر الشراء له في العقد (٢) رجعت الجارية إلى البائع.
وإن اشتراها بعين مال الموكّل إلّا أنّه لم يذكره في العقد ، فإن صدّقه البائع في أنّ الشراء بعين مال الموكّل ، فالحكم ما تقدّم ، وإن كذّبه ، حلف على نفي العلم ، فتسقط دعوى الوكيل ويلزمه البيع ، ويغرم الوكيل الثمن للموكّل ، فإن كان الوكيل كاذبا ، فالسلعة للبائع ، وعلى البائع ما قبضه من الثمن للوكيل ، وإن
__________________
(١) لاحظ الوسائل : ١٣ / ٢٨٨ ، الباب ٤ من كتاب الوكالة ، الحديث ٤.
(٢) مثل أن يقول حال العقد : إنّه يشتريها لموكّله بماله الّذي في يده.
كان صادقا ، فالسلعة للموكّل ولا تحلّ له ، فإن أراد استحلالها ، اشتراها ممّن هي له باطنا.
وإن اشترى في الذمّة وأطلق ، لزمه البيع ، وإن ذكر أنّ الشراء لموكّله ، بطل البيع ، ولا يلزم الوكيل.
وكلّ موضع قلنا : يبطل فيه البيع ، ترجع الجارية إلى البائع ، وكلّ موضع حكم بصحّته ، ثبت الملك للوكيل ظاهرا ، [وأمّا في الباطن] فإن كان كاذبا في نفس الأمر ، ثبت له أيضا باطنا ، وإن كان صادقا ، فالملك باطنا للموكّل ، فيأمره الحاكم بالبيع على الوكيل ، بأن يقول : إن كنت أذنت لك ، فقد بعتك بعشرين ، ويقبل الوكيل ، ليحلّ له الفرج ، وليس ذلك شرطا حقيقيّا ، وإن كانت بصيغته.
فإن أجاب الموكّل إلى البيع ، ثبت الملك للوكيل باطنا أيضا ، وإن امتنع ، لم يجبر ، وحينئذ فالأولى أنّ الوكيل لا يستحلّ استمتاعها ، ويجوز له بيعها واستيفاء دينه من الثمن ، فإن كان وفق (١) حقّه ، وإلّا توصّل إلى ردّ الفاضل إلى الموكّل واستيفاء الناقص منه.
ولو تولّى الحاكم بيعها ، كان جائزا.
٤١١٨. السابع : إذا قال : وكّلتك في بيع العبد ، فقال : بل في بيع الجارية ، أو قال : وكّلتك في البيع بألفين ، فقال بل بألف ، أو قال : وكّلتك في بيعه نقدا ، قال : بل نسيئة ، أو قال : وكّلتك في شراء عبد ، فقال : بل في شراء أمة ، فالقول في ذلك كلّه قول الموكّل مع يمينه وعدم البيّنة ، سواء كانت السلعة باقية أو تالفة.
__________________
(١) كذا في النسختين والأنسب «وفى».