كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

رسول الله صلّى الله عليه وإله كذا وكذا موقفاً إذا وقفها الحاجّ خرج من ذنوبه ، ثمّ قال : «أنّى لك ما يبلغ الحاجّ؟» قال الصادق عليه‌السلام : «ثمّ لا تكتب الذنوب عليه أربعة أشهر إلا أن يأتي بكبيرة» (١).

وفي الحديث : «أنّ من الذنوب ما لا يكفّره إلا الوقوف بعرفة» (٢).

ثالثها : ما رُوي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً أنّه قال لرجل من الأنصار : «إنّ لك إذا توجّهت إلى سبيل الحجّ ثمّ ركبت راحلتك ، ثمّ قلت : بسم الله والحمد لله ، ثمّ مضت راحلتك ، أنّها لم تضع خفّاً ولم ترفع خفّاً ، إلا كتبَ الله لك حسنةً ، ومحا عنك سيّئةً ؛ فإذا أحرمتَ ، ولبّيت ، كان لكَ بكلّ تلبية لبّيتها عشر حسنات ، ومحا عنك عشرَ سيّئات ، فإذا طفتَ بالبيتِ أُسبوعاً كان لك بذلك عند الله تعالى عهد وذخر يستحيي أن يعذّبك بعده أبداً ؛ فإذا صلّيت الركعتين خلف المقام ، كان لك بها ألفا حجّة مُتقبّلة ؛ فإذا سعيت بين الصفا والمروة ، كان لك مثل أجر من حجّ ماشياً من بلده ، ومثل أجر من أعتق سبعينَ رقبة مؤمنةٍ ؛ وإذا وقفتَ بعرفات إلى غروب الشمس ، وكان عليك من الذنوب مثل رمل عالجٍ ، أو بعدد نجوم السماء ، أو قطر المطر ، يغفرها الله لك ، فإذا رميت الجمار كان لك بكلّ حصاة عشر حسنات تُكتب لك فيما يستقبل من عمرك ؛ فإذا حلقتَ رأسك ، كان لك بكلّ شعرة حسنة تُكتب لك فيما يستقبل من عمرك ؛ فإذا هديت أو نحرت بَدنَتك ، كان لك بكلّ قطرة من دمها حسنة تكتب لك فيما يستقبل من عمرك ؛ فإذا زرتَ البيتَ وطفت أُسبوعاً ، وصلّيت الركعتين خلف المقام ، ضرب مَلَك على كتفيك ، ثمّ قال لك : قد غفر الله لك ما مضى وما يستقبل ، ما بينك وما بين مائة وعشرين يوماً» (٣).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٩ ح ٥٦ ، وفي المقنعة : ٣٨٦ صدر الحديث ، الوسائل ٨ : ٧٩ أبواب وجوب الحجّ ب ٤٢ ح ١.

(٢) دعائم الإسلام ١ : ٢٩٤ عدّة الداعي لابن فهد : ٥٥ ، عوالي اللآلي ٤ : ٣٣ ح ١١٤ ، مستدرك الوسائل ١٠ : ٣٠ أبواب إحرام الحجّ ب ١٧ ح ٤.

(٣) الفقيه ٢ : ١٣١ ح ٥٥١ ، التهذيب ٥ : ٢٠ ح ٥٧ ، أمالي الصدوق : ٤٤١ ح ٢٢ ، الوسائل ٨ : ١٥٥ أبواب أقسام الحجّ ب ٢ ح ٧.

٤٦١

رابعها : ما رُوي عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام أنّه قال : «حجّوا واعتمروا تصحّ أبدانكم ، وتتّسع أرزاقكم ، وتُكفون مئونات عيالكم». وقال : «الحاجّ مغفور له ، وموجوب له الجنّة ، ومُستَأنَف به العمل ، ومحفوظ في أهله وماله» (١).

خامسها : ما روي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال لمن قال : إنّي وطّنت نفسي على لزوم الحجّ كلّ عام بنفسي أو برجل من أهل بيتي بمالي ، فقال له : «وقد عزمت على نفسك؟» فقال له الرجل : نعم ، فقال : «إن فعلت فأيقن بكثرة المال والبنين» (٢).

سادسها : ما رُوي عنه عليه‌السلام أيضاً : «أنّ الحجّاج يصدرون على ثلاثة أصناف : صنف يُعتقُ من النار ، وصنف يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ، وصنف يُحفظ في أهله وماله ، فذلك أدنى ما يرجع به الحاجّ» (٣).

سابعها : ما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنّ الحاجّ ثلاثة ، فأفضلهم نصيباً رجل غفر له من ذنبه ما تقدّم منه وما تأخّر ، ووقاه الله عذاب القبر ؛ وأمّا الذي يليه فرجل غُفر له ذنبه ما تقدّم منه ، ويستأنف العمل فيما بقي من عمره ؛ وأمّا الّذي يليه فرجل حفظ في أهله وماله» (٤).

ثامنها : ما رُوي عن الصادق عليه‌السلام : «أنّ أدنى ما يرجع به الحاجّ الّذي لا يُقبل منه أن يُحفظ في أهله وماله» فقال له قائل : بأيّ شي‌ء يُحفَظُ فيهم؟ فقال : «لا يحدث فيهم إلا ما كان يحدث فيهم وهو مُقيم معهم» (٥).

تاسعها : ما رُوي عن الصادق عليه‌السلام أيضاً في الحديث القُدسي : «من

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٥٢ ح ١ ، ثواب الأعمال : ٧٠ ح ٣ ، الوسائل ٨ : ٥ أبواب وجوب الحجّ ب ١ ح ٧.

(٢) الكافي ٤ : ٢٥٣ ح ٥ ، الفقيه ٢ : ١٤٠ ح ٦٠٨ ، ثواب الأعمال : ٧٠ ح ٤ ، الوسائل ٨ : ٩٤ أبواب وجوب الحجّ ب ٤٦ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٢٥٣ ح ٦ ، وص ٢٦٢ ح ٤٠ ، التهذيب ٥ : ٢١ ح ٥٩ ، ثواب الأعمال : ٧٢ ح ٩ ، الوسائل ٨ : ٦٥ أبواب وجوب الحجّ ب ٣٨ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٢٦٢ ح ٣٩ ، الفقيه ٢ : ١٤٦ ح ٦٤١ ، دعائم الإسلام ١ : ٢٩٤ ، الوسائل ٨ : ٦٥ أبواب وجوب الحجّ ب ٣٨ ح ٢٢.

(٥) الكافي ٤ : ٢٥٩ ح ٢٧ ، الوسائل ٨ : ٦٧ أبواب وجوب الحجّ ب ٣٨ ح ١١.

٤٦٢

حجّ البيت بلا نيّة صادقة ، ولا نفقة طيّبة ، وهب الله له حقّه ، وأرضى عنه خلقه ؛ ومن حجّ بنيّة صادقة ونفقة طيّبة ، جعله الله في الرفيق الأعلى مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، وحسن أُولئك رفيقاً» (١) إلى غير ذلك من الأخبار.

وفيما سطر من الأخبار بعضُ كلماتٍ يُشكل فهم المراد منها : قوله عليه‌السلام : «لا يُكتب عليه ذنب إلى أربعة أشهر» فإنّه يُشكل الأخذ بظاهره ؛ لمنافاته لظاهر الكتاب والسنّة. وإن خصّصناه بغير الكبائر ؛ لما يظهر من تتبّع الأخبار ، وما قضى به العدل من أنّ أموال الناس لا تغفر إلا أن يقال : بأنّها وإن قلّت داخلة في الكبائر وما يظهر ممّا دلّ على لزوم النهي عن المنكر ، ولزوم التعزير من غير فرق بين الكبير والصغير ، إلا أن يقال : بأنّ رفع المؤاخذة الأُخرويّة لا تقتضي رفع الدنياويّة ، كما في تعزير الأطفال.

ثمّ لو نزّلناه على الصغائر ، اشترطنا عدم الإصرار ؛ لئلا يدخل في المعاصي الكبار.

وقد تُنزّل على أنّ الملائكة لا يكتبون عليه شيئاً ، فتكون ذنوبه مستورةً لا يترتّب عليها فضيحة. وإنّما أمرها إلى الله تعالى.

ثمّ إنّ الأخذ بظاهره يقتضي تجرّي الناس على المعاصي وعدم المُبالاة بارتكاب الذنوب في أثناء الأربعة.

ومنها : ما تكرّر في الحديث المتقدّم من قوله : «غفرت ذنوبه» مع أنّ الغُفران لا يتكرّر بالنسبة إلى الحال الواحد ، ويمكن توجيهه بوجوه :

منها : أن يُراد أنّ كلّ واحدٍ من تلك الأعمال صالح لتسبيب غُفران الذنوب.

ومنها : أنّ الله تعالى يتكرّر منه قول : «قد غفرتُ لك» وفيه دلالة على تمام القُرب ، وشَرَف الخطاب.

ومنها : أن يُراد أنّ لكلّ صنف من الذنوب سبباً في الغُفران. فكلّ فعلٍ يُغفر به من الذنوب ما لا يُغفر بغيره. ويؤيّده قوله عليه‌السلام : «إنّ من الذنوب ما لا يُكفّره إلا

__________________

(١) الفقيه ٢ : ١٥٢ ح ٦٦٤ ، الوسائل ٨ : ١٠٢ أبواب وجوب الحجّ ب ٥٢ ح ٣.

٤٦٣

الوقوف بعرفة» (١).

ومنها : أن يُراد التوزيع فيما عدا الأوّل على المستقبل.

ومنها : أن يُراد بتكرّر الغفران : بلوغه إلى مرتبة الرضوان ، يُراد أنّه تعالى يقول له حتّى يبلغ درجة الرضوان ، والظاهر أنّ المكتوب قول الحقيقة ، فلا يختلف.

ومنها : ما تضمّنته من الاختلاف في رفع الخُفّ ؛ إذ في بعضها حسنة وسيئة ، وفي بعضها عشر ، ومثل ذلك كثير في تقدير ثواب الأعمال ، وتوجيهه إمّا باختلاف مراتب العاملين ، وإمّا باختلاف النيّات ، وإمّا باختلاف عوارض العمل من تعبٍ ونحوه ، وإمّا باختلاف معنى الحسنات والسيّئات ، وإمّا باختلاف الجهات والعوارض ؛ لأنّ ثواب الحقيقة لا يختلف.

ومنها : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا صلّيت ركعتي الطواف ، كان لك بها ألفا حجّة ، وإذا سعيت بين الصفا والمروة ، كان لك مثل أجر من حجّ ماشياً» (٢) حيث إنّ الحجّ مُشتمل عليها ، فكيف تكون مُنفردة خيراً منها ومن غيرها معاً.

ومثل ذلك يتمشّى في مثل أنّ الفاتحة تعدل القرآن ، وتوجيهه : إمّا بإرادة ما عداها ، أو قراءتها بوجهٍ مخصوص ، أو إرادة المُبالغة ، بمعنى أنّ قارءها كأنّه لم يفُته شي‌ء من القرآن ، أو يُراد دخولها من حيث القرآنيّة دون الخصوصيّة ، ومثل ذلك يجري فيما تقدّم.

القسم الثالث : ما يتعلّق بوجوبه ووجوب العمرة

وهو أُمور :

منها : أنّ وجوبَ الحجّ ممّا أجمع عليه المسلمون ، الموافقون والمخالفون ، وقَضَت به سيرةُ المسلمين ، وقامَت على وجوبه ووجوب العُمرة ضرورة المذهب ، وعليه ضرورة الدين.

__________________

(١) دعائم الإسلام ١ : ٢٩٤ ، عدّة الداعي لابن فهد : ٥٥ ، عوالي اللآلي ٤ : ٣٣ ح ١١٤ ، مستدرك الوسائل ١٠ : ٣٠ أبواب الإحرام ب ١٧ ح ٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٠ ح ٥٧.

٤٦٤

ودلّ عليه مؤكّداً غاية التأكيد صريحُ الكتاب المُبين في قوله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (١) بحكم اللام الدالّة على الاستحقاق ، وربطه بالله تعالى ، واقتضاء «على» وعموم «الناس» المقتضي للأمر ، والأمر بالأمر على الفاعليّة لا البدليّة ، وذكر الاستطاعة وتعميم السبيل ، وتسمية تاركه كافراً ، والتأكيد بـ «إنّ» ، وذكر الغِنى ، واسميّة الجملة ، وخبريّتها ، والتعميم بعد التخصيص ، وتقديم الخبر فيها ، إلى غير ذلك.

وكذا الروايات المتواترة :

ومنها : ما في جواب الصادق عليه‌السلام عن معنى قوله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) «أنّ المُراد الحجّ والعُمرة جميعاً ؛ لأنّهما مَفروضان» كأن مُراده عليه‌السلام : أنّ العمرة محكوم بفرضيّتها في السنّة ، ولا طريق لاستفادتها من الكتاب سوى هذه الآية. وعن معنى «الحجّ الأكبر» أنّه الوقوف بعرفات ، ورمي الجمار ، و «الحجّ الأصغر» العُمرة ، واتّقاء ما يتقيه المُحرم فيهما (٢).

وعن الصادق عليه‌السلام : «الحجّ على الناس جميعاً ، صغارهم وكبارهم ، فمن كان له عُذر ، عذره الله تعالى» (٣). والمُراد بالصغار المُكلّفون ، وربّما يقال : بأنّ المُراد الأعمّ ، وأنّه يجب على الناس أن يكلّفوا الصغار بالحجّ إذا لزم التعطيل.

وعن الكاظم عليه‌السلام : «أنّ الله فرض الحجّ ، وذلك قول الله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) قال الراوي : قلت له : مَن لم يحجّ منّا فقد كفر؟ قال : «لا ، ولكن من قال : ليس هذا هكذا فقد كفر» (٤).

__________________

(١) آل عمران : ٩٧.

(٢) الكافي ٤ : ٢٦٤ ح ١ ، الوسائل ٨ : ٣ أبواب وجوب الحجّ ب ١ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ٢٦٥ ح ٣ ، الوسائل ٨ : ١١ أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ٣.

(٤) الكافي ٤ : ٢٦٦ ح ٥ ، التهذيب ٥ : ١٦ ح ٤٨ ، الاستبصار ٢ : ١٤٩ ح ٤٨٨ ، الوسائل ٨ : ١٠ أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ١.

٤٦٥

وعنه عليه‌السلام أيضاً : «من ماتَ ولم يحجّ حجّة الإسلام ، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به ، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ ، أو سلطان يمنعه ، فليمُت يهوديّاً أو نصرانيّاً» (١).

وعنه عليه‌السلام أيضاً : في قول الله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) «هذه لمن كان عنده مال وصحّة ، وإن كان سوّفه للتّجارة فلا يسعه ، فإن ماتَ على ذلك ، فقد تركَ شريعةً من شرائع الإسلام ، إذا هو يجد ما يحجّ به ، وإن كان دعاه قوم أن يحجّوه فاستحيى فلم يفعله فإنّه لا يسعه إلا الخروج ، ولو على حمار أجدع أبتر» (٢).

وعن قول الله عزوجل (وَمَنْ كَفَرَ) يعني : من ترك (٣).

وعن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «من ماتَ وهو صحيح مُوسِر لم يحجّ فهو ممّن قال الله عزوجل (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى)» فقال له من سمع : سبحان الله أعمى؟ فقال : «نعم ، إنّ الله أعماه عن طريق الحقّ» (٤).

وفي خبر آخر : «عن طريق الجنّة» (٥). إلى غير ذلك من الأخبار (٦).

ومنها : أنّه يجري عليه حكم ضروريّ الدين كالصلاة اليوميّة ونحوها ، وعلى بعض أجزائه ما يجري على بعض أجزائها ، فمن استحلّ تركه من دون شُبهةٍ يُعذر فيها فهو مرتدّ فطريّ أو ملّي يجري عليه حكمهما.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٦٨ ح ١ ، الفقيه ٢ : ٢٧٣ ح ١٣٣٣ ، عقاب الأعمال : ٢٨١ ، المحاسن : ٨٨ ح ٣١ ، الوسائل ٨ : ٢٠ أبواب وجوب الحجّ ب ٧ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ١٨ ح ٥٢ ، الوسائل ٨ : ١٦ أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ح ١ ، وب ١٠ ح ٣.

(٣) التهذيب ٥ : ١٨ ح ٥٢ ، الوسائل ٨ : ٢٠ أبواب وجوب الحجّ ب ٧ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٢٦٩ ح ٦ ، التهذيب ٥ : ١٨ ح ٥١ ، الوسائل ٨ : ١٨ أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ح ٧ ، والآية في سورة طه : ١٢٤.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٧٣ ح ١٣٣٢ ، التهذيب ٥ : ١٨ ح ٥٣ ، تفسير القمي ٢ : ٦٦ ، الوسائل ٨ : ١٧ أبواب وجوب الحجّ ب ٦ ح ٢.

(٦) انظر الكافي ٤ : ٢٦٨ ، والفقيه ٢ : ٢٧٣ ، والتهذيب ٥ : ١٨ ح ٥١ ، ٥٣ ، ٥٤ ، والوسائل ٨ : ١٦ أبواب وجوب الحجّ ب ٦.

٤٦٦

ومن تركه مُتهاوناً لا مُستحلاً جرى عليه أحكام فاعل الكبائر من القتل بعد التعزير مرّتين أو ثلاثاً على اختلاف الرأيين.

والآية المُكفّرة إذا بُنيت على ظاهرها من إرادة الكُفر الحقيقي منزّلة على القسم الأوّل وشاهدة عليه. وفي الأخبار السابقة صراحة باختصاص الكفر بالمُستحلّ (١) وما دلّ على الحكم به في مطلق التارك مقيّد ، أو مقصود به المبالغة.

ومنها : أنّ إيجابه يقتضي إيجاب ما اشتمل عليه ، وركنيّته كسائر المركّبات من الواجبات (والمندوبات ، تثبت) (٢) الركنيّة ، إلا ما قام الدليل على خلافه.

ومنها : أنّه يجب في العُمر كالعُمرة مرّة ، وقد قامَ عليه إجماعُ أهل الحقّ تحصيلاً ونقلاً. وربّما تُدّعى عليه ضرورة المذهب ، بل ضرورة الدين ، ويقضي به نفي الحرج ، ودلّت عليه الأخبار (٣).

فعن الرضا عليه‌السلام : في علّة فرض الحجّ مرّة واحدة : «إنّ الله وضع الفرائض على أدنى أهل القوّة ، فمن تلك الفرائض الحجّ المفروض واحداً ، ثمّ رغّب أهل القوّة على قدر طاعتهم» (٤).

وما ورد ممّا يدلّ على خلاف ذلك لا يُعوّل عليه ، كما روي عن الصادق عليه‌السلام : من أنّ الله تعالى فرض الحجّ على أهل الجدة (٥) في كلّ عام (٦).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٦٦ ح ٥ ، التهذيب ٥ : ١٦ ح ٤٨ ، الاستبصار ٢ : ١٤٩ ح ٤٨٨ ، الوسائل ٨ : ١٠ أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ١.

(٢) في «ص» : وفي المندوبات (المندوب) تثبت ، وفي «ح» : وفي المندوبات ثبتت.

(٣) عيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ٩٠ ، ١٢٠ ، علل الشرائع : ٢٧٣ ، ٤٠٥ ، المحاسن : ٢٩٦ ح ٤٦٥ ، فقه الرضا (ع) : ٢١٤ ، الوسائل ٨ : ١٢ ، أبواب وجوب الحجّ ب ٣ ح ١ ـ ٣.

(٤) علل الشرائع ٢ : ٤٠٥ ح ٥ ، عيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ١٢٠ ، الوسائل ٨ : ١٣ أبواب وجوب الحجّ ب ٣ ح ٣.

(٥) الجدّ : الغنى المصباح المنير : ٩٢. وقد سمّي ما جعل الله للإنسان من الحظوظ الدنيوية جدّاً. مفردات الراغب : ٨٩ (جد)

(٦) الكافي ٤ : ٢٦٦ ح ٦ ، التهذيب ٥ : ١٦ ح ٤٧ ، الاستبصار ٢ : ١٤٨ ح ٤٨٧ ، علل الشرائع : ٤٠٥ ح ٥ ، الوسائل ٨ : ١١ أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ٢ ، ٥ ، ٦.

٤٦٧

وعنه عليه‌السلام أيضاً : «الحجّ فرض على أهل الجَدة في كلّ عام» (١).

وعنه عليه‌السلام أيضاً أنّه قال : «إنّ في كتاب الله عزوجل (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) في كلّ عام (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)» (٢) ويمكن بناؤه على استفادته من الجملة الاسميّة ، ويمكن تأويله بإرادة تأكيد الوجوب ، فيتعلّق الظرف بالفرض ، وبأنّ الوجوب على من دخل تحت الصفة مجدّداً ، ولا يخلو منه عام ، أو بأنّه لا يختصّ الوجوب بزمان دون زمان ، أو على الوجوب الكفائي وإن سبق منهم الحجّ ؛ لئلا يلزم التعطيل ، أو على شدّة الاستحباب.

ومن عمل بظاهر هذه الأخبار ، كبعض علمائنا الأبرار (٣) ، يُحمل على الغفلة أو يُؤوّلُ كلامُه على نحو الأدلّة.

ومنها : أنّه يجب على الناس الحجّ بأنفسهم كفايةً ، أو إحجاج غيرهم مع عدم تمكّنهم إذا لزم التعطيل. ونحوه يجري في زيارة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأقوى. وربّما يتمشّى الحكم إلى جميع ما يدخل في تقويم الشريعة ، كزيارات الأئمّة عليهم‌السلام ، وقراءة القرآن ، وصلاة النوافل ، وتشييع الجنائز ، وعيادة المرضى ، ونحو ذلك.

فعن الصادق عليه‌السلام : «أنّه لو عطّل الناسُ الحجّ ، لوجب على الإمام عليه‌السلام أنّ يجبرهم على الحجّ ، إن شاءوا وإن أبوا ، فإنّ هذا البيت إنّما وضع للحجّ» (٤).

وعنه عليه‌السلام أيضاً : «لو أنّ الناس تركوا الحجّ ، لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك ، وعلى المقام عنده ، ولو تركوا زيارة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٦٦ ح ٨ ، التهذيب ٥ : ١٦ ح ٤٧ ، الاستبصار ٢ : ١٤٨ ح ٤٨٩ ، الوسائل ٨ : ١١ أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ٤.

(٢) علل الشرائع ٢ : ٢٠٥ ح ٥ ، الوسائل ٨ : ١٢ أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ٧ ، والآية في سورة آل عمران : ١٩٧.

(٣) علل الشرائع ٢ : ٤٠٥ ذ. ح ٥.

(٤) الكافي ٤ : ٢٧٢ ح ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٢ ح ٦٦ ، علل الشرائع : ٣٩٦ ح ١ ، الوسائل ٨ : ١٥ أبواب وجوب الحجّ ب ٥ ح ١.

٤٦٨

لجبرهم الوالي على ذلك ؛ فإن لم يكن لهم أموال ، أنفق عليهم من بيت المال» (١). ويمكن تمشيته إلى المُجتهدين ، ثمّ عدول المؤمنين.

وعنه عليه‌السلام أيضاً : «لو ترك الناسُ الحجّ لما نوظروا العذاب» (٢). وعن أبي جعفر عليه‌السلام : «لو عطّل الناس البيت سنة واحدة لم يُناظروا». أو قال : «أُنزل عليهم العذاب» (٣).

ومنها : أنّه يحرم تسويف الحجّ ، ويجب في سنة الاستطاعة على الفور ؛ للإجماع محصّلاً ومنقولاً بل الضرورة ، ولظاهر الأمر ، وعموم نحو «من مات ولم يحجّ فليمُت يهوديّاً أو نصرانيّاً» (٤) فإنّه لولا الفوريّة لعُذِر أكثرُ المكلّفين.

وفي أخبار المنع عن التسويف إلى أن يموت (٥) ، وما دلّ على وجوب الإجبار على الإمام عليه‌السلام أو الوالي ظهور فيه (٦).

الباب الثاني : في أقسامه

والنظر فيها في مقامات :

المقام الأوّل : في أقسامه الأصليّة وهي ثلاثة أقسام : تمتّع ، وقِران ، وإفراد.

ويفرق الأوّل عن الأخيرين بسبق العمرة عليه ، والتمتّع بها إليه ، وفي الأخيرين

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٧٢ ح ١ ، الفقيه ٢ : ٢٥٩ ح ١٢٥٩ ، التهذيب ٥ : ٤٤١ ح ١٥٣٢ ، الوسائل ٨ : ١٦ أبواب وجوب الحجّ ب ٥ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ٢٧١ ح ١ ، الوسائل ٨ : ١٣ أبواب وجوب الحجّ ب ٤ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٢٧١ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٥٩ ح ١٢٥٧ ، الوسائل ٨ : ١٣ أبواب وجوب الحجّ ب ٤ ح ٣.

(٤) الكافي ٤ : ٢٦٨ ح ١ ـ ٥ ، المعتبر ٢ : ٧٤٦ ، الوسائل ٨ : ١٦ أبواب وجوب الحجّ ب ٧ ح ٥.

(٥) الكافي ٤ : ٢٦٩ ح ٢ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٧٣ ح ١ ، التهذيب ٥ : ١٧ ح ٥٠ ، المقنعة : ٣٨٥ ، الوسائل ٨ : ١٦ أبواب وجوب الحجّ ب ٦.

(٦) الكافي ٤ : ٢٧٢ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٥٩ ، التهذيب ٥ : ٤٤١ ح ١٥٣٢ ، الوسائل ٨ : ١٥ أبواب وجوب الحجّ ب ٥.

٤٦٩

تتأخّر عنهما ، وبأنّ إحرامه من مكّة بعد الإحلال من العمرة ، وإحرامهما من الميقات الموافق لهما ، وبأنّه مخصوص بالنائي ، وهما مخصوصان بالقريب ، وأنّه مختص بوجوب الهدي دونهما.

ويفترق القرآن عن الإفراد بسياق الهَدي ، وخلوّهما عنه.

ويشترك الجميع بباقي الأعمال : وهي النيّة ، والتلبية ، واللبس ، والإحرام بالحجّ ، والوقوف بعرفات ، والمبيت بالمشعر ، والوقوف به ، ورمي جمرة العقبة ، والذبح. وقد يلحق به الأكل ، والحلق ، والتقصير ، وطواف الزيارة ، وركعتاه ، والسعي ، وطواف النساء ، وركعتاه ، والمبيت بمنى ليالي التشريق ، ورمي الجمرات الثلاث ، وينحصر البحث في ثلاثة أقسام :

الأوّل : التمتّع

وطريقه : أن ينوي الإحرام بالعمرة المتمتّع بها إلى الحجّ ، والأولى أن يأخذ قيد حجّ التمتّع ويحرم ، ويلبس ثوبي الإحرام ، ثمّ يلبّي ، ثمّ يطوف ، ثمّ يصلّي ركعتي الطواف ، ثمّ يسعى ، ثمّ يقصّر ، ثمّ ينوي إحرام حجّ التمتّع من مكّة ، ويحرم ، ويلبّي ، ويلبس ، ثمّ يقف بعرفات ، ثمّ يبيت بالمشعر ، ثمّ يقف فيه ، ثمّ يرمي جمرة العقبة ، ثمّ يذبح أو ينحر ، ثمّ يحلق ، ثمّ يذهب إلى الكعبة إلى طواف الزيارة ، ثمّ يصلّي ركعتيه ، ثمّ يسعى ، ثمّ يطوف طواف النساء ، ثمّ يصلّي ركعتيه ، ثمّ يعود إلى منى ، ثمّ يبيت فيها ليلتين ، ويرمي الجمرات الثلاث.

فأفعال عمرته ثمانية ، وأفعاله سبعة عشر ، فمجموعهما خمسة وعشرون. وإن أضفت الترتيب فيهما والأكل من الهدي ونيّة العمرة والحجّ ، كانت العمرة عشرة والحجّ عشرين.

وإن احتسبت مبيت كلّ ليلة فعلاً ، وكذا رمي كلّ جمرة ، زاد العدد ، والأركان من العمرة النيّة ، والإحرام بها ، والتلبية ، ولبس ثوبي الإحرام ، وطوافها ، وسعيها ؛ ومن الحجّ النيّة ، والإحرام ، والتلبية ، والوقوفان ، وطواف الحجّ ، وسعيه ، والترتيب ركن

٤٧٠

فيهما ، ولا يفسد الحجّ عمداً سوى الوقوفين ، ويجي‌ء البحث فيه من وجوه :

الأوّل : فيمن يتعيّن عليه

تتعيّن حجّة الإسلام على النائي مع الاختيار ، فلو أتى بأحد القسمين الأخيرين لم يجز عنه.

والمراد بالنائي : من بعُدت داره على الأقوى كما يظهر من الكتاب والسنّة ، واحتمال محلّته أو بلده أو مبدأ محلّ الترخّص لا وجه له ، ويستوي البناء ، والصهوة ، والمستأجرة ، والمعارة ، والمغصوبة في بلد مستوطنه عن الكعبة ، أو المسجد الحرام المؤسّس قديماً ، أو عن مكّة ، على ما يفهم من بعض الأخبار (١) فيدور الأمر بين القديمة وبين ما كان منها حال الأخذ في السعي وإن اختلف ما بينه وبين الوصول إلى الغاية ، ولعلّ الأقوى هو الأوّل بثمانٍ وأربعين ميلاً تحقيقاً في تقريب ، كسائر ما قدّر بالمسح أو الوزن ؛ لتعذّر الضبط الحقيقي فيه ؛ لتوقّفه على ضبط الأوزنة الموقوف على ضبط الأصابع والشعيرات والشعرات ، وأيضاً اعتبار المسح في الفضاء دون الطريق ، وعلى اعتبار الطريق يُعتبر حين الشروع ، فلو تبدّل في الأثناء ، لرفع المانع ، لم يتبدّل الحكم.

والمراد بُعد الوطن للمتوطّن بالاستقلال أو بالتبع ، ويتولّى المتبوع القصد.

وذو الوطنين متقاربين أو متباعدين ، في بلد أو بلدين ، من غير فرق بين ما استطاع فيه وغيره وغيرهما ، ولا بين المغصوب وغيره ؛ ولا ما بينهما مسافة وغيره ، تطرح أيّام السفر بينهما ، ويحتمل احتساب السفر إلى أحدهما من وطنيه ولا يجري فيما زاد عليهما بسير أكثرهما إقامةً ، ومع المساواة يتخيّر ، والأحوط الالتحاق بأهل مكّة.

وكثير السفر يراعي محلّ قصده ، والقول بالالتحاق بحاضري مكّة أو التخيير لا يخلو من وجه.

__________________

(١) انظر الوسائل ٨ : ١٨٧ أبواب أقسام الحجّ ب ٦.

٤٧١

ولو قصد التوطّن بعد الإحرام ، يعدل عمّا كان عليه ، كما لو فسخ فقصد التوطّن حول مكّة بعده ، وما أقام بستّة أشهر فعدل عن وطنه فليس بوطن على الأقوى.

والأقوى أنّ هذا الشرط علمي لا وجوديّ ، فلو زعم مسافة يترتّب عليها قسم فأحرم بنيّته ، فظهرت ممّا يترتّب عليها غيره ، بقي على حكم زعمه على إشكال ، فالمقيم بمكّة سنتين في الثالثة بمنزلة أهل مكّة. وفي المنكسر من الشهور أو من أيّامها وجوه ، أقواها اعتبار تمام الشهر واليوم المنكسرين فقط ، وبقاء السنتين على حالها ، والمدار على صدق الاسم ، وما يدخل فيه من حين البقاء.

ولو أقام في غيرها ذلك المقدار ، لم يُعتبر حكمه ، وإن كان قريباً. وفيما دون محل الترخّص (احتمل الالتحاق) (١) بها ، ويحتمل تمشية الحكم إلى الإقامة بما دون الثمانية وأربعين ميلاً ، أو فيما دون المسافة ولا بدّ من دخول الليالي في الإقامة والأقوى عدم (الإلحاق) (٢) ، فالخروج إلى ما دون محلّ الترخّص ، بل ما دون المسافة مع تكميل ما يساويه من بعد على تأمّل.

ولو نوى الاستيطان الدائم بمكّة ، ومضى عليه ستّة أشهر ، فهو بمنزلة أهل مكّة ، ويحمل عليه ما دلّ على الاكتفاء بستّة أشهر ، ولا يبعد الاكتفاء بمجرّد نيّة الاستيطان.

ويُراد بمكّة : محلّها القديم ، وإن ارتفع بناؤها ، والأقوى إضافة ما استجدّ من البيوت فيما لو خصّصنا الإقامة بها. وفي تمشية باقي أحكام مكّة من نذور وأيمان ونحوها إشكال.

الوجه الثاني : في شروطه ، وهي أُمور :

منها : النيّة ، ويُعتبر فيها نيّة الحجّ وكونه تمتّعاً ، ولا تشترط فيه نيّة الوجه ، بل يكفي الداعي كما سبق في غيره من العبادات ، وقد تُحسب من أجزائه.

__________________

(١) في «ص» : احتمال الإلحاق.

(٢) في «ص» : الحلق.

٤٧٢

ومنها : تقدّم العمرة المتمتّع بها عليه ، والإتيان به بعدها ، ولا يجوز الدخول فيه قبل تمامها اختياراً.

ومنها : الإحرام بالحجّ من مكّة في بطن البناء القديم ، أو مطلقاً ، والثاني أقوى. ولو وضع إحدى قدميه في مكّة والأُخرى خارجة ، أو أخرج بعضاً آخر ، اتّبع العرف ، وأفضلها المسجد ، وأفضله المقام أو الحِجر.

ومنها : الإتيان بالعمرة والحجّ في سنة واحدة ، وارتباطها به ، وكونها معه كالعمل الواحد على الأقوى.

ومنها : وقوعه مع العمرة في أشهر الحجّ ، وهي شوّال ، وذو القعدة وذو الحجّة.

وقيل : عشر من ذي الحجّة (١) ، وقيل : محرّم. وعن بعض : لفظ تسعة وعشر ؛. (٢) وقيل : ثمان (٣). وربّما كان النزاع لفظيّاً ؛ لأنّ لكلّ وجهاً موافقاً قولُ غيره من وجه آخر. ويجب أن يقع الإهلال بهما فيها.

ومنها : ما تقدّم من البُعد عن الكعبة بثمانية وعشرين ميلاً.

القسم الثاني : حجّ الإفراد

وطريقه : أن يحرم من مكّة إن خرج منها حاجّاً ، أو من أحد المواقيت. وينوي حجّ الإفراد ، ثمّ الإحرام ، ثمّ يلبّي ، ويلبس ، ثمّ يأتي بأعمال حجّ التمتّع سوى الذبح ، أو النحر. ويجي‌ء البحث فيه من وجوه :

أحدها : أنّه إنّما يجب في حجّة الإسلام على من لم يبلغ في البُعد مقدار ثمانية وأربعين ميلاً.

ثانيها : أنّ إحرامه لا يلزم أن يكون من مكّة ، إنّما يلزم أن يكون من الميقات المعدّ له.

ثالثها : أن يقدّم على العمرة المفردة.

__________________

(١) المراسم : ١٠٤ ، مروج الذهب ٢ : ٢٠٥.

(٢) الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧٤.

(٣) الكافي في الفقه : ٢٠١.

٤٧٣

القسم الثالث : حجّ القِران.

وهو حجّ الإفراد أفعالاً ، وشروطاً ، وإنّما يزيد عليه بسوق الهدي منويّاً في الحجّ.

وهذه الأقسام الثلاثة لا بدّ من البحث فيما يتعلّق بها حجّه ، وهو أبحاث :

البحث الأوّل : في أنّها في حدّ ذاتها من دون ملاحظة أمر خارجيّ مشروطة بشروط : منها ما تتوقّف عليه الصحّة وهي أُمور :

أحدها وثانيها : الإسلام ، وكذا الإيمان ما لم يتّصف برجوع إلى الحقّ ، على تفصيل تقدّم في مباحث العبادات ، ويجب على فاقد الوصفين.

ثالثها : العقل ، فلا يصحّ من المجنون المطبق والأدواري حال جنونه لو عرضَ له الجنونُ في الابتداء وإن تجدّد له العقل ، وكذا لو تجدّد له في الأثناء (إذا كانت صحّة) (١) بعضٍ منه موقوفة على البعض الأخر. ومع عدم التوقّف والتمكّن من الإتمام فيحتمل الصحّة وعدمها ، ولعلّ الأوّل أقوى.

رابعها : التمييز ، فلا يصحّ من غير المميّز ، وإن صحّ للوليّ أن يحجّ به.

ومنها : ما يتوقّف عليه الوجوب مع حصول أسبابه ، كالبلوغ ، فإنّ غير البالغ مميّزاً يصحّ منه على الأصحّ ، ولا يجب عليه بوجهٍ من الوجوه.

والحريّة ، فإنّ العبد لا يجب عليه بالأصالة. وإنّما يلزمه إذا أمره مولاه ، قنّاً كان أو مبعّضاً ، أو مدبّراً أو أُمّ ولد ، سواء قلنا بأنّه يملك أو لا.

وعلى القول بالملك ؛ لا فرق بين أن يملك ما به تحصل الاستطاعة أولا.

ومتى زال نقص العقل ، والصبا ، والعبوديّة قبل اختياري المشعر واضطراريّة على قول آخر كان الإتمام بمنزلة الإتيان به على وجه التمام ، وكان (٢) مجزياً عن حجّة الإسلام.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ص» : فصحّة.

(٢) في «ص» : يكون.

٤٧٤

وهل تُعتبر الاستطاعة عليهم في وجوب الإتمام أو لا؟ وجهان ، أقواهما الثاني ، كأهل مكّة ومن حولها على القول بعدم اشتراطها بالنسبة إليهم.

ولو كان الوقت باقياً ، وأمكنهم الرجوع ، لم يجب عليهم ، والأحوط لهم الرجوع ، ولو تقدّم منهم الطواف والسعي على الصبي والعبد ؛ لاختلاف النوع ، ولاعتبار نيّة الوجه على القول به ، كما في العدول من فرض إلى نفل وبالعكس ، في وجه قوي ، وفي الجنون لا محيصَ عنه.

والظاهر أنّ صحّة الحجّ تقضي بصحّة العُمرة ، فيجب حينئذٍ هَدي ، وعلى فرض عدم الصحّة يُحتمل سقوطها ، ويحتمل لزوم عمرة مفردة ، فينقلب الحجّ إفراديّاً ، ويجب الإتمام فوراً.

ولو جُنّ حالَ وقوف المشعر ، وصحّ فيما عداه ، بطل الحجّ ، وبالعكس بالعكس. ولو كان العبد ناوياً الوجوب بوجوبه بإيجاب مولاه ، احتمل لزوم تجديد نيّة الوجوب بقصد السبب الجديد. ولو أتى باختياري عرفة عاقلاً ، ثمّ استمرّ جنونه ، أجزأ ، بناءً على أنّ وقوف عرفة يجزي عن وقوف المشعر وغيره.

ولو بلغ الصبي ، وتحرّر العبد ، ولم يعلما إلا بعد مجاوزة المشعر أو إتمام الحجّ فالظاهر الإجزاء ، وأنّ الشرط وجودي لا علمي. ولو علما في المشعر بَعد نيّة الوقوف ، لزم تجديد النيّة ، بناءً على اعتبار الوجه ، ولو أفسدا بعدَ حصول أحد الوصفين ، لزمهما الإتمام والقضاء. والنائب إذا جُنّ وعقل عند وقوف المشعر ، أجزأت نيابته ، واستحقّ تمام أُجرته ، على إشكال.

ولا يصحّ من المميّز مباشرة الحجّ بنفسه إلا عن إذن الوليّ ، وهو وليّ المال من أبٍ أو جدٍّ لأبٍ من طرف الأب أو وصيّ أو حاكم أو عدل محتسب مع الغبطة ، ويُستحبّ للوليّ الإذن فيه ، ثمّ جميع ما يلزم من الغرامة كزيادة نفقة السفر وحرمة (١) فساد الحجّ

__________________

(١) في «ص» : خوف.

٤٧٥

لو أفسده ، والكفّارات ونحوها ، فعلى الوليّ. ويقوى أنّه إن قصد الثواب لنفسه ، فالغرامة عليه ؛ وإن كان لمصلحة الصبي ، فعلى الصبي.

وللوليّ أن يحرم عن الذي لا يميّز ولا يبعد أن يجوز ذلك لأُمّه ويقوم عنه في كلّ قول أو فعل لا يمكنه الإتيان به ، ويُحضره جميع المواقف.

ويُستحبّ له ترك الحصى في كفّ الطفل ، ووقوع الرمي منه ، ولوازم المحظورات ، والهدي ، والنفقة الزائدة على نفقة الحضر ، والذبح في المتمتّع من غير المميّز وكذا المميّز ، وللولي أن يأمره بالصوم ، ومع عجزه يصوم الوليّ عنه ، ولو رجع المولى أو (١) الولي قبل التلبّس كان له ذلك.

ولو أحرم بعضُ المولّى عليهم من دون إذن ، وارتفع الحجر عنهم في المشعر ، لزمهم تجديد النيّة من الميقات ، فإنّ تعذّر فمن موضعه.

ولو أفسد الأدون ، وجب عليه القضاء ، وعلى الولي تمكينه منه. ولو أحدث ما يوجب كفّارة مخيّرة بين المال والعمل ، وجب عليه العمل ، ولا يلتزم المولى ببذل المال ، وكان له منعه أيضاً عن الصوم ما دام في ملكه ؛ لأنّه لم يأذن له في السبب. وأمّا صومه بدل الهَدي فيلزمه البذل له أو الإذن فيه ، وللزوج والمولى معاً منع الأمة المزوّجة عن سفر الحجّ ، ومطلق الأسفار.

والمبعّض إن تهايا الشريك معه ووقّت نوبته بالسفر إلى الحجّ أو غيره من الأسفار فليس للوليّ منعه ، مع عدم لزوم الضرر عليه ، وإذا عقد الإحرام في نوبته ، وهي قاصرة عن الوفاء بالتمام ، فالظاهر الصحّة مع الإجازة ، وإمكان نيّة القربة. ولو زعم الحريّة عند الموقف ، ونوى حجّة الإسلام ، بقيت صحيحة على حالها على الأصحّ. ولو نوى حجّة الإسلام ، بزعم الحريّة أو البلوغ من المبدأ من دون إذن ، أو أجر نفسه كذلك ، بَطَلَ ، وتحتمل الصحّة بالإجازة.

ومن ادّعى البلوغ أو الحريّة ولا معارض له ، صُدّقت دعواه ، ومع المعارض يصدّق

__________________

(١) في «ح» : إلى.

٤٧٦

مُدّعي البلوغ بالاحتلام بلا بيّنة ، وبغيره لا بدّ من البيّنة. ومدّعي الحريّة إن كان لخصمه المدعي لرقيّته سبق في ملكيّته ، لم يحكم بالحريّة فيه إلا بالبيّنة ، وإلا صدّق قوله من دون بيّنة.

وإذا أفسد حجّه بالجماع مَن بلغ أو تحرّر قبل الوقوف بالمشعر ، لزمه الإتمام والقضاء وحجّة الإسلام بشرط الاستطاعة إذا اشترطناها بالنسبة إلى أهل مكّة ومن قاربهم ، وإلا فمطلقاً. ويجب تقديم حجّة الإسلام على القضاء ، فلو عكس بَطَلَ القضاء ، ولا يجوز العدول اختياراً من نوع منهما إلى غيره.

البحث الثاني : في أنّه كما لا يجوز بالاختيار للنائي في حجّة الإسلام حال الاختيار أن يعود في الابتداء أو أن يقرن (١) ، ولا للمفرد والقارن أن يتمتّع ، كذا لا يجوز العدول في الأثناء ، ولو غصب الهدي فلا يرجع إلى أحد القسمين الأخيرين على الأقوى ، ولا للقارن أن يُفرِد ، ولا للمفرد أن يقرن. وإذا لم يسق في الابتداء ، لم يدخله السوق في الأثناء بالقِران ، فلا يعدل عنه اختياراً إلى غيره ، ولا من غيره إليه مع الاختيار.

وأمّا العدول عن التمتّع إلى الإفراد ، ومن الإفراد إليه اضطراراً ؛ فلا مانع منه. فمن القسم الأوّل ما إذا ضاقَ الوقت عن الإتيان بطواف العمرة وسعيها ، أو حصل من يمنع عن دخول مكّة ، أو عن إتمام العمرة ، أو حصل مانع شرعي من حَيضٍ أو نفاس يمنع عن دخول المسجد فيمتنع الطواف ، أو خوف خروج القافلة من خوف الطريق أو جنابة ، بناءً على عدم استباحة التعرّض للمحترمات بالتيمّم.

ولو سبق منه نَذر أو شبهه على أن يكون أوّل الظهر في عرفات ، فضاقَ الوقتُ عن الوفاء بالنَّذر ، ففي دخوله في الضيق أو انحلال النذر وجهان ، أقواهما الثاني ، ثمّ إن ارتفع المانع قبل نيّة العدول بقيت على التمتع ، وبعد العدول والوصول إلى عرفات

__________________

(١) في «ح» : يفرق.

٤٧٧

يجب بقاؤها على عمرته ، وكذا بعد العدول قبل الوصول على الأقوى.

ولو انكشف عدم المانع بعد تمام الحجّ ، مضى حجّه. وبعد العدول قبل الوصول مع بقاء الوقت يلزم الرجوع على الأقوى ، وبعد الدخول في أعماله قبل تمامه أقوى (١) خلافه.

ولو عَرَضَ لها الحيضُ أو النفاسُ أو أيّ مانع كان في وجه بعيد إن طافت أربعَة أشواط وصلّت صلاة الطواف ، بعد تمامه قبل طواف الزيارة. ولو كانت طاهرةً وقتَ الطواف والصلاة دون باقي الأفعال ، صحّت عمرة. ولو طافت أقلّ من الأربعة ، ولو بشي‌ء يسير ، قطعت طوافها ، ولا سعة لها ، وأحرمت بالحجّ وإن كان أيّام الطواف. وإن ظهر لها الخطأ في حيضها قبل العدول أتَمّت ، وإن ظهر بعده قبل الدخول في الأعمال ، وكذا بعد تمام الحجّ أو قبله بعد الدخول ، قوي القول بصحّة الحجّ ، والعدول من الإفراد والقرآن إلى التمتّع في مقام الاضطرار ، كما إذا علم بامتناع الإتيان بالعمرة المفردة بعد الحجّ ، أو حصول مانع آخر. وأمّا العدول من التمتّع والإفراد إلى القِران فلا وجه لها.

البحث الثالث : في أنّه لا يجوزُ جمع نسكين فما زاد متماثلين ، كحجّتين ، وعمرتين ، متساويتين بالصنف أو مختلفتين ، ولا نسكين متغايرين ، كحجّة وعمرة في نيّة واحدة ؛ لحصول المغايرة ، وعدم المقارنة ؛ ولأنّ لكلّ عمل نيّة مستقلّة. كما لا يجوزُ إدخال نُسُك في آخر بعد الدخول فيه مع قصد التبعيض ، أو مع الرجوع إلى واحدٍ في غير المستثنى ، ولا الجمع بين جزئين متّصلين ، أو منفصلين ، كطواف وركعتيه ، أو سعي.

ولو كان معذوراً ، وذكر بعد فوات الوقوف بالمشعر ، بَطَلَ حَجّه ، ولو ذكر قبله جدّد النيّة وصحّ حجّه ، وجاهلُ الحكم بحيث لا يخطر بباله سوى ما فعله يدخل في

__________________

(١) كذا في النسخ والظاهر : يقوى.

٤٧٨

المعذور. وغيره كالعامد.

ولا بدّ من اتّصال كلّ عمل بنيّته ، وتولّي العامل النيّة إلا في غير المميّز ، فإنّ الوليّ يتولاها عن نفسه ، أو عنه ، على اختلاف الوجهين.

البحثُ الرابع : في أنّ الواجب منقسم إلى واجب أصلي إسلامي ، وواجب بالسبب ، إمّا بنيابة أو نذر أو عهد أو يمين أو إفساد ، وإلى مندوب. فينحصر البحث في مواضع :

الأوّل : الواجب الأصلي من الحجّ بأقسامه ، وكذا العمرة لا يجب بعد القدرة وعدم النقص لجنون أو صغر إلا بشروطه :

أحدها : الاستطاعة ، والمراد بها هنا على وجه الحقيقة ، تعيينيّاً أو تعيّنيّاً ، في الشرع أو عند المتشرّعة ، أو على وجه المجاز في الأوّل وجدان أمرين : أحدهما : الزاد ، وثانيهما : الراحلة ، فيكون البحث في مقامين :

الأوّل : في الزاد ، والمراد به هنا : ما يتّخذه المسافر من عين طعام وشراب متعارفين أو لا ، كترياقٍ ، وتنباكٍ ، وقهوة أو دواء ونحوها إذا اشتدّت الحاجة إليها ، أو لباس ، أو فراش ، أو غطاء ، أو وطاء ، أو وعاء ، ونحوها ممّا يحتاج إليها ، عيناً أو منفعةً ، خارقة أو عادة ، ليكن ؛ (١) تركها عيناً أو قيمةً ، فالمثل أو الزائد عليه مع القدرة عليه ووجود الباذل. ويختلف الحال باختلاف الأحوال والمحال والأوقات والأمكنة والجهات ، لنفسه ، وخدّامه ، وراحلته ، وأضيافه ، والمتردّدين إليه ، إن كان في ترك ذلك ممّن ينكر عليه تركه.

المقام الثاني : في الراحلة ، وهي معتبرة في الاستطاعة ، فيما يتوقّف على المسافة ، والمراد بها : ما يناسبه ، قوّة وضعفاً لا شرفاً وضعة ، إلا مع الإغراق عيناً أو قيمةً ؛ (٢) مع الإجحاف وعدمه إذا كانت مقدورة أو منفعة أو أُجرة كذلك ، بمحمل

__________________

(١) كذا.

(٢) في «ح» زيادة : إلا.

٤٧٩

يناسبه ، أو أوسعه ، أو بدونه ، مع عدم الاحتياج إليه ، قدر على المشي أو لا ، قدر على الركوب أولا ، من أهل مكّة أو ما يقاربها على إشكال (أو لا) (١) ، ويدخل معها سرجها ، ورحلها ، ونعلها وباقي أسبابها ، وقائد ، وسائق ، وخادم ، متّحدة أو متعدّدة ، طاقة أو عادة (٢) يحلّ تركها.

ويُعتبر فيهما معاً أن يصحباه ذهاباً وإياباً إلى منزله أو محلّه ، أو لم يكن له وطن. ويقوى الاكتفاء بوصول البلد مع عدم خروجها عن المتعارف ، ويحلّ الاكتفاء بمبدإ محلّ الترخّص.

وأن يكون من الفاضل على مقدار الدين الحالّ أو المؤجّل ، ولو كان أجله متأخّراً عن عامّ الحجّ على إشكال ، ومن الفاضل عن المسكن وعبد الخدمة ، وجاريتها ، وثياب البذلة والتجمل ، والسلاح. وعن المرأة ، والفراش ، والغطاء والوسادة والأواني ، ومئونة واجبي النفقة ، ومن ينكر عليه في عدم الإنفاق عليه ، ممّا يناسب حاله ، كمّاً وكيفاً إن وجدت ، ويشتري عوضها إن فقدت ، وشاء ذلك فيما له اختياره ، ولا يحتسب قيمتها من الاستطاعة ، على إشكال.

ويباع ما زاد على العدد المحتاج إليه ، وكذا ما زادت قيمته عن مقدار الحاجة ، فإنّه يباع ويُشترى عوضه بأقلّ من قيمته.

ويقرب إلحاق فرس الركوب وما يتبعها ، والسريّة ، وآلات الدار المنفصلة ، وبيت الدابّة مع حاجتها إليه ، ونفقتها ، وجلّ يحفظها عن البرد والحرّ ، وبيت الرحى.

ومن الفاضل عن مئونة يدعها لعياله الواجبي النفقة ، شرعاً أو عرفاً حتّى يرجع إليهم.

وما يرجع إليه من حجّه من عمل أو رأس مال يكتسب به ويقتضي الغنى سنين.

ولا يسقطن رأس مال التجارة ، ولا ما يستنميه من عقارات وأراضٍ ، وبساتين وأشجار ، مع زيادتها على ما ذكروه ، بخلاف ماله من فروض يطمئنّ بحصولها ، فإنّه

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «ح».

(٢) في «ص» زيادة : لا.

٤٨٠