تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

فإن طلّق الزوجة طلاقا بائنا ، جاز له العقد على أختها في الحال ، وإن كان رجعيّا ، لم يجز حتّى تخرج من العدّة ، فإن عقد على الأختين دفعة واحدة ، كان عقدهما باطلا على ما اختاره في المبسوط (١) وهو مذهب ابن إدريس (٢) وفي النهاية يختار أيّهما شاء (٣) وبه رواية صحيحة (٤) وإن عقد مرتّبا كان عقد الثانية باطلا دون الأولى ، ويحرم أيضا على الجمع بين بنت أخت الزوجة وبنت أخيها إلّا برضا العمّة والخالة ، فلا يجوز له الجمع بين العمّة وبنت الأخ ولا بين الخالة وبنت الأخت إلّا برضا العمّة والخالة ، سواء تقدّم عقدهما أو تأخر ، وسواء كانت العمّة والخالة حقيقية كالعمّة الدنيا والخالة الدنيا أو مجازا كالعمّة العليا والخالة العليا ، فإن عقد على بنت الأخ أو بنت الأخت ومعه العمّة أو الخالة كان العقد موقوفا ، إن أجازتاه صحّ ولم يكن لهما بعد ذلك اختيار ، وإن فسختاه بطل.

وقال ابن إدريس : يكون العقد باطلا ولا بد من تجديده مع الرضا (٥) وهل للعمّة والخالة فسخ نكاحهما واعتزال الزّوج؟ قال الشيخ : نعم ، (٦) واختاره ابن إدريس وجعل ذلك فسخا لا طلاقا ، ولا نفقة لها فيه ، وله أن يتزوّج بأختها في الحال. (٧) وعندي فيه نظر ، فإن طلّق واحدة منهما بائنا ، جاز له العقد على بنت الأخ أو بنت الأخت في الحال ، وان كان رجعيّا لم يجز إلّا برضاهما أو بعد العدّة ، وهكذا حكم الرضاع في جميع ما تقدم.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٠٦.

(٢) السرائر : ٢ / ٥٢٢ و ٥٣٦.

(٣) النهاية : ٤٥٤.

(٤) لاحظ التهذيب : ٧ / ٢٨٥ برقم ١٢٠٣ ، والوسائل : ١٤ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨ ، الباب ٢٥ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الحديث ١ و ٢.

(٥) السرائر : ٢ / ٥٤٥.

(٦) النهاية : ٤٥٩.

(٧) السرائر : ٢ / ٥٤٥.

٤٦١

وله أن يدخل العمّة والخالة على بنت الأخ أو بنت الأخت ، ولا يعتبر رضا المدخول عليها.

٤٩٩٥. الثاني : تحرم حليلة الابن ، وهي منكوحته بالعقد ، أو الملك ، أو الإباحة ، تحريما مؤبدا ، ولو عقد الابن ولم يدخل حرمت أيضا مؤبدا على الأب ، وكذا تحرم منكوحة الأب على الولد ، سواء كانت منكوحة بالعقد ، أو الملك ، أو الإباحة ، تحريما مؤبدا ، وسواء كانت المعقود عليها مدخولا بها أو لا.

ولا فرق بين الأب الحقيقي والمجازي ، وكذا في طرف الولد ، فتحرم على الولد منكوحة الجدّ لأبيه أو لأمّه وإن علا ، وعلى الأب منكوحة ابن ابنه أو ابن بنته وإن نزل ، وسواء كان أب النسب أو الرضاع ، وكذا الولد ولا تحرم أمّ منكوحة أحدهما على الآخر ، وإن علت ، ولا بناتها وإن نزلن.

نعم يكره للرجل أن يتزوّج ابنه بنت امرأته المدخول بها إذا كان قد رزقت بعد مفارقتها له ، ولو كانت ولادتها متقدمة على نكاح الأمّ لم يكن مكروها.

٤٩٩٦. الثالث : لا تحرم مملوكة الأب على الابن مؤبدا بمجرد الملك ، ولا مملوكة الابن على الأب بذلك ، ولو وطأ أحدهما مملوكته حرمت على الآخر تحريما مؤبدا ، ولا يجوز للولد أن ينكح مملوكة أبيه إلّا بالإذن أو الملك ، فإن فعل من غير شبهة كان زانيا ، وعليه الحد والمهر مع الإكراه ، وفي المطاوعة إشكال ، وقوّى الشيخ رحمه‌الله سقوطه ، لعموم النهي عن مهر البغي (١) ولو حملت فالولد مملوك للمولى لا ينعتق عليه ، ولو كان بشبهة (٢) سقط الحدّ ، فإن حملت من الشبهة عتق على الأب ، ولا قيمة على الابن ، وأمّا المهر فكما تقدم ، ولا تصير

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٠١.

(٢) في «أ» : لشبهة.

٤٦٢

أمّ ولد ، لأنّها علقت بمملوك ثم عتق بالملك لأجل النسب ، وكذا لا يجوز للأب أن يطأ جارية ابنه من غير إذن أو عقد ، فإن فعل فلا حد سواء وطئها الابن قبل ذلك أو لا ، وعليه المهر مع الشبهة ، وأمّا مع العلم فإن كانت مكرهة وجب ، وإلّا فالأقرب سقوطه ، ولو حملت لم ينعتق ، وعلى الأب فكّه إلّا أن يكون أنثى ، والأقرب أنّها لا تصير أمّ ولد ، ولو كان الولد صغيرا ، جاز للأب أن يقوّم مملوكته على نفسه ، ثمّ يطأها بالملك.

٤٩٩٧. الرابع : يجوز الجمع بين الأختين في الملك ، ولا يجوز الجمع بينهما في الوطء ، فإذا وطأ إحداهما حرمت الأخرى حتّى تخرج الموطوءة من الملك ببيع ، أو هبة ، أو كتابة ، وكذا لا يجمع بينهما وبين عمّتها ولا خالتها في الوطء إلّا برضا العمّة أو الخالة ، ويجوز الجمع بينهما في الملك.

ولا يكفي في تحليل الأخرى رهن الأولى ، لأنّ المنع من الوطء لحق المرتهن لا للتحريم ولا استبرائها أيضا ، فإن باع الموطوءة أو كاتبها ، فوطأ الأخرى ثم ردّت عليه الأولى بعيب أو فسخ كتابة لم تحل له المردودة حتّى يحرم التي وطئها ، فإن وطأ الثانية بعد وطء الأولى قبل إخراجها عنه ، وكان عالما بتحريم ذلك عليه ، قال الشيخ رحمه‌الله حرمت عليه الأولى حتّى تموت الثانية ، فإن أخرج الثانية عن ملكه ليرجع إلى الأولى ، لم يجز له الرجوع إليها ، وإن أخرجها من ملكه لا لذلك ، جاز له الرجوع إلى الأولى ـ قال : ـ وإن لم يعلم تحريم ذلك عليه ، جاز له الرجوع إلى الأولى على كلّ حال ، إذا أخرج الثانية من ملكه (١).

__________________

(١) النهاية : ٤٥٥.

٤٦٣

والأقرب عندي أنّ الثانية محرمة دون الأولى ، لكن يستحب له التربص حتّى يستبرئ الثانية ، ولو أخرج الأولى من ملكه ، حلّت الثانية ، ولا حدّ عليه على التقادير ، ولو كان له أمتان أختان فوطأ إحداهما ، حرمت الأخرى ، وإن كاتب الموطوءة ، حلّت له الأخرى ، فإن فسخ الكتابة للعجز قبل وطء الأخرى ، كان مخيّرا بين الأمتين.

٤٩٩٨. الخامس : إذا تزوّج امرأة جاز له شراء أختها لا وطئها بملك اليمين ، سواء كان شراؤها متقدّما على النكاح ، أو متأخرا ، ولو كانت له أمة يطؤها بملك اليمين ، جاز له أن يتزوّج بأختها ، فتحرم عليه الأمة ما دامت الثانية في حبالته ، وتحلّ له المنكوحة وإن لم يحرّم التي وطئها ببيع أو شبهه (١).

ويجوز أن يتزوّج بأخت أخيه إذا لم تكن أختا له (٢) وروي أنّ تركه أفضل (٣) وكذا يجوز للسيّد أن يتزوّج بأختي عبده إذا كانت إحداهما أخته من أبيه والأخرى من أمّه.

ويجوز أن يجمع بين المرأة وزوجة أبيها ، (٤) أو وليدته إذا لم تكن أمّها ، وبين امرأة الرجل وبنت امرأته إذا كانت من غيره ، ويحلّ أن يزوّج الرجل

__________________

(١) في «ب» : وشبهه.

(٢) قال الشيخ في المبسوط : ٤ / ٢٠٧ ، ما هذا نصّه : يجوز للرجل أن يتزوّج بأخت أخيه ، بيانه : رجل له ابن تزوج بامرأة لها بنت ، فولد له منها ابن ، فهذا الابن هو أخو الابن الكبير لأبيه وهو أخو البنت لأمها ، فيجوز للكبير أن يتزوّج بتلك الصبية وهي أخت أخيه.

(٣) انظر النهاية للشيخ الطوسي قدس‌سره : ٤٦٠ ، ولاحظ الوسائل : ١٤ / ٢٧٩ ، الباب ٦ من أبواب ما يحرم بالنسب.

(٤) في «ب» : ابنها.

٤٦٤

ابنه بأمّ امرأته أو ابنتها ، وروي كراهية أن يتزوّج الرجل بضرّة أمّه مع غير أبيه (١).

٤٩٩٩. السادس : من قبّل جاريته بشهوة أو لمسها كذلك ، لم يتعلّق به تحريم أختها ، وكذا لو نظر إلى فرجها ، ولا تحريم أمّها ولا بنتها ، وقال الشيخ : تحرم (٢) وهو ممنوع ، وهل تحرم على أبيه وابنه بمجرد النظر أو التقبيل أو اللمس من غير وطء؟ قال الشيخ : نعم (٣) ونحن نمنع ذلك ، ونحمل النهي (٤) على الكراهية عملا بالأصل ، ولو نظر إلى ما يسوغ لغير مالكها النظر إليه ، أو قبّل أو لمس بغير شهوة لم ينشر الحرمة إجماعا.

٥٠٠٠. السابع : الزنا الطارئ لا ينشر الحرمة ، فلو زنا بأمّ امرأته بعد العقد أو بابنتها ، أو لاط بأخيها أو ابنها أو أبيها ، لم تحرم امرأته عليه ، وكذا لو زنى الأب بجارية الابن وبالعكس لم تحرم على مالكها ، وقال الشيخ : تحرم سواء زنى بها قبل الوطء أو بعده. (٥) وقال الشيخ إذا زنى بجارية أبيه قبل أن يطأها الأب حرم على الأب المالك وطؤها ، وإن كان قد وطئها بعد وطء الأب لم تحرم (٦) وليس بمعتمد.

أمّا الزنا السابق على العقد ، فالمشهور أنّ من زنى بعمّته أو خالته حرمت عليه ابنتاهما أبدا ، ويلوح من كلام ابن إدريس المنع (٧) وكذا لو لاط بغلام أو رجل فأوقب ، فإنّه تحرم على اللائط أمّ المفعول به وأخته وبنته تحريما مؤبّدا ، سواء

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ١٤ / ٣٨٩ ، الباب ٤٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الحديث ١.

(٢) الخلاف : ٤ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩ ، المسألة ٨١ و ٨٢ من كتاب النكاح.

(٣) النهاية : ٤٥١ و ٤٩٦.

(٤) لاحظ التهذيب : ٧ / ٢٨١ ـ ٢٨٢ برقم ١١٩٢.

(٥) المبسوط : ٤ / ١٩٨.

(٦) النهاية : ٤٥٢.

(٧) السرائر : ٢ / ٥٢٩ ـ ٥٣٠.

٤٦٥

كان اللواط بإيقاب الحشفة بكمالها أو بجزئها بعد أن يتحقّق الإيقاب ، وسواء كانا صغيرين ، أو كبيرين ، أو بالتفريق ، ولا تحرم على المفعول به أقارب الفاعل ، ولا تحريم مع عدم الإيقاب من الطرفين ، وتحرم مع الإيقاب جدّة المفعول وإن علت وبناته وإن نزلن.

ولو كانت له أمّ أو أخت أو بنت من الرضاع ، فالأقرب تحريمهنّ أيضا ، ولا تحرم بنت أخيه ولا أخت أبيه.

ولو لاط المجنون ، فالأقرب ، التحريم عليه بعد زوال عذره ، ولو لاط مكرها على إشكال أو تشبّه عليه بامرأته فكذلك.

أمّا الزنا السابق بغير ذلك ففيه روايتان : إحداهما أنّه ينشر حرمة المصاهرة كالوطء الصحيح (١) والأخرى لا ينشر (٢) واختلف علماؤنا باعتبار الروايتين على قولين ، فعند الشيخ تحرم أمّ المزنيّ بها وابنتها ، ويحرم على الأب من زنى بها الابن وبالعكس (٣) وخالف المفيد (٤) والسيّد المرتضى (٥) في ذلك.

٥٠٠١. الثامن : وطء الشبهة وعقدها ، هل ينشر حرمة المصاهرة أم لا؟ قال الشيخ : نعم (٦) ، وفيه إشكال أقربه أنّه لا ينشر ، وإن سقط الحدّ معه ، ولحق به الولد ، ولا فرق بين شبهة العقد ، كمن تزوّج فاسدا مثل نكاح الشغار مع عدم علمه بالتحريم ، وبين شبهة الوطء ، كمن وطأ امرأة اشتبهت عليه بزوجته ، وبين شبهة الملك ، كمن اشترى جارية شراء فاسدا ، أو تشبّهت عليه أمة

__________________

(١) لاحظ التهذيب : ٧ / ٣٢٩ برقم ١٣٥٢.

(٢) لاحظ التهذيب : ٧ / ٣٢٩ برقم ١٣٥٣ و ١٣٥٤.

(٣) المبسوط : ٤ / ٢٠٢.

(٤) المقنعة : ٥٠٤.

(٥) الناصريات : ٣١٨ ، المسألة ١٤٩.

(٦) المبسوط : ٤ / ٢٠٣.

٤٦٦

الغير بأمته ، الحكم في ذلك كله سواء ، وحكم الرضاع في جميع ما تقدّم ، حكم النسب.

٥٠٠٢. التاسع : أقسام الوطء ثلاثة :

مباح طلق ، فيتعلّق به تحريم المصاهرة ، سواء كان بعقد أو ملك يمين ، أو إباحة ، فتحرم به أمّ الموطوءة وإن علت على الواطئ وبناتها وإن نزلن ، وتحرم الموطوءة خاصّة على أب الواطئ وإن علا ، وعلى ابنه وإن نزل تحريما مؤبّدا ، وتصير به هؤلاء المحرمات محرما ، فيجوز له النظر إلى أمّ الموطوءة وابنتها.

وحرام محض ، كالزنا ، فإنّه لا يتعلّق به تحريم المصاهرة على الأقوى ، ولا يقتضي حرمة المحرم إجماعا.

ووطء شبهة ، ففي اقتضائه تحريم المصاهرة خلاف ، تقدم ، ولا يقتضي حرمة المحرّم إجماعا ، ولو أكره امرأة على الزنا ، لم يثبت تحريم المصاهرة على الأقوى ، لأنّ هذا الوطء زنا في حقّه.

الفصل الرابع : في باقي الأسباب الموجبة للتحريم المؤبّد

وفيه ستّة مباحث :

٥٠٠٣. الأوّل : لا يجوز للرجل أن يدخل بزوجته إذا لم يبلغ سنّها تسع سنين ، فإن دخل ، فعل حراما ، ثمّ إن أفضاها فرّق بينهما ، ولم تحلّ له أبدا ، وعليه ديتها

٤٦٧

والإنفاق عليها حتّى يموت أحدهما ، وإن لم يفضها ففي التحريم الأبدي إشكال ، والشيخان رحمهما‌الله أطلقا القول بالتحريم على من وطأ امرأته لدون تسع سنين ، ولم يشترطا الإفضاء (١) وكذا أطلق ابن إدريس التحريم الأبدي بمجرد الوطء ، قبل التسع ، لكنّه قال : إنّها لا تبين منه إلّا بطلاق أو موت ، ولا يلزم من التفريق بينهما والتحريم أبدا بينونتها منه (٢) والظاهر أنّ مراد الشيخين بالتحريم ووجوب التفريق أبدا ، البينونة ، وفي الحديث (٣) ما يساعد قول ابن إدريس.

٥٠٠٤. الثاني : من تزوّج امرأة في عدّتها عالما بالتحريم والعدّة معا فرّق بينهما ، ولم تحل له أبدا ، سواء دخل بها أو لم يدخل ، وسواء كانت عدّة الطلاق الرجعي ، أو البائن ، أو عدّة الوفاة.

وإن كان عالما بأحدهما ، فإن دخل بها حرمت أبدا ، وعليه المهر ، وعليها عدّتان : تمام العدّة من الزوج الأوّل وعدّة أخرى من الثاني ، وإن لم يدخل ، كان العقد فاسدا ، وله استئنافه بعد الانقضاء.

والدخول يتحقق بالوطء في القبل ، أمّا الوطء في الدبر فالأقرب أنّه كذلك ، ولو وطأ من غير استئناف عقد مع علمه ببطلان الأوّل ، فالأقرب دخوله تحت الزاني بذات العدّة.

وإن كانت المرأة عالمة بذلك ، لم يجز لها الرجوع إلى هذا الزوج بعقد آخر ، ولا فرق بين تزويج الدوام والمتعة في ذلك.

ولو دخل مع الجهل ، فحملت ، لحق به الولد إن جاء لستّة أشهر فصاعدا منذ دخل بها ، ولا يسقط مهرها عن الأوّل ، ولو علمت بالتحريم فلا مهر لها على

__________________

(١) النهاية : ٤٥٣ ؛ والمقنعة : ٧٤٧ (واشترط الإفضاء فيها).

(٢) السرائر : ٢ / ٥٣٠ ـ ٥٣١.

(٣) لاحظ التهذيب : ١٠ / ٢٤٩ برقم ٩٨٤.

٤٦٨

الثاني ، هذا إذا تغاير الزوج ، أمّا لو تزوّج بها المطلّق ثلاثا في عدّتها من غير محلّل ، ففي التحريم مؤبّدا نظر.

ولو تزوّج بذات بعل لشبهة ، كمن طلّق رجعيا ثمّ راجع ولم يعلم المرأة فتزوّجت بآخر بعد قضاء العدة ظاهرا ، ودخل بها الثاني ، فإنّ النكاح الثاني باطل إجماعا ، وهل تحرم مؤبدا؟ لا نعرف لعلمائنا فيه فتوى ، وحمله على ذات العدة قياس ، مع أنّ الأقرب ذلك ، وثبوت الحكم فيه بطريق التنبيه لا القياس ، وكذا لو بلغها موت زوجها أو طلاقه ، فتزوّجت على ظاهر الحال.

ولو تزوّج بذات بعل عالما ، حرمت أبدا «وفي رواية صحيحة عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام :

«إنّ من تزوّج امرأة ولها زوج وهو لا يعلم ، فطلّقها الأوّل أو مات عنها ، ثمّ علم الأخير ، أيراجعها؟ قال : لا حتّى تنقضي عدّتها» (١).

وعن زرارة عن الباقر عليه‌السلام في امرأة فقد زوجها أو نعي إليها فتزوّجت ، ثمّ قدم زوجها بعد ذلك فطلّقها ، قال : تعتدّ منهما جميعا ثلاثة أشهر عدّة واحدة ، وليس للآخر أن يتزوّجها أبدا. (٢) وفي طريقها ابن بكير ، وهي تدلّ على مساواة النكاح للعدّة؟

٥٠٠٥. الثالث : من زنى بذات بعل سواء دخل بها البعل أو لا ، أو في عدّة رجعيّة ، حرمت عليه أبدا ، سواء علم في حال زناه كونها ذات بعل أو عدّة

__________________

(١) الوسائل : ١٤ / ٣٤١ ، الباب ١٦ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الحديث ٣.

(٢) الوسائل : ١٤ / ٣٤١ ، الباب ١٦ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الحديث ٢.

٤٦٩

رجعيّة ، أو لم يعلم ، ولو زنى بذات عدّة بائن ، أو عدّة وفاة ، فالوجه أنّه لا تحرم عليه ، عملا بالأصل ، وليس لأصحابنا في ذلك نص وعلى ما قلناه من التنبيه يحتمل التحريم مع العلم ، لأنّا قد بيّنا ثبوته مع العقد ، فمع التجرّد عنه أولى ، وهو الأقرب.

ولو زنى بمتمتّع بها في المدّة ، حرمت أبدا ، ولو انقضت المدّة قبل انقضاء العدّة ، فالإشكال كما قلناه في عدّة البائن ، والتحريم يحصل مع الزنا في القبل أو الدبر ، لصدق اسم الزنا عليهما.

ولو زنى بذات بعل لشبهة ، فالوجه التحريم ، أمّا الأمة الموطوءة ، فالوجه أنّها لا تحرم ، ولو زنى بامرأة ليست ذات بعل ولا في عدّة ، فإنّها لا تحرم عليه وإن لم تتب ، وشرط الشيخ قدس‌سره في بعض أقواله التوبة (١) ، وكذا لو كانت مشهورة بالزنا ، ولو زنت امرأته فكذلك لا تحرم عليه وإن أصرّت.

٥٠٠٦. الرابع : المحرم إذا عقد على امرأة ، فإن كان عالما بالتحريم ، حرمت عليه أبدا ، سواء دخل بها أو لم يدخل ، وإن لم يكن عالما بالتحريم ، فسد عقده ، ولا تحرم مؤبّدا ، بل يجوز له العقد عليها بعد الإحلال وإن كان عالما بالإحرام ، ولم يفرّق علماؤنا بين الدخول وعدمه ، بل أطلقوا القول بجواز المراجعة مع الجهالة ، إلّا ابن إدريس ، فإنّه قال : إنّها تحرم أبدا مع الدخول وإن كان جاهلا (٢) ، ولا نعرف مستنده في ذلك.

ولا فرق بين أن يكون الإحرام للحجّ أو العمرة ، ولا بين الإحرام الواجب أو التطوّع ، والوجه أنّ الإحرام في الحجّ الفاسد كذلك ، (إذ) (٣) يحرم عليه ما يحرم

__________________

(١) النهاية : ٤٥٨.

(٢) السرائر : ٢ / ٥٢٥.

(٣) ما بين القوسين يوجد في «أ».

٤٧٠

في الصحيح. ولو زنا بها في إحرامه ، فالوجه أنّها لا تحرم مؤبدا ، ولا فرق بين التزويج الدائم والمنقطع في ذلك.

والظاهر أنّ مراد علمائنا بالعقد في المحرم ، والعقد في ذات العدة ، إنّما هو العقد الصحيح الّذي لو لا المانع ترتب عليه أثره ، أمّا العقد الفاسد ، فإن كان العاقد يعلم فساده ، فلا اعتبار به ، وإن لم يعلم فساده ، كمن اعتقد تسويغ نكاح الشغار لشبهة ، ففي الاعتداد به إشكال ، أقربه أنّه كالصحيح.

٥٠٠٧. الخامس : من لاعن امرأته حرمت عليه أبدا ، وكذا لو قذف زوجته الصماء والخرساء بما يوجب اللعان لو لم تكن صماء أو خرساء ، ولو قذفها بما لا يوجب اللعان لو لا المانع لم تحرم عليه ، وكذا لو قذف غيرهما من النساء ، سواء كانت ذات عيب أو لا ، ولو كانت صمّاء بغير خرس ، فقذفها بما يوجب اللعان ، حرمت أبدا على إشكال.

٥٠٠٨. السادس : من طلّق امرأته تسع تطليقات للعدة ، ينكحها بينها رجلان ، حرمت على المطلّق أبدا ، وظاهر هذه الفتوى يتناول الحرة ، لأنّ الأمة تفتقر إلى نكاح أربعة رجال ، فحينئذ يحتمل تحريمها في الست إذ الطلقتان للأمة بمنزلة الثلاث للحرّة ، وفيه ضعف ، وتحريمها في التاسعة إذا نكحها بينها أربعة رجال لصدق التطليقات التسع ، ونكاح رجلين عليها ، وهو ضعيف أيضا ، وعدم التحريم في طرف الأمة مطلقا ، وهو أقواها ، وإن كان لا يخلو عن نظر.

ولا فرق في التحريم في طرف الحرّة بين الزوج الحرّ وغيره ، ولو تخلّل بين الطلقات التسع للحرّة طلقات للسنّة (١) ونكحها أكثر من رجلين ، فالوجه ثبوت التحريم المؤبد.

__________________

(١) في «أ» : «طلقات الستة» والصحيح ما في المتن.

٤٧١

الفصل الخامس : في باقي المحرّمات بقول مطلق

وفيه أربعة عشر بحثا :

٥٠٠٩. الأوّل : قد بيّنا أحكام المحرّمات على التأبيد ، وبقي حكم المحرّمات في حال دون أخرى ، وهذا الفصل مقصور على ذلك ، فمن عقد على امرأة حرم على غيره نكاحها ، سواء كان العقد دائما أو منقطعا ما دامت في حباله ، فإذا فارقها بموت أو طلاق جاز نكاحها ، وكذا لا يجوز الجمع بين الأختين في النكاح الدائم ، والمنقطع ، وملك اليمين ، وقد تقدّم ذلك ، فإن عقد على إحدى الأختين حرمت الأخرى حتّى يطلّق الأولى ، فإن طلّقها بائنا جاز له العقد على أختها في الحال ، وكذا لو ماتت ، وإن طلّقها رجعيا ، لم تحل له الثانية حتّى تخرج الأولى من عدتها ، فإن عقد على الثانية ، والأوّلى في حبالته ، كان العقد باطلا ، فإن وطأ الثانية فرق بينهما ، قال الشيخ رحمه‌الله : ولا يرجع إلى الأولى حتّى تخرج الّتي وطأها من عدّتها ، فإن جاءت بولد وكان جاهلا لحق به (١) والأقرب عندي جواز الرجوع إلى الأولى من غير انتظار العدّة ، ولا فرق في ذلك كلّه بين الدائم والمنقطع ، وقد روي في المتمتعة إذا انقضى أجلها : أنّه لا يجوز [له] العقد على أختها حتّى تنقضي عدّتها ، (٢) والوجه عندي الاستحباب في ذلك وجواز العقد على الأخت بعد انقضاء الأجل في الحال.

__________________

(١) النهاية : ٤٥٤.

(٢) لاحظ الوسائل : ١٤ / ٣٦٩ ، الباب ٢٧ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، وأفتى به الشيخ في النهاية : ٤٥٥.

٤٧٢

٥٠١٠. الثاني : لا يجوز العقد على الأمة وعنده حرّة إلّا بإذن الحرّة ، فإن عقد من غير استئذان ، قال الشيخ : تتخيّر الحرّة في الفسخ والإمضاء والاعتزال ، (١) وقال ابن إدريس : يقع باطلا لا يؤثّر الرضا في صحّته بل يفتقر إلى تجديده (٢) ولو قيل بوقوعه موقوفا كان حسنا ، أمّا القول بجواز فسخ عقد الحرّة المقدّم فضعيف.

ولو عقد عليهما في حالة واحدة كان العقد على الحرّة ماضيا ، وعقد الأمة باطل عند الشيخ (٣) وابن إدريس (٤) ولو قيل بوقوعه موقوفا كان وجها.

ولو عقد على الحرّة وعنده زوجة أمة ، كان العقد ماضيا ولا خيار للأمة هنا ، ولا فيما تقدّم ، ثم إن كانت الحرّة عالمة ، فلا خيار لها أيضا ، وإن لم تكن عالمة بأنّ له زوجة أمة ، كانت بالخيار في عقد نفسها بين الفسخ والإمضاء ، ولا خيار لها في عقد الأمة.

ومتى اختارت الحرّة العقد على الأمة المتقدّمة أو المتأخرة ، لم يكن لها بعد ذلك اختيار ، ولا خيار للحرّة لو كانت له أمة ينكحها بالملك ، وحكم المتمتّع بها حكم الدوام ، فلو تمتّع بأمة على حرّة ، كان للحرّة فسخ عقدها ، أو يقع باطلا على الخلاف.

ولو جمعهما في عقد ، صحّ عقد الحرّة ، وبطل عقد الأمة.

ولو عقد على الحرّة ، وعنده أمة متمتع بها ، تخيّرت الحرّة في فسخ نكاحها.

__________________

(١) النهاية : ٤٥٩ ؛ ولاحظ التبيان : ٣ / ١٦٩ ـ ١٧٠ (ذيل الآية ٢٥ من سورة النساء).

(٢) السرائر : ٢ / ٥٤٦.

(٣) لاحظ النهاية : ٤٥٩.

(٤) لاحظ السرائر : ٢ / ٥٤٧.

٤٧٣

ولو عقد على الحرّة دائما ، وعنده أمة متمتع بها ، فالوجه ثبوت الخيار للحرّة أيضا ، وكذا لو عقد على حرّة دائما ، ثم على أمة متمتع بها ، فان الحرّة تتخيّر (١) وكذا لو جمعهما في عقد ، وكذا البحث لو كانت الحرّة متمتعا بها ، والأمة دائما.

٥٠١١. الثالث : شرط بعض علمائنا (٢) في نكاح الأمة دائما أمرين :

عدم الطّول وهو العجز (٣) عن المهر والنفقة ، وخوف العنت ، وهو المشقّة من الترك ، فمن وجد الطّول ، أو أمن من العنت ، لم يجز له نكاح الأمة ، ومن جمع الشرطين جاز له العقد على أمة واحدة لا غير ، والأقرب أنّهما شرطان في الندبيّة لا الجواز ، فيكره لفاقدهما العقد على الأمة وإن كان سائغا.

٥٠١٢. الرابع : لا يجوز للحرّ أن يعقد على أكثر من أربع حرائر بالعقد الدائم ، فمن تزوّج أربعا من الحرائر بالدوام ، حرم عليه ما زاد غبطة إلّا أن يفارق إحدى الأربع بموت ، أو طلاق ، أو ما أشبهه من اللعان وشبهه ، فإن ماتت إحداهنّ أو طلّقها بائنا جاز له العقد على أخرى في الحال وإن طلّقها رجعيّا لم يجز له العقد حتّى تخرج المطلّقة عن عدّتها.

ولو ادّعى إقرارها بانقضاء العدّة ، فأنكرت ، فالقول قولها ، وعليه النفقة ، وكان له أن يتزوّج بالرابعة أو بالأخت.

ولو كان له ثلاث ، فتزوّج اثنتين في عقد واحد ، قيل : يتخيّر أيّتهما شاء (٤)

__________________

(١) في «أ» : تتخير بها.

(٢) الشيخ في المبسوط : ٤ / ٢١٤.

(٣) كذا في «ب» ولكن في «أ» : عدم الطول وهو عدم الثروة والعجز.

(٤) اختاره الشيخ في النهاية : ٤٥٤ ، وابن البراج في المهذب : ٢ / ١٨٤.

٤٧٤

وقيل : يقع باطلا (١) وكذا لو تزوّج اثنتين عقيب طلاق الرابعة أو موتها ، ولو رتّب ثبت عقد الأولى خاصّة.

ولو تزوّج خمسا في عقد واحد ، فالأقرب البطلان مع احتمال التخيير ، ويجوز له أن يعقد بالمتعة على من شاء من غير حصر في أربع ، وإن كان الأفضل أن لا يتجاوزهنّ ، وكذا يجمع بين أيّ عدد كان في الوطء بملك اليمين.

٥٠١٣. الخامس : لا يجوز للحرّ أن يعقد من الإماء دائما على أكثر من أمتين ، ويجوز أن يعقد منقطعا على أكثر من اثنتين.

ويجوز للحرّ أن يجمع في الدائم بين حرّتين وأمتين ، وبين ثلاث حرائر وأمة ، ولا يجوز له أن يجمع بين ثلاث حرائر وأمتين ، ولا بين أربع حرائر وأمة ، ولا بين ثلاث إماء وإن لم تكن معهنّ حرّة ، ولا فرق في الإماء بين القنّ ، وأمّهات الأولاد ، والمكاتبات المشروطة ، والمطلقات اللّواتي لم يؤدّين شيئا.

أمّا المطلقة إذا أدّت شيئا ، ومن انعتق بعضها ، ففي تحريم ما زاد على اثنتين منهنّ إشكال ، أقربه التحريم ، تغليبا لجانب الحرمة ، ويجوز أن يعقد على الإماء أيّ عدد شاء في المتعة وكذا ينكح بملك اليمين ما شاء ، وكذا الإباحة.

٥٠١٤. السادس : لا يجوز للعبد أن يعقد على أكثر من حرّتين غبطة ، ويجوز أن يعقد على أربع إماء كذلك ، وعلى حرّة وأمتين ، ولا يجوز له العقد على حرّة وثلاث إماء ، ولا على حرّتين وأمة ، ولا حصر في المنقطع والتحليل في الحرائر والإماء كالحرّ ، ولو انعتق بعض الأمة فهي كالحرّة بالنسبة إليه ، تغليبا للحرمة ، وإن ألحقناها بالأمة في الحرّ للعلّة.

__________________

(١) وهو خيرة ابن حمزة في الوسيلة : ٣٤٤ ، والحلّي في السرائر : ٢ / ٥٣٩.

٤٧٥

أمّا من انعتق بعضه ، فالأقرب أنّه بحكم الحرّ في العدد.

وحكم العبد بحساب ما فيه من الجهتين ، ولا يباح له أكثر من حرّتين أو أمتين أو حرّة وأمتين.

٥٠١٥. السابع : لا تحرم الحامل من الزنا على الزاني ، ولا على غيره ، ولا يفتقر في إباحة العقد عليها إلى الوضع.

٥٠١٦. الثامن : من طلّق الحرّة ثلاث طلقات بينها رجعتان ، حرمت عليه حتّى تنكح زوجا غيره ، سواء كانت تحت حرّ أو عبد ، فإذا طلّقها الثاني أو مات عنها ، جاز للأوّل العقد عليها إن حصل شرائط المحلل الآتية فيما بعد ، وهكذا دائما في طلاق السنّة تحرم بعد كلّ ثلاث وتحلّ مع المحلّل ، أمّا طلاق العدّة فقد بينّا أنّها تحرم في تسع.

أمّا الأمة فإذا طلّقها زوجها الحرّ أو العبد طلقتين ، حرمت على الزوج حتّى تنكح غيره ، فإذا نكحت غيره وفارقها ، جاز للأوّل العقد عليها ، وهكذا تحرم بعد كلّ طلقتين ، وتحلّ مع المحلّل ، والإشكال في الفرق بين طلاق العدّة والسنّة في الأمة تقدّم ، ومن انعتق بعضها ففي عدد طلاقها إشكال.

٥٠١٧. التاسع : من منع من نكاح الأمة مع وجود الطول وأمن العنت ، سوّغ نكاحها مع وجود من يقرضه المهر ، ومع رضا الحرّة بتأخير صداقها ، أو تفويض بعضها ، لأنّ لها أن تطالبه بعرض (١) صداقها ، فيجب في الذمّة ، فيلحقه الضّرر ، وكذا يجوز مع وجود واهب ، واقتصر في التسويغ على الواحدة ، فإن تزوّج أمتين دفعة ، بطل العقد عنده ، وإن رتّب ، ثبت عقد الأولى ، ولو عقد دفعة على أربع حرائر وأمة ، فسد عقد الأمة خاصّة.

__________________

(١) في «أ» : بفرض.

٤٧٦

ولو تزوّج الأمة ثمّ وجد الطول لم يفسد عقده إجماعا.

ولو قال بعد العقد : كنت واجدا للطول حين العقد ، وصدّقه المولى ، حكم بفساد العقد في حقّهما ، وإن كذّبه ففي حقّه خاصة ، ولو كان ذا مال فقال : استفدته بعد العقد ، فالقول ، قوله.

ولو تزوّج بأمة أبيه ، ثم ورثها ، بطل النكاح ، فإن وصّى بها أبوه لغيره ، وخرجت من الثلث ، فان اختار الموصى له إمضاء العقد ، صحّ ، وإلّا كان له فسخه ، ولو كان القبول بعد الوفاة ، وقلنا الملك به بطل النكاح ، وإن قلنا أنّه كاشف عن الملك حين الوفاة فلا بطلان ، وهكذا التفصيل لو قلنا بانتقال الموصى به إلى الوارث ، أمّا إذا قلنا ببقائه على حكم مال الميّت ، وهو الحقّ ، فلا بطلان على التقديرين.

٥٠١٨. العاشر : لا يجوز للعبد أن يتزوّج الأمة على الحرّة كما قلنا في الحرّ الا برضا الحرّة ، وكذا لا يجمع بينهما في عقد واحد من دون الرضا.

٥٠١٩. الحادي عشر : لو كانت تحته حرّة صغيرة لا يمكنه وطؤها ، جاز له نكاح الأمة على القولين ، وكذا لو كانت كبيرة غائبة لا يصل إليها على إشكال ، ولو وجد ما يشتري به أمة جاز له العقد على الأمة إذا لم ترغب إليه حرّة.

٥٠٢٠. الثاني عشر : من تزوّج امرأة ثمّ علم أنّها كانت قد زنت ، لم يكن له فسخ العقد ، ولها الصّداق عليه ، ولا يرجع به على الوليّ ، وفي رواية له الرجوع. (١)

__________________

(١) لاحظ التهذيب : ٧ / ٤٢٥ برقم ١٦٩٨.

٤٧٧

٥٠٢١. الثالث عشر : إذا تزوّجت المطلّقة ثلاثا ، وشرطت على المحلّل في العقد أنّه لا نكاح بينهما ، بطل العقد ، وقيل يلغو الشرط خاصّة.

ولو شرطت الطلاق ، صحّ النكاح ، وبطل الشرط والمهر ، ولها مهر المثل مع الدخول ، ولو لم تصرّح بالشرط وكان في نيّتهما ذلك ، أو نيّة الزوجة أو الوليّ ، لم يفسد النكاح.

وكلّ موضع حكم فيه بصحّة العقد ، فانّها تحلّ على الزوج الأوّل ، مع الدخول ، والفرقة ، وانقضاء العدّة ، وكلّ موضع حكم فيه بفساد العقد فإنّها لا تحلّ.

٥٠٢٢. الرابع عشر : نكاح الشغار باطل ، وهو أن يزوّج بنته أو وليته برجل على أن يزوّجه الرجل بنته أو وليته ، ويجعلا بضع كلّ واحدة مهرا للأخرى ، ولو عقدا كذلك فلا نكاح بينهما.

ولو قال : زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك على أن يكون نكاح بنتي مهرا لبنتك ، صحّ نكاح بنته ، وبطل نكاح بنت المخاطب ، ولو قال : على أن يكون نكاح بنتك مهرا لبنتي ، بطل نكاح بنته ، وصحّ نكاح بنت المخاطب.

ولو قال : زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك على أنّ صداق كلّ واحدة منهما مائة ، صحّ النكاح وقال الشيخ رحمه‌الله وبطل المهر ، لأنّه جعل صداق كلّ واحدة تزويج الأخرى وشيئا آخر ، فيبطل الشرط فيبطل المهر (١) ولا فرق بين اختلافهما في المهر واتّفاقهما ، وانّما حكم بصحّة النكاح هنا لأنّه لم يشترك في البضع اثنان بخلاف الأولى الّتي جعل بضع كلّ واحدة منهما ملكا للرجل بالزوجيّة وللبنت بالمهر.

__________________

(١) المبسوط : ٤ / ٢٤٤.

٤٧٨

ولو قال : زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك على أنّ بضع كلّ واحدة منهما مع عشرة دراهم مهرا للأخرى ، بطل أيضا.

ولو قال : زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك ، ولم يعيّن مهرا ، صحّ النكاحان ، ووجب مهر المثل.

ولو قال : زوّجتك جاريتي على أن تزوّجني بنتك وتكون رقبة جاريتي صداقا لبنتك ، صح النكاحان معا.

٤٧٩
٤٨٠