كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

كان بلغ (حين) (١) مجاوزة المشعر ، أجزأه عن حجّة الإسلام ، وإلا فلا.

المطلب الرابع والعشرون : في أنّه إذا قطع بعض المسافة ، فخرج عن الإسلام أو الإيمان ، فرجع حيث يُقبل رجوعه في مقام الردّة ثمّ أتمّ ، أجزأ ما فعله. ولو قطع بعض المسافة أو كلّها حال الارتداد ، ففي استرداد ما قابلها حيث تتعلّق الإجارة بالمجموع وعدمه وجهان ، أقربهما الثاني.

المطلب الخامس والعشرون : في أنّه لو كان عازماً على قطع الطريق أو بعضه أو الوصول مع القصد للعمل المستأجر على مثله أو غيره ، من دون إيجاب عليه في حجّ أو عمرة أو زيارة أو غيرها [جاز] ، كما يجوز الاستئجار على سائر الأعمال على ذلك النحو. ولو وجب بموجب آخر ، فلا.

المطلب السادس والعشرون : في أنّه لو صحّ المنوب ، ولم يعلم النائب حتّى أتمّ العمل ، فإن أدركه الموت قبل التمكّن من الحجّ في العام الثاني ، أجزأ عن حجّة الإسلام كما إذا لم يصحّ. ولو علم أو تبعه بعد صحّته ، قام احتمال الصحّة واللزوم ، فيعدل بنيّته إلى الندب ؛ والفساد ، ولعلّ الأوّل أولى.

المطلب السابع والعشرون : في أنّه إذا استُنيب عن منوب في سنة مطلقة على حجّ التمتّع ، فتأخّر حتّى تمّ للمعضوب في مكّة أكثر من سنتين ، فانقلب حجّه إفراداً أو قراناً ، احتمل الانفساخ ، والإجزاء من غير ردّ ، ومع الردّ ، والانقلاب ندباً ، ويستنيب المغصوب غيره ، ولعلّ الأخير أقوى. وفي وجوب العدول بالنيّة على فرض الإجزاء بقسميه وعدمه وجهان ، والأقرب الثاني.

__________________

(١) قد تقرأ في النسخ : حدّ.

٥٠١

المطلب الثامن والعشرون : في أنّه إذا ارتدّ المغصوب ، فخرج عن الإسلام أو الإيمان ، فهل تكون ردّته مُفسدة في الأثناء كالابتداء ، أو لا؟ والأقوى الأوّل. ثمّ على تقديره ، هل يأخذ الأجير الأجرة تماماً لحصول المفسدة من غيره ، أو لا؟ والأوّل أولى.

وإذا حصلت الردّة من النائب على وجهٍ يمنع من الإتمام ، لم يستحقّ شيئاً على الأقوى. وإذا استنيب عدلاً ففسق وقلنا باشتراط العدالة في الابتداء ، وسوّينا بينه وبين الاستدامة انفسخ العقد ، ولم يستحقّ أُجرة على ما وقع منه في أحد الوجهين.

المطلب التاسع والعشرون : في أنّه إذا تأخّر النائب مختاراً فضاقَ وقتُ الحجّ المستأجر عليه ، فأتى بغيره ، أو عدل إلى غيره في الأثناء ، قامَ احتمال الانفساخ ، والصحّة مع عدم الإجزاء ، والصحة مع الإجزاء. ولعلّ الأوّل أولى. وعلى القول بالإجزاء في القسمين أو في الأخير فقط يحتمل الردّ من الأُجرة بمقدار نقص العمل.

المطلب الثلاثون : في أنّه إذا استُنيب فظهرت استطاعته ، أو أنّ عليه حجّا واجباً في ذلك العام ، احتمل الانفساخ ولا شي‌ء له ، ويُحتمل الصحّة والإجزاء مطلقاً ، ويحتمل الفرق بين ما يكون الظهور قبل الوقوف بالمشعر وبعده ، فينفسخ في الأوّل ويعدل ، ويردّ ما وصله من أُجرة الحجّ. وأمّا ما سبق منه من عمرة ، فيأخذ مقدار أُجرتها. ويحتمل عدم أخذ شي‌ء منها ؛ لدخولها في الحجّ ، ويحتمل الصحّة عن المنوب عنه مطلقاً ، بناءً على أنّ الحكم يدور مدار العلم دون الوجود.

المطلب الحادي والثلاثون : في أنّه إذا استُنيب عن المغصوب في حجّة الإسلام ، فظهرت عدم استطاعته ؛ فإن علم النائب بذلك قبل الأخذ في السفر والاستعداد ، احتمل الفساد ، وليس للنائب شي‌ء ، واللزوم ، والانقلاب إلى الندب. وإن علم بعد

٥٠٢

الشروع قبل التمام وقلنا باللزوم فلا كلام ؛ وإن قلنا بالانفساخ ، لزم التوزيع ، إلا مع التقييد في الوصيّة.

المطلب الثاني والثلاثون : في أنّه يجوز حجّ كلّ من الرجل وغيره ، والصرورة (١) وغيره في ثمان صور ، إلا مع التقييد في الوصيّة ، والنيابة في الطواف وركعتيه عن الميّت مطلقاً ، وعن الحيّ الغائب وفسّر بمن بَعُدَ بمقدار عشرة أميال ، والأقوى الرجوع فيه إلى العُرف أو المغمى عليه ، والمبطون. والظاهر إلحاق كلّ معذور.

ولا يجوز عن الحيّ الحاضر ، حتّى لو توقّف على الحمل ، حُمل. والأولى بل الأحوط أن يُحمل بحيث يجرّ قدميه على الأرض. وللحامل والمحمول معاً نيّة الطواف مع التعدّد فيهما أو في أحدهما ، فيُحتسب بطوافين أو طوافات ، وإن كان الحامل أجيراً على إشكال.

المطلب الثالث والثلاثون : في أنّه إذا مات من عليه حجّة واجبة ، ولم يوصِ ، أو أوصى بخلافها ، أو بأضدادها من غير الواجبات الماليّة ، وجب على الولي إخراجها ، مقدّمة على غيرها ، وعلى غيره مع عدمه حسبة. ولو كان له مال وديعة عند شخص ، وعلم أنّ الوارث ممتنع عن الإخراج ، اقتطع منها ما يفي بالبلدية إن أوصى بها ، وبالميقاتيّة إن لم يوصِ. ويجري مثله في جميع الواجبات الماليّة من الديون وغيرها.

المطلب الرابع والثلاثون : في أنّه يُستحبّ للنائب أُمور :

منها : أن يعيّن المنوب لفظاً ، ويأتي باسمه في المواطن والمواقف ، وعند الإحرام ، وعند الذبح. وقد نُصّ عليها في الروايات (٢).

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : والضرورة.

(٢) الوسائل ٨ : ١٣١ أبواب النيابة في الحجّ ب ١٦.

٥٠٣

ويقوى لحوقُ جميع الأفعال بها.

ومنها : ردّ الفاضل من أُجرته إذا لم يضيّق على نفسه ، والإكمال له من المستأجر إذا نقصت عليه نفقته.

ومنها : أن يكون نائباً إذا لم يكن عنده شي‌ء يحصل به الغرض ؛ توصّلاً إلى تحصيل الأجر والشرف بالوصول إلى حجّ بيت الله ، وإلى زيارة قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ومنها : أن يأتي بالأفعال والأقوال على أحسن الأحوال ، ويضيف على الواجب الذي شغلت ذمّته به غيره من الأعمال تبرّعاً ، كما يُستحبّ لمن حجّ عن نفسه النيابة فيما تصحّ النيابة فيه عن غيره.

المطلب الخامس والثلاثون : في أنّه إذا أجر نفسه في حجّ أو عمرة يجب على الأجير الإتيان بما شرط عليه حتّى الطريق.

الضرب الثاني : فيما يجب فيه القضاء وما لا يجب

وفيه مطالب :

الأوّل : في أنّ من شُغلت ذمّته بحجّ أو عمرة ، وجب الإتيان به ؛ فإن كان الفائت حجّا وحده ، أو عمرة وحدها لأنّ الذمّة قد شغلت بواحدٍ أتى به ، وإن شغلت بهما معاً ، أتى بالجميع ، من غير فرقٍ بين أن يكون دخل فيه ، ولم يبلغ حدّا يكفيه ، أو يكون تاركاً له من أصله. كلّ ذلك حيث تكون الاستطاعة سبقت أو لحقت عام المسير ، أو خصّته (١) وكان التأخير عن تقصير.

ولو استطاع أحدهما ، كان الحجّ قراناً أو إفراداً ، أو العمرة مفردة ، وعمرة التمتّع

__________________

(١) في «ح» : حصّته ، وقد تقرأ في «ص» : حصر.

٥٠٤

لا تنفرد عن حجّها.

ولو استطاعهما ، وتمكّن من واحد ، لزمه الإتيان بالآخر. وإن كان مستأجراً لهما في سنة معيّنة ، فتمكّن من واحد ، ردّ من الأُجرة ما قضى به التوزيع ، وإن كان مقصّراً في ترك الإتيان بالآخر ، ما لم يكن الجمع مشروطاً ؛ أمّا مع الشرط فقد تقدّم ما يفيد حكمه.

ومن أحرم للحجّ بأيّ سبب كان ، ثمّ تعذّر عليه ، لزمه التحلّل بعمرة مفردة. فإن كان مطلوباً بحجّ وعمرة ، بقي مشغول الذمّة بالحجّ وحده. والظاهر أنّه لا يجوز له البقاء على إحرامه إلى السنة المستقبلة ، وأنّه لو بقي عصى واجتزأ بإحرامه.

ولو كان حجّه مستحبّاً ، تحلّل بالعمرة ، ولا حجّ عليه في القابل ، ويلزم الإتيان بمثل ما فاتَ من تمتّع أو إفراد أو قران مع الوجوب عليه ، والمكنة منه ، ويسقط عنه إذا انتقل إلى العمرة باقي الأفعال ، ويُستحبّ له الإقامة مع الناس في منى أيّام التشريق.

المطلب الثاني : في القضاء بسبب الإفساد في الحجّ لكلّ من جامع في قُبُل أو دبر ، أنزل أو لا ، محلّلة أو محرّمة ، حرّة أو أمة ؛ أو لاط بعد الإحرام في حجّ واجب إسلاميّ أو لا أو في حجّ مستحبّ ، قبل الوقوف بتمام بدنه بالمشعر ليلاً في وجه ، فسد حجّه ، ولزمه إتمام حجّه الفاسد ، وقضاؤه من قابل على نحو ما كان واجباً عليه ، بقي على الاستطاعة الشرعيّة أو لا.

ولا يجوز له التأخير. ولو أخّر ، التزم بالقضاء فوراً فيما بعد ، وهكذا.

والظاهر أنّ الفاسد فرضه ، والقضاء عقوبته.

ولو استمنى بيده أو جامع في غير الفرج ، أو كان غافلاً أو جاهلاً ، فلا قضاء. ولو أفسد حجّة القضاء ، كان عليه القضاء ، وهكذا إلى أن يأتي بحجّة صحيحة.

المطلب الثالث : في الإفساد في العمرة.

كلّ من جامع في عمرة مُفردة أو متمتّع بها ، على نحو ما مرّ في الحجّ ، قبل

٥٠٥

الطواف أو في أثنائه أو بعده ، قبل السعي أو في أثنائه ، فسدت عمرته ، وعليه قضاؤها فوراً في وقت يصحّ فيه. ولا يجب عليه في المفردة قضاء حجّ إن لم يكن واجباً عليه ؛ لعدم التلازم بينهما. وأمّا المتمتّع بها ؛ فلا يبعد القول بلزوم قضاء الحجّ معها ، وإن لم يكن واجباً عليه ؛ للتلازم بينهما ، وإن كان القول بعدم لزوم ذلك أقوى ، وسيجي‌ء تمام الكلام في غير مقام.

المطلب الرابع : في أنّه لا يجب القضاء على الكافر إذا سبقت استطاعته ، وإن وجب الأداء عليه ، وشغلت ذمّته به ، وبالقضاء أيضاً إذا لم يستمرّ على الكفر ثمّ ذهب المال من يده ، ثمّ أسلم بعد ذهابه ، فلم تبقَ له استطاعة لحجّ ولا عمرة.

وإن بقيت استطاعته لأحدهما ، وجب عليه مع التمكّن منه. فلو ماتَ قبله ، فلا قضاء عليه (١) ، ويساويه ما كان في فسحة النظر ، وإن لم يكن ممّن نظر.

وإن أدركته الاستطاعة ، ولو في المشعر ، نوى ووقف وأتمّ ، ولا أثر لها بعده.

ولو كان مسلماً حين الاستطاعة ، فحجّ ثمّ ارتدّ ، كانت حجّته ماضية ، سواء كانت ردّته فطريّة أو ملّيّة ، ولا قضاء عليه ، وإن أسلم وقُبِلَ منه الإسلام وكان مستطيعاً.

وإن كان وقت الردّة مستطيعاً ، شغلت ذمّته بالحجّ والعمرة ، وإن ذهبت استطاعته قبل الإسلام ، بقي على شغل الذمّة ، وصحّ منه ، إن قُبل الإسلام منه.

وإن رجع عن الردّة وأسلم وقُبل منه الإسلام وأدرك المشعر ، جدّد النيّة وأتمّ. وإن كان نائباً ، أجزأت عن المنوب عنه.

وإن ارتدّ في أثناء عمل متّصل الأجزاء ، كصلاة الطواف ، فسد بخصوصه ، وفي المنفصل لا يترتّب عليه فساد ، ويبقى الإحرام على صحّته.

ولو أحرم حال كفره ، لم ينعقد إحرامه ، ويدخل في حكم الكافر الأصلي المنكر

__________________

(١) في «ص» : له.

٥٠٦

لوجود الصانع ، والمشرك ، والجاحد ، والمنافق ، والمعاند ، وكافر النعمة ، وعبدة بعض المخلوقات ، ومنكر النبوّة والمعاد. وفي حكم المرتدّ : السابّ ، وهاتك الحرمة ، والناصب في أحد الوجهين ، ومنكر الضروري.

ولو كان مستطيعاً حال الردّة أو قبلها ، واستمرّ على الردّة ، لم يُقضَ عنه. ولو لم يستمرّ عليها وتاب ، قُضي عنه. ولو كان منشأ الاستطاعة هو الكفر أو الردّة ، فلا اعتبار لها. ويجري حكمها في جميع العبادات من صوم وصلاة وخمس وزكاة ، ما لم يبق لها حكم بعد الإسلام.

المطلب الخامس : في قضاء حجّ المخالف وعمرته إذا استطاع المخالف حجّا ، أو عمرة أو هما حال خلافه ، ولم يأت بهما ، شغلت ذمّته بهما ، وعوقب عليهما ؛ وكذا إذا أتى بهما ولم يستبصر.

وأما إذا أتى بهما واستبصر ، فإن كان أتى بهما تامّتين صحيحتين على المذهبين ، فلا كلام في صحّتها.

وإنّما يبقى الكلام في أنّ الإيمان كاشف أو ناقل أو مسقط ، والوجه الأخير أوفق بالقواعد.

وكذا إن ترك ركناً يقضي بالفساد عندنا وعندهم ، حكم بالفساد ، كما إذا ترك ما يقضي بالفساد عندهم لا عندنا.

ويجري الحكم في العامّة بأقسامهم ، والفِرَق المبطلة من الشيعة ، كالفطحيّة والناووسيّة والزيديّة ونحوهم ، والمرتدّ هنا كغير المرتدّ ، والفطري كالملّي.

وإذا استبصر قبل مجاوزة المشعر ، أتمّ ، وكان حجّا واقعيّاً.

وإذا كان على مذهب وجاء بالحجّ صحيحاً على وفقه ، ثمّ عدل إلى مذهب آخر ، فذهبَ إلى فساده ، ثمّ استبصر ، حكم بالصحّة. وبالعكس العكس ، والظاهر تمشية الحكم إلى الناصب.

ولو حجّ مؤمناً ثمّ ارتدّ إلى الخلاف ، مضى حجّه ، وإذا استبصر لم يعد.

٥٠٧

وإذا اعتمر أو حجّ مخالفاً ، وبقي عليه العمل الأخر ، واستبصر بينهما ، صحّ الماضي ، وأتى بالباقي. ولو كان نائباً ، صحّ عن المنوب عنه ، أو سقط عنه. ولو كان تبرّعاً ندباً ، فالظاهر وصول الأجر إلى صاحبه.

ولو ناب (١) المخالف النائب عن مثله ، ثمّ استبصرا معاً ، أجزأ. وفيما إذا استبصر المنوب عنه دون النائب يقوى ذلك.

وهذه الأحكام يجري مثلها في العبادات البدنيّة ، وأمّا الماليّة المحضة كالخمس والزكاة ، وردّ المظالم ، ومال مجهول المالك ، ونحوه فلا تُعدّ تأديتها إلى أهل مذهبه تأديةً. وإنْ أدّاها إلى أهلها ، وأمكنت منه النيّة لزعمه أنّهم من أهل مذهبه فلا يبعد الإجزاء. ويضعف الاحتمال مع عدم إمكان النيّة.

المطلب السادس : لو أفسد العبد المأذون ، أثم ، وقضى حال الرقّ ، وليس للمولى منعه إن كان الإفساد لا عن اختيار. ولو كان عن اختيار ، احتمل ذلك ، وأنّه يلزمه بعد الحريّة ، ولعلّ الأخير أقوى ، وفي القسمين يحتمل وجوب نفقته على المولى ، ويضعف الاحتمال في القسم الأخير.

ولو أعتق في الفاسد قبل الوقوف ، أجزأه مع القضاء عن حجّة الإسلام ، وبعده لا يجزي ، وحجّة الإسلام مقدّمة.

المطلب السابع : تجري في القضاء وسائر ما وجب بالأسباب الخارجيّة الاستطاعة العاديّة ، ولا يتوقّف كحجّ الإسلام على الاستطاعة الشرعيّة ، فإذا تيسّرت لهُ ، بركوبٍ أو مشي أو تلفّق ، لزمته. والظاهر أنّ حكم البذل يتمشّى فيها.

وكلّما أفسد مقضيّة قضاها ، ويستمرّ على ذلك حتّى يأتي بصحيحة واحدة.

ويلزم في حجّة القضاء ما يلزم في الأداء ؛ فإن مات ، قضيت عنه من أصل المال

__________________

(١) في «ص» : تاب.

٥٠٨

كحجّة الإسلام ، مع وجوب الأداء وعدمه.

المطلب الثامن : إذا بلغ الصبي ، وأُعتق العبدُ ، وعقل المجنون قبل الوقوف بالمشعر ، ووقعت منهم نيّة الحجّ حيث تتوقّف الصحّة على النيّة ، فأفسدوا حجّهم ، لزمهم الإكمال والقضاء ، ندباً كان المنوي أو واجباً ، إسلاميّاً كان أو لا ، على الأقوى.

الضرب الثالث : في النذر ، والعهد ، واليمين

وفيه مطالب :

المطلب الأوّل : في أنّه لا بدّ من إجراء الصيغة فيها على النحو المقرّر في مباحثها ، ولا يكفي الإضمار. وفي إجراء حكم الوكالة فيها إشكال.

ثمّ إن عيّن نوعاً خاصّاً من قِران ، أو إفراد ، أو عمرة مفردة ، التزم به ، ولا يجزي الإتيان بغيره ، ولا تلزم الزيادة عليه.

ولو عيّن حجّ التمتّع أو عمرته ، التزم بالإتيان بهما معاً. ولو أطلق أو خيّر فيه بين الاثنين والثلاثة والأربعة بجميع أقسام التخيير ، تخيّر. ويُلزم بجمع الحجّ والعمرة مع قيد التمتّع.

ولو عدّد الأقسام ، تعدّدت الأحكام. ولو كرّر المجانس مؤكّداً ، اتّحد الحكم. ولو كرّرهُ مؤسّساً ، تعدّد.

المطلب الثاني : في أنّه يُعتبر في صحّتها التمييز ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، والإسلام ، والإيمان ؛ فلا عبرة بما صدر من غير مميّز ، أو عن جنون ، أو عن سكر ، أو غفلة ، أو إغماء ، أو سهو ، أو نوم ، أو غلط ، أو دهشة ، أو جبر ، أو نصب ، أو كفر ، وإن كان الحادث منها في أثناء الصيغة ، ولو صادفت خوفاً واحداً أو متأخّراً أو وسطاً. ويجري مثل ذلك في جميع صيغ العبادات ، وفي المعاملات ، فيما عدا الأخيرين.

٥٠٩

ولو وقعت صيغة ، من صيغها أو موجب من الموجبات فيما عداها ، فشكّ في أنّها وقعت حال وجود المانع أو الخلوّ عنه ، عمل على أصل براءة الذمّة فيما يتعلّق بحكم نفسه ، وإن ترتّب عليه خصومة للغير حكم بالصحّة ، واشتغال الذمّة له.

المطلب الثالث : في أنّها إذا تعلّقت بحجّ أو عمرة أو زيارة ، ونحو ذلك ، ولم يصرّح ببلديّتها ، وميقاتيّتها ، فهل ينصرف إلى البلديّة ، أو تغني الميقاتيّة ويتبعها حكم النيابة فيها؟ ولعلّ الأظهر في العرف إرادة البلديّة.

ويجري في نيابة الزيارات مثل ما ذكرناه في نيابة الحجّ ، إلا في مسألة الموت بعد دخول الحرم والإحرام ، وفي دخول المندوبات في باب الملتزمات في الصلاة والحجّ والعمرة والزيارات نظير ما تقدم في حكم النيابات.

المطلب الرابع : في أنّها إذا تعذّر القيامُ بجميعها ، وانحصر في بعضها ، فما الّذي يُقدم منها؟ وتحقيقه : البناء على المعادلة والترجيح في شدّة الوجوب وضعفه ، ففي المتخالفات الظاهر تقديم حجّة الإسلام على النيابة ، والنيابة على النذر ، والنذر على العهد ، أو بالعكس ، وهما على الإيمان.

وفي المتجانسات : يُنظر في المرجّحات الباعثة على شدّة الوجوب ، فما قارنها قدّم على غيره ؛ فاليمين المغلّظ لإيقاعه في الكعبة أو أحد المساجد الأربعة ، أو في الحضرات المنوّرة ، أو في باقي المساجد ، أو عند القرآن ، أو عند قبور بعض الأولياء أو العلماء ، أو في المجالس المعظّمة ، وهكذا مقدّم على غيره. ويُراعى اختلاف المراتب بينها.

وبالنظر إلى المتعلّقات تُبنى الأولويّة على الترجيحات ، فلو مات من عليه ملتزمات متعدّدة متعلّقة بالمال ، وجب على الوليّ الشرعيّ توزيعه عليها إن أمكن ، وإلا بُني على الترجيح.

والقول «بخروج ما عدا حجّة الإسلام والنيابة من الثلث» لا يخلو من قوّة.

٥١٠

المطلب الخامس : في أنّه يشترط في الملزمات الثلاثة إذا صدرت من زوجة دائمة ، أو متمتّع بها ، أو مُطلّقة رجعيّة أو عبدٍ قنّ ، أو مكاتب ، أو مدبّر ، أو مبعّض ، أو أُمّ ولد أو ولد أن يكون عن إذن الزوج ، والمولى ، والأب القريب ، دون الإباء البعيدة ، ودون الأُمّ ، فإنّ لم تتقدّم الإذن وقعت باطلة.

والاقتصار في التعميم للثلاثة على خصوص المملوك ، والزوجة ، وفي الولد على خصوص اليمين ، ثمّ القول بالانعقاد والتسلّط على الحلّ ، والقول بالتوقّف على الإجازة على تقدير الاشتراط ، غير بعيد.

المطلب السادس : في أنّه إذا فات شي‌ء منها ، عن تقصير ومطلقاً في النيابة وتعقّب الموتُ ، قضي من أصل المال ، كسائر الواجبات الماليّة.

والقول بخروج حجّ النذر وأخويه من الثلث غيرُ خالٍ عن الوجه.

وإلحاقُ غير المقصّر به قريب.

والقولُ بلزوم الاستنابة مع العمرة كما في المغصوب غيرُ خالٍ عن الوجه. ولو تكلّف المغصوب ففي الإجزاء عنه نظر.

المطلب السابع : في أنّ الأقسام لا تتداخل ، فلا يجزي الإتيان بقسم عن غيره ، ولا يجزي قسم منها عن حجّة الإسلام ، أُطلقت ، أو قيّدت بغير حجّة الإسلام.

وإذا تعدّدت بجميع أقسام التعدّد على المحلّ الواحد ، أجزأ الواحد. وفي الترك يتضاعف الإثم والكفّارة وجميع الأحكام.

المطلب الثامن : في أنّه لا يتوقّف وجوبها على الاستطاعة الشرعيّة ، وقد بيّن المراد منها ، بل على الاستطاعة العرفيّة. والظاهر أنّه تُستثنى فيها المستثنيات في الديون ، وحكمها كحكم غيرها من زيارات ونحوها ممّا وجب بالأسباب.

٥١١

المطلب التاسع : فيمن التزم بحجّ أو عمرة أو زيارة ونحوها بكيفيّة مخصوصة ، وفيها مقامان :

الأوّل أن يلتزم بطريق الاستئجار ونحوه بحجّ أو عمرة أو صلاة أو زيارة أو نحوها بكيفيّة مخصوصة قضى بها الشرط ، أو انصرف إليها الإطلاق.

والحكم فيه : أنّه إذا أُخذ قيد مميّزاً وأتى به مع وقوع نيّة القربة في محلّها ، كانت للمنوب عنه مجّاناً ، ولا يستحقّ الأجير عليه شيئاً. وإن تعلّقت بالأصل تعلّقاً ، وبالقيد آخر ، نقص منها مقدار التفاوت بين ما فيه القيد وغيره.

المقام الثاني : فيما كان الالتزام بطريق النذر أو العهد أو اليمين ، وفيه مباحث :

الأوّل : في أنّ من التزم بواحدٍ من طرق الالتزام ، بأن يمشي أو يركب أو يبعّض إذا حجّ أو اعتمر أو زار ، لا يجب عليه شي‌ء من الأعمال ، لكنّه لو فعل أحدها وكان راجحاً في النذر غير مرجوح في غيره ولم يفعل ، عصى وكفّر ، وكان عمله صحيحاً ، وأجزأ عن حجّة الإسلام.

الثاني : في أنّ من التزم بالحجّ مطلقاً تخيّر ، وإن كان مقيّداً بالمشي أو بالركوب أو بالتبعيض ، لزمه الإتيان بالقيد إذا لم يكن مرجوحاً ؛ راجحاً كان أو لا. فإن قدر على الوصفين ، ولم يأتِ بهما لاعن عذر ، خالف في الكلّ ؛ أو بعّض في غير محلّ التبعيض ، أعاد مع الإمكان ، وقُضي عنه بعد موته إن كان مطلقاً ، وفي غيره تلزمه مع ذلك الكفّارة.

وإن كان معذوراً في تركه قضى مع الإمكان ، ولا شي‌ء عليه. ولا يجزيه أن يعيد الجزء الذي أخلّ به فقط.

وإذا تعذّر عليه مع القيد ، أتى به خالياً عنه ؛ فيركب إذا عجز عن المشي ، ولا يلزمه السوق ، ويستحبّ له ذلك. وإذا أمكنه المشي على الجسر ، تعيّن عليه ، وفي لزوم تقديم الأقلّ عرضاً على غيره وجه.

وفي تسرية حكم المشي إلى الزحف أو المشي على البطن بُعد. وأمّا مشي

٥١٢

مُحدودب الظهر فالظاهر دخوله تحت المشي.

وإذا كان في طريقه مَعبر ، عبر الراكب على نحو المعتاد ، والماشي واقفاً في المعبر ، عمّ المشي الطريق أو خصّ محلّ العبور.

وفي تقديم الانحناء على الجلوس ، والجلوس على النوم مع تعذّر القيام وجه. وإذا التزم بعبور البحر سقط الحكم عنه.

ولو نذر الحفاء (١) حين المشي ، أو حين الحجّ ونحوه ، لم يلزمه إلا بعد حصولهما.

ولو نذر العمل مقيّداً به ، وكان راجحاً ، لزم ، ومع تركه من دون عذر يُعيد العمل. وفي الحكم بوجوب المشي متنعّلاً وترك الركوب وجه قوّي.

ويأتي من القيد المتعذّر بمقدار الممكن منه.

ثمّ إن عيّن الزمان أو البلديّة أو الميقاتيّة لفظاً بلا قصد إذ يُغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل تعيّن ، وإلا فظاهرها البلديّة ، بخلاف النيابة.

الثالث : في أنّ النذر للحجّ وغيره وتفرغ الذمّة بالفراغ من طواف النساء ، ولا تدخل العمرة المفردة في إطلاق الحجّ في غير المتمتّع لا يصحّ من غير الإماميّ من المسلمين ، وإذا عمل بمضمونه ثمّ استبصر ، قام احتمال الصحّة فيها.

وأمّا اليمين والعهد حيث لا يشترط فيه القربة فيصحّ منه.

ولو كان الخلاف بعد النذر بقي على صحّته. وإن عاد إلى الحقّ قبل الوقوف بالمشعر صحّ الحجّ ، وفرغت الذمّة منه.

ولو تعلّق نذره أو شبهه بالصدقات فأدّاها ، قام احتمال وجوب قضائها ؛ لأنّه وضعها في غير محلّها. ولو وضعها في محلّها وأمكن قصد القربة ، قوي القول بالصحّة.

ثمّ الحكم بصحّة النذر والحج مشروط بموافقة مذهبه ، لا مذهبنا ، كما قرّرناه سابقاً.

__________________

(١) في «ح» : الخفاء.

٥١٣

الرابع : في أنّه إذا تعيّنت عليه حجّة الإسلام غلبت ما عداها ، تقدّم سببه أو تأخّر.

وإذا تعلّق بعضُ الأسباب بمعنى في حجّ أو غيره من العبادات ، وجي‌ء به لجهة أُخرى أخيرة بَطَلَ. ولو كان ناسياً أو ممنوعاً عن مقتضى السبب المتقدّم أو غير متمكّن منه ، صحّ ما أتى به.

وإذا كان على الميّت حجّة الإسلام وحجّة نَذر أو مطلق الملتزمة. قُدّمت حجّة الإسلام ، واستحبّ للوليّ قضاء حجّة الالتزام. ونذر الإحجاج إذا زاحم نَذر الحجّ بطل حكمه ، ويخرج من أصل المال بعد موت الناذر.

الموضع الثالث : في أنّه يستحبّ الحجّ والعمرة أصالة عن نفسه بالضرورة ، والإجماع ، والأخبار المتواترة ، حيث لا يكون مُلتزماً بواجب في سنة معيّنة ، ويريد فعل المستحبّ منها ، فإنّه يقع باطلاً.

والنيابة فيه تبرّعاً وبأُجرة عن الميّت والحيّ ، فقد رُوي أنّه : أحصي في عام واحد لعليّ بن يقطين خمسمائة وخمسون رجلاً يحجّون عن عليّ بن يقطين صاحب الكاظم عليه‌السلام ، وأقلّهم بسبعمائة دينار ، وأكثرهم عشرة آلاف (١).

ثمّ الحجّ المندوب يتوقّف على إذن المولى ، طالت مسافته أو قصرت ، من غير فرقٍ بين القنّ ، والمدبّر ، والمكاتب ، وأُمّ الولد ، والمبعّض إن لم يهايا ، أو هاياه وقصرت نوبته عن الوفاء بواجبات الحجّ. فإنّ لم يستأذن ابتداء فلا عمل له. وكذا كلّ عمل يستدعي طولاً أو مشقّة كالاعتكاف والإحياء ونحوهما.

وما كان يسيراً لا ينافي خدمة المولى ، فالظاهر جواز إتيانه به من دون استئذان ، إن لم يمنعه المولى ، أو لم يعلم بمنعه. وإن منعه في الأثناء ، وكان العمل ممّا يجوز قطعه ، قطعه.

وأمّا الولد ذكراً كان أو أُنثى فلا مانع من دخوله تحت العبادات بغير إذن والديه ،

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٦١ ح ١٦٠٣.

٥١٤

طالت أو قصرت.

وإن منعا ، فإن كان العمل يستدعي طولاً ، ويترتّب عليه استيحاشهما وتأذّيهما ، فليس له الدخول فيه إلا مع ارتفاع المنع.

والظاهر أنّ ذلك يجري في الأسفار البعيدة لمجرّد النزهة ، من دون حاجة تدعو إليه ، دون ما كان لحاجة كالاكتساب مثلاً. وربّما يتمشّى الحكم إلى الأجداد والجدّات.

الباب الثالث : في أفعال الحجّ بأقسامه الثلاثة والعمرتين

وهي أقسام :

الأوّل : ما يشترك بين الجميع.

الثاني : ما يشترك بين أقسام الحجّ فقط.

الثالث : ما يشترك بين العمرتين فقط.

الرابع : ما يخصّ حجّ التمتّع.

الخامس : ما يخصّ حجّ القِران.

السادس : ما يخصّ حجّ الإفراد.

السابع : ما يخصّ عمرة التمتّع.

الثامن : ما يخصّ عمرة الإفراد.

فانحصر البحث في مقامات :

المقام الأوّل : في بيان الأفعال مفصّلة وفيه مطالب :

المطلب الأوّل : في ما يشترك بين الأنواع الخمسة ، وهو النيّة ، وهي نيّة النوع ، وأجزائه المنفصلة ، ومنها : الإحرام.

والإحرام والتلبية ، واللبس دون النزع ، فلا يحتاج النزع إلى نيّة ، والطواف

٥١٥

والصلاة ، والسعي ، والترتيب.

وقد تقدم البحث في كيفيّة النيّة ، وأحكامها في هذا الكتاب ، وما تقدّمه من كتب العبادات ، فانحصر البحث في سبعة مقاصد :

الأوّل : الإحرام

وفيه فصول

الفصل الأوّل : في المقدّمات ،

وفيه مباحث :

الأوّل : في ما يستحبّ قبل الشروع فيه

وهو أُمور :

منها : توفير شعر الرأس ، واللحية. وربّما يقال بتبعيض الأجر ، وبالاقتصار على أحدهما ، وبالتبعيض فيهما أو في أحدهما على حسب ما يقتضيه التوزيع من أوّل ذي القعدة في مطلق الحجّ ، وإن كان في حجّ التمتّع آكد ، ويتأكّد عند هلال ذي الحجّة ، وكلّما قرب من الإحرام زاد تأكيده.

وفي العمرة مفردة أو متمتّعاً بها مقدار ثلاثين يوماً ، تمتّعيّة أو إفراديّة ، وإن كان في الأوّل أشدّ ، ويستحبّ عند الخروج إليها ، وكلّما قرب إلى الإحرام زاد تأكيداً. وربّما يقال بتبعض الأجر في تبعّضها ، فكلّ الوقت أفضل من بعضه ، والأبعاض يختلف ثوابها بالطول والقِصَر.

وتعميم الحكم في اللّحية للزّائد على قبضة لا يخلو من إشكال.

والظاهر عدم التمشية إلى لحية المرأة ، وفي دخول شعر الأنف ، والأُذن ، والرقبة والحاجبين في شعر الرأس وجه. والأوجه خلافه.

ويستحبّ الفداء لمن لم يوفّر.

ولا يدخل في اللحية الشعر البالغ إلى ما فوق الصدغ ، ولا ما كان بعيداً عن الحنك. ويمكن تسرية الحكم إلى الخنثى والمرأة.

ولا فرق في كراهة الأخذ منه بين ما يكون بحلق ، وما يكون بتقصير.

٥١٦

والظاهر تمشية الحكم إلى الصبي المميّز ، وأمّا غير المميّز إذا حجّ به الوليّ ، فلا يخلو من ظهور ، لكنّه في الأوّل أظهر.

ولو خيّر بين الرأس واللحية ، ومنع عن الجمع ، فتوفير الرأس أولى.

ومن وجب عليه الحلق لبعض الأسباب ، وتعلّقت به شدّة الاستحباب بحيث يزيد على هذا وجب عليه في الأوّل ترك التوفير ، واستحبّ له في القسم الأخير. والتوفير في الحجّ أشدّ استحباباً منه في العمرة ، وفي التمتع أشدّ منه في أخويه.

ومنها : تنظيف جسده ، وقصّ أظفاره ، والأخذ من شاربه ، وطلي جسده ، وإبطيه ، وعانته ودونه الحلق ، ودونهما النتف ، ودونها الحرق والاستياك ، ورفع السغب (١). ولا ترتيب فيها. ويستحبّ إعادة التنظيف ، وإن لم يطل الفصل.

ويتفاوت الفضل بطول الفصل وعدمه. ويشتدّ مع الفصل بخمسة عشر يوماً. ومن أفرد أو بعّض أو جمع بين الإفراد والتبعيض ، أُعطي من الأجر ما يقتضيه التوزيع.

ومنها : ذكر النائب اسم المنوب عنه فيه كغيره من الأفعال.

ومنها : الغسل ، ومع فقد الماء التيمّم في وجه ، ومحلّه الميقات. ولا بأس بتقديمه مع خوف عوز الماء ، وإذا وجده أعاده. وفي كون الوجدان ناقضاً ، أو لا لكنّه سبب للإعادة وجهان ، أقواهما الثاني.

ويكفي غسل أوّل الليل لباقيه ، وغسل أوّل النهار كذلك.

وروى : إجزاء غسل الليل للنهار ، وبالعكس (٢).

ومع النوم تستحبّ إعادته ، وقد يلحق به مطلق الحدث ، أكبرَ كان أو أصغرَ. وفي كونه ناقضاً ، أو لا ، لكنّه يبعث على استحباب الإعادة ، وجهان ، أقواهما الثاني.

وإلحاق باقي الأغسال المستحبّة به في حكم النقض والاستمرار لا بأس به ، ويجوز تداخله مع الأغسال كغيره منها ، والترتيب ، والارتماس فيه ، وفي الاستحباب يقدّم على ما سبقه من الاداب.

__________________

(١) كذا في النسخ. ويحتمل كونه تصحيف «سهل» وهي رائحة العَرَق. المصباح المنير ١ : ٢٩٣.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٠٢ ح ٩٢٣ ، الوسائل ٩ : ١٣ أبواب الإحرام ب ٩ ح ١.

٥١٧

وهو من جملة العبادات المعتبرة فيها النيّات ، بخلاف الباقيات ، فلو أتى بها من غير نيّة فلا تشريع بخلافه ، ولو دخل في الإحرام بلا غسل ، استحبّ له الإتيان به بعد إعادته الغسل.

والمدار على الإحرام ، الإحرام الأوّل ، فلو أتى ببعض المحرّمات من الإحرامين تعلّقت به أحكام الإحرام.

ولو سها فنوى الغسل لإحرام الحجّ ، وهو معتمر أو بالعكس ، فالأقوى الصحّة ، بخلاف ما إذا قصد غير الإحرام.

ولو قلّم أظفاره بعد الغسل لم يعد ، ويستحبّ مسحها بالماء.

ومنها : الصلاة قبل الإحرام ، وأفضلها الظهر مؤدّاة أو مقضيّة ، ثمّ مطلق الفريضة مؤدّاة أو مقضيّة ، أصليّة أو تحمّلية أو ملتزمة بنذر أو شبهه في وجه.

ثمّ صلاة ستّ ركعات تطوّعاً ، ثمّ أربع ، ثمّ اثنتين ، وكلّ مقدّم أفضل من متأخّر ، وكلّ فاضل من قسم أولى من مفضوله.

ولو أتى بصلاة التطوّع أوّلاً ، ثمّ بالفرض ، كان أولى. ولا بأس بصلاة الإحرام في جميع الأوقات ، وإن قلنا بكراهة المبتدأة في بعض الأوقات.

ولو أحرم من غير صلاة ؛ المستحبّ له الصلاة ثمّ إعادة الإحرام. والمدار على الإحرام الأوّل.

ويُشترط عدم الفصل الطويل بين الصلاة ، والدخول فيه ، وليس منه الفصل بالتعقيب على النحو المتعارف.

ولو لم يكن عليه صلاة مكتوبة ، استحبّ أن ينذر نافلة ؛ لتكون واجبة. ولا يلزم الإتيان بشي‌ء من السنن إلا في حجّ النيابة بالإجارة ونحوها إذا نصّ عليها أو قضى بدخولها العرف ولو بالنسبة إلى المستأجرين.

ومنها : التصريح بالنيّة بأن يقول : اللهم إني أريد الإحرام : إلى أخره ، ويستحبّ أن يقرأ في كلّ ركعتين منها في الأُولى الحمد والإخلاص ، وفي الثانية الحمد والجحد.

فعن الصادق عليه‌السلام : «لا تدع سورة الإخلاص والجحد في سبعة مواضع

٥١٨

الركعتين قبل الفجر ، وأوّل نوافل الزوال ، وأوّل نوافل المغرب ، وأوّل صلاة الليل ، وركعتي الإحرام ، وركعتي الفجر إذا أصبحتَ بها ، وركعتي الطواف» (١).

وفي الكلّ في الأُولى التوحيد ، وفي الثانية الجحد ، سوى ركعتي الفجر ، فإنّها بالعكس.

المبحث الثاني : فيما يقارنه من الاداب من جهة كونه إحراماً

وهو أُمور :

منها : التلفّظ بالمنويّ ، إن حجّا فحجّاً ، وإن عمرة فعمرة ، وإن كان تمتّعاً أو قِراناً أو إفراداً أو عمرة تمتّع أو إفراد صرّح بأسمائها.

ومنها : الاشتراط على الله بأن يحلّه حيث حبسه ، وإن كان حجّا أضاف إليه قوله : «إن لم يكن حجّة فعمرة» وسيجي‌ء بيان ثمرته.

ومنها : أنّه لا تحتاج كلّ تلبية إلى نيّة مع القول بوجوبها ، بل تكفي نية الجملة.

ومنها : أنّه يكره دخول الحمام للترفّه ، بل مطلق الترفّه ، ولا بأس بدخوله لتنظيفه ، أو خدمة الداخلين ، ونحو ذلك.

والمراد به : ما أعد للماء الحار ، والهواء الحار ، فالمسلخ ليس منه ، ولا ما جعل على هيئته ووضع فيه الماء البارد ، إلا أن يستلزم ترفّهاً. ثمّ يكره دلك الجسد فيه ، مع عدم الإدماء وإسقاط الشعر ، ومعهما يحرم.

ومنها : أن يذكر النائب اسم المنوب في المواقف ، وعند الأعمال.

ومنها : أنّه تكره تلبية المنادي كائناً من كان ، وتتضاعف الكراهة بتضاعفها ، وليس من ذلك قول : «لبّيك يا ربّ» ونحوه ، وينبغي أن يكون بدلاً عنها «يا سعد» ، قيل : أو نحوه (٢).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٦ ح ٢٢ ، الفقيه ١ : ٣١٤ ح ١٤٢٧ ، التهذيب ٢ : ٧٤ ح ٢٧٣ ، الوسائل ٤ : ٧٥١ أبواب القراءة ب ١٥ ح ١.

(٢) المبسوط ١ : ٣٢٢ ، وانْظر كشف اللثام ٥ : ٣٠١.

٥١٩

ومنها : ما يقال بعد الصلاة : فعن الصادق عليه‌السلام : «إذا انفتلت ، فاحمد الله ، وأثن عليه ، وصلّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقل : اللهم إنّي أسألك أن تجعلني ممّن استجاب لك ، وأمن بوعدك ، واتبع أمرك ، فإنّي عبدك ، وفي قبضتك ، لا أُوقى إلا ما وقيت ، ولا أوخذ إلا ما أعطيت ، وقد ذكرت الحجّ ، فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك وسنّة نبيّك ، وتقوّيني على ما ضعفت عنه ، وتسلّم منّي منا سكي في يُسر وعافية ، واجعلني من وفدك الّذين رضيت ، وارتضيت ، وسمّيت ، وكتبت.

اللهم خرجت من شقّة بعيدة ، وأنفقت مالي في ابتغاء مرضاتك ، اللهم فتمّم لي حجّي وعمرتي.

اللهم إنّي أُريد التمتع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك وسنّة نبيّك ، فإن عرض لي شي‌ء يحبسني ، فحلّني حيث حبستني بقدرك الّذي قدّرت عليّ.

اللهم إن لم يكن حجّة فعمرة ، أحرم لك شعري ، وبشري ، ولحمي ، ودمي ، وعظامي ، ومخي ، وعصبي ، من النساء ، والثياب ، والطيب ، أبتغي بذلك وجهك ، والدار الآخرة» (١).

وروي بأنحاء أُخر (٢) ، وهذا أجمع ، وأنفع.

المبحث الثالث : فيما يتعلّق بكيفيته

وهو أُمور :

أحدها : النيّة ، ويعتبر فيها القربة ، ومتى خلا الإحرام عنها عمداً أو سهواً بطل. ونيّة النوع تعيّنه ، فلا يضرّ إطلاقه بين الحجّ والعمرة ، وبين ضروبهما. ولو أطلق النوع ، وقيّد الإحرام ، فرجع إلى تقييد النوع ، صحّ ، وإلا فلا.

ولو عيّن في مقام التخيير ونسي تخيّر ، والعدول إلى العمرة في محلّ الجواز

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٠٦ ح ٩٣٩ ، الوسائل ٩ : ٢٣ أبواب الإحرام ب ١٦ ح ١

(٢) الكافي ٤ : ٣٣١ ح ٢ ، التهذيب ٥ : ٧٧ ح ٢٥٣ ، الاستبصار ٢ : ١٦٦ ح ٥٤٨ ، الوسائل ٩ : ٢٣ أبواب الإحرام ب ١٦ ذ. ح ١.

٥٢٠