تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

ولو شرط الغاصب الضمان ، ففي رجوع المستعير عليه مع الجهل بما أخذه المالك من القيمة والأجرة إشكال ، ويترتّب عليه رجوع الغاصب عليه لو رجع المالك على الغاصب.

ولو كانت القيمة زائدة في يد الغاصب ، ثمّ نقصت ، واستعارها بعد النقص ، ضمنها المستعير ناقصة ، وكانت الزيادة على الغاصب ، والبحث في رجوع المستعير كما قلناه.

٤٤٨٩. الثاني والعشرون : إذا استعار شيئا لينتفع به في شي‌ء مخصوص ، فاستعمله في غيره ضمن ، وكذا يضمن لو جحد العارية ثمّ ثبتت بالبيّنة أو بالإقرار ، ويزول الاستئمان.

٤٤٩٠. الثالث والعشرون : إذا ادّعى التلف ، فالقول قوله مع يمينه ، ولو ادّعى الردّ ، فالقول قول المالك مع اليمين.

٤٤٩١. الرابع والعشرون : لو تلف شي‌ء من أجزاء العين بالتفريط في الاستعمال ، ضمنه ، وإن كان لو استعمله مدّة الإذن ، لتلف به (١) من غير تفريط على إشكال.

٤٤٩٢. الخامس والعشرون : إذا استعار الحلال صيدا من محرم ، فإن كان في يد المحرم ، ملكه المحلّ ولا قيمة عليه ، وإن كان بعيدا عنه صحّت العارية وكان عليه ضمانه لصاحبه مع التفريط أو الشرط.

__________________

(١) أي بالاستعمال.

٢٢١
٢٢٢

كتاب الشركة

٢٢٣
٢٢٤

المقصد الثالث : في الشركة

والنظر في أمرين

[النظر] الأوّل : [في] الماهيّة

وفيه ثمانية مباحث :

٤٤٩٣. الأوّل : الشركة على أقسام ثلاثة :

شركة في الأعيان إمّا بالميراث ، أو عقد البيع ، أو الهبة ، أو الصدقة ، أو الوصيّة ، أو الحيازة ، كالاغتنام والاصطياد والاحتطاب.

وشركة في المنافع بعقد الإجارة أو الوقف.

وشركة في الحقوق كالشركة في حق القصاص ، وحدّ القذف ، وخيار الشرط والعيب ، والرّهن ، والشفعة ، ومرافق الطرق ، والبحث هنا مقصور على الأوّل.

٤٤٩٤. الثاني : تنقسم الشركة باعتبار آخر إلى أربعة :

٢٢٥

شركة العنان ، وهي شركة الصّحيحة ، وهي أن يخرج كلّ من المشتركين مالا ويمزجاه مزجا يرتفع معه التميّز ، سمّيت بذلك لتساويهما في التصرّف كالفارسين إذا تساويا في السير ، فإنّ عنانيهما يكونان سواء.

وقال الفراء : هي مأخوذة من «عنّ الشي‌ء» : إذا عرض ، يقال عنت لي حاجة : إذا عرضت وسمّيت بذلك ، لأنّ كلّ واحد عنّ له شركة صاحبه ، وقيل :

من المعاننة (١) يقال : عاننت فلانا : إذا عارضته بمثل ماله وفعاله ، وكلّ من الشريكين عارض صاحبه بمثل ماله وفعاله (٢).

وشركة المفاوضة : وهي أن يكون مالهما من كلّ شي‌ء يملكانه بينهما ، وهي باطلة ، سواء كانا مسلمين أو لا ، وسواء كان مالهما في الشركة ، أو لا ، وسواء أخرجا جميع ما يملكانه من جنس مال الشركة ، وهو الدراهم والدنانير ، أو لا.

وشركة الأبدان : وهي أن يشترك الصانعان فيما يحصل به من كسب عملهما ، وهي باطلة عندنا ، سواء كانت في الاحتطاب والاحتشاش والاغتنام ، أو في غيرها وسواء اتفقت الصنعتان ، أو اختلفتا ، بل يأخذ كلّ من الصانعين أجرة عمله بانفراده ، ولو لم يتميّز العمل بأن يستأجرهما لخياطة الثوب ، فيفعل كلّ منهما فيه شيئا غير معلوم اصطلحا في الأجرة.

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ٢ / ٣٤٧ : وهذا أصلح ما قيل فيه.

(٢) قال في الحدائق : ٢١ / ١٦١ في بيان وجه التسمية أيضا ما هذا نصّه :

فقيل : من عنان الدابّة ، إمّا لاستواء الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف واستحقاق الربح على قدر رأس المال كاستواء طرفي العنان ... وإمّا لأنّ لكلّ واحد منهما أن يمنع الآخر من التصرف كما يشتهي ويريد ، كما يمنع العنان الدابّة ... وقيل : من «عنّ» إذا ظهر ، إمّا لأنّه ظهر لكلّ واحد منهما مال صاحبه ، أو لأنّها أظهر أنواع الشركة ، ولهذا أجمع على صحّتها ، وقيل : من «العانة» وهي المعارضة ، لأنّ كل واحد منهما عارض بما أخرجه الآخر.

٢٢٦

وشركة الوجوه : وهي أن يتّفق رجلان على أن يشتركا ولا مال لهما ، على أن يبتاعا بجاههما ويبيعا ، ويكونان شريكين في الربح ، وهي باطلة. ولو أذن أحدهما لصاحبه في الشراء عنهما فاشترى لهما ، وقع الشراء لهما.

٤٤٩٥. الثالث : الشركة عقد صحيح بالنصّ والإجماع ، وهي جائزة من الطرفين ، ويشترط فيه أهليّة كلّ من المتعاقدين للتوكيل والتوكّل ، فإنّ كل واحد متصرّف في مال نفسه ومال صاحبه بإذنه ، ويكفي في الصّيغة ما يدلّ على الرضا بالمزج.

٤٤٩٦. الرابع : إنّما تصحّ الشركة مع المزج الرافع (١) للامتياز ، سواء قصد المزج أو لا ، فلو اختلط أحد المالين بالآخر من غير قصد المالكين ، تحقّقت الشركة ، ولو مزج الصّحيح بالقراضة ، أو السمسم بالكتان ، لم يصحّ ، وكذا كلّ اختلاط يمكن معه التميّز ، فإنّ الشركة فيه باطلة ، ولو تقدّم الخلط على العقد أو العكس ، جاز ، ولا يشترط تساوي المالين قدرا ولا العلم بالمقدار حالة العقد ، وقد تقع الشركة في الأعيان المتميّزة بأن يبيع أحدهما نصف العين الّتي له ، بنصف عين صاحبه.

٤٤٩٧. الخامس : الشركة جائزة في النقدين إجماعا ، وكذا في العروض عندنا ، سواء كانت من ذوات الأمثال أو من غيرها ، على وجه لا يمكن التميز معه ، مثل أن يبيع أحدهما نصف سلعته بنصف سلعة صاحبه ، أو يمزجهما مزجا يحصل معه الاختلاط.

٤٤٩٨. السادس : شركة التجارة بالأموال جائزة بين المسلمين ، ويكره بينهم

__________________

(١) في «أ» : «الواقع» وهو تصحيف.

٢٢٧

وبين أهل الذمّة إجماعا ، فلو اشترى الذمّي بمال الشركة ، أو باع بما يحرم على المسلم ، وقع فاسدا ، وعليه الضمان.

٤٤٩٩. السابع : قد بيّنا أنّ شركة الأبدان باطلة ، وأنّ لكلّ منهما أجرة عمله ، ولو قال أحدهما للآخر : أنا أتقبل وأنت تعمل على الشركة في الأجرة كانت أجرة العمل للمتقبّل ، وعليه أجرة المثل للعامل ، إن كان المتقبّل قد استؤجر للعمل ، وإلّا كانت الأجرة للعامل ، وعليه للمتقبّل أجرة السمسرة ، ولو عمل أحد الشريكين في شركة الابدان دون صاحبه كانت الاجرة للعامل خاصّة.

٤٥٠٠. الثامن : لو اشتركا في الحيازة ، فإن اتّحد الفعل بأن يقتلعا شجرة ، أو يغترفا ماء دفعة ، تحقّقت الشركة ، وإن تعدّد العمل اختص كلّ واحد بما حازه.

النظر الثاني : في الأحكام

وفيه سبعة وعشرون بحثا :

٤٥٠١. الأوّل : إذا اشتركا شركة العنان ولم يشترطا قسمة الربح ، كان تابعا لأصل المال إجماعا. ولو اشترطا ذلك أيضا ، جاز بلا خلاف.

ولو اشترطا التفاوت في الرّبح مع تساوي المالين ، أو بالعكس ، قال الشيخ : لا يصحّ وكان الرّبح على قدر رأس المال ، ولكلّ منهما أجرة مثل عمله في مال صاحبه. (١)

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٣٥٧ ؛ ولاحظ الخلاف : ٣ / ٣٣٢ ، المسألة ٩ من كتاب الشركة.

٢٢٨

وقال السيد المرتضى : يلزم الشرط (١) وهو الأقوى عندي ، سواء شرطت الزيادة للعامل أو لغيره.

٤٥٠٢. الثاني : قد بيّنا جواز الشركة بالعروض ، والحكم في النقرة كذلك ، وكذا يجوز في المغشوش من الأثمان مع العلم بالغشّ ، سواء قلّ الغشّ أو كثر بأن يزيد على النصف ، وكذا تصحّ الشركة بالفلوس مع المزج الرافع للتميّز ، سواء كانت ناقصة أو غير ناقصة.

٤٥٠٣. الثالث : لا تجوز الشركة بالمال المجهول والجزاف إذا لم يمكن العلم به بعد المزج ، ولا بالمال الغائب ولا الدّين.

٤٥٠٤. الرابع : قد بيّنا اشتراط المزج في الشركة ، سواء كان المال من الأثمان ، أو غيرها ، وسواء عيّنا المالين وأحضراهما ، أو لا ، وسواء جعلا في بيت لهما ، أو في يد وكيلهما أو لا.

٤٥٠٥. الخامس : إذا حصل الشياع في المال ، لم يجز لأحد الشركاء التصرف فيه بدون إذن الباقين ، ولا يجوز له التعدّي عن محلّ الإذن ، سواء كان في جنس ، أو نوع ، أو بلد ، أو طريق. ولو أطلق له الإذن تصرّف كيف شاء مع اعتبار المصلحة ، فيبيع ويشتري مرابحة ، ومساومة ، ومواضعة ، وتولية ، ويقبض المبيع والثمن ويقبّضهما ، ويطالب بالدّين ويحتال ، ويردّ بالعيب.

٤٥٠٦. السادس : يستأجر من مال الشركة ما يحتاج إليه ، ويؤجر ما يرى إجارته ، وليس له أن يكاتب ويعتق على مال إلّا مع المصلحة. ولا يزوّج الرّقيق ،

__________________

(١) الانتصار : ٤٧٠ ، المسألة ٢٦٥ ـ الطبعة الحديثة ـ.

٢٢٩

ولا يقرض ولا يحابي (١) ولا يشارك بمال الشركة ، ولا يدفعه مضاربة ، ولا يمزج مال الشركة بماله أو مال غيره ، ولا يستدين على مال الشركة ، ولا يقرّ على مال الشركة ، فإن فعل لزمه في حصّته ، سواء كان بعين ، أو دين ، ولو أقرّ بعيب في عين باعها لزم ، وكذا يقبل لو أقرّ بثمن المبيع ، أو بأجرة المنادي والحمّال ، وله دفع أرش المعيب فيما باعه ، والحطّ من ثمنه ، والصبر به إلى مدّة لأجل العيب ، ولو حطّ من الثمن ابتداء أو أبرأ منه ، لزم في حصّته.

والأقرب جواز أن يبيع نسيئة ويشتري كذلك ، سواء كان عنده نقد ، أو من جنس الثمن ، أو لا ، ويودع مع الحاجة لا بدونها ، وكذا يوكّل فيما لا يباشره بنفسه ، ولو وكّل أحدهما ملك الآخر عزله ، والأقرب أنّ لأحدهما أن يرهن ويسترهن على مال الشركة ، وفي السفر بالمال إشكال ، والأقرب أنّ له الإقالة.

ولو قال : اعمل برأيك ، اقتضى العمل برأيه في جميع أصناف التجارة ، وهل يملك تمليك شي‌ء بغير عوض ، كالهبة والحطيطة ، والعتق ، والإبراء؟ فالأقرب المنع.

ولو أخذ أحدهما مالا مضاربة ، كان الربح له دون شريكه ، ولو أذن كلّ من الشريكين لصاحبه في التصرف ، جاز منفردا ، ولو شرطا الاجتماع لزم. ولو تعدّى المأذون ما عيّن ، له ضمن ، وكان الرّبح على ما اتّفقا عليه.

وإذا حصل الإذن لأحد الشركاء في التصرّف ، لم يكن لغيره ذلك ، ولكلّ من الشركاء الرّجوع في الإذن والمطالبة بالقسمة. (٢)

__________________

(١) قال الفيومي : حاباه محاباة : سامحه ، مأخوذ من «حبوته» : إذا أعطيته. المصباح المنير.

(٢) في المطبوع : «بالقيمة» وهو مصحّف.

٢٣٠

والشركة من العقود الجائزة ، تبطل بموت أيّهما كان وجنونه والحجر عليه لسفه أو فلس ، وبفسخ أحدهما ، على معنى أنّ الباقي على جواز التصرف لا يتصرّف (١).

ولو عزل أحدهما صاحبه انعزل المعزول خاصّة ، فلا يتصرّف فيما زاد على نصيبه ، ويبقى المال على الشركة ، وللعازل التصرّف في الجميع ما لم يعزله المعزول ، سواء كان المال ناضّا (٢) أو به عروض.

ولا يجب على أحد الشريكين انضاض المال المأذون في الابتياع به ، بل يقتسمان الأقمشة إن اتّفقا على القسمة ، وإن اتّفقا على البيع جاز.

ولو طلب أحدهما القسمة والآخر البيع ، أجيب طالب القسمة.

وإذا مات أحد الشريكين كان لوارثه القيام على الشركة والمطالبة بالقسمة ، ولو كان له وليّ كان له فعل المصلحة من أحد الأمرين.

ولو أوصى الميّت بمال الشركة لواحد معيّن ، كان حكمه حكم الوارث ، ولو أوصى لغير معيّن كالفقراء ، لم يجز للوصيّ الإذن في التصرّف ، فيعزل نصيبهم ليصرف إليهم.

__________________

(١) يشير إلى أنّ البطلان في الفسخ ، يغاير البطلان فيما تقدّمه من الموت والجنون والحجر ، ومعناه أنّ «الباقي على جواز التصرف» أي غير الفاسخ ، لا يتصرف في مال الشركة مطلقا ، بخلاف الفاسخ فهو يتصرف في نصيبه ، ونصيب شريكه ، لعدم فسخه ونهيه. لاحظ المبسوط : ٢ / ٣٤٩.

(٢) قال الفيومي : أهل الحجاز يسمّون الدراهم والدنانير نضّا وناضّا ، قال أبو عبيد : إنّما يسمّونه ناضّا إذا تحوّل عينا بعد أن كان متاعا ، لأنّه يقال : ما نضّ بيدي منه شي‌ء : أي ما حصل.

المصباح المنير.

٢٣١

ولو كان على الميّت دين لم يكن للوارث إمضاء الشركة إلّا بعد قضائه.

٤٥٠٧. السابع : لا تصحّ الشركة مؤجّلة ، فلو شرطا الأجل فيها ، لم يصحّ ، ولكلّ منهما أن يرجع متى شاء ، نعم لو شرطا الأجل لم يكن للمتصرف التصرف بعده إلّا بإذن مستأنف.

٤٥٠٨. الثامن : إذا وقعت الشركة فاسدة ، كان الربح على قدر رأس المال ، ويرجع كلّ منهما على الآخر بأجرة عمله.

٤٥٠٩. التاسع : الشريك أمين إذا قبض المال بإذن شريكه لا يضمن ما يتلف في يده إلّا مع التعدّي أو التفريط في الاحتفاظ ، ويقبل قوله في دعوى التلف ، سواء ادّعى سببا ظاهرا كالغرق والحرق ، أو خفيّا كالسرقة ، وكذا القول قوله مع يمينه في عدم التفريط وعدم الخيانة.

٤٥١٠. العاشر : إذا كان لاثنين دابّتان فاشتركا على أن يؤاجراهما فما حصل لهما كان بينهما ، لم يصحّ ، وكان لكل منهما أجرة دابته ، ولو تقبّلا حمل شي‌ء معلوم في ذمّتهما ثمّ حملاه على البهيمتين أو غيرهما ، صحّ إن وقعت إجارة صحيحة.

ولو قال : بع عبدك وثمنه بيننا لم يصحّ ، وكذا لو قال : آجره لتكون الأجرة بينك وبيني ، ولو أعان أحدهما صاحبه بالنقل كان له أجرة مثله. (١)

ولو كان لقصّار آلة ولآخر بيت فاشتركا على أن يعملا بآلة هذا في بيت الآخر والكسب بينهما ، لم يصحّ ، وكان الحاصل لهما على قدر أجر عملهما وأجر البيت والآلة.

__________________

(١) والمسمّى للآخر.

٢٣٢

ولو دفع دابّته إلى آخر ليعمل عليها والحاصل بينهما لم يصحّ ، وكان الحاصل للعامل وعليه أجرة الدابّة إن تقبّل حمل شي‌ء فحمله عليها ، وإن كان قد آجرها بعينها فالأجرة للمالك وللعامل أجرة مثله إن رضي المالك بالأجرة ، وإلّا قسّما الحاصل على قدر أجرة المثل لهما لا على ما اشترطاه.

ولو دفع إلى نسّاج غزلا ليصنعه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه ، لم يجز ، وكان الثوب لصاحب الغزل ، وعليه أجرة الصانع ، وكذا لو قال له : إذا نسجته فبعه ، ولك نصف الربح ، وكذا لو دفع شبكة ليصطاد بها على النصف ، لم يجز ، وكان السمك للصائد ، وعليه أجرة المثل للشبكة.

ولو اشترك صاحب الدابّة والجوالقات في الحاصل ، لم يصحّ ، والأجرة لصاحب الدابّة ، وعليه لصاحب الجوالقات أجرة المثل ، سواء زادت عن المأخوذ أو نقصت ، ولو آجر كلّ منهما ملكه منفردا ، فلكل منهما أجرة ملكه.

٤٥١١. الحادي عشر : لو اشترك ثلاثة ، من أحدهم دابّة ومن الآخر رواية (١) وللآخر العمل ، لم يصحّ ، وكذا لو اشترك أربعة من أحدهم دكّان ، ومن الآخر رحى ، ومن الآخر دابّة ، ومن الرابع العمل.

والأجرة بأجمعها في الأوّل للسقّاء ، وعليه أجرة المثل للدابّة والراوية ، وقيل : يقسّم أثلاثا ولكلّ واحد منهم على صاحبه (٢) ثلث اجرة مثله (٣)

__________________

(١) الرواية : المزادة فيها الماء. القاموس : ٤ / ٣٣٧.

(٢) الأصحّ «على صاحبيه».

(٣) في «ب» : ثلثا أجرة مثله.

٢٣٣

ويسقط الثلث الباقي ، قال الشيخ : والأوّل على وجه الصلح والثاني مرّ الحكم (١).

وأمّا في الثانية فإن كان قد استأجرهم أجمع للطحن ، فلكلّ ربع الأجرة ، لأنّ كلّ واحد قد لزمه طحن ربعه ويرجع كلّ واحد منهم على أصحابه بربع أجرة مثله ، وإن كان قد استأجر واحدا منهم ولم يذكر أصحابه ولا نواهم ، فالأجر

__________________

(١) حاصل كلامه أنّه يأخذ كلّ واحد منهم ـ بعد التقسيم أثلاثا ـ عن الآخرين ثلث أجرة مثله ، مثلا :

لو فرضنا أنّ السقّاء حصل له ١٤ درهما ، وكانت أجرة مثله ١٥ درهما ، فهو يأخذ عن كلّ من صاحبي الدابّة والسقّاء ، ثلث أجرة مثله ، فيأخذ من الأوّل ٥ ومن الثاني أيضا ٥ ، فيحصل له عشرة دراهم ٥+ ٥ ـ ١٠

ولو كانت أجرة مثل صاحب الدابّة ١٢ درهما ، يرجع هو إلى كلّ واحد من السقّاء وصاحب الرواية بثلث أجرة مثله ، فيحصل له ثمانية ٤+ ٤ ـ ٨

ولو كانت أجرة مثل الرواية درهمين ، يرجع إلى كلّ من السقّاء وصاحب الدابّة بدرهم فيحصل له درهمان ١+ ١ ـ ٢

وبما أنّ المحصول (٢٤ درهما) قسّم بينهم ثلاثا ، وقبض كلّ واحد ٨ دراهم ، تكون النتيجة بعد القبض والدفع كالتالي :

كان عند السقّاء ٨ ، وأخذ ١٠ ودفع ٥ يفضل له ١٣ درهما ١٠+ ٨ ـ ١٨ ـ ٥ ـ ١٣

كان عند صاحب الدابّة ٨ وأخذ ٨ أيضا ودفع ٦ ، فيفضل له ١٠ دراهم ٨+ ٨ ـ ١٦ ـ ٦ ـ ١٠

كان عند صاحب الرواية ٨ وأخذ درهمين ودفع ٩ ، فيفضل من المجموع درهم واحد ٢+ ٨ ـ ١٠ ـ ٩ ـ ١

وعلى ذلك ، فيعود إلى السقّاء ١٣ درهما ، وإلى صاحب الدابة ١٠ دراهم ، ودرهم لصاحب الرواية ، والجميع مساو ل ـ ٢٤ درهما ١+ ١٠+ ١٣ ـ ٢٤

ثم إنّ الوجه الأوّل كان مبنيّا على بطلان الشركة ، وفرض السقّاء كالغاصب فيملك الماء المحوز ويضمن للآخرين الأجرة. وبما أنّه افتراض غير قطعي فعليهم التصالح ، بخلاف الثاني فهو مبنيّ على صحة التوكيل فهو مرّ الحكم ونفسه. لاحظ المبسوط : ٢ / ٣٤٦ ؛ ومسالك الافهام : ٤ / ٣٢٤ ؛ وجواهر الكلام : ٢٦ / ٣١٧ ـ ٣١٨.

٢٣٤

كلّه له ، وعليه لأصحابه أجرة المثل ، وإن نوى أصحابه أو ذكرهم ، كان كما لو استأجر منهم أجمع.

ولو كان قد قال : استأجرت هذا الدكّان والدابّة والرحى والرجل بكذا وكذا ، لطحن كذا من الطعام ، صحّ ، والأجر على قدر أجر مثلهم لا بالسوية.

٤٥١٢. الثاني عشر : إذا كان لأحد الأربعة الأرض ، ولآخر البذر ، ولآخر الفدّان ، ولآخر العمل ، واشتركوا على التساوي في الحاصل ، لم يصحّ ، وكان الزّرع لصاحب البذر ، ويرجع الباقون بأجرة المثل عليه.

٤٥١٣. الثالث عشر : لو احتطب ، أو احتش ، أو اصطاد أو استقى ماء مباحا بنيّة أنّه له ، ملكه ، وهل يفتقر في تملّكه إلى نيّة بمعنى أنّه يبقى على الإباحة لو أخذه لا بنيّة التملك؟ فيه نظر أقربه ذلك على إشكال ، ولو فعل أحد هذه بنيّة أنّه له ولغيره ، لم يؤثر تلك النيّة في تملّك الغير ، وكذا لو أخذه بنيّة أنّه للغير.

٤٥١٤. الرابع عشر : لو استأجر للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاصطياد مدّة معيّنة جاز ، وكان الحاصل للمستأجر ، ولو استأجره لصيد شي‌ء بعينه ، لم يصحّ إلّا مع القدرة على تحصيله.

٤٥١٥. الخامس عشر : لو كان لأحدهما ضعف الآخر ، فأذن له في العمل على شرط التساوي في الربح ، قال الشيخ : إن شرط الآخر عمل صاحب الأكثر معه لم تصحّ الشركة بناء على أصله ، وان لم يشترط صحّت ، وكانت شركة قراض يستحق العامل الثلث بماله والسدس بعمله (١) وعلى ما اخترنا لو شرط معه العمل جاز.

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ٢ / ٣٥٨.

٢٣٥

٤٥١٦. السادس عشر : لو كان لكل منهما ألف فأذن أحدهما للآخر في العمل على شرط التساوي في الربح ، لم يكن شركة ، لانتفاء العمل من أحدهما وشركة العنان تقتضى الشركة في المال والعمل معا ، ولا قراضا ، لعدم اشتراط جزء من الربح ، فتكون بضاعة (١).

٤٥١٧. السابع عشر : إذا اشتريا متاعا بالمشترك ووجدا به عيبا ، تخيّرا بين ردّه وأرشه ، قال الشيخ : ولو أراد أحدهما الأرش والآخر الردّ كان له ذلك (٢) فإن أراد مع تعدّد الصّفقة صحّ ، وإلّا منع مع قوته.

قال : ولو اشترى احدهما بالمشترك ثمّ ظهرا على العيب فإن أعلم البائع أنّه يشتريه للشركة ، كان لهما الافتراق (٣) وإلّا فلا (٤) وهذا التفصيل عندي جيّد.

٤٥١٨. الثامن عشر : لو ادّعى البائع أنّ المبيع من المشترك ، وأنكر المشتري مع عدم إجازة الشريك ، فالقول قول المشتري مع يمينه ، ولو أقام الشريك البيّنة ، كان عليه اليمين إن ادّعى المشتري عليه الرضا ، ومع اليمين يتخيّر المشتري بين الفسخ وأخذ البعض بالحصّة.

٤٥١٩. التاسع عشر : إذا اشترى أحد الشريكين في الذمّة من غير إذن ، وقع الشراء له ، ومع الإذن يقع لهما ، ولو اشترى بالمال المشترك من غير إذن بطل

__________________

(١) البضاعة عقد يقتضي ان الربح كلّه لربّ المال بخلاف القراض فانه عقد يقتضي الربح بين العامل والمالك ، وأمّا القرض فهو عقد يقتضي أنّ الربح كلّه للمديون. لاحظ المبسوط : ٣ / ١٨٤.

(٢) المبسوط : ٢ / ٣٥١.

(٣) والمراد من الافتراق افتراق الشريكين بأن يردّ أحدهما نصيبه ويمسك الآخر.

(٤) المبسوط : ٢ / ٣٥١.

٢٣٦

العقد في النصف ، ولو أذن له في الشراء مطلقا فاشترى بأكثر من ثمنه ممّا (١) لا يتغابن الناس فيه ، فإن كان الشراء في الذمّة ، وقع الشراء له خاصّة ، وإن كان بالعين المشتركة ، صحّ في نصيبه ، وبطل في نصيب الشريك.

٤٥٢٠. العشرون : إذا ادّعى المشتري أنّ الشراء له دون الشركة ، أو بالعكس ، فالقول قوله مع اليمين.

٤٥٢١. الحادي والعشرون : إذا باع أحد الشريكين السلعة وقبض الثمن بالإذن ، ثمّ أنكر البائع القبض ، وصدّق الشريك المشتري فيه ، فالقول قول البائع مع يمينه ، لكنّ المشتري يبرأ من حصّة الشريك.

وتقبل شهادة الشريك في حصّة البائع إذا كان من أهلها ، ويحلف معه المشتري ، وإن لم يكن من أهلها حلف البائع ورجع على المشتري بنصف الثمن ولا يرجع الشريك بشي‌ء على المشتري ثمّ إن قامت البيّنة إمّا من المشتري أو من الشريك على البائع بالقبض لزمه حصّة الشريك ، وإلّا كان القول قوله مع اليمين ، ولو نكل حلف الشريك ، وأخذ منه.

والبيّنة تثبت الحكم في حقّ الشريك والمشتري ، أمّا اليمين مع الشاهد ، أو مع نكول البائع فيثبت الحكم في حقّ الحالف دون الآخر.

ولو أقرّ البائع أنّ الشريك قبض الثمن من المشتري ، وصدّقه المشترى وأنكر الشريك ، لم يبرأ المشتري من حصّة البائع ، لدفعها إلى غير وكيله ، ولا من حصّة الشريك ، لأنّ المشتري مدّع ، وتصديق البائع يتضمّن زوال الضمان عنه ،

__________________

(١) في «ب» : فيما.

٢٣٧

ولأنّ الشريك منكر فللشريك مطالبته بعد اليمين بحصّته ، وللبائع مطالبته بحصّة نفسه أيضا من غير يمين ، وليس له مطالبته بحصّة الآخر ، هذا إذا لم يأذن الشريك للبائع في الإقباض من غير قبض الثمن ، ولو أذن في ذلك قبل تصديق البائع على الشريك إن كان قوله مقبولا مع اليمين ، وإلّا فلا.

٤٥٢٢. الثاني والعشرون : قد يتحقّق غصب المشاع كالمقسوم بأن يغصب أحد الشريكين في عبد على أخذ حصّته ويمنعه من استخدامه دون الآخر ، أو يخرج أحد المالكين من الدار المشتركة ويسكن مع الآخر ، ويتعلّق الضمان بالغاصب ، ولو باع الغاصب والشريك العين ، مضى في حقّ الشريك ، ووقف في حقّ الآخر. وكذا لو باع الغاصب الجميع بوكالة الشريك ، أو غصب أحد الشريكين الآخر وباع الجميع.

٤٥٢٣. الثالث والعشرون : لو كان لكلّ واحد من الرّجلين عبد بانفراده ، فباعاهما صفقة واحدة بثمن واحد ، فإن تساوت قيمتهما صحّ البيع وقسّط الثمن بالسويّة ، وإن تفاوتت ، قال الشيخ : يبطل لجهالة ثمن كلّ واحد منهما (١) وقيل يصحّ. وهو قويّ. ولو كانا بينهما على الشياع ، صحّ البيع قطعا وكذا لو كانا لواحد.

ولو باع واحد عبدين متفاوتي القيمة صفقة ، ثم ادّعى أنّ أحدهما لغيره ، فعلى ما اخترناه لا بحث ، وعلى قول الشيخ إن صدّقه المشتري بطل البيع ، وإلّا حلف مع عدم البيّنة على عدم العلم ، وكانا له والثمن يأخذانه كما يؤخذ من الغاصب القيمة مع تعذّر المغصوب ، فإن فضل منه فضلة عن قيمتها ردّت إلى الحاكم يحفظها لمن يدّعيها منهم.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٣٥٦.

٢٣٨

٤٥٢٤. الرابع والعشرون : إذا باع الشريكان سلعة بينهما صفقة بثمن ، فلكل منهما مطالبة المشتري بحصّته (١) فإن استوفاه أحدهما شاركه صاحبه فيه ، وكان الباقي بينهما.

٤٥٢٥. الخامس والعشرون : كلّ ما تتساوى أجزاؤه ولا ضرر في قسمته ، تجب قسمته مع طلب بعض الشركاء ، ويجبر الممتنع.

وغير متساوي الأجزاء إذا لم يكن في قسمته ضرر ، كانت جائزة ، لكن لا يجبر الممتنع عليها ، كدارين يطلب أحدهما إحداهما والآخر الأخرى ، أو كدار يطلب أحدهما علوها والآخر سفلها ، أو تتضمّن القسمة ردّ مال من أحدهما ليجبر به حصّة الآخر ، وما تتضمّن قسمته الضّرر كالجوهرة (٢) والحجر الواحد ، والحمامات ، لا تجوز قسمتها ، وإن رضى بها الشركة.

ولو كان بين اثنين وقف لم تجز قسمته بينهما ، ولو كانت حصّة أحدهما طلقا جاز قسمتها مع الوقف.

والقسمة تقتضي التمييز وليست بيعا ، وإنّما تصحّ مع اتّفاق الشركاء وتكون بتعديل السهام والقرعة ، ولو طلب أحد الشركاء التمييز لم يجبر الباقون عليه ، ولو جعل لهم التميز ففي إجبارهم نظر.

٤٥٢٦. السادس والعشرون : إذا أخرج أحدهما دراهم والآخر دنانير لم تصحّ الشركة ، فإن اشتريا بهما ثوبا كان لهما ، فإذا أراد القسمة نظر إلى نقد البلد ، وقوّما الثوب به ، وقوّما الآخر أيضا به ، ويكون التقويم حين صرف الثمن فيه.

__________________

(١) في «أ» : بحقّه.

(٢) في «أ» : كالجوهر.

٢٣٩

٤٥٢٧. السابع والعشرون : إذا كانت الشركة فاسدة ، وكانت شركة العنان ، وباع أحدهما واشترى ، صحّ عملا بالإذن ، والمال في يده أمانة ، والربح على قدر رأس المالين (١) ويرجع كلّ منهما بأجرة عمله في مال الآخر ، وإن كانت شركة المفاوضة فحكمها كذلك وأمّا شركة الأبدان ، فإنّها باطلة ، ولكل منهما أجرة عمله ، ولو امتزج العمل ، كان الحكم فيه الصلح ، وأمّا شركة الوجوه فإنّها باطلة كما تقدّم ، فإن اشترى أحدهما لهما اشتركا فيه ، وإن اشتراه لنفسه كان له خاصّة.

__________________

(١) في «ب» : رأس المال.

٢٤٠