تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

ولو قال : أعط غيرك ، لم يجز له الأخذ منه ، ويجوز أن يعطي منه ولده ووالده وزوجته دون مملوكه.

٤١٦٢. الواحد والثلاثون : إذا وكّله ، ملك التصرّف أبدا ما لم يقيّد بوقت ، أو يحصل أحد الأسباب الموجبة للفسخ ، أو ما يدلّ على الرجوع عن الوكالة ، فلو وكّله في طلاق زوجته ، مع قيام الخصومة بينهما ، ثمّ اصطلحا ، فالأقرب بطلان الوكالة على إشكال ، وكذا لو وطئها ، أو قبّلها ، أو لامسها ، أو فعل بها ما يحرم على غير الزوج ، فعلى هذا لو عادت الخصومة ، افتقر إلى تجديد عقد الوكالة على تردّد.

ولو وكّله في بيع عبد ، فأعتقه ، أو باعه بيعا صحيحا ، أو دبّره ، أو كاتبه ، بطلت الوكالة. ولو باعه فاسدا لم تبطل.

٤١٦٣. الثاني والثلاثون : لو قال : اشتر لي ولك العبد بخمسمائة ، فاشتراه للموكّل

لزمه النصف وحكم النصف الآخر ما تقدّم ، من أنّه إن ذكره ، وقف على الإجازة ، وإلّا وقع لنفسه ، ولو اشتراه وآخر بألف ، كان مخالفا ، وكذا لو قال : بعه بخمسمائة ، فباعه مع عبد له بألف وقيمتهما سواء.

٤١٦٤. الثالث والثلاثون : لو أمره ببيع عبده على أن يجعل الخيار له شهرا ، فباعه ، وجعل الخيار ثلاثة أيّام ، لم يصحّ. وكذا لو كان أقلّ ، والوجه الجواز لو كان أكثر.

٤١٦٥. الرابع والثلاثون : إذا وكّله في عتق عبده ، فعتق نصفه أو بالعكس ، فالأقرب الصحّة ، وينعتق الجميع فيهما.

٦١

ولو وكّله في تزويج امرأة ، وعيّن المهر لم يجز له التجاوز ، فإن زوّجها بأكثر ، لم يلزم الموكّل ، ووقف على الإجازة ، فإن لم يرض ، ففي الرجوع إلى مهر المثل أو إلزام الوكيل بالزائد إشكال.

ولو اختلفا في الإذن ، فالقول قول الموكّل مع يمينه ، ثمّ إن صدّقت المرأة الوكيل ، لم ترجع عليه بشي‌ء ، وإلّا كان الحكم ما تقدّم من التردّد ، ولو لم يسمّ انصرف الإطلاق إلى مهر المثل ، فلو تجاوز بما فيه غبن فاحش ، لم يجز.

ولو أذن له في التزويج مطلقا ، انصرف إلى الكفؤ ، فلو زوّجه من غيره ، وقف على الإجازة ، ولم يلزمه النكاح (١).

ولو زوّجه ابنته الكبيرة أو الصغيرة جاز ، ولو زوّجه عمياء أو نحوها لم يجز مع انتفاء المصلحة ، ولو أذن له في التزويج بفلانة ، وهي حرّة ، فارتدّت ولحقت بدار الحرب ، فالأقرب عدم الجواز لتطرّق الملكيّة إليها.

٤١٦٦. الخامس والثلاثون : لو وكّله في إجارة داره ، انصرف الإطلاق إلى أجرة المثل بنقد البلد ، فلو آجرها بالعروض ، فالأقرب الوقوف على الإجازة ، ولا تلزمه الإجارة ، وإن زادت قيمتها.

ولو وكّله في استيجار أرض ، فأخذها مزارعة لم يجز ، ولو وكّله في المصالحة عمّا يستحقّه من دم العمد ، فصالح على مال قليل ، فالأقرب عدم الجواز ، ولو صالح عن الموضحة وما يحدث منها ، بخمسمائة درهم ، فبرأت سلّم المال كلّه للمجروح ، لا نصف العشر خاصّة.

__________________

(١) في «ب» : ولا يلزمه النكاح.

٦٢

٤١٦٧. السادس والثلاثون : إذا وكّله في شراء شي‌ء ، انصرف الإطلاق إلى الشراء بالأثمان ، فلو اشتراه بكيليّ او وزنيّ في الذمّة ، أو معيّنا ، افتقر إلى الإجازة ، ولم يلزم الموكّل.

٤١٦٨. السابع والثلاثون : إذا حضر رجل مدّع عند الحاكم ، جاز لخصمه أن ينفذ وكيله للمنازعة ، ولم يجب عليه الحضور بنفسه ، وكذا لو حضر ، لم يجب عليه الجواب بنفسه ، وجاز له الاستنابة فيه ، وكذا البحث في المدّعي.

٦٣
٦٤

كتاب الاجارة وتوابعها

وفيه مقاصد

٦٥
٦٦

[المقصد] الأوّل : في الإجارة

وفيه فصول :

[الفصل] الأوّل : في العقد

وفيه أحد عشر بحثا :

٤١٦٩. الأوّل : الإجارة عقد يقتضي تمليك المنفعة بعوض معلوم ، واشتقاقها من الأجر ، وهو العوض. (١)

وهي جائزة بالنّص والإجماع ، ولا بدّ فيه من إيجاب وقبول ، وليست بيعا للمنافع.

وعبارة الإيجاب : آجرتك أو أكريتك ، والقبول أن يقول : قبلت. ولا ينعقد بلفظ التمليك مجرّدا ، ولو قرنه بالمنفعة المعيّنة ، مثل أن يقول : ملّكتك سكنى هذه الدار سنة بكذا ، انعقد ، وفي انعقادها بلفظ العارية إشكال.

٤١٧٠. الثاني : لو قال : بعتك هذه الدار ، ونوى الإجارة ، لم ينعقد ، ولو

__________________

(١) ومنه سمّي الثواب أجرا ، لأنّ الله تعالى يعوّض العبد به على طاعته أو صبره عن معصيته.

٦٧

قال : بعتك سكناها سنة ، فالأقرب عدم الجواز ، لاختصاص لفظ البيع بنقل الأعيان ، وهل المعقود عليه المنافع أو العين؟ فيه نظر.

فإن قلنا بالأوّل ، جاز أن يقول : آجرتك منفعة داري ، وفي اشتراط تقديم الإيجاب نظر.

٤١٧١. الثالث : الإجارة عقد لازم من الطرفين لا يبطل إلّا بالتقايل ، أو أحد الأسباب الموجبة للفسخ ، كوجود عيب في الأجر المعيّن ، أو إفلاس المستأجر به ، أو وجود عيب في العين ، كانهدام الدار ، ولا ينفسخ بالعذر ، فلو اكترى جملا للحجّ ثمّ بدا له ، أو مرض ولم يخرج ، لم يكن فسخ الإجارة ، وكذا لو استأجر دكانا للتجارة ، فاحترق قماشه أو تلف ماله ، لم يكن له الفسخ ، وكذا لو آجر جمله من إنسان ليحجّ عليه ، ثم بدا للمؤجر أو آجر داره أو دكانه وأراد السفر ثم بدا له عنه ، لم يكن له فسخ الإجارة.

ولو فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء المدّة ، لم تنفسخ ، وكانت المنافع مملوكة له لم تزل عنه ، وكذا لا تنفسخ لو ترك الانتفاع بها حتى خرجت المدّة اختيارا ، ويجب عليه دفع الأجرة ، إن لم يكن دفعها ، ولو أراد استيفاء بقيّة المنافع ، جاز في المدّة ، أمّا لو خرجت ، فليس له المطالبة بالانتفاع عوض ما تركه ولا أجرته.

٤١٧٢. الرابع : اختلف علماؤنا ، فقال بعضهم : إنّ الإجارة تبطل بموت أحد المتواجرين سواء كان الميّت المستأجر أو الموجر. (١) وقال بعضهم : تبطل بموت

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في الخلاف : ٣ / ٤٩١ ، المسألة ٧ من كتاب الإجارة ، والقاضي في المهذب : ١ / ٥٠١ ـ ٥٠٢ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٢٦٧.

٦٨

المستأجر دون الموجر. (١) وقال آخرون : لا تبطل بموت من كان منهما. (٢) وهو الأقوى عندي سواء كان الموت قبل استيفاء المنفعة أو بعد استيفاء البعض.

ولو مات المستأجر ولا وارث له يستوفي المنفعة ، أو يكون غائبا ، كمن يكتري دابّة ويموت في طريق مكّة ، ولا وارث معه ، وليس على جمله شي‌ء يحمله ، احتمل فسخ الإجارة هنا في باقي المدّة ، لوجود ما يمنع المستأجر من استيفاء المنفعة ، كالهدم ، والغصب والأقرب عدم الفسخ. ولو كان له عليه متاع لم تبطل الإجارة ، وكذا لو كان هناك وارث يستوفي المنفعة.

٤١٧٣. الخامس : لو آجر البطن الأوّل الوقف مدة ، ثمّ انقرضوا في أثنائها بطلت في الباقي خاصّة ، فإن كان الموجر قبض مال الإجارة ، أخذ المستأجر من تركته بحصّة الباقي.

٤١٧٤. السادس : إذا آجر الوليّ الصبيّ أو ماله مدّة يعلم بلوغه فيها ، بطلت في المتيقّن وصحّت في المحتمل ، فلو آجر ابن عشر عشرا ، فالوجه صحّة الإجارة في خمس والبطلان في الباقي ، ولو آجره خمسا ، فبلغ في أثنائها ، فالأقرب ثبوت الخيار للصبي بين الفسخ والإمضاء ، ولا يلزمه العقد ، وقوّى الشيخ رحمه‌الله انتفاء الخيار ولزوم العقد. (٣) ثمّ بعد ذلك أثبت له الفسخ (٤) كما قلناه.

__________________

(١) قال ابن البراج في المهذب : ١ / ٥٠١ : وعمل الأكثر من أصحابنا على أنّ موت المستأجر هو الذي يفسخها لا موت الموجر.

وقال الشيخ في الخلاف : ٣ / ٤٩٢ : وفي أصحابنا من قال : موت المستأجر يبطلها ، وموت الموجر لا يبطلها.

(٢) منهم : أبو الصلاح في الكافي : ٣٤٨ ، والحلّي في السرائر : ٢ / ٤٤٩ ، ونقله عن السيد المرتضى ، لاحظ السرائر : ٢ / ٤٦٠.

(٣) المبسوط : ٣ / ٢٤٠ ؛ والخلاف : ٣ / ٥٠٠ ، المسألة ٢١ من كتاب الإجارة.

(٤) المبسوط : ٣ / ٢٤٠.

٦٩

أمّا مدّة الحجر عليه ، فلا خيار له فيها بعد البلوغ ، ولا فرق بين الأب والجدّ له ، والوصيّ وغيرهم من الأولياء.

وإذا مات الوليّ لم تنفسخ الإجارة على ما اخترناه نحن ، وكذا لو عزل أو انتقلت الولاية إلى غيره ، وليس للثاني فسخ ما عقده الأوّل.

٤١٧٥. السابع : لو آجر عبده مدة ، ثم أعتقه في أثنائها ، صحّ العتق ، ولا يبطل عقد الإجارة ، وليس للعبد رجوع على مولاه بأجرة المثل ، ولا خيار للعبد في الفسخ ، ونفقة العبد إن كانت مشروطة على المستأجر ، فهي عليه كما كانت ، وإلّا فهي على العبد ، ولو افتقر إلى السعي لأجلها ، وكانت الإجارة مستوعبة ، فالوجه أنّها على العبد أيضا ، فإن أنفق عليه المستأجر ، أو المعتق ، أو استعان بالحاكم أو ببعض المسلمين ، وإلّا سعى في قدر النفقة كلّ يوم ، وصرف باقيه إلى المستأجر ، والأقرب احتساب ذلك الزمان على المستأجر على إشكال.

وقال بعض الجمهور : النفقة على السيّد فيما اذا لم يشترطها على المستأجر ، لأنّه باستيفاء عوض المنافع يكون كالباقي على ملكه ، ولعدم قدرة العبد على نفقة نفسه لشغله بالإجارة (١) ولا نفقة على المستأجر فتتعيّن على المولى (٢) وليس بمستبعد.

٤١٧٦. الثامن : إذا باع العين المستأجرة ، صحّ البيع ، ولا يقف على إجازة المستأجر ، سواء باعها للمستأجر أو لغيره ، ثمّ إن علم المشتري بالإجارة لزمه البيع ، وإلّا تخيّر بين الفسخ ، والإمضاء بالجميع ، فإن اختار الإمضاء ، أو كان عالما ، ملك العين مسلوبة المنفعة إلى حين انقضاء مدّة الإجارة ، ولا يستحقّ

__________________

(١) في «أ» : لشغلها بالإجارة.

(٢) لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ٤٦.

٧٠

تسليم العين إلّا حين الانقضاء ، فلو فسخ المستأجر الإجارة لحدوث عيب ، فالأقرب رجوع المنفعة إلى البائع لا المشتري.

ولو اشتراها المستأجر صحّ البيع ، والأقرب عدم بطلان الإجارة فيكون الأجر باقيا على المشتري والثمن أيضا ، فيجتمعان للبائع ، فإن ردّها بعيب لم تنفسخ الإجارة بفسخ البيع.

ولو قيل بفسخ الإجارة مع شرائه العين ، وعدم رجوع المشتري بالمال (١) ، كان وجها.

٤١٧٧. التاسع : لو ورث المستأجر العين ، فإن قلنا موت الموجر يبطل الإجارة بطلت في الباقي ، ويرجع المستأجر بالأجر على التركة ، وإن قلنا بعدم الإبطال ، على ما اخترناه ، فالأقرب هنا عدم البطلان إلّا أنّه لا فرق في الحكم بين الفسخ والإبقاء.

فلو مات الموجر وخلّف ابنين أحدهما المستأجر ، كانت الرقبة بينهما ، والمستأجر أحقّ بالجميع مدّة الإجارة ، وعليه نصف الأجرة للآخر ، فإن كان قد دفعها ، لم يرجع بشي‌ء على أخيه ولا على التركة.

٤١٧٨. العاشر : لو تلفت العين المستأجرة ، انفسخ العقد بتلفها ، ورجع المستأجر بأجرة الباقي ، ولو خرجت معيبة ، كان له الفسخ ، وليس له المطالبة ببدلها.

ولو خرجت مستحقّة تبيّنا (٢) بطلان العقد ، فيرجع المالك على من شاء

__________________

(١) حاصل هذا الوجه في مقابل الوجه السابق المشار إليه بقوله : «الأقرب» هو انفساخ الإجارة بالاشتراء ولكن لا يرجع المشتري إلى الأجر الّذي دفعه إلى البائع لأنّه ملكه بالعقد.

(٢) أي تبيّن لنا.

٧١

منهما بأجرة المثل ، فإن رجع على المستأجر رجع على الموجر ، إن كان دفع إليه ، وإلّا فلا على إشكال.

ولو علم المستأجر ففي رجوعه بما دفعه إشكال ، ولو كان المدفوع أقلّ من الأجرة ففي رجوع المستأجر بما رجع عليه من التفاوت مع الجهل نظر ، أقربه عدم الرجوع.

٤١٧٩. الحادي عشر : لو استأجر شيئا موصوفا ، فتلف ، لم ينفسخ العقد ، ولزم الموجر الإبدال ، ولو خرجت مغصوبة ، طالبه بالبدل ، وكان الحكم في رجوع المالك ما تقدم ، ولو وجدها معيبة فردّها ، كان له الإبدال أيضا.

الفصل الثاني : فيما تصحّ إجارته

وفيه أربعة وعشرون بحثا :

٤١٨٠. الأوّل : كلما صحّت إعارته صحّت إجارته بمعنى أنّ كلّ عين يمكن استيفاء منفعتها الحكميّة مع بقائها ، تصحّ إجارتها ، أمّا ما لا يمكن استيفاء المنفعة منه إلّا بإتلافه ، كالطعام ، والشّمع ، فإنّه لا يصحّ عقد الإجارة فيه.

٤١٨١. الثاني : تجوز إجارة الأرض للزراعة ، وليس بمكروه ، سواء كان بالذهب والفضة ، أو المطعوم غير الخارج منها ، وسواء كان المطعوم من جنس ما يخرج منها أو لا ، أمّا لو استأجرها بما يخرج منها ، فإنّه لا يجوز.

٤١٨٢. الثالث : لا خلاف بين العلماء كافّة في جواز استيجار العقار

٧٢

والدواب ، وكذا يجوز أجرة الحمّام ، سواء شرط على المكتري أن لا يدخله أحد بغير إزار أو لم يشترط ، ويجوز استيجار القناة للزرع بمائها.

٤١٨٣. الرابع : تجوز إجارة الأعيان المشاهدة والموصوفة ، ويثبت له خيار الرؤية ، والأقرب عندي جواز إجارة غير المعيّن مع الوصف الرافع للجهالة.

ويجب في الأعيان المشاهدة رؤية كلما يتعلّق الغرض به ، فإن كانت دارا ، احتاج إلى مشاهدة البيوت ، ليعرف صغيرها وكبيرها ومرافقها ، وإن كانت حمّاما ، وجب مشاهدة قدره ، ليعلم كبرها وصغرها ، ومعرفة مائه هل هو من قناة أو بئر ، ويحتاج إلى مشاهدة البئر ، وعمقها ، ومئونة إخراج الماء منها ، ومشاهدة الأتّون (١) ومطرح الرماد ، وموضع الرّمل ، ومصرف ماء الحمام.

ولو استأجر أرضا ، وجب أن يشاهدها لانتفاء معرفتها بالوصف.

وكذا تجوز إجارة العبد ، والبهيمة ، والثياب ، والفسطاط ، والخيام ، والحبال ، والمحامل ، وآلات الدوابّ ، كالسّرج ، واللجام ، والبردعة (٢) وآلات الحرب ، كالسيف ، والرمح ، والقوس ، والنّشاب.

٤١٨٤. الخامس : تجوز إجارة الحلي ، وثياب الزينة والتجمّل ، وسواء في الإباحة إجارة الحلي بجنسه أو بغير جنسه.

٤١٨٥. السادس : الأقرب جواز إجارة الدّراهم والدنانير للنظر والتحلّي بها مدّة معلومة ، ولو أطلق إجارتهما ، فالوجه جوازه ، وانصرف الإطلاق إلى

__________________

(١) الأتّون ـ بالتشديد ـ : الموقد ، ويطلق على اخدود الجبّار والجصاص. لسان العرب.

(٢) البردعة : ما يوضع على الحمار أو البغل ليركب عليه ، كالسرج للفرس. المعجم الوسيط : ١ / ٤٨.

٧٣

استعمالهما في النظر والتحلّي ، ولا يكون قرضا مع الإطلاق ، خلافا للشيخ (١).

٤١٨٦. السابع : يجوز استئجار الشجر والنخل لتجفيف الثياب عليها أو لبسطها عليها حتى يستظلّ بظلّها ، سواء كانت ثابتة ، أو مقطوعة ، وكذا يجوز استيجار الحبال لذلك.

٤١٨٧. الثامن : يجوز استئجار غنم لتدوس له طينا ، أو زرعا ، وكذا غير الغنم ، ويجوز استئجار الفحل للضراب على كراهية بشرط التقييد بالمرّة والمرّات المعيّنة ، وفي الاكتفاء بالمرّة نظر ، أقربه العدم ، إلّا أن يكتري فحلا لإطراق ماشية كثيرة فيقدّره بالمدّة.

٤١٨٨. التاسع : يجوز استئجار ما يبقى من الأطياب والصندل (٢) وأقطاع الكافور ، والندّ (٣) للشم للمرضى وغيرهم مدّة معيّنة ، وكذا يجوز استئجار الحائط ليضع عليه خشبا معلوما مدّة معيّنة.

٤١٨٩. العاشر : يجوز استئجار دار ليتّخذها مسجدا يصلّي فيها ، وثوب يصلّي فيه ، وكذا يجوز استئجار البئر ليستسقي منها أيّاما معلومة ، والسطح للنوم عليه ، واستئجار الفهد والبازي والصّقر للصّيد مدّة معيّنة ، وإجارة كتب العلم التي يجوز بيعها للقراءة فيها والنسخ منها ، واستئجار درج (٤) فيه خط حسن ليكتب عليه ويتمثّل منه.

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ٢٥٠ ؛ والخلاف : ٣ / ٥١٠ ، المسألة ٤٢ من كتاب الإجارة.

(٢) الصندل : شجر خشبه طيّب الرائحة. يظهر طيبها بالدلك أو بالإحراق. المعجم الوسيط : ١ / ٥٢٥.

(٣) النّدّ : ضرب من النبات يتبخّر بعوده. المعجم الوسيط : ٢ / ٩١٠.

(٤) الدّرج : الورق. المعجم الوسيط : ١ / ٢٧٧.

٧٤

٤١٩٠. الحادي عشر : لو استاجر شمعة ليسرجها ويردّ المتخلّف وأجرته وثمن التالف ، لم يجز ، ولو استاجرها ليتجمّل بها ثمّ يردّها من غير إشعال ، ففي الجواز نظر ، وكذا التردّد لو استأجر طعاما ليتجمّل به على مائدته من غير أكل ، والأقرب المنع.

وكذا يجوز استئجار الستور ليعلّقها يتجمّل بها ، وما أشبه ذلك.

ولا يجوز استئجار ما لا بقاء له من المشمومات ، كالورد والرياحين للشم ، وفي جواز استئجار الغنم والإبل والبقر ، ليأخذ لبنها ، ويسترضعها لسخاله ، أو ليأخذ صوفها أو شعرها أو وبرها ، إشكال ، وقد روى أصحابنا جواز أخذ الغنم بالضريبة مدّة من الزمان.

ولا يجوز استئجار شجرة ليأخذ ثمرها أو شيئا من أعيانها.

٤١٩١. الثاني عشر : كلّما له منفعة محرّمة لا يجوز عقد الإجارة عليه كالشطرنج ، والنرد ، وآلات القمار واللهو ، من الزمر ، والنّوح بالباطل ، والغناء كذلك ، ولا بأس بأخذ الأجر على النوح بالحق ، والغناء في الأعراس.

ويجوز أن يستأجر من يكتب له غناء أو نوحا.

ولا يجوز أن يستأجر من يحمل له خمرا للشرب ، أو ميتة للأكل ، أو خنزيرا ، ولو استأجره لحمل الخمر طلبا للتخليل ، أو الإراقة ، أو لنقل الميتة من منزله ، أو محلّته إلى خارج البلد ، لإزالة الرائحة ، لم أستبعد جوازه.

ولا يجوز الاستئجار على كتابة شي‌ء محرّم ، أو بدعة ، أو شعر باطل ، أو كتب ضلال لغير النقض والحجة ، وحمل الخمر لأهل الذمّة.

ويجوز أن يؤجر نفسه لنظارة كرم الذمّي.

٧٥

٤١٩٢. الثالث عشر : لا بأس بأجرة الحجامة ، ويكره مع الشرط ، وكذا يجوز استئجار من يكنس الكنيف ، ولكنّه مكروه أيضا.

٤١٩٣. الرابع عشر : لا يجوز أن يوجر داره لمن يتخذها بيعة أو كنيسة أو يحرز فيها الخمر وإن كان في السواد (١).

٤١٩٤. الخامس عشر : كلّما يحرم بيعه تحرم إجارته إلّا الحرّ والوقف وأمّ الولد ، فإنّ هذه تجوز إجارتها وإن حرم بيعها ، وما عداها لا تجوز ، كالعبد الآبق ، والجمل الشارد ، وما لا ينتفع به كسباع البهائم ، والطيور التي لا تصلح للصّيد ، والأقرب المنع من إجارة المغصوب لغير الغاصب إذا لم يتمكّن من تسليمه.

ولا تجوز إجارة الكلب العقور والخنزير بحال ، ويجوز استئجار كلب الصّيد ، والماشية ، والزّرع ، والحائط ، ولو آجر ما غصب منفعته ، فالأقرب المنع ، كمن ادّعى إجارة الدار سنة ، وانتزعها ظلما من مالكها ، والأولى عدم جواز إجارة هذه السنة لغير الغاصب.

٤١٩٥. السادس عشر : تجوز إجارة المشاع على الشريك وعلى غيره ، وكذا يجوز أن يوجر داره لاثنين ، وأن يوجر نصف داره لواحد والنصف الآخر طلق ، أو يوجره له أو لغيره.

٤١٩٦. السابع عشر : تجوز إجارة المصحف للنظر فيه والحفظ منه على إشكال ، وكذا تجوز إجارة كتب العلم ، والفقه ، والأدب ، وغير ذلك.

__________________

(١) السواد : القرى والريف أطراف البلد ، وهذا ناظر إلى ردّ ما قاله أصحاب الرأي من العامة من أنّه إن كان بيته في السواد والجبل فلا مانع منه ، وله أن يفعل ما شاء. لاحظ المغني لابن قدامة : ٦ / ١٣٦.

٧٦

٤١٩٧. الثامن عشر : تجوز إجارة المسلم نفسه للذمّي ليعمل له عملا ، وهل يجوز لخدمته؟ الأقرب الكراهية دون المنع ، ولا فرق في جواز إجارة نفسه لعمل معيّن ، أو مطلق في الذمّة مدّة من الزمان.

٤١٩٨. التاسع عشر : لا يجوز أن يستأجر الدّيك ليوقظه وقت الصلاة ، ويجوز استئجار السنّور لاصطياد الفأر.

٤١٩٩. العشرون : لا يجوز الأجر على الأذان والصلاة بالناس ، ويجوز أخذ الرزق من بيت المال.

ويجوز أخذ الأجر على الحجّ وتعليم القرآن على كراهية شديدة.

ويجوز على بناء المساجد والقناطر وغيرهما ، وعلى الرقية (١) ولو كان إمام المسجد قيّما له يفرش حصره ، وكنسه ، ويغلق فيه ، جاز له أخذ الأجرة على ذلك ، لا على الصلاة.

ويجوز الأجر على تعليم الشعر المباح ، والحساب ، والفقه وأشباهه والخط.

ولا يجوز أخذ الأجرة على ما لا يتعدّى نفعه من العبادات المختصّة بصلاة الإنسان لنفسه ، وحجّه لنفسه ، وأداء زكاة نفسه ، بلا خلاف.

ويجوز أخذ الأجر على الصّلاة عن الغير بشرط أن يكون ميتا.

٤٢٠٠. الحادي والعشرون : يجوز للحرّ إجارة نفسه بلا خلاف ، إمّا لعمل معيّن ، كخياطة ثوب ، أو مدّة من الزمان معلومة ، وكذا يجوز الاستئجار

__________________

(١) رقى المريض رقيا ورقيّا ورقية : عوّذه. المعجم الوسيط : ١ / ٣٦٧.

٧٧

لحفر الآبار والأنهار والقنى (١) والعيون ، وعلى ضرب اللّبن ، وعلى البناء ، وتطيين السطوح والحيطان ، وتجصيصها ، مدّة معلومة.

ولا تجوز على عمل معيّن ، لاختلاف الطين بالرقّة والغلظ ، وأجزاء السطح بالعلوّ والنزول ، وكذا الحائط.

ويجوز أن يستأجر لنسخ كتب فقه أو حديث ، أو شعر مباح ، أو سجلّ ، أو مصحف ، ولا يكره ، وعلى حصاد زرعه ، ورفعه ، وتصفيته ، وعلى استيفاء القصاص في النفس وما دونها ، وعلى الدلالة على الطريق ، وعلى الكيل والوزن المعلومين بالمدّة أو القدر ، وعلى ملازمة غريم يستحقّ ملازمته ، وعلى الثمرة ، وعلى بيع ثياب بعينها ، وعلى شراء ثياب معيّنة على إشكال ، وعلى البيع على شخص معيّن على إشكال أيضا ، وعلى خدمته ، سواء كان الأجير رجلا ، أو امرأة ، حرّا ، أو عبدا. وحكم النظر بعد الإجارة حكم قبلها ، وعلى الإرضاع ، سواء انضمّ إلى الحضانة أو لا ، وعلى الختان وقطع السلع (٢) والكحل ، والطبيب للمداواة ، وقلع الضرس ، والراعي للرعي ، وبالجملة على كلّ عمل محلّل مقصود.

٤٢٠١. الثاني والعشرون : يجوز استئجار العين المستأجرة ، سواء رضي المالك أو لا ، بشرطين : أحدهما أن يوجر لمثله أو دونه في الاستعمال ، الثاني أن يتجرّد العقد عن شرط التخصيص ، فلو آجره بشرط أن لا يسكن غيره ، أو لا

__________________

(١) القنى : الآبار التي تحفر في أرض متتابعة ليستخرج ماؤها. وهي جمع القناة ، كالحصاة والحصى. مجمع البحرين.

(٢) السلع والسلعة : ورم غليظ غير ملتزق باللحم يتحرك عند تحريكه. المعجم الوسيط : ١ / ٤٤٣.

٧٨

يركبه لم تجز المخالفة ، واستيجار الأرض (١) للزرع والغراس ، والقميص ليلبسه.

٤٢٠٢. الثالث والعشرون : لا يجوز استئجار ما يتعذّر استيفاء منفعته ، كما لو استأجر أرضا فيها ماء لا ينحسر عنها ، أو ينحسر من غير معرفة بالوقت ، ولو كان ينحسر عنها وقت الانتفاع جاز.

ولو كانت الزراعة ممكنة لكن يخشى عليها الغرق ، والعادة غرقها ، لم تجز إجارتها ، وكذا لو استأجر الأخرس للتعليم والأعمى للحفظ ، وأرضا لا ماء لها للزراعة ، وتجوز للسكون.

ولو أطلق وكان في محلّ تتوقّع الزراعة فيه ، فكالمصرّح بالزراعة ، ولو كان الماء متوقّعا لكن على الندور ففاسد ، ولو كان يعلم وجود الماء فصحيح ، ولو كان يغلب وجود الماء بالأمطار ، فالوجه الصحّة.

٤٢٠٣. الرابع والعشرون : لو استأجر الإبل والبقر ، والدّوابّ والحمير ، للحمولة

والعمل منفردة ومنضمّة إلى صاحبها أو آلتها أو إليهما ، ولدياس الزرع ، وإدارة الرّحى ، واستقاء الماء عليها ، ولعمل لم يخلق له مثل أن يستأجر البقر للركوب ، والإبل والحمير للحرث ، مع إمكانه ، جاز.

والأقرب جواز إجارة الحائط المزوّق (٢) للنظر إليه ، والتعلّم منه ، ومنعه الشيخ (٣).

وفي استئجار الدلّال على كلمة تروج بها السلعة من غير نعت نظر.

__________________

(١) عطف على قوله : «استئجار العين».

(٢) في مجمع البحرين : زوّقته تزويقا مثل زيّنته تزيينا وزنا ومعنى.

(٣) المبسوط : ٣ / ٢٤٠ ؛ والخلاف : ٣ / ٥٠١ ، المسألة ٢٤ من كتاب الإجارة.

٧٩

الفصل الثالث : في شرائط الإجارة

وهي ستّة :

٤٢٠٤. الأوّل : المتعاقدان ، ويشترط فيهما : البلوغ ، والعقل ، وجواز التصرف. فلا تصحّ إجارة الصبيّ وإن كان مميّزا ، ولو أذن له الوليّ على إشكال إيجابا وقبولا ، وكذا المجنون ، والمغمى عليه ، والسكران الّذي لا يعقل ، والنائم ، والغائب ، والساهي ، لانتفاء القصد فيهما ، والمكره ، والسفيه ، والمحجور عليه للفلس ، ويختصّ منع هذين بالإجارة المتعلّقة بأموالهما ، فلو آجرا أنفسهما للعمل ، كان جائزا ، ولو آجر الراهن ، أو المرتهن من دون رضا الآخر لم تجز.

ولو امتنع أحدهما أو هما معا ، وكانت العين ممّا تصحّ إجارتها ، آجرها الحاكم ، وكذا حكم الشريكين ، إذا تشاجرا في الإجارة ، وللوليّ التسلط على مال الطفل والمجنون بالإجارة له ، وكذا الوصيّ والحاكم عنهما مع فقد أولئك وعن السفيه ، والمحجور عليه ، والغائب.

٤٢٠٥. الثاني : الأجرة وهي لازمة في العقد وركن فيه ، فلو أخلّ بها لم تصحّ ، ولزمه مع استيفاء المنفعة أجرة المثل ، وكذا لو بطل العقد في كلّ موضع ، فانّه تثبت أجرة المثل ، سواء زاد على المسمّى ، أو ساواه ، أو نقص.

ويشترط كونها معلومة بالوزن أو الكيل فيما يدخلانه ، والمشاهدة مطلقا على إشكال في الاكتفاء بها فيما يدخلانه ، وجزم الشيخ بالجواز. (١)

__________________

(١) المبسوط : ٣ / ٢٢٣.

٨٠