كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

مخصوصاً ، صحّ ، وشغلت ذمّته له ، غير أن الشبهة فيه أقوى ممّا تقدّمه.

ويجري مثل ذلك في المال المرهون والمحجر عليه مع إجازة من له الولاية (ولا يجزي مجرّد التبرّع إلا مع التلف ففيه وجه) (١).

ويُشترط فيها التعيين في أنواع العبادات ، ولا يجوز الترديد بين عبادتين فما زاد إذا لم يكن بينهما تجانس ، فلو ردّد بين الخُمس والزكاة مثلاً لم يصحّ (ولا مانع في آحاد الصنف أو العبادة فيها. وفي الترديد بين أصناف الواحد إشكال) (٢).

ولو علم أنّ عليه شيئاً من عبادة مخصوصة ، نواها عمّا يطلب به ، ويُحتسب له في علم الله. ومع الجهل المطلق إن كان له طريق تخلّص فَعَلَه ، وإلا لزم التكرار مع الحصر حتّى تفرغ ذمّته. ولو كان وليّاً أو وكيلاً عن متعدّدين ، فإن أمكن تمييزهم بوجهٍ من الوجوه ، لزم ذلك ، وإلا دفع المطلوب ، وأحال الأمر إلى علّام الغيوب.

ولو كان عليه حقّ مُبهَم كنَذر ونحوه ، وجهل جنسه ، فإن كان جهلاً مطلقاً لا يمكن تشخيصه بالمرّة ، انحلّ النّذر ؛ وإن دارَ بين آحاد محصورة ، لزم إعطاء ما به يحصل يقين البراءة.

ولو دفع شيئاً عن نوعين مُشاعاً ، لزم تعيين السهمين ؛ ولو علم جنسه وجهل قدره ، أعطى ما تيقّنه ، والأحوط إعطاء ما به يحصل يقين البراءة. ولو علمهما (٣) وجهل وجهه لحق حكمه بمجهول المالك ، يُسلّم إلى الفقراء.

ومنها : أنّه لو دفع زكاةَ مالٍ ، فنسي فدفعها مرّة أُخرى ، جازَ احتسابها من الأُخرى ، في وجه قويّ ؛ أمّا لو دفعها لاشتباه التعلّق قبل الوقت ، فلا.

ومنها : أن تكون النيّة (بالتسليم أو) (٤) الاحتساب بعد دخول وقت العمل ؛ فإن دفع قبله أو احتسب لم يُحسب له ، مخطئاً كان أو متعمّداً ، إلا باحتساب جديد مع بقاء العين ، أو بقاء

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٣) في «م» ، «س» : علمه.

(٤) بدل ما بين القوسين في «س» : والتسليم قبل ، وفي «م» : بالتسليم قبل.

١٢١

شغل الذمّة ؛ لعلم المدفوع إليه بذلك.

ولو دفعها قرضاً وعلم المدفوع إليه بذلك ، احتسبها عليه بعد دخول الوقت ، مع بقاء قابليّته ، مع التّلف وبدونه ، وإن شاء استوفاها منه على الحالين.

ولو لم يعلم وبنى على الظاهر من كونها هبة ؛ فإن تلفت وجبت الإعادة ، ولا شي‌ء على المدفوع إليه ، وإلا فإن صدّقه المدفوع إليه (مقرّاً بالعلم قبل التلف ، وعدم علم الدافع بحاله) (١) كان له الاحتساب عليه مع بقاء قابليته إلى حين الاحتساب ، وله الأخذ. وإن كذّبه وكان ممّا يمكن الرجوع به ، كهبة الأجنبي مثلاً ، فله أن يسترجع في ظاهر الشرع ، ويُحتسب مع حصول الشروط ، وإلا فلا يبعد تقديم قول المدفوع إليه بيمينه ، وكذا لو اختلفا في أنّ الدفع هل كان بعد دخول الوقت ، أو لا.

ومنها : اشتراط عدم ردّ المدفوع إليه ، فلو علم بكونها خُمساً أو زكاة أو نَذراً مثلاً ، وردّها لم تُحتسب ، ويقوى في الاحتساب في الدين عدم مانعيّة الردّ مع العلم حين الدفع أو بعده. ولو دفع شيئاً منها غيرَ معلمٍ بوجهه ، جاز احتسابه ؛ ولو علم بعد ذلك ، فالأقوى عدم جواز ردّه.

ولو ظهر عدم (قابليّته للدفع) (٢) إليه ، ولم (٣) يكن أعلمه حتّى تلف ، فلا شي‌ء له (٤). وإذا لم يكن من الدافع تقصير ، فلا ضمان عليه على الأقوى. ولو تقدّم منه أنّه لا يأخذ شيئاً ، من خمس أو صدقة مثلاً ، فدفع إليه من غير إعلام ، فالأقوى عدم البأس ، وحصول البراءة.

ومنها : اشتراط البلوغ والعقل (٥) وقد مرّ بيانه والرشد في الدافع ، واشتراط الأوّلين في الأخذ ، ويدفع الولي أو يأخذ عن المولّى عليه ، ولو كان الجنون أدواريّاً أو

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٢) في «م» ، «س» : قابلية الدفع.

(٣) في «س» : ولو لم يكن.

(٤) في «س» : فلا شي‌ء عليه.

(٥) في «ص» زيادة : من المعطي والآخذ ، ولو تعلّق حق فيما يملكانه تولّى الولي النيّة في الإيجاب أو الاحتساب ، ويتولّى أيضاً القبول.

١٢٢

السفه كذلك ، تولّى أمر نفسه حال الصحّة (١) ، والولي حال الجنون أو السفه.

ولو شكّ في بلوغه أو عقله أو سفهه ، لم يصحّ دفعه ، والأحوط مُراعاة إذنهما معاً (وإن حصل الشكّ مع تراخي الزمان في أنّ ما صنعه كان حين البلوغ والعقل ، أو لا ، فالقول بالصحّة هو الوجه ، والقول بالفساد ضعيف. وهكذا الحال في جميع العبادات والمعاملات الصادرة منه) (٢).

ولو شكّ في أنّ دفعه السابق بعد تجاوز المحلّ هل كان مع القابليّة أو لا ، بنى على الصحّة.

ومنها : اشتراط إباحة (٣) الدفع ، فلو دفع من مال الغير بغيرِ إذنه ، أو من المرهون والمحجور عليه (٤) ونحو ذلك ، ولم تتعقّب الإجازة ، بطل (٥) ، ولو تعقّبت صحّ. وأمّا لو دفع في أرض محصورة مغصوبة أو فضاء كذلك ، أو دار ، أو فراش ، أو في كيس مغصوب (٦) ونحوه ، أو كفّ مغصوبة ، فالأقرب البطلان ، ولا أثر للإجازة ، وفي مثل الفراش واللباس إشكال.

ولو احتسب بعد الدفع ، أو احتسب ديناً في الذمّة ، أو فعل ذلك مع مضادّته لواجب ، فالأقوى الصحّة ، ومع فساد الدفع وبقاء (العين واعتراف المدفوع إليه بالفساد ، له الرجوع بالعين واحتسابها عليه ، مع بقاء) (٧) قابليّته. ومع التلف لا رجوع عليه إلا مع علمه وجهل الدافع. ولو كان جاهلاً بالغصب وحصول المانع ، وقع دفعه في محلّه ، واحتسب له ممّا عليه.

ومنها : أنّه إذا شكّ في شرطٍ أو شطرٍ فلا يدري هل عمل رياءً مثلاً أو لا ، أخلّ

__________________

(١) في «ص» زيادة : ولو شكّ في البلوغ والعقل ودفع مع الشك لم يبنِ على الصحّة.

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٣) في «ص» زيادة : ما قارن النيّة من الدفع أو الاحتساب.

(٤) في «ص» زيادة : أو ممّا تعلق به حق الغرماء.

(٥) في «ص» زيادة : إذ حكمه حكم الدفع من مال الغير.

(٦) أضفناها من «ص».

(٧) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

١٢٣

بشي‌ء من المدفوع مع سبق بنائه على التمام أو لا وكان كثير الشكّ ، أو مضى له بعد الدفع فاصلة معتبرة ، فلا اعتبار بشكّه فيهما ، ومع بقاء المحلّ واعتدال المزاج يأتي بالمشكوك به في الباقي ، ولو شكّ في أصل الدفع بنى على العدم.

وإن علم أنّ في ذمّته حقّا ، ولم يعلم ما هو ، فإن أمكن التخلّص ، كما إذا دار بين نصفي الخمس ، وأعطى لفقراء بني هاشم بنيّة دفع اللازم ، أو بين الخمس والزكاة والدافع هاشميّ ، فيدفع إلى طائفته ، أو من غيره إلى هاشميّ مع اضطراره ليكون ممّن يجوز أخذ الزكاة له من غير الهاشمي.

وإن لم يمكن ، قام احتمال القرعة والتوزيع على النسبة ، وإدخاله في مجهول الحال (١) ، فيكون صدقة للفقراء. وخير الثلاثة أوسطها ، والبناء على التكرار أوفق بالاحتياط. ولو كان الشكّ في وجوه غير محصورة ، فالأقوى الأخير (٢).

ومنها : أنّه لو شكّ في تحقّق شرط في نَذر أو نصاب في زكاة أو خمس أو غيرها فيكون شاكّاً في أصل شغل ذمّته لم يجب عليه شي‌ء.

ولو علم بالشغل ، وشكّ في المقدار ، فالأقوى وجوب الاختبار بالنظر في حسابه وكتابه ، وترك العمل على الأصل. ومع التعذّر ورضا المجتهد ورضا صاحب المال يتولّى الصلح المجتهد عن أهل الحقوق مع صاحب المال (٣).

__________________

(١) بدلها في «م» ، «س» : المالك.

(٢) في «ص» زيادة : ومنها : أنّه إذا شكّ بعد التسليم في شي‌ء منها خمس أو زكاة أو غيرهما ، فإن كان بناؤه على فراغ الذمّة بذلك ، كأن كتب ذلك أو أخبر به الأداء ثم حصل له الشك وكان كثير الشك فلا اعتبار بشكه مطلقاً ، وكذا إن كان بعد مضيّ العمل مطلقاً إن كان شرط أو مانع بفاصلة معتبرة أو دخول في عمل آخر إن كان في شرط ، وإن كان في محلّه أتى بالمشكوك به ، وإن لم يكن على حالة الفراغ أتى بالمشكوك من الأجزاء.

ولو شك في أصل العمل فلم يعلم أنّه أوصل شيئاً أو لا أتى بالمشكوك.

ولو علم بشغل ذمّته ولم يعلم بأنّه زكاة أو خمس أو غيرهما ، فإن وجد جهة جامعة نوى عن الواجب ودفع ، كما إذا دار بين الخمس والزكاة مثلاً وكان المعطي والآخذ هاشميين ، وإلا بنى على القرعة ، والقول بالقسمة على نحو الصلح القهري غير بعيد ، ولو شك في شغل ذمّته ، فلا يعلم أنّ عليه حقّا أو لا ، بنى على العدم.

(٣) في «ص» زيادة : ولو كان شكّه لجهل مقدار ما في يده ، فالأقوى وجوب استعلام قدره بضبط دفتره ، ولو علم بشغل ذمّته وجهل مقداره ، لزمه أداء المتيقّن ، والأحوط إجراء صيغة الصلح مع المجتهد أو نائبه. ولو شكّ في الجنس ، بأن لا يعلم أنّ في ذمّته تمراً أو شيئاً من الحقوق أو نحو ذلك ويخل بإعطاء جميع المحتمل ، وأمكن التخلّص بالقيمة ، وجبت عليه القيمة الدنيا ، والأحوط توزيع القيمة بنسبة محل الاشتباه ، والأولى منه في باب الاحتياط إعطاء القيمة العليا. ولو شكّ فيما يلزم فيه العين بين أعيان ، وأعطى من الجميع ؛ طلباً ليقين الفراغ ؛ ولو تعذّر ذلك ، أعطى من القيمة على الأقوى.

١٢٤

ومنها : أنّه لو شكّ في جنس الواجب عليه ، هل هو من الجنس أو النقد ، من الحيوان أو غيره ، فإن أمكن التخلّص بإعطاء القدر المشترك من القيمة في مقام إجزائها ، أدّاها ؛ وإن لم يُمكن ، ودار بين المحصور ، قامَ احتمال القرعة ، والتخيير ، والتوزيع ، وإعطاء الجميع ، والقيمة ، والأقوى الأخير ؛ ولو دارَ بين غير المحصور ، لزم إعطاء القيمة.

منها : أنه لو أخبره وكيله بحصول الشروط في محالّها أو عدمه ، يقبل خبره ، عدلاً كان أو فاسقاً (١). ولو قامت البيّنة العادلة من خارج ، فعليها العمل.

ويقوى الاعتماد على خبر العدل أيضاً.

ومنها : أنّه يجوز أخذ الأمين والحاكم ، والساعي (٢) من مال من في عين ماله أو في ذمّته شي‌ء من الحقوق الواجبة وقد امتنع عن أدائها بإذن المجتهد (أو من قام مقامه ، ومع تعذّر ذلك يجوز له حسبة ، ويرجع في مصرفه إلى المجتهد) (٣) فإن تعذّر فإلى عدول المسلمين. ومن كان عليه دين لهذا المانع فله إنكاره وتسليمه بيد المجتهد ، وتبرأ ذمّته حينئذٍ. وإن كان الأخذ مديوناً للمانع أو فقيراً أو من بعض أهل المصارف ، أخذَ لنفسه ، أو احتسب عليها بإذن المجتهد.

ومنها : أنّه لا يجوز الاحتيال في إعطاء الأموال ممّا يتعلّق بالعبادات ، من زكوات ، وأخماس ، أو مظالم ، أو باقي ضروب الصدقات ، كأن يبيع على المستحقّ جنساً بكثير من الثمن فيحتسبه عليه ، وإلا لأمكن فصل زكوات أهل الدنيا ومظالمهم بتمليك مقدار مل‌ء فم الفقير المستحقّ للزّكاة ونحوها المشرف من العطش على التلف ماء ، أو

__________________

(١) في «ص» زيادة : على إشكال في الأخير ، ومع قيام البيّنة يجب القبول ، وفي خبر العدل الواحد إشكال.

(٢) في «ح» ، «ص» : التارق ، بدل الساعي

(٣) ما بين القوسين ليس في «م».

١٢٥

المستحقّ للخُمس كذلك بألف ألف كرّ من الذهب أو أكثر ، ثمّ احتسابه عليهما دفعةً أو تدريجاً في الأوّلين ، أو تدريجاً في الأخير ، وكذا الكلام في باقي الصدقات في النذر وغيرها.

وأمّا الاحتيال في نفي الشروط كالصياغة (١) ، والعلف ، والعمالة ، والتمليك للغير في أثناء الحول (٢) ، وهبة البعض لئلا يتمّ النصاب ، ورفع شي‌ء علّق عليه النّذر ، أو العهد أو اليمين فلا بأس به.

وأمّا الاحتيال في الإتلاف ونحوه قبل تحقّق شرط النذر ونحوه ما لم يعلم عدمه ففيه إشكال. والقول بالتحريم لا يخلو من قوّة.

ومنها : أنّ مُدّعي الفقر ليأخذ ممّا يستحقّه الفقراء من زكاةٍ ، أو خمسٍ ، أو نذورٍ لهم ونحوها ، أو كفّارات أو نحو ذلك ، يُبنى على تصديقه. وأمّا مُدّعي النسب أو السبب ، كالعروبة ، وضدّها ، أو البلد ، أو المحلّة ، أو الصفة ، ونحوها حيث يتعلّق بها النّذر وشبهه ، من وقف أو غيره ، فالظاهر قبول دعواه ، والأحوط طلب البيّنة عليه.

ولو تعلّقت الدعوى بحقّ مخصوص ، كأن يدّعي الغنى ليقترض من الوليّ مال المولّى عليه ، أو العدالة ليأتمن ماله إلى غير ذلك ، فلا تُسمع دعواه بلا بيّنة (٣).

__________________

(١) في «ص» زيادة : لدفع وجوب الزكاة.

(٢) في «ص» زيادة : وإبطال السوم.

(٣) في «ص» زيادة : ومنها : اشتراط الفقر فيما هو شرط فيه بالأصل كالزكاة والخمس في غير محل الاستثناء كما سيجي‌ء بيانه ، أو بالجعل كنذر أو وقف متعلّقين به أو نحوهما. ويجوز إعطاء الفقير في غير الخمس وفي غير ما عين فيه المقدار ما يكفيه مدّة عمره أو يزيد ، وأما فيه فلا يزاد على مئونة سنته.

ومنها : أنّ الزكاة الواجبة المالية والخمس والنذر المعين ونحوهما مما يتعلّق بالعين ، فلو أدخل فلساً منها مع عدم العزم على إعطاء مقابله في قيمة دار أو بستان أو حمام أو مزرعة أو مركب أو ملبوس أو نحوها ثمن كلّ واحد ألف دينار أو أكثر جرى عليه حكم المغصوب ، فلا تصح فيها صلاة ولا غسل ولا وضوء ولا تغسيل ولا زكاة ولا جهاد ونحوها من الأعمال المشروطة بالنيّة.

ومنها : أنّه لو دفع شيئاً منها قبل وقته من زكاة أو خمس أو نذر ونحوها ، لم تصح ؛ ولو قصد القرض وأخبر المدفوع اليه وحصل الاستحقاق مستداماً أو متجدداً بعد دخول الوقت ، جاز احتسابه عليه ، وكذا لو لم يخبره وبقيت العين ، والأحوط هنا إخباره وقبوله.

١٢٦

ومنها : أنّه لا يتعيّن مقدار في المدفوع إلى المستحقّ ، فيجوز دفع القليل والكثير دفعة ، ولو زاد على الغنى ، ما لم يكن خُمساً ، فإنّه (١) لا يجوز الدفع فيه زائداً على مئونة السنة ؛ وما لم يكن مأخوذاً في التزامه قدر خاصّ ، فإنّه لا يجوز تقديمه ؛ وما لم يكن فطرةٍ ، فإنّه لا يجوز فيها دفع الناقص عن الصاع إلا مع الاضطرار أو بعض الأسباب ، كما سيجي‌ء في تلك الباب.

ومنها : أنّ كلّ ما تعلّق الحقّ فيه من المال المعيّن ، من خمس أو زكاة مال أو نَذر في مال معيّن ونحو ذلك ، لا يجوز التصرّف بشي‌ء منه لإشاعته ، فيه إلا مع الضمان فيما يصحّ الضمان فيه كالأوّلين ؛ فلو اشترى بعينه أرضاً محصورة ، أو ماء كذلك ، أو داراً ، أو حمّاماً ، أو بُستاناً ، أو فراشاً ، أو ثياباً ، أو مركوباً ، أو ظروفاً ، أو نحوها ، فلا يصحّ فيه أو عليه وضوء ، ولا غسل ، ولا تيمّم ، ولا صلاة ، ولا تغسيل ، ولا جهاد ، ولا شي‌ء من جميع العبادات الّتي تستلزم التصرّف المنهي عنه من جهتها.

ولو كان الثمن مائة كُرّ من الذهب ، والداخل فيه قيراطاً منه ، جرى عليه حكم المغصوب ، في حرمة جميع التصرّفات. ولو ملك شيئاً وفي عينه حق ، تبعّضت (٢) الصفقة ، وكان للمتملّك الخيار في مقامه ، إلا فيما ضمن في مقام الضمان.

ولا يجب الإخراج من المأخوذ من الكفّار ، حربيّين أو ذميّين أو من المخالفين على إشكال ، ولا سيّما في الأخير.

ومنها : أنّ قبضَ الوكيل والوليّ قبضُ الموكّل والمولّى عليه. ولو جعل للمستحقّ شيئاً هو في يده أو يد وكيله أو وليّه ، فلا حاجة إلى إقباضٍ جديد. ولو جعل الوليّ شيئاً في يده للمولّى عليه ، حصلَ القبض من غير نيّة على الأصحّ.

ومنها : أنّ القبض شرط في جميع (٣) الأموال المدفوعة بقصد القربة من واجب أو سنّة ، فلا يُملك شي‌ء منها إلا بعد الإقباض ، ولا يكفي في ذلك مقاولة ولا عقد.

__________________

(١) كلمة «لا» : غير موجودة في «س».

(٢) في «م» ، «س» : نقصت.

(٣) في «ص» زيادة : ما يدفع من.

١٢٧

ولا يجوز القبض من دون إذن من المالك أو الوكيل أو الوليّ ، ولو قبض بدون ذلك توقّف على الإجازة ، ويصحّ حينئذٍ على الأقوى.

ومنها : أنّ من أهدى ثواب شي‌ء منها إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو أحد الأئمّة عليهم‌السلام ، أو أحد الأنبياء أو الأوصياء أو الأولياء أو غيرهم ، فقد وصلهم في مماتهم. ولعلّه أفضل من الوصل في حياتهم ، وكذا الأرحام والجيران والأصدقاء.

ومنها : أنّ العاجز إلا عن بعضها يُقدّم الراجح ، ولو قدر على الجمع أو التكرار للأفضل ، كان الجمع أفضل.

ومنها : أنّه ينبغي له الاقتصاد ، فلا يُسرف فيها ، فيقعد ملوماً محسوراً.

ومنها : أنّ من ليس له سوى السؤال لعدم المال ، كان الراجح له ترك مندوباتها ، والاقتصار في السؤال على قدر الضرورة.

ومنها : أنّها إذا تعلّقت بغير الله ، من نبيّ أو وصيّ أو وليّ مع قصد التعبّد لهم ، بطلت (١) ، وبعثت على العصيان ، وإن كان المراد في الحقيقة التعبّد لله فلا بأس (٢).

ومنها : أنّ ما تعلّق بالفقر ، من خمس ، أو زكاة ، أو نذور ونحوها ، مشروطة به ، يُشترط في المدفوع إليه أن لا يملك مئونة السنة اثنا عشر شهراً هلاليّة مع عدم الانكسار ، أو أحد عشر شهراً كذلك وشهراً هلاليّاً ملفّقاً أو عدديّاً كذلك ، وهو الأقوى.

واحتمال العدديّة في الجميع ضعيف. وفي انكسار اليوم يحتمل الإتمام بيوم تامّ ، أو بمقدار ما فاتَ من الكسر ، ولعلّه الأقوى ، أو على النّحو السابق ، وطريق الاحتياط غير خفيّ.

__________________

(١) في «م» ، «س» : بقيت.

(٢) في «ص» زيادة : ومنها : اشتراط الفقر فيما حكمه الإيصال إلى الفقراء بالأصل من زكاة أو خمس في غير محلّ الاستثناء أو كفّارة ونحوها ، أو بالجعل كنذر أو عهد أو نحوهما لخصوص الفقراء ، والغنى فيما شرطه الغنى كالنذر للأغنياء ونحوه ، وهو عبارة عن عدم تملّك قوت السنة ، والقدرة على التكسّب لمن هو عادته بعمل صناعة أو كدّ بدن مما يسمّى كسباً فأجير العبادات ليس من أهل الصناعات وإن قامت بمئونته على إشكال بمنزلة الملك ، ومن عنده بستان أو حمام أو مزرعة أو تجارة لا يفي ربحها أو صنعة لا تفي بمئونة سنته فهو فقير.

١٢٨

والقادر على التكسّب بحيث لا يفي بمئونته ، تجارة أو صناعة أو نحوهما ، ومن كان قابلاً لتعلّم الصنعة وكدّ البدن ، ولم يكن من عادته ؛ دخل في سهم الفقراء ، والأحوط تخصيص غيره به.

ومَن صنعته الدخول في إجراء العبادات ، من الصلاة ، والصيام ، والحجّ ، والزيارات ، ونحوها ، إن اتّخذها صنعة وأغنته ، خرجَ من صفة الفقر.

ومن عنده بستان أو حمّام أو دار مثلاً يستغلّها ولم تفِ غلّتها به ، أو رأس مالٍ لا يفي ربحه بمئونة سنته ، ويكون فعله موافقاً لرأي العقلاء ، فهو من الفقراء.

وقد علمت بالمقابلة حقيقة صفة الغنى ، فإذا تعلّق نَذر أو نحوه بمن فيه تلك الصفة ، اعتبر فيه تملّكه لمئونة السنة. وكلّما يُعتبر من القيود في العهود ، فالمدار على حصولها.

ومنها : أن يكون المُعطَى بفتح الطاء غير واجب النفقة على المعطِي بكسرها (١).

ويقوى الجواز في واجب النفقة على غيره ، بل في القسم الأوّل أيضاً ، سوى الزوجة الدائمة والعبد ، والأحوط خلافه فيما يتعلّق بالإنفاق.

ولا بأس بدفعها إلى غير الإباء والأُمّهات والذراري من الأرحام ، وإن دخلوا في العيال عُرفاً.

ولو وجبت نفقته بنفسه دون عياله ومماليكه وسائر واجبي النفقة عليه ، بل جميع من كان في عياله ، ولو بالالتزام العادي أو العُرفي ، جازَ أخذه ليدفعها في مصرف من يُنفق عليهم ، وجاز لهم مع فقرهم أخذها. ولو حصلت ضرورة زائدة على النفقة ، جاز أخذها للجميع.

ومنها : إسلام الدافع وإيمانه ، وكذا عدالته حيث يكون وصيّاً أو وكيلاً (٢) ؛ لتولّية النيّة ، وهو غير مأمون ، فلا يحصل بدفعه يقين فراغ الذمّة ؛ لابتنائه على صحّة النيّة ، وهي خفيّة. وللقول بالاكتفاء بدفع النائب الفاسق ؛ للبناء على صحّة فعل المسلم ، وجه.

__________________

(١) في «ص» زيادة : على الأقوى ، ولا على غيره على الأحوط ، حيث يكون الأخذ للإنفاق ، ولو كان لضرورة أو حاجة أُخرى فلا بأس ، والأقوى جواز إعطاء واجب النفقة على الغير ما لم يكن زوجة أو عبداً أو خادماً بنفقته.

(٢) في «ص» زيادة : على الأحوط.

١٢٩

ومنها : إسلام المدفوع إليه وإيمانه ولو تبعاً ، دون عدالته ، إلا مع توقّف منعه عن المنكر على منعه ، ولا يُشترط الأوّلان في المؤلّفة ؛ لأنّهم قوم من الكفّار ، ولا في الصدقات المندوبة ولا الواجبة المتعلّقة بهم. وتُشترط العدالة في العمالة. وسيجي‌ء بيانها في محلّها. والأولاد يلحقهم حكم الآباء (١).

ومنها : رجحان الإظهار في واجباتها مع أمن الرياء والعُجب ، والإسرار في مندوباتها (إلا أن يكون ممّن يُقتدى به ، وتختلف المرجّحات باختلاف المقامات) (٢). وربّما جرت الأحكام الخمسة فيها.

ومنها : استحباب تسليمها واجباتها ومندوباتها بيد المجتهد (٣) ، ولا يجب ذلك على الأقوى إلا في حصّة صاحب الزمان روحي له الفداء من الخمس ، أو ما قيّد تسليمها بيده في نَذر أو شبهه.

ومنها : أنه يجوز (٤) للمجتهد أن يقترض على الوجوه عامّة وخاصّة ، ثمّ يستوفي منها مع قصد شغل ذمّته وبدونه.

ومنها : عدم تعيين الردي‌ء للإنفاق (٥) إلا إذا قيّد في باب الالتزام ، ويجزي الوسط ، والأولى الإعطاء من الأعلى.

ومنها : أنّ الممتنع عن أداء الواجبات يجبره المجتهد ، أو من قام مقامه (٦) ، ويتولّى الأداء والنيّة عنه مع امتناعه ؛ ويؤدّي عن الغائب (٧) مع لزوم التعطيل بانتظاره ، ويتولّى

__________________

(١) في «ص» زيادة : ومنها : عدالة الآخذ في الزكاة في وجه قويّ ، والأقوى عدمه ، وفي غيرها لا تلزم إلا أنّه ينبغي حرمانه إن رجا التأثير في تجنّبه فعل المنكر ، فيكون من النهي عنه في وجه قويّ.

ومنها : رجحان الستر في المستحبّات منها ، والإجهار في الواجبات ، كلّ ذلك مع الأمن من الرياء والعُجب ، والأولى ملاحظة المرجّحات ؛ لاختلافها باختلاف المقامات.

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٣) في «ص» زيادة : لأنّه أعرف بمواقعها.

(٤) في «س» ، «م» : لا يجوز.

(٥) في «ص» زيادة : بل يعطي من الأوسط والأعلى من الأعلى.

(٦) في «ص» زيادة : أو عدول المسلمين.

(٧) في «ص» زيادة : مع العلم بعدم الأداء وبعد السفر ممّا تعلّق بالعين أو الذمّة على نحو الدين والوجوب الشرعي.

١٣٠

عنه النيّة. ولو قيل بعدم التوقّف على النيّة فيه وفي جميع أنواع الجبر (١) لم يكن بعيداً ؛ إذ العبادة إنّما تتحقّق بفعله ، وهو من باب الاستيفاء والمقاصّة (٢).

ومنها : أنّه لا يجوز للمضطرّ الامتناع عن أخذها ، والممتنع عنها كمانع أداء الواجب منها ، بل يجب عليه طلبها عند ذلك.

ومنها : أنّ الأولى تخصيص مَن في البلد الّتي توجّه الخطاب فيها ، ولعلّ الأفضل تخصيص أهل البلد بها (٣).

ولا يجوز تأخير ما تعلّق به سهم على نحو الشركة مع وجود محلّه (٤) ، وعدم المانع من تسليمه على نحو يفضي إلى التعطيل. ومع الامتناع لو عزله ولم يفرّط وتلف لا ضمان عليه.

ولو نقله إلى غير البلد مع عدم التخصيص ، ومع عدم الإفضاء إلى التعطيل ، وإمكان إيصاله في البلد جاز ، وضمن مع التلف إن لم يكن مجتهداً أو مأذوناً منه ، ومع الالتجاء لا ضمان.

ومنها : أن الأولى ترجيح الأرحام ، ثمّ الجيران ، ثمّ الأصدقاء ، ثمّ شديدي الاحتياج ، ثمّ العلماء ، ثمّ الصلحاء ، ثمّ الأقرب إلى الله فالأقرب (٥). والأولى التشريك بين الأرحام ، وغيرهم ، وتختلف المراتب باختلاف قوّة الصفة وضعفها وكثرتها وقلّتها ، فقد يُقدّم مُؤخّر ، وقد يُؤخّر مُقدّم ، والمدار على الميزان.

ومنها : تخصيص الأجلاء بما يُناسب حالهم ، من إعطاء كِرام الأموال جنساً ،

__________________

(١) في «س» : الخير.

(٢) في «ص» زيادة : ومنها : أنّ الفقير لا يجوز له ردّها مع الاضطرار ، ولا ينبغي مع الحاجة ، ولو قصد الترفّع والتكبّر عنها أثم ، ما لم يكن بوجه لا يناسب حاله.

(٣) في «ص» زيادة : وينبغي المبادرة في مستحبّها ، ويجب في واجبها على وجه لا يعدّ متهاوناً ، ويضمنها مع ذلك ، ويجوز نقلها مع الضمان على وجه لا يستدعي تعطيلاً كلّياً ، والأولى تركه.

(٤) في «س» : علّة.

(٥) في «س» زيادة : وهكذا ، ومنها رجحان الاحتياط من جهة دخول النقص على آخذها ، بل كلّ ما زاده إكراماً ودفع مخصصاً عنه ، ازداد أجراً وثواباً.

١٣١

ووصفاً ، وقدراً ، وكيفيّة. وكلّما زاد في إكرام المُعطَى من المؤمنين كان أولى.

ومنها : رجحان الابتداء بالواجبات (١) ، ثمّ الأهمّ فالأهمّ من المندوبات. ويتعيّن الابتداء بالواجب ، بل الأوجب إن خاف العجز عن الأداء بعد الأداء.

ومنها : رجحان ألا يجعل للشيطان عليه سبيلاً ، وربّما وجب. ومن سبيله : إعطاء من يخدمه ، ومن يعظّمه ويكرمه ، أو يطعمه ، أو يقضي مطالبه ، ويتكفّل مأربة ، فإنّه يُخشى أن يكون قصدَ الدفع بمال الله عن ماله ؛ فإن أراد إبعاد الشيطان ، وفّى الأُجرة وجزاء الإحسان من ماله ، ثمّ دفع من وجوه القربة ما هو الموافق لحاله.

ومنها : استحباب الدعاء (٢) لكلّ من أعطى شيئاً من الأموال مُتقرّباً إلى ذي العزّة والجلال من كلّ من وصل إلى يده الحقّ ، من مجتهد أو نائبه أو المستحقّ ؛ لتشتدّ الرغبة في الإعطاء ، ولدخوله في (٣) حسن الوفاء ، ولتخرج عنه غصّة دفع المال ، ولتسكن فَورتُه بعد اضطراب البال ، وليرغب من سواه ، وقد أمر به الله.

ومنها : مُراعاة المرجّحات في الزيادة والنقصان من جهة غرامة أو كثرة عيال ، أو لأنّه عاشَ مرفّه الأحوال وقد كان من أهل الدّول ، فشمله قولهم عليهم‌السلام : «ارحموا عزيزَ قومٍ ذلّ» (٤).

ومنها : أنّه تُشترط الحرّية في كلّما يعطى للتمليك ، ولا يجوز أخذ العبد لنفسه ولا سيّده له ، حتّى لو كان المملوك هاشميّاً لاشتراط رقيّته على أبيه (٥) على القول بمضيّه فيه ، أو لكونه من ذراري أبي لهب ، أو لم يكن مسلم في سلسلة النسب لم يجز أن يأخذ من سهم الهاشميّين ، وكذا غيره من (٦) الفقراء والمساكين. وإذا دفع إلى المبعّض صحّ منه ما قابل الحريّة.

__________________

(١) في «ص» زيادة : قبل الندب.

(٢) في «ص» زيادة : من المدفوع إليه.

(٣) في «ص» زيادة : مكارم الأخلاق و.

(٤) الكافي ٨ : ١٥٠ ح ١٣١ ، قرب الإسناد : ٦٦ ح ٢١٠ ، كنز العمال ١٥ : ٨٣٠ ح ٤٣٢٩٩.

(٥) في «س» : الله.

(٦) في «م» ، «س» زيادة : سهم.

١٣٢

ومنها : أنّه يجوز الأكل والأخذ من مال تتعلّق الزكاة والخمس وغيرهما بعينه بقصد الاستنقاذ من الممتنع عن الأداء في الدفع والاحتساب ، كما يجوز من كلّ غاصب. والأحوط مراعاة إذن المجتهد أو نائبه بعد العلم بهما مع الإمكان ، وبعد ذلك يدفعه إلى المستحقّ. ولو كان مستحقّاً ، جاز له الاحتساب على نفسه مع إذن المجتهد أو من قام مقامه.

ومنها : أنّ جاهل الحكم بشي‌ء من الواجبات إن لم يكن متصوّراً لها في الخِيال فليس عليه وبال ، غير أنّه بعد العلم بحقيقة الحال يجب عليه قضاء ما يُقضى من المال وغير المال. ومتى خطر في باله الإشكال ، وجب عليه السؤال.

ومنها : أنّه لو جهل ما عليه من الحقّ ، أدّى حتّى لا يبقى له يقين ببقاء شغل ذمّته ، وهذا جارٍ في جميع البدنيّات والماليّات. والأحوط اعتبار الأداء حتّى يظنّ ، بل حتّى يعلم الوفاء.

ومنها : أنّها لو أراد التخلّص من حقّ واجب عليه ولا يعلم مقداره ، صالح المجتهد عليه ؛ لأنّ أمر أرباب الاستحقاق إليه. وفي جواز التسليم حينئذٍ لوجه الصلح ، ممّا عدا حقّ الصاحب جعلني الله فداءه إلى الفقراء ، أو إلى مجتهد آخر من دون إذنه إشكال ، والأقوى الجواز.

ومنها : أنّ ما أخذ من المال ، من وجه زكاة أو خمس أو غيرهما ، إذا تحقّقت فيه شرائطُ الزكاة والخمس وغيرهما ، وجب الإخراج منه.

ومنها : أنّه لو دفعها على زعمِ قابلية المدفوع إليه ، فظهر خطوة ؛ أو إلى المجتهد ، فأخطأ ؛ فإن بقيت العين وأمكن استرجاعها ، استُرجعت ؛ وإن تعذّر ذلك ، فلا ضمان. ولو كان الخطأ لفقد شرط ، كوقت ونحوه ، أُعيدت (١).

ومنها : أنّه لا يملك شي‌ء منها قبل القبض ، ولا يختصّ بها أحد مع عمومها قبله ،

__________________

(١) في «ص» زيادة : ومنها : إنّ ما أُخذ من المال من وجه زكاة أو خمس أو غيرهما لو حصلت فيه شرائط الزكاة والخمس كما إذا بقي مسكوكاً عاما ، أو اشترى به أنعاماً وبقيت كذلك ، إلى غير ذلك وجبت زكاته ، ولو قلبه في التجارة مثلاً وربح وتمت شرائط الخمس وجب الإخراج منه.

١٣٣

فما يصنعه بعض الجهّال من إعطاء شي‌ء ممّا يجب عليه لبعض المستحقّين ، وطلب الإبراء منه أو الصلح معه لا وجه له. نعم قد يكون للمجتهد ذلك إذا رأى صلاح الفقراء.

ومنها : أنّه لا يُشترط العلم بالمدفوع حين الدفع على نحو ما يلزم بالبيع ، ويكفي فيه العلم في الجملة ، نعم تلزم معرفة ما يتوقّف عليه فراغ الذمّة.

ومنها : أنّه لو قبض شيئاً من الحقوق مختصّة بصنف ، وقد كان عند القبض داخلاً فيه ثمّ خرج عنه من حينه ، لم يجب عليه ردّه ، وإن كانت العين باقية.

ومنها : أنّه لو خرج المدفوع ناقصاً في القيمة أو مَعيباً ، جازَ للمدفوع إليه ردّه وقبوله على إشكال ، ولا سيّما في القسم الأوّل. ومع الردّ للمالك الإعطاء لغيره ، وله مع القبول إعطاء التتمّة أو الأرش ، لو قلنا به لغيره أيضاً ، والأحوط تخصيصه بذلك مع بقائه على الصفة.

ومنها : أنّه لو احتال بالدفع والردّ مكرّراً لم يجز ذلك ، ولا سيّما مع الإجحاف ، فإنّ فتحَ هذا الباب يقضي على الحقوق بالتلف والذهاب ولو قصد بالدفع إلى شخص تعدّد المدفوع إليه ثمّ العود إليه لم يجز ، وحكم الفطرة خاصّ بها ، ويبنى على المسامحة في السنن.

ومنها : أنّه لو دفع شيئاً إلى المستحقّ ، ثمّ ادّعى عدم شغل الذمّة ، أو ادّعى زيادة المدفوع على الحقّ ؛ فإن تلف ، فلا شي‌ء له مع عدم علم المدفوع إليه ، وكذا مع عدم علمهما معاً. ومع جهل الدافع وعلم المدفوع إليه ، يرجع عليه ، ومع البقاء إن صدّقه المدفوع إليه ردّه إلى الدافع ، وإلا فالقول قول المدفوع إليه. ولو ادّعى الدافع علمه حلّفه على نفيه.

ومنها : أنّهما لو اختلفا في صحّة دفعه أو (١) قبضه ، فالقول قول مدّعي الصحّة مع يمينه ، وعلى غيره إقامة البيّنة عليه. ولو اختلفا في الأصل ، فالقول قول الدافع مع يمينه.

ومنها : أنّه لو دفعها وأقبضها ، لم يجز له ارتجاعها بعد تمليكه إيّاها ؛ لأنّه استوفى

__________________

(١) في «م» ، «س» زيادة : صحة.

١٣٤

عوضها بوصول أجرها ، وليس للمدفوع إليه الردّ إلا بهبة جديدة إن كان ممّا تصحّ هبته.

ومنها : أنّه لو ادّعى الدافع أنّ المدفوع إليه غير مُستحق ، أو ليس من الصنف الّذي يدفع إليه ، كان القول قول المدفوع إليه ، والبيّنة على الدافع.

ومنها أنّه لو دفع إلى القابل وغير القابل ، أو أتى بالقابل (١) وغير القابل ، فإن كان عن جهل صحّ فيما يصحّ ، وفسد فيما يفسد ، ومع العلم إشكال.

ومنها : أنّ من ترك من يعول من واجبي النفقة ، يجوز للمجتهدين ثمّ المحتسبين القبول له ، والإنفاق عليهم ، ومع فقرهم والأخذ لهم يجوز أن يتصرّفوا به بعنوان القرض عليه ، إن كان حقّهم من (٢) حقوق المخلوقين ، كحق الزوجة ، دون الأرحام.

ومنها : أنّه يجوز للمُجتهد طلب الزكاة وإرسال السعاة ، ويلزم التسليم إليه وإليهم ، إن لم يكونوا سلّموها ، ويقوم مقام الإمام في الأحكام ، وكذا في الخُمس ، وجميع حقوق الفقراء ؛ لأنّه وليّهم ، وحضوره عبارة عن حضورهم.

ومنها : أنّه يجوز له جَبر مانعي الحقوق ، ومع الامتناع يتوصّل إلى أخذها بإعانة ظالم ، أو بمَعونة الجُند ، ؛ كما لهُ أن يتوصّل بذلك في تحصيل حقوق المظلومين ؛ لأنّ الأصل عدم جواز التسليم إلى غير المُجتهد في الحقوق العامّة ، إلا ما قامَ الدليل على خلافه.

ومنها : أنّه لا تجب الصيغة في الدفع ، ولا مُطلق اللفظ ، بل يكفي مُجرّد التسليم.

ومنها : أنّه يجوز التوكيل في إعطاء الحُقوق وأخذِها.

ومنها : أنّه لو دفعَ مُجتهد أو مُقلّد إلى مُستحقّ شيئاً بزعم استحقاقه ، أو قبل الوقت بزعم دخوله ، ثمّ انقلبَ رأي المجتهد ، وهكذا ؛ فإن كان لدليلٍ قطعيّ ، نقضَ اجتهاده ، وأعادَ التأدية مع بقاء المدفوع ، وتقليد المدفوع إليه إيّاه. ولو كان لظنيّ ، مضى الأمر بما فيه ، كما لو كان لقطعيّ وتلف لعدم تقصيره.

__________________

(١) بدلها في «م» ، «س» : في المقابل.

(٢) في «م» ، «س» زيادة : جنس.

١٣٥

ولو تعارض رأيُ الفاضل والمفضول قبل الدفع ، فالعمل على رأي الفاضل ، ويجوز الأخذ بقول المفضول مع عدم إمكان الرجوع إلى الفاضل ، ومع إمكانه في غير بلد ، وفي البلد الواحد على إشكال ، كلّ ذلك بشرط عدم العلم بمخالفة رأي المفضول لرأي الفاضل ، وإلا تعيّن العمل بقول الفاضل.

ومنها : أنّ العبادات الماليّة الواجبة تُقدّم على الوصيّة ، وتُخرج من دون وصيّة ، ولا يُعارضها شي‌ء من الماليّة المستحبّة ، ولا من البدنيّة ، واجبها ومُستحبّها.

ولو أوصى بها وبغيرها ، قُدّمت في الوصيّة ؛ ولو تعارضت مع الديون أو بعضها مع بعض ، وزّع على الجميع ؛ ومع التعارض وقت الحياة ، يُقدّم الأهمّ فالأهمّ.

ومنها : أنّ مَن كانَ عليه أموال واجبة تعلّقت بأعيان أمواله ، من حيّ أو ميّت ، وقصّر في إعطائها حتّى تلفت ، وليس عنده شي‌ء يدفع منه عوضها فقير يُعطى من مال الفقراء ؛ ليفرّغ ذمّته. وكذا من كانت عليه حجّة إسلام أو كفّارات أو نذور ونحوها ممّا يَتعلّق بالذمّة ، ثمّ ذهبت أمواله.

ومنها : أنّه لو علم أنّه كانَ على الميّت واجبات ، ولم يعلم بأدائه ولا عدمه ، لم يجب أداؤها عنه ، للخالق كانت أو للمخلوق ، مع عدم المُدّعي.

ومنها : أنّه لو دفعَ منها شيئاً وخالف التقيّة في دفعه ، بطل عَملُه.

ومنها : أنّه إذا اختلفَ قصد الدافع والمدفوع إليه ، فالمدار على قصدِ الدافع مع عدم المرجّح.

ومنها : أنّه يصدّق المالك في دعوى انتفاء بعض شرائط الوجوب ، ولا يبقى للساعي اعتراض.

ومنها : أنّه لو تصرّف بشي‌ءٍ يجب أداؤه فأعسر ، حرمت مُطالبته ، وساوى الديون.

ومنها : أنّه لا يجوز التداخل في أقسامها ، فلا يدفع شيئاً ، ويحتسبه عن عبادات مُتعدّدة.

ومنها : أنّه لا يجوز العدول في النيّة من عبادة ماليّة إلى أُخرى بعد الإقباض ، إلا أن يرجع المال من المدفوع إليه إلى الدافع بتمليك جديد.

١٣٦

ومنها : أنّه لو تعبّد بإعطاء مالٍ واستثنى منفعته له مُدّة معيّنة في غير الواجب (ولم يكن مانع) (١) استثناءً لا يُنافي نيّة القُربة ، كان جائزاً (٢).

ومنها : أنّ مئونة النقل على المالك ، إلا مع خوف الفساد ، إلا مع كونه مجتهداً أو عن إذن المجتهد ، فإنّ المئونة على المصرف مع مُراعاة المصلحة ، والعمل بالولاية. ولِلحُوق المحتسبين وجه.

ومنها : أنّه يجوز دفع ما به تحصُل كفاية سنين ، من جميع الحقوق الخالية عن شرط سائغ مُنافٍ ؛ سوى الخمس فإنّه لا يجوز دفع ما يزيد على كفاية السنة منه.

ومنها : أنّ المؤن تخرج من المالك ، مع عدم الشرط السائغ ، إلا في الخمس ، والزكاة على نحو ما سيجي‌ء.

ومنها : أنّه لا يجوز دفع مملوك مسلم ، أو قران ، أو شي‌ء محترم ، إلى كافر ذميّ أو غيره ، ولا دفع الأوّل إلى غير أهل الحقّ ، وفي الباقي إشكال.

ومنها : أنّه ينبغي عدم إعانة الزوجة الناشزة حتّى تلجئها الحاجة إلى زوجها. وكذا العبد الابق ، وجميع أهل المعاصي ؛ ليرجعوا إلى الطاعة ، ويتركوا المعصية.

الباب الثالث : في الزكاة

وهي في الأصل بمعنى النموّ والزيادة ، أو الطهارة (٣) ، فسُمّيت بذلك لأنّها تُنمي المال ، أو تطهّره ، أو تطهّر دافعها من المعاصي ، أو أعماله من المُفسدات ، وهي أقسام :

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٢) في «م» ، «س» زيادة : غير الواجب.

(٣) النهاية لابن الأثير ٢ : ٣٠٧ ، المصباح المنير ١ : ٢٥٤.

١٣٧

أوّلها : الزكاة الماليّة

وفيه مباحث :

الأوّل : في وجوبها ، وهو معلوم من تضاعيف الكتاب (١) ، والسنّة المتواترة (٢) ، والإجماع ، وضرورة المذهب ، بل ضرورة الدين.

ومُنكر وجوبها بين أظهر المسلمين كافر مرتدّ فطري ، إن انعقدت نطفته ، وكان أحد أبويه مسلماً. وحكمه أن يُقتل ، ولا تُقبل له توبة في الدنيا ، ولا في الآخرة ، وتُقسّم مواريثه ، وتَعتدّ نساؤه عدّة الوفاة ، وتُوفّى ديونه ، وتؤدّى وصاياه ممّا كان قبل الارتداد ، سوى ما كان من عبادات على الأقوى. ولو سَلِم من القتل بهربٍ أو غيره لم يختلف الحكم. ولو ملك شيئاً جديداً بحيازةٍ ونحوها ، عادت إلى الوارث. هذا إذا كان رجلاً.

وإذا كانت امرأة ؛ حُكم عليها بالكُفر ، وضُربت تأديباً واستُتيبت ؛ فإن تابت ، فُكّ سبيلها ، وإلا حُبست واستُخدمت ، وضيّق عليها في المطعوم بإعطائها الجشب منه ، والملبوس بإعطائها الخَشِن والخَلَق منه ، والمفروش والمكان حتّى تتوب أو تموت. وإذا تابت ورجعت ثلاثاً ، قُتلت في الرابعة.

وحكم الخُنثى المشكل كحكمها ، وكذا الممسوح.

والتارك غير المستحلّ ، رجلاً كان أو امرأة ، يؤدّب مرّة ؛ فإن عادَ أُدّب ثانيةً ، فإن عادَ أُدّب ثالثة ، وقيل : يقتل (٣) ، والأحوط قتله في الرابعة. وهكذا حال كلّ من صدر منه كبيرة بتركِ واجب يُعدّ تركُه من الكبائر ، أو فعل حرام يُعدّ فعله كذلك.

وحكم الكفر بالإنكار جارٍ في جميع ضروريّات الدين البديهيّة من دين المسلمين.

وروى : «أنّ (٤) من لم يؤتِ الزكاة لم يُقم الصلاة» (٥). وأنّ النبيّ صلّى الله عليه

__________________

(١) مثل الآية ٤٣ من سورة البقرة ، والآية ٦ من سورة فصلت ، والآية ١٠٣ من سورة التوبة.

(٢) انظر الوسائل ٦ : ٣ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ١.

(٣) البيان : ٢٧٥.

(٤) في «ص» زيادة : أداءها شرط في صحّة الصلاة وأنّ.

(٥) عوالي اللآلي ٢ : ٧٩ ح ٢١٠ ، كنز العمال ٦ : ٢٨٩ ح ١٥٧٨٨ و ١٥٧٨٩.

١٣٨

وآله وسلم أخرج جماعة من المسجد ، وقال : «لا تصلّوا فيه وأنتم لا تزكّون» (١) وأنّ من منع قيراطاً أي نصف عشر المثقال الشرعيّ من الزكاة (٢) فليمُت إن شاء يهوديّاً ، وإن شاء نصرانيّاً (٣) ، إلى غير ذلك (٤) ، والمراد : التشبيه بالكافر ؛ لعظم الذنب.

المبحث الثاني : في فضلها

روي عن الصادق عليه‌السلام : أنّ الله عزوجل يقول : «ما من شي‌ء إلا وكّلت به من يقبضه غيري ، إلا الصدقة ، فإنّي ألقفها بيدي ، ثمّ أُربيها كما يربّي الرجل فُلوّه (٥) وفصيله (٦) ، فيأتي يوم القيامة وهي مثل أُحد ، أو أعظم من أُحد» (٧).

وبناء هذه الرواية وأمثالها على ظاهرها «بأن يكون المُرادُ : أنّ الله يتولاها بحكمه ، فتربو بإرادته ، ولا (٨) يأمر الملائكة بتوليتها» غير بعيد. وبناؤها على التأويل أقرب.

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّ الصدقة تدفع ميتة السوء (٩).

وعن الباقر عليه‌السلام : لأن أعول بيتاً من المُسلمين أسدّ جوعتهم ، وأكسو عورتهم ، خير من سبعين حجّة ، كلّ حجّة خير من عتق سبعين رقبة (١٠).

وعن الصادق عليه‌السلام : داووا مرضاكم بالصدقة ، وادفعوا البلاء بالدعاء ، واستنزلوا الرزق بالصدقة ، فإنّها تفكّ من بين لحيي سبعمائة شيطان. ولا شي‌ء أثقل

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥٠٣ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ٧ ح ٢٠ ، التهذيب ٤ : ١١١ ح ٣٢٧ ، المقنعة : ٢٦٨ ، الوسائل ٦ : ١٢ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ٣ ح ٧.

(٢) في «ص» زيادة : فليس بمؤمن ولا مسلم ، ونحوه من منع قيراطاً من الزكاة.

(٣) الكافي ٣ : ٥٠٥ ح ١٤ ، المحاسن : ٨٧ ذ. ح ٢٨ ، جامع الأخبار : ٢٠٢ ح ٤٩٣.

(٤) في «ص» زيادة : : ونحن وإن لم نقل بظاهرها ، لكنّها تدلّ على تشديد عظيم ، وتنزيلها على المستحق قريب.

(٥) الفُلوّ : الجحش والمهر إذا فطم ، وفيه ثلاث لغات : الضم والفتح والكسر ، لسان العرب ١٥ : ١٦٢.

(٦) الفصيل : ولد الناقة إذا فُصل عن امّه ، والجمع فصلان وفُصُل. لسان العرب ١١ : ٥٥٢.

(٧) الكافي ٤ : ٤٧ ح ٦ ، التهذيب ٤ : ١٠٩ ح ٣١٧ ، الوسائل ٦ : ٢٦٥ أبواب الصدقة ب ٧ ح ٧.

(٨) في «س» بدل «ولا» : أو

(٩) الكافي ٤ : ٢٠ ح ١ ، ثواب الأعمال : ١٦٩ ح ٨ ، الوسائل ٥ : ٢٥٥ أبواب الصدقة ب ١ ح ٢.

(١٠) الكافي ٤ : ٢ ح ٣.

١٣٩

على الشيطان من الصدقة على المؤمن ، وهي تقع في يد الربّ قبل أن تقع في يد العبد (١).

وعنه عليه‌السلام : لم يخلق الله شيئاً إلا وله خازن يخزنه ، إلا الصدقة ، فإنّ الربّ يليها بنفسه ، وكان أبي إذا تصدّق بشي‌ءٍ وضعه في يد السائل ، ثمّ ارتدّه منه فقبّله ولثمه ، ثمّ ردّه في يد السائل (٢). وتأويل هذه الروايات غير خفيّ.

وقال عليه‌السلام : «إنّ صدقة اللّيل تُطفئ غضب الربّ ، وتمحو الذنب العظيم ، وتهوّن الحساب ؛ وصدقة النهار تُنمي المال ، وتزيد في العمر» (٣) إلى غير ذلك. وهي بظاهرها تَعمّ الصدقة الواجبة بأقسامها ، والمندوبة. ورجحان الصدقات المستحبّات من الضروريّات ، حتّى أنّ العقل مُستقلّ في ثبوت رجحانها.

المبحث الثالث : في عقاب تاركها

قال الله تبارك وتعالى (الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) (٤) إلى آخر الآية. وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما مِن ذي زكاة مال نَخل أو زرع أو كرم يمنع زكاة ماله إلا قلّده الله تربة أرضه يطوّق بها من سبع أرضين إلى يوم القيامة (٥).

وعن الصادق عليه‌السلام : أنّ مانع الزكاة يُطوّق بحيّةٍ قرعاء أي ليس في رأسها شعر لزيادة سمّها تأكل من دِماغه ، وذلك قوله تعالى (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٦).

وعنه عليه‌السلام في تفسير قوله تعالى (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) إنّ الله تبارك وتعالى قال : «يا محمّد ، ما مِن أحدٍ يمنع من زكاة ماله شيئاً إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثُعباناً مطوّقاً في عنقه ، يَنهشُ من لحمه حتّى يفرغ من الحساب» (٧).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣ ح ٥ ، الفقيه ٢ : ٣٧ ح ١٥٦ ، التهذيب ٤ : ١١٢ ح ٣٣١ ، الوسائل ٦ : ٢٦٠ أبواب الصدقة ب ٣ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٨ ح ٣ ، ثواب الأعمال : ١٧٣ ح ٢ ، الوسائل ٦ : ٢٨٣ أبواب الصدقة ب ١٨ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٨ ح ٣ ، التهذيب ٤ : ١٠٥ ح ٣٠٠ ، ثواب الأعمال : ١٧٣ ح ٢ ، الوسائل : ٢٧٣ أبواب الصدقة ب ١٢ ح ٢.

(٤) التوبة : ٣٤.

(٥) الكافي ٣ : ٥٠٣ ح ٤ ، الوسائل ٦ : ١٤ أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب ب ٣ ح ١٣.

(٦) الكافي ٣ : ٥٠٥ ح ١٦ ، الفقيه ٢ : ٦ ح ١٢ ، أمالي الطوسي ٢ : ٣٠٥ ، الوسائل ٦ : ١٢ أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب ب ٣ ح ٥. والآية في سورة آل عمران : ١٨٠.

(٧) القرقر : الصحراء أو المكان المستوي (النهاية ٤ : ٤٨).

١٤٠