تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

كتاب

السبق والرّمي

١٦١
١٦٢

المقصد الرابع : في السبق والرمي

وفيه فصلان

[الفصل] الأوّل : في أحكام المسابقة

وفيه ثلاثة عشر بحثا :

٤٣٨١. الأوّل : المسابقة جائزة بلا خلاف ، قال الله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) (١).

روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

«ألا إنّ القوّة الرمي» (٢) قاله ثلاثا.

وقال تعالى : (إِنّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ) (٣) وقد وقع الإجماع على جواز المسابقة على النصل والخفّ والحافر ، لقوله عليه‌السلام :

__________________

(١) الأنفال : ٦٠.

(٢) صحيح مسلم : ٦ / ٥٢ ، كتاب الإمارة ، باب فضل الرمي والحث عليه. ورواه الحاكم في المستدرك : ٢ / ٣٢٨ ؛ والبيهقي في سننه : ١٠ / ١٣ ؛ وابن قدامة في المغني : ١١ / ١٢٨ ، ورواه الشيخ الطوسي قدس‌سره في المبسوط : ٦ / ٢٨٩.

(٣) يوسف : ١٧.

١٦٣

«إنّ الملائكة لتنفر عند الرهان ، وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخفّ والريش والنّصل» (١).

وقال عليه‌السلام :

«لا سبق إلّا في نصل أو خفّ أو حافر» (٢).

ويدخل تحت النصل السهم والنشاب والمزاريق (٣) والحراب (٤) والسّيف ، ويدخل تحت الخفّ الإبل والفيلة ، وتحت الحافر الفرس ، والحمار ، والبغل.

ولا تجوز المسابقة على غير هذه. كالمسابقة على الأقدام والسفن والطّيور والمصارعة ورفع الحجر وغير ذلك ، سواء كان بعوض ، أو غير عوض.

ويجوز المسابقة على ما يتناوله الحديث بعوض وغير عوض.

٤٣٨٢. الثاني : الرّمح والسيف تجوز المسابقة فيهما ، وكذا الفيلة والبغال والحمير ، ولا تجوز على الأقدام إلى موضع جبل وغيره ، بعوض وغيره ، ولا على رمي الحجارة بعوض وغيره (والمصارعة بعوض وغيره) (٥) ، ولا الطير بعوض وغيره ، ولا المراكب والسفن بعوض وغيره.

__________________

(١) الوسائل : ١٣ / ٣٤٧ ، الباب ١ من كتاب السبق والرماية ، الحديث ٦. (عن الصادق عليه‌السلام).

(٢) الوسائل : ١٣ / ٣٤٨ ، الباب ٣ من كتاب السبق والرماية ، الحديث ١ و ٢ و ٤ (عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصادق عليه‌السلام).

(٣) المزاريق جمع المزراق ، وهو : الرمح القصير. مجمع البحرين.

(٤) الحراب جمع الحربة وهي آلة قصيرة من الحديد محدّدة الرأس : تستعمل في الحرب.

المعجم الوسيط : ١ / ١٦٤.

(٥) ما بين القوسين يوجد في «ب» : ولو صحّ يجب أن يقال «ولا المصارعة» على أنّه تقدّم الكلام فيها من المؤلف آنفا.

١٦٤

٤٣٨٣. الثالث : عقد المسابقة والرماية لازم من الطرفين ، يفتقر إلى إيجاب وقبول ، قال الأزهري (١) : النّضال في الرمي والرّهان في الخيل ، والسباق فيهما (٢).

٤٣٨٤. الرابع : السبق بإسكان الباء مصدر سبق يسبق سبقا ، وبفتحها العوض ، وهو الخطر والندب والقرع والوجب (٣) ، فمن سبق أخذه ويقال فيه كلّه «فعّل» مشدّد العين إذا أخذه ، يقال سبّق : إذا أخذ السبق ، وسبّق : إذا أعطى السبق أيضا ، وهو من الأضداد ، ويقال سبّق بالتشديد : إذا أخرج السبق وإذا أحرزه.

ويوصف السهم (٤) بأنّه :

__________________

(١) الأزهري محمد بن أحمد الأزهري الهروي الشافعي ، أديب ، لغوي ، ولد في هراة بخراسان سنة ٢٨٢ ، ومات بهراة سنة ٣٧٠ ، ومن تصانيفه : تهذيب اللغة. لاحظ الأعلام للزركلي : ٦ / ٢٠٢.

(٢) لاحظ تهذيب اللغة : ١٢ / ٣٩ ، وج ٦ / ٢٧٣ ، وج ٨ / ٤١٧.

(٣) القرع والوجب : الخطر ، وهو السبق الّذي يناضل فيه. المعجم الوسيط : ٢ / ١٠١٣ و ٧٢٨. نقل الشيخ في المبسوط عن ابن الأعرابي : انّ السبق والخطر والنّدب والقرع والوجب عبارة عن المال المخرج. المبسوط : ٦ / ٢٩٧.

(٤) ذكر المصنف هنا من أوصاف السهم سبعة عشر اسما ، وفي التذكرة : ٢ / ٣٦٠ ـ من الطبعة الحجرية ـ أحد عشر وقال الثعالبي في فقه اللغة :

إذا مرّ السهم ونفل ، فهو صارد ، فإذا أخذ مع وجه الأرض ، فهو زالج ، فإذا عدل عن الهدف يمينا وشمالا ، فهو ضائف وصائف ، وكذلك العاضد ، والعادل الّذي يعدل عن الهدف ، فإذا جاوز الهدف ، فهو طائش وعائر وزاهق ، فإذا زحف إلى الهدف ثم أصاب ، فهو حاب ، فإذا اضطرب عند الرمي ، فهو معظعظ ، فإذا أصاب الهدف ، فهو مقرطس وخازق وخاسق وصائب ، فإذا أصاب الهدف وانفضخ عوده ، فهو مرتدع ، فإذا وقع بين يدي الرامي فهو حابض ، فإذا التوى في الرمي ، فهو معصّل ، فإذا قصر عن الهدف ، فهو قاصر ، فإذا خرج من الهدف ، فهو دابر ، فإذا دخل من الرّميّة [أي الصيد الّذي يرمى بالسهام] بين الجلد واللحم ولم يحزّ فيها ، فهو شاظف ، فإذا خرج من الرّميّة ثمّ انحطّ فذهب ، فهو مارق ، ومنه الحديث في وصف الخوارج «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرّميّة».

فقه اللغة : ١٨٧ ـ الطبعة الثالثة ١٤١٧ ه‍ ـ.

١٦٥

خاسق : وهو الّذي يخرق الغرض أي يثقبه ويثبت فيه ، وهو الخارق أيضا.

والحابي : ما وقع على الأرض ثم زحف (١) إلى الهدف وجمعه حواب (٢).

وإن أصاب الغرض ونفذ فيه ومضى ولم يؤثر ، فهو صارد وجمعه صوارد ، وقد صرد السهم يصرد صردا وأصردته أنا.

وأمّا الطامح والفاخر : فهو الذي يشخص عن كبد القوس ذاهبا إلى السماء.

والخاصل : هو الذي أصاب الغرض ، وقد خصلة : إذا أصابه.

والمعظعظ (٣) : الذي يميل يمينا وشمالا.

والزاهق : هو الذي يتجاوز الهدف من غير إصابة.

والحابض : هو الذي يقع بين يدي الرامي (٤).

والدابر : الذي يخرج من الهدف ، (٥) وهو المارق أيضا ، وجمعه موارق.

والمرتدع : الذي إذا أصاب الهدف ، يشدخ عوده ويكسر.

__________________

(١) في «أ» : ثمّ رجع.

(٢) قال المصنف في التذكرة : وقد اختلف في الحابي. فقيل : انّ أبا حامد الأسفرائيني وهم هنا حيث جعل الحوابي صفة من صفات السهم ، وسمّاه حوابي ـ بإثبات الياء ـ وفسّره بأنّه السهم الواقع دون الهدف ، ثم يحبو إليه حتّى يصل إليه ، مأخوذا من حبو الصبيّ ، ونوع من الرمي المزدلف ، يفترقان في الاسم ، لأنّ المزدلف أحدّ والحابي أضعف ، ويستويان في الحكم.

وقال قوم : إنّ الحواب ـ بإسقاط الياء ـ : نوع من الرّمي ... والمشهور انّ الحابي ما وقع بين يدي الغرض ثمّ وثب إليه فأصابه ، وهو المزدلف. تذكرة الفقهاء : ٢ / ٣٦٠ ـ الطبعة الحجريّة ـ.

(٣) في بعض النسخ : «المغطغط» والصحيح ما في المتن. وفي لسان العرب : عظعظ السهم : التوى وارتعش والمعظعظ من السهام : الّذي يضطرب ويلتوي إذا رمي به.

(٤) حبض السهم : طاش ولم يصب الغرض. المعجم الوسيط : ١ / ١٥٢.

(٥) دبر السهم : خرج من الهدف. المعجم الوسيط : ١ / ٢٦٩.

١٦٦

والخارم : الذي يصيب طرف القرطاس فلا يثقبه ، ولكن يخرق الطرف ويخرمه.

والخاصر : ما أصاب أحد جانبيه.

والخاذق : ما خدشه ولم يثقبه.

والمزدلف : الذي يضرب الأرض ثم يثب إلى الغرض.

والهدف : ما رفع وبني من الأرض ، والقرطاس : ما وضع في الهدف ليرمى والغرض : ما نصب في الهواء ويقصد ، إصابته ، ويسمّى القرطاس هدفا وغرضا.

والمناضلة (١) : المسابقة والمراماة.

والرّشق بكسر الراء : عدد الرمي وبالفتح : الرمي.

والمبادرة : هي أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في الرّشق.

والمحاطّة : هي إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة. (٢)

__________________

(١) في المطبوع «والمنازلة» وهو مصحّف. قال الجوهري : ناضله : أي راماه ، يقال : ناضلت فلانا فنضلته : إذا غلبته ، وانتضل القوم وتناضلوا : أي رموا للسبق. الصحاح : ٥ / ١٨٣١. وفي القاموس. ناضله مناضلة ونضالا ونيضالا : باراه في الرمي. قاموس المحيط : ٤ / ٥٨.

(٢) وما عرّف به المصنّف نفس ما في الشرائع وقد علّق الشهيد على قول المحقّق قال ما هذا لفظه : «المراماة قسمان : مبادرة ومحاطّة ، والمراد من الأوّل أن يتّفقا على رمي عدد معيّن كعشرين سهما مثلا ، فمن بدر إلى إصابة عدد معيّن منها ـ كخمسة ـ فهو ناضل لمن لم يصب أو أصاب ما دونها.

والمراد من المحاطّة ـ بتشديد الطاء ـ أن يقابل إصاباتهما من العدد المشترط ويطرح المشترك من الإصابات ، فمن زاد فيها بعدد معيّن كخمسة مثلا فناضل للآخر ، فيستحقّ المال المشروط في العقد ، وما ذكره المصنّف [يعني صاحب الشرائع] من تعريفهما غير سديد ، لدخول كلّ منهما في تعريف الآخر».

ولكلامه صلة لاحظ مسالك الأفهام : ٦ / ٨١ ـ ٨٢.

١٦٧

والسابق : هو الذي يتقدّم بالهادي وهو العنق وبالكتد وهو الكاهل ، وهو مجتمع الكتفين ، وهو الناتي ما بين أصل العنق والظهر ، وهو من الخيل مكان السنام من البقر ، فإن تساوت خلقة الفرسين في قدر العنق ، فمن سبق به أو ببعضه ، فهو سابق ، وإن كان أحدهما أطول عنقا ، فإن سبق القصير بالعنق ، أو بعضه ، فقد سبق ، وان سبق الطويل بالجميع ، فقد سبق وكذا إن سبقه بأكثر ممّا بينهما في طول العنق ، وإن كان أقلّ من قدر الزيادة ، كان السابق هو القصير ، لأنّه قد سبق بكاهله ، ولا اعتبار بالأذن.

والمصلّي : هو الذي يحاذي رأسه صلوي السابق ، والصلوان ما عن يمين الذنب وشماله. (١)

والمحلّل : الذي يدخل بين المتسابقين إن سبق أخذ ، وإن سبق لم يغرم.

والغاية : مدى السباق. (٢)

٤٣٨٥. الخامس : عقد السبق لازم ، سواء كان العوض منهما معا أو من أحدهما أو من اجنبيّ ، وقيل : انها عقد جائز كالجعالة ، وقوّاه الشيخ. (٣)

فعلى الأوّل لا يجوز الفسخ وإن لم يتلبّس بالعمل ، وعلى الثاني يجوز قبله وبعده للفاضل كالسابق في العدو (٤) والرمي لا المفضول على إشكال.

__________________

(١) في مجمع البحرين : الصلوان : العظمان النابتان عن يمين الذنب وشماله. ولاحظ تهذيب اللغة : ١٢ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩.

(٢) قال في المسالك في شرح كلام صاحب الشرائع «والغاية مدى السباق» ما هذا نصّه : غاية الشي‌ء منتهاه ، والمراد بمدى السباق هنا منتهاه لا مجموع مسافته ، كما يظهر من المدى. ثم نقل عن القاموس أنّ المدى ـ كفتى ـ : الغاية وعن نهاية ابن الأثير : انّ غاية الشي‌ء : مداه ومنتهاه.

فعلى هذا يكون العطف تفسيريّا. لاحظ مسالك الأفهام : ٦ / ٧٤.

(٣) المبسوط : ٦ / ٣٠٠.

(٤) في «ب» : في العدد.

١٦٨

٤٣٨٦. السادس : يشترط كون العوض معلوما إمّا بالمشاهدة ، أو الوصف الرافع للجهالة ، ويجوز أن يكون دينا وعينا حالّا ومؤجّلا ، أو يكون بعضه حالّا وبعضه مؤجّلا.

ويجوز أن يخرجه الإمام من [ماله] خاصّة ومن بيت المال ، وأن يخرجه أحدهما ، أو كلاهما ، أو أجنبيّ ، وإذا كان دينا وحلّ ، أجبر على تسليمه ، وإذا أفلس به ضرب مستحقّه مع الغرماء.

ومع الإصابة المعقود عليها يستحقّ السابق السبق ، سواء قلنا انّها عقد لازم أو جائز ، ويجوز أخذ الرهن والضمين على العوض إن كان دينا ، وإذا أخرج السبق أحدهما كان للسابق منهما ، ولو شرط أكثره للسابق والباقي للمصلّي جاز ، ولو شرط أن يطعم العوض أصحابه ، احتمل صحّة الشرط ، ولو قيل : بفساده ، فالأقرب عدم فساد المسابقة ، وهو اختيار الشيخ. (١) والشروط الفاسدة إن اقتضت اختلال شرط الصحّة مثل جهالة العوض ، أو المسافة ، فالعقد فاسد ، وإن لم يقتض مثل أن يشترط أن لا يرمي أبدا إن سبق ، فالأقرب عدم فساد العقد بفساده.

٤٣٨٧. السابع : كلّ موضع فسدت فيه المسابقة فإن كان السابق هو المخرج ، لم يستحقّ شيئا على صاحبه ، وكان سبقه له ، وإن كان الآخر ، استحقّ على المخرج أجرة المثل ، ولو كان العوض مستحقّا ، كان على مخرجه قيمته أو مثله.

__________________

(١) الخلاف : ٦ / ١٠٥ ، المسألة ١٠ من كتاب السبق ؛ والمبسوط : ٦ / ٣٠٢.

١٦٩

٤٣٨٨. الثامن : إذا قال اجنبيّ لاثنين أو جماعة : من سبق فله عشرة ، صحّ ، فإن سبق أحدهم استحقّ ، وإن جاءوا دفعة لم يستحقّوا شيئا.

ولو قال لاثنين : من سبق منكما فله عشرة ، ومن صلّى فله عشرة ، لم يصحّ ، ولو قال : من صلّى فله خمسة جاز ، وكذا يصحّ لو قال لجماعة : من سبق فله عشرة ، ومن صلّى فله عشرة ، ولو قال : للمصلّي عشرة وللسابق خمسة ، لم يصحّ.

ولو قال لعشرة : من سبق فله عشرة ، فسبق واحد أخذ العشرة ، وإن سبق اثنان فلهما العشرة ، ولو سبق تسعة تساووا فيها ، ولا شي‌ء للأخير (١) ويحتمل أن يكون لكلّ واحد من التسعة عشرة كاملة (٢) ولو قال : من سبق فله عشرة ، ومن صلّى فله خمسة فسبق خمسة ، وصلّى خمسة ، فعلى الأوّل (٣) للسّابقين عشرة وللمصلّين خمسة ، وعلى الثاني لكلّ من الخمسة الأول عشرة ، ولكلّ واحد من الثانية خمسة ويتطرّق على الأوّل احتمال البطلان. (٤)

٤٣٨٩. التاسع : إذا كان السبق منهما ، لم يشترط المحلّل ، فلو أخرجا عوضا وقالا : من سبق منّا فله العوضان ، صحّ ، فإن سبق أحدهما أحرز مال نفسه ، وأخذ عوض صاحبه ، وإن لم يسبق أحدهما أحرز كلّ منهما مال نفسه ، ولو

__________________

(١) في «أ» : للآخر.

(٢) لأن كلّ واحد منهم يسمّى سابقا فيستحق الجعل بكماله.

(٣) أي على الوجه الأوّل.

(٤) وعلّله المصنّف في القواعد بإمكان سبق تسعة فيكون لكلّ واحد من السابقين درهم وتسع ، وللمصلّي الواحد خمسة ، وعلى هذا يفوت مقصود المسابقة. لاحظ قواعد الأحكام : ١ / ٢٦٣ ـ الطبعة الحجرية ـ.

١٧٠

أدخلا محلّلا جاز ، فإن سبق المحلّل ، أخذ العوضين ، وكذا إن سبق أحدهما ، ولو سبقا معا أحرز كلّ منهما مال نفسه ، ولو سبق أحدهما والمحلّل ، أحرز السابق مال نفسه ، وكان العوض الآخر بينه وبين المحلّل نصفين ، ولو قالا : من كان مسبوقا ، فعوضه للمحلّل جاز ، ولو قال لخمسة : من سبق فله درهمان ، ومن صلّى فله درهم ، فسبق واحد وصلّى ثلاثة ، وتأخّر الخامس ، فللسابق درهمان ، وللثلاثة المصلّين درهم ولا شي‌ء للمتأخّر.

٤٣٩٠. العاشر : يشترط في المسابقة أمور خمسة :

تقدير المسافة ابتداء وانتهاء ، فلو استبقا لينظر أيّهما يقف قبل صاحبه من غير غاية ينظران إليها لم يجز.

وتقدير العوض.

وتعيين ما يسابق عليه.

وتساوي ما به المسابقة في احتمال السبق ، فلو كان أحدهما ضعيف الدابّة ، أو مريضها يعلم أنّه مسبوق ، لم يصحّ العقد ، وكذا يشترط في دابّة المحلّل ، ولا يشترط تساوي جنسها ، فيجوز بين البغال والحمير ، وكذا الإبل والخيل مع احتمال السبق.

وأن يجعل العوض لأحدهما أو للمحلّل ، ولو جعله لاجنبيّ لم يجز ، وفي اشتراط تساوي الموقف إشكال. (١)

__________________

(١) قال المحقّق في الشرائع : وهل يشترط التساوي في الموقف؟ قيل : نعم ، والأظهر : لا ، لأنّه مبنيّ على التراضي. شرائع الاسلام : ٢ / ٢٣٨.

١٧١

٤٣٩١. الحادي عشر : قد بيّنا أنّ السبق يحصل بالعنق في المتساوي الخلقة ، وبالكتد في المختلف ، فلو شرط أحدهما المسابقة بثلاثة أقدام ، أو أقلّ ، أو أكثر ، ففي بطلان الشرط نظر.

٤٣٩٢. الثاني عشر : يشترط في المسابقة تساوي الدابتين جنسا ، فلو تسابقا على بعير وفرس لم يجز إلّا مع احتمال السبق على إشكال ، ولا يشترط تساويهما صنفا ، فتجوز المسابقة بين العربي والبرذون ، وبين البخاتي والعراب.

٤٣٩٣. الثالث عشر : إذا تسابقا لم يجز أن يجنب أحدهما إلى فرسه فرسا آخر لا راكب عليه يحرّضه على العدو، ولا أن يصيح به وقت العدو في سباقه ، ولا يركض خلفه.(١)

__________________

(١) روى النسائي في سننه : ٦ / ١١١ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «لا جنب ولا جلب». وقد اختلف شرّاح الحديث في معنى اللفظين وقول المصنّف «لم يجز أن يجنب ...» إشارة إلى تفسير «لا جنب» كما أنّ قوله : «ولا أن يصيح ...» إلى تفسير «لا جلب».

وقد فسّره المصنّف بما في المتن وفي المغني في تفسيره : «وأمّا الجلب فهو أن يتبع الرّجل فرسه يركض خلفه ويجلب عليه ويصيح وراءه يستحثه على العدو» المغني لابن قدامة : ١١ / ١٥٩.

١٧٢

الفصل الثاني : في أحكام الرمي

وفيه ثلاثون بحثا :

٤٣٩٤. الأوّل : يفتقر الرمي إلى عشرة شرائط :

الأوّل : أن يكون الرّشق (١) معلوما ، وهو بكسر الراء عدد الرمي الّذي يتّفقان عليه ، مطلقا عند الفقهاء ، ويختص عند أهل اللغة بما بين العشرين إلى الثلاثين.

الثاني : أن يكون عدد الإصابة معلوما ، فيقال الرشق عشرة ، والإصابة خمسة مثلا.

الثالث : صفة الإصابة ، مثل أن يقول : حوابي ، أو خواصر ، أو خواسق ، ممّا أشبه ذلك ممّا تقدّم.

الرابع : أن يكون قدر المسافة معلوما ، إمّا بالذرع فيقال : مائة ذراع مثلا ، وإمّا بالمشاهدة.

__________________

(١) في مجمع البحرين : الرّشق ـ بالفتح والسكون ـ : الرّمي ، رشقه يرشقه من باب قتل رشقا : إذا رماه بالسهام ، والرّشق ـ بالكسر ـ : عدد الرمي الذي يتّفقان عليه.

وقال في المسالك : الرّشق ـ بالكسر ـ : عدد ما يرمى به من السهام ، يقال : رمى رشقا : أي رمى بسهامه الّتي يريد رميها كلّها ، وإذا حصل الاتّفاق على رمي خمسة خمسة ، فكلّ خمسة يقال لها رشق. مسالك الأفهام : ٦ / ٧٥.

١٧٣

الخامس : قدر الغرض ، وهو ما ينصب في الهدف ، إمّا بالمشاهدة ، أو التقدير ، كالشبر والشبرين.

السادس : العلم بالسّبق ، وهو المال المخرج.

السابع : تساويهما في جميع أحوال الرّمي ، فلو شرطا أن يرمي أحدهما عشرة ، والآخر عشرين ، أو إصابة أحدهما خمسة ، والآخر ثلاثة ، أو أنّ إصابة أحدهما خواسق ، والآخر موارق ، أو يحطّ أحدهما من إصابته سهما ، أو يرمي أحدهما من قرب والآخر من بعد أو يرمي أحدهما ويده مشغولة أو رأسه حامل لشي‌ء والآخر خال عن ذلك ، أو يحطّ أحدهما واحدا من خطائه لا له ولا عليه ، لم يصحّ.

الثامن : تعيين الرماة ، فلا يصحّ مع الإبهام ، فلو شرطا أن يكون مع كلّ واحد منهما آخر أو اثنان أو أزيد من غير تعيينهم بالمشاهدة أو المعرفة لم يجز.

التاسع : أن تكون المسابقة على الإصابة لا على البعد ، فلو قالا : السبق لأبعدنا رميا ، لم يجز على إشكال ، أقربه الجواز. (١)

العاشر : أن تكون المسابقة على الحذق ، فلو جعلا العوض للمخطئ دون المصيب لم يجز.

__________________

(١) قال المصنّف في التذكرة : «ولو تناضلا على أن يكون السبق لأبعدهما رميا ، ولم يقصدا غرضا ، فالأقرب الجواز ، لأنّ الإصابة وإن كانت مقصودة في النضال ، فكذا البعد وزيادته مطلوب فيه أيضا ، وهو أصحّ وجهي الشافعية ، والثاني المنع لتطرّق الجهالة فيه ، ولانتفاء المقصود بالذات وهو الإصابة. وهو غلط فإنّا قد بيّنا أنّ الزيادة في البعد من غير إصابة مقصودة في مقابلة من بعد من العدوّ في إيقاع السهم في القلاع ليرهب العدوّ ويعرف به شدّة الصاعد وضعفه». تذكرة الفقهاء : ٢ / ٣٦٢ ـ الطبعة الحجرية ـ.

١٧٤

أمّا المبادرة أو المحاطّة (١) ففي اشتراط ذكر أحدهما نظر ، أقربه عدم الاشتراط.

٤٣٩٥. الثاني : ما ذكرناه في السباق بين الخيل ، من إخراج السبق منهما ، أو من أحدهما ، أو من أجنبي ، في النّضال مثله ، ولا يشترط المحلّل أيضا فيه ، وان كان السبق منهما ، فلا بدّ في السباق من معرفة الفرس ، وأمّا في النّضال فلا يشترط معرفة القوس ، فلو نفق الفرس (٢) بطل السباق ، ولو أنكر القوس لم يبطل النّضال وكما لا يشترط تعيين القوس فكذا لا يشترط تعيين السهم ، نعم الإطلاق يقتضي تساوي جنس الآلة ، فإذا أطلقا النّضال جاز ، واقتضى أن يكون الرمي منهما بنوع واحد إمّا بالقوس العربيّة معا ، أو بالعجميّة معا ، وليس لهما أن يختلفا فيرمي أحدهما بقوس والآخر بغيرها ، إلّا أن يشترطا ذلك في العقد ، فيجوز حينئذ أن يختلفا.

__________________

(١) قال المصنّف في التذكرة في تعريف المبادرة والمحاطّة ما هذا نصّه :

«المبادرة : هي أن يشترط الاستحقاق لمن بدر إلى اصابة خمسة من عشرين ، فإذا رميا عشرين فأصاب أحدهما خمسة والآخر أربعة ، فالأوّل ناضل ، ولو رمى أحدهما عشرين فأصاب خمسة ، ورمى الآخر تسعة عشر فأصاب أربعة لم يكن الأوّل ناضلا حتى يرمي الثاني سهما فإن أصاب فقد استويا وإلّا كان ناضلا».

وقال في تعريف المحاطّة :

«هي أن يشترط الاستحقاق لمن خلص له من الإصابة عدد معلوم بعد مقابلة إصابات أحدهما بإصابات الآخر وطرح ما يشتركان فيه ، فإذا شرط عشرين رشقا وخلوص خمس إصابات ، فرميا عشرين فأصاب أحدهما عشرة والآخر خمسة ، فالأوّل هو السابق ، وإن أصاب كلّ واحد منهما خمسة أو عشرة فلا سبق هنا».

ثمّ قال : «فالأقرب انّه يشترط في عقد المسابقة التعرض للمبادرة والمحاطّة ، لأنّ حكم كلّ واحد منهما مخالف بحكم الآخر ، فإن أهمل بطل العقد ، لتفاوت الأغراض». تذكرة الفقهاء : ٢ / ٣٦٢ ـ الطبعة الحجرية ـ بتقديم وتأخير في كلامه قدس‌سره.

(٢) في مجمع البحرين : نفقت الدابة ـ من باب قعد ـ : أي هلكت وماتت.

١٧٥

ولو عقد النّضال على نوع من القسيّ ، تعيّن ، ما عقداه ، مثل أن يقولا : نرمي معا بالعربيّة ، أو بالعجميّة ، وليس لأحدهما العدول.

ولو عقدا على قوس معيّنة من النّوع ، كان له العدول عنها إلى غيرها من ذلك النوع ، لحاجة وغيرها ، بخلاف الفرس ، ولو قالا : نرمي بهذه القوس لا بغيرها من نوعها وشرطاه ، بطل العقد.

والنشاب : هي سهام القوس الأعجمي ، فلو اتّفقا على أن يرميا بالنشاب من غير تعيين القوس ، انصرف إلى العجميّة.

والنبال : هي سهام العربي. والحسبان قوس تكون سهامه صغارا تجمع في قصبة واحدة ويرمى بها ، فتتفرق في الناس ، فلا تمرّ بشي‌ء إلّا عقرته لشدّتها.

٤٣٩٦. الثالث : لو شرط أن يرمي ثلاثين ، والاصابة عشرة ، والآخر عشرين ، والإصابة عشرة ، ففي الجواز نظر ، وكذا لو شرط أن يكون في يد أحدهما سهام والآخر لا شي‌ء في يده يشغلها بحفظه ، ولو شرطا أن يحسب خاسق أحدهما خاسق واحد ، والآخر كلّ خاسق بخاسقين ، أو خاسق واحد بخاسقين ، أو يحطّ من خواسق أحدهما خاسق واحد ، فالجميع باطل.

ولو شرط حوابي على أن يعدّ الخاسق حابيتين ، فالأقرب الجواز ، لأنّ رميه في الخاسق أحذق.

٤٣٩٧. الرابع : إذا كان الرشق عشرين ، والإصابة خمسة ، فان شرطا المبادرة ، ورمى كلّ عشرة فأصاب خمسة تساويا ، ولم يجب الإكمال ، ولو أصاب أحدهما دون الخمسة ، فقد نصله صاحب الخمسة ، ولو سأل الناقص

١٧٦

إكمال الرشق لم يجب ، وإن شرطا المحاطّة ، فأصاب كلّ واحد من العشرة خمسة ، تحاطّا خمسة بخمسة ، وأكملا الرشق ، ولو أصاب أحدهما منها تسعة والآخر خمسة تحاطّا خمسة بخمسة وأكملا العدد.

ولو تحاطّا وكان أحدهما قد أكمل العدد ، فإن كان مع انتهاء العدد ، فقد نصل بصاحبه ، وإن كان قبله وطلب صاحب الأقلّ الإكمال أجيب مع الفائدة بأن يمكن رجحانه ، أو مساواته ، أو قصور صاحبه بعد المحاطّة عن إكمال الإصابة ، وأجبر الآخر مع امتناعه ، مثل ان يرمي أحدهما عشرة فيصيب ستّة ، ويصيب الآخر واحدا ، ويرجو صاحب الواحد إصابة العشرة الباقية دون صاحبه فيحصل له أحد عشر ولصاحبه ستّة ، فيحصل له العدد بعد المحاطّة.

وإن لم تكن له فائدة ، لم تجب الإجابة ، (١) مثل أن يرمي أحدهما خمسة عشر ، فيصيبها ، ويصيب الآخر منها خمسة ، فإذا تحاطّا لم يجب الإكمال ، لأنّ الخمسة المتخلّفة إذا أخطأها صاحب الأكثر وأصابها صاحب الأقلّ ، انفرد الأوّل بالإصابة.

٤٣٩٨. الخامس : لو قال : إن نصلتني فلك عليّ عشرة ، وتعطيني قفيز حنطة لم يجز ، لأنّ المناصل لا يغرم ، ولو قال : إن نصلتني فلك عليّ عشرة دنانير إلّا دانقا جاز ، ولو قال : الّا درهما لم يجز للجهالة.

٤٣٩٩. السادس : إذا كان السباق بالخيل وشبهها ، جريا دفعة واحدة ، وإن كان في النّضال وجب أن يبدأ أحدهما قبل صاحبه ، ليعلم المصيب وكيفيّة إصابته فإن شرطا البادئ صحّ.

__________________

(١) في «أ» : «لم تجب الإصابة» وهو تصحيف.

١٧٧

وإن أطلقا فإن أخرج كلّ واحد السبق ، فالأقرب القرعة ، ويحتمل البطلان ، وإن أخرجه أجنبيّ ، قدّم من شاء ، وإن أخرجه أحدهما ، احتمل تقديمه ، لمزيّته ، والبطلان لأنّ موضوع النضال على انتفاء المزيّة.

٤٤٠٠. السابع : يستحبّ لأهل النضال اتّخاذ غرضين يرمون من أحدهما إلى الآخر ، ثم يمشون ويرمون من الآخر إلى الأوّل ، فاذا بدأ أحدهم بالرّمي من أحدهما بالقرعة أو الشرط ، لم يكن له أن يبدأ من الآخر بل غيره بحسب ما يرتّبونه.

٤٤٠١. الثامن : إطلاق المناضلة يقتضي المراسلة ، وهو أن يرمي أحدهما سهما والآخر سهما ، ولو شرطا أن يرمي أحدهما رشقه (١) ، أو عددا معيّنا ، والآخر بعده جاز.

٤٤٠٢. التاسع : إذا اضطرب رمي أحدهما لعارض ، مثل أن أغرق النزع ، فخرج ، السهم من اليمين إلى اليسار ، لأنّ من شأن السهم أن يمرّ على إبهام يسراه ، فإذا أراد النزع غير السهم فمرّ على أصل سبابة يسراه ، أو أنكر قوسه ، أو انقطع وتره ، أو أصابه ريح في كتفه ، أو عرض في الطريق عارض ، مثل أن وقع في بهيمة ، أو غيرها فخرقه وخرج منه ، أو استلبته الريح ، فلم يصب الغرض لم يعدّ عليه خطأ ، ولو أصاب مع بعض هذه العوارض ، فالأقرب أنّه يعدّ له إصابة ، ولو جاوز السهم الغرض ، احتسب عليه خطأ ، إلّا مع العارض.

٤٤٠٣. العاشر : إذا شرطا الخاسق ، فإن ثقب وثبت النصل فيه ، حسب له ،

__________________

(١) الرّشق ـ بالكسر ـ : عدد الرّمي الّذي يتّفقان عليه. مجمع البحرين.

١٧٨

وإن لم يثقبه كان خطأ ، وإن ثقبه ثقبا يصلح للخسق إلّا أنّ السهم سقط ، فالأقرب انّه لا يحتسب خاسقا ، ولو شرطا الإصابة مطلقا حسب له وإن لم ينفذ ، ولو شرطا الخاسق ، فسقط السهم فادّعى الرامي أنّه خسق وإنّما سقط لغلظ لقيه ، من حصاة وشبهها وأنكر الآخر ، فإن علم موضع الإصابة بالبيّنة ، أو الإقرار ، فإن لم يكن فيه ما يمنع الثبوت ، وكان قد خرقه ، فالأقرب أنّه لا يعدّ خاسقا ، بل خطأ ، وإن لم يخرقه فهو خطأ قطعا ، وإن كان في الموضع ما يمنعه من الثبوت ، احتمل أن يعدّ خاسقا ، وأن لا يعدّ خطأ ولا صوابا ، وإن لم يعلم ، واتّفقا على الخرق ، ولا مانع من الثبوت ، فالقول قول المنكر من غير يمين ، وإن كان هناك مانع ، فالقول أيضا قوله لكن مع اليمين ، وإن أنكر الخرق ، فالقول أيضا قوله مع اليمين.

ولو أصاب ثقبا في الغرض ، أو موضعا باليا وثبت في الهدف احتمل أن يكون خاسقا مطلقا ، أو مع قوّة الهدف ، كالحائط والخشب لا مع ضعفه كالتراب وشبهه ، ولو أصاب طرف الغرض فخرقه وثبت فيه بأن يقطع قطعة من طرفه ويثبت مكانها ، أو يشقّه ويثبت في شقّه من غير أن يكون الغرض محيطا بالسهم ، فالأقرب انّه خاسق ، ولو مرق السهم منه ولم يثبت ، فالأقرب انّه يعدّ إصابة ، لأنّه أبلغ من الخسق.

ولو أصاب ثقبا في الغرض وثبت في الهدف مع جلدة من الغرض ، وادّعى الخسق وقطع الجلد ، لشدّة الرّمي ، وأنكر الآخر وادّعى ضعف الغرض ، فالقول قول الآخر مع يمينه ، ولو وقع في غير الثقب خسق.

٤٤٠٤. الحادي عشر : لو شرطا الإصابة مطلقا فكيف ما أصاب بالنصل جاز ، ولو وقع دون الغرض ثمّ انقلب فأصاب الغرض بفوقه وهو الثلمة التي في

١٧٩

أسفل السهم يوضع الوتر فيها ، عدّ عليه خطأ ، ولو ازدلف وأصاب بنصله الغرض ، فالأقرب الإصابة.

٤٤٠٥. الثاني عشر : إذا كان الرّيح عاصفا جاز له تأخير الرمي حتى يسكن ، ولو تناصلا مع ريح ليّنة ، وميل رميه إلى الريح بحيث يكون قدر ما يميله يوافق الإصابة فأصاب ، أو كانت الرّيح في وجه الغرض فنزع نزعا بقدر ما يكون قوة رميه مع مقاومة الرّيح يصل إلى الغرض فأصاب ، حسب له ولو كانت الريح عاصفة ، لم يحتسب الخطأ عليه ولا الإصابة له ، ولو حوّلت الريح الغرض عن مكانه بعد الرّمي ، ووقع السهم في الهدف ، حسب له إن كان الشرط الإصابة ، أو كان الشرط الخواسق ، وكان الهدف بصلابة الغرض ، أو أشدّ ، وإلّا لم يحتسب له ولا عليه. ولو أصاب الغرض موضع انتقاله ، كان خطأ ، ولو شرطا الخسق ، فثبت في الغرض ثمّ سقط ، حسب له.

٤٤٠٦. الثالث عشر : إذا شرطا إصابة موضع من الهدف جاز ، فلو شرطا إصابة الشّن. وهي الجلدة ، فأصاب الشنبر المحيط به (١) كإحاطة شنبر المنخل ، أو العرى الّتي حول الشنّ ، أو المعاليق ، وهي الخيوط الّتي يعلق بها ، لم يصب.

ولو شرطا إصابة الغرض ، اعتدّ بإصابة الشّن والشنبر والعرى. ولو أصاب المعاليق ، فالأقرب عدم الاعتداد.

٤٤٠٧. الرابع عشر : إذا طلب أحدهما الزيادة في الرشق أو الإصابة ، فإن قلنا إنّه عقد لازم ، لم يكن له ذلك إلّا بعد أن يتفاسخاه ويعقداه على حسب ما

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ٦ / ٣٠٨ : الشنّ هو الجلد ، والجريد هو الشنبر المحيط بالشنّ كشنبر المنخل ، والعرى المخدّمة هي الّتي حول الشنّ.

١٨٠