تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

المقصد الثالث : في نكاح المشركات وأنكحة الكفّار والإماء والعبيد والمتعة ومباحث أخر

وفيه فصول

الفصل الأوّل : في نكاح المشركات

وفيه ثلاثة مباحث :

٥٠٢٣. الأوّل : لا يجوز للمسلم نكاح غير الكتابيّات من سائر أصناف الكفّار ، سواء كان بعقد دوام ، أو متعة ، أو ملك يمين ، بلا خلاف ، أمّا الكتابيّات من اليهود والنصارى والمجوس ، فالمشهور تحريمهنّ بالعقد الدائم ، وفي المتعة وملك اليمين روايتان (١) أقربهما الجواز على إشكال في المجوسيّة ، هذا في الابتداء ، ويجوز في الكتابيّات استدامته ، كأن يسلم الذمّي وعنده كتابيّة ، فإنّه يستديم نكاحها.

٥٠٢٤. الثاني : اليهود لهم كتاب التوراة ، والنصارى لهم الإنجيل ، أمّا

__________________

(١) لاحظ التهذيب : ٧ / ٢٩٦ ـ باب من يحرم نكاحهنّ بالأسباب دون الأنساب ـ ؛ والوسائل : ١٤ ، الباب ١ و ٤ و ٦ من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه.

٤٨١

المجوس «فقيل : كان لهم كتاب ، ثمّ نسخ ورفع من بين أظهرهم ، فلهم شبهة كتاب ، فلحقوا بالكتابيين في أحكامهم.

أمّا السامرة فهم قوم من اليهود ويخالفونهم في بعض الفروع ، فحكمهم حكم أهل الذمّة وقيل : ليسوا منهم ، فحكمهم حينئذ حكم الحربيّين.

أمّا الصابئون ، فقيل : هم نصارى ، وقيل : انّهم يخالفونهم في الأصول ، ويقولون إنّ الفلك ناطق ، ويعبدون الكواكب ، فحكمهم حكم الحربيّين أيضا.

وأمّا من له كتاب غير التوراة والإنجيل من الكفّار ، فحكمهم حكم الحربيّ أيضا ، وذلك مثل صحف إبراهيم وزبور داود.

وأمّا من انتقل إلى دين أهل الكتاب ، فإن كان بعد النسخ ، كانوا بحكم الحربيّين أيضا ، وإن كان قبله ، فحكمهم حكم أهل الذمّة.

٥٠٢٥. الثالث : إذا قلنا بجواز نكاح الذميّة ، ثبت لها ما ثبت للزوجات المسلمات من الحقوق ، كالسكنى ، والنفقة ، والكسوة ، والقسم ، وأحكام الإيلاء من مطالبته بالفئة عند انتهاء المدّة أو الطلاق ، ويثبت له عليها حقوق الأزواج ، كالتمكين من الاستمتاع ، والسكنى حيث شاء ، ويجوز له وطؤها قبل الغسل من الحيض أو النفاس عند انقطاعهما ، ولو قلنا بالمنع في المسلمة فكذا هاهنا ، فيلزمها الغسل ، وإن لم يصحّ منها النيّة ، تحصيلا لحقّ الآدميّ وإن تعذّر تحصيل حقّ الله تعالى ، وكذا لو كانت مسلمة مجنونة ، فإنّه يجبرها على الغسل ، وإن لم يصحّ منها النية ، وأمّا الغسل من الجنابة ، فالأقرب أنّه ليس له إجبارها عليه.

والحاصل أنّ كلّ ما يمنع من الاستمتاع ، فله إجبارها على إزالته ، وكلّ ما

٤٨٢

يمنع من كمال الاستمتاع ففي إجبارها عليه نظر ، وما لا يمنع منه ولا من كماله فليس له إجبارها عليه ، فطول شعر البدن والأظفار ، إن منع من الاستمتاع أجبرت على إزالته ، وإلّا فلا.

وله منعها من البيعة والكنيسة ، والخروج من بيتها ، وشرب الكثير من الخمر ، وفيما دون الإسكار احتمال.

فلو كانت مسلمة وأرادت شرب النبيذ على مذهب الحنفيّ ، منعت.

وفي منع الكافرة من أكل لحم الخنزير احتمال ، قوّى الشيخ رحمه‌الله عدم المنع (١) وكذا ليس له منع المسلمة عن أكل الثوم ، والبصل ، وأشباههما ، وله منع المشركة من لبس جلد الميتة ومن النجاسات الّتي تتعدّى إليه.

الفصل الثاني : في إسلام أحد الزوجين

وفيه أربعة عشر بحثا :

٥٠٢٦. الأوّل : إذا أسلم زوج الكتابيّة دونها ، فهو باق على نكاحها ، سواء أسلم قبل الدخول أو بعده ، ويجوز له نكاحها بالعقد السابق مع كفرها ، ويكون حكمها ما تقدّم ، سواء كانا في دار الإسلام ، أو في دار الحرب ، أو اختلفت الداران بهما.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢١١.

٤٨٣

ولو أسلمت الكتابيّة دون زوجها ، فإن كان قبل الدخول ، انفسخ العقد ولا مهر لها ، وإن كان بعده انتظر عدّة الطلاق ، فإن أسلم فيها ، كان النكاح باقيا ، وإن انقضت على كفره ، بانت منه ، ولها المهر ، وقال الشيخ : إن كان الزوج بشرائط الذمّة ، كان النكاح باقيا غير أنّه لا يمكن من الخلوة بها ولا من الدخول عليها ليلا (١) وليس بمعتمد.

والعدّة للحرّة ذات الأقراء ثلاثة ، وللأمة قرءان ، ولغيرها ثلاثة أشهر ، ولو كانت آيسة في سنّ من تحيض ، انتظرت العدّة بالأشهر أيضا مع الدخول.

٥٠٢٧. الثاني : إذا أسلمت دونه بعد الدخول ، فقد قلنا انّها تنتظر العدّة ، وعليها نفقتها ، سواء خرجت العدّة وهو باق على الشرك ، أو أسلم قبل الانقضاء.

٥٠٢٨. الثالث : غير الكتابيّين من أيّ أصناف الكفّار كانوا ، إذا أسلم أحد الزوجين منهم ، فإن كان قبل الدخول ، انفسخ النكاح في الحال ، سواء كان المسلم الرجل أو المرأة ، ولو كان بعد الدخول انتظرت العدّة ، فإن أسلم الآخر فيها ، كان النكاح باقيا ، وإلّا انفسخ العقد ، ولا فرق بين أن يكون المسلم الرجل أو المرأة ، ولا اعتبار بالدار في هذا الحكم ، وعلى الزّوج نفقة العدّة مع الدخول ، كما قلنا هاهنا إن كانت هي المسلمة ، ولو كان المسلم هو ، فإن انقضت العدّة قبل إسلامها ، لم تكن لها نفقة ، وإن أسلمت في الأثناء كان لها النفقة عن المستقبل ، وفيما مضى وجهان ، أقواهما السقوط.

فلو قال : أسلمت بعد شهرين من إسلامي ، فلا نفقة فيهما عليّ ، وقالت : بل

__________________

(١) النهاية : ٤٥٧.

٤٨٤

بعد شهر ، فالقول قوله مع اليمين ، وكذا لو قالت : قبل انقضاء العدّة ، فالزّوجية باقية ، ولي النفقة ، فقال : بل بعد الانقضاء ، فلا نفقة ، فالقول قوله.

ولو أسلم أحدهما وتخلّف الآخر حتّى انقضت العدّة ، وقعت البينونة ، ولو (١) اختلفا فقال الزوج : أنا أسلمت وتخلّفت أنت ، فلا نفقة لك ، وقالت : بل أسلمت أنا فلي النفقة ، احتمل تقديم قوله ، عملا بثبوت البينونة ، وأصالة براءة الذمّة ، وقولها ، لوجوب النفقة عليه أوّلا ، والأصل البقاء.

٥٠٢٩. الرابع : إذا أسلم الكافر وعنده أكثر من أربع حرائر وثنيّات بالعقد الدائم ، فأسلمن ، أو كنّ كتابيّات وإن لم يسلمن ، تخيّر أربعا ، وفارق البواقي ، سواء ترتّب عقده عليهنّ ، أو وقع دفعة واحدة ، وسواء اختار الأوائل أو الأواخر في المرتّبات إن كان حرّا ، ولو كنّ إماء وحرائر ، تخيّر أمتين وحرّتين أو أربع حرائر ، ولو كنّ أربعا لا أزيد ، ثبت عقده عليهنّ ، ولا اختيار.

ولو أسلمت المرأة وقد تزوّجت باثنين ، فإن كان مترتّبا ، كان عقد الثاني باطلا ، وإن وقعا دفعة ، بطلا معا ، ولا اختيار لها فيهما.

ولو أحرم عقيب إسلامه ، كان له الاختيار حالة الإحرام ، لأنّه ليس ابتداء عقد.

والعبد يستديم حرّتين ، أو حرّة وأمتين ، أو أربع إماء.

٥٠٣٠. الخامس : إذا أسلم الكافر عن أمّ وبنتها زوجتين ، فإن كان قد دخل بهما ، حرمتا معا أبدا ، وإن كان قد دخل بالبنت خاصّة ، ثبت عقدها وحرمت الأمّ

__________________

(١) في «ب» : فلو.

٤٨٥

مؤبّدا ، وإن كان قد دخل بالأمّ خاصّة ، حرمت البنت مؤبّدا ، وهل تحرم الأمّ مؤبّدا بمجرّد العقد على البنت هنا؟ قال الشيخ : نعم (١).

وإن لم يكن دخل بهما ، قال الشيخ : يتخيّر أيّتهما شاء (٢) ، إذ عقد الشرك لا يحكم بصحّته إلّا بانضمام الاختيار في حال الإسلام ، ولهذا لو تزوّج عشرا ، فاختار منهنّ أربعا ، لم يجب للبواقي مهر ولا نفقة ولا متعة بمنزلة من لم يقع عليهنّ عقد ، فإذا اختار الأمّ كان بمنزلة من لم يعقد على البنت ، ويحتمل لزوم نكاح البنت ، إذ عقد الشرك صحيح ، كما لو تزوّج أختين ، فإنّه يختار أيّتهما شاء ، فيكون صحيحا فيهما ، وصحّة النكاح في البنت ، يقتضي التحريم المؤبّد في الأمّ ، واختيار الشيخ هنا لا يجامع اختياره في الثالث.

ولو كانت الأمّ والبنت أمتين له ، فإن كان وطئهما حرمتا معا أبدا ، وإن وطئ إحداهما حرمت الأخرى كذلك ، وإن لم يكن وطئ شيئا منهما تخيّر.

٥٠٣١. السادس : لو أسلم عن أختين ، تخيّر أيّتهما شاء ، وخلّى سبيل الأخرى ، سواء دخل بهما أولا ، وكذا لو كان عنده امرأة وعمّتها أو خالتها إذا لم تجز العمّة والخالة نكاح بنت الأخ أو بنت الأخت ، ولو أجازتا صحّ نكاح الجميع ، وكذا لو أسلم عن حرّة وأمة.

٥٠٣٢. السابع : لو أسلم الحرّ عن أكثر من أمتين زوجات ، تخيّر اثنتين منهنّ ، ترتّب عقدهنّ أو اتّفق ، وسواء دخل بهنّ أو لا ، وسواء كان واجدا للطول أو لا ، ولو أسلم عن حرّة وثلاث إماء ، فان أسلمن معه ، ثبت نكاح الحرّة ،

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٢١.

(٢) المبسوط : ٤ / ٢٢١.

٤٨٦

وبطل نكاح الإماء إن لم ترض الحرّة ، وإن رضيت اختار اثنتين منهنّ ، وانفسخ نكاح الثالثة.

ولو أسلمت الحرّة خاصّة ، ثبت نكاحها ووقف نكاح الإماء على رضاها ، فإن أجازته اختار اثنتين ، إن أسلمن في العدّة ، أو كنّ كتابيّات.

ولو أسلمت الإماء خاصّة ، فإن أسلمت الحرّة في العدّة ثبت نكاحها ، وكان حكم الإماء ما تقدّم ، وإن انقضت على الشرك ، بطل نكاحها ، واختار اثنتين من الإماء.

ولو طلّق الحرّة قبل إسلامها بائنا ، فإن انقضت العدّة على الشرك تبيّن أنّ الفرقة وقعت حين اختلاف الدين ، وإن أسلمت في العدّة ، ثبت الطلاق ، واختار من الإماء اثنتين ، ومن منع من نكاح الإماء مع الطول لا يبطل نكاح الإماء بثبوت نكاح الحرّة قبل الطلاق.

٥٠٣٣. الثامن : لو أسلم وعنده ثماني حرائر ، فأسلم معه أربع ، كان له اختيارهنّ وانتظار الباقيات ، فإن خرجت العدّة وهنّ على الشرك ، وقع الفسخ في المشركات ، وثبت نكاح الأربع ، والاعتداد من حين اختلاف الدين ، وإن أسلمن في العدّة ، كان له أن يختار أربعا من شاء منهنّ ، فينفسخ نكاح الآخر من حين الاختيار ، ويعتددن من ذلك الوقت أيضا.

ولو أسلم أربع ، وكانت البواقي كتابيّات ، كان له أن يختار الكتابيّات ، وإن بقين على الكفر ، فينفسخ نكاح المسلمات من حين الاختيار.

٥٠٣٤. التاسع : لو أسلم عن أربع إماء زوجات ، فأسلمت واحدة ، كان

٤٨٧

له اختيار المسلمة وانتظار الباقيات ، فإن أسلمن قبل انقضاء العدّة ، كان له أن يختار اثنتين ، وانفسخ نكاح الباقيتين من حين الاختيار ، وإن أقمن (١) على الكفر حتّى انقضت العدّة ، حصلت البينونة باختلاف الدين ، وكان نكاح الأولى لازما بغير اختياره.

ولو اختار فسخ نكاح المسلمة ، لم يكن له لأنّ الباقيات قد لا يسلمن إلى انقضاء العدّة ، فيكون نكاحها لازما ، فلو فسخ نكاحها لم يصحّ الفسخ في الحال ، إلّا أن تسلم اثنتان ، ويختار نكاحهما ، فينفسخ نكاح الأولى والزائد على الاثنتين ، ولو اختار نكاح الأولى احتمل عدم صحّة الاختيار ، لأنّ فسخه لم يصحّ ، والصحّة لأنّ الفسخ إنّما لا يصحّ إذا قامت البواقي على الكفر إلى انقضاء العدّة ، فأمّا إذا أسلمن فيها ، فإنّ فسخ نكاح من شاء صحيح.

وكذا لو كان عنده ثماني حرائر فأسلمن أربع ، لم يكن له فسخ نكاحهنّ إلّا أن يسلمن الباقيات ، فإن فسخ قبل إسلامهنّ ثمّ أسلمن ، ففي جواز اختيارهنّ ما تقدّم من الاحتمال.

٥٠٣٥. العاشر : قد بيّنا أنّه يجوز أن ينكح الإماء مع وجود الطول ، ومنع بعض علمائنا من ذلك (٢). فعلى المنع لو أسلم فأسلم بعضهنّ وهو معسر ، ثمّ أسلم بعضهنّ وهو موسر ، اختار نكاح من أسلم وهو معسر ، لانفساخ نكاح من أسلم وهو موسر ، إذ الاعتبار بحال اجتماع إسلامه وإسلامها ، وهو حالة الاختيار ، واليسار لا يمنع من الاختيار للأولى لتجدّده.

__________________

(١) في «ب» : فإن أقمن.

(٢) الشيخ في المبسوط : ٤ / ٢١٤.

٤٨٨

٥٠٣٦. الحادي عشر : لو أسلم عن حرّة وأربع زوجات إماء ، فأسلم الإماء معه ثمّ أعتقن وتأخّرت الحرّة قال الشيخ : لم يكن له اختيار الإماء قبل العتق ، لتمسّكه بالحرّة ، ولا بعده ، لأنّ وقت الاختيار وقت اجتماع إسلامه واسلامهنّ وهنّ حينئذ إماء (١) فإن لم يختر وأسلمت الحرّة في العدّة ، ثبت نكاحها ، وانفسخ نكاحهنّ ، إلّا أن تخيّر فله أن يختار اثنتين ، وإن لم تسلم اختار اثنتين من الإماء لا أزيد ، لأنّ المراعى وقت ملك الاختيار ـ وهنّ حينئذ إماء ـ لا وقت وجوده.

ولو خالف واختار ، فإن أسلمت الحرّة في العدّة ، انفسخ نكاح البواقي والّتي اختارها ، إلا أن تخيّر الحرّة ، وإن لم تسلم ففي صحّة نكاح الاثنتين اللتين اختارهما احتمال.

أما لو أعتقن قبل إسلام الزّوج وإسلامهنّ ، ثم أسلم وأسلمن ، أو بعد إسلامه قبل إسلامهنّ ، ثمّ أسلمن ، كان له أن يختار أربعا ، لأنّ حالة الاختيار حالة اجتماع إسلامه وإسلامهنّ ، فإن اختارهنّ ، انفسخ نكاح الحرّة باختياره إن أسلمت في العدّة ، وباختلاف الدين إن لم تسلم ، وإن أخّر الاختيار حتّى تسلم الخامسة قال الشيخ : كان له ذلك (٢) ويحتمل إلزامه باختيار ثلاث منهنّ وتأخير اختيار الرابعة ، لينظر حال الخامسة ، إذ يلزمه نكاح ثلاث منهنّ ، فلا معنى لتأخير الثلاث الأخر ، فإن أسلمت في العدّة ، تخيّر بينها وبين الرابعة ، وإن انقضت عن الشرك ، ثبت عقد الأربع.

٥٠٣٧. الثاني عشر : لو أسلم العبد عن أمتين وأربع حرائر ، فأسلمن ، كان له أن يختار أمتين وحرّة ، أو حرّتين ، وليس للأمتين أن تختارا فراقه ،

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٢٥.

(٢) المبسوط : ٤ / ٢٢٦.

٤٨٩

وهل للحرائر ذلك؟ قال الشيخ : نعم (١) فيبقى عنده أمتان يثبت عقده عليهما.

٥٠٣٨. الثالث عشر : لو كان تحت العبد أربع إماء فأسلمن ، ثمّ أعتقن ، وتأخّر إسلامه ، كان لهنّ اختيار الفسخ ، فيكملن عدّة الحرائر إن أسلم في العدّة ، وإن بقي على الشرك حتّى انقضت العدّة ، بن بالاختلاف وظهر بطلان الفسخ ، لمصادفته (٢) البينونة وهل يكملن عدّة الحرائر؟ فيه وجهان ، والمقام ، (٣) فإن أسلم في العدّة ، اختار اثنتين ، وإن انقضت على الشرك انفسخ النكاح من حين الاختلاف ، وتثبت العدّة منه ، وهل يكملن عدّة الحرائر؟ قوّى الشيخ عدم ذلك للبراءة (٤). ولو اخترن المقام قبل إسلامه ، لم يعتدّ به ، ولا يسقط حقّهنّ من الفسخ عند إسلامه ، وإن سكتن عن اختيار الفسخ والمقام ، لم يبطل ، لأنّه على التراخي ، فإن أقام الزوج على الشرك حتّى انقضت العدّة ، وقع الفسخ باختلاف الدين ، وكان ابتداء العدّة من حين الفسخ ، وقوّى الشيخ رحمه‌الله أنّهنّ لا يكملن عدّة الحرّة (٥). وإن أسلم فيها ، فإن اخترن فراقه ، انفسخ النكاح واعتددن حينئذ عدّة الحرائر ، وإن اخترن المقام تخيّر اثنتين.

ولو أسلم العبد قبلهنّ ، ثمّ أعتقن ، كان لهنّ اختيار الفسخ ، فإن كنّ مشركات ، فلا حكم لاختيارهنّ المقام معه ، فإن انقضت العدّة على الشرك ، انفسخ نكاحهنّ ، وإن أسلمن ، تخيّر اثنتين.

وخيار المعتقة على الفور ، ولو ادّعت عدم علمها بالعتق ، وكان ممّا

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٢٦.

(٢) في «أ» : لمصادقة.

(٣) عطف على قوله «اختيار الفسخ» أي كان لهنّ اختيار المقام.

(٤) و (٥) المبسوط : ٤ / ٢٢٧.

٤٩٠

يخفى عليها ، كان القول قولها مع اليمين ، وإلّا فلا ، ولو ادّعت جهالة الحكم ، قوّى الشيخ القبول منها (١) والقول قولها مع اليمين.

ولو أعتق العبد والأمة معا ، قال الشيخ لا خيار لها (٢) ولو اعتقت دونه ولم يعلم حتّى أعتق ، ففي ثبوت الخيار وجهان ، وقال بعض علمائنا بثبوت الخيار للمعتقة وإن كانت تحت حرّ فلا يسقط خيارها بعتقه هنا.

٥٠٣٩. الرابع عشر : لو أسلم العبد عن أربع حرائر ، وأسلمت معه اثنتان ثمّ أعتق ثمّ أسلمت الباقيتان ، كان له أن يختار اثنتين ، لأنّه حين ثبوت الاختيار كان عبدا ، فإذا اختار اثنتين ، وفارق اثنتين ، كان له أن يتزوّجهما ، لأنّه حرّ ، ولو أسلم ، ثمّ أعتق ، وأسلمن ، لزمه نكاح الأربع ، لأنّه يجوز له نكاح الأربع وقت اجتماع الإسلام.

الفصل الثالث : في الاختيار وكيفيّته

وفيه ثلاثة عشر بحثا :

٥٠٤٠. الأوّل : إذا أسلم الحرّ وتحته أربع كتابيّات ، ثبت عقده عليهنّ ، ولو كنّ وثنيّات أو مجوسيّات ، انتظرت العدّة ، فإن أسلمن ثبت عقده عليهنّ ولا خيار له ، وإن انقضت العدّة على الشرك ، انفسخ النكاح من حين الاختلاف ، ولا خيار ، أمّا

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ٤ / ٢٢٨.

٤٩١

لو كنّ أكثر من أربع حرائر وثنيّات ، فأسلمن في العدّة مع الدخول ، وجب عليه أن يختار أربعا ، ويفارق البواقي من حين الاختيار ، ويعتددن من تلك الحال ، فإن امتنع من الاختيار سجنه الحاكم ، فإن اختار ، وإلّا أخرجه وعزّره ، فإن امتنع أعاده إلى السجن ، فإن اختار ، وإلّا أخرجه ثانيا وعزّره ، فإن اختار ، وإلّا أعاده إلى السجن ، وهكذا إلى أن يختار ، وليس للحاكم أن يختار عنه ، ولو جنّ بعد إسلامه اختار الوليّ عنه.

٥٠٤١. الثاني : يجب على الزوج الإنفاق على الجميع إلى أن يختار ، فتسقط النفقة على من اختار فراقها ، فإن مات قبل الاختيار وتحته ثماني نسوة ، وجبت عدّة الوفاة على الجميع ، فإن كنّ حوامل اعتددن بأبعد الأجلين ، وإن كنّ آيسات أو صغائر اعتددن بأربعة أشهر وعشرة أيّام ، وإن كنّ من ذوات الأقراء اعتددن بأبعد الأجلين أيضا ، وهو أربعة أشهر وعشرة أيّام وثلاثة أقراء ، ويوقف سهم الزوجة لهنّ ، فان اصطلحن إمّا بالتخصيص لبعضهنّ ، أو بالتفضيل له ، أو بالمساواة ، دفع الثمن إليهنّ ، وان لم يصطلحن ، بقى موقوفا ، فإن طلبت الأربع فما دون منه شيئا ، لم يعطين ، وإن طلبت خمس منهنّ أعطين ربع الثمن مع الولد ، وربع الربع مع عدمه ، تضعن به ما اصطلحن عليه ، وإن طلبت ستّ أعطين نصفه ، وهكذا ، ويوقف الباقي ، ولا يسقط حقّ من أخذ ممّا تخلّف ، ولو كان فيهنّ موليا عليها لم يكن للوليّ أن يأخذ أقلّ من ثمن الموقوف ، لأنّه أقلّ نصيبها مع القسمة.

ولو كنّ أربع وثنيّات وأربع كتابيّات ، فأسلمت الوثنيّات مع إسلامه ثمّ مات قبل الاختيار ، احتمل أن لا يوقف شي‌ء ، لأنّ الإيقاف (١) انّما يكون مع تيقّن

__________________

(١) في «ب» : الإنفاق.

٤٩٢

الوارثات ، ويحتمل هنا أن يختار الكتابيّات ، فلا يرثن وقوّاه الشيخ ، (١) فيكون ميراثا لباقي الورثة ، ويحتمل الإيقاف حتّى يصطلحن ، كما يوقف الميراث مع الحمل ، وإن شككنا في إرثه إلّا أنّ نصيبهنّ لا يدفع إليهنّ مع اصطلاحهنّ حتّى يصطلحن مع بقيّة الورثة الذين يكون لهم نصيب الزوجات إن لم تكن وارثات ، لتردّده بينهم ، (٢) بخلاف الأولى لتيقّن إرث الزوجات هناك.

٥٠٤٢. الثالث : اختلاف الدين فسخ لاطلاق ، وكذا الاختيار فلا يعد في الثلث ، فإن أسلم وعنده وثنية أو مجوسيّة قبل الدخول ، انفسخ النكاح ، وكان لها نصف المسمّى إن كان مباحا ، وإلّا فنصف مهر المثل ، وإن لم يسمّ شيئا فهي مفوّضة لها المتعة ، وإن كان بعد الدخول ، وجب المسمّى المباح كملا ، ومهر المثل إن لم يسمّ أو سمّى حراما.

ولو أسلمت هي أوّلا ، فإن كان قبل الدخول ، سقط المهر بأجمعه ، وإن كان بعده ، ثبت الجميع.

ولو أسلما دفعة أو كانت كتابيّة ، فالنكاح بحاله ، وكذا الصّداق المباح ، ولو قالا : سبق إسلام أحدنا قطعا ، ولا نعلم التعيين ، فإن لم تكن المرأة قبضت شيئا من المهر ، فليس لها المطالبة ، لإمكان سبقها ، وإن كانت قبضته ، رجع الزوج بنصفه خاصّة ، وليس له المطالبة بالباقي ، لإمكان سبقه ، فيوقّف حتّى يتبيّن.

ولو اختلفا في السابق ، فالقول قولها استصحابا للمهر ، ولو ادّعى الاستصحاب في الإسلام ، وادّعت سبق أحدهما فالأقوى تقديم قول الزّوج عملا باستصحاب النكاح.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٣٣.

(٢) أي بين الزوجات الوارثات والورثة.

٤٩٣

٥٠٤٣. الرابع : الاختيار قد يكون قولا ، مثل «اخترتك» أو «اخترت نكاحك» أو اخترت «حبسك» أو «أمسكتك» أو «امسكت نكاحك» أو «ثبّتّك» أو «ثبّتّ نكاحك» وما أشبه ذلك.

وقد يكون فعلا بأن يطأ ، أو يقبّل ، أو يلمس بشهوة على إشكال فيهما ، ولو رتّب في الاختيار ثبت عقد الأربع الأولى واندفع البواقي ولو قال لما زاد على الأربع : اخترت فراقكنّ ، اندفع وثبت نكاح البواقي.

ولو قال للأربع : اخترتكنّ أو أمسكتكنّ صحّ نكاحهنّ ، واندفع البواقي.

ولو قال للأربع : طلّقتكنّ ، ثبت نكاحهنّ وطلّقن ، وانفسخ نكاح البواقي ، وكذا لو طلّق واحدة ، ثبت نكاحها ، وطلّقت ، وكان له اختيار ثلاث.

وإن قال للأربع : فارقتكنّ ، لم يكن اختيارا واندفع نكاحهنّ ، وثبت عقد البواقي.

والظهار والإيلاء ليسا اختيارا على إشكال ، إذ لو حلف على الأجنبيّة ألّا يطأها ، ثمّ تزوّجها ووطئها وجبت الكفّارة ، والظهار يواجه به غير الزوجة ، فإن اختار غير من ظاهر ، أو آلى منها ، سقط حكمهما ، وإن اختار إحداهما تعلّق بها حكمهما وكان العود من حين الاختيار إن لم يفارقها ، ومدّة الإيلاء من حين الاختيار.

وقال الشيخ رحمه‌الله : الّذي يقتضيه مذهبنا أنّ الظهار والإيلاء اختيار ، إذ لا يقعان بغير الزوجة (١) وفيه قوّة.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٣٧.

٤٩٤

ولو قذف إحداهنّ ، فإن اختارها ، سقط الحدّ بالبيّنة أو باللعان ، وإن اختار غيرها ، ثبت الحدّ إلّا مع البيّنة ، هذا إذا طلّق ، أو ظاهر ، أو آلى ، أو قذف بعد إسلامهنّ ، ولو كان قبله ، فإن انقضت العدّة ، عزّر عن القذف ، وله دفعه بالبيّنة خاصّة ، وسقط حكم البواقي ، فإن أسلمن فيها ، فإن اختار غيرها ، فلا حكم ، وإن اختارها ثبت حكم الجميع ، وفي القذف التعزير أيضا ، وله دفعه بالبيّنة واللعان.

٥٠٤٤. الخامس : لو أسلم وأسلم ما زاد على الأربع معه ، وجب أن يختار أربعا ، وليس له اختيار ما دونهنّ ، كما أنّه ليس له اختيار الزائد ، ولا يجب اختيارهنّ دفعة بل يجوز متعاقبا.

٥٠٤٥. السادس : لو قال لأربع : فسخت نكاحهنّ ، وقصد حلّ النكاح فسخا ، انفسخ عقدهنّ إن كان الباقي أربعا فما زاد ، ولو كان الباقي أقلّ من أربع لم يجز ، وهل يكون لاغيا حتّى يثبت الاختيار للأربع من الجميع أو يثبت نكاح البواقي ويتخيّر إتمام الأربع من اللواتي فسخ نكاحهنّ؟ الأقرب الثاني.

ولو قصد بالفسخ الطلاق ، لم يقع الطلاق إلّا أن يكون ممّن يعتقد ذلك ، فيقع وأمّا في غيره فلا ، وهل يكون اختيارا لمن قصدهنّ بالطلاق بلفظ الفسخ؟

فيه إشكال ، أقربه ذلك.

ولو كنّ أربعا لا غير ، فأسلمن معه ، ثبت نكاحهنّ ، ولا خيار له ، فإن قال :

فسخت نكاحهنّ ، لم يصحّ ، سواء قصد حلّ النكاح أو الطلاق ، لأنّ الفسخ انّما يكون بالعيب.

٥٠٤٦. السابع : الاختيار ليس ابتداء عقد ، وإنّما هو تبيين لمن كان صحيح

٤٩٥

النكاح منهنّ (١) وتصحيح العقد الأوّل فيهنّ ، فلو أسلم عن ثمان وأسلم معه أربع ، فإن اختارهنّ انفسخ نكاح البواقي ، وان تربّص إسلام البواقي ، فماتت المسلمات قبل إسلامهنّ ، ثم أسلمن ، لم يبطل الاختيار ، فإن اختار الأحياء لم يرث الموتى ، وان اختار الموتى ورثهنّ.

٥٠٤٧. الثامن : ليس الاختيار كالفسخ ، بل بينهما مخالفة في الحكم ، فلو أسلم وتحته خمس فأسلمت واحدة فاختارها صحّ ولو أسلمت ثانية فاختارها أيضا صحّ ، وهكذا إلى الأربع فتنقطع (٢) عصمة الخامسة ، ولو اختار فسخ نكاح المسلمة أوّلا ، لم يكن له ذلك ، لأنّه لا يملك فسخ النكاح في واحدة حتّى يزيد عدد المسلمات على الأربع ، فلو أسلمت البواقي ، فالأقرب جواز اختيار نكاح من فسخ نكاحها أوّلا ، لوقوع الفسخ لاغيا.

ولو قال حين أسلم : كلّما أسلمت واحدة فقد اخترت فسخ نكاحها لم يصحّ ، سواء قصد الفسخ ، أو الطلاق ، ولا يثبت اختيارها لو قصد الطلاق ، لأنّه تعليق للفسخ بالشرط ، ومن شرطه التنجيز وعلّق الطلاق به ، فكان باطلا أيضا ، ولا اعتداد به في الاختيار ، لأنّه تعليق للنكاح على شرط ، إذ تعليق الطلاق عليه يستلزمه.

٥٠٤٨. التاسع : لو أسلم وتحته وثنيّة مدخول بها باقية على الشرك ، فتزوّج بأختها ، أو أربع سواها في عقد واحد قبل انقضاء عدّتها ، كان العقد فاسدا ، لا موقوفا ، وكذا لو كان تحته أربع وثنيّات ، فتزوّج بالخامسة قبل انقضاء العدّة ،

__________________

(١) هكذا في «أ» ولكن في «ب» : تبيين لمن كان صحيح النكاح منهنّ وتصحيح النكاح منهنّ.

(٢) في «أ» : فسقط.

٤٩٦

ولو أسلمت الوثنيّة دونه ، فتزوّج بأختها ، فإن انقضت العدّة وهو على الشرك ، انفسخ نكاح الأولى حين اختلاف الدّين ، وصحّ نكاح الثانية ، ولو أسلم هو والأخرى في العدّة ، تخيّر من شاء من الأختين.

٥٠٤٩. العاشر : لو تزوّج المشرك متعة ثمّ أسلما بعد انقضاء المدّة ، فلا نكاح بينهما ، وإن أسلما قبلها ، كان النكاح باقيا إلى حين الانقضاء ، ولو أسلم الزّوج أوّلا بعد الدخول ، انتظرت العدة ، فإن أسلمت وقد بقى من الأجل شي‌ء ، كان أملك بها تلك المدّة ، وإلّا فلا نكاح ، وهل يرجع من المهر بنسبة المدّة الفائتة بعد إسلامه؟ الأقرب ذلك.

ولو أسلم قبل الدخول ، فانقضت المدّة والعدّة وهي مشركة ، فالأقرب ، ثبوت نصف المهر لها.

ولو أسلمت دونه قبل الدخول ، فالأقرب عدم المهر ، وينفسخ النكاح في الحال ، فلو أسلم في المدّة لم يملك نكاحها ، وإن كان بعد الدخول ثبت لها من المهر بقدر ما استوفاه من الأيّام ، والأقرب ثبوت الباقي ، لأنّ الامتناع منه.

٥٠٥٠. الحادي عشر : لو تزوّج المشرك بشرط الخيار أبدا ، انعقد فاسدا ، فإن أسلما لم يقرّا على النكاح إلّا بعقد مستأنف ، سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما ، ولو كان الخيار إلى مدّة ، فإن أسلما قبل انقضائها أقرّا عليه.

٥٠٥١. الثاني عشر : لو تزوّج بها وهي معتدّة ، فإن أسلما وهي في العدّة ، لم يقرّا عليه ، لأنّه لا يجوز ابتداؤه في حال الإسلام ، وإن أسلما بعد انقضائها أقرّا عليه.

٤٩٧

ولو تزوّج بحليلة أبيه أو ابنه أو امرأة طلّقها ثلاثا ، أو لاعنها ، ثمّ أسلما ، لم يقرّا عليه ، ولو غصبها حال الشرك ثمّ أسلما ، لم يقرّا عليه ، ولو غصبها حال الشرك ، ثمّ أسلما لم يقرّا عليه ، وكذا لو طاوعته على الوطء من غير عقد.

٥٠٥٢. الثالث عشر : إذا أسلم بعد أن طلّق كلّ واحدة من الأختين ثلاثا ، ثمّ أسلما وأراد التزويج بإحداهما قبل أن ينكح غيره ، لم يكن له ذلك اعتبارا لصحّة طلاق المشرك ، كما يصحّ نكاحه.

ولو أسلم وأسلمتا ، ثم طلّقهما ثلاثا ، يقال له : تطلّق من كنت تختار منهما ، فإذا عيّن ، جاز له العقد على الأخرى.

ولو أسلم عن ثماني نسوة ، وأسلمن معه ، فطلقهنّ ثلاثا ، كلّف اختيار أربع ، فإذا عيّنهنّ وقع بهنّ الطلاق ، وحلّ له نكاح الباقيات.

الفصل الرابع : في الارتداد

وفيه ستّة مباحث :

٥٠٥٣. الأوّل : إذا ارتدّ أحد الزّوجين عن الإسلام قبل الدخول ، انفسخ النكاح في الحال ، فإن كان المرتدّ الرجل ، ثبت لها نصف المسمّى الصحيح ، ونصف مهر المثل إن كان سمّى فاسدا ، والمتعة إن لم يسمّ ، وان كان المرأة ، سقط المهر ، وإن كان بعد الدخول ثبت المهر.

٤٩٨

ثمّ إن كان المرتد الرجل عن فطرة ، انفسخ النكاح في الحال ، ووجب قتله ، وتعتدّ المرأة عدّة الوفاة ، ولا تعاد عليه لو تاب ، وإن كان عن غير فطرة ، وقف الفسخ على انقضاء عدّة الطلاق ، فإن انقضت ولم يرجع ، فلا نكاح بينهما ، وإن رجع في أثنائها ، كان أملك بها.

ولو كان المرتدّ المرأة ، انتظرت عدّة الطلاق ، فإن رجعت ، كان أملك بها ، وإلّا فلا نكاح بينهما ، ويتبيّن انفساخ النكاح من حين الارتداد لا من حين انقضاء العدّة.

ولو ارتدّا معا فالتفصيل كما قلناه.

٥٠٥٤. الثاني : المرتدّ يمنع من وطء الزوجة المسلمة المدخول بها ، لأنّ النكاح موقوف على انقضاء العدّة ، فإن وطئها ولم يرجع في العدّة ، كان عليه مهر المثل ، وكذا لو كانت هي المرتدّة فوطئها ، أو ارتدّا معا ، وإن رجعا أو رجع المرتدّ منهما في العدّة ، فلا مهر لذلك الوطء عليه.

٥٠٥٥. الثالث : المرتدّة لا يصحّ نكاحها للمسلم لشركها ، ولا للكافر لتحرّمها بالإسلام [السابق].

٥٠٥٦. الرابع : إذا أسلم زوج المشركة دونها ثمّ ارتدّ ، فإن أقامت الزوجة على الشرك حتّى انقضت العدّة من حين أسلم ، فقد بانت منه من حين الإسلام باختلاف الدين ، وإن أسلمت في الأثناء تبيّن عدم البينونة باختلاف الدين ، ويضرب لها عدّة من حين ارتدّ ، فإن عاد إلى الإسلام قبل انقضائها ، فهما على الزوجيّة ، وإن لم يعد حتّى انقضت ، فقد بانت من حين الارتداد.

٤٩٩

٥٠٥٧. الخامس : إذا كان تحت المشرك ثماني مشركات ، فأسلم وأسلمن معه ، فارتدّ قبل أن يختار ، وقف النكاح على انقضاء العدّة ، فإن أراد أن يختار أربعا حال ارتداده ، لم يكن له ذلك ، فإن عاد قبل الانقضاء ، كان له الاختيار ، وإن انقضت قبل رجوعه ، حصلت البينونة منهنّ حين الارتداد.

٥٠٥٨. السادس : إذا كان تحت المسلم كتابيّة فانتقلت عن دينها إلى ما لا يقرّ أهله عليه ، كعبادة الأصنام ، لم تقرّ عليه إجماعا ، فيحتمل عدم قبول غير الإسلام منها وقبول الرجوع وقبول أيّ دين يقرّ أهله عليه ، فإن كان الانتقال قبل الدخول ، انفسخ النكاح ، وإن كان بعده ، فإن رجعت إلى دين الإسلام ، أو دينها ، أو دين يقرّ عليه على الخلاف في العدّة ، فهما على النكاح ، وإلّا بانت بانقضاء العدّة.

وإن انتقلت إلى دين يقرّ عليه ، فإن كان إلى اليهوديّة أو النّصرانيّة ، فإن قلنا بقبوله ، كان النكاح بحاله ، وإلّا انفسخ العقد إن كان قبل الدخول ، ووقف على انقضاء العدّة إن كان بعده.

وإن انتقلت إلى المجوسيّة ، انفسخ العقد قبل الدخول ، ووقف على الانقضاء بعده ، فإن رجعت في العدّة أو أسلمت ، فهما على النكاح إن قلنا بقبول الرجوع ، وإن خرجت العدّة ، انفسخ النكاح.

ولو انتقلت زوجة الذمّي إلى غير دينها من ملل الكفر ، وقع الفسخ في الحال ، ولو عادت إلى دينها فكذلك ، بناء على أنّه لا يقبل منها إلّا الإسلام.

٥٠٠