تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

ولو آجرها في غير وقت الماء مطلقا على أنّه لا ماء لها ، جاز الانتفاع بها في غير الزرع ، كالنزول بها وغيره ، ومع حصول الماء يجوز له زرعها ، وليس له أن يبني ولا يغرس ، وله زرعها قبل مجي‌ء الماء لرجاء حصوله ، ولو أطلق الاجارة لهذه الأرض مع علمهما بحالها ، صحّت.

ولو كان لها ماء غير دائم ، وينقطع قبل الزرع ، أو كان لا يكفيه ، فهي كالعادمة.

ولو استأجرها للزرع ، ولم يعلم بحالها ، أو علم وظنّ أنّ المالك يسوق الماء إليها ، لم يصحّ العقد.

٤٢٤٠. الحادي عشر : لو استأجر أرضا غارقة لم تجز إلّا أن يعلم انحسار الماء عنها وقت الحاجة.

٤٢٤١. الثاني عشر : لو استأجر للزراعة فزرع ، ثمّ بقي بعد المدّة غير بالغ ، فإن كان لتفريط من المستاجر ، كما لو زرع ما لا يدرك في المدّة ، فكالغاصب يتخيّر المالك بين قطعه وإبقائه بالأجرة ولو اختار المستأجر قطع زرعه في الحال ، كان له ذلك ، وليس للمالك أخذه بالقيمة بدون رضا صاحبه.

وإن كان بغير تفريط ، مثل تأخّره لبرد حصل ، أو تأخّر الأهوية ، أو المياه ، أو غير ذلك ، فعلى المؤجر تركه ، وله المسمّى وأجرة المثل في الزائد ، ويحتمل وجوب نقله لحصول التفريط منه ، إذ قد كان يمكنه الاستظهار بزيادة المدّة ، والأوّل أقرب.

ولو أراد المستأجر زرع ما لا يدرك في المدّة ، فالأقرب أنّه ليس للمالك

١٠١

منعه ، وقال الشيخ : له منعه (١) وفيه نظر ، نعم له قلعه عند الانقضاء لا قبله.

ولو استأجر لزرع مدّة لا يكمل فيها ، وشرط تفريغ الأرض عند الانتهاء ، جاز ، ولزمه النقل ، وإن أطلق ، فالوجه الجواز ، سواء أمكنه الانتفاع بها في المدّة ، بزرع (٢) ما يساوي المشترط في الضّرر ، أو يقصر عنه أو لا ، على إشكال.

وحينئذ فالأقرب عدم وجوب الإبقاء على المالك ولو رضي بالأجرة عن الزيادة جاز ، ولو اشترط التبقية إلى وقت البلوغ ، بطل العقد.

٤٢٤٢. الثالث عشر : إذا استاجر للغراس سنة ما يبقى بعدها غالبا ، صحّ ، سواء شرط قلع الغراس عند الانتهاء أو لا ، وله الغرس قبل الانقضاء لا بعده ، ويجب مع الانتهاء قلع الغرس مع الشرط ، وهل مئونة القلع على الغارس أو المالك؟ فيه تردّد ، ولا أرش على المالك.

ولا يجب على المستأجر تسوية الحفر ، وإصلاح الأرض ، إلّا أن يقلعه قبل المدّة ، ولو اتّفقا على إبقائه بعوض ، أو غيره ، جاز ، إن قرنه بمدّة معيّنة.

ولو أطلق العقد ، فللمستأجر القلع ، وعليه تسوية الحفر ، وكذا إن قلعه قبل انتهاء المدّة.

ولو لم يقلعه ، قال الشيخ : لم يجبر على قلعه مجّانا ، ويتخيّر المالك بين أخذ الغرس بالقيمة ، ويجبر المستأجر على القبول ، وبين الإجبار على القلع مع دفع الأرش لنقص الغرس بالقلع ، وبين التبقية بأجرة المثل (٣).

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ٢٥٧ ـ ضمن كتاب المزارعة ـ.

(٢) في «ب» : يزرع.

(٣) المبسوط : ٣ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ـ ضمن كتاب المزارعة ـ.

١٠٢

وعندي في إجباره على قبول القيمة نظر ، ولا يتخيّر المالك بين دفع قيمة الغراس والقلع مجانا ، والترك ، فيكونان شريكين.

ولو باع الغارس غرسه على غير المالك ، جاز ، وقام المشتري مقام البائع ، ولو شرط في العقد تبقية الغراس ، فالأقرب البطلان ، وتثبت أجرة المثل.

٤٢٤٣. الرابع عشر : إذا آجرها للزّرع وأطلق ، جاز أن يزرع ما شاء، وله زرع ما هو أبلغ ضررا وأدناه وما بينهما ، وإن عيّن المزروع جاز أن يزرعه ، وما يساويه ، أو يقصر عنه ، في الضرر ، سواء شرطه أو لا ، وإن شرط أن لا يزرع غيره ، صحّ الشرط والعقد ، ومع التخصيص ، لو زرع ما هو أضرّ به ، كان للمؤجر قلعه ، سواء بلغ إلى الضّرر الزائد على ما سمّاه أو لا.

ثمّ إن بقي من المدّة ما يمكن فيه زرع المسمّى ، كان له ذلك ، وإلّا فلا ، وعليه أجرة جميع المدّة.

ولو لم يعلم المالك حتّى استحصد ، فالوجه أنّ له المسمّى وأجرة الزيادة ، ويلوح من كلام الشيخ التخيير بين ذلك وبين أجرة المثل (١).

وكذا لو استأجر للسكنى فأسكن القصّار أو الحداد ، فإنّ الوجه أن يأخذ المسمّى وأجرة الزائد من الضرر ، وكذا لو استأجر غرفة ليجعل فيها وزنا من القطن ، فوضع ذلك الوزن من الحديد.

ولو قال : ازرع ما شئت جاز ، وليس له أن يغرس ، ولو استاجرها للبناء ، جاز ، ويشترط معرفة الموضع والعرض ، وفي العلوّ نظر.

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ٣ / ٢٦٣ ـ ضمن كتاب المزارعة ـ.

١٠٣

الفصل الخامس : في باقي مباحث الحيوان

وفيه سبعة عشر بحثا :

٤٢٤٤. الأوّل : إذا استأجر دابّة لمنفعة كان له أن يستوفي تلك المنفعة ومثلها ودونها ، فلو استأجرها لحمل شي‌ء معلوم ، جاز أن يحملها ما يساويه في المقدار والضرر ، وليس للمؤجر إبدال الدابّة بمثلها ، أو أجود بدون رضى المستأجر ، ولو كانت المنفعة الّتي يستوفيها أكثر ضررا ، أو مخالفة للمعقود عليه في الضرر ، لم يجز ، فلو استأجر لحمل حديد ، لم يحمل قطنا ، وبالعكس ، لكثرة مقدار الأوّل (١) ، فيعاوق الهواء ، فيكثر التعب ، وملازمة الثاني موضعا واحدا ، (٢) فإن خالف كان عليه المسمّى وأجرة الزائد ، ويضمن.

ولو استأجر للركوب ، لم يكن له أن يحمل وبالعكس.

ولو استأجره ليركبه عاريا ، لم يكن له ركوبه بالسّرج ، وبالعكس ، ولو استأجره ليركبه بسرج ، لم يكن له ركوبه بأثقل.

__________________

(١) والمراد من الأوّل الصورة الأولى أي استئجار الدابة للحديد ، وكثرة المقدار كناية عن حجم القطن ، حيث إنّه يتخلخل ويلج فيه الريح فيثقل.

قال الفقيه الشافعي القاضي الشيرازي على ما في المجموع للنووي : ١٥ / ٣٠١ : فإذا اكترى ظهرا ليحمل عليه القطن ، لم يحمل عليه الحديد ، لأنّه أضرّ على الظهر من القطن ، لاجتماعه وثقله ، فإن اكتراه للحديد لم يحمل عليه القطن ، لأنّه أضرّ من الحديد ، لأنّه يتجافى ، ويقع فيه الريح فيتعب الظهر. ولاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٨١.

(٢) والمراد انّ الحديد يجتمع على موضع من البهيمة فربما عقرها.

١٠٤

٤٢٤٥. الثاني : لو استأجرها للركوب أو الحمل في مسافة معيّنة ، لم يجز أن يسلك بها في غيرها ، سواء كان أكثر ضررا إمّا لخوف أو حزونة (١) أو أقلّ ، ولو فعل ضمن ، وهل يجب المسمّى مع الزيادة إن كانت أو أجرة المثل؟ فيه نظر.

٤٢٤٦. الثالث : إذا استأجرها للركوب أو الحمل إلى غاية فتجاوزها ، كان عليه المسمّى وأجرة المثل للزائد ، ويضمن من حين التعدّي ، ولا خيار للمالك مع بقائها ، بين المطالبة بالأجرة ، وبالقيمة يوم التعدّي ، وإن بعدت مسافة التجاوز.

ولا فرق في الضمان بين أن يتلف في الزيادة أو بعد ردّها إلى المسافة ، هذا إذا كان صاحبها غائبا.

وإن كان حاضرا ، ولم ينطق بشي‌ء حتّى تعدّى فيها ، لم تكن مضمونة ضمان اليد ، فإنّ يد صاحبها عليها ، فإن ماتت والمستأجر راكب ، ضمن إمّا النصف ، أو ما قابل الزائد على مسافة الإجارة بعد النسبة ، على الاحتمالين ، هذا ما قاله الشيخ (٢) والوجه عندي ضمان الجميع ، وإن كان صاحبها ساكتا.

وإن تلفت بسبب سبع ، أو سقوط في وهدة وشبهها ، بعد نزوله عنها وتسليمها إلى صاحبها ، لم يضمنها.

ولو كان التلف بسبب التعدّي ، فإنّه يضمنها بأجمعها ، وكذا الأوّل يضمن

__________________

(١) الحزن ـ كفلس ـ : ما غلظ من الأرض. مجمع البحرين.

(٢) المبسوط : ٣ / ٢٢٥. وفيه : إذا ثبت هذا وانّها تكون في ضمانه فكم يضمن؟ قيل فيه قولان : أحدهما يضمن بنصف قيمتها ، لأنّها ماتت من مباح ومحذور ، والثاني يقسط على الفراسخ ويضمن بقدره.

١٠٥

الجميع لو كان التلف من الراكب بسبب الحمل أو السير ، ولا يسقط الضمان بردّها إلى المسافة.

٤٢٤٧. الرابع : لو استأجر لحمل شي‌ء فحمل أزيد ، وجب المسمّى وأجرة المثل للزائد ، ويلزمه الضمان ، ولو استأجره لحمل قفيز ، فوجده قفيزين ، فإن كان المستأجر تولّى الكيل من غير علم المالك ، كان حكمه حكم من استأجر لحمل شي‌ء فزاد ، وإن كان المالك (١) من غير علم المستأجر فلا أجرة عليه للزائد ، وللمستأجر مطالبته بردّ الزائد إلى موضعه وليس للمؤجر إلزامه بذلك لو لم يردّه.

ولو رجعا إلى بلد الأجرة ، ثمّ علما بالزيادة ، فالأقرب أنّ للمستأجر المطالبة برد الزيادة ، ولا يجب عليه قبول المثل ، ولا ضمان.

ولو تلف الزائد من الطعام ، ضمنه ، سواء كاله أحدهما ووضعه الآخر على ظهر الدابة ، أو كاله ووضعه ، وإن تولّاه أجنبيّ من غير علم المستأجر ، فهو متعدّ عليهما ، يضمن الدابّة لصاحبها ، والطعام لمالكه.

ولو كاله المستأجر ووضعه المالك مع علمه بالزيادة ، فلا ضمان ، وفي ثبوت الإجارة في الزائد نظر ، ولو انعكس الحال ، فعليه أجرة الزائد ، ولو أمره بالحمل ففي الأجر نظر.

وإن كاله أحدهما ، وحمله أجنبيّ بأمره ، أو بأمر الآخر ، فهو كما لو حمله أحدهما ، ولو كان بغير أمرهما ، تعلّق به الضمان.

__________________

(١) أي وإن كان المالك متوليا للكيل.

١٠٦

إذا عرفت هذا ، فإذا حملها أزيد ، فقد قلنا انّه ضامن ، وهل يضمن الجميع أو البعض بالتقسيط؟ الأقرب الثاني ، ولو كانت الزيادة ممّا لا يقع غلطا ، لم يضمن ، ولا يوجب لها أجرة في ذلك كلّه.

هذا إذا تلفت من الحمل ، ولو تلفت بسبب غيره ، كافتراس السبع ، والوقوع في الوهدة ، وأخذ ظالم لها ، ففي الضمان إشكال.

٤٢٤٨. الخامس : لو استأجر الدابّة مدّة غزاته ، لم يجز ، وكذا مدّة سفره في تجارته ، فإن فعل ، فله أجرة المثل ، ولو سمّى لكلّ يوم شيئا معلوما من غير تعيين الأيّام ، لم يجز. ولو عيّنها صحّ ، ويلزمه الأجر ، سواء كانت مقيمة أو سائرة ، ولا بدّ من تعيين ما يستأجر له ، من ركوب أو حمل.

وكذا لو اجر نفسه لسقي النخل كلّ دلو بتمرة ، أو فلس ، أو غيرهما ، جاز بشرط تعيين الدلاء ، ولو لم يعيّن ، بطل ، وكان له أجرة المثل مع العمل ، ولا بدّ من معرفة الدلو والبئر وما يستسقى به.

٤٢٤٩. السادس : لو استأجر دابّة عشرة أيّام بعشرة دراهم ، فإن حبسها أكثر من ذلك ، فله بكلّ يوم درهم ، لم يجز ، فإن جعل ذلك شرطا في العقد ، بطل العقد. وإلّا فلا ، فإن حبسها أكثر من المدّة ، كان له أجرة المثل ، وكذا البحث في الصبرة لو استأجره (١) لحملها على أنّها عشرة أقفزة بدرهم ، فما زاد فبحسابه.

٤٢٥٠. السابع : لو استأجر لحمل صبرة مشاهدة إلى موضع معيّن ، جاز ، ولو قال : استأجرتك لتحملها كل قفيز بدرهم ، فإن علما مقدار القفزان ، (٢) صحّ

__________________

(١) في «ب» : «ولو استأجره» والصحيح ما في المتن.

(٢) القفيز جمعه أقفزة ، وقفزان. المعجم الوسيط : ٢ / ٧٥١.

١٠٧

إجماعا ، وإلّا فالأقرب البطلان، وتثبت أجرة المثل ، ولا يلزم في قفيز واحد على إشكال(١).

ولو قال : لتحمل قفيزا بدرهم ، وما زاد فبحسابه ، يريد به حمل الجميع صحّ في القفيز إن لم يجعل الزائد شرطا ، وإلّا بطل ، ووجبت أجرة المثل.

ولو أراد مهما حملت عن باقيها فبحسابه ، لم يصحّ ، وكذا لو قال : لتحمل قفيزا بدرهم على أن تحمل الباقي بحساب ذلك ، أو قال : لتحمل هذه الصّبرة كلّ قفيز بدرهم ، وتنقل لي صبرة أخرى في البيت بحساب ذلك ، سواء علما الصّبرتين بالمشاهدة ، أو لم يعلماهما ، ولو علماهما بالكيل جاز ، ولو علما إحداهما خاصّة ، صحّ فيها خاصّة.

ولو قال : لتحمل هذه الصبرة والّتي في البيت بعشرة ، فإن علما الّتي في البيت بالمشاهدة ، صحّ وإلّا فلا ، ولا يصحّ في المشاهدة بانفرادها.

ولو قال : لتحمل هذه الصبرة وهي عشرة أقفزة بدرهم فإن زادت على ذلك فبحسابه ، صحّ في العشرة خاصّة إن لم يجعل الزائد شرطا.

٤٢٥١. الثامن : إذا استأجر دابّة للركوب ، اشترط في صحّته معرفة المتعاقدين بما عقدا عليه ، فإذا آجره جملا للركوب ، وجب معرفة الراكبين ، والآلة الّتي يركبون (٢) فيها ، كالمحارة (٣) وغيرها وهل المحمل مغطّى أو مكشوف؟

__________________

(١) لعلّه إشارة إلى ردّ ما عليه أبو حنيفة من أنّه يلزم عقد الإجارة في قفيز واحد ، ويبطل فيما زاد.

لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٨٩.

(٢) هذا ما أثبتناه ولكن في النسخ : يركبان.

(٣) المحارة ـ بفتح الميم ـ : محمل الحاج ، وتسمّى الصدفة أيضا. المصباح المنير.

١٠٨

وجنس غطائه ، ومعرفة الوطاء ، (١) وإن كان مقتبا ذكره ، ويحتاج إلى معرفة المعاليق كالقربة والسطيحة (٢) والسفرة (٣) ونحوها من جميع ما يحمل معه.

ويجب معرفة الدابّة الّتي يركب عليها ، إمّا بالمشاهدة أو الوصف ، فيذكر الجنس كإبل ، أو فرس ، أو حمار ، والنوع ، كبختيّ ، أو عربيّ ، أو برذون ، (٤) أو مصري ، أو شامي ، والذكورة ، والأنوثة ، وجودة مشيه ورداءته.

وإذا كان الكراء إلى مكّة أو ما يشبهها ممّا لا مدخل للمؤجر في السير ، لم يحتج إلى ذكر وقته وقدره كلّ يوم.

ولو كان السير في كلّ وقت إلى المؤجر ، فالأقرب عدم وجوب ذلك أيضا. لكنّه مستحبّ.

وإذا أطلق ، وللطريق منازل معروفة ، عمل على العرف مع اختلافهما ، وكذا لو اختلفا في وقت السير من الليل أو النهار ، وفي موضع المنزل من داخل البلد أو خارجه ، فإنّه يحمل على العادة.

ولو لم تكن للطّريق منازل معروفة ، فالأولى صحّة العقد ، والرّجوع إلى العادة في غير تلك الطريق.

٤٢٥٢. التاسع : إذا شرط حمل زاده ، وكان معيّنا ، فنقص بالأكل المعتاد ، فالأقرب أنّه ليس له حمل بدله ، وقوّى الشيخ أنّ له الإبدال (٥) وليس برديّ ، ولو

__________________

(١) الوطاء ـ بكسر أوّله ـ : ما يوطأ به المحمل.

(٢) السطيحة : المزادة تكون من جلدين لا غير. المعجم الوسيط : ١ / ٤٢٩.

(٣) قال الفيومي : السفرة ـ كغرفة ـ : طعام يصنع للمسافر ، وسميت الجلدة الّتي يوعى فيها الطعام سفرة مجازا. المصباح المنير.

(٤) البرذون : يطلق على غير العربيّ من الخيل والبغال. المعجم الوسيط : ١ / ٤٨.

(٥) المبسوط : ٣ / ٢٣٣.

١٠٩

شرط ذلك فالأقرب الجواز ، وكذا لو فنى الزاد بالأكل ، أمّا لو نقص بالسّرقة أو بالأكل الخارج عن العادة ، فالوجه جواز حمل العوض.

وعلى ما اخترناه ، لو فقد الزاد ، وكان بين يديه ، مراحل يوجد الزاد فيها ، كان له أن يشري ما يتزوّد به مرحلة مرحلة ، وإن لم يوجد ، أو وجد بثمن غال ، كان له أن يحمل البدل مع نفسه ، ولو شرط عدم إبدال ما نقص من الأكل ، فنقص بسرقة ، أو سقوط ، فالوجه جواز الإبدال.

٤٢٥٣. العاشر : إذا اكترى جملا ليحجّ عليه ، فله الركوب عليه إلى مكّة ومن مكّة إلى عرفة ، والخروج عليه إلى منى.

ولو اكترى إلى مكّة فقط لم يكن له الخروج عليه إلى عرفات ومنى.

٤٢٥٤. الحادي عشر : يجب على المؤجر القيام بما يحتاج الركوب إليه من الحداجة (١) ، والقتب ، والزمام. أو السرج واللجام ، أو البردعة (٢) والمقود (٣) ، وعلى المستأجر الزائد على ذلك ، كالمحارة ، والحبال الّتي تربط بها ، والوطاء الّذي يشدّ به فوق الحداجة تحت المحمل ، وعلى المؤجر رفع المحمل ، وحطّه ، وشدّه على الجمل ، ورفع الأحمال وشدّها وحطّها وعليه إعانة الراكب على الصعود والنزول ، وعليه السائق والقائد هذا إذا اكتراه على أن يصحبه.

ولو استأجر على أن يأخذ الدابّة هو ، ويمضي بانفراده كان ، (ذلك) (٤) ، جميعه عليه.

__________________

(١) الحدج : الحمل ، ومركب من مراكب النساء كالهودج والمحفّة. المعجم الوسيط : ١ / ١٦٠.

(٢) البردعة : ما يوضع على الحمار أو البغل ليركب عليه كالسرج للفرس. المعجم الوسيط : ١ / ٤٨ ، وفي بعض النسخ «البرذعة» وكلاهما بمعنى واحد.

(٣) المقود : ما تقاد به الدابة من حبل ونحوه. المعجم الوسيط : ٢ / ٧٦٥.

(٤) ما بين القوسين يوجد في «ب».

١١٠

وأمّا الدليل ، فالأقرب أنّه على المستأجر إن كانت الأجرة على ظهر معيّن ، وعلى المؤجر إن آجره للحمل إلى المشترط.

وأمّا السوق ، فإن كان الكراء ليحمل المستأجر أو ليركب هو عليها ، فالسّوق عليه ، وإن استأجره لحمل المتاع ، فعلى الموجر ، وجميع ما قلناه على أحدهما لو شرطه على الآخر ، جاز.

وعلى المؤجر إبراك البعير للمرأة ، والعاجز لكبر أو مرض أو سمن ، وليس عليه ذلك لغير المعذور ، ولو كان قويّا حال العقد ، فضعف أو بالعكس ، كان الاعتبار بحال الركوب.

وعلى الموجر إيقاف البعير لينزل (١) لصلاة الفريضة ، وقضاء الحاجة ، والطّهارة ، ويستمرّ على وقوفه حتّى يفعل المستأجر ذلك ، ثمّ يركب ، أمّا ما يمكنه فعله راكبا ، كالأكل ، والشرب ، وصلاة النافلة ، فلا يجب إيقافه لذلك ، ولا أن يبركه له. ولو كان في موضع يتخيّر بين التمام والقصر ، فطلب المستأجر التمام ، لم يكن للمؤجر مطالبته بالقصر ، بل يقف معه حتّى يتمّ صلاته.

ولو آجره ، وسلّمه إليه ، ليركبه بنفسه ، لم يلزمه شي‌ء ممّا قلناه ، ولو كانت العادة تقتضي النزول والمشي عند قرب بعض المنازل ، لم يجب على الراكب النزول فيه ، وإن كان جلدا (٢) على المشي.

٤٢٥٥. الثاني عشر : لو هرب الجمّال بانفراده ، لم تبطل الإجارة ، وأقام الحاكم عوضه من يقوم بما يجب عليه ، من إطعام الدواب ، والشدّ والحلّ ، ولو

__________________

(١) في «ب» : لتبرك.

(٢) الجلد : القوي الشديد. مجمع البحرين.

١١١

لم يجد مالا سوى الجمال ، وفيها فضلة ، بيعت في حمل المستأجر (١) ، والنفقة على الجمال ، وإقامة عوضه (٢).

ولو لم تكن فضلة ، اقترض الحاكم عليه إمّا من بيت المال ، أو غيره ، ودفع إلى المستأجر ما يحتاج إليه ، ولو استدان من المكتري وأنفق جاز ، وإن أذن للمستأجر في الإنفاق ليرجع به ، جاز.

ولو اختلفا في قدر النفقة ، فان كان الحاكم قدّرها ، قبل قوله في القدر مع اليمين دون الزائد ، وكذا إن لم يقدّر في المعروف خاصّة.

ولو أنفق بغير إذن الحاكم مع القدرة عليه ، لم يرجع بها ، وكذا مع التعذّر وترك شرط الرجوع والإشهاد ، ولا يقبل قوله في إيجاب الرّجوع له على غيره ، وإن أشهد بشرط الرجوع فالأقرب ثبوت الرجوع.

فإن انقضت مدّة الإجارة ، ورجع الجمّال ، طولب بما عليه ، وسلّم إليه الجمال ، وإن لم يعد أو لم يؤدّ ، باع الحاكم منها بقدر ما عليه ، فان فضل ، كان للحاكم الخيار في بيعه مع الغيبة والاحتفاظ بالثمن ، وفي الإبقاء.

وإن هرب بجماله وكانت الإجارة في الذّمة ، لم تنفسخ بالهرب ، ويكتري الحاكم من مال الجمال له ظهرا ، فإن فقد المال ، اقترض عليه إمّا من بيت المال ، أو بعض النّاس ، أو المستأجر ، والأقرب أنّه ليس له أن يجعل الاستئجار إلى المستأجر.

ولو تعذّر الاقتراض ، فللمستأجر الفسخ ، ويبقى المال دينا على الجمّال ،

__________________

(١) أي المكري.

(٢) أي من يقوم مقام الجمّال الفارّ.

١١٢

والبقاء على العقد ، ويطالب الجمّال مع عوده بظهر يركبه ، إلّا أن تكون مقيّدة بزمان ، وينقضى ، فله مال الإجارة.

وإن كانت الإجارة على بهيمة معيّنة ، لم يكن للحاكم أن يستأجر له غيرها ، فإن فسخ المستاجر ، رجع بمال الإجارة ، ويدفع الحاكم العين ، إن وجدها ، وإلّا المثل أو القيمة ، ولو لم يكن له مال ، فهل له أن يقرض عليه؟ قال الشيخ : ليس له ذلك (١) والوجه تخصيص المنع بالاقتراض من المستأجر ، لانتفاء الفائدة (٢) وإن لم يفسخ ، وكانت الإجارة متعلّقة بمدّة ، انفسخت بانقضائها.

ولو بقى من الزّمان شي‌ء ثمّ عاد الجمّال بجماله ، انفسخ فيما فات دون ما بقى (لكن له الخيار فيه ، ولو هرب بعد العمل بعض المدّة. ثمّ عاد قبل الانقضاء ، لم ينفسخ فيما بقي). (٣) ولا فيما استوفاه ، وإن كانت مقدّرة بالعمل ، كان له المطالبة به مع رجوع الجمّال ، سواء كان عوده بعد مضيّ مدّة يمكن فيها الانتفاع أو لا.

٤٢٥٦. الثالث عشر : يصحّ ذكر العقبة (٤) وهو أن يركب البعض ويمشي الآخر ، بشرط أن يقدّرها بفراسخ معيّنة ، أو زمان معلوم ، مثل أن يركب إلى الزوال ، ويمشي إلى آخره ، ويعتبر في هذا زمان السير دون زمان النزول.

ولو اكترى على أن يركب يوما ويمشي آخر جاز ، ولو أطلق العقبة من

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ٢٣٥. وعلّله بأنّ الدّين لا يقضى بالدّين.

(٢) في المطبوع هنا تعليق من المصنف وهو : قد بيّنا أنّه إذا لم يكن له مال ، يقترض الحاكم عليه إمّا من بيت المال ، أو من بعض الناس ، فإن لم يمكن فمن المستأجر ، وفي هذه الصورة ليس للاقتراض من المستأجر فائدة ، لأنّ المستأجر له في ذمة المؤجر مال فإبداله لا فائدة فيه.

(٣) ما بين القوسين يوجد في «ب» وسقط من المطبوع.

(٤) العقبة ـ بضم العين ـ النّوبة. المعجم الوسيط : ٢ / ٦١٣.

١١٣

غير تعيين ، فان كانت هناك عادة معلومة ، حمل عليها ، وإلّا بطل.

ولو اتّفقا على أن يركب ثلاثة ، ويمشي مثلها ، أو ما زاد على ذلك ، أو نقص ، جاز ، ولو اختلفا لم يجبر الممتنع منهما.

ولو اكتراه اثنان للعقبة بينهما ، يركب أحدهما ثمّ ينزل ، فيركب الآخر ، جاز ، وتكون الإجارة متعلّقة بجميع المسافة ، ويرجعان في التناوب إلى العادة ، أو ما يتّفقان عليه ، ولو اختلفا في البادي أقرع ، ولو لم تكن للتناوب عادة ، بطلت الإجارة ، إلّا أن يعيّنا في العقد التناوب إمّا بالزمان ، أو بالفراسخ.

٤٢٥٧. الرابع عشر : لو استأجر للحمل ، لم تجب معرفة الحمولة (١) من كونها فرسا أو إبلا أو غيرها إلّا أن يكون المحمول يستضرّ بكثرة الحركة ، كالفاكهة ، والزجاج ، أو يكون الطريق ممّا يعسر على بعضها دون بعض ، فيفتقر إلى تعيينه.

ولا بدّ من معرفة المحمول ، فلو شرط أن يحمل ما شاء ، لم يجز ، وكذا لو قال : لتحمل (٢) عليها طاقتها ، بل تجب معرفته إمّا بالمشاهدة ، أو الوصف بالقدر والجنس ، والظرف إن دخل في الوزن ، لم يحتج إلى ذكره وإلّا وجب إن اختلف ، ولو لم يختلف كالصوف والشعر ، لم يجب تعيينه.

ولو استأجر لمائة رطل من الحنطة ، لم يدخل الظرف ، ولو قال : بمائة ، (٣) دخل.

__________________

(١) قال المصنف في التذكرة : الحمولة ، بالفتح الدابة الّتي تحمل الأحمال ، والحمولة ، بضم الحاء الشي‌ء الّذي يحمل ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٣٩٠ ـ الطبعة الحجرية ـ.

(٢) كذا في «أ» ولكن في «ب» : «ليحمل» ولعلّ الصحيح «احتمل».

(٣) في «أ» : لمائة.

١١٤

ولو استأجر ظهرا للحمل موصوفا بجنس ، مثل أن يشترط الخيل والبغال ، أو الإبل ، ليسرع (١) في السير ، فلا تفوته الصحبة (٢) ، أو ليسكن (٣) السير (٤) ، فلا يحصل من الخيل ، (٥) فأراد حمله على غير ذلك الجنس ، لم يقبل منه سواء كان المستأجر أو المؤجر.

٤٢٥٨. الخامس عشر : لو استأجر بقرا للحرث ، جاز (وافتقر إلى معرفة الأرض بالمشاهدة ، وبقدر العمل ، إمّا بالمدّة أو بالأرض ، أو بالمساحة ، وإذا قرن بالمدّة) (٦) افتقر إلى معرفة البقر ، ويجوز استئجارها بانفرادها ، فالمتولّي للحرث المستاجر ، وبانضمامها إلى مالكها ، ليعمل بها ، وإلى الآلات كالنّير (٧) وبدون الآلة.

ولو استاجر البقر للدياس ، افتقر إلى معرفة الزّرع إمّا بالمشاهدة أو بالمدّة (٨) من غير تعيين الزرع ، ومتى شرط المدّة ، افتقر إلى تعيين البقر.

٤٢٥٩. السادس عشر : لو استأجر لإدارة الرّحى ، افتقر إلى معرفة الحجر بالمشاهدة أو الوصف ، وتقدير العمل ، إمّا بالزمان ، أو بتقدير المطحون وذكر جنسه ، ولو استأجر لدوران الدولاب ، افتقر إلى مشاهدة الدّولاب ، وتقدير العمل ، إمّا بالزمان أو بامتلاء شي‌ء معيّن كالحوض مثلا.

__________________

(١) راجع إلى الخيل والبغال.

(٢) لئلّا ينقطع عن القافلة.

(٣) راجع إلى الإبل.

(٤) أي لا يسرع في السير.

(٥) هذا ما أثبتناه ، ولكن في النسختين «من الحمل» ويحتمل أن تكون العبارة «فلا يتلف من الحمل» فعلى هذا المراد لئلّا تتضرّر الحمولة لكون الحمولة ممّا يضره الهزّ. ولاحظ التذكرة : ٢ / ٣١٥.

(٦) ما بين القوسين يوجد في «ب».

(٧) النّير : الخشبة المعترضة فوق عنق الثور أو عنقي الثورين المقرونين : لجرّ المحراث أو غيره.

المعجم الوسيط : ٢ / ٩٦٦.

(٨) في «أ» : المدّة.

١١٥

ولو استاجره للغرب (١) افتقر إلى معرفة الغرب ، وتقدير الاستيفاء بالزمان ، أو تعدّد الضروب ، أو بامتلاء شي‌ء معيّن ، ولا يجوز التقدير بشرب الأرض وإن كانت معيّنة ، وكذا لو قدّره بشرب الماشية.

ولو استأجر لاستقاء الماء ، افتقر إلى معرفة الآلة ، كالرواية والجرة والقربة وتقدير العمل ، إمّا بالوقت ، أو عدد المرّات ، أو امتلاء شي‌ء معيّن ، فإن قدّره بالمرّات ، افتقر إلى معرفة الموضع الّذي يستقي منه ، ويذهب إليه ، وإن قدّره بمل‌ء شي‌ء افتقر إلى معرفته ومعرفة موضع الماء.

ولو استأجر الدابّة لنقل التراب ، جاز ، ولا بدّ من معرفتها في كلّ موضع وقع العقد فيه على المدّة ، وإن وقع على العمل المعيّن ، لم تجب (٢).

٤٢٦٠. السابع عشر : لو استأجر دابّة ، وذكر المستأجر أنّها تتعب راكبها ، فإن كان من قبله ، مثل أن يكون قليل الركوب ، فلا خيار له ، وإن كان من قبلها ، كالعثار وقلّة البصر ، فإن رضي ، فلا خيار ، وإن لم يرض ، فإن استاجرها بعينها ، كان له الفسخ دون الإبدال ، وإن كانت في الذمّة ، كان له البدل ، ولم يكن له فسخ العقد.

__________________

(١) الدلو العظيمة تتّخذ من جلد الثور. المعجم الوسيط : ٢ / ٤٦٧.

(٢) أي معرفة الدابّة.

١١٦

الفصل السادس : في تضمين الأجراء

وفيه واحد وعشرون بحثا :

٤٢٦١. الأوّل : العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها إلّا بتعد أو تفريط ، وإذا انقضت المدّة وجب عليه رفع يده ، وليس عليه الردّ إلّا مع المطالبة ، ولا يضمنها بعد المدّة بدون التفريط.

ولو طلبها صاحبها بعد المدّة ، وجب ردّها مع المكنة ، فإن امتنع ، ضمنها ، وعليه أجرة المثل وقت الإمساك ، وإن لم يستعملها ، ولو امتنع من الانتفاع من قبل نفسه لزمه الأجرة ، ولا ضمان ، وإن كان بوقوع الإصطبل على الدابّة.

٤٢٦٢. الثاني : لو شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين ، لم يصحّ ، وهل تبطل الإجارة؟ فيه نظر.

ولو آجره شيئا وشرط عدم السير ليلا ، أو وقت الظهيرة ، أو لا يتأخر بها عن القافلة ، أو لا يسير في الأعقاب ، أو في الابتداء ، أو لا يسلكها طريقا معيّنا ، أو لا ينزل واديا ، فخالف ، ضمن.

٤٢٦٣. الثالث : إذا كانت الإجارة فاسدة ، لم تكن العين مضمونة أيضا ، إلّا بالتعدّي.

٤٢٦٤. الرابع : يسوغ للمستأجر ضرب الدابّة بمجرى العادة وتكبيحها

١١٧

باللجام (١) للإصلاح والحثّ على السير ليلحق الرفقة ، وللرائض ضرب الدابّة للتأديب ، وترتيب المشي والعدو والسير ، وللمعلّم ضرب الصبيان للتأديب إلّا صغيرا لا يعقل.

ولو تلفت الدابّة بضرب المستأجر ما (٢) يسوغ ضربها به لم يضمن ، وكذا لا يضمن لو وضع عليها السرج ، أو اللجام ، أو البرذعة فماتت ، ولو تعدّى في ذلك كلّه ، ضمن.

ولو ضرب امرأته للتأديب فماتت ، ضمن.

والرائض لا يضمن مع ضربه موافق العادة.

ولو مات الصغير حتف أنفه ، أو وقع عليه شي‌ء من السقف لم يضمن المؤدّب ، سواء كان الصبيّ حرّا أو عبدا.

٤٢٦٥. الخامس : الختّان والحجّام والمتطبّب إذا أتلفوا شيئا بفعلهم ضمنوه ، وإن كانوا حاذقين ، كما لو قطع الحشفة ، أو يقطع الطبيب سلعة (٣) فيتجاوزها ، أو يقطع بآلة كالّة ، (٤) أو في وقت لا يصلح للقطع فيه ، أمّا لو لم يتجاوزوا محلّ القطع (٥) مع حذقهم في الصنعة ، فاتّفق التلف ، فإنّهم لا يضمنون.

ولو ختن صبيّا من غير إذن وليّه ، أو قطع سلعة من إنسان بغير إذنه ، فسرت جنايته ، ضمن ، ولو فعل بإذن من له الولاية لم يضمن إلّا مع التعدّي.

__________________

(١) كبح الدابّة كبحا : جذب رأسها إليه باللجام وهو راكب لكي تقف. المعجم الوسيط : ٢ / ٧٧٢.

(٢) في «أ» : ممّا.

(٣) السلعة ـ بكسر السين ـ : زيادة في الجسد كالغدّة. مجمع البحرين.

(٤) كلّ السيف : لم يقطع. المعجم الوسيط : ٢ / ٧٩٦.

(٥) في «ب» : محل القطع فيه.

١١٨

٤٢٦٦. السادس : لو استأجره لقلع ضرسه ، فقلع غير ما أمره ، ضمنه ، واقتصّ منه في العمد.

٤٢٦٧. السابع : الراعي لا يضمن الماشية إلّا بالتعدّي أو التفريط ، مثل أن ينام عنها ، أو يغفل ، أو يضعها في بعد منه ، أو تغيب عن نظره وحفظه ، أو يضربها كثيرا ، أو في غير موضعه ، أو من غير حاجة ، أو يسلك بها طريقا مخوفا.

ولو اختلفا في التعدّي ، فالقول قول الراعي ، ولو اختلفا في كون الفعل تعدّيا ، رجع إلى أهل الخبرة.

ولو ادّعى موت شاة ، قبل قوله مع اليمين ، ولا يضمن ، وإن لم يأت بجلدها.

ولا يضمن ما يأخذه العرب اللصوص والأكراد ، أو يأخذه السباع إلّا مع التعدّي بأن يخالف صاحب الغنم في المرعى ، فإن أطلق ، ولم يعيّن الموضع ، فلا ضمان إلّا مع التعدّي.

٤٢٦٨. الثامن : الصانع مثل القصّار ، والخيّاط ، والحائك ، والطبّاخ ، وأشباههم ، يضمنون ما يتلف بفعلهم ، سواء كانوا في ملك المستأجر أو ملكهم ، وسواء كان المستأجر حاضرا ، أو غائبا.

والحمّال يضمن ما يسقط من حمله عن رأسه أو يتلف من عثرته.

والجمّال يضمن ما يتلف بقوده وسوقه ، وانقطاع حبله الّذي يشدّ به الحمل.

والملّاح يضمن ما تلف في يده أو جذفه (١) أو ما يعالج به السفينة.

__________________

(١) أي في حركة المجذاف لدفع السفينة إلى الأمام.

١١٩

سواء حصل منهم التعدّي أو لا ، وسواء كان صاحب العمل حاضرا أو غائبا ، وكذا كلّ من أعطي شيئا ليصلحه فأفسده أو أعابه.

ولو كان للمستأجر عبيد صغار أو كبار على جمله ، ضمن المؤجر ما تلف من قوده وسوقه ، وكذا الأجير الخاصّ يضمن ما يتلف بفعله ، سواء كان عن تفريط أو لا.

٤٢٦٩. التاسع : إذا أتلف الصانع الثوب بعد عمله ، تخيّر المالك بين تضمينه إيّاه معمولا ، وعليه الأجر له إن لم يكن دفعه ، وبين تضمينه إيّاه قبل عمله ، ولا أجر له عليه ، وكذا لو أتلف الحامل ما حمله ، تخيّر بين تضمينه في موضع التلف ، وعليه أجرة حمله إليه ، وبين تضمينه إيّاه في موضع التسليم ، ولا أجرة.

٤٢٧٠. العاشر : إذا دفع غزلا إلى حائك فقال : انسجه عشرة طولا في عرض ذراع ، فنسجه زائدا فيهما ، فلا أجرة له على الزيادة ، ثمّ إن كانت الزيادة في الطول خاصّة ، استحقّ المسمّى ، وإن كان في العرض ، فالأقرب أنّه كذلك على إشكال ، وكذا الإشكال لو كانت الزيادة فيهما ، ولو نسجه ناقصا في الطول ، فالأقرب أنّه يستحقّ بنسبة عمله من الأجرة. ولو كان ناقصا في العرض فالإشكال فيه أقوى ، وعليه الأرش في البابين.

وإن نسجه زائدا في أحدهما ، ناقصا في الآخر ، فلا شي‌ء له عن الزيادة ، وكان الحكم في النقصان ما ذكرنا ، وليس لصاحب الثوب دفعه إلى النسّاج وإلزامه بثمن الغزل.

ولو أثّرت الزيادة أو النقص [في] العين ، مثل أن يأمره بعشرة [أذرع]

١٢٠