كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

الكلّيّة ، والجزئيّة وجه.

الثاني : كلّ سبع من أسدٍ أو ذئب أو فهد أو نحوها أو طائر أُدخل أسيراً إلى الحرم يجوز إخراجه لمن أدخله ولغيره من الحرم ، وربّما يقال : بوجوبه على مُدخله ، ولا كفّارة فيه ، مُحرِماً كان أو محلا ، مُكلّفاً كان المُدخل أو لا ، سيق من دون قهر في دخوله أو مقهوراً أو مقيّداً.

ولا يجوز التعرّض لما عدا المستثنيات ، ولا تجوز أذيّته زائداً على ما يتوقّف عليه الإخراج ممّا لا يؤدّي إلى ضرب أو جرح ، وإلا أبقاه.

ولا يجوز إخراجه من بعض أمكنة الحرم إلى مكان آخر ، إلا من الكعبة ، أو المسجد الحرام ، أو دور مكّة ، أو طُرقها ؛ خوفاً من عارض أذيّتها للمتردّدين.

وإذا أدخله لا بقصد الأسر ، بل لإطعامه وسقيه ، فلا يجري عليه الحكم. وكذا لو أدخله بزعم السبعيّة ، فظهر الخلاف ؛ بخلاف الخلاف.

الثالث : في أنّ كلّ حيوان يؤذي حيوانات الحرم أو سُكّانه من الناس ، وقد عُرف بذلك ، فإنّه يجوز قتله من المُحرم والمُحلّ ، وفي الحلّ والحرم ، وطرده وإبعاده ، ممّن تشمله أذيّته وغيره ، ولا كفّارة فيه.

الرابع : في أنّه يجوز قتل الأفعى ، والعقرب ، والكلب العقور ، والفأرة ، والحيوانات الصغار وما تحت الأقدام مع استغراق الطريق ، من غير كفّارة. وفي رمي الحداية والغراب مع الأذيّة وبدونها إشكال.

الخامس : في أنّه لا كفّارة في قتل شي‌ء من المُحرّمات ، ممّا يجوز قتله وما لا يجوز ، سوى قتل الأسد في الحرم ، من مُحلّ أو محرم ، بشرط عدم إرادته الأذيّة وقد يُلحق به قتل المحرم ، فإنّ فيه كبشاً يذبحه رباعيا ، أو ما خرجت ثنيته ، ولا فرق بين العمد وغيره ، ولا يبعد التخصيص بالأوّل ، ولا كفّارة في جرحه وضربه ، ولا ملازمة بين الكفّارة والتحريم.

وعدا قتل الزنبور ، وهو الذباب اللسّاع عمداً ، وفي إلحاق غير اللسّاع ممّا شاكله في الحجم وجه فإنّ فيه كفّاً من طعام وإن لم يكن مُحرّماً ، إذا صدر من المُحرِم.

٥٨١

ولا يغني البدل ولا القيمة عن الطعام ، ويعمّ جميع المطعومات ، والأحوط الاقتصار على البرّ.

وفي كلّ من الثعلب والأرنب شاة من الغنم ، ضأناً أو معزاً ، والأوّل أحوط.

وفي كلّ من القُنفذ والضبّ واليربوع جدي ، وهو من المعز ما كان في السنة الأُولى (١) ، وقيل : من حين ما تضعه أُمّه إلى أن يرعى ويقوى (٢) ، وقيل : من أربعة أشهر إلى أن يرعى (٣). وربّما قيل : إنّه من ستّة أشهر أو أربعة (٤).

وفي القملة كفّ من طعام ، وفي الجرادة حلالاً أو حراماً مثلها ، وفي كثير من الجراد شاة ، حَلّ أو حَرُم.

ولو أغرى مُحل أو مُحرماً فقتل ، لم يُعدّ قاتلاً ، والقاتل المغرى لا المغرِي.

ولو أغرى حيواناً ، أو سبّب فكان المباشر ضعيفاً ، جرى عليه حكم القاتل. ولو أصاب حجراً فقَتل المُصاب ، أو دحرج شيئاً فحرّك غيره ، فقتل المتحرّك ، كان المُصيب والمتحرّك قاتلين.

والظاهر تخصيص جواز القتل بالمؤذيات مع الخوف منها.

المقام الثاني : في بيان كفّارات المُحلّلات وأحكامها

وفيها مباحث :

الأوّل : في كفّارة قتل النعامة ، وفيها بحثان :

الأوّل : كفّارته بَدَنَة محرّكة الدال الهدي إلى مكّة من الإبل والبقر ، من ذكرٍ أو أُنثى ، ويُعتبر في سنّها ما يُعتبر في هدي التمتّع على الأقوى.

ولا تجزي قيمتها من جنس أو نقد ، ولا بد لَها من الغنم أو غيره من النعم ، والأحوط الاقتصار على الأُنثى من الإبل.

__________________

(١) انظر المصباح المنير : ٩٣.

(٢) السامي في الأسامي لأبي الفتح الميداني : ٣٣٤ ، أدب الكاتب : ١٣٠.

(٣) أدب الكاتب : ١٢٠ ، المسالك ٢ : ٤٣١.

(٤) النهاية لابن الأثير ١ : ٢٤٨ ، كشف اللثام ١ : ٣٩٥.

٥٨٢

فإن عجزَ عن البدنة لعدم وجودها ووجود ما يشتريها به قوّم المتوسّط من البُدن أو أدناها قيمة عند مقوّمين عارفين تطمئنّ النفس بتقويمهم مطلقاً ، وإلا فعدلين. وفي الاكتفاء بالعدل الواحد ، وعدم الفرق بين الرجال والنساء في المقامين وجه.

ومع الاختلاف في التقويم يُؤخذ بالأكثر والأعدل ، ومع التعارض بين الوصفين يُعتبر الميزان ، ومع التساوي يُؤخذ بالأقلّ ، ويُحتمل التخيير.

ثمّ بعد التقويم تُفضّ القيمة على الطعام والأقوى تعيّن البرّ سالماً من خليط زائد على المُتعارف من تراب أو غيره ، والأحوط إضافة شي‌ء عوض المتعارف على ستّين مسكيناً لا يجد قوت سنة لقيام البيّنة على ذلك ، أو لمجرّد ادعائه ، وعدم اتّهامه لكلّ مسكين نصف صاع أربعة أرطال ، ونصف بالعراقي ، فإن زاد الثمن ، فلا يجب إعطاء الزائد ؛ وإن نقص ، فلا يلزم إتمام الناقص. والمَدار على الثمن حال الإقباض وإنْ تغيّر التقويم على إشكال.

فإنْ عجزَ صامَ ستّين يوماً ، عن كلّ نصف صاع يوماً ، ولا يصوم عمّا زاد على ستّين يوماً.

وإذا انكسر البرّ فنقص أقلّ من نصف صاع ، أكمل يوماً تامّاً ؛ إذ لا وجه للتبعيض ، والأحوط صوم تمام الستّين إذا نقص البدل.

فإن عجزَ عن صيام الستّين ، صام ثمانية عشر يوماً ، والأحوط الإتيان بالمقدور ، وإن زاد عن المقدار المذكور ؛ لقوله عليه وإله السلام : «لا يسقط الميسور بالمعسور» (١).

وإن عجز بعد صيام شهر عن صيام الشهر الأخر ، فأقوى الاحتمالات لزوم الإتيان بالميسور ، ويحتمل الاكتفاء بتسعة ؛ لأنّها عوض الشهر. ويحتمل السقوط ؛ نظراً إلى أنّ العوض الّذي جعل فيه التسعة عوضاً عن الشهر مقصوراً على تلك الصورة ، فلا تثبت بدليّته فيما عداها.

__________________

(١) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٥.

٥٨٣

وفي فرخ النعامة وهو الصغير من أولادها ، كما يقال : لكلّ صغير من حيوان طائر أو لا ، فرخ صغير من الإبل ، ويحتمل الاكتفاء بصغار البقر ، والأحوط اعتبار البدنة. ولا يشترط الوحدة في السنّ ، والأحوط اعتبار البدنة في الصغير ، كما في الكبير ؛ لصدق الاسم عليه.

الثاني : في الأحكام التابعة لها ، والبحث فيها يستدعي بيان أُمور :

أحدها : أنّ على المُحرم في كسر كلّ بيضة من بيض النعام إذا تحرّك بها الفرخ بكرة بين ابنة المخاض والبازل أُنثى البَكر ، وهو الفتيّ ما لم يبزل (١) ، فإذا بزل ، فهو جمل ، وهي ناقة (٢).

وقيل : هما ولدا المخاض ، واللّبون ، والحِقّ ، والجذع ، فإذا أثنى فهو جمل ، ثمّ هو بعير حتّى يبزل (٣) ، وقيل : البعير هو البازل (٤) ، وقيل الجذع (٥).

وإن كان يحرم في الحرم فعليه القيمة مع ذلك.

الثاني : أنّه يلزم على المُحرم إن لم يتحرّك فيها الفرخ لصغر أو لا يُرسِل فحولة الإبل ممّا لا يظنّ عدم إنتاجه أو بشرط مظنّة الإنتاج وإن كان محرماً بالاختبار أو الإخبار في إناثٍ كذلك ، بعد إعدادها في وقتٍ ومكانٍ وحال وعلى وضع يوافق ذلك ، مع الملك للطرفين أو طرف واحد ، أو عدمه مع السلطان على النتاج ، فما نتج كان هدياً.

فإن عجز عن الفرق من الجانبين أو جانب واحد ، أو الإرسال لبعض الموانع ، أطعم عن كلّ بيضة عشرة مساكين ، لكلّ مسكين مُدّ (٦).

__________________

(١) بزل البعير بزولاً : فطر نابه بدخوله في السنة التاسعة. المصباح المنير : ٤٨ ، العين ٥ : ٣٦٤.

(٢) انظر لسان العرب ٤ : ٧٩.

(٣) نقله عن ابن الأعرابي ، تهذيب اللغة ١ : ٢٢٢.

(٤) تهذيب اللغة ١٣ : ٢١٧ ، العين ٢ : ١٣٢.

(٥) القاموس المحيط ١ : ٣٨٨.

(٦) في «ص» زيادة : أو لا ولا أولدت وبعد الإرسال يفرخ. وفي نسخة في «ص» : أولا ومنه أو ولدت ولا أولدت وبعد الإرسال يفرخ. وفي «ح» : أو لا أولدت وبعد الإرسال يفرخ.

٥٨٤

فإن عجز ، صام ثلاثة أيّام في الحرم لوقت العقد (١).

الثالث : أنّه إذا اشترى مُحلّ بيضَ نعامٍ لمحرم ، فأكله ، فعلى المحرم عن كلّ بيضة شاة ، وعلى المحلّ عن كلّ بيضة درهم. ولو جمع بين الأكل والكسر ، لزمه بكرة مع الشاة ، وعلى المشتري ما لزمه ، ولا فرق بين كون الشراء في الحلّ أو الحرم.

ولو كان المشتري مُحرِماً ، لزمه ما لزم المحلّ ، ولا زيادة ، وإن تضاعفت المؤاخذة. وإن اشتراه لا بقصد المحرّم ، فتناوله المحرم ، فليس على المشتري شي‌ء.

ولا فرق بين الشراء وباقي التملّكات ، ولا بين العقود اللازمة والجائزة ، ولا فرق بين أكل البعض صحيحاً ومكسوراً ، نيّاً ومطبوخاً ومشويّاً.

ولو اشتراه المُحرم لنفسه ، فلا شي‌ء عليه من جهة الشراء ، وإن عصى به.

وإن اشترى نصفي بيضة منفصلين ، قوي الإلحاق. وفي إلحاق نصفي البيضتين ، أو أثلاث ثلاث بيضات ، لم يبلغ الإلحاق تلك القوّة.

ولو اشتراه المحلّ لمحرم ليأكله بعد الإحلال ، أو ليأكله محرماً ، فأكله بعد الإحلال ، فليس على المشتري شي‌ء ، وإن عصى في القسم الثاني.

وإذا تحرّك فيها الفرخ ، لم يتبدّل حكم المُشتري ، ويكون على الكاسر الأكل لكسره بكرة ، ولأكله شاة.

الثاني : في قتل القطاة وما أشبهها من الحجل والدرّاج ونحوهما حَمَل من الضأن قد فُطم ، ورعى الشجر. وحدّه : أن يفصل عن أُمّه ، ويكمل أربعة أشهر ، ولا يتجاوز السنة ، ويسمّى خروفاً ، والأُنثى خروفة ، ورخل (٢).

وقيل : ما بلغ ستّة أشهر (٣) ، وقيل : هو الجذع من الضأن (٤). قيل : وإنّما سمّي حملاً ؛ لأنّه محمول أو لقُربه من حمل أمّه (٥).

__________________

(١) في نسخة العتمة بدل العقد.

(٢) انظر أدب الكاتب : ١٦٨ ، وفقه اللغة : ١٦٨.

(٣) مجمع البحرين ٥ : ٣٥٧ ، حياة الحيوان للدميري ١ : ٣٧٧.

(٤) القاموس المحيط ٣ : ٣٧٣.

(٥) مفردات الراغب : ١٣٢.

٥٨٥

وفي كسر بيض القطا صغير من النعم إذا تحرّك منه الفرخ ، والقول باعتبار المخاض من الغنم ضعيف (١). وإن لم يتحرّك الفرخ فيه ، وأرسل فحولة الغنم وقد يجتزئ بالفحل الواحد في إناثها بعدد البيض ، ممّا يظنّ فيها حصول الولادة ، أو ممّا لا يظنّ عدمها فيه ، فما نتج كان هدياً. ولو خرج منها توأم فزاد عدد النتاج على عدد البيض ، كان الزائد هدياً أيضاً على تأمّل.

ولو لم يحصل نتاج ، أو حصل ناقص ، أجزأ الإرسال. وفي اشتراط الفور ، والاكتفاء بالتراخي ، والجمع والتفريق وجه. والأوجه عدمه.

وإن عجز عن الإرسال ، للعجز عن الأصل أو عن الفعل ، أطعم عن كلّ بيضة عشرة مساكين. فإن عجز ، صام عن كلّ بيضة ثلاثة أيّام ، ويحتمل تقديم الشاة على الإطعام.

الثالث : في الحمام ، واحده حمامة ؛ يُطلق على المذكّر والمؤنّث ، طائر برّي لا يألف البيوت ، وكلّ ذي طوق من الطيور ، كالفواخت ، والقماريّ (٢) ، والرواشين ، وساقُ حرّ ، والقطا ، وأشباه ذلك. وعند العوام هي الدواجن فقط ، وربما خصّوها بالّتي تسكن البيوت ، وتفرّخ فيها (٣).

وقيل : الحمام الّذي لا يألف البيوت ، والذي يألف اسمه اليمام (٤).

وقيل : اليمام الذي يسكن البيوت وما شاكله (٥).

وقيل : أسفل ذنب الحمامة ممّا يلي ظهرها فيه بياض ، وأسفل ذنب اليمامة لا بياض فيه (٦).

__________________

(١) هذا القول للشيخ في التهذيب ٥ : ٣٥٧ ، والمبسوط ١ : ٣٤٥.

(٢) القمريّ : ضرب في الطير ، الذكر قمريّ والأُنثى قمريّة ، والجمع القماريّ. جمهرة اللغة ٢ : ٧٩٢ باب الراء والقاف ، وقال الفيومي : قمريّ مثل روم روميّ ، الأُنثى قمريّة ، والذكر ساقُ‌حُرّ ، والجمع قماري. المصباح المنير : ٥١٦.

(٣) انظر الصحاح ٥ : ١٩٠٦ ، والمصباح المنير : ١٥٢.

(٤) نقله عن ابن سيده في لسان العرب ٢ : ١٥٨ ، وعن الكسائي في المصباح المنير : ١٥٢.

(٥) أدب الكاتب : ٢٦.

(٦) حكاه عن كتاب الطير لأبي حاتم في حياة الحيوان ١ : ٣٣٦.

٥٨٦

وقيل : الحمّام كلّما يهدر ، ويرجع صوته ، أو يعبّ الماء بأن يشربه كرعاً (١). وقيل : لا ينفكّ الهدر عن ألعبّ (٢).

وكفّارة قتل كلّ حمامة شاة على المُحرم في الحلّ ، ودرهم على المُحل في الحرم ، وهما معاً على المُحرم في الحرم. والأحوط اعتبار الأكثر من القيمة والدرهم.

(وفي فرخها حمل) (٣) على المُحرم في الحِلّ ، ونصف درهم على المُحلّ في الحرم. ويجتمعان على المحرم في الحرم.

وفي كسر كلّ بيضة بعد تحرّك الفرخ حمل ، وقبله درهم على المُحرم في الحلّ. وفي كسرها بعد التحرّك من المُحلّ في الحرم نصف درهم ، وقبله ربع درهم ، ويجتمعان على المُحرم في الحرم.

ولو نفّر الحمام من الحرم ، فعادَ ، فدم شاة على الّذي نفّره عن الجميع ، وإن لم يعُد ففي كلّ حمامة شاة. وإن عادَ البعض ففيه شاة ، وفي غيره لكلّ حمامة شاة. والأولى إلحاقه بغير المنصوص ، وعلى الأوّل يُراد بالتنفير التنفير عن الحرم ، وبالعود العود إليه (٤).

والشاكّ في العَود يبني على عدمه. وفي الأقلّ والأكثر يبني على الأقلّ.

وفي اختصاص الحكم بالمُحل في الحرم ، فمن المحرم فيه جزاءان أو لا وجهان ، أقواهما الأوّل. وفي تسرية الحكم من الواحدة مُجتمعة إليها منفردة وجه قويّ.

ولو أغلق باباً أو نحوها على حمام الحرم ، وفراخ ، وبيض فيه ، فإن أرسلها سليمة ، سبّب العصيان من دون ضمان ، وإلا ضمن المُحرم الحمامة بشاة ، والفرخ بحمل ، والبيضة بدرهم ، والمُحلّ الحمامة بدرهم ، والفرخ بنصف درهم ، والبيضة بربع درهم ، ولا شي‌ء مع العلم بالسلامة ، والشكّ بالتلف يُلحق بالتلف.

__________________

(١) قواعد الأحكام ١ : ٤٥٩.

(٢) حياة الحيوان للدميري ١ : ٣٦٦.

(٣) بدل ما بين القوسين في «ص» ، «ح» : وفي فرضها وفي فرض جهله.

(٤) في «ص» زيادة : وعن الذكر وإليه ، وعن كلّ مكان يكون فيه وإليه.

٥٨٧

ولو نتفَ ريشة من حمام الحرم ، تصدّق بشي‌ء وجوباً باليد الجانية إن نتف باليد. وفي تعدّد الصدقة بتعدّد الريش مع الأخذ جملة أو بعضاً وجه.

ولو ضربَ المحرم بطيرٍ في الحرم على الأرض فمات ، فعليه دم.

وإذا حصل نقص ، ضمن النقص ، ولا تسقط الصدقة ولا الأرش بالنبات.

وفي تسرية الحكم إلى الإزالة بغير النتف من قطعٍ أو حرقٍ أو نحوهما ، وفي نتف الوبر إشكال.

ولا يجوز صيد حمام الحرم في الحلّ من المُحلّ على أصحّ القولين.

الرابع : في كلّ واحد من العصفور ، والقبّرة ، والصعوة ، مُدّ من طعام.

وروى : أنّ كلّ واحد من القُمريّ ، والدبسي ، والسماني ، والعصفور ، والبلبل قيمته ، فإن أصابه المُحرم في الحرم ، فعليه قيمتان ، ليس عليه دم (١) ، وقد تنزّل القيمة على المُدّ.

وفي نقل الجرادة الواحدة ورمي القملة كفّ من طعام ، وفي كثير الجراد شاة.

الخامس : في كلّ من بقرة الوحش وحماره بقرة أهليّة ، فإن عجز عن البقرة قوّمها ، وفضّ ثمنها على البرّ ، أو على الشعير أو التمر أو الزبيب أو على كلّ ما يُسمّى طعاماً ، وأطعم المساكين ، كلّ مسكين نصف صاع ، إلى أن يطعم ثلاثين مسكيناً ، والزائد على الثلاثين له. ولا يجب الاستكمال لو نقص عنها. فإن عجزَ ، صام عن كلّ نصف صاع يوماً. فإن عجزَ ، فتسعة أيّام.

السادس : في الظبي شاة ، فإن عجز قوّمها ، وفضّ ثمنها على البرّ أو غيره ممّا مرّ ، وأطعم كلّ مسكين مُدّين إلى عشرة مساكين ، ولا يجب الزائد على عشرة ، ولا الإكمال. فإن عجز عن الإطعام ، صام عن كلّ مدّين يوماً. فإن عجز صام ثلاثة أيّام.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٩٠ ح ٧ ، التهذيب ٥ : ح ٢٠٦ ، وص ٤٦٦ ح ١٦٣٠ ، الوسائل ٩ : ٢٤٢ أبواب كفّارات الصيد ب ٤٤ ح ٧.

٥٨٨

ولو شرب لبن ظبية في الحرم ، وكان مُحرماً ، فعليه دم وقيمة اللبن. ويحتمل تسرية الحكم إلى ما ماثلها.

ولو ضرب ظبياً فنقصت عشر قيمته ، احتمل وجوب عُشر الشاة لحماً مطلقاً ، أو بشرط وجود المشترك (١) ، ويحتمل وجوب عشر الثمن ؛ لصدق العجز عن العين.

السابع : في كسر قرني الغزال نصف القيمة ، وفي كسر واحد ربعها.

وفي عينيه القيمة ، وفي إحديهما النصف. وفي كسر إحدى اليدين أو الرجلين نصف القيمة. ويجزي عن الصغير ، والمريض ، والمعيب مثلها ، مع مُجانستها في الوصف والكبر ، والسليم أفضل ، والذكر عن الأُنثى ، والمماثل أفضل ؛ لأنّه أوفق بالاحتياط.

ولو اختلف الكسر اختلافاً فاحشاً ، واختلف المرض والعيب جنساً ، كالعور والعمى ، أو العرج والإقعاد ، أو أحد الأخيرين مع أحد الأوّلين مثلاً ، أو شدّة وضعفاً ، أو إضافة قيمة ، لم يجتزِ بالناقص عن الكامل.

ولو زاد عدد الناقص حتّى ساوى الكامل بالقيمة ، أو كانت قيمة الناقص أكثر ، لم يجتزِ بها على الأظهر. ولا يجتزى بالقيمة عن العين ، ولو زادت على قيمتها أضعافاً مضاعفة.

ولو عجز عن الكامل أتى بالناقص ، وقدّمه على البدل في وجه.

ولو تعذّر عليه الكامل ، وأمكنه معالجة الناقص حتّى يكمل ، عالجه بما لا يضرّ بحاله. وكذا إذا وجد بأكثر من ثمن المثل.

والجاهل بالقابليّة لجهل أو ضعفِ بصرٍ أو ظُلمة ، يجب عليه الفحص عنه.

ولو جاء به مع جهله فذبحه ، وخرج موافقاً ، ووقعت منه النيّة ، فلا مانع.

الثامن : يستوي الحمام أو اليمام الأهلي المملوك وغير المملوك من حمام الحرم والوحشي منه في القيمة ، وهي درهم أو نصفه إذا قتل في الحرم ، كما يستويان في الحِلّ من جهة الفِداء. ويشتري بقيمة الحرمي علف لحمامه المخصوص به ، أو الكائن فيه مطلقاً.

__________________

(١) في نسخة : المشارك.

٥٨٩

وقد يعمّ الحمام وغيره من الطيور الّتي في الحرم ، والظاهر تخصيص العلف بالحبوب ، والأحوط الاقتصار على القمح. ثمّ الظاهر الرجوع بعد التعذّر إلى التصدّق بالقيمة.

ثمّ هل يلزم إرصاده خوفاً من السارق حتّى يتمّ ، وحفظه من شركة بعض البهائم ، ولا بدّ من وضعه في زمانٍ قابل ، ومكانٍ خال عن المانع من المتردّدين وغيرهم ، ظاهر بارز ، لا في ماء ، ولا في طين ، ولا حاجز آخر ، ويجوز وضعه مرّة أو مرّات.

ويجب أن يكون سليماً من الوصف الباعث على أذيّة الحمام.

ومع الشكّ في الحماميّة أو الحرميّة لم يجرِ حكمهما.

وتفرغ الذمّة بمجرّد الوضع ، فلو جاءه السيل وأخذه ، أو أكلته البهائم ، أو أطارته الريح ، لم يضمن. ولو قدر على الدفع ، ولم يدفع ، ضمنَ على إشكال.

ولو حبس شيئاً من طيور الحرم غاصباً ، وأطعمه ، أجزأ. وهل يكتفى بالواحد ، أو لا بدّ من كثرة؟ وجهان.

التاسع : يخرج عن الحامل إذا ضاع الحامل أو قتل ممّا له مثل من النعم حامل منها ، فإن تعذّر المثل ووجب البدل ، قوّم الجزاء حاملاً.

ولو ساوى الحامل في القيمة ، اكتفى بقيمة الحامل من دون ملاحظة الحمل ، ويحتمل لزوم إضافة شي‌ء للحمل ، لا تزيد على قيمة الحامل ، والأوّل أقوى.

ولو شكّ في الحمل حُكم بتبعيّته.

ويعتبر التقويم على ما هو عليه من احتمال القوائم ، والأُنثى ، والذكر ، وبعد الظهور لما يقتضي الزيادة يلحظ الزائد في وجه.

ولو قتل الحامل ونجا حملها ، لزمه المثل من الحائل ، ويحتمل لزوم حامل مسقط إذا أمكن.

ولو علم بالحمل فغاب عنها ، واحتمل الإجهاض في مدّة الغيبة ، ضمن حاملاً في وجه.

ولو أصاب واحدة من عدّة فيها حامل وغير حامل ، وتمكّن من الفحص ، وجب

٥٩٠

عليه الفحص. ولو تعذّر الفحص ، بنى على ما قلّت قيمته ، أو الحائل ، أو الحامل ، وللقرعة وجه.

ولا فرق في الحمل بين أن يكون بنطفة منعقدة على تأمّل أو علقة أو مُضغة فما فوقها ، وفي العلقة إشكال. ويحتمل في الفداء أن يساوي حمله حمل المفدي في الدرجة على الأقوى.

العاشر : لو ضرب الحامل فألقت حملها ميّتاً ، وبقيت على حياتها ، وعلم سبق موته على الضرب ، ضمن تفاوت ما بين قيمتها حاملاً ومجهضاً ، كما يضمن تفاوت القيمة للجناية على بعض الأعضاء ، كاليد ، والرجل ، ونحوهما.

وكذا يضمن تفاوت ما بين إجهاضها وقت الضرب ، وإجهاضها في أوانها إن كان تفاوت ، ويحتمل ضمان التفاوت وإن لم يكن تفاوت بين الإجهاضين.

ولو شكّ في سبق موته على الضرب أو توهّم ؛ لعدم حصول الظنّ بأنّ الموت مستند إلى الضرب ، لم يضمن ، ويحتمل الضمان ؛ أمّا لو شكّ في وصول الضربة إليها فلا ضمان.

ولو ظهر استناد الموت العارض للجنين إلى الضرب ، ضمن الجنين بجنين مثله ، أو بصغير من جنسه.

ولو ماتا معاً بعد إسقاطه حيّاً ، فدى كلا بمثله في الكبر والصغر ، والمرض والصحّة ، والعيب والسلامة ، والذكورة والأُنوثة ، والسمن والهزال ، ونحو ذلك.

ولو عاشا من غير عيب ، فلا شي‌ء سوى الإثم ، ولو عاشا مع العيب ، أو عاش أحدهما كذلك ، لزمه الأرش.

وإذا ضرب الحامل فضاعت ، كان عليه فداء حامل.

ولو اشترك في الضرب اثنان مُجتمعان أو مُترتّبان ، كان الغرم عليهما معاً. وإن وقع الضرب من واحد بين جماعة ، احتمل لزوم الفداء على الجميع على وجه الشركة ، أو على كلّ واحد ، أو القرعة.

ولو ضرب ، وقصد بالضرب حماراً أو حاملاً ، فأحتمل وصول الضربة

٥٩١

إلى الحامل ، لم يلزم منه شي‌ء.

وإذا علم وصول الضرب ، وشكّ في الأثر. أو كان الضرب باعثاً على الغيبة (١) ، ضمن.

ولو أزمن محرم صيداً ، وأبطل امتناعه ، احتمل وجوب تمام الجزاء ؛ لأنّه كالهالك ؛ والأرش.

ويقوى التفصيل بأنّ إبطال منعه بالطيران إن بقيت بعده منعة أُخرى كما في النعامة والدرّاج ، لزم الأرش ، وإلا فكلّ الثمن.

ولو كان أعرج ، فإنّ فيه ضمان التفاوت. وكذا لو كان أعرج أو مُزمناً ، فزاد وصفه. ولو قتله محرم آخر ، ضمنه بقيمته أعرج أو مُزمناً.

ولو شكّ في بقاء زمانته فضلاً عن أن يحصل له ظنّ بسلامته لم يضمن ، ويحتمل الضمان ، استصحاباً لما كان. والظنّ من غير طريق شرعيّ يُلحَق بالشكّ ، ويقوى العمل (٢) عليه في أسباب الضمان.

ولو قتل أو أتلف ما لا تقدير لفديته من حيوانٍ ، طير أو غيره ، أو بيض أو سفر أو صوت في وجه قويّ فعليه القيمة.

ويقوى أن يقال : في البطة ، والإوزة ، والكركي ومطلق الطيور ممّا هو أكبر من العصفور وإن لم يكن منصوصاً عليه شاة ؛ لعموم أنّ في الطير شاة ؛ ، (٣) وقد يخصّ ذلك بما هو أكبر من الحمام ؛ إذ فيه شاة ، فمقتضى الأولويّة تسرية الحكم ، وقد يلحق المساوي ؛ لقضاء تنقيح المناط.

وخصّ بعضهم الشاة في خصوص الكركي ، وأسنده إلى رواية ؛. (٤)

وما لا بدل لفدائه ، فالمرجع فيه إلى قيمة فدائه.

__________________

(١) في «ص» : العيبة.

(٢) في «ص» : ويقوى الإجماع ، وفي «ح» : ويقوى الإجماع العمل ، والمثبت من نسخة في «ص».

(٣) التهذيب ٥ : ٣٤٦ ح ١٢٠١ ، الاستبصار ٢ : ٢٠١ ح ٦٨٢ ، الوسائل ٩ : ١٩٣ أبواب كفّارات الصيد ب ٩ ح ٦.

(٤) الوسيلة لنيل الفضيلة : ١٦٧.

٥٩٢

ولو زعم أنه لا تقدير لفدائه أو بالعكس ، فظهر فساد زعمه ، أعاده. ويحتمل عدم لزوم الإعادة في حقّ المعذور ، ولا سيّما في حقّ المجتهد ، ومقلّديه. ولو عدلَ المجتهد ، وعمل المقلّد مستصحباً ، جاء الوجهان.

الحادي عشر : العِبرة بتقويم الجزاء وقت الإخراج ؛ لأنّ الواجب الأصل هو الجزاء ، وما لا تقدير لفديته وقت الإتلاف ؛ لأنّه وقت الوجوب ، والعبرة في قيمة الصيد الذي لا تقدير لفديته بمحلّ الإتلاف ؛ لأنّه محل الوجوب ، وفيه قيمة البدل من النعم بمنى إن كانت الجناية في إحرام الحجّ ، وبمكّة إن كانت في إحرام العمرة ؛ لأنّ المدار في التقويم ومحلّ التصدّق على محلّ وجوب الذبح.

ولو تعدّدت أوقات الإخراج والأمكنة ، وزّع على الأبعاض على نحو ما يقتضيه الزمان والمكان.

ولو حصل اشتباه في المكان أو الزمان ، فعمل على الخلاف ، رجع إلى الواقع.

الثاني عشر : إذا شكّ في كونه صيداً أو لا ، برّياً أو بحرياً ، فلا ضمان.

ولا يبعد ترتّب العصيان في صورة العمد ، والظاهر وجوب الاستعلام من جهة الضمان إذا عين المقتول ، وأمكن استعلامه.

ولا يجوز للأعمى ولا المُبصر في الظلمة ولا الجاهل قتل ما لا يعلم حاله ، ويجب عليهم السؤال ؛ فإن تعذّر السؤال ، وجب الاجتناب. ولو نشأ الشكّ من جهة التعارض بين الشهود ، أخذ بالترجيح من جهة الأعدليّة والأكثريّة.

ولو شهد العدلان ، ثمّ عدلا ، فإن كان ذلك بعد إتمام العمل مضى ، وإن كان بعد الإتيان بالبعض ، جرى الحكم على البعض بمقتضى الشهادة المعدول عنها ، أو على الكلّ في وجه ضعيف.

ولو عمل على تقويم العدلين ، ثمّ شهد الأعدل أو الأكثر بالخلاف ، جاء التفصيل السابق. ويعتبر الترجيح بالأشهر ، وبكون بعض المقوّمين أعرف وأنظر.

الثالث عشر : يجب أن يرجع في التقويم إلى عدلين عارفين.

ولو كان أحدهما القاتل أو هما قاتلين ، لم يعوّل على شهادتهما ، وإلا عوّل عليها ، وفي المقامين إشكال.

٥٩٣

أمّا الأوّل : فلأنّ مطلق قتل الصيد من دون إصرار لا يُعدّ من الكبائر.

وأمّا الثاني : فلأنّه حكم لنفسه وعليها ، وإذا تعقّبت التوبة ارتفع المحذور الأوّل.

ولو قطع القاتل بالقيمة ، ولم يكن ظانّاً على نحو المقوّمين ، فلا يبعد الاكتفاء بقطعه. والأحوط الرجوع إلى المجتهد في ذلك مع إمكانه.

ولو اختلف الشهود ، بنى على الترجيح ، ومع التعادل في العدالة يؤخذ بالأكثر (١). ويجب على العدول الشهادة كفاية ، ويجوز لهم أخذ الأُجرة في وجه قويّ ، وأمّا لو احتاط بدفع الأكثر من القيمة ، اكتفى عن الشهادة.

وإذا تعذّر العدلان ، احتمل وجوب الصبر مع الرجاء ، ومع اليأس يرجع إلى أقوى الظنون. ويحتمل جواز الرجوع إلى ذلك مع الرجاء أيضاً. ولو أراد محض الشرع ، وعدم إعطاء الزائد ، وجبَ عليه طلب العدلين. ولو توقّف على بذل ما يوصله وجب عليه (٢).

الرابع عشر : لو فقدَ العاجز عن البدنة مثلاً البرّ ، انتقل إلى القيمة ، ويحتمل قويّاً الانتقال إلى باقي الأطعمة ؛ لقربها إليه ، ولما يظهر من ترجيح مُطلق الطعام على القيمة.

وفي الاكتفاء هنا بالستّين مسكيناً إن زاد عليهم في الأصل إشكال.

ومع القول بتقديم مُطلق الطعام على القيمة يتخيّر بين الأطعمة ، ويقوى ترجيح الأقرب فالأقرب ، كالشعير عوض الحنطة ، ثمّ الدخن ، ثمّ الذرة ، وهكذا ، ويحتمل الانتقال إلى الصوم بمجرّد العجز عن البرّ.

ولو اختلف الشركاء في التعديل ، قوّم كلّ ذي سهم سهمه عند عدلَيه ، وأخذ في حصّته بقولهم. [ويحمل] فقدان التقويم على الفقد المتعارف في بلد الإخراج ، دون الجنس ، إلا فيما دلّ الدّليل على اعتبار الجنس فيه. ولو كان المتعارف مُختلفاً ، أخذ بالأشهر ولو اختلفا بالرغبة ، ويحتمل الاكتفاء بمقابلهما.

__________________

(١) في النسخ : بالأكبر.

(٢) في «ح» : ولو توقّف على بذل ما لا يوصله لا الغنم وجب عليه.

٥٩٤

الخامس عشر : يجزي عن الصغير الّذي له مثل من النعم صغير مثله في الحجم ، ويجزي الكبير عنه ، بل هو أفضل ، ويجزي المعيب عن المعيب بعيب مثله جنساً وقدراً.

فلا يجزي أعور عن أعمى ، ولا عن أعرج ، ولا العكس ، ولا الأشدّ عرجاً عن الأضعف.

ويجزي الأضعف منهما عن الأشدّ ، وكذا أعرج اليمين عن أعرج اليسار ، وبالعكس ، ويجزي المريض عن المريض ، إذا لم يختلف المرض جنساً ، ولم يكن مرض الفداء أشدّ : ويجزي الصحيح عن غيره ، والأضعف عن الأشدّ.

ويجزي الذكر عن الأُنثى ، وبالعكس ، مع صدق اسم الفداء عليهما.

ولا تجزي القيمة مع عدم الأعراض.

ولو دفعه على أنّه مثل ، فظهر أدنى منه ، جاء بغيره. ولو كانت عليه كفّارة أُخرى توافقه ، لم يجز الاحتساب.

والمَدار على ما يُعدّ مِثلاً في العُرف.

ولا تُطلب المماثلة بالقيم عن مماثلة الحجم ، ولا تعتبر المُماثلة في اللون ، وتناسق الأعضاء ، وحسن الشعر ، والصوف ، ونحوها.

السادس عشر : لو حصل المُبدل بعد الإتيان بتمام البدل أو تسليمه مضى على حاله ، بقي البدل لو تلف.

ولو عزله ولم ينفقه ، احتمل ذلك ؛ لتعيّنه بالعزل ، وخلافه لظهور أن العزل لم يكن في محلّه. ولو تلف بعد العزل ، قوي عدم الضمان على نحو الزكاة.

ولو حصل المُبدل بعد الإتيان ببعض البدل ، احتمل الاكتفاء بالبدل وإتمامه ، وعدم الالتفات إليه ، فالالتزام بالبدل والإتمام من المُبدل بنسبة ما بقي من البدل ان كانا قابلين للتوزيع.

ولو كان متمكّناً ممّا هو أكبر من المُبدل وهو مجزي عنه ، ولا يتمكنّ من المُماثل ، احتمل لزومه ؛ لتوقّف أداء الواجب عليه ، ويحتمل الانتقال إلى الدرجة الثانية.

٥٩٥

ولو أمكنه تربية البدل أو مداواته بحيث يساوي المبدل ، أو الشراء من مكان آخر مع جواز التأخّر ، لزم.

المقام الثالث : فيما يتحقّق به الضمان

وهو ثلاثة : المباشرة. والتسبيب ، ووضع اليد ، فينحصر البحث في ثلاثة مباحث :

الأوّل : في المباشرة

والنظر في أحكامها ، وهي عديدة :

منها : أنّ من قتل صيداً ضمنه ، فإن قتله بوجه البدليّة أو غيرها محلّا كان أو محرماً ثمّ أكله ، تضاعف عليه الفداء. ويستوي ذبح المحرم وذبح المُحلّ في الحرم ويجري عليه أحكامها ، كما مرّ.

ولو ذبح المُحلّ في الحلّ صيداً قد صاده المُحرم ، حلّ على المُحلّ ، وفي حمام الحرم كلام تقدّم.

ولو ذبح المُحلّ في الحلّ صيداً وأدخله الحرم ، حلّ المُحلّ في الحَرَم ، دون المُحرم.

ولو ذبحه أو نحره زاعماً أنّه محرم أو في الحرم ، حلّ إذا اجتمعت شروط التذكية ؛ إذ لا اعتبار لنيّة الإباحة.

ولو باشر القتل حال الإحرام أو في الحرم جماعة ، ضمن كلّ منهم فداءً كاملاً فيما يجب عنه الفداء ، أو قيمته فيما فيه القيمة. وكذا لو باشروا الجرح ، لزم كلّ واحد أرش.

ولو علم حصول الجناية من واحد ، واشتبه بين جماعة ، احتمل لزوم التعدّد ، والاكتفاء بالواحد موزّعاً عليهم ، والقرعة.

ومنها : أنّه لو ضرب المُحرم في الحرم بطيرٍ على أرض الحرم فمات بذلك الضرب ، فعليه دم وقيمتان ، والقول بثلاث قيمات وهو ظاهر الرواية (١) قويّ. ويحتمل

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٧٠ ح ١٢٩٠ ، الوسائل ٩ : ٢٤٢ أبواب كفّارات الصيد ب ٤٥ ح ١ ، في محرم اصطاد طيراً في الحرم فضرب به الأرض فقتله ، قال : عليه ثلاث قيمات : قيمة لإحرامه ، وقيمة للحرم ، وقيمة لاستصغاره إيّاه.

٥٩٦

التعميم للقتل بغير الضرب بعده.

وحيث يحتمل أنّ منشأ القيمة من الاستخفاف بالحرم وبجاره جاء احتمال تسرية ذلك في غير الطيور من الصيد.

وفي بعض الأخبار : أنّ على المحرم إذا قتل طيراً بين الصفا والمروة عمداً الفداء والجزاء ويُعزّر ، وإن قتلهُ في الكعبة عمداً كان عليه الفداء والجزاء ، ويضرب دون الحد ، ويقام للنّاس لينكل غيره (١).

ولو ضربه على بساط أو حصير مفروش أو شجر أو نبات في الحرم ، فكما إذا ضربه على الأرض. والتراب ، والشجر ، والحيوان ، والإنسان ، ونحوها لا يبعد إلحاقها.

ولو ألقاه من علوّ احتمل إلحاقه بالضرب على بُعد.

ولو ضربه خارج الحرم ، فمات في الحرم ، وبالعكس ، فالمدار على مكان الضرب.

ولو ضربه محلا فمات بعد إحرامه في الحرم ، لم يجرِ الحكم المذكور.

ومنها : أنّه إذا شرب لبن ظبية في الحرم ، فعليه دم وقيمة اللبن ، والموجود في الرواية الجمع بين الإحرام والحرم ، وأنّه جمعَ بين الاحتلاب والشرب (٢).

وفي تسرية الحكم إلى ما عدا الظبي تنقيحاً للمناط إشكال ، نعم قد يقال : بسراية الحكم بالنسبة إلى الدم في جميع من أكل ما لا ينبغي أكله للمحرم عمداً ، ويلحق الشرب به للرواية (٣) ، وقد يُلحق الإتلاف بالشرب.

ولو جعله في فمه خارج الحرم ، وابتلعه في الحرم ، عُدّ شارباً في الحرم. ولو

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٩٦ ح ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٧١ ح ١٢٩١ ، الوسائل ٩ : ٢٤١ أبواب كفّارات الصيد ب ٤٤ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٨٨ ح ١٣ ، وص ٣٩٥ ح ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٧١ ح ١٢٩٢ ، الوسائل ٩ : ٢٤٩ أبواب كفّارات الصيد ب ٥٤ ح ١.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٧٠ ح ١٢٨٧ ، وص ٣٧١ ح ١٢٩٢ ، الوسائل ٩ : ٢٤٩ أبواب كفّارات الصيد ب ٥٤ ح ١ ، ٢ ، وص ٢٨٩ أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ب ٨ ح ٥١.

٥٩٧

انعكس الأمر ، لم يُعدّ شارباً في الحرم.

ولو أُوجر في حلقه بطلب منه ، عُدّ شارباً على الأقوى.

ولو رمى محلّا ، فقتل محرماً ، أو جعل في رأسه محلا ما يقتل القمل محرماً فقتله ، لم يكن عليه شي‌ء ، كلّ ذلك إذا لم يبقَ له قدرة على الرفع حين الإحرام ومع القدرة والتقصير يتحقّق الضمان.

وكذا لو وضع شيئاً وهو مُحلّ ، فقتل الصيد وهو محرم.

ولو وضع شيئاً قاتلاً خارج الحرم ، فأطارته الريح إلى داخل الحرم ، فقتل صيداً ، احتمل ضمانه.

ومنها : أن أبعاض الصيد مضمونة على المحرم ، ففي كسر قرني الغزال نصف قيمته ، وفي كلّ واحد الربع ، وفي عينيه القيمة ، وفي إحداهما النصف.

وفي كسر اليدين أو الرجلين القيمة ، وفي كسر إحداهما نصف القيمة. وإن فعله المُحرم في الحرم ، كان عليه مع القيمة دم يهريقه.

وإن صحّ كسره ، كان عليه ربع القيمة ؛ وإن لم يعلم كيف انتهى حاله ، كان عليه فداؤه. وإن حسن حاله عن الحال الأوّل أخذ بالنسبة. وكلّ شي‌ء أخذ منه وليس له مقدار ، أُخذت له قيمة واحدة من المُحرم ، ومنه وفي الحرم قيمتان. ولو لم يكن له قيمة عصى ، واستغفر ، وتاب ، وليس عليه شي‌ء ، ويحتمل لزوم كفّ من طعام.

ولو صحّ العضو ومطلق البعض الفائت ، بقي ضمان الجرح. ولو ضرب الصيد ولم يعلم بالإصابة ، ووجد عضواً مقطوعاً لم يعلم منه ، احتمل الضمان ، وعدمه.

ولو صالَ على المُحرم أو المُحلّ في الحرم أو غيره صيد ، فخاف منه ضرراً على نفسه ، أو نفسٍ محترمة ، أو ماله ، أو مال محترم ، وتوقّف الدفع على قتله ، فقتله ، أو على جرحه فجرحه ، فلا ضمان عليه ، ولا إثم.

ولو أتى بالأثقل مع الاندفاع بالأخفّ ، ضمنه في الأثقل ، أو ضمن التفاوت بين الأثقل والأخفّ. ولو ارتكب أحدهما مع إمكان الاندفاع بالهرب ، احتمل الضمان ، وعدمه.

٥٩٨

ولو زعمه صائلاً عليه ، فجرحه أو قتله ، ثمّ بانَ الخلاف ، قوي القول بالضمان ، ويحتمل عدمه.

ومنها : أنّه إذا أكل الصيد في مخمصة مضطرّاً بقدر ما يُمسك به الرمق ، فإن تمكّن من الفداء أكل وفداه ، مقدّماً على الميتة ، وإلا أكل الميتة ، وقد مرّ الكلام فيه.

ومنها : أنّه لو عمّ الجراد أو شبهه الطرق ، لم يبقَ لهُ حُرمة ، فلا تترتّب عليه حرمة ، ولا كفّارة. ولو لم تكن فديته أو فصله زائداً على المتعارف ، أو بقي واقفاً لا لحاجة بعد التعارف ، فقتل ، ضمن. ولو كان قريب مكان خالٍ وجب استطراقه.

ولو تفاوتت الجراد في الكثرة والقلّة ، اختار الأقلّ على الأكثر. ولو دار بين كثير الجراد والنمل ، سلك طريق النمل. وكذا في باقي صور التعارض.

ومنها : أنّه لو رمى صيداً فأصابه ولم يؤثّر ، عصى ، ولم يكفّر ، ويستغفر الله.

ولو رماه صحيحاً فجرحه ، ضمن أرش الجرح ، ومع العيب ضمن أرش الجرح والعيب ، وقيل في الجرح مع البرء ربع القيمة (١) ، وقيل : التصدّق بشي‌ء (٢).

ولو رماه فهرب ، ضمنه حتّى يعود إلى محلّه ، ولو لم يهرب وشكّ في إصابته أو جرحه ، فلا ضمان.

وهل يجب الفحص عنه بوجه لا تترتّب عليه إخافته؟ وجهان ، والأصحّ العدم.

ولو عرجه ، ولم يعلم حاله ، أو أصابه ، ولم يعلم أنّه أثّر فيه أو لا ، ضمن فداءه ، ومع احتمال الإصابة وعدمها لا فداء على إشكال.

ولو نفّره ولم يعلم أنّه نفر أولا ، فلا ضمان. ولو نفّره فعلم بنفاره وخروجه من

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٤٣ ، المهذّب ١ : ٥٦٦ ، السرائر ١ : ٥٦٦ ، المختصر النافع : ١٠٣ ، إرشاد الأذهان ١ : ٣٢٠.

(٢) المراسم لسلار : ١٢٢ ، الوسيلة لابن حمزة : ١٧٠.

٥٩٩

الحرم ، كان ضامناً. وكذا لو علم بنفاره ، ولم يعلم بخروجه من الحرم ولا بعدمه. ولو علم بعدم خروجه من الحرم وشكّ في رجوعه إلى محلّه ، فللقول بالضمان وجه. ولو علم برجوعه إلى محلّه الّذي نفر منه ، فالظاهر ارتفاع الضمان.

الثاني : في التسبيب

وهو فعل ما يحصل به التلف ولو نادراً ، وهو أُمور كثيرة :

منها : ما لو وقع الصيد في شبكة أو نقب جدار أو طين أو نحوها فخلّصه ، ثمّ مات في يده أو عيب ، فإنّه يضمن إن مات بيده بالتخليص أو بغيره على إشكال.

ولو خلّصه من فم هرّة أو سبع آخر ، ولم يكن هو المُغري ، فمات في يده بما ناله من السبع ، ضمن على إشكال. ولو كان بالتخليص ، لم (١) يضمن على تردّد في الحرم ، ويرجع إلى إثبات اليد.

ولو فتح الباب على صيد فدخل عليه سبع فقتله ، أو رفع شيئاً حاجباً عن الوصول إليه ، فوصل إليه مع قصد ذلك ، ضَمِنَ ، وإلا فلا على إشكال.

ومثل ذلك ما لو أجرى ماء أو أجّج ناراً يمنع الصيد عن الهرب ، أو سدّ الماء المباح عنه ، فمات من العطش ، وكذا لو زرع زرعاً أو غرس شجراً أو أنبت نباتاً ، فجاء الصيد يطلبه ، فمات. أمّا لو حمل طعامه أو حصد زرعاً أو سدّ بابه المملوك فلا ضمان.

ومنها : الدالّ على الصيد ، وأغرى الكلب به ، وهو مُحرم أو مُحلّ ، والصيد في الحرم ، وسائق الدابّة ، والواقف بها راجلاً أو راكباً إذا جَنَت على الصيد بأيّ عضوٍ كان من أعضائها ، والقائد والسائر (٢) راكباً إذا جَنَت برأسها ومنه رقبتها أو صدرها أو يديها والمُغلق على صيد من الطيور حمامها وغيره أو غيرها ، وموقد النار ، ومُجري الماء ، وواضع ما يسبّب الزلق ، إذا ترتّب عليها إتلاف أو جرح ، يترتّب عليه الضمان.

ولو أغرى كلباً على صيد في الحرم وهو في الحلّ ، ضمن. ولو أغراه عليه ، وهو في الحلّ ، فدخل الحرم وتبعه حتّى جنى عليه في الحلّ ، لم يضمنه ، ومع جهل الحال

__________________

(١) في «ح» : ثم لم ، وقد تقرأ في «ص» : ثمّ.

(٢) في «ح» : السائق.

٦٠٠