تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

نهارا للخدمة والسفر بها ، فإذا أمسكها نهارا ، فالأقوى سقوط النفقة عن الزّوج ، وإن لم يمسكها وجبت.

٤٩٥٦. الخامس والعشرون : يجوز للوليّ أن يوكّل غيره في تزويج المولى عليه ، ولا تفتقر الوكالة إلى شهود كالنكاح ، ولا فرق في ذلك بين ولاية الإجبار كالأب والجدّ ، وبين ولاية الاختيار كالوكيل ، وكما يجوز للوليّ أن يوكّل مع تعيين الزّوج فكذا يجوز مطلقا.

٤٩٥٧. السادس والعشرون : لو زوّجها الوليّ بغير الكف‌ء كان لها الفسخ ، ولو زوّجت هي نفسها كان لازما.

والكفاءة فسّرها الشيخ رحمه‌الله بالإيمان والقيام بالنفقة (١) ولو زوّجت نفسها بدون مهر المثل ، لم يكن لأحد الاعتراض.

ولو ادّعى وكالة الغائب في التزويج ، فزوّجها له (٢) ، وضمن المهر ، ثمّ حلف الموكّل ، رجعت على الوكيل بنصف المهر لا بجميعه ، ولو مات الغائب لم ترثه إلّا مع البيّنة بالوكالة أو تصديق الورثة ، ولو زوّجه بأكثر من المأمور لم يصحّ المهر ، وكذا لو زوّجه بغير الجنس ، ولو زوّجه بأقلّ منه جاز.

ولو قال لها : إنّ زوجك الغائب طلقك ووكّلني في استئناف العقد بألف ، فعقد وضمن ، ثم أنكر الغائب ، فالنكاح الأوّل بحاله ، وهل يثبت في ذمّة الضامن؟ فيه تردّد ، ينشأ من براءة ذمّة الأصل ، فالفرع أولى ، ومن اعتراف الفرع بثبوت الحقّ في ذمّته.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ١٧٤.

(٢) هذا ما أثبتناه ولكن في النسختين : فتزوّجها له.

٤٤١

٤٩٥٨. السابع والعشرون : إذا أذنت الجماعة في التزويج ، فزوّجها كل واحد منهم برجل ، كان العقد للسابق ، وإن دخل بها الثاني وتردّ إلى الأوّل بعد العدة ، ولها مهر المثل ، ولو لم يدخل ، فلا مهر ولا عدّة.

ولو اقترنا ، أو لم يعلم السبق وعدمه ، أو لم يعلم عين السابق ، بطل الجميع.

ولو علم سبق أحدهما ، ثمّ أشكل ، توقف أبدا حتّى يتبيّن.

ولو ادّعى كلّ منهما علمها بالسبق ، فحلفت ، أو نكلت ، فحلفا أو نكلا ، بطل النكاحان.

ولو اعترفت لهما قال الشيخ : فهو كلا اعتراف ، ويبطل العقدان (١) ولو قيل : ببقاء الدّعوى كان وجها ، ولو نكلت فحلف أحدهما ونكل الآخر ، صحّ نكاح الحالف.

ولو اعترفت لأحدهما ، ثبت نكاحه ، وقوّى الشيخ رحمه‌الله إحلافها على عدم العلم للثاني ، لأنّها لو اعترفت لزمها مهر المثل ، فإذا حلفت بقي التداعي بينهما (٢) وكذا لو ادّعى زوجيّتها اثنان ، فاعترفت لأحدهما ، فإن اعترفت للثاني ففي إلزامها بمهر المثل وجهان ، وإن نكلت أحلف الثاني ، ولا يحكم بها له ، وقوّى الشيخ عدم لزوم مهر المثل (٣) فلا فائدة حينئذ في إحلافه ، والأقرب عدم سماع الدعوى على الوليّ (٤).

ولو ادّعى وارث الزّوج أنّ أخاها زوّجها بغير إذنها ، فالقول قولها ،

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ٤ / ١٨٢. (قال الشيخ : فإن اعترفت بأنّ كلّ واحد منهما هو السابق ، فهذا كلا اعتراف ، وقضينا ببطلان النكاحين).

(٣) المبسوط : ٤ / ١٨٣.

(٤) في «أ» : «على الثاني».

٤٤٢

ولو سمع من الرّجل ادّعاء زوجيّة المرأة ، وكذا المرأة ، حكم بالتوارث بينهما ، ولو سمع من أحدهما دون الآخر ، ورث الساكت المقرّ ، دون العكس ، ولو تزوّج امرأة في عقد وامرأتين في آخر ، وثلاثا (١) في آخر ، وأشكل ، صحّ عقد الواحدة خاصة ، إن قلنا ببطلان العقد فيما إذا تزوّج رابعة وخامسة في عقد ، وإلّا فلا.

٤٩٥٩. الثامن والعشرون : العبد المأذون له في التجارة إذا كانت له أمة فهي لسيّده ، له أن ينكحها من شاء ، سواء كان على العبد دين مستغرق لقيمتها أو لا ، وله أن يطأها ، ولا يعتبر في ذلك كله رضا العبد ، ولا ظهور الحجر على العبد ، وليس للعبد ولاية النكاح على ابنته ، بل أمرها إلى مالكها ، إن كانت مملوكة ، ولو وكّل حر عبدا في عقد النكاح ، جاز ، سواء كان إيجابا أو قبولا.

٤٩٦٠. التاسع والعشرون : يقول الوليّ للوكيل في القبول : زوّجت فلانة من فلان ، ولا يقول : منك ، ويقول الوكيل : قبلت لفلان ، ولو قال : قبلت ، وسكت ، فالأقرب ، الانعقاد ، ولو قبل الوكيل نكاحا ونواه لموكله ، لم يقع له بخلاف البيع.

٤٩٦١. الثلاثون : للأب أن يزوّج ابنه الكبير المجنون ، ولا يزيد على واحدة ، وإن جاز أن يزوّج من الصغير أربعا ، وكذا الجدّ ، وهل يزوّج الصغير المجنون؟ فيه نظر ، أمّا المجنونة فيزوّجها مع المصلحة وإن كانت صغيرة ، ولو بلغت عاقلة ، ثم جنّت ، عادت ولاية الأب ، وهل للمعتقة في المرض (٢) تزويج نفسها؟ فيه تردّد ، ينشأ من إمكان عودها إلى الرق ، ومن حصول الحرية حالة العقد.

__________________

(١) في «ب» : وثلاثة.

(٢) في «ب» : وهل للمعتقة في الزمن.

٤٤٣
٤٤٤

المقصد الثاني : في المحرّمات

ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه خمس عشرة امرأة محرّمة ، (١) منها ما هو بالنّسب ، ومنها ما هو بالسّبب.

فالنسب : الأمّ والبنت والأخت والعمّة والخالة وبنات الأخ وبنات الأخت.

والسبب ضربان : أحدهما يقتضي التأبيد ، والآخر على الجمع ؛ فالأوّل الرضاع والمصاهرة وأسباب أخر ، ونحن نذكر أحكام ذلك كلّه في فصول.

الفصل الأوّل : في المحرّمات بالنسب

وفيه ثلاثة مباحث :

٤٩٦٢. الأوّل : المحرّمات بالنسب سبعة :

الأمّ حقيقة ومجازا ، فالحقيقة الوالدة ، والمجاز أمّهاتها وإن علون ، وكذا أمّ الأب وأمهاتها وأم الجدّ وأمّ أبي أمّ الأب.

والبنت حقيقة ومجازا ، فالحقيقة بنت الصلب ، والمجاز بنت البنت وبنت الابن وإن نزلتا.

والأخت سواء كانت لأب أو لأم أو لهما.

__________________

(١) النساء : ٢٢ ـ ٢٤.

٤٤٥

والعمة سواء كانت حقيقة أو مجازا ، فالحقيقة أخت الأب لأبيه أو لأمه أو لهما ، والمجاز أخت الجد وإن علا كذلك.

والخالة حقيقة ومجازا ، فالحقيقة أخت الأم ، والمجاز أخت أم الأم وإن علت ، وأخت أبي الأم ، وإن علا ، سواء كانت من أب أو أمّ أو منهما.

وبنات الأخ حقيقة ومجازا ، فالحقيقة بنت الأخ ، والمجاز بنت ابن الأخ ، أو بنت بنت الأخ ، وإن سفلن.

وبنات الأخت حقيقة ومجازا ، فالحقيقة بنت الأخت ، والمجاز كبنت ابن الأخت أو بنت بنت الأخت وإن سفلن ، وهؤلاء يحرمن على التأبيد ، والضابط فيه أنّه يحرم على الرجل أصوله وفروعه وفروع أوّل اصوله وأوّل فرع من كل أصل بعد أصل وإن علا.

٤٩٦٣. الثاني : النسب يثبت بالوطء الصحيح والشبهة ، ولا يثبت بالزنا شرعا ، فلو ولد من الزنا لم يلتحق به ، ولا يحل له ولا لأولاده وآبائه وأعمامه وطؤه إن كان أنثى ، وإن كان ذكرا لم يحل له بنت الزاني ، ولا ينعتق عليه لو ملكه ، أمّا المنفية باللعان ، فإنها لا تحرم عليه إن لم يكن قد دخل بالأم ، ولا على غيره مطلقا.

٤٩٦٤. الثالث : لو وطئت المطلقة بالشبهة فأتت بولد لأقل من ستة أشهر من وطء الثاني ولأكثر من عشرة من وطء الأوّل

لم يلتحق بأحدهما ، ولو كان بين العشرة والستّة فهو له ، وإن كان لستّة من الثاني ولأقلّ من عشرة من الأوّل احتمل القرعة ولحوقه بالثاني ، وحكم اللبن تابع للنسب ، ولو لاعن لنفي الولد بطل النسب عن صاحب الفراش ، وكان اللبن تابعا أيضا ، ولو اعترف به بعد ذلك ، عاد نسبه ، وليس له ميراث منه ، بل الولد يرثه.

٤٤٦

الفصل الثاني : في الرضاع

ومطالبه أربعة

[المطلب] الأوّل : في أركانه

وهي ثلاثة : المرضعة واللبن والمحلّ

فهاهنا أربعة مباحث :

٤٩٦٥. الأوّل : المرضعة كل امرأة حيّة والدة بالنكاح الصحيح ، دائما كان أو متعة أو ملك يمين وشبهه كنكاح الشبهة ، وسواء كانت الولادة عن تمام أو سقط ، فلا اعتبار بلبن البهيمة ، ولا لبن الرجل ، ولا الميتة ، ولا من درّ لبنها من غير ولادة ، ولا من لبنها من زنا ، ويعتد بلبن المنكوحة بالشبهة على الأقوى.

ويستحبّ أن تكون عاقلة مسلمة عفيفة وضيئة ، (١) ويكره استرضاع الكافرة فان اضطرّ استرضع الذمّية ومنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، وكره له تسليم الولد لتحمله إلى منزلها.

ويتأكد الكراهية في استرضاع المجوسيّة ، ويكره أيضا استرضاع من ولدت أو ولدت من زنا وذات البدعة في دينها والسوء في خلقها (٢) والحمق.

__________________

(١) قال الطريحي في مجمع البحرين : امرأة وضيئة : أي حسنة جميلة.

(٢) في «أ» : والتشويه في خلقها.

٤٤٧

٤٩٦٦. الثاني : لا يشترط دوام النكاح وقت الرضاع ، فلو طلق الحامل أو المرضع فأرضعت بعد مفارقته بلبنه نشر الحرمة ، سواء أرضعته قبل انقضاء العدة أو بعدها ، انقطع لبنها ثم عاد ، أو ثبت ولم ينقطع ، وسواء زاد أو نقص ، وكذا لو تزوّجت بآخر ودخل بها وحملت ، ولو انقطع اللبن ثمّ عاد في وقت إمكانه للثاني ، كان له دون الأوّل ، ولو اتصل حتّى وضعت من الثاني ، كان ما قبل الوضع للأوّل وما بعده للثاني.

٤٩٦٧. الثالث : يشترط في اللبن وصول عينه صرفا إلى المحل بامتصاص الطفل من الثدي ، فلو حصل منه جبن أو أقط (١) أو مزج بغيره من مائع أو غيره مؤثر في التغذية أو لا ، لم ينشر الحرمة ، وكذا لا اعتداد به لو وجر في حلقه ، أو سعط به ، أو حقن ، أو قطر في إحليله أو جراحة بحيث يصل إلى المعدة ، وإنّما الاعتبار بما يرتضعه من الثدي.

ولو جعل في فم الصبيّ مائع ورضع فامتزج حتّى خرج عن كونه لبنا ، لم ينشر.

٤٩٦٨. الرابع : المحل هو معدة الصبيّ الحيّ ، فلا اعتبار بإيصال اللبن إلى جوف من تجاوز الحولين ، ولو رضع العدد إلّا رضعة ، فتمّ الحولان ثم أكمله بعدهما ، أو أكمل الحولان ولم يرو من الأخيرة ، لم ينشر ، بخلاف ما لو تمّت الرضعة مع كمالهما ، ولا اعتبار بإيصال اللبن إلى معدة الميّت.

__________________

(١) قال الطريحي في مجمع البحرين : الأقط ـ بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها ـ : لبن يابس مستحجر يتخذ من مخيض الغنم.

٤٤٨

المطلب الثاني : في شرائطه

وهي أربعة :

٤٩٦٩. الأوّل : أن يكون اللبن عن نكاح صحيح ، وقد تقدّم.

٤٩٧٠. الثاني : العدد وهو ما أنبت اللحم وشدّ العظم ، أو يرتضع يوما وليلة ، أو خمس عشرة رضعة فما زاد ، فلو رضع دون العشرة ، لم يعتدّ به ، وفي العشرة قولان.

ويشترط في الرضعات أمور ثلاثة : ان تكون الرضعة كاملة ، وتواليها ، وارتضاعها من الثدي ، وتقدير الرضعة عرفي ، وقيل أن يروي الصبيّ ويصدر من قبل نفسه (١) فلو التقم الثدي وترك ثم عاود ، فإن كان تركه أوّلا للإعراض ، فهي رضعة كاملة ، وإن كان لا كذلك ، كالتنفس ، أو الالتفات إلى ملاعب ، أو الانتقال من ثدي إلى آخر ، فهما رضعة واحدة ، ولو منع قبل إكمال الرضعة ، سقطت من العدد ، ونعني بتوالي الرضعات عدم الفصل برضاع أخرى ، فلو رضع من واحدة بعض العدد ، ثم رضع أخرى ، بطل حكم الأوّل.

ولو كان للرجل خمس عشرة مرضعة أو أقلّ فارتضع منهنّ العدد لم يعتد ما لم يكمل من واحدة خمس عشرة رضعة متوالية ، ولو فصل لا برضاع امرأة أخرى بل بوجور الصبيّ اللبن أو بحقنته أو بتسعطه (٢) لم يعد فصلا ، ولو شككنا في العدد ، فلا تحريم ، ولو شككنا في وقوعه بعد الحولين فكذلك ، تغليبا لأصالة عدم التحريم على أصالة بقاء المدّة.

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ٥ / ٢٩٤.

(٢) في «ب» : أو بتسعيطه.

٤٤٩

٤٩٧١. الشرط الثالث : وقوعه في الحولين بالنسبة إلى المرتضع ، وهل يشترط في ولد المرضعة ذلك؟ الأقرب عدمه ، فلو كمل لولدها حولان ، ثم أرضعت من اللبن من له دونهما نشر الحرمة.

٤٩٧٢. الرابع : أن يكون اللبن لفحل واحد ، فلو أرضعت اثنين بلبن فحلين ، لم يحرم أحدهما على الآخر ، ولو أرضعت واحدا كمال العدد من لبن فحلين فلا حرمة ولم تصر أمّا ، ولو أرضعت بلبن فحل واحد جماعة حرم بعضهم على بعض ، ولو أرضعت زوجاته جماعة كل واحدة واحدا حرم التناكح بينهم أيضا.

المطلب الثالث : في أحكامه

وفيه أربعة عشر بحثا :

٤٩٧٣. الأوّل : إذا حصل الرضاع بشرائطه انتشرت الحرمة من جهة المرتضع إلى المرضعة والفحل ، ومنهما إليه ، فأمّا من جهته إليهما ، فانّما يتعلّق به خاصّة وبنسله ، دون من هو في طبقته ، كإخوته وأخواته ، أو أعلى منه ، كأمّهاته وجدّاته وأخواله وخالاته ، أو آبائه وأجداده وأعمامه وعمّاته ، ويكون الحكم فيمن هو في طبقته أو أعلى حكم من لم يحصل معه رضاع ، فيجوز للفحل نكاح أخت المرتضع ونكاح أمّهاته وجدّاته ، وإن كان للمولود أخ حل له نكاح المرضعة ونكاح أمّهاتها وأخواتها ، كذا ذكره في المبسوط ثمّ قال : وروى أصحابنا أنّ جميع أولاد هذه المرضعة وجميع أولاد الفحل يحرمون على هذا المرتضع

٤٥٠

وعلى أبيه وجميع إخوته وأخواته وأنّهم صاروا بمنزلة الإخوة والأخوات وخالف جميع الفقهاء في ذلك.

وأمّا الحرمة المنتشرة من جهتهما إليه فانّها تعلّقت بكل واحد منهما ، ومن كان من نسلهما وأولادهما ، ومن كان في طبقتهما من إخوتهما وأخواتهما ، ومن كان أعلى منهما من آبائهما وأمّهاتهما ، وجملته : أنّك تقدّره بولدهما (١) من النسب ، فكلّ ما حرم على ولدهما من النسب ، حرم عليه ، فالمرضعة أمّ رضاعا ، وأختها خالة ، وأخوها خال ، وأمّها جدة كلّهنّ حرام عليه ، ولو كان لأمّه من الرضاع بنت من غير أبيه من الرضاع ، حرمت عليه إن كانت من النسب ، وإن كانت من الرضاع لم تحرم ، وزوج المرضعة أب من الرضاع ، وأخوه عمّ المرتضع ، وأخته عمّته ، وآباؤه أجداده ، وان كان لهذا الفحل ولد من غير هذه المرضعة فهو أخ لأب يحرم على المرتضع سواء كان من الولادة أو من الرضاع ، ولو أرضعت ذات الابن ذات الأخت جاز للابن نكاح الأخت ، وهذه جملة أصول الرضاع يهتدى منها إلى تفاصيل فروعه (٢).

ونازع ابن إدريس في بعضها فقال : لا يجوز للفحل ان يتزوّج بأخت المرتضع ولا بجدّته ، كما لا يجوز في النسب أن يتزوج بأخت ابنه ولا بأمّ امرأته ـ قال ـ : وليس التحريم في النسب لأجل المصاهرة ، لأنّه لا مصاهرة هناك. وهو خطأ ـ قال ـ : وكذلك أمّ أمّ ولده من الرضاع تحرم كما حرمت من النسب (٣) وفيه ضعف لأنّها حرمت في النسب للمصاهرة أيضا لا باعتبار النسب.

__________________

(١) كذا في المصدر وفي بعض النسخ «كولدهما».

(٢) المبسوط : ٥ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، نقله المصنّف بتلخيص.

(٣) السرائر : ٢ / ٥٥٥.

٤٥١

٤٩٧٤. الثاني : كلّ من ينتسب إلى الفحل من الأولاد وإن نزلوا يحرمون على هذا المرتضع ، سواء كانوا أولادا نسبا أو رضاعا ، وكل من ينتسب إلى المرضعة ولادة وإن نزلوا يحرمون عليه ، ولا يحرم عليه من ينتسب إليها بالبنوّة رضاعا.

٤٩٧٥. الثالث : لا يجوز لأب المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن ولادة ولا رضاعا ، ولا في أولاد زوجته المرضعة ولادة ، لأنّهم في حكم ولده ، وقد تقدّم رواية أصحابنا في ذلك ، أمّا أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن ، فهل لهم أن ينكحوا في أولاد هذه المرضعة وأولاد فحلها؟ الوجه ، الجواز.

ولو أرضعت امرأة ابنا وبنتا لاثنين ، جاز لإخوة كل منهما أن ينكح في إخوة الآخر.

٤٩٧٦. الرابع : الرضاع بشرائطه إذا سبق النكاح منع من صحّته ، وإذا حصل عقيبه أبطله ، فلو تزوّج رضيعة فأرضعتها امرأة محرّمة عليه ، فإن كانت عمّته أو خالته لم تحرم ، وإن أرضعتها أمّه أو أخته أو بنته حرمت عليه ، وإن أرضعتها امرأة أبيه ، فإن كان بلبن أبيه حرمت عليه ، وإلّا فلا ، وكذا التفصيل لو أرضعتها امرأة ابنه أو أخيه.

ويثبت للمرضعة نصف المسمى إن تولّت المرضعة إرضاعها ، ويرجع الزوج به على المرضعة إن قصدت الفسخ ، وإن لم تقصد فلا رجوع على إشكال في تضمين البضع ، وإن انفردت المرتضعة بالارتضاع ، مثل أن سعت إليها فامتصت ثديها من غير شعور المرضعة ، سقط مهرها.

ولو زوّج أمّ ولده بعبده الصغير ، فأرضعته من لبن مولاه ، حرمت على العبد والمولى ، وكذا لو تزوجت كبيرة بصغير ، ثمّ فسخت إمّا لعيب ، أو لعتق متجدّد ، أو لغيرهما ، ثمّ تزوّجت وأرضعته بلبن الثاني ، حرمت عليهما معا.

٤٥٢

٤٩٧٧. الخامس : لو أرضعت إحدى زوجتيه الأخرى ، فإن كان بلبنه حرمتا مؤبّدا ، وإن كان من غيره ، فالأم كذلك والبنت أيضا إن كان دخل بالأم ، وإلّا حرمت جمعا ، وللصغيرة نصف المسمى ، ويرجع به الزوج على الكبيرة ، وللكبيرة مهرها إن كان دخل بها ، وإلّا فلا شي‌ء لها ، لأنّ الفرقة جاءت منها قبل الدخول.

ولو أرضعت الكبيرة زوجتيه ، حرمت إن كان دخل بالكبيرة ، وإلّا فالكبيرة مؤبدا والصغيرتان جمعا.

ولو أرضعت زوجته الصغيرة إحدى الكبيرتين ثم الأخرى ، حرمن كلّهنّ وقيل : تحرم المرتضعة وأولى المرضعتين وقوّاه الشيخ (١) وهو ضعيف ، ولو أرضعت بعد طلاقه زوجته الأخرى حرمتا أيضا.

٤٩٧٨. السادس : لو أرضعت أمته الموطوءة زوجته حرمتا معا ، وعليه نصف مهر الصغيرة ، ولا يرجع به على الأمة ، ولا يزول ملكه عنها ، ولو كانت أمته غير موطوءة لم تحرم الزوجة ، ولم ينفسخ نكاحها ، ولو كانت مكاتبته رجع عليها ، لأنّ السيد يثبت له حق على مكاتبته ، ولو كانت موطوءة بالعقد رجع به عليها بعد العتق.

٤٩٧٩. السابع : لو تزوّج كلّ من الرجلين بامرأة الآخر بعد الطلاق ، ثم أرضعت إحداهما الأخرى ، حرمت المرضعة عليهما معا ، والمرتضعة على من دخل بالمرضعة.

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ٥ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ ؛ والنهاية : ٤٥٦.

٤٥٣

ولو طلّق زوجتيه ، فتزوّجهما آخر وأرضعت إحداهما الأخرى ، حرمت الكبيرة عليهما معا مؤبدا والصغيرة على من دخل بالكبيرة.

ولو زوّج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ، ثم أرضعت جدّتهما أحدهما ، انفسخ النكاح ، لأنّ المرتضع إن كان هو الذكر ، فهو عم زوجته أو خالها ، وإن كان الأنثى فهي عمته أو خالته.

٤٩٨٠. الثامن : لو أرضعت زوجته زوجتين من ثلاث صغائر بلبن غيره دفعة واحدة ، بأن تعطي كلّ واحدة ثديا من الرضعة الأخيرة ، حرمت الكبيرة عينا ، والصغيرتان كذلك ، إن كان دخل بالكبيرة ، وإلّا جمعا ، فإن أرضعت الثالثة حرمت عينا ، إن كان دخل بالكبيرة ، وإلّا لم تحرم عينا ولا جمعا ، ولو أرضعت إحدى الثلاثة ثمّ الأخيرتين دفعة ، حرمت الكبيرة عينا ، والأولى كذلك إن كان دخل ، وإلّا جمعا ، والأخيرتان عينا إن كان دخل ، وإلّا جمعا أيضا ، ولو أرضعتهن على التعاقب ، حرمت عينا والأولى إن كان دخل بها ، وإلّا جمعا ، وأمّا الثانية ، فإن كان دخل بالأم حرمت عينا ، وإلّا لم تحرم عينا ولا جمعا ، وأمّا الثالثة فيحتمل تحريمها خاصة ، كمن تزوّج بأخت امرأته ، فإنّ التحريم يختص بها ، ويحتمل تحريمها مع الثانية ، لأنّهما بإرضاع الثالثة صارتا أختين في حالة واحدة ، فانفسخ نكاحهما دفعة واحدة ، وهو قويّ ، هذا إذا لم يدخل بالأم ، فإن كان قد دخل حرمن كلّهن مؤبدا.

٤٩٨١. التاسع : لو أرضعت زوجاته الثلاث الرابعة ، حرمت المرضعات مؤبدا

والصغيرة كذلك إن كان قد دخل بإحداهن ، وإلّا جمعا ، ولو أرضعت بنات زوجته الثلاث ثلاث زوجاته ، (١) كلّ بنت زوجة دفعة بأن يرضعن الرضعة الأخيرة

__________________

(١) قال المحقق الثاني : لو كان له زوجة كبيرة وثلاث صغائر ، وللكبيرة ثلاث بنات مراضع ، فأرضعت كلّ واحدة منهنّ صغيرة من الثلاث الرضاع المحرّم. جامع المقاصد : ١٢ / ٢٥٢.

٤٥٤

في حالة واحدة ، حرمت الكبيرة لأنّها جدّة زوجاته ، فإن كان دخل بها حرمت الصغائر مؤبدا ، وإلّا انفسخ نكاحهن ، وجاز له تجديد العقد عليهن جمعا ، لأنّهن بنات خالات ، ولكلّ من الصغائر نصف المسمّى ، يرجع به الزّوج على المرضعات ، وللكبيرة النصف إن لم يكن دخل ، والجميع مع الدخول ، يرجع به الزوج أيضا على البنات ، ولو تعاقب الإرضاع حرمت الكبيرة بالأولى ، وحرمت الصغيرة إن كان دخل بالكبيرة عينا ، وإلّا جمعا ، وأمّا الثانية والثالثة فإن كان دخل بالكبيرة فإنّهما تحرمان مؤبّدا ، ولهما نصف المسمّى ، ويرجع على مرضعة كل واحدة به ، وإن لم يكن دخل كان نكاحهما بحاله.

ولو أرضعت أمّ زوجته الكبيرة الزوجة الأخرى ، انفسخ نكاحهما ، لأنّ الصغيرة أخت ، ولو أرضعتها جدّتها صارت خالة ، ولو أرضعتها أخت الكبيرة ، فالكبيرة خالة ، فإن رضيت فلا فسخ ، لأنّه يجوز الجمع بين المرأة وخالتها ، وإن أرضعتها أمّ أبي الكبيرة ، فالصغيرة عمّة للكبيرة ، لأنّها أخت أبيها ، وانفسخ النكاح هنا ، إذ لا يمكن اعتبار رضا العمّة لصغرها.

ولو أرضعت امرأة أخ الكبيرة الصغيرة ، فالكبيرة عمّة إن رضيت لم ينفسخ النكاح وينفسخ النكاح في كلّ هذه المواضع للجمع ، ولا تحرم للتأبيد سواء دخل بالكبيرة أو لا.

٤٩٨٢. العاشر : يحرم من المصاهرة في الرضاع ما يحرم منها في النسب ، فمن تزوّج امرأة لها أمّ من الرضاع أو بنت ، حرمتا عليه مؤبدا ، ولو كان لها أخت من الرضاع ، حرمت جمعا لا عينا ، ولو كان لها بنت أخ أو بنت أخت حرمتا جمعا إن لم ترض العمّة والخالة ، وإلّا فلا تحريم.

٤٥٥

ولو نكح الأب من الرضاع أو الابن امرأة حرم على الآخر نكاحها ، ولو زنى بامرأة حرم عليه أمّها من الرضاع ، إن قلنا بالتحريم في النسب.

ولو لاط بغلام حرم عليه أمّه وأخته وبنته من الرضاع كالنسب ، وبالجملة حكم الرضاع حكم النسب في التحريم سواء ، وللابن أن ينكح أمّ البنت الّتي لم ترضعه.

ولو أرضعت امرأة صبيّين صارا أخوين ، ولكلّ منهما أن ينكح أمّ أخيه من النسب ، بخلاف الأخوين من النسب ، لأنّ أمّ الأخ من النسب انّما حرمت لأنّها منكوحة الأب بخلاف أمّ الأخ من الرضاع ، وكذا لو كان لأخيه من النسب أم من الرضاع ، جاز له أن يتزوّج بها ، وكذا لو أرضعت أمّه من النسب صبيّا صار أخاه ، وكان له أن يتزوّج أمه.

٤٩٨٣. الحادي عشر : لو وطأ الأب زوجة الابن للاشتباه ، ففي تحريمها على الولد إشكال ، منشأه الآية (١) ، وأصالة التحليل ، وتردّد الشيخ فيه (٢) ، والأقرب ، التحليل ، فعلى التحريم لو لم يعلم الولد فوطئها حرمت عليهما معا ، ولها على الولد ، المسمّى إن كان دخل قبل الفسخ ، وإلّا فالنصف ومهر المثل لوطئها بالشبهة ، وعلى الأب مهر المثل أيضا ، ولا يرجع الابن على الأب ، وإن كان قد حال بينه وبينها ، بخلاف ما لو أرضعتها أمّه ، لأن الأب لزمه مهر المثل بالوطء ، ولا يجب عليه ثانيا ، أمّا الأم فلم يجب عليها للزوجة مهر بإرضاعها ، ويحتمل الرجوع ، لأنّ المهر ثبت على الأب بوطئه وإتلاف بضعها عليها ، ووجب لولده

__________________

(١) (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ). النساء : ٢٢.

(٢) لاحظ المبسوط : ٥ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦.

٤٥٦

عليه لأجل الحيلولة ، فلا يسقط أحدهما بالآخر ، وقوّاه الشيخ تفريعا على التحريم (١) وهو قويّ.

٤٩٨٤. الثاني عشر : قد بيّنا أن اللبن تابع للنسب ، فلو زنى بامرأة وأرضعت بلبنه مولودا ، لم يصر أبا ، ولا المرضعة أمّا ، ولا الولد أخا ، أمّا لو وطأ لشبهة فأتت بولد ورضعت من لبنه ، كان المرتضع تابعا ، فإن لحق الولد بالأوّل ، فالمرتضع كذلك ، وكذا الثاني ، ولو انتفى عنهما ، بأن أتت به لأقل من ستة اشهر من وطء الثاني ولأكثر من عشرة من وطء الأوّل ، فالمرتضع منفيّ عنهما أيضا ، ولو أمكن إلحاقه بهما ألحق بمن تخرجه القرعة ، فمن خرج اسمه فهو له ، وتبعه المرتضع ، وليس لولد الشبهة أن يتزوّج ببنت أحدهما قبل القرعة ، وأمّا بعدها فيجوز له نكاح بنت من انتفى عنه بها ، ولو نفى الرجل الولد باللعان ، فأرضعت الأمّ بلبنه كانت أمّا للمرتضع ، ولم يكن الزوج أبا ، ولو استلحقه بعد اللعان لحق به ، وورثه الولد ، وهو لا يرث الولد ، وكان الرضيع تابعا أيضا.

٤٩٨٥. الثالث عشر : لو ارضعت أمّ ولده زوجة ولده ، حرمت زوجة الولد عليه مؤبّدا

دون أمّ الولد على الوالد ، وللصغيرة نصف المسمّى على الولد ، قال الشيخ : ويرجع به على سيّدها كما لو جنى عبده القنّ فاختار أن يفديه ، ويضمن أقلّ الأمرين من القيمة أو نصف المسمّى. (٢)

٤٩٨٦. الرابع عشر : لو أرضعت امرأة صغيرة فتزوّج بهما رجل قبل إكماله صحّ ، فإن أكملته انفسخ نكاحهما ، وحرمت الكبيرة مؤبدا والصغيرة كذلك إن كان دخل بالكبيرة ، وإلّا جدّد العقد إن شاء ، وللصغيرة نصف المهر ، ويرجع

__________________

(١) المبسوط : ٥ / ٣٠٦.

(٢) المبسوط : ٥ / ٣١٠.

٤٥٧

الزوج به على الكبيرة ، إن انفردت بإرضاعها ، وللكبيرة المهر إن كان دخل بها ، وإلّا فالنصف إن لم تكن سببا في الفسخ وإلّا فلا.

المطلب الرابع : في لواحقه

وفيه سبعة مباحث :

٤٩٨٧. الأوّل : لا يثبت الرضاع إلّا بشاهدين عدلين ، وقال بعض علمائنا :

يثبت بشهادة رجل وامرأتين وأربع نساء أيضا. (١) وهو متروك ، ولو أقرّ الرجل قبل العقد أو المرأة ، ثبت حكم التحريم ، ولو أقرّ أحدهما بعد العقد ، لم يلتفت إليه إلّا بالبيّنة أو تصديق الآخر له ، لكن إن كان المقرّ الزوج قبل الدخول ، انفسخ النكاح ، وكان لها نصف المهر ، ولو كان معه بيّنة أو صدّقته فلا شي‌ء عليه ، وله إحلافها مع ادّعاء العلم ، وإن كان بعد الدخول ، ثبت لها المهر المسمّى كملا ، سواء أقام بيّنة أو لا ، صدّقته أو لا ، وإن كان المرأة (٢) لم يقبل قولها.

ويستحب له أن يطلّقها لتحل لغيره ، ولا يندفع النكاح لو لم يطلّقها ، لكنّها لا تقدر على طلب المهر ، ولو كان مقبوضا لم يقدر الزوج على استرداده مع الإنكار ، فإن ادّعت علمه بذلك ، أحلف على نفي العلم ، فإن حلف فهي على النكاح ، وإلّا حلفت على القطع وفرّق بينهما.

٤٩٨٨. الثاني : لو أقرّ بالرضاع مع عدم الاحتمال ، لم يؤثر تحريما ، كمن أقرّ لأصغر سنّا منه أنّها أمّه من الرضاع ، فإنّها لا تحرم عليه ، وكذا لو أقرّ لعبده وهو أكبر سنّا منه ، أنّه ابنه ، لم يعتق عليه.

__________________

(١) ذهب إليه ابن حمزة في الوسيلة : ٢٢٢ ، وسلّار في المراسم : ٢٣٣.

(٢) عطف على قوله : «إن كان المقرّ الزّوج».

٤٥٨

٤٩٨٩. الثالث : إذا أقرّ أحدهما قبل العقد بالرضاع المحرم ، ثم رجع ، وقال : وهمت ، أو كذبت ، لم يقبل رجوعه في ظاهر الحكم ، ويدين فيما بينه وبين الله تعالى ، فإن كان صادقا في الأوّل ، حرمت ظاهرا وباطنا ، وإن كان كاذبا ، حرمت ظاهرا خاصّة.

٤٩٩٠. الرابع : لا تقبل الشهادة في الرضاع إلّا مفصّلة ، فلو شهد بأنّ هذا ابن هذا من الرضاع أو أخوه ، لم يسمع حتّى يقولا : نشهد أنّها أرضعته خمسة عشر رضعة متفرقات ، خلص اللبن منهنّ إلى جوفه في الحولين بمصّ الثدي ، لم يفصل بينهنّ برضاع أخرى.

ويبني الشاهدان في وصول اللبن إلى الجوف على الظاهر من تحريك شفتيه عند التقام الثدي المعلوم وجود اللبن فيه مصا على العادة حتّى يصدر من قبل نفسه للشبع لا للعود ، ولا يكفي أن يحكي القرائن فيقول : رأيته قد التقم الثدي وحلقه يتحرك ، ولو أدخلته تحت ثيابها ، ولم يشاهداه ملتقما ثديها لم يجز لهما أن يشهدا.

٤٩٩١. الخامس : قد بيّنا أنّ الرضاع انّما يستتبع أحكامه لو حصل اللبن عن ولادة ، وهو إنّما يتحقق في المرأة ، فالخنثى إذا ولدت حكم بأنّها امرأة إلّا على ما يروى في الشواذ : انّ خنثى ولدت وأولدت فينشر لبنها الحرمة إن كانت امرأة ، وإن كانت ذكرا لم ينشر ، وإن كان مشكلا، وقف المولود على ما ينكشف منه ، فإن كان رجلا لم ينشر وإلّا نشر (١).

٤٩٩٢. السادس : قال الشيخ في الخلاف : إذا حصل الرضاع المحرم ، لم يحل

__________________

(١) لم نعثر على الرواية لكن أفتى به الشيخ في المبسوط : ٥ / ٣١٤ ـ كتاب الرضاع ـ.

٤٥٩

للفحل نكاح أخت المرتضع بلبنه ، ولا لأحد من أولاده من غير المرضعة ومنها ، لأنّ أخواته وإخوته صاروا بمنزلة أولاده (١) وليس بمعتمد ، والوجه جواز النكاح بين أخت المرتضع وأولاد صاحب اللبن ، وقد تقدّم.

٤٩٩٣. السابع : روي أنّه إذا ربّت المرأة جديا بلبنها ، فإنّه يكره لحمه ولحم ما كان من نسله عليها ، وليس ذلك بمحظور (٢).

الفصل الثالث : في المصاهرة

وفيه تسعة مباحث :

٤٩٩٤. الأوّل : من وطأ امرأة بالعقد الصحيح أو الملك أو الإباحة ، حرم عليه أمّها وإن علت ، وبناتها وإن نزلن ، سواء كنّ بنات بنت أو بنات ابن ، وسواء تقدمت ولادتهنّ أو تأخرت ، وسواء كنّ ربائب في حجره أو لم تكن ، تحريما مؤبدا بالعقد الدائم والمنقطع وملك اليمين ، ولو عقد ولم يدخل حرمت أمّ الزوجة وإن علت ، تحريما مؤبّدا على أشهر الروايتين ، وحرمت بناتها وإن نزلن تحريم جمع ، بمعنى أنّه لو طلّق الأمّ قبل الدخول ، جاز له العقد على البنات ، لكن يكره له ذلك إذا نظر من الأم إلى ما يحرم على غيره النظر إليها.

وكذا تحرم على الجمع أخت الزوجة ، سواء دخل بالزّوجة أو لم يدخل ،

__________________

(١) الخلاف : ٥ / ٩٣ ، المسألة ١ من كتاب الرضاع.

(٢) لاحظ الوسائل : ١٤ / ٣٠٨ ، الباب ١٨ من أبواب ما يحرم بالرضاع ، الحديث ١ ـ ٢.

٤٦٠