كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

الاستحقاق ، ومع علمه أو علمهما لا رجوع مع التلف ، ويرجع مع بقاء العين. ومع جهلهما وجهل المُفتي يثبت الرجوع مع تلف العين وبقائها في وجه.

وليس للمُحرِم ولا للمُحلّ مباشرة المحرم بعمل يحرم عليه ، ولا حمله عليه ، فإن فعلا عصيا ، ولا كفّارة ، أذِنَ لهُما أو لا ، ولو أذن لهما ، وجبَ عليه التكفير.

وللمُحرم أن يعمل على المُحلّ عملاً يحرم على المُحرم ، فيجوز للمُحرم أن يحلق شعر المحلّ.

ولا يجوز لأحدٍ أن يجبر غيره على ترك واجب أو فعل حرام وإن لم يكن معصية في حقّ المجبور ، ولا ذلك ينكر في حقّه.

ويجري مثل ذلك في الجبر على ترك المستحبّ ، وفعل المكروه.

وما لم يصدق عليه اسم اللبس في المخيط ، لا كفّارة فيه ، قيل : والتوشيح ليس من اللبس ، فلا كفّارة فيه (١) ، والأقوى خلافه. والمدار كما تقدّم على صدق اللبس عُرفاً ، ومع الشك فيه يجب السؤال عنه ، فإن تعذّر (٢) استعلامه ، جاز على إشكال.

ولو صدق عليه الاسم في إقليم دون إقليم ، أو في لُغة دون أُخرى ، لحِقَ كلا حكمه ، ويحتمل ترجيح المنع ، وترجيح المدار.

المقام الخامس : في بيان الضوابط المستفادة من الأخبار

وهي أُمور :

منها أنّ كلّ مُحرم أكلَ أو لبس ما ليسَ لهُ أكلُه أو لبسه متعمّداً ، فعليه دم شاة.

ومنها : أنّ كلّ ما فيه على المُحرم في الحِلّ الفداء ، كان على المحلّ في الحرم فيه القيمة.

ومنها : أنّه إذا اجتمعت صفة الإحراميّة والحرميّة تضاعفت الكفّارة ، إلا أن تبلغ البدنة.

__________________

(١) قواعد الأحكام ١ : ٤٧٣.

(٢) في النسخ تعمد ، بدل تعذّر.

٦٢١

ومنها : أنّ فداء المملوك وإن زاد على القيمة لصاحبه ، وفداء غيره للصّدقة.

ومنها : أنّ كلّ من وجبت عليه شاة في كفّارة الصيد ، فعجز عنها ، فعليه إطعام عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيّام في الحجّ ، وفي العمرة على إشكال.

ومنها : أنّ كلّ ما أتى به المُكلّف من المُحرّمات بجهالة أو غفلة أو خطأ أو نسيان ، فلا شي‌ء عليه ، إلا فيما يتعلّق بالصيد.

ومنها : أنّ كلّ ما كان له مقدّر في القيمة يُعتدّ به ، يؤخذ بها وإن خالفت القيمة السوقيّة.

ومنها : أنّ الكفّارة تتكرّر بتكرّر القتل عمداً ، لا سهواً ، ولا جهلاً ، ولا نسياناً على إشكال.

ومنها : أنّه لو قتل أو جرح صيداً ولم يعلم ما هو ، أو كان عالماً فنسيه ، فإن دارَ بين ما لهُ قدر مشترك في جزائه ، أتى بالقدر المشترك ، وإلا سقط مع الاشتراك بين الجميع ، واختصاصه بالبعض على إشكال ؛ للحصر ، والأخير أشدّ إشكالاً.

ومنها : أنّه لو شهد عنده عدلان على صدور قتل أو جرح منه ، وجبَ عليه العمل بشهادتهما من غير حاجة إلى حُكم المُجتهد. وفي العمل بخبر العدل الواحد منفرداً ، أو مع عدلين من النساء إشكال ، وكذا الحكم في مسألة التقويم.

ومنها : أنّه لو قتل غير مستقرّ الحياة ، كالمذبوح ، والمنحور ، ونحوهما قبل خروج الروح ، وكان مؤثّراً في سرعة الأجل ، قوي جري الحكم فيه. ويحتمل عدم ترتّب شي‌ء فيه وفي الجرح والعيب.

ومنها : أنّه لو ذبحه فسلب ، أو أخذه السبع قبل التصدّق ، فإن كان مفرّطاً ضمن ، وإلا فلا ضمان على الأقوى.

ومنها : أنه لو تصدّق به ، فخرج أخذ الصدقة غير قابلٍ لكُفرٍ وغيره ولم يكن مُقصّراً ، فلا ضمان ، وإلا ضمن.

ومنها : أنّه لو تعلّق الضمان به قبل الذبح والنحر ، لزم البدل ؛ ولو تعلّق بعده ، احتمل ذلك ، وضمان اللحم والقيمة.

٦٢٢

ومنها : أنّه تعتبر النيّة في الكفّارات إذا كانت من العبادات ، كالصيام. وفي الفداء والإطعام يحتمل وجهان ، أقواهما الاعتبار.

ومنها : أنّه يُعتبر في شهود التقويم والتعديل بعد العدالة باقي الشروط من عدم الاتّهام ، وباقي الأحكام في (١) عدولهم عن الشهادة ، وخروجهم عن العدالة ، وظهور تزويرهم قبل العمل أو التلف في البعض أو الكلّ ، ونحو ذلك.

ومنها : أنّ قتل المشكوك في جناية ، وكسر المشكوك في فساده يُلحق بقتل الحيّ والصحيح. وكسر المشكوك في تصوّر الفرخ يُلحق بكسر المعلوم عند التصوّر فيه. وفي وجوب الاستعلام مع جهل الحال إشكال.

ومنها : أنّه إذا كان بعض الصيد والصائد في الحرم وإن قلّ ، كان كما إذا كان التمام فيه.

ومنها : أنّ الكفّارات مع التوسعة ، إلا ما قام دليل على خلافه. وفي أنّها رافعة للإثم باعثة على العفو بنفسها ، أو هي مجرّد تكليف والرافع التوبة ، أو الرافع هما معاً ، مع تقدّم التوبة أو تأخّرها ، أو مطلقاً وجوه.

ومنها : أنّ كلّ ما حرم من المحرّمات ، فإنّما يحرم بعد انعقاد التلبية والإتيان بها بتمامها ، ولا بأس بها فيما حرّمه الإحرام بالإتيان بها في أثنائها.

ومنها : أنّه لا يجزي تسليمها قبل تحقّق سببها ، كغيرها من العبادات ذوات الأوقات أو الأسباب فيما لم يُقم فيه دليل على الجواز ؛ فإن فعل ذلك عالماً بعدم الجواز ، أو مع عدم علم الأخذ بالمنع ، وحصل التلف ، فلا ضمان. ومع البقاء يردّ الأخذ ما أخذ ، مع توافقهما على ذلك ، ومع الاختلاف يرجع الأمر إلى حكم الدعوى والإنكار.

ومنها : أنّه يتحقّق العجز عن الكفّارة مع وجود ما لا يضرّ فقده بالحال من مُستثنيات الديون على إشكال.

ومنها : أنّه إذا استندت الجناية إلى سبب ومباشر ، ضمن المُباشر ، إلا مع قوّة

__________________

(١) في «ح» : وفي.

٦٢٣

السبب ، وضعفه.

ومنها : أنّه إذا التجأ المُكلّف إلى فعل إحدى المحرّمات على المُحرم وهو مُحرم ، أو إلى فعل بعض محرّمات الإحرام محلا أو مُحرماً قدّم الأضعف تحريماً على الأشدّ. وفي الدوران بين الجناية حال الإحرام ، وبينها محلا في الحرم ، يرجّح جانب الحرم على إشكال.

ومنها : أنّه لو كان مع المحرم صيد مملوك زالَ ملكُه ، ولا يضمن أخذه قهراً منه أو متلفه أو جارحه أو معيبة شيئاً.

ومنها : أنّه لو أحرم ، وقد باع صيداً له فيه خيار ، لم يجز ردّه ، وإن جاز فسخه.

ومنها : أنّه يجوز التوكيل في التكفير. وفي التبرّع فيه وصحّة الإجازة في الفضولي إشكال ، ولا يجوز شي‌ء من الأقسام الثلاثة فيما كان من العبادة بالمعنى الأخصّ ، كالصيام عن الحيّ.

ومنها : أن في نقل الفداء وغيره من الكفّارات الماليّة في غير ما عيّن الشارع له محلا من محلّ إلى محلّ آخر ، مع عدم التأخير المُدخل في مصاديق الإهمال ، كغيره من العبادات الماليّة إشكال.

ومنها : أنّه يعزّر فاعل شي‌ء من المحرّمات بنظر الحاكم ، ويختلف مقدار ضربه باختلاف مقدار ذنبه.

ومنها : أنّ من يضمن إرسال فحولة الإبل أو الغنم أو البقر ، لهُ الإرسال في نواحي مكّة ، فيوكّل عليها وكيلاً من أهلها ، ثمّ يذهب إلى أهله إن كان بعيداً ، ولهُ عمل ذلك بعد الوصول فيما لم يكن فوريّاً ، ثمّ يرسله إلى المَحلّ المُعدّ للذبح أو النحر فيه مع الأمن عليه ، ومع التعذّر يحتمل السقوط ، ويحتمل الرجوع إلى القيمة إن لم يكن له بدل يعرف. وما له بدل يُعرف ، كالنعام ، وبيضه ، والدرّاج وشبهه وبيضه يرجع إلى بدله.

ومنها : أنّه لو صادَ الكافر الأصلي صيداً فضلاً عن بعض ، عُوقب فوق ما يستحقّ من العقاب ، وإذا أسلم لم تلزمه كفّارة.

ولو فعل المخالف ذلك ، وأدّى كفّارة على وفق مذهبه ، فإن كانت عبادة وأدّاها ،

٦٢٤

ورجع عن خلافه ، مَضَت كفّارته ، وإن كانت مالاً ، وأدّاها إلى المستحقّين من الإماميّة لجواز ذلك في مذهبه فكذلك ، وإلا وجبت عليه إعادتها ؛ لأنّه وضعها في غير محلّها.

ومنها : أنّه لا يجب الفور في الكفّارات ، إلا إذا قلنا بتوقّف العفو عليها ، إلا فيما يقف على فوريّته ، أو كان بدل فوريّ. وإذا تكثّرت عليه الكفّارات ، ولم يمكنه الجمع ، قدّم الأشدّ على الأضعف.

ولا يجب ترتيبها على نحو ترتيب أسبابها ، ولا ما قضى سببه (١) بالفوريّة.

ومنها : أنّه يجوز التصدّق بالكفّارات كغيرها من الصدقات ، ما عدا الزكاة من غير هاشميّ على هاشميّ.

ويشترط الإسلام ، والإيمان ، والفقر في القابل لها ، ولا تشترط العدالة ، فيجوز إعطاؤها للفاسق إن لم يكن في منعها عنه منع.

ومنها : في الاستمتاع بالنساء ، وما في حكمه ، فمن جامع زوجته دواماً أو مُتعة حرّة أو أمة ، حرّا أو عبداً ، أنزل أو لا ، قُبلاً أو دُبراً ، غيّب الحشفة أو لا ، حيّ أو ميّت ، من نوع الإنسان ، وفي باقي أقسام الحيوان لا يجري ، وإن ترتّب العصيان ، فهو من استمناءٍ أو غيره ذاكراً للإحرام ، عالماً بالتحريم قبل الوقوف بالمشعر ، وإن وقف بعرفة ؛ فسد حجّه ، ووجبَ إتمامه ندباً كان أو واجباً والحجّ من قابل وبدنة.

وفي تسرية الحُكم إلى أمته ، وإلى الأجنبيّة ، وإلى اللواط إشكال. ولو حصل له الشكّ في الإدخال ، فليس عليه شي‌ء.

ولو أدخله ملفوفاً برقيق ، كان كما إذا كان مكشوفاً ، وكذا مع اللفّ بالكثيف.

ولو أدخله موضوعاً في خرق غير المنصوص إن لم يكن فيه استمناء ونحوه قام فيه وجهان. وعنى (٢) الحكم ، وغير البالغ ، ومع الصغير ، ومع الطفوليّة إشكال ، ويتولّى الحكم حيث يتعلّق الوليُ ، وإذا فقدَ ، عدولُ المسلمين.

__________________

(١) في «ص» : مسبّبه.

(٢) كذا.

٦٢٥

ولو جامع زوجته ، أو أمته ، أو أجنبيّة ، أو غلاماً ، في حجّ واجب إسلامي أو مندوب مع العمد والعلم ، بعد الوقوف المجزي في المشعر ، ولو في الليل مع الاضطرار ، فلا يجب القضاء وتجب البدنة ، وإن كان قبل التحلّل ، أو كان قد طاف من طواف النساء ثلاثة أشواط ، أو أقل ، أو لم يطُف منه شيئاً ، أو جامع زوجته في غير الفرجين ، وإن كان قبل وقوف المشعر وعرفة.

وإن كانت الزوجة مُحرمة مُطاوعة ، فعليها أيضاً بدنة ، وإتمام حجّها الفاسد ، والقضاء.

وفي لزوم بدل البدنة هنا كما في النعامة إشكال ، والأقوى عدم لزوم البدل ، وإنّما يجب الندم والاستغفار.

والقول بلزوم بقرة عند تعذّر البدنة ، ثمّ بسبع شياه مع تعذّر البقرة ، ثمّ قيمة البدنة دراهم أو طعاماً يتصدّق به ، فإن لم يجد صام عن كلّ مدّ يوماً ، غير خالٍ عن القوّة.

وأمّا القول : بأنّه مع العجز عن البدنة يلزم إطعام ستّين مسكيناً ، لكلّ مسكين مُدّ ، ومع العجز يصوم ثمانية عشر يوماً ، والقول بأنّ من وجبت عليه بدنة في نذرٍ أو كفّارة فلم يجدها ، كان عليه سبع شياه ، والقول بمثل ذلك مع إضافة أنّ من لم يقدر يصوم ثمانية عشر يوماً بمكّة وفي منزله ، والقول بأنّ العاجز عن البدنة يقوّمها ، ويفضّ القيمة على البرّ ، ويصنع ما مرّ في النعامة ، بعيد.

ولو أكرهها لم يفسد حجّها ، ووجبت عليه بدنة ثانية ، ويجري فيها ما يجري على بدنته. وإن أكرهته لزمتها الكفّارتان. ولو كانت مكرَهة قبل الإدخال ، ثمّ تلذّذت فرضيت من غير إدخال جديد ، لم يلزمها شي‌ء على إشكال.

ولو أدخل عن اختيار قبل الإحرام ، فأحرما قبل الإخراج ، فالأقوى تسرية حكم الحدوث إلى الدوام.

ولو استمنى بيده أو غيرها من غير جُماع بمماسة حلال أو حرام قبل المشعر على نحو ما مرّ ، لزمته البدنة خاصّة ، والأحوط إلحاقه بالجماع في وجوب القضاء أيضاً.

ولو عبث بذَكَره قبل الإحرام خاصة ، حتّى حصل لخروج المني الاستعداد التام ،

٦٢٦

فخرج بعد الإحرام ، لم يبعد إجراء الحكم.

ولو تحرّك من محلّه حال الإحرام ، ثمّ حبسه حتّى أحلّ ، فلم يخرج إلا بعد الإحلال ، لم يلزمه شي‌ء.

وعليهما أن يفترقا بأن لا يجتمع أحدهما مع الأخر بدون ثالث مميّز عاقل ، فوجود المجنون أو الطفل قبل التمييز معهما لا يقضي بالافتراق على الأقوى مع وقوع الجماع باختيار منهما إذا وصلا في القضاء موضع الخطيئة إلى أن يقضيا المناسك. ولو سلكا طريقاً لا يبلغهما إلى موضع الخطيئة ، فلا افتراق.

والأقوى لزوم الافتراق في الأداء أيضاً ما لم يبلغ الهدي محلّه ، أو حتّى يقضيا المناسك ويَعودا إلى مَوضع الخطيئة (حتى يبلغا مكّة وموضع الخطيئة) (١) أو حتّى يحلا أو حتّى ينفر الناس ويرجعا إلى مكان الخطيئة ، وإن رجعا على آخر فلا افتراق ، أو لزوم الافتراق في الأداء إلى محلّ الخَطيئة وإن أخلا قبله ، وفي القضاء إلى بلوغ الهدي محلّه. والقول بالتخيير غير بعيد ، ويمضي الفراق من الافتراق ما لم يكن في عدّة رجعيّة.

ولو خرج عن القابليّة بمرضٍ أو عرض ، كقطع آلته ، أو بمرضٍ في فرجها ، لم يتغيّر الحكم.

والمَدار في موضع الخطيئة على الفضاء ، فلو كان على جبل فقلع بقي الحكم. ولو جهل موضع الخطيئة ، ودارَ بين محصور ، لزم اجتناب الجميع ، وفي غير المحصور يسقط الحكم.

ولو أفسد قضاء الفاسد في القابل ، لزمه ما لزم في العام الأوّل ، وهكذا ، ولا يلزمه سوى حجّ واحد صحيح.

ولو تكرّر الجماع في الفاسد أو قضائه لم يتكرّر القضاء ، وتكرّرت البدنة على تأمّل في الأخير ، وإن تكرّر الإثم ، من غير فرق بين أن يكون في نساءٍ متعدّدة ، أو امرأة

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «ح».

٦٢٧

واحدة ؛ من جهة واحدة ، أو متعدّدة.

ولو بانَ له بعد القضاء صحّة الحجّ السابق ، لم يتغيّر الحكم المذكور.

ولو جامع المحلّ عامداً عالماً أمته المُحرمة بإذنه ، فعليه بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن عجز فشاة أو صيام إن كان موسراً. وإن أمرها وهو مُعسر ، ففي رواية : أنّ عليه شاة أو صياماً (١) ، وفي بعضها إضافة : أو صدقة (٢). وقيل : إن لم يقدر على بدنة كان عليه شاة أو صيام ثلاثة أيّام (٣).

وعليها مع المطاوعة الإتمام ، والحجّ من قابل ، والصوم ستّين يوماً أو ثمانية عشر عوض البدنة إن قلنا بالبدل للبدنة هنا ، وإلا توقّعت العتق والمُكنة. وفي تسرية الحكم إلى المبعّضة أو المشتركة إشكال.

ولو أدخل فيها مملوكةً ، ثمّ أعتقها وفرجه في فرجها ، فإن أخرج من حينه لم يتغيّر الحكم ، وإن أبقاه وتزوّجها ، وأخرجه من بعد أُضيف حكم الزوجة إلى حكم الأمة ، مع التمهّل بعد العقد ، وإلا فالأقوى الاقتصار على حكم الأمة ، وفي المسألة إشكال.

ولو جامع المُحلّ زوجته ، تعلّقت بها الأحكام مع المطاوعة ، ولا شي‌ء عليه. ولو أكرهها فعليه بدنة ، فيحملها عنها على إشكال. ولو أكرهها بداية ، ثمّ رضيت بالاستدامة ، وكان يمكنها التخلّص ، أُلحقت بالمختارة ، فيلزم كلّ واحد منهما كفّارة.

ولو أبت بعد الرضا ، واستمرّ بجبره ؛ أو جعل الخيار إليها أوّلاً ، ثمّ جبرها ، احتمل التعدّد.

ولو كان الغلام حرّا أو مملوكاً مُحرماً ، وهو محلّ أو محرم ، وطاوع أو أكرهه ، ففي إلحاق الأحكام من الكفّارة والافتراق ونحوهما إشكال.

ويضعّف ذلك في المبعّض الحرّ.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٤ ح ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٠ ح ١١٠٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ ح ٦٣٩ ، المحاسن : ٣١٠ ح ٢٤ ، الوسائل ٩ : ٢٦٣ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٨ ح ٢.

(٢) المحاسن : ٣١١ ح ٢٤ ، الوسائل ٩ : ٢٦٣ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ٨ ذ. ح ٢.

(٣) نزهة الناظر ليحيى بن سعيد : ٥٤ ، اللمعة الدمشقيّة : ٦٩.

٦٢٨

ويتحقّق الجبر بالخوف على نفس مؤمن محترمة من قتلٍ أو جرح لا يتحمّل ضرره. ومع الخوف على نفوس محترمة غير مؤمنة ، والأعراض ، والأموال لا جبر على إشكال.

ولو جامع المُحرم بعد الوقوفين قبل طواف الزيارة وهو طواف الحجّ كفّر ببدنة ، فإن عجز فبقرة أو شاة ، والأحوط الترتيب بين البقرة والشاة. ولا فرق بين أن يكون الجماع قبل الدخول في الطواف ، أو بعده قبل بلوغ النصف ، أو بعده.

وإن طاوع الموطوء مُحرماً الواطئ كان حكمه حكمه. وفي حكم تحمّل الجابر منهما كفّارتين : أصليّة وتحمليّة ، وتحمل المُحلّ الجابر منهما للمُحرِم كفّارة المحرم إشكال (١).

وإذا وقع الجماع بعد الوقوفين مكرّراً ، تكرّرت الكفّارة.

ولو استمنى بعد الوقوفين بمُحلّل أو مُحرم لم يجرِ عليه الحكم على إشكال.

ويتحقّق التكرار بتكرّر الإدخال والإخراج ، وطول المكث لا يقضي به.

ولو جامع بعد طواف الحجّ ، قبل طواف النساء ، أو بعد طواف ثلاثة أشواط منه أو أقلّ ، فبدنة. وإن كان بعد خمسة أشواط ، فلا شي‌ء ، وأتمّ طوافه. وفيما بينهما ، يُلحق بغير المنصوص.

ويجري الحكم في المحرم فاعلاً أو مفعولاً ، مع اختيار الطرفين.

ومع الجبر من أحدهما يحتمل لزوم الكفّارتين على الجابر. ولو كان الجابر محلا ، جرى فيه الكلام. ومضى الكلام في تحقيق معنى الجبر.

والمُعتبر في الأشواط تمامها ، ولا اعتبار بما ينقص ولو يسيراً ؛ إذ المدار في الأحكام الشرعيّة على الحقائق اللغوية ، لا على المسامحات العُرفيّة. ثمّ بلوغ العدد إنّما يعتبر حيث يكون عن علم أو مظنّة شرعيّة ، ومع الشكّ يلحقه حكم الشكّ.

ولو جامع في إحرام العمرة المفردة أو المتمتّع بها على إشكال قبل السعي عالماً عامداً ، بطلت عمرته ، ووجب إكمالها ، وقضاؤها ، وبدنة. ويُستحب أن يكون

__________________

(١) في «ص» : احتمال بدل إشكال.

٦٢٩

قضاؤها في الشهر الداخل.

وأمّا المتمتّع بها ، فيحتمل فساد الحجّ بفسادها ، ووجوب طواف النساء لها ؛ لأنّها بعد الفساد غير قابلة لأن يتمتّع بها ، فتكون كالمفردة.

وفي جري أحكام الزوجة في الأجنبيّات ، والإماء المستباحة بالملك ، واللواط ، والاستمناء بالحلال أو الحرام كلام تقدّم نظيره.

وفي حكمها بعد الفساد إذا عرض المانع من الطواف في الرجوع إلى الحجّ المفرد ، فيلحق بالحج الفاسد ، أو تبقى على أحوالها.

ويجري مثل ذلك في الحجّ الفاسد إذا اتّفق انقلابه إلى العمرة.

ولو نظر إلى غير أهله بشهوة أولا فأمنى ، فبدنة إن كان موسراً ، وبقرة إن كان متوسّطاً ، وشاة إن كان معسراً. ولو زعم أنّها أهله فنظر إليها ، كان نظره كالنظر إلى أهله ، ولو انعكس الأمر ، فلا كفّارة وإن عصى بفعله.

والمَدار على خروج المني من المحلّ المعتاد ، على نحو ما بُيّن في موجب غسل الجنابة.

ولو كان من عادته الإمناء ، فكالاستمناء (١).

والمراد من الشهوة : الشهوة المُعتدّ بها ، ولو كان النظر إلى أهله فأمنى ، فلا شي‌ء عليه ، إلا أن يكون بشهوة يُعتدّ بها.

ولو قبّل أهله بغير شهوة ، فشاة ، ومع الشهوة ، جزور ؛ من غير فرق بين الإمناء وعدمه على إشكال. وعلى المرأة لو فعلت فعليها ما عليه.

ولو قبّل من وراء حجاب ، لم يكن مُقبّلاً.

والظاهر أنّ الحكم في غير الوجه من الأعضاء ، وفي جري الحكم في النظر إشكال.

ولو قبّلته هي ، جرى الحكم عليها.

__________________

(١) في «ص» : فكالاستمتاع.

٦٣٠

وفي تسرية الحكم إلى تقبيل الأمة ، والأجنبيّة ، والمُرد (١) ، وجه.

وفي إلحاق العض بأسنانه واللطع بلسانه بالتقبيل ، وجه. ولا فرق في هذا المقام بين الابتداء والاستدامة.

ولو استمع من مُجامعٍ أو استمع كلام امرأة فأمنى من غير نظر إليها ، فلا شي‌ء ، إلا أن يكون معتاداً للإمناء بذلك. وكذا لو أخطرها بخياله وفكره ، وإن عصى بالاستماع للكلام أو الجماع أو الفكر.

ولو نظر ، واستمع ، وقبّل ، وكان كلّ واحد من هذه الأعمال قابلاً للاستقلال في سبب الإمناء ، تعلّق الحكم بالثلاثة. وفيما إذا استند إلى المجموع احتمل ترجيح الأسهل ، والأفعل ، مع احتياط الأخر.

ولو أمنى عن ملاعبة فجزور ، وكذا عليها مع المطاوعة ، وفي التحمل مع الجبر وجه. ولو اختصّت الملاعبة بأحدهما ، ورضي الأخر ، جرى الحكم عليهما. ولو كان أحدهما مجبوراً ، فعلى الجابر جزوران في وجه.

ولو كانت الملاعبة بين أجنبيّين ، أو بين غلامين ، أو امرأتين ، سرى الحكم في وجه.

ولو كان الجابر بخلاف المجبور مُحرِماً ، قام احتمال التحمّل. ويجي‌ء الكلام في حبس المني في هذا المقام وفيما تقدّم بغير ما تقدّم.

ولو اشتبه المني بغيره ، فلم يعلم خروجه ، حكم بعدمه.

ولو عقد المحرم لمثله على امرأة فدخل بها ، فعلى كلّ واحد منهما بدنة مع العلم والعمد ، وإن كان الدخول بعد الإحلال ، وكذا لو كان العاقد محلّا ، وكذا لو عقدت لمثلها على رجل ، محلّة كانت أو مُحرِمة.

ولو جبرهما جابر ، احتمل تحمّل الكفّارتين عليه. ولو جبرها دونه أو بالعكس ،

__________________

(١) المُرد : جمع أمرد ، وهو الرجل الذي لا ينبت الشعر في وجهه.

٦٣١

تحمّل كفّارة واحدة وإن كان محلا. ولا فرق بين عقد الدوام والمتعة.

وفي إلحاق صيغة التحليل وجه ، وفي إلحاق الإجازة بالعقد بعد عقد الفضولي وجه.

ولو عقد على أكثر من واحدة ، احتمل التعدّد بتعدّدهن ، ولو تعدّدوا على واحدة لنسيان ، احتمل ذلك.

ولو أفسد المتطوّع حجّه أو عمرته بالجماع قبل الوقوف ، ثمّ أُحصر فيه ، كان عليه بدنة للإفساد ، ودم للإحصار ، ويكفيه قضاء واحدة في سنته أو في القابل.

ولو جامع في الفاسد ، فبدنة أُخرى خاصّة ، لا قضاء آخر ، سواء كان التكرار في مجلس واحد أو مُتعدّد ، كفّر عن الأوّل أو لا. والظاهر أنّ الفرض الفاسدةُ ، والقضاء عقوبة.

والقضاء على الفور ، سواء كان عن حجّة فوريّة كحجّة الإسلام أولا.

ولو أفسد النائب حجّه ، احتمل الاكتفاء بحجة القضاء ، والاحتياط في ثانية.

ولو أفسد بظنّ الوجوب ، فظهر الندب أو بقصد النيابة ، فظهرت الأصالة أو بالعكس ، فالعمل على الواقع.

وفيما لو دخل متطوّعاً فأوجب الإتمام بنذر ونحوه ، جاءه حكم السبب الموجب على الظاهر أيضاً.

الفصل الثامن : في أحكام الصدّ والحصر

وينحصر البحث فيها في مقامين :

الأوّل : في أحكام الصدّ

المصدود : هو الممنوع بالعدوّ. وكلّ مانع عن إتمام النسك وفعله ففعله فعل العدوّ وإن كان الباعث زيادة المحبّة ، وكراهة الفراق ، أو كان منه ذلك لتعلّق بعض الأغراض له ببقاء المصدود من قضاء حوائج ، أو صناعة بعض الأعمال ، أو جلب شي‌ء من المال ، أو الانتفاع ببضع ، أو شوق إلى الرجال ، أو غريم يطلب بدين ولا وفاء عنده في تلك

٦٣٢

الحال ، إلى غير ذلك من الأحوال.

ومن الصدّ منع البهائم وشدّة الحرّ أو البرد أو الطين أو المطر عن إتمام المناسك.

وفيه أبحاث :

الأوّل : في أنّ المصدود بعد الإحرام في العمرة عن الطواف أو السعي أو عن الموقفين أو أحدهما صدّاً يعمّ السبُل ، أو يخصّ طريقاً لا يتمكن الناسك من سلوك غيره ، فلا يتمكن من الذهاب مطلقاً إلا مع بذل ما يضرّ بحاله ، أو لم يبقَ من الوقت أو من النفقة ما يفي من غير ذلك السبيل ، ولا ما يجامع الانتظار إلى وقت آخر ، أو بقي ذلك مع عدم إمكان الانتظار ، تحلّلَ بذبح هديٍ كائناً ما كان ، من إبل أو بقر أو غنم ، في سنّ تُعتبر في الهدي ، إن لم يكن قارناً سائقاً للهدي.

وإن كان سائقاً للهدي ، تحلل بذبح هديه الّذي ساقه ، دون غيره ، إلا مع تلفه ، فيتبدّل عنه.

والحلق أو التقصير في موضع الصدّ (مما) (١) يصدق عليه في العُرف ذلك.

ولو اشتبه به فذبح في غيره أو حلق أو قصّر ، أعاده على إشكال.

ولا تجب المحاربة مع العدوّ ، ولو مع ظنّ الغلبة ، إذا خيف منها ترتّب القتل أو الجرح أو ضرر الأعراض أو الأموال من النسّاك أو الأعداء ، سواء كانوا كفّاراً أو مسلمين ، مخالفين أو مؤمنين ، ويحتمل التخصيص بالمسلمين أو المؤمنين إذا لم يكن خوف على الناسكين.

ولو أمكن دفع العدوّ بمالٍ لا يضرّ بالحال ، وجب دفعه بدفعه.

ثمّ يتحلّل بالحلق لتمام الرأس أو التقصير منه أو اللحية أو الشارب أو ما عداها من الشعر ، أو الأظفار ، بما يسمّى تقصيراً عرفاً ، ومع قطع الجلد لا يدخل في الاسم.

ولو تعذّر الحلق تعيّن التقصير بقرض بمقراض ، أو بالأسنان ، أو بالقطع باليد ، أو الإحراق بالنار. ويغني نتف الجميع وحلقه عن التقصير ، فضلاً عن البعض ، وتجري

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : لا.

٦٣٣

فيهما المباشرة أو الواسطة.

ولو لم يكن على رأسه شعر ، احتمل الاكتفاء بإمرار الموسى ، ويغني التقصير ، ولو أتى بأحدهما سقط.

الثاني : أنّه إذا لم يكن ساقَ هدياً ، ولا تحلّل بهدي آخر ، بقي على إحرامه ، ولا بدل له في الاختيار.

وأمّا في الاضطرار ؛ فمقتضى الإطلاقات ذلك ، فيبقى على إحرامه إلى أن يقدر عليه ، أو يتمّ نسكه في وقت يصحّ منه. غير أنّ القول بثبوت البدل مخيّراً فيه بين صيام ثلاثة أيّام أو إطعام ستّة مساكين والأحوط تقديم المقدّم لا يخلو من قوّة.

ولو عجز عنهما ، ولو قدر على الذبح في غير محلّ الصدّ لم يجزِ.

ولو ذبح الهدي ولم يحلق ولم يقصر أصلاً ، أو ذبح أو قصّر في غير محلّ الصدّ ، بقي على إحرامه حتّى يأتي بأحدهما فيه ، أو يتمّ النسك.

الثالث : أنّه لا يجوز له التحلّل بمجرد احتمال المنع وخوفه ، بل يتوقّف على وقوعه أو العلم. نعم لو خافَ من وصول المانع على نفسه أو عرضه ، وأنّه لا يكتفي بمنعه عن حجّه ، كان مصدوداً.

وإذا صدّ عن طريق ، وجب عليه سلوك الطريق الأخر ، ولا يجوز له التحلّل إلا مع العلم بحصول الضيق عن الإدراك لو سلكه. ومع الاحتمال يجب عليه سلوكه ، فإن أدرك الحجّ أو العمرة المصدود عنها فبها ، وإلا تحلّل بعمرة مفردة ، ثمّ يقضي ما فاته عام الصدّ في العام المُقبل من غير تأخير ، واجباً مع وجوبه مستمرّاً أو مستقرّاً ، أو ندباً مع ندبه.

الرابع : أنّه لا يتحقّق الصدّ في الحجّ إلا بالمنع عن الموقفين معاً ، الاختياريّين والاضطراريّين ، والمختلفين.

والمدار على ما يفوت الحجّ بفواته على اختلاف الآراء.

ولا يتحقّق بالمنع عن الطواف وركعتيه ، والسعي ، والتقصير والمبيت في منى ، وأفعالها ، وإنّما عليه أن يستنيب في الرمي ، والذبح ، ويحلق أو يقصّر متى أمكنه. وإذا تعذّرت عليه الاستنابة في الرمي ، تحلّل ؛ وهو أولى من التحلّل عن الكلّ.

٦٣٤

وكذا في الذبح ، فإنّه إذا لم يستطع الهدي ، أودَعَ الثمن من يذبح بدله بقيّة ذي الحجّة.

ولا يتحقّق في العمرة إلا بالمنع عن الطواف أو السعي.

الخامس : أنّه يجوز التحلّل من دون هدي مع الاشتراط في وجه قويّ ، وقد مرّ بيانه.

السادس : أنّه لو حبس على مالٍ مُستحَقّ ، وهو متمكّن منه ، فليس بمصدود ، ولو كان غير مستحقّ فهو مصدود.

السابع : أنّه لو صدّ عن مكّة بعد إدراك الموقفين ، فإن لحِقَ الطواف والسعي للحجّ في ذي الحجّة صحّ حجّه ، وإلا استناب فيهما عند الضرورة ، ووجب عليه العَود من قابل لأداء باقي المناسك إن أمكنه ، وإلا استناب فيها ؛ فإن أتى بها هو أو نائبه أحلّ ، وليس له التحلّل بالصدّ عنهما أو عن مناسك منى ، بل يبقى على إحرامه ، والقول بالتحلّل لا يخلو من قوّة.

الثامن : أنّه إذا صدّ عن الموقفين أو عن أحدهما مع فوات الأخر ، جاز له التحلّل ، ولا يجب عليه الصبر حتّى يفوت الحجّ ؛ فإن لم يتحلّل ، وأقام على إحرامه حتّى فاته الوقوف المجزي ، فقد فاته الحجّ ، وعليه أن يتحلّل بعمرة إن تمكّن منها ، ولا دم عليه لفوات الحجّ. وفي جواز التحلّل بعمرة قبل فوات وقت الحجّ وجه ، ويضمن في القابل مع الوجوب.

التاسع : أنّه لو ظنّ انكشاف العدوّ قبل الفوات ، انتظر ؛ فإن انكشف أتمّ ، وإن فات أحلّ بعمرة مفردة. ولو تحلل ، وانكشف العدوّ ، والوقت متّسع ، وجب الإتيان بالحجّ الواجب مع بقاء الشرائط ، ولا يشترط في وجوبه الاستطاعة من بلده وإن كان حجّ الإسلام على إشكال.

العاشر : أنّه لو أفسد الحجّ ، فصُدّ فتحلّل ، جاز ، ووجبت بدنة الإفساد ، ودم التحلّل ، والحجّ من قابل. ويحتمل لزوم حجّة ثانية عن الحجّة الواجبة ، فتكون إحداهما عقوبة ، والثانية فريضة. وإن أوجبنا العقوبة ، لزم تأخيرها عن حجّة الإسلام ونحوها.

٦٣٥

الحادي عشر : أنّه إن تحلّل المصدود قبل الفوات ، وانكشف العدوّ والوقت باق ، وجب قضاء الحجّ إن كان واجباً فيها ، والأحوط الإتيان بها في سنته ، وإن لم يكن واجباً فيها.

الثاني عشر : أنّه لو لم يكن تحلّل المصدود في الحجّ الفاسد مضى فيه ، وقضاه في القابل واجباً وإن كان ندباً. وإن فاته تحلّل بالعمرة ، وقضى واجباً من قابل وإن كان ندباً ، وعليه بدنة الإفساد ، لا دم الفوات ؛ إذ لا دم فيه.

ولو فاته وكان العدوّ باقياً يمنعه عن العمرة ، فله التحلّل من دون عدول إلى العمرة. وكذا إذا عدل إلى العمرة ، وكان العدوّ باقياً ، تحلّل منها ، وعليه على كلّ دم التحلّل وبدنة الإفساد ، وعليه قضاء واحد.

الثالث عشر : أنّه لو صدّ فأفسد ، جاز التحلّل ، وعليه البدنة للإفساد ، والدم للتحلّل ، والقضاء. وإن بقي مُحرماً حتّى فات ، تحلّل بعمرة.

الرابع عشر : أنّه لو لم يندفع العدو إلا بالقتال ، لم يجب وإن ظنّ السلامة ، سواء كانوا كفّاراً أو مسلمين ، مؤالفين أو مخالفين. والقول بوجوب المقاتلة مع الاطمئنان بالسلامة حيث يكونون كفّاراً ، والجواز حيث يكونون من المؤمنين ، غير بعيد.

الخامس عشر : أنّه لو طلب العدوّ مالاً ، فإن لم يكونوا مأمونين ، لم يجب بذله ، وإن كانوا مأمونين ، ولا يضرّ بذل المال بالحال ، قوي وجوبه.

السادس عشر : لو صدّ المُعتمر من أفعال مكة ، تحلّل بالهدي ، وحكمه حكم الحاجّ المصدود.

السابع عشر : أنّه لو طرأ عليه الخوف على ما خلّف من ماله وعياله ، أو أرحامه ، أو نفوس أو أعراض محترمة ، كان بحكم المصدود في وجه قويّ.

الثامن عشر : أنّه لو خافَ على ما يضطرّ إلى صحبته ، من عبدٍ أو خادمٍ أو دابة أو محمل أو رفقة أو مأكول أو مشروب ونحو ذلك ، كان مصدوداً ، ولو خاف من العدوّ أن يجبره على المُحرمات ، أو ترك الواجبات ، كان كذلك.

التاسع عشر : أنّه لو تعارض الصادّ عن الحجّ ، والصادّ عن الردّ ، تبع الأقوى خطراً

٦٣٦

والأشد ضرراً ، ولو تساويا بقي على قصده.

العشرون : لو حصل الصدّ وقد بقي ما يظنّ وفاءه بعد انصراف العدوّ انتظره ، وإلا كان له التحلل من حينه.

المقام الثاني : في المحصور

وفيه بحثان :

الأوّل : في بيان معناه ، وهو المنوع عن دخول مكّة في العمرة ، أو الموقفين في الحجّ على نحو ما مرّ بسبب المرض. ويلحق به الكسر ، والجرح ، والقرح ، والعرج الحادث ، والزمانة المانعة عن السير بجميع أقسامه.

الثاني : في أحكامه ، وهي أُمور :

الأوّل : أنّه إذا تلبّس بالإحرام وأُحصر ، فإن كان سائقاً ، بعث ما ساقه ؛ وإن لم يكن ساقَ ، بعث هدياً أو ثمنه ، وبقي على إحرامه إلى أن يبلغ الهدي محلّه ، وهو في الحجّ منى يوم النحر ، وفي العمرة مكّة. فإذا بلغ الهدي محلّه أو ثمنه قبل شراء الهدي أو بعد شرائه على اختلاف الوجهين ، ويبني عليه ببلوغ الموعد الّذي تبانيا عليه قصّر ، سواء كان في إحرام حجّ أو عمرة ، وأحلّ من كلّ شي‌ء سوى النساء.

ثمّ إن كان المحصور فيه من حجّ أو عمرة واجباً وجب قضاؤه في القابل ؛ وإن لم يكن واجباً ، استحبّ له ، لكن تحرم عليه النساء إلا أن يطوف لهنّ في القابل في حجتّه أو عمرته ، واجباً أو لا ، ويطاف عنه في مقام الندب أو الوجوب والعجز.

ولو بانَ عدم ذبح هديه ، لم يبطل تحلّله ، وعليه الذبح في القابل إلا في العمرة المفردة متى تيسّر ، وليس على المتحلّل من عمرة التمتع طواف النساء ، ولا يحرمن عليه على الأقوى.

الثاني : أنّه لو زال المرض قبل التحلّل ، لحِقَ بأصحابه في العمرة المفردة مطلقاً ، وفي الحجّ إن لم يفت ، لزوال العذر ، فإن كان حاجّاً وأدرك الموقفين على وجه يصحّ أو أحدهما على اختلاف الآراء ، صحّ حجّه ، وإلا تحلّل بعمرة ، ولا يجزيه في الإحلال ذبح الهدي ؛ وقضى الحجّ في القابل مع الوجوب.

٦٣٧

ولو علم الفوات أو فات بعد البعث ، وزال العذر قبل التقصير ، ففي وجوب دخول مكّة للتحلّل بعمرة إشكال.

الثالث : أنّه لو زال عذر المعتمر مفردة بعد تحلّله ، قضى العمرة حينئذٍ واجباً مع الوجوب ، وندباً مع الندب ، ولا حاجة إلى انتظار الشهر الداخل.

الرابع : أنّه لو تحلّل القارن للصد أو الإحصار ، لم يجب عليه في القضاء قران ، بل يبقى على حكمه السابق. ولو كان ندباً تخيّر في الإتيان به وعدمه ، والأفضل في الواجب وغيره الإتيان بمثل ما خرج منه.

الخامس : أنّ السائق إذا أشعر أو قلّد بعيره ، عليه بعث ما أشعر أو قلّده.

السادس : أنّه يسقط لزوم الهدي في الصدّ والحصر مع الاشتراط ، إن لم يكن أشعر أو قلّد.

السابع : أنّ حكم الصدّ والإحصار إنّما يتمشّى بعد التلبية ، دون ما كان قبلها أو في أثنائها.

الثامن : أنّه إذا اجتمع الصدّ والحصر ، وسبق أحدهما الأخر ، قدّم الحكم المتقدّم ؛ وإن تساويا قدّم الحصر ، وقد يقال : بتقديم الصدّ في المقامين ، وبالحصر كذلك.

التاسع : أنّ المدار على حصول الخوف في باب الصدّ ، وعلى المظنّة في باب المرض ، وحصلت من طبابة أو تجربة ، ويترتّب عليه ما يُعدّ عُسراً عُرفاً.

العاشر : أنّه لو صدّ فتحلّل ، وبقي وقت للإحرام ثم جدّد الإحرام ، وصدّ ، وهكذا ، فكلّ إحرام له تحلّل.

الحادي عشر : أنّه لو صدّ أو حصر فتحلّل ، فظهر عدمهما ، أو ظنّ عدمهما ، أو كانا موجودين ، فالبناء على ظاهر الحال على إشكال.

الثاني عشر : أنّه لو صُدّ ، وخيّر بين الحجّ والعمرة ، اختار الحج.

ويحتمل التخيير بينهما في المفردة ، أمّا المتمتع بها فلا معنى لاختيارها على الحج أو العمرة المفردة.

الثالث عشر : أنّه لو سأل الصدّ أو صنعَ ببدنه ما يمرضه عصى ، وجرى حكمهما عليه.

٦٣٨

الرابع عشر : أنّه لو صدّ ومعه من أحرم به ، صنع معه ما صنع مع نفسه. ولو كان عبداً أحرم باختيار مولاه لزم مولاه ذلك في وجه.

الخامس عشر : أنّه روى هارون بن خارجة : أنّ أبا مراد بعث بدنة ، وأمر الّذي بعثها معه أن يقلّد ويشعر في يوم كذا وكذا ، فقلت له : إنّه لا ينبغي أن تلبس الثياب ، فبعثني إلى أبي عبد الله عليه‌السلام وهو بالحيرة ، فقلت له : إن أبا مراد فعل كذا وكذا ، وإنّه لا يستطيع أن يدع الثياب لمكان أبي جعفر ، فقال : «مره فليلبس الثياب ، ولينحر بقرة يوم النحر عن لبسه الثياب» ؛. (١)

وليس في الخبر تعرّض لبيان مكان الإشعار والتقليد ، ولا لمكان الذبح ، ولعلّ الّذي ينصرف إليه الإطلاق في محلّ الاشعار والتقليد ما يمرّ عليه من المواقيت ، وفي موضع الذبح منى.

وفيه إشارة إلى منع جميع مُحرّمات الإحرام ، ولزوم كفّاراتها ، كما ذهب إليه البعض (٢) ، ويظهر منه الوجوب ، ولو قلنا به فلا محيص عن الندب ، والحلّي أنكر الحكم من أصله (٣).

في العمرة

وهي : زيارة البيت على الوجه الاتي ، وفيها مباحث :

الأوّل : في حكمها ، وهي واجبة على وجوب الحجّ بشرائطه ، وبتقسيمه إلى أقسامه ما يجب بأصل الإسلام ، أو بالنذر وأخويه ، أو بالنيابة ، أو بالإفساد ، وبواجبها ومندوبها.

والعمرة الإسلامية والمترتّبة على الإفساد فوريّتان.

ولو استطاع لها دون الحج أو بالعكس ، لزمه ما استطاع له. ولو تعارضا ، قدّم

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٤٠ ح ٤ ، التهذيب ٥ : ٤٢٥ ح ١٤٧٤ ، الوسائل ٩ : ٣١٤ أبواب الإحصار والصدّ ب ١٠ ح ١.

(٢) النهاية : ٢٨٣.

(٣) السرائر ١ : ٦٣٩.

٦٣٩

الحجّ. وفي تعارض موجباتها يجري نحو ما جرى في تعارض موجبات الحجّ.

ولا يجوز الإتيان بالعمرة للمستطيع ، إلا بعد اليأس من الحجّ.

الثاني : في تقسيمها ، وهي قسمان :

عمرة متمتّع بها ، وهي فرض النائي مع تمكّنه من الحجّ ، ومع عدم التمكّن منه ينقلب تكليفه إلى العُمرة المفردة.

وعمرة مفردة ، وهي فرض أهل مكّة وحاضريها ، لا يجوز لهم غيرها ، إلا في غير عمرة الإسلام ، يؤتى بها بعد انقضاء الحجّ ، وإن شاء بعد انقضاء أيّام التشريق بلا فصل ، أو في استقبال المحرّم.

الثالث : أنّه يجوز نقل العمرة المفردة في أشهر الحجّ إلى العمرة المتمتّع بها ، ولا يجوز في غير أشهر الحجّ ، ولا نقل المتمتّع بها إلى المفردة إلا مع الضرورة.

ولو كانت العمرة عمرة الإسلام أو منذورة أو عمرة نيابة ، ففي جواز نقلها إلى عمرة التمتع إشكال.

الرابع : أنّ العمرة المفردة لا تختصّ زماناً مندوبة أو واجبة مطلقة ، وأفضل أزمنتها رجب ، فإنّها تلي الحج في الفضل ، ثمّ عمرة شهر رمضان ، ولعلّ فضل الزمان يقتضي زيادة فضلها.

الخامس : أنّ صفة العمرة المفردة والمتمتّع بها واحدة ، زهي عبارة عن الإحرام من الميقات السابق بيانه ، والطواف ، ثمّ صلاة ركعتيه ، ثمّ السعي ، ثمّ التقصير ، وتزيد المفردة على المتمتّع بها بطواف النساء وصلاة ركعتيه.

السادس : أنّ العمرة قد تجب بالنذر وشبهه ، وبالاستئجار ، والإفساد ، وفوات الحجّ ، فيتحلّل بعمرة ومن وجب عليه الحجّ ، فاعتمر متمتّعاً وفاته الحجّ ، حجّ من قابل ، واجتزأ بتلك العُمرة وبالدخول إلى مكّة ، بل الحرم في وجه قويّ ، مع انتفاء العُذر كالدخول لقتال مباح أو مرض أو رقّ أو انتفاء التكرار للدخول كالحطّاب والحشّاش.

ومن أحلّ ولم يمض شهر رمضان ، فإنّه يتخيّر بين الدخول بحجّ أو الدخول بعمرة ، وإذا تعدّد السبب تجانس أو اختلف تعدّد المسبّب ، وفي الإفساد المتعدّد مع

٦٤٠