تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

ليكون خفيفا فينسجه خمسة عشر صفيقا (١) ، أو بالعكس ، ضمن الأرش ، والوجه عدم الأجرة.

٤٢٧١. الحادي عشر : إذا قال للخيّاط : إن كان هذا يكفيني قميصا فاقطعه ، فقال : نعم ، وقطعه ، ولم يكفه ، ضمن الخيّاط أرش القطع ، ولو قال : انظره يكفيني قميصا؟ قال : نعم ، قال : اقطعه ، لم يضمن.

٤٢٧٢. الثاني عشر : لو أمره بقطع قميص رجل ، فقطعه قميص امرأة ، احتمل الزامه بأرش ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا ، وما بين قيمته مقطوعا قميص امرأة ورجل ، والأوّل أقوى ، وعلى التقديرين لا يستحقّ أجرا.

٤٢٧٣. الثالث عشر : إذا اختلفا فقال : أذنت لي في قطعه قميص امرأة أو قباء ، أو صبغ الثوب أسود ، فقال : بل في قميص رجل ، أو في قميص أو في الصبغ أحمر (٢) ، فالوجه أنّ القول قول المالك مع يمينه على عدم الإذن بما ادّعاه الخيّاط والصبّاغ ، ولا أجرة عليه على قطع ما ادّعاه الخيّاط ، والوجه أنّه لا أجرة له أيضا في مقابلة القطع الّذي يصلح لما ادّعاه المالك ، وله الأرش.

ثمّ الخيوط إن كانت له ، لم يكن للخيّاط فتقه ، وإن كانت للصّانع جاز له فتقه وانتزاع الخيوط منه ، إلّا أن يتّفقا على العوض.

ولو طلب المالك أن يشدّ في كلّ خيط خيطا ليقعد في مكانه عند سلّه ، لم تجب إجابته ، وكذا البحث في الصّبغ.

٤٢٧٤. الرابع عشر : إذا استأجره لعمل في عين ، فتلفت في يد المؤجر من

__________________

(١) صفق الثوب صفاقة : كثف نسجه. المعجم الوسيط : ١ / ٥١٧.

(٢) في الكلام لفّ ونشر مرتّب.

١٢١

غير تفريط ، لم يضمن ، سواء كان هلاكه بما يستطاع ، أو بغيره ، كالغرق أو القهر باليد الغالبة (١) عليه ولا أجرة له فيما عمل له فيها ، إن كان العمل في ملكه والمستأجر غائب ، وإن كان في ملك المستأجر وهو حاضر ، قال الشيخ : له الأجرة ، لأنّه يسلّم العمل جزءا فجزءا. (٢)

ولو حبس الصانع الثوب على استيفاء الأجرة ، ضمنه إلّا أن يجعله المستأجر رهنا.

ولو دفع القصّار الثوب إلى غير المالك للاشتباه بثوب آخر ، ضمنه ، فإن قطعه ردّه مع الأرش ، وفي تضمين القصّار الأرش إشكال ، ويطالب بثوبه ، فإن كان موجودا ، أخذه ، وإن نقص فله الأرش ، ولو هلك عند القصّار ، ففي لزومه إشكال ، أقربه ذلك.

٤٢٧٥. الخامس عشر : إذا استأجره للخبز فاحترق بتفريط منه ، ضمنه ، وإن كان بغير تفريط لم يضمنه ، سواء كان التنّور في ملك أحدهما أو أجنبيّ.

٤٢٧٦. السادس عشر : إذا استأجر لحفظ ما في البيت من القماش وبيعه. لم يضمنه. وإذا سرق الثياب من الحمّام لم يكن على صاحبه شي‌ء ، إلّا أن يودع فيفرّط.

٤٢٧٧. السابع عشر : إذا حبس حرّا أو عبدا فسرقت ثيابه(٣) كان عليه الضمان. ولو قال له الحرّ : اقطع يدي ، فقطعها ، لم يضمنها ، ولو قال له عبد ضمنها.

__________________

(١) في «أ» : باليد العالية.

(٢) المبسوط : ٣ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣.

(٣) في «ب» : فسرق من ثيابه.

١٢٢

٤٢٧٨. الثامن عشر : إذا استأجره للعمل في عين ، كالثوب فقصّره ، فتلف بغير سببه ، فلا ضمان إلّا مع التعدّي ، مثل أن يلبس الثوب ، ثمّ يسرق من حرزه ، فعليه ضمانه بقيمته أكثر ما كانت من يوم التعدّي إلى يوم التلف ، وإن كان التلف بسببه ، ضمنه يوم الجناية.

٤٢٧٩. التاسع عشر : إذا استأجره ليحجم حرّا أو عبدا ، أو يعلّمه صنعة ، فتلف

لم يضمن إلّا بالتعدّي.

ولو استأجره ليحمل شيئا ، فتلف في الطريق ، لم يضمنه إلّا مع التعدّي أو التفريط ، سواء كان صاحبه حاضرا معه أو لا.

ولو أخرج روشنا (١) أو جناحا إلى طريق ، فتلف به شي‌ء ضمنه.

ولو عزّر الإمام أو حدّ من يستحقّ ذلك فتلف لم يضمن.

٤٢٨٠. العشرون : إذا استأجر ثوبا ليلبسه فائتزر (٢) به ، ضمنه ، وله أن يقيل (٣) فيه ، وليس له البيتوتة فيه.

٤٢٨١. الحادي والعشرون : إذا استأجر دابّة لقطع المسافة ، فأمسكها قدر قطعها من غير تسيير ، استقرّت الأجرة عليه ، فإذا أمسكها بعد المدّة ، ففي وجوب الضمان ومئونتها ومئونة الردّ إشكال ، ويلوح من كلام الشيخ وجوب ذلك كلّه عليه (٤).

__________________

(١) كلمة فارسية بمعنى الكوّة.

(٢) هذا هو الصحيح ، وأمّا اتّزر بقلب الهمزة تاء فهو لغة عامية لأنّها لا تقلب تاء.

(٣) قال قيلا : نام وسط النهار. المعجم الوسيط : ٢ / ٧٧٠.

(٤) المبسوط : ٣ / ٢٤٩.

١٢٣

الفصل السابع : في باقي الأحكام

وفيه واحد وثلاثون بحثا :

٤٢٨٢. الأوّل : إذا تمّت الإجارة بأركانها ، ملك المستأجر المنافع المعقود عليها إلى المدّة ، ويكون حدوثها على ملكه لا ملك المؤجر ، ويملك المؤجر مال الإجارة بمجرّد العقد مع الإطلاق ، أو اشتراط التعجيل ، ولا يشترط في ذلك استيفاء المنفعة ولا مضيّ وقتها ، سواء كانت معيّنة ، كالثوب والدّار ، والعبد ، أو غير معيّنة.

ولو كانت الإجارة على عمل ، ملك الأجير بالعقد أيضا مال الإجارة ، وهل يستحقّ تسليمه قبل تسليم العمل؟ فيه نظر ، فإن قلنا به وكان العمل في ملك الصانع لم يبرأ من العمل ، ولا يستحقّ الأجر حتّى يسلّم العين ، وإن كان في ملك المستأجر ، استحقّ الأجر بنفس العمل ، ولو استأجر كلّ يوم بأجر معلوم ، استحقّ أجر كلّ يوم فيه.

٤٢٨٣. الثاني : إذا اشترط تأجيل الأجر ، صحّ بشرط أن يكون الأجل مضبوطا ، ولو شرطه منجّما يوما بيوم ، أو شهرا بشهر ، أو أقلّ من ذلك أو أكثر ، جاز ، ولو خالف في تقسيط الأجرة في النّجوم ، صحّ بشرط الضبط. (١)

٤٢٨٤. الثالث : إذا استوفى المستأجر المنافع استقرّ الأجر ، فإن سلّمت

__________________

(١) في «ب» : القسط.

١٢٤

العين إليه ، ومضت المدّة من غير مانع له عن الانتفاع ، استقرّ الأجر ، وإن لم ينتفع المستأجر ، وكذا لو استأجر للعمل ومضت مدّة يمكن استيفاؤه فيها ، مثل أن يستأجر دابّة ليركبها إلى موضع ، ومضت مدّة يمكن ركوبها فيها.

ولو بذل المؤجر العين ، فامتنع المستأجر من أخذها مع إمكانه ، ومضت مدّة الاستيفاء ، استقرّت الأجرة.

ولو كانت الإجارة متعلّقة بعبد وشبهه على عمل موصوف ، كخياطة ثوب ، وبناء حائط ، وقلع ضرس ، وبذل المؤجر العين ، ومضت مدّة يمكن استيفاؤه فيها ، فامتنع من أخذها ، ففي استقرار الأجرة نظر.

ولو كانت الإجارة فاسدة ، وعرضها على المستأجر ، فلم يأخذها ، فلا أجر عليه ، وإن مضت المدّة ، ولو قبضها المستأجر ، ومضت المدّة المشروطة ، أو مدّة يمكن استيفاء العمل فيها ، احتمل وجوب أجرة المثل وعدمه ، أمّا لو استوفى المنفعة ، فإنّه تلزمه أجرة المثل لا أقلّ الأمرين من المسمّى والأجرة.

٤٢٨٥. الرابع : الإجارة عقد لازم على ما تقدّم ، لا يثبت فيه خيار المجلس ، ولو شرط الخيار فيه لهما ، أو لأحدهما ، أو لأجنبيّ ، جاز بشرط ضبطه بالمدّة المعلومة ، سواء كانت معيّنة ، مثل أن يستأجر هذا العبد ، أو مطلقة في الذمّة ، مثل أن يستأجر لخياطة ثوب.

٤٢٨٦. الخامس : إذا استاجر عينا فتلفت قبل قبضها ، انفسخت الإجارة إجماعا ، وكذا لو تلفت بعد قبضها في ابتداء المدّة ، ولو تلفت بعد مضيّ بعض المدّة ، لم تنفسخ فيما مضى ، وبطلت في المستقبل ، وعليه من الأجر بقدر الماضي ، فإن تساوت أجزاء المدّة بسطت الأجرة عليها ، وإن اختلفت

١٢٥

كموضع تكثر إجارته في وقت دون آخر ، بسطت الأجرة على قدر القيمتين في المدّتين لا على المدّتين ، وكذا التفصيل لو أبق العبد.

٤٢٨٧. السادس : لو غصبت العين المستأجرة بعد التمكين التام والإقباض ، لم تبطل الإجارة ، وكان على المستأجر دفع الأجرة ، وله مطالبة الغاصب بأجرة المثل ، سواء زادت عن المسمّى ، أو نقصت.

وإن كان قبل الإقباض ، تخيّر المستأجر في الفسخ مع الرجوع على المالك بالمسمّى ، وفي الرجوع على الغاصب إن اختار الإمضاء ، وإن اختار الفسخ ، كان له ، ويسقط عنه مال الإجارة ، ويستردّه مع الدفع ، ولو ردّت العين في الأثناء ، ولم يكن قد فسخ ، كان له استيفاء الباقي ، وكان الخيار فيما مضى. ثابتا ، وليس له مطالبة المالك بالانتزاع ، وإن كان متمكّنا منه.

ولو أقرّ المالك بالرقبة تثبت في حقّه ، ولم تثبت في حقّ المستأجر ، بل كان له مخاصمة الغاصب ، ولو كانت الإجارة على عمل كخياطة ثوب ، أو حمل شي‌ء ، فمات العبد أو الخيّاط أو الجمل الحامل ، لم تنفسخ الإجارة ، وكان عليه إقامة من يعمل ذلك ، وكذا لو غصب ، ولو تعذّر البدل ، تخيّر المستأجر في الفسخ والصّبر حتّى يظفر بالعين المغصوبة.

ولو منعه المالك من استيفاء المنفعة في ابتداء المدّة ، كان له الفسخ ، والأقرب أنّ له الإمضاء فيرجع بالتفاوت إن كان.

ولو غصب المستأجر العين المستأجرة ، كان ذلك استيفاء للمنافع ، ولو أبق العبد في الأثناء ، كان للمستأجر البقاء ، فإن رجع قبل الانقضاء ، انفسخ فيما مضى حال الإباق ، ولا ينفسخ في الباقي ، ولو لم يرجع انفسخت في الباقي خاصّة.

١٢٦

٤٢٨٨. السابع : لو استأجر مسكنا وحصل خوف في ذلك البلد عامّ يمنع السكنى فيه ، أو يحصر البلد ، فيمتنع من الخروج (١) إلى العين المستأجرة للزرع ، ففي ثبوت الخيار للمستأجر إشكال.

ولو استأجر دابّة ليركبها ، أو يحملها إلى موضع معيّن ، فانقطعت تلك الطريق لخوف الناس ، أو استأجر إلى مكّة فامتنع الناس من الحجّ تلك السنّة ، فالأقرب ثبوت الخيار لكلّ منهما بين الفسخ والإمضاء.

ولو كان الخوف مختصا بالمستأجر ، كقرب عدوّه من ذلك المكان ، أو حبس ، أو مرض ، أو ضاعت نفقته ، أو تلف متاعه ، لم يملك الفسخ.

٤٢٨٩. الثامن : لو وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيبا ، تخيّر في الفسخ والإمضاء بالجميع ، وليس له المطالبة بالبدل.

ولو تجدّد العيب بعد العقد ، كان للمستأجر الفسخ في الباقي والإمضاء بالجميع.

فلو انهدمت الدار كان على المالك عمارتها ، وللساكن خيار الفسخ ، وهل له إجبار المالك على العمارة؟ فيه نظر.

ولو باع المالك العين كان عدم الإجبار أولى ، سواء سبق البيع الهدم ، أو تأخّر.

ولو اختلفا في كون الموجود عيبا ، رجع إلى أهل الخبرة ، ولو كانت الإجارة في الذمّة لم يكن له الفسخ ، وكان له الإبدال.

__________________

(١) في «أ» : فيمنع من الخروج.

١٢٧

٤٢٩٠. التاسع : يجوز أن يستأجر كحّالا ليكحل عينه ، ويفتقر إلى تقديره بالمدّة لا العمل ، ولا بدّ من ذكر المرّة في كلّ يوم ، أو المرّتين ، ولو قدّره بالبرء ، لم يجز إلّا على وجه الجعالة ، والكحل على العليل ، ولو شرطه على الكحّال ، جاز ، أمّا الخيوط ، فعلى الخيّاط ، وكذا المداد والأقلام على الناسخ لا المستأجر.

ولو استأجره لبناء حائط ، وشرط الآجر على الصّانع ، فالوجه الجواز ، والصّبغ على الصبّاغ ، واللبن على المرضعة.

وإذا استأجره مدّة فكحله فيها ولم تبرأ عينه استحقّ الأجرة ، ولو برأت عينه في أثناء المدّة ، انفسخت الإجارة في الباقي ، وكذا لو مات.

ولو امتنع من الاكتحال مع بقاء المرض ، استحقّ الكحّال الأجر بمضيّ المدّة ، أمّا لو قال أهل الطبّ : إنّ الكحل يضرّه ، فحكمه حكم البرء.

ويجوز استئجار الطبيب للمداواة ، والحكم فيه كالكحل ، ولو اشترط المريض الدواء على الطبيب ، فالأقرب الجواز.

ولو استأجره لقلع ضرسه ، جاز ، فإن برأ قبل القلع ، انفسخت الإجارة ، ولو لم يبرأ وامتنع المستأجر من قلعه ، لم يجبر عليه ، وعليه الأجرة إذا مضت مدّة العمل.

٤٢٩١. العاشر : يجوز أن يستأجر لرعي ماشية معيّنة أو زمانا معيّنا ، فان عيّنها تعيّنت ، ويبطل العقد لو ماتت ، ولو مات بعضها بطل فيه ، وليس له إلزامه برعي البدل ، ولو ولدت لم يجب عليه رعي السخال ، ولو قرن الرعي بالمدّة ،

١٢٨

وجب ذكر الجنس ، كالإبل ، أو البقر ، أو الغنم ، والنوع كالبخاتي (١) والجواميس ، أو العراب (٢) والضأن أو المعز.

ولو أطلق البقر ، فالأقرب عدم دخول الجواميس ، وفي دخول البخاتي في إطلاق الإبل إشكال ، ولو وقع العقد في موضع يقع الإطلاق عليهما بالسويّة افتقر إلى التعيين ، ولا بدّ من ذكر الكبير والصغير ، فيقول : كبارا أو صغارا (٣).

وإذا عيّن العدد لم يجب عليه الزيادة ، وإن كان من سخالها ، ولو لم يعيّن العدد ، بل استأجره لرعي مدّة ، قال الشيخ : يسترعيه القدر الّذي يرعاه الواحد عادة من العدد ، فلو اقتضت مائة ، لم يجب الزائد ولو تلف شي‌ء منها كان له الإبدال ، ولو نتجت كان عليه ان يرعى السخال معها للعادة (٤) ولو قيل : بالبطلان كان وجها.

٤٢٩٢. الحادي عشر : إذا ظهر للمؤجر عيب في الأجرة سابقا على القبض ، كان له الفسخ ، أو المطالبة بالعوض ، إن كانت الأجرة مضمونة ، وإن كانت معيّنة ، كان له الردّ أو الأرش لا المطالبة بالبدل.

ولو أفلس المستأجر بالأجرة ، فسخ المؤجر إن شاء.

٤٢٩٣. الثاني عشر : يكره أن يستعمل الأجير قبل أن يقاطع على الأجرة ، وأن يضمّن مع انتفاء التهمة ، ولو استعمل قبل الشرط ، كان له أجرة المثل ، ولو شارطه وأعطاه بالمشترط عرضا ، ثمّ تغيّر سعره ، كان عليه بسعر وقت إعطاء المال ، دون وقت المحاسبة.

__________________

(١) البخاتيّ واحدها بختيّ وهي الإبل الخراسانيّة. المعجم الوسيط : ١ / ٤١.

(٢) خيل عراب : خلاف البراذين. وإبل عراب : خلاف البخاتي. المعجم الوسيط : ٢ / ٥٩١.

(٣) في «أ» : أو سخالا.

(٤) المبسوط : ٣ / ٢٥١.

١٢٩

٤٢٩٤. الثالث عشر : الأجير الخاصّ هو الّذي يستأجر مدّة معيّنة ، والمشترك هو الّذي يستأجر للعمل مجرّدا عن المدّة ، فالأوّل لا يجوز له العمل لغير المستأجر ، إلّا بإذنه في المدّة ، والثاني يجوز.

٤٢٩٥. الرابع عشر : إذا تعدّى المستأجر في العين ، ضمنها وقت العدوان ، ولو اختلفا في القيمة ، فالقول قول المستأجر مع يمينه ، وقيل : قول المالك إن كانت دابّة ، والوجه الأوّل ، ويجب على المستأجر سقي الدابّة وعلفها بمجرى العادة ، فلو أهمل ضمن.

٤٢٩٦. الخامس عشر : من استأجر رجلا لينفذه في حوائجه كانت نفقة الأجير على المستأجر ، إلّا أن يشترطها على الأجير ، قاله الشيخ (١) ومنعه ابن إدريس (٢) وفيه قوة.

٤٢٩٧. السادس عشر : إذا أفسد المملوك فيما استؤجر فيه بإذن مولاه ، كان لازما للمولى في كسب العبد.

٤٢٩٨. السابع عشر : إذا استحقّ المؤجر الأجرة فأسقطها ، صحّ ، ولو أسقط المستأجر النفقة المعيّنة ، لم تسقط ، أمّا لو أبرأه عما استحقّه في ذمّته من العمل ، فإنّه يصحّ.

٤٢٩٩. الثامن عشر : إذا تسلّم أجيرا ليعمل له صنعة فهلك ، لم يضمنه ، صغيرا كان أو كبيرا ، وسواء كان حرّا أو عبدا.

٤٣٠٠. التاسع عشر : إذا دفع إلى الصانع شيئا ليعمله ، فإن عقد معه

__________________

(١) النهاية : ٤٤٧.

(٢) السرائر : ٢ / ٤٦٨.

١٣٠

إجارة صحيحة ، لزمه المسمّى ، وإن كانت فاسدة ، فأجرة المثل ، وإن لم يعقد لكن صرّح له بإعطاء الأجر ، فأجرة المثل أيضا ، وكذا لو عرض له بإعطاء الأجرة ، مثل أن يقول : خذ هذا فاعمله ، وأنا أعلم أنك لا بدّ لك من أجرة.

ولو لم يعرض ولم يصرّح ، فإن كان ممّن عادته أخذ الأجرة عليه ، بأن يكون منتصبا لذلك ، فله أجرة المثل أيضا ، وإن لم تجر له عادة بالأجرة عليه ، فإن كان الفعل ممّا يستحقّ عليه الأجر ، كان له أجرة المثل ، وإن لم تكن له أجرة ، لم يلتفت إلى مدّعيها ، وكذا البحث لو دفع سلعة ليبيعها.

ولو تلفت السلعة من حرزه من غير تفريط ، لم يضمنها ، ولو تلفت بفعله ضمنها.

٤٣٠١. العشرون : إذا استأجر رجلا ليحمل له كتابا إلى صاحب له غائب ، فلم يجده في الموضع المشترط ، فرجع به إلى صاحبه ، استحقّ الأجر لذهابه وعوده.

٤٣٠٢. الحادي والعشرون : إذا اختلفا في قدر مال الإجارة ولا بيّنة ، فالقول قول المستأجر مع اليمين ، وقال في الخلاف : الّذي يليق بمذهبنا استعمال القرعة (١) ولو تعارضت البيّنتان ، حكم لبيّنة المؤجر معها.

٤٣٠٣. الثاني والعشرون : لو اختلفا في المدّة ، مثل أن يقول : آجرتك سنة بدينار ، فيقول : بل سنتين بدينارين ، فالقول قول المالك مع يمينه وعدم البيّنة ، ولو قال : بل سنتين بدينار ، فها هنا اختلاف في العوض والمدّة ، فالأقرب

__________________

(١) الخلاف : ٣ / ٥٢١ ، المسألة ١٠ من كتاب المزارعة.

١٣١

فيه أن يتحالفا ، ويفسخ العقد بينهما ، وحلف كلّ واحد منهما على نفي ما ادّعاه الآخر (١) ولو رضى أحدهما بيمين صاحبه ، أقرّ العقد.

ولو قال المالك : أجرتكها سنة بدينار ، فقال : بل استأجرتني لحفظها سنة بدينار ، فالقول قول المالك مع السكنى سنة.

٤٣٠٤. الثالث والعشرون : لو اختلفا في أصل الإجارة ، فالقول قول المنكر ، وكذا لو اختلفا في قدر المستأجر ، ولو اختلفا في ردّ العين المستأجرة إلى مالكها ، فالقول قول المالك.

٤٣٠٥. الرابع والعشرون : لو اختلفا في التعدّي في العين المستأجرة ، فالقول قول من ينكره ، ولو ادّعى المستأجر إباق العبد من عنده بغير تفريط ، أو أنّ الدابّة قد شردت من غير انتفاع بهما ، فالأقرب أنّ القول قوله مع يمينه ، وكذا لو ادّعى التلف من غير تفريط.

ولو ادّعى أنّ العبد مرض في يده ، فالأقرب التفصيل ، فإن جاء به صحيحا ، فالقول قول المؤجر ، وإن جاء به مريضا ، فالقول قوله ، وكذا لو ادّعى إباق العبد في حال إباقه ، أو جاء به غير آبق.

ولو هلكت العين فاختلفا في وقت هلاكها ، أو أبق العبد ، أو مرض ، فاختلفا في وقت ذلك ، فالأقرب أنّ القول قول المستأجر مع اليمين ، لأنّ الأصل عدم العمل.

٤٣٠٦. الخامس والعشرون : إذا ادّعى الصّانع أو الملاح أو المكاري

__________________

(١) في «ب» : على نفي ما ادّعاه صاحبه الآخر.

١٣٢

هلاك المتاع ، وأنكر المالك ، كلّفوا البيّنة ، ومع عدمها ، يلزمهم الضمان ، ولو قيل : ان القول قولهم مع اليمين كان أولى ، وكذا البحث لو ادّعى المالك التفريط فأنكروا.

٤٣٠٧. السادس والعشرون : قال الشيخ : يجوز السلم في المنافع ، فإن ذكر بلفظ السلم ، كان من شرطه قبض الأجرة في المجلس ، وإن كان بلفظ الإجارة ، مثل أن يقول : استأجرت منك ظهرا صفته كذا ، قيل فيه وجهان : أحدهما اشتراط القبض في المجلس ، والثاني عدمه (١) ولم يرجّح شيئا.

٤٣٠٨. السابع والعشرون : إذا اختلفا ، فقال المؤجر : وسّع قيد المحمل المقدّم وضيّق المؤخّر ، ليكون أسهل على الجمل ، وطلب الراكب العكس ، ليكون أسهل عليه ، لم يقبل من أحدهما ، ووضع مستويا.

٤٣٠٩. الثامن والعشرون : إذا استأجرها للرضاع فانقطع اللبن ، بطلت الإجارة ، ولو استأجرها للرّضاع والحضانة ، فانقطع اللبن ، فالأقرب تخيّر المستأجر بين الفسخ والإمضاء إمّا بالجميع أو بقدر الحصّة على إشكال.

٤٣١٠. التاسع والعشرون : إذا استأجر دارا ليس لها باب ولا ميزاب ، لم يكن على المؤجر تجديده ، فإن علم المستأجر ، فلا خيار ، وإلّا فله الفسخ.

٤٣١١. الثلاثون : الملك المشترك لا يجوز لأحد من أربابه الانفراد بأجرته وإجارته دون باقي الشركاء ، فإن تشاحّوا تناوبوا بمقدار من الزمان.

٤٣١٢. الحادي والثلاثون : أجرة العبد لمولاه ، ولو شرط المستأجر للعبد

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ٢٣٢.

١٣٣

شيئا من غير علم المولى ،لم يجب الوفاء به ، ولا يحلّ للمملوك أخذه ، فإن أخذه ، وجب عليه ردّه على مولاه ، قاله الشيخ (١) والوجه بقاؤه على الدافع.

__________________

(١) النهاية : ٤٤٨.

١٣٤

كتاب المزارعة

١٣٥
١٣٦

المقصد الثاني : في المزارعة

وفيه فصلان

[الفصل] الأوّل : في الماهيّة والشرائط

وفيه اثنا عشر بحثا :

٤٣١٣. الأوّل : المزارعة والمخابرة شي‌ء واحد ، والمزارعة مشتقّة من الزّرع ، والمخابرة مشتقّة من الخبار ، وهي الأرض الليّنة ، وهي دفع الأرض إلى من يزرعها بحصّة مشاعة ممّا يخرج منها ، وهي جائزة سواء كانت الأرض بيضاء ، أو كان بينها نخل بقدر البياض.

وهي عقد لازم لا يبطل إلّا بالتقايل ، ولا يبطل بموت أحد المتعاقدين ، وعبارته أن يقول : زارعتك على هذه الأرض مدّة معيّنة بحصّة معيّنة من حاصلها ، وكذا ينعقد بقوله : ازرع هذه الأرض ، على ما قلنا ، أو سلّمت هذه الأرض للزراعة بالحصّة المعلومة.

٤٣١٤. الثاني : يشترط في المزارعة أمور أربعة : أن يكون النماء مشاعا ،

١٣٧

وأن يكون نصيب كلّ منهما معلوما ، وتعيين المدّة ، (١) وإمكان الانتفاع بالأرض ، فلو شرط كلّ منهما الانتفاع بشي‌ء منه معيّن ، مثل أن يكون لأحدهما الأفل وللآخر الهرف ، (٢) أو ما يزرع على الجداول والآخر ما يزرع في غيرها ، أو يشترط أحدهما زرع ناحية والآخر زرع أخرى ، أو يشترط أحدهما الشتوي والآخر الصيفي ، أو أحدهما قدرا معيّنا والآخر الباقي إمّا منفردا ، أو مع نصيبه ، بطلت. (٣)

٤٣١٥. الثالث : يجوز اشتراط التساوي في النماء والتفاضل فيه ، واشتراط ذهب أو فضّة على كراهية ، وكذا اشتراط قفيز معيّن من غير الأرض المزروعة ، ولو شرط أحدهما قفيزا معلوما من الحاصل ، وما زاد بينهما ، ففي البطلان نظر ، وكذا لو شرط أحدهما إخراج بذره ، والباقي بينهما ، فإنّ فيه خلافا ، والجواز حسن ، فحينئذ إن شرط إخراج البذر (وسطا) (٤) جاز ، وإن لم يشترط لم يخرج ، وقسم الحاصل على قدر الشرط.

٤٣١٦. الرابع : الشروط قسمان : منها ما يقتضي جهالة نصيب كلّ واحد منهما ، مثل أن يشرط أحدهما نصيبا مجهولا ، أو اشترط قفزان معلومة من الحاصل ، فهذا يبطل المزارعة ، ومنها ما لا يقتضي ذلك ، كعمل ربّ الأرض ، أو غلامه ، أو عمل العامل في شي‌ء آخر ، فهذا لا يبطل المزارعة.

ولو شرط أنّه إن سقى سيحا فله كذا ، وإن سقى بدولاب وشبهه فكذا ففي الجواز إشكال.

__________________

(١) في «أ» : وتعيين الملك.

(٢) الهرف : ما يعجّل من الثمر وغيره. المعجم الوسيط : ٢ / ٩٨٢. والمراد منه هنا المتقدم من الزرع أي ما زرع عاجلا ، و «الأفل» خلافه.

(٣) قوله «بطلت» جواب لقوله «فلو شرط».

(٤) ما بين القوسين يوجد في «ب».

١٣٨

ولو قال : إن زرعت حنطة فلي الربع ، وإن زرعت شعيرا فالثلث ، وإن زرعت باقلاء فلي النصف بطل ، وكذا لو قال : ما زرعت فيه من حنطة فلي الربع ، وما زرعت فيه من شعير فالثلث ، وما زرعت من باقلاء فالنصف.

ولو قال : ما زرعتها من شي‌ء فلي نصفه ، صحّ ، وكذا يصحّ لو جعل له ثلث الحنطة وربع الشعير ونصف الباقلاء إذا عيّن ما يزرع من كلّ واحد منها ، إمّا بتقدير البذر ، أو المكان بالمشاهدة أو المساحة.

٤٣١٧. الخامس : قيل : يكره إجارة الأرض للزراعة بالحنطة والشعير ممّا يخرج منها ، والوجه البطلان ، ويجوز بحنطة أو شعير في الذمّة ، أو من غيرها موجود.

٤٣١٨. السادس : يجب تعيين مدّة الزرع بالأشهر المضبوطة ، ولو اقتصر على تعيين المزروع من غير ذكر المدّة ، فوجهان أقربهما البطلان.

٤٣١٩. السابع : إذا عيّنا مدّة معلومة ، فأدرك الزرع في بعضها ، فالأقرب أنّه ليس للعامل زرع الأرض مرّة ثانية ، وإن كان يدرك مع انتهاء تلك المدّة ، هذا إذا عيّنا المزروع ، ولو أطلقه ، أو كانت العادة تقتضي زرعه مرّتين ، فانّه يجوز كما لو شرط زراعة سنتين فصاعدا ، ولو انتهت المدّة قبل إدراكه ، فالأقرب أنّ للمالك إزالته ، سواء كان بسبب العامل كالتفريط أو من قبل الله تعالى كتغيّر الهواء وتأخير (١) الماء عن وقت العادة.

ولو اتّفقا على التبقية بعوض أو بغير عوض ، جاز ، لكن مع شرط العوض يفتقر إلى تعيين المدّة.

__________________

(١) في «أ» : أو تأخير.

١٣٩

ولو شرط في العقد تأخيره إن بقي بعد المدّة المشروطة ، فالأقرب البطلان.

٤٣٢٠. الثامن : إذا ترك العامل الزراعة حتّى انقضت المدّة ، لزمته أجرة المثل ، ولو كان قد استأجرها لزمته الأجرة.

٤٣٢١. التاسع : يجب كون الأرض الّتي يزار عليها ممّا ينتفع بها ، بأن يكون لها ماء إمّا من نهر ، أو بئر ، أو عين ، أو مصنع ، أو غيث معتاد ، ولو تعذّر وصول الماء إليها ، لم تصحّ المزارعة. ولو زارع على ما لا ينحسر الماء عنه ، أو ينحصر بعد المدّة ، أو في أثنائها بعد فوات الوقت المعتاد للزرع ، لم تصحّ ، ولو كان قليلا يمكن معه بعض الزّرع جاز ، ولو كان ينحسر عنها بالتدريج ، فالأقرب جواز المزارعة لا الإجارة للزرع ، للجهل بوقت الانتفاع.

٤٣٢٢. العاشر : لو انقطع الماء في أثناء المدّة فإن كان الزرع يحتاج إليه تخيّر العامل في الفسخ والإمضاء إن كان (١) قد زارع عليها ، أو استأجرها للزراعة ، وعليه أجرة ما سلف ، ويرجع بما قابل المدّة المتخلّفة.

٤٣٢٣. الحادي عشر : إذا أطلق المزارعة ، كان له أن يزرع ما شاء ، وإن عيّن المزروع ، لم تجز المخالفة ، فإن زرع ما هو أضرّ كان للمالك أجرة المثل إن شاء أو المسمّى مع الأرش ، ولو كان أقلّ ضررا ، جاز.

٤٣٢٤. الثاني عشر : لو اشترط الزرع والغرس ، فالأقرب وجوب تعيين مقدار كلّ واحد منهما ، وكذا البحث لو استأجر لزرعين أو غرسين مختلفي الضّرر.

__________________

(١) في «ب» : إذا كان.

١٤٠