كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

وسلم أو مطلقاً ولا يسري الحكم إلى قضاء منذورها وصوم ثلاثة أيّام بدل الهدي ، وصوم ثمانية عشر يوماً بدل البدنة للخارج من عرفة قبل الغروب ، وصوم الداخل إلى محلّ التمام قبل الزوال ، وصوم الخارج بعد الزوال ، ولم يكن أتياً ببعض المفطرات. والأقوى عدم الفرق بين صوم التطوّع ، والمنذور سفراً وحضراً ، وغيرهما.

سادس عشرها : حدوث المرض الضارّ ضرراً مُعتداً به بسبب الصيام ، بزيادةٍ ، أو بُطءٍ أو تقبيح صورة ، أو نحو ذلك.

سابع عشرها : عروض سبب الخوف على محترم من نفس أو غيرها من جوعٍ أو عطش ، أو تقيّة ، أو خوف على مال ، من نقدٍ أو جنس أو جمع زراعة أو ثمرة يضرّ إهمالها بحاله ، ونحو ذلك.

ثامن عشرها : عروض الجنون في أثناء اليوم ، ولو قبل الغروب بجزءٍ ما من الزمان ، بما يُسمّى جنوناً عُرفاً ، دون الخَبَل ، وقلّة الفطانة ، وزيادة الغِرّة (١).

تاسع عشرها : عروض الإغماء والسكر ، بعلاج وبدونه ، في أيّ جزء كان من أجزاء اليوم ، والأحوط القضاء والكفّارة في ذي العلاج في كلّ المُفسدات الشرعيّة ، من إغماءٍ وحيض وغيرهما.

العشرون : عروض الردّة عن الإسلام أو الإيمان ، بإنكار أصلٍ أو جحوده ، أو إنكار ضروريّ كصوم شهر رمضان ونحوه ، أو سبّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو أحد الأئمّة عليهم‌السلام ، أو الزهراء عليها‌السلام ، ونحو ذلك.

__________________

(١) الغِرّة : الغفلة. المصباح المنير : ٤٤٤.

٤١

الحادي والعشرون : منع السيّد عبده ، والزوج زوجته ، والوالدين ولدهما عن صوم التطوّع بعد الدخول فيه بعد الإذن منهم.

وإلحاق الواجب الموسّع به قويّ ، والأقوى خلافه ، ولو أذنوا بعد المنع فالفساد باقٍ.

الثاني والعشرون : عروض مُنافاة بعض الواجبات ، كتحصيل نفقة العيال ، أو ما يُقضى به الدين مع مُطالبة الغريم ، أو الجهاد الواجب ونحوها ، على رأي ، والأقوى العدم.

المبحث الخامس : في أنواعه

وأقسامه أربعة : مندوب ، ومكروه ، وواجب ، وحرام.

القسم الأوّل : المندوب

وضروبه كثيرة :

منها : صوم ثلاثة أيّام من الشهر : أوّل خميس ، وآخر خميس ، وأوّل أربعاء من العشرة الثانية. وعليها استمرّ عمل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قُبض ، وقد كان بُرهةً من الزمان يصوم حتّى يقال : لا يفطر ، ويفطر حتّى يقال : لا يصوم ، ثمّ انتقل منه إلى صوم الاثنين والخميس ، ثمّ إلى صوم داود عليه‌السلام يوماً ، ويوماً لا (١).

وعن الصادق عليه‌السلام : أنّ صوم تلك الثلاثة أيّام يعدل صوم الدهر (٢) ، ولعلّ المراد ممّا عداها ، أو مع عدم نيّة خصوصها ، أو مع فرضها خالصة عن الخصوصيّة ، كما

__________________

(١) انظر الكافي ٤ : ٨٩ ح ١ ، وص ٩٤ ح ١٣ ، والفقيه ٢ : ٤٩ ح ٢١٠ ، والتهذيب ٤ : ٣٠٢ ح ٩١٣ ، ٩١٦ ، والاستبصار ٢ : ١٣٦ ح ٤٤٤ ، ٤٤٦ ، وثواب الأعمال : ١٠٥ ح ١٦ ، الخصال : ٣٩٠ ، والوسائل ٧ : ٣٠٣ أبواب الصوم المندوب ب ٧.

(٢) انظر الكافي ٤ : ٨٩ ح ١ ، وص ٩٤ ح ١٣ ، والفقيه ٢ : ٤٩ ح ٢١٠ ، والتهذيب ٤ : ٣٠٢ ح ٩١٣ ، ٩١٦ ، والاستبصار ٢ : ١٣٦ ح ٤٤٤ ، ٤٤٦ ، وثواب الأعمال : ١٠٥ ح ١٦ ، الخصال : ٣٩٠ ، والوسائل ٧ : ٣٠٣ أبواب الصوم المندوب ب ٧.

٤٢

يقال مثله : في أنّ الفاتحة تعدل قراءة القرآن (١). ونحو ذلك.

وهي الّتي أوصى بها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً (٢) ، والّتي تُذهب ببلابل القلب أي همومه ، وور الصدر ، أيّ وسوسته أو حقده وغضبه (٣).

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : «إنّي دخلت الجنّة فوجدت أكثر أهلها البُله ، وهم الغافلون عن الشرّ ، العاقلون للخير ، الصائمون ثلاثة أيّام من كلّ شهر» (٤).

ولعلّ المراد أكثرهم نَفعاً ، أو أتْباعاً ، أو الّذين لهم رتبة الحضور بخدمة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو جنّة مخصوصة ، أو من لهم أهليّة. ويمكن تعميم صوم أيّ ثلاثة ممّا ورد فيها الخصوص أو مطلقاً.

وعن الرضا عليه‌السلام صوم خميس بين أربعاءين (٥) ، وفي رواية أبي بصير شهر على الأوّل ، وشهر وفق رواية الرضا عليه‌السلام ، وهكذا (٦). وعن الصادق عليه‌السلام التخيير بين الأوّل ، وبين صيام الاثنين والأربعاء والخميس ، وبين ثلاثة أيّام من كلّ شهر (٧).

وفي بعض الأخبار اعتبار النحو الأوّل مع تقييد الخميس الأخير بأوّل خميس من آخر الشهر (٨) ، وروى مطلق الخميس والأربعاء في الأعشار الثلاثة ، نقله في الدروس (٩) ، والأوّل أشهر وأظهر.

ومنها : صوم أيّام البيض من كلّ شهر : الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر. وسُمّيت بِيضاً لبياض لياليها. أو لبياض آدم عليه‌السلام بعد سواده لتركه

__________________

(١) مجمع البيان ١ : ١٧ ، جامع الأخبار : ١٢١ ، تفسير الدر المنثور ١ : ٥.

(٢) الكافي ٨ : ٧٩ ح ٣٣ ، الوسائل ٧ : ٣٢١ أبواب الصوم المندوب ب ١٢ ح ٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٣٠٣ ح ٩١٥ ، الاستبصار ٢ : ١٣٦ ح ٤٤٥ ، الوسائل ٧ : ٣١١ أبواب الصوم المندوب ب ٧ ح ٢٣.

(٤) قرب الإسناد : ٤٧٥ ح ٢٤٣ ، معاني الأخبار : ٢٠٣ ، الوسائل ٧ : ٣١١ أبواب الصوم المندوب ب ٧ ح ٢٥.

(٥) التهذيب ٤ : ٣٠٤ ح ٩١٨ ، الاستبصار ٢ : ١٣٧ ح ٤٤٨ ، الوسائل ٧ : ٣١٣ أبواب الصوم المندوب ب ٨ ح ١.

(٦) التهذيب ٤ : ٣٠٣ ح ٩١٧ ، الوسائل ٧ : ٣١٣ أبواب الصوم المندوب ب ٨ ح ٢.

(٧) التهذيب ٤ : ٣٠٣ ح ٩١٥ ، الاستبصار ٢ : ١٣٦ ح ٤٤٥ ، الوسائل ٧ : ٣١١ أبواب الصوم المندوب ب ٧ ح ٢٣.

(٨) الفقيه ٢ : ٥١ ح ٢٢٣ ، الوسائل ٧ : ٣٠٥ أبواب الصوم المندوب ب ٧ ح ٤.

(٩) الدروس الشرعية ١ : ٢٨٠ ، وأُنظر أمالي الصدوق : ٤٧٠ ، والوسائل ٧ : ٣٠٣ أبواب الصوم المندوب ب ٧.

٤٣

الأولى ، وزوال السواد منه أثلاثاً ، في كلّ يوم منها ثلثاً.

فعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال لعليّ عليه‌السلام : «من صام أيّام البيض : الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، كتب الله له بصوم أوّل يوم صوم عشرة آلاف سنة ، وبثاني يوم صوم ثلاثين ألف سنة ، وبثالث يوم صوم مائة ألف سنة ، ثمّ قال : هذا لك ولمن عمل ذلك» (١).

والقول بأنّ أيّام البيض الأربعاء والخميسان (٢) ، لا اعتداد به.

ومنها : صوم ثلاثة أيّام من الشهر كيف أراد ، ورُخص في تقديمها ، وتأخيرها في الشهر ، وإلى الأيّام القصار ، وإلى الشتاء (٣).

ومنها : صوم ثلاثة من أوّل الشهر ، وثلاثة من وسطه ، وثلاثة من أخره. روي : أنّه صوم سليمان بن داود عليه‌السلام (٤).

ومنها : صوم ثلاثة أيّام للحاجة ، خصوصاً في المدينة.

ومنها : صيام ثلاثة أيّام للاستسقاء ، آخرها يوم الاثنين. وقيل : أو يوم الجمعة (٥) ، ولا بأس به.

ومنها : صيام ثلاثة أيّام من رجب : الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، عمل أُمّ داود.

والظاهر أنّ صيام بعض الأيّام من المتعدّد اختياراً أو اضطراراً يلحقه ثواب الأصل والخصوصيّة ، مع ملاحظة نسبة الكميّة ، وإن فاته ثواب المجموعيّة ، كما في نحوه من الأعمال.

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٣٢١ أبواب الصوم المندوب ب ١٢ ح ٣ ، نقلاً عن الدروع الواقية عن كتاب تحفة المؤمن لعبد الرحمن بن محمّد بن عليّ الحلواني.

(٢) هذا القول للصدوق في علل الشرائع : ٣٨٠.

(٣) الفقيه ٢ : ٥١ ح ٢١٩ ، الكافي ٤ : ١٤٥ ح ١ ٣ ، ثواب الأعمال : ١٠٦ ح ١٩ ، التهذيب ٤ : ٣١٤ ح ٩٥١ ، الوسائل ٧ : ٩١٤ أبواب الصوم المندوب ب ٩.

(٤) الدروع الواقية : ٥٣ ، الوسائل ٧ : ٣٢٢ أبواب الصوم المندوب ب ١٣ ح ٢.

(٥) نقله عن أبي الصلاح في الذكرى : ٢٤٩.

٤٤

ومنها : صوم شهر رجب ، فعن عليّ عليه‌السلام رجب شهري ، وشعبان شهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشهر رمضان شهر الله (١) وعن الباقر عليه‌السلام : «من صام يوماً من أوّل رجب أو وسطه أواخره ، أوجبَ الله له الجنّة ، وجعله معنا وفي درجتنا يوم القيامة ، ومَن صامَ يومين منه ، قيلَ له : استأنف العمل ، فقد غفر الله لك ما مضى ، ومن صام ثلاثة أيّام من رجب ، قيل له : قد غفر لك ما مضى وما بقي ، فاشفع لمن شِئتَ من مُذنبي إخوانك وأهل معرفتك ؛ ومَن صامَ منه سبعة أيّام أُغلقت عنه أبواب النيران السبعة ؛ ومَن صامَ منه ثمانية أيّام ، فُتحَت له أبواب الجنّة الثمانية» (٢).

وفي «المجالس» و «ثواب الأعمال» : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «رجب شهر الله ، من صامَ منه يوماً إيماناً واحتساباً ، استوجبَ رضوان الله الأكبر.

ومَن صام منه يومين ، لم يصِف الواصفون ماله عند الله من الكرامة.

ومن صام منه ثلاثة أيّام ، جعل الله بينه وبين النار حجاباً طوله مسيرة سبعين عاما.

ومَن صامَ منه أربعة أيّام ، عُوفيَ من البلايا كلّها ، والجنون ، والجذام ، والبرص ، وفِتنة الدجّال.

ومَن صامَ منه خمسة أيّام ، كانَ حقّا على الله أن يُرضيه يوم القيامة.

ومَن صام منه ستّة أيّام ، خرج من قبره ونوره يتلألأ ويُبعث من الآمنين.

ومَن صامَ منه سبعة أيّام ، غُلقت عنه أبواب جهنّم سبعتها.

ومَن صامَ منه ثمانية أيّام ، فَتَحَ الله له بكلّ يوم باباً إلى الجنّة يدخل من أيّها شاء.

ومن صام منه تسعة أيّام ، خرج من قبره وهو ينادي : لا إله إلا الله ، ولا يُصرف وجهه دون الجنّة.

ومن صامَ منه عشرة أيّام ، جعلَ الله له جناحين أخضرين يطير بهما كالبرق

__________________

(١) مسار الشيعة : ٣٢ ، مصباح المتهجّد : ٧٣٤ ، الوسائل ٧ : ٣٥٦ أبواب الصوم المندوب ب ٢٦ ح ١٦.

(٢) أمالي الصدوق : ١٤ ح ١ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ١٩ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ٣٥٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢٦ ح ٥.

٤٥

الخاطف إلى الجنان.

ومَن صامَ منه أحد عشر يوماً ، لم يوافِ عند الله أفضل منه ، إلا من صام مثله أو زاد عليه.

ومَن صامَ منه اثنا عشر يوماً كساه الله يوم القيامة حُلّتين خضراوين من سُندس واستبرق.

ومَن صامَ منه ثلاثة عشر يوماً ، وُضِعت له يوم القيامة مائدة من ياقوت أخضر في ظلّ العرش ، فيأكل منها ، والناس في شدّة شديدة.

ومَن صامَ منه أربعة عشر يوماً ، أعطاه الله تعالى من الثواب ما لا عين رأت ، ولا أُذُن سمِعت ، ولا خطرَ على قلب بشر.

ومَن صامَ منه خمسة عشر يوماً ، وقف يوم القيامة موقف الآمنين.

ومن صام منه ستّة عشر يوماً ، كان من أوائل من يركبون على دوابّ من نور تطير بهم في عرصات الجنان.

ومَن صامَ منه سبعة عشر يوماً ، وضعَ له على الصراط سبعون ألف مصباح من نور ، حتّى يمرّ بتلك المصابيح إلى الجنان.

ومَن صامَ ثمانية عشر يوماً منه ، زاحمَ إبراهيم الخليل في قبّته.

ومَن صامَ تسعة عشر يوماً منه ، بنى الله له قصراً من لؤلؤ رطب بحذاء قصر آدم عليه‌السلام وإبراهيم عليه‌السلام.

ومَن صامَ عشرين يوماً منه ، يكن كمن عبد الله عشرين ألف ألف عام.

ومَن صامَ واحداً وعشرين منه ، شفعَ يوم القيامة في مثل ربيعة ومُضر.

ومَن صامَ اثنين وعشرين يوماً ، ناداه مُنادٍ من السماء : أبشر يا وليّ الله بالكرامة العظيمة.

ومَن صامَ ثلاثة وعشرين يوماً منه ، نُودي من السماء : طوبى لك يا عبد الله ، تعبت قليلاً ، ونعمت طويلاً.

ومَن صامَ منه أربعة وعشرين يوماً ، هوّن الله عليه سكرات الموت ، ويرد حوض

٤٦

النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ومَن صامَ منه خمسة وعشرين يوماً ، فهو أولى الناس دخولاً في جنّة عدن مع المقرّبين. ومَن صامَ منه ستّة وعشرين يوماً بنى الله له قصراً يسكنها ناعماً ، والناس في الحساب.

ومَن صامَ منه سبعة وعشرين يوماً ، وسّعَ الله عليه القبر مسيرة أربعمائة عام.

ومَن صامَ منه ثمانية وعشرين يوماً ، جعل الله بينه وبين النار سبعة خنادق.

ومَن صامَ منه تسعة وعشرين يوماً ، غفرَ الله له ، ولو كان عشّاراً (١) ، ولو كانت امرأة فجرت سبعين مرّة.

ومَن صامَ ثلاثين يوماً منه ، نادى مُنادٍ من السماء : يا عبد الله ، قد غُفر لك ما مضى ، فاستأنف العمل فيما بقي» (٢).

ومنها : صوم شعبان ، فعن الصادق عليه‌السلام : «مَن صامَ أوّل يوم من شعبان ، وجبَت له الجنّة البتّة ؛ ومَن صامَ منه يومين ، نظرَ الله إليه في كلّ يوم وليلة في دار الدنيا ، ودام نظره إليه في الجنّة ؛ ومَن صامَ منه ثلاثة أيّام ، زارَ الله في عرشه» (٣).

وهو الشهر الّذي كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُحافظ على صيامه ، وله فضل عظيم (٤).

ومنها : صوم نصف رجب ؛ لوروده بالخصوص في بعض النصوص (٥).

ومنها : صوم الاثنين والخميس ؛ لما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه

__________________

(١) العشّار : قابض العشر ، وفي الحديث : إن لقيتم عاشراً فاقتلوه ، أي إن وجدتم من يأخذ العشر على ما كان يأخذه أهل الجاهلية مُقيماً على دينه فاقتلوه لكفره أو لاستحلاله لذلك إن كان مسلماً وأخذه مستحلا وتاركاً فرض الله وهو ربع العشر. لسان العرب ٤ : ٥٧٠.

(٢) أمالي الصدوق ٤٢٩ ح ١ ، ثواب الأعمال : ٧٨ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ٣٥٢ أبواب الصوم المندوب ب ٢٦ ح ٩. ملاحظة : الموجود في المتن مضمون بعض الحديث.

(٣) الفقيه ٢ : ٥٦ ح ٢٤٧ ، ثواب الأعمال : ٨٤ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ٣٦٣ أبواب الصوم المندوب ب ٢٨ ح ٨.

(٤) انظر الوسائل ٧ : ٣٦٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢٨.

(٥) مصباح المتهجّد : ٧٥٠ ، الوسائل ٧ : ٣٣٠ أبواب الصوم المندوب ب ١٥ ح ٧.

٤٧

كان يداوم على صومهما بُرهة من الزمان (١).

ومنها : صوم يوم الجمعة ، فعن الصادق عليه‌السلام : استحباب صومه ؛ لأنّ ثواب العمل يضاعف فيه (٢) وروى : مَزيد تأكيد في صوم الخميس والجمعة في شهرٍ حرام (٣).

ومنها : صوم يوم السبت من شهرٍ حرام ، فعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مَن صامَ من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت ، كتبَ الله لهُ عبادة تسعمائة سنة» (٤).

وما روي من النهي عن صوم الاثنين (٥) ، محمول على التقيّة ، أو قصد التبرّك ، كما صنع بنو أُميّة لعنهم الله. والنهي عن إفراد الجمعة بالصيام حتّى يصوم معه غيره (٦) ، محمول على التقيّة.

ومنها : صوم أوّل يوم من ذي الحجّة ، فعن الكاظم عليه‌السلام : أنّ صوم أوّل يوم منه يعدل صوم ثمانين شهراً (٧) ، وروى : أنّ صومه كفّارة ستّين سنة (٨) ، وروى : كفّارة تسعين سنة (٩).

ومنها : صوم ثامن ذي الحجة ، فعن الصادق عليه‌السلام : إنّ صوم يوم التروية كفّارة سنة (١٠).

ومنها : صوم تسعة أيّام من أوّل ذي الحجّة جملةً ، فعن الكاظم عليه‌السلام : أنّها

__________________

(١) قرب الإسناد : ٤٣ ، ثواب الأعمال : ١٠٤ ، الوسائل ٧ : ٣٢٠ أبواب الصوم المندوب ب ١٢ ح ٢.

(٢) عيون أخبار الرضا (ع) : ٢ : ٣٦ ح ٩٢ ، الخصال : ٣٩٢ ح ٩٣ ، الوسائل ٧ : ٣٠١ أبواب الصوم المندوب ب ٦ ح ٢ ، ٤.

(٣) المقنعة : ٣٧٥ ، الوسائل ٧ : ٣٤٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٥ ح ٤.

(٤) المقنعة : ٣٧٥ ، الوسائل ٧ : ٣٤٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٥ ح ٤.

(٥) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٥ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ ح ٩١١ ، الاستبصار ٢ : ١٣٥ ح ٤٤٢ ، الخصال : ٣٨٥ ح ٦٦ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٣ ، وب ٢٢ ح ٢.

(٦) عيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ٧٤ ح ٣٤٦ ، التهذيب ٤ : ٣١٥ ح ٩٥٨ ، الوسائل ٧ : ٣٠١ أبواب الصوم المندوب ب ٥ ح ٣ ، ٦.

(٧) مصباح المتهجّد : ٦١٣ ، الوسائل ٧ : ٣٣٤ أبواب الصوم المندوب ب ١٨ ح ٢.

(٨) الفقيه ٢ : ٥٢ ح ٢٣٢ ، الوسائل ٧ : ٣٣٤ أبواب الصوم المندوب ب ١٨ ح ٥.

(٩) الموجود في ذيل الرواية السابقة : وفي تسع من ذي الحجّة أُنزلت توبة داود عليه‌السلام ، فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة تسعين سنة.

(١٠) الفقيه ٢ : ٥٢ ح ٢٣٠ ، ثواب الأعمال : ٩٩ ح ٣ ، الوسائل ٧ : ٣٣٤ أبواب الصوم المندوب ب ١٨ ح ٤.

٤٨

تعدل صوم الدهر (١).

ومنها : صوم كلّ يوم من المحرّم ، أيّ يوم كان ؛ لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مَن صامَ يوماً من المحرّم ، فلهُ بكلّ يوم ثلاثون يوماً» (٢). وروى : أنّه مَن صامَ يوماً من المحرّم ، جعلَ الله بينه وبين جهنّم جنّة كما بين السماء والأرض (٣).

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ أفضل الصلاة بعد الفريضة الصلاة في جوف الليل ، وأفضل الصوم بعد شهر رمضان صوم شهر الله الّذي يدعونه المحرّم» (٤).

ورود في صوم تاسوعاء وعاشوراء : أنّ صومهما يعدل سنة (٥) ، والأولى أن لا يصوم العاشوراء إلا إلى ما بعد صلاة العصر بساعة. وينبغي له الإفطار حينئذٍ على شربةٍ من ماء.

ومنها : صوم يوم التاسع والعشرين من ذي القعدة ، وروى : أنّه كفّارة سبعين سنة (٦).

ومنها : صوم يوم النصف من جمادى الأُولى ، ذكره الشهيد رحمة الله عليه (٧).

ومنها : الصوم عند الشدّة ، فعن الصادق عليه‌السلام : «إذا نزلت بالرجل النائبة والشدّة ، فليصُم ، فإنّ الله تعالى يقول (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (٨) والصبر الصوم» (٩). وشكا رجل إلى الكاظم عليه‌السلام ضيق يده ، فقال له : «صُم وتصدّق» (١٠).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٥٢ ح ٢٣١ ، ثواب الأعمال : ٩٨ ح ٢ ، الوسائل ٧ : ٣٣٤ أبواب الصوم المندوب ب ١٨ ح ٣.

(٢) إقبال الأعمال : ٥٥٣ ، الوسائل ٧ : ٣٤٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٥ ح ٥.

(٣) إقبال الأعمال : ٥٥٣ ، الوسائل ٧ : ٣٤٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٥ ح ٦.

(٤) إقبال الأعمال : ٥٥٤ ، الوسائل ٧ : ٣٤٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٥ ح ٨.

(٥) الموجود أنّه يكفّر ذنوب سنة ، انظر التهذيب ٤ : ٢٩٩ ح ٩٠٥ ، ٩٠٧ ، والاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٣٧ ، ٤٣٩ ، والوسائل ٧ : ٣٣٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٠ ح ٢ ، ٣.

(٦) الفقيه ٢ : ٥٤ ح ٢٣٩ ، الوسائل ٧ : ٣٣٣ أبواب الصوم المندوب ب ١٧ ح ١.

(٧) الدروس الشرعية ١ : ٢٨١.

(٨) البقرة : ٤٥.

(٩) الكافي ٤ : ٦٣ ح ٧ ، تفسير العيّاشي ١ : ٤٣ ح ٤٠ ، الوسائل ٧ : ٢٩٨ أبواب الصوم المندوب ب ٢ ح ١.

(١٠) الكافي ٤ : ١٨ ح ٢ ، الوسائل ٧ : ٢٩٨ أبواب الصوم المندوب ب ٢ ح ٢.

٤٩

ومنها : صوم الولد أو القرابة الأدنى عن الشيخ العاجز عن الصوم ، أو المتعسّر عليه حال حياته ، وعليه يُنَزّل ما دلّ على الوجوب (١).

ومنها : الصوم للدعاء ؛ لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «دعاء الصائم لا يردّ» (٢).

ومنها : صيام أهل الشبق (٣) من العزّاب ؛ لأمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم بذلك» (٤).

ومنها : صيام أيّام الهجير ؛ للأمر به (٥).

ومنها : صيام النيابة حيث لا تجب بإجارة ولا بغيرها.

ومنها : صوم من نامَ عن صلاة العشاء حتّى ينتصف اللّيل.

ومنها : صيام الأولاد المميّزين قبل بلوغهم.

ومنها : صوم يوم الشكّ ؛ للأمر به (٦).

ومنها : صوم يومٍ ، ويوم لا ؛ لفعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولأنّه صوم داود عليه‌السلام (٧).

ومنها : صوم يومين وإفطار يوم ، روي : أنّه صوم مريم عليها‌السلام ؛ (٨) وفي هذا

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٣٩ ح ٦٩٩ ، الاستبصار ٢ : ١٠٤ ح ٣٤٠ ، الوسائل ٧ : ١٥٢ أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ١١ ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال : قلت له الشيخ الكبير لا يقدر أن يصوم ، فقال : يصوم عنه بعض ولده ، قلت : فإن لم يكن له ولد؟ قال : فأدنى قرابته.

قال الحر : صوم الوليّ هنا محمول على الاستحباب ذكره الشيخ وغيره.

(٢) الكافي ٢ : ٣٧٠ ح ٦ ، الفقيه ٢ : ١٤٦ ح ٦٤٤ ، أمالي الصدوق : ٢١٨ ، دعوات الراوندي : ٢٧ ح ٤٦ ، الوسائل ٤ : ١١٥٣ أبواب الدعاء ب ٤٤ ح ٢.

(٣) شَبِق الرجل شبقاً فهو شَبِق : هاجت به شهوة النكاح ، المصباح المنير : ٣٠٣.

(٤) الكافي ٤ : ١٨٠ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ١٩٠ ح ٥٤١ ، الوسائل ٧ : ٢٩٩ أبواب الصوم المندوب ب ٤.

(٥) انظر الوسائل ٧ : ٢٩٩ أبواب الصوم المندوب ب ٣.

(٦) انظر الوسائل ٧ : ٢١٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٦.

(٧) انظر الوسائل ٧ : ٣٠٣ أبواب الصوم المندوب ب ٧.

(٨) الوسائل ٧ : ٣٢٢ أبواب الصوم المندوب ب ١٣ ح ٣.

٥٠

وأمثاله إشعار برجحان ما اعتاده الأنبياء السابقون ، ونحوهم.

ومنها : صوم ستّة أيّام بعد عيد الفطر ، وتركه أولى.

ومنها : صوم يوم الغدير الثامن عشر من ذي الحجّة ، فعن الصادق عليه‌السلام : أنّه يعدل صوم ستّين سنة (١) وروى : أنّه يعدل صوم الدنيا (٢) ، وروى : أنّه يعدل في كلّ عام مائة حجّة ، ومائة عمرة مَبرورات مُتقبّلات ، وهو عيد الله الأكبر (٣) ، وكانت الأنبياء تأمر الأوصياء أن يتّخذوا يوم نصب الوصيّ عيداً للنّاس (٤).

ومنها : صوم يوم المبعث ، وهو السابع والعشرين من رجب. وروى عن الرضا عليه‌السلام : أنّه لثلاثٍ مضين من رجب. قال سعد : وهو غلط من الكاتب (٥).

وعن الصادق عليه‌السلام : أنّ صومه يعدل صوم ستّين سنة (٦) ، وعن الرضا عليه‌السلام : صوم سبعين سنة (٧).

ومنها : صوم يوم دحو الأرض ، وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة ، فعن الرضا عليه‌السلام : أنّ صومه يعدل صوم ستّين شهراً (٨).

ومنها : صوم يوم مولد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، السابع عشر من ربيع الأوّل. وقول الكليني : إنّه الثاني عشر (٩) ، ضعيف.

وفي روضة الواعظين : روى أنّ صومه يعدل صوم ستّين سنة (١٠).

__________________

(١) الموجود : أفضل من عمل ستّين سنة ، أو كفّارة ستّين سنة ، انظر الوسائل ٧ : ٣٢٥ أبواب الصوم المندوب ب ١٤ ح ٧ ، ٨.

(٢) روضة الواعظين : ٣٥٠ ، الوسائل ٧ : ٣٢٩ أبواب الصوم المندوب ب ١٤ ح ١٤ ، وأُنظر ح ١١ من نفس الباب.

(٣) التهذيب ٣ : ١٤٣ ح ٣١٧ ، الوسائل ٧ : ٣٢٤ أبواب الصوم المندوب ب ١٤ ح ٤.

(٤) الكافي ٤ : ١٤٨ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣٢٣ أبواب الصوم المندوب ب ١٤ ح ٢.

(٥) ثواب الأعمال : ٨٣ ح ٥ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٢٠ ح ٧ ، الوسائل ٧ : ٣٢٩ أبواب الصوم المندوب ب ١٥ ح ٢.

(٦) المروي عنه (ع) تارة ستّون شهراً ، وأُخرى سبعون سنة ، انظر الوسائل ٧ : ٣٢٩ أبواب الصوم المندوب ب ١٥ ، وأُنظر مستدرك الوسائل ٧ : ٥١٨ أبواب الصوم المندوب ب ١٢.

(٧) ثواب الأعمال : ٨٣ ح ٥ ، الوسائل ٧ : ٣٢٩ أبواب الصوم المندوب ب ١٥ ح ٢.

(٨) الفقيه ٢ : ٥٤ ح ٢٣٨ ، ثواب الأعمال : ١٠٤ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣٣١ أبواب الصوم المندوب ب ١٦ ح ١.

(٩) الكافي ١ : ٤٣٩.

(١٠) روضة الواعظين : ٣٥١.

٥١

ومنها : صوم يوم المباهلة ، الرابع والعشرين من ذي الحجّة ، ذكره الأصحاب (١).

ومنها : صوم النيروز ؛ لأمر الصادق عليه‌السلام به (٢).

ومنها : الصوم لقضاء الحاجة ، كما يظهر من تتبع الأخبار (٣).

ومنها : الصوم لصحّة المزاج والغنى عن العلاج ، كما يظهر من بعض الروايات (٤).

ومنها : صوم الاحتياط لمن كان عليه مظنّة الواجب أو مستحبّ.

ومنها : القضاء عمّن فاته في السفر شي‌ء من الأيّام ، ومات في شهر رمضان.

ومنها : صوم قضاء النفل ، كصوم الثلاثة ، وصوم الكفّارات المندوبات ، ونحوها ، وسيجي‌ء تفصيلها في القضاء والكفّارات إن شاء الله تعالى.

ومنها : الصوم التمريني للأطفال درجات بحسب ما يقدرون ، من نصف اليوم وثلثه ، وأقلّ أو أكثر.

ومنها : صوم التأديب ، وهو الإمساك استحباباً ، وهذان القسمان خارجان عن حقيقة الصوم.

ويُستحبّ الإمساك للمُسافر إذا ورد ، أو نوى الإقامة ، أو تمّ لهُ الثلاثون في أثناء النهار.

ولا يبعد ذلك في المقيم إذا عدل قبل صلاة فريضة تامّة ، ولو علم الرمضانيّة في أثناء اليوم ، ولا تلزم نيّته.

ويقوى ذلك في غيره من المعيّن ، دون غيره ، والمريض إذا عوفي قبل الزوال وقد فعل المفسد ، أو بعد الزوال مطلقاً ، وللحائض والنفساء إذا طهرتا ، والكافر إذا أسلم ، والمجنون إذا عقل ، والمغمى عليه إذا أفاق ، والصبي إذا بلغ في أثناء النهار مطلقاً.

وأمّا من أفسد صومه عمداً بحيضٍ أو نفاسٍ أو إغماءٍ أو جنون ، فلا يبعد إيجاب

__________________

(١) المهذب البارع ٢ : ٧٨ ، جامع المقاصد ٣ : ٨٦.

(٢) مصباح المتهجّد : ٧٩٠ ، الوسائل ٧ : ٣٤٦ أبواب الصوم المندوب ب ٢٤ ح ١.

(٣) انظر الكافي ٤ : ٥٥٨ ح ٤ ، ٥ ، وإقبال الأعمال : ٦٨٨ ، والمقنع : ١٣.

(٤) المحاسن : ٧٢ ح ١٥٠.

٥٢

الإمساك عليه ، وإلحاق الكافر بهذا القسم قويّ.

وأمّا تعمّد المفطرات في غير محلّ الإذن ، فيجب بعدها الإمساك ، وكذا مع الإذن للخوف أو للشكّ فتبيّن من شهر رمضان.

القسم الثاني : الصوم المكروه

وهو عدّة أُمور :

منها : صوم الولد تطوّعاً من دون إذن والديه ، ويُمنع منه مع المنع ، على الأقوى.

ومنها : صوم الضيف تطوّعاً من دون إذن مضيّفه ؛ لنهي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ ، (١) وقيل بتحريمه ؛. (٢) ولا يبعد إذا سبّب الفساد في الزاد. ويلحق به العيال بغير إذن المُعيل ، ومع العلم بالإذن يرتفع المحذور.

ومنها : صوم صاحب البيت تطوّعاً من دون إذن ضيفه ؛ لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا ينبغي لمن عنده ضيف أن يصوم إلا بإذنه» ؛. (٣)

ومنها : صوم التطوّع لمن عليه صوم واجب غير قضاء شهر رمضان ، وإلا حرم على الأصحّ فيهما ، وقضاء الصبيّ المميّز لا يمنع نفله على الأقوى.

ومنها : صوم يوم عرفة مع شكّ الهلال ، أو تسبيبه للضّعف عن الدعاء.

ومنها : صوم الدهر عدا العيدين ، على الأقوى.

ومنها : صوم ثلاثة أيّام بعد عيد الفطر ، بل لا تبعد كراهة صوم الستّة ؛. (٤)

ومنها : صوم التطوّع المضعف عن العبادات ، أو عن القيام بحقوق الزوجات ، أو

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٥١ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٩٩ ح ٤٤٤ ، علل الشرائع : ٣٨٤ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣٩٤ أبواب الصوم المحرّم والمكروه ب ٩ ح ١.

(٢) قال به الشيخ في المبسوط ١ : ٢٨٣.

(٣) الكافي ٤ : ١٥١ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٩٩ ح ٤٤٤ ، علل الشرائع : ٣٨٤ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣٩٤ أبواب الصوم المحرم والمكروه ب ٩ ح ١.

(٤) في «ح» : السنة.

٥٣

قضاء حوائج أرباب الحاجات ، أو السعي في بعض المكاسب الضروريّات ، أو المضيّع لحقوق بعض الإخوان ، كالشركاء في الخوان (١) ، أو الباعث على نحول الأجسام كالهمّ ، ومن ليس لبدنه قوام ، ومن دعاه أخوه إلى الإفطار فبقي على الصيام ؛ فقد رضي بالثواب الناقص عوضاً عن الثواب التامّ.

ومنها : صوم يوم عاشوراء تامّاً منوي الصوم ، ولعلّ ذلك لكونه كان عيداً في الجاهليّة ، أو لزيادة العطش بحرقة القلب رحمةً من الله ، أو لإظهار الصبر والرضا بقضاء الله بعد الوقوع ، أو لأنّ بني أُميّة لعنهم الله كانوا يصومونه تبرّكاً أو شكراً ، فلا يَتشبّه بهم مؤمن.

القسم الثالث : المحظور

وأفراده عديدة :

منها : صوم يوم العيدين : الأضحى والفطر.

ومنها : صوم أيّام التشريق : الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر من ذي الحجّة ، لمن كان بمنى ، أو في مكّة ، على الأقوى ، منذورة أو لا ، قضاءً أو لا ، مبعّضة كأن يخرج منها أو يدخلها قبل الزوال أولا ، وأمّا في غيرهما فلا بأس بصيامها.

ومنها : صوم الوصال ؛ بأن يصوم إلى السحور ، فيجعل فطوره سحوره ، أو يصوم يومين مع ليلة بينهما.

ومنها : صوم نَذر المعصية.

قيل : ومنها : صوم الدهر (٢) ، وهو حقّ مع إدخال العيدين.

ومنها : صوم الصمت ؛ بأن يصوم صامتاً إلى الليل ، مُتقرّباً بذلك.

__________________

(١) الخوان : المائدة ، وجمعه الخون. العين ٤ : ٣٠٩ ، وقال ابن دريد : هو أعجمي معرّب. جمهرة اللغة ١ : ٦٢٢.

(٢) المبسوط ١ : ٢٨٣ ، الاقتصاد : ٢٩٣ ، الوسيلة : ١٤٨ ، السرائر ١ : ٤٢١ ، التحرير ١ : ٨٤ ، الحدائق الناضرة ١٣ : ٣٩٥.

٥٤

ومنها : صوم المريض المتضرّر ، والخائف على نفسه لتقيّةٍ ، ونحوها. نعم لو أمكن دفعها بمجرّد الذوق أو شرب الدخان قليلاً ، تعيّن وصحّ الصوم ، وصاحب الخوف أدرى به ، ومع الجهل أو غلبة الوسواس يرجع إلى غيره.

ومنها : صوم الحائض والنفساء.

ومنها : صوم المسافر حيث يتعيّن عليه الإفطار.

ومنها : صوم الزوج إذا وجبَ عليه الجماع في النهار بعد مضيّ أربعة أشهر.

ومنها : صوم الحامل والمرضعة ، مع الخوف على الحمل ، والرضيع.

ومنها : المنذور حضراً وسفراً ، ويكفي في المسافة الموجبة للإفطار ثمانية فراسخ ، أربعة ذهاباً ، وأربعة إياباً ، من دون قصد إقامة العشرة على الغاية ، كما في الصلاة.

ومنها : صوم العبد تطوّعاً بدون إذن مالكه ، وصوم الزوجة مطلقاً من دون إذن زوجها ، وصوم الولد مع منع أحد والديه ، والمطلّقة رجعيّة بحكم الزوجة. ولا فرق بين الدائمة وغيرها ، ولا بين المدخول بها وغيرها ، ولا بين المملوك المبعّض وغيره ، ولا بين المكاتب وغيره.

ومنها : صوم التطوّع مع شُغل الذِّمّة بقضاء شي‌ء من شهر رمضان ، والأحوط ترك التطوّع ممّن عليه صوم واجب كائناً ما كان ، مع إمكان الإتيان ، أمّا من كان عليه كفّارة كُبرى ، فلا بأس أن يصوم شعبان ؛ وذلك لأنّه لا يحصل التتابع به وحده ، أمّا صوم إجارة النيابة فلا إشكال من جهته.

ومنها : صوم الأجير على فعل ما يقتضي الإفطار ، أو عملٍ يقتضي الصوم ضعفاً على الإتيان به.

القسم الرابع : الصوم الواجب

وهو : صوم شهر رمضان ، وصوم النذر ، والعهد ، واليمين ، وعوض دم المتعة ، وصوم قضاء النيابة تحمّلاً بإجارة أو قرابة ، وصوم قضاء الواجب ويتبعه القضاء

٥٥

المندوب وصوم الكفّارات الواجبة ، وصوم الاعتكاف الواجب ، وصوم عوض البدنة (١).

وأمّا ما وجب بأمر المخلوق ، فليس من الأقسام ، وإن كان من الواجب.

وينحصر البحث في مقامات :

الأوّل : في صوم شهر رمضان

وفيه مباحث :

الأوّل : فيما يثبت به دخول شهر رمضان وغيره ، وهو أُمور :

أحدها : رؤية الهلال ؛ فمن رآه ، وجبَ عليه صومه ، انفرد برؤيته أولا ، عَدلاً كان أولا ، في السماء علّة أولا ، شهدَ عند الحاكم أولا ، رُدّت شهادته أولا ، ولا اعتراضَ عليه من حاكمٍ وغيره.

ويحرم إظهار سوء الظنّ به ما لم يقع منه إقرار بخلافه على وجه مُضادّ.

وفيما لو عارضه حقّ آدمي ، كجماعِ مَن تضيّق وقت جماعها في النهار ، وصيام إجارة مُعيّنة في ذلك اليوم ، إشكال. على أنّ الأقوى قبول قوله.

ولا يجوز لأحدٍ من عياله وغيرهم تقليده ما لم يكن مجتهداً ، وإنّما يلزمه حكم نفسه ، من وجوب الصيام برؤية هلال شهر رمضان ، ووجوب الإفطار برؤية هلال شوال ، وهكذا. ومتى حصلَ له العلم من قوله ، عمل. ومتى رؤى ، فهو للّيلة المستقبلة ، قبل الزوال أو بعده. ولا عبرة بتوهم الرؤية أو ظنّها ، حتّى يكون منها على يقين ، وحكم الرؤية في المرأة والماء مع اليقين حُكم‌السماء.

ثانيها : عَدّ ثلاثين للشهر السابق ؛ فإذا تمّ ثلاثون يوماً ، فاليوم الّذي بعده للشهر المستقبل. ولا حاجة حينئذٍ إلى رؤية الهلال ، سواء كان ثبوت الهلال السابق بالرؤية أو

__________________

(١) البدنة : ناقة أو بقرة تنحر بمكّة ، سُمّيت بذلك لأنّهم كانوا يسمّنونها ، والجمع بُدْن وبُدُن ، الذكر والأُنثى فيه سواء. لسان العرب ١٣ : ٤٨.

٥٦

البيّنة أو غيرهما. ولو خفيَ الهلال شهوراً مُتعددة ، فالعمل على ذلك في كلّها حتّى يُعلم النقصان.

ثالثها : الشياع المُفيد للعلم ، أو الظنّ المؤاخي له ؛ ومَداره على أن تلهَج ألسُن الناس برؤية الهلال ، أو بمضيّ ثلاثين من الشهر الأوّل ، من غير ضبطٍ لعددهم ، من غير فرقٍ بين أن يكونوا صغاراً أو كباراً ، عبيداً أو أحراراً ، نساءً أو رجالاً ، عدولاً أو فسّاقاً ، مسلمين أو كفّاراً ، مؤمنين أو مخالفين.

ولو قامت البيّنة بالشياع أو حكمَ المجتهد به أو شاعَ حكمه به ، أجزأ.

رابعها : الشياع العمليّ ؛ بوجدان أهل البلد العظيمة صائمين على أنّه شهر رمضان ، أو مُفطرين على أنّه شوّال ، أو مُقيمين العزاء على أنّه عاشوراء ، أو حاجّين على أنّه الأضحى ، أو زائرين على أنّه رجب ، وهكذا. والظاهر اشتراط حصول العلم هنا.

خامسها : شهادة العدلين من الرجال دون النساء ، والخناثى المُشكلة على المُثبت للهلال ، من رؤية ، أو حُكم فقيه ، أو شياع ؛ دون شهادتهما على الشهادة ، في صَحوٍ أو غيم ، من خارج البلد أو داخله أو مُلفّق ، حضرا عند المجتهد أولا ، زكّاهما أولا ، ردّت شهادتهما أولا ، على إشكال.

ولو تركّبت الشهادة من رؤيتين ، أو عدد ورؤية ، أو أحدهما وشياع أو حُكم مجتهد ، أو شياع وحكم مجتهد ، لم تؤثّر شيئاً ، وإن اتفقا على شهادة العلم.

ولو شهدا بالعلم من دون ذكر سبب ، قُبلت شهادتهما ، كما لو شهدا بفضّ بكارةٍ ، ووضع حملٍ ، وأكلٍ ، وقي‌ء ، ونحوها.

ولو تضادّا بشهادة تدوير ، ووضع ، وجهةٍ ، ونحوها ، بطلت.

والأعوام يرجعون في معنى العدالة إلى العُرف ، فمن دُعي مُتديناً خيّراً ، فهو عدل.

٥٧

ولا حاجة في هذه الطرق بأجمعها إلى الرجوع إلى الفقيه المأمون ، ومع الرجوع إليه يجب التّعويل عليه ، إلا في مقابلة العلم.

سادسها : حكم الفقيه المجتهد المأمون بالنسبة إلى مقلّديه ، سواء حكم برؤيةٍ أو ببيّنة أو غيرهما. ولو شهدَ من غير حكم ، كان كغيره من الشهود.

وفي الاكتفاء بنقل الواسطة العدل الواحد لحكمه قوّة ، وطريق الاحتياط غير خفيّ ، والترك أحوط.

ولو عدلَ عن اجتهاده عن اجتهادٍ ، صحّ ما مضى منه ومن مُقلّديه بعد الفراغ ، وفيه بعد الدخول فيه ما فيه. ولو فسد حكم الرؤية أو الشهود أو الشياع أو العدل ، فسد اعتبارها.

سابعها : الرجوع إلى الثقة العدل ممّن لا يمكنه التوصّل إلى العلم ، كالأعمى العاجز عن تحصيل العلم.

ثامنها : كلّما أدّى إلى حصول العلم بدخول الشهر من القرائن المحصّلة من أقوال أو أفعال أو أحوال أو نحوها.

المبحث الثاني : في بيان ما لا تعويل عليه من الأمارات في دخول الشهر

كلّما أفاد الظنّ ولم يكن حجّة شرعيّة في هذا الباب ، فلا مَدار عليه ، كخبر العدل الواحد ، والجدول ، وأمارات النجوم ، وعدّ شعبان ناقصاً وشهر رمضان تامّاً ، وغيبوبة الهلال بعد غروب الشفق ، وتطوّق الهلال ، وحدوث الظلّ من مقابلته لثلاث ، ورؤيته قبل الزوال ، وعدّ خمس من السنة الماضية ، وستّ من الاتية ، وعدم طلوعه من المشرق لليلتين سابقتين ، وسرعة شروقه ، وبطئه ، وبطء غروبه وسرعته ، وتقدّم أيّام محاقه ، وتأخّرها ، وارتفاعه ، وكبر جرمه ، إلى غير ذلك ممّا يفيد الظنّ بسبق طلوعه أو تأخّره ،

٥٨

ما لم يحصل يقين من مجموع الأمارات.

المبحث الثالث : في تعدّي الحكم إلى غير محلّ الثبوت

متى يثبت الحكم في مكانٍ بثبوت الهلال ، تمشّى منه إلى الأماكن القريبة ؛ فإذا ثبت في مكّة أو المشهد الرضوي أو بغداد أو بلاد الشام أو بلاد أصفهان ثبت في نواحيها ، وجميع البلدان المقاربة لها ، فالبصرة تتبع بغداد ، والمدينة مكّة ، وبعلبك الشام ، وهكذا. ولا يسري إلى البلاد النائية ، فلا يلحق العراق بمكّة ، ولا بغداد بأصفهان ، وهكذا.

ولو رؤي الهلال في محلّ ، ثمّ انتقلَ إلى ما يُخالفه ، زادَ عليه إن زاد ، ونقص إن نقص. ولو فرض الانتقال بعد الدخول في يوم الصوم ، قويت مُراعاة الابتداء ، فيقضي على نحو ما كان في ذلك المكان.

المبحث الرابع

من انسدّ عليه طريق معرفة أوّل شهر رمضان ، وضاعَ عليه بين الشهور ؛ لكونه مسجوناً في بلاد المشركين ، أو في بلاد المسلمين ، ولا يتردّد عليه أحد منهم ، أو ممنوعاً عن الاطلاع بأيّ مانع كان ، يصوم ما يغلب على ظنّه أنّه شهر رمضان.

فإن لم ينكشف الحال إلى الأخر ، أجزأه عند الله ؛ وإن انكشف الوفاق ، فلا كلام ؛ وإن انكشف الخلاف بالتقدّم ، كما لو ظهر شعبان أو رجب ، وجب عليه القضاء ؛ ولو انكشف بالتأخير ، كشوّال والأضحى ونحوهما ، كان مجزياً. ويقضي خصوص المخالف إن خالف ببعض دون بعض ، ويقضي يوم العيد.

والظاهر أنّه مع انسداد باب الظنّ يسقط تكليف صوم الأداء ، وإذا مضت السنة لزمه القضاء. والأحوط أن يأتي بصوم شهرٍ ناوياً به احتمال كونه شهر رمضان ؛ أمّا لو علم أنّه فيه أو بعده ، نوى ما وجبَ عليه وصام.

واحتمال وجوب صوم السنة بأجمعها ضعيف.

وتقوى تمشية الحكم إلى جميع أقسام الصوم المعيّن ممّا فيه قضاء.

٥٩

وفي ناذرِ صومِ الدهر بالنسبة إلى العيدين وجهان.

المبحث الخامس

يُكره السفر في شهر رمضان حيث يكون باعثاً على الإفطار ، قبل انقضاء ثلاثة وعشرين يوماً منه ، ويتحقّق بدخول وقت الزوال منه. والظاهر أنّ كلّما قلّت أيّام الصوم ، اشتدّت الكراهة. ولو خرجَ قبل ليلة الهلال إلى محلّ الترخّص ، فلا كراهة.

ورفع حكم التمام لترك بعض الأسباب ، من سفينة أو دواب أو مكسب يدور فيه ونحوها ، لا كراهة فيه.

ومَن خرجَ إلى محلّ الترخّص قبل الزوال ، أفطر مع اجتماع شرائط القصر مطلقاً. وإن خرجَ بعد الزوال ، أتمّ الصيام مطلقاً.

ومن أصبحَ عليه الصبح في محلّ الترخّص ، جازَ لهُ استعمال المُفطرات ؛ فإن استعملَ شيئاً منها ، أو (١) دخل بعد الزوال ، فلا صوم له مطلقاً.

ويُستحبّ لهُ الإمساك أيضاً. وكذا حال المريض إذا برأ في أثناء النهار إلى الزوال.

ومثل ذلك المعذور في إهمال النيّة إلى النهار ، وتتمشّى هذه الأحكام في جميع أقسام الصيام من الواجب المعيّن.

المبحث السادس

كلّ موضع تقصر فيه الصلاة عند السفر وجوباً أو جوازاً يلزمه فيه الإفطار في شهر رمضان ، سوى الخروج بعد الزوال ، وتجاوز محلّ الترخّص في النهار.

وكلّ موطن تلزم فيه الصلاة تماماً يجب فيه الصيام ، إلا من دخل أوّل النهار وقد استعمل المُفطر.

فكلّ ما ذكر في كتاب الصلاة ، ممن يلزمهم التمام من المُقيم عشرة أيّام ، والمتردّد

__________________

(١) في «م» ، «س» : و.

٦٠