كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

السادس : إباحته

فلو وجب عليه الخروج لجنابةٍ أو لعارضٍ يخافه على نفسه أو عرضه أو غيره ممّا يوجب الخروج ، فمكثَ ، بطلَ اعتكافه.

ولا يصحّ التطوّع به من الزوجة وإن كانت بالمنقطع ؛ والمملوك وإن كان مُبعّضاً إلا أن يكون مهاياً فيعتكف في نوبته ، ما لم يؤدّ إلى ضعفٍ في نوبة المولى إلا عن إذن الزوج والمالك. (والأقوى عدم التوقّف على إذن الوالدين ، لكن يُفسده منعهما ، ولو دخلوا عن إذن فلهما فسخه ما لم يدخل في محلّ الوجوب) (١) والأقوى عدم التوقّف في الواجب الموسّع ، وإن كان الاحتياط فيه.

ولو كان ضدّاً للواجب ، كما إذا كان مُنافياً لأداء دين الغريم المُطالِب أو نحو ذلك من الواجبات ، فالأقوى الصحّة ، والأحوط الإتيان بعد أدائه.

ولو غصب مكاناً من المسجد أو جلس على فراشٍ مغصوب ، فالأقوى البطلان ، وأمّا اللباس والمحمول فلا يبعث على الفساد على الأقوى.

ولو وُضِعَ في المسجد تراب أو فراش مغصوب ، ولا يمكن نقله ، فلا مانع من الكَون عليه. ولو جلسَ في المغصوب أو عليه مجبوراً أو جاهلاً بالغصب ، فليس عليه شي‌ء.

ومَن سبق إلى مكانٍ فهو أحقّ به حتّى يُفارقه ، أو يُطيل المَكث غير مشغول بالعبادة حتّى يُخلّ بعبادة المتعبّدين. ولو فارقه وله فراش أو شي‌ء مُعتدّ به ، بقيَ اختصاصه إن كان خروجه لغرض صحيح لا يقتضي البطء المفرط. ووضع الخيط والعُود والخِرقة كلا وضع ، وأمّا ما يسجد عليه والسبحة ، فممّا يلحظ في الوضع. وحدّ الانتظار إلى أن يحصل خلل في نظم الصلاة ونحوها ، كلزوم الفُرَج في الجماعة بعد قول : قد قامت الصلاة ، أو لزوم التعطيل مع الحاجة إليه.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

١٠١

والسابق للحجرة أولى بها في السكنى ، ولكن ليس له منع الشريك ما لم يحصل ضرر ، بخلاف المدرسة ، وتجري ؛ (١) الوكالة في الاختصاص حيث يجلس الوكيل في مكان الموكّل. وبقاع المسجد ممّا لها أعمال خاصّة يُقدّم فيها مُريد الأعمال الخاصة على غيره.

وتنبغي مُراعاة المراتب في التقديم ، واختيار أفضل الأماكن والصفوف ، فللعلماء التقدّم على من عداهم ، ثمّ الصلحاء ، ثمّ بني هاشم ، وهكذا ، والأفضل أولى بالأفضل ، وهكذا.

وتختلف فضيلة الاعتكاف باختلاف فضيلة المكان ، فللمسجد الحرام فضل على ما عداه ، ثمّ لمسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ لمسجد كوفان ، ثمّ لمسجد البصرة ، ثمّ مسجد المدائن ، ثمّ مسجد بُراثا ، ثمّ باقي المساجد مرتّبة ؛ ثمّ ما زادت جماعة الناس فيه فضيلته زائدة على غيره ، وما كان في البقاع المشرّفة كالنجف ونحوه على غيره.

ولو منع متولّي المسجد كالحاكم ونحوه عن الاعتكاف لحِكمة ، من تقيّة وغيرها ، حرم وبطل. ولو عيّن لبعض المعتكفين مكاناً مخصوصاً ومنعه عن غيره ، حرم لبثه في غيره ، وبطل اعتكافه. ولو خصّ النساء بموضع والرجال بغيره ، لم تجز مخالفته ، وكلّ من حرم عليه اللبث ، لخوف على نفسه أو عرضه أوامر يلزمه حفظه ، فلبثَ ، بطلَ اعتكافه.

السابع : الزمان

وأقلّه ثلاثة أيّام غير مُنكسرة ، مبدؤها طلوع الفجر ، وختامها غروب الحُمرة المشرقيّة من اليوم الثالث. وتدخل الليلتان المتوسّطتان. ولا يُشترط دخول الأُولى ؛ ولو أدخلها دخلت ، كما إذا نذر شهراً على الأقوى.

__________________

(١) في «ح» : وتجزي.

١٠٢

ولو أضاف كسراً متقدّماً أو كسراً مُتأخّراً ، لم (١) يدخل في الاعتكاف ، ولم يحتسب من الثلاثة.

والاحتياط بإدخال الليلة الأُولى والأخيرة ضعيف ، وفي الآخرة أشدّ ضعفاً.

ولو عقدَ اعتكافاً قبل العيد بيومين ، أو نذرَ اعتكافاً أقلّ من ثلاثة مع نفي الزيادة ، ولو بإخراج ليلة من المتوسّطتين ، بطل نذره واعتكافه. ولو أطلق النذر أو وجب عليه يوم ، لزمته ثلاثة تامّة.

ولا حدّ لأكثره ، فله أن ينوي أربعة وخمسة وعشرة وهكذا.

ولا تجوز ثلاثة وكسر في وجه قويّ.

ومتى أتى بيومين تامّين ، وجبَ عليه إكمال الثالث ، ما لم يكن مُشترطاً. وتمام اليومين يحصل بغروب الحمرة المشرقيّة من اليوم الثاني.

ويُشترط التتابع في الثلاثة ، فلو فصل بين أجزائها ، بطلَ. ولو نذرها بشرط التفريق والاقتصار عليها ، بطل.

ولو لم يشرط عدم الزيادة ، أضافَ إلى كلّ يوم يومين.

ولو نوى شهر رمضان أو نذره ، دخلت الليلة الأُولى. ولو نذر شهراً مطلقاً ، لزمه التتابع. ولو قيّد جواز التفريق أو عمّم ، جازَ على وجه يصحّ ، تابعَ أو فرّقَ.

ولو بانَ سبق النيّة على دخول اليوم ، أعادها مُقارناً لدخوله. ولا بدّ من ثلاثة أيّام تامّة بعد المُنكسر مع النيّة مُقارنة لابتدائها ، ولا دخول للمنكسر فيها ، وإلا بطل.

واعتكاف شهر رمضان مثلاً أو العشر الأواخر لا يخلّ به الزيادة والنقصان ، بخلاف الترديد في أصل النيّة.

ولشرف الزمان مدخل في تفاوت فضل الاعتكاف ، وأفضل الشهور شهر رمضان ، وأفضله العشر الأواخر منه ، وتتفاوت البواقي في الفضل لتفاوتها فيه.

وكلّ زمان لا يصلح للصوم لا يصلح للاعتكاف ، فلا يصحّ ممّن فرضه القصر إلا

__________________

(١) «لم» ليست في «م» ، «س».

١٠٣

في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ للإذن في صيام ثلاثة أيّام للحاجة ، وكذا كلّ من أُذن له في الصيام من المسافرين يجوز له ذلك ، إذا أمكن له الكون في المسجد حين الصيام.

ولو نوى الاعتكاف ذاهلاً عن الصيام في الواجب الموسّع ، أجزأته نيّة الصوم قبل الزوال ، وفي المندوب إلى الغروب في وجه.

الثامن : التمييز ، والعقل ، والإسلام ، والإيمان ، وجميع شرائط صحّة الصيام ، وارتفاع الموانع.

ويبطل بالارتداد عن الإسلام أو الإيمان ، ويجب عليه القضاء حيث يجب ، بالإعادة من رأس.

ويجب بشرط البلوغ والعقل وعدم المانع من شرع أو عقل ، وحصول أسباب الوجوب ، كأمر مفترض الطاعة من المولى ومالك المنفعة أو نَذر أو عهد أو يمين أو تحمّل. ولا يجب بأمر الزوج ؛ ويقوى وجوبه بأمر الوالدين مع عدم معارضة ضرر الولد.

المبحث الثالث : في الأحكام

وفيه مسائل :

الأُولى : الاعتكاف إذا لم يتعيّن بنذرٍ ونحوه لا يلزمه إتمامه بالشروع فيه ، ندباً كان أو واجباً موسّعاً ، ما لم تغرب عليه الحُمرة المشرقيّة من اليوم الثاني ، ولم يكن قد اشترط ، أمّا لو شرطَ فإنّ له العمل بمقتضى الشرط حينئذٍ. ويجري الحكم في كلّ ثالث من سادس ، وتاسع ، وهكذا من الأيّام التامّة. والالتزام بالإتمام لمجرّد الشروع في الواجب الموسّع والمندوب أوفق بالاحتياط. ولا فرق بين دخول الثالث ، وهو خارج المسجد أو داخله ، وكونه خارجاً عند دخوله لحاجة لا يخلّ ؛ للاكتفاء بالنيّة الأُولى عن نيّته.

١٠٤

الثانية : يلزم قضاء الاعتكاف المعيّن الواجب بنَذرٍ ونحوه ، أو بالدخول في ثالثه مع تركه أو إفساده عمداً ، علماً منه أو جهلاً أو سهواً. ولو مضى منه ما يصحّ أن يكون اعتكافاً مستقلا ، وترك من الواجب بعضاً منه ، قضاه بنفسه مع استقلاله ، كما إذا ترك ثلاثةً من تسعة منذورة ، ومع إضافة ما يبعث على قابليّة الاستقلال كالرابع من الأربعة المنذورة ، فيلزم إضافة يومين إليه. هذا إذا لم يشرط التتابع ، وأمّا مع شرطه ؛ فإن كان عن عُذر فكذلك ، وإلا أعاده من رأس.

ولو أخذ التتابع في عقد الإجارة ، فإن صرّح بالتتابع العُرفي ، فالإعادة مطلقاً ، ولو صرّح بالشرعي ، فالحكم ما تقدّم ، ومع الإطلاق الوجهان ، والبناء على الشرعيّ أظهر.

الثالثة : إذا نذر اعتكافاً في زمان مُعيّن ، أو عاهدَ أو حلفَ فلم يأتِ به ، لزمته كفّارة السبب الموجب.

ولو تعدّد السبب ، تعدّدت بتعدّده مع اختلافه جنساً ؛ ومع اتحاده ، فالاتحاد مع قصد التأكيد ، وتتعدّد مع قصد التأسيس ، ولا كفّارة للاعتكاف.

الرابعة : ما يحرم على المعتكف قسمان :

أحدهما : مُفسد للاعتكاف ، مُوجب لقضائه إن كان واجباً معيّناً بالأصالة بنذر ونحوه ، أو بالدخول في الثالث في وجهٍ قويّ ، ومثله بالدخول مطلقاً على القول به.

وهو الجماع من أُنثى لذكر ، أو من ذكر لأُنثى أو ذكر ، ولإلحاق الحيوان به وجه قويّ ، من غير فرق بين الإمناء وعدمه.

وتلزم الكفّارة فيه مع الوجوب أصالةً ، أو بالدخول في الثالث على الأقوى ، وهي كفّارة مخيّرة رمضانيّة واحدة ليلاً ، وتُضاف إليها كفّارة الصوم نهاراً إن كان ممّا تلزم فيه الكفّارة ، كشهر رمضان وقضائه.

١٠٥

ولو جبرَ زوجته معتكفَين في شهر رمضان ، تكرّرت عليه كفّارة شهر رمضان ، وفي غيرها وغيره لا تكرار عليه ، بل لكلّ حكمه على الأقوى. ولا تجب في الموسّع والمندوب قبل تعيّنهما في وجه قوي.

ويحرم الاستمناء وإن حرم لذاته للاعتكاف ، وإلحاقه بالجماع في الأحكام لا يخلو من وجه ، والأقوى خلافه.

الثاني : ما يحرم ولا يوجب إفساداً ، ولا قضاءً ، ولا كفّارة ، وهو أُمور :

أحدها : النظر والتقبيل واللّمس بشهوة لمحلّل ، كالحليل والحليلة ؛ أو محرّم ، كالأجانب والمحارم. ويقوى إلحاق المسّ والضمّ من وراء الثياب مع الشهوة ، والنظر بالمرأة.

ثانيها : شمّ الطيب ، مع استعماله وبدونه ، ولا يحرم مجرّد الاستعمال. ولو ذهبت رائحته بالمزج أو بدونه ، ارتفع المنع. وهو حرام في نفسه وإن لم يكن عن قصد ، فلو كان في ثيابه غسله ؛ أو ثياب جليسه ، اعتزل عنه ؛ أو في مكان ، خرجَ عنه ؛ إلا إذا سدّ أنفه بحيث لا يشمّه.

ولو تعذّر اجتنابه لانتشار رائحته في المسجد وعسُر عليه السدّ ، جاز ، ولا مانع.

وخَلُوق الكعبة وهو طيب معروف تُطيّب به الكعبة وغيره هنا سواء.

ومن كان أنفه معلولاً لا شامّة له ، فلا بأس عليه باستعماله ، والأحوط تجنّبه له.

والمراد به : ما يتخذه المتطيّب شمّاً ، أو أدهاناً ، أو بخوراً ، أو لطوخاً ، فما لم يكن متّخذاً لذلك فليس من الطيب وإن طابت رائحته ، كالهيل ، والكمّون ، والحبة الحلوا والسوداء ، والشيح ، والبابونج ، ونحوها.

نعم يحرم شمّ الريحان ، وهو ما طابت ريحه من النبات أو ورقة أو أطرافه ، كان أو لم يكن له ساق ، وكذا الزّعفَران على الأقوى.

وما كان طِيباً في بعض البلدان مُتّخَذاً للتطيّب فيها دون غيرها يختصّ بها ، والأحوط تسرية المنع في جميع البلدان.

ثالثها : المُماراة ، وهي المجادلة والمغالبة طلباً للافتخار وإظهاراً للفضيلة في أمر دينٍ

١٠٦

أو دنيا ، حقّ أو باطل ، فلو فعله عصى من وجهين ؛ لحرمته في نفسه ، وللاعتكاف. ولو ناظر وبالغ في المناظرة حتّى آل إلى علوّ الصوت واحمرار الوجه طلباً لإظهار الحقّ ، كان أتياً بأفضل الطاعات ، وإن لم يكن مع الحقّ ، لكن تصفية النفس إذا حمى ميدان البحث صعب حصولها إلا بعصمة الله.

رابعها : البيع والشراء ، أصالة ، ووكالة ، وولاية. ولو باشر وكيله أو وليّه ، فلا بأس عليه إن لم يكن مُعتكفاً. ويعمّ التحريم ما كان بلسان العرب وغيره ، ويختصّ بالصحيح ، والمعاطاة فيهما منهما على الأقوى.

ولا منع في باقي العقود : من نكاح وإجارة وصلح وهبة ووقف ونحوها ، ولا في الإيقاعات : من الطلاق والعتق ونحوهما ، ولا في ضروب الاكتساب من الصناعات بأسرها.

ولو اضطرّ إليهما فلا بأس.

ومع التحريم يصحّ العقد على الأقوى.

والبيع اللازم وذو الخيار سيان في المنع.

ولو باعَ أو اشترى مُعتكفاً ، وقبض أو أقبض محلا فيما يتوقّف الملك فيه على القبض ، كالصرف ونحوه ، عصى ، ولو انعكس الحال فلا إثم.

ولا فرق في تحريم المحرّمات بين الليل والنهار الداخلين في الاعتكاف ؛ إلا ما حرم للصوم ، فإنّه يخصّ النهار.

وتحريم محرّمات الإحرام بأسرها كما نقل عن الشيخ لا وجه له.

وتعميم تحريم البيع والشراء لسائر العقود والإيقاعات والصنائع ، بل جميع المُباحات الخارجة عن العبادات ، في نهاية البُعد. وأبعد منه ادّعاء فساد الاعتكاف بها ، والكلّ مردود.

المسألة الخامسة : يحرم عليه جميع مُفسدات الصوم ، ويحرم عليه تسبيبها ، فشرب الدواء لحصول الحيض أو النفاس أو الإغماء محظور ، وكذا مسبّبات الخروج كجرح

١٠٧

نفسه أو إجنابها أو جناية أو إتلاف أو نحوها ، وفعل ذلك كلّه باعث على الإثم مع وجوب الاعتكاف ، وعلى فساده أيضاً ووجوب القضاء في محلّه.

السادسة : لا يجوز لها طلب الطلاق الرجعي مع وجوبه وتعيّنه.

وإن طلّقها خرجت إلى بيتها وقضت عدّتها ثمّ أتمّت اعتكافها ، ولا يلزمها الخروج لعدّة أُخرى.

السابعة : لو أفسد اعتكافه ، كان له الخروج من المسجد

واستعمال المحرّمات في الاعتكاف من النساء وغيرها في المسجد وخارجه ، عدا ما حرم لنفسه أو للمسجديّة ، وإنّما يلزمه القضاء مع تعيّنه عليه ، وليس كمفسد الحجّ والعمرة حيث يبقى على الإحرام حتّى يأتي بالمحلّل ، بل حكمه مغاير له.

نعم لو أفسد اعتكافه بنفس الجماع بعد الوجوب لا قبله ، لزمته الكفّارة ، والأحوط ترك الجماع مطلقاً مع لزوم القضاء.

الثامنة : يُستحبّ فيه المحافظة على العبادات ، من تلاوة ، أو دعاء ، أو صلاة ، أو تدريس ، أو تعلّم ، أو تعليم ، أو ذكرٍ ، أو تعزية ، أو مدح لأهل الله بشعر أو نثر ، أو استماعها ، أو قضاء حوائج المؤمنين ، أو خدمة المعتكفين ، أو إصلاح بناء في المسجد ، أو كنسه ، أو فرشه ، إلى غير ذلك.

ورجّح في الدروس التلاوة والتدريس على الصلاة ندباً ؛ ، (١) ومن كان عليه فرض صلاة أو غيرها ، بإجارة أو بدونها ، فالاشتغال به أولى من فعل الندب.

ولو عيّن عبادة مخصوصة بنذرٍ ونحوه ، لم يعدُها ؛ (٢) إلى غيرها. ولو اشتغل بغيرها ، احتمل بطلانه وبطلان الاعتكاف ، والأقوى صحّتهما.

والعبادة الفاقدة للشروط أو المشتملة على الموانع بمنزلة عدمها. وعبادة المقلّدين من

__________________

(١) الدروس الشرعيّة ١ : ٣٠.

(٢) عدوته أعدوه : تجاوزته إلى غيره. المصباح المنير : ٣٩٧.

١٠٨

غير تقليد في محلّ التقليد كالعدم. ولو تبيّن له فساد عبادته بأسرها من غير تقصير لفقد بعض الشروط أو وجود بعض الموانع ، اكتفى بالعبادة الصوريّة في صحّة الاعتكاف على الأقوى ، وإن قلنا بأنّ العبادة شرط في الاعتكاف ، ولا يغني مجرّد اللّبث.

التاسعة : قد علم أنّ الاعتكاف لا يجوز أن تُعلّق نيّته بمسجدين أو مساجد ، فلا ينوي سوى الاعتكاف في المسجد الواحد ، وبعد تعذّره تستوي فيه جميع الجوامع ، القريب إلى الأوّل والبعيد منه ، ومع عدم العذر ؛ (١) يتعيّن الأوّل على الأقوى. وأمّا في القضاء فيحتمل قويّاً جواز القضاء في غير ذلك المسجد من المساجد القابلة للاعتكاف. والأقوى لزوم الاقتصار على مسجد الأداء.

العاشرة : قد تبيّن أنّ كفّارة الاعتكاف حيث تجب رمضانيّة ، ويقوى وجوب المباشرة فيها ، إلا عن الميّت ، فتجوز فيها النيابة عنه ، كما أنّ الاعتكاف والصوم لا تجوز النيابة فيهما عن الحيّ ، وتجوز عن الميّت.

الحادية عشرة : لا يجب على الوليّ تحمّل قضاء الاعتكاف عن الميّت ، وإن كان الأحوط ذلك ؛ خروجاً عن الخلاف ، ولوجوب الصوم له.

الثانية عشرة : ما يوجب الكفّارة فيه ، كالجماع ، يجري في الواجب المعيّن منه ، وأمّا في الواجب الموسّع ، والمندوب قبل تعيّنهما فثبوتها فيهما محلّ إشكال ، والأقوى عدم الثبوت ؛ كما أنّ الأقوى عدم تكرار الكفّارة بتكرّره.

وإنّما تجب الكفّارة مع التعمّد والاختيار. والجاهل بالحكم مع عدم المعذوريّة عامد. وليس على الناسي والمجبور كفّارة. نعم يلزمهما القضاء مع التعيّن ، والعوض

__________________

(١) في «س» ، «م» : التعذّر.

١٠٩

في الواجب الموسّع ، والأحوط التكفير في الواجب الموسّع ، والمندوب.

الثالثة عشر : لو نذرَ ثلاثة اعتكافات مثلاً ، فاعتكفَ كلّ تسعة أيّام بنيّة اعتكاف واحد ، لزمه اعتكاف سبعة وعشرين يوماً. ولو خصّ كلّ ثلاثة بنيّة ، أجزأته تسعة أيّام.

ولو أطلقه ، جازَ في كلّ مسجد جامع. ولو خصّه بمسجد معيّن أو ببعضه مع رجحانه وبدونه على الأقوى تعيّن ولم يجز غيره.

ولو نذر لبث ثلاثة أيّام مثلاً في محلّ طاعة وليس بمسجد جامع ، كالنجف ونحوه ، وجب ؛ لرجحانه ، ما لم يحتسبه اعتكافاً ، فيكون تشريعاً محرّماً.

الرابعة عشر : من تعيّن عليه الاعتكاف ، فعارضه حقّ لازم من أداء دين فوري أو إنقاذ ما يجب إنقاذه أو نحو ذلك هدمه وقضاه بعد ذلك ، ولا كفّارة عليه. ولو كان من تسبيبه مختاراً بعد وجوب الاعتكاف ، كفّر.

خاتمة

تُستحبّ فيه المداومة على العبادات ، وإحياء الليالي بها ، كما أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان كذلك ، فإنّه إذا جاء العشر الأواخر من شهر رمضان ضُربت له قُبّة في المسجد من شعر ، واعتكف فيه ، وشدّ المئزر ، واجتنب النساء ، واشتغل بالعبادة ، وأحيا اللّيل.

وقول الصادق عليه‌السلام : «أمّا اعتزال النساء فلا» (١) مُراده به : أنّه لم يكن ليبعد عنهنّ بعد هجر ، وإنّما هو اجتناب ممّا يُراد منهنّ.

ويُستحبّ طلب المعتكفين ، وإضافتهم ، والاجتماع معهم في الدعاء والأعمال ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٥ ح ١ ، الفقيه ٢ : ١٢٠ ح ٥١٧ ، التهذيب ٤ : ٢٨٧ ح ٨٦٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣٠ ح ٤٢٦ ، الوسائل ٧ : ٤٠٥ كتاب الاعتكاف ب ٥ ح ٢.

١١٠

وتنبيههم على واجبات الاعتكاف ومحرّماته ومكروهاته ومصحّحاته ومفسداته.

وينبغي تجنّب مواضع الشبهات ، والأخذ بالاحتياط عند احتمال عروض المفسدات ، والاقتصار على مقدار ما تندفع به الضرورات في الخروج لقضاء الحاجات ، وعدم إطالة اللبث خارج المسجد زائداً على الضرورة ، وعدم إطالة الجلوس على الخلأ لقضاء الحاجة زائداً على الحاجة ، وتحرّي أقصر الطرق لطلب الحاجة ، وعدم زيادة التأنّي في المشي خارجاً عن العادة ، وعدم الجلوس تحت الظلال حال التخلّي مع المندوحة عنه ، وعدم مباشرة المشاغل خارج المسجد مع حضور الأجير القابل ، وعدم صعود المكان الكثير الارتفاع ، وعدم الهبوط إلى المكان الكثير الانخفاض ، خروجاً عن خلاف بعض الأساطين ، وانحرافاً عن اتّباع الظنّ إلى العمل باليقين ، وهكذا الحال بالنسبة إلى جميع ما فيه قيل وقال ، وقد مرّت الإشارة إليه بالتفصيل. وهو حسبي ونعم الوكيل.

١١١
١١٢

كتاب العبادات الماليّة

١١٣
١١٤

كتاب العبادات الماليّة

وفيها أبواب :

الأوّل في المقدّمات

وفيها مباحث :

المبحث الأوّل

 أنّ (١) متعلّق التكاليف مختلف باختلاف أحوال المكلّفين ؛ لاختلافهم في طرق اختبارهم ، فكانت على أقسام :

منها : ما يكون الغالب فيه التعلّق بالبدن ، وإن تعلّق بالمال في بعض الأحوال كالصلاة ، والصيام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ونحوها.

ومنها : ما يتعلّق بالمال خاصّة ، وإن تعلّق بالبدن على بعض الوجوه ، كالزكاة ، والخمس ، ونحوهما.

ومنها : ما يتعلّق بهما معاً ، كالحجّ ، والجهاد ، ونحوهما.

__________________

(١) في «ح» زيادة : ما جعل.

١١٥

ثمّ منها : ما يكون وجوبه بالأصالة كما مرّ. ومنها : ما يكون بالعارض كالنفقات والكفّارات ، وجميع الملتزمات.

المبحث الثاني

في أنّ الغرض من التكليف اختبار العباد ، وإلقاء الحجّة عليهم ، ولمّا كانت أحوال الناس في الميل إلى الدنيا مختلفة ، اختلفت اختباراتهم ، فمنهم من كثر حرصه على الحياة ، فاختباره بما ينافيها كالجهاد.

ومنهم من غلب عليه الكسل وحبّ الراحة ، فاختبر بالصلاة ومقدّماتها وسائر ما فيها تعب البدن.

ومنهم من غلب عليه حبّ الشهوات ، من النساء ، ومن الشراب ، والغذاء ، واللعب ، واللهو ، فاختبر بالصيام والنهي عن التعرّض للملاهي ، ونحوها ، من الزنا ، واللّواط ، والاغتياب ، والقذف ، والسبّ ، وشبهها من الحرام.

ومنهم من غلب عليه حُبّ المال ، فكُلّف بالزكاة ، والخمس ، والنفقات ، وما يلحقها من الماليات في الواجبات والمحرّمات.

ومنهم من غلب عليه حبّ الوطن ، فأُمر بالحجّ.

ومنهم من غلب عليه حُبّ الرئاسة والجاه والاعتبار والكِبر ، فكُلّف بالركوع والسجود ، والطواف والسعي ، ونحوها ممّا فيه تمام الخضوع والتذلّل (ولذلك بذل جمع من الملاحدة على ما نقل مالاً كثيراً لنبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ترك تكليفهم بهذه الأُمور الباعثة على الذلّ قائلين : نحن سادات العرب ، فكيف نرفع أعجازنا ونضع جباهنا على الأرض ونحوها من العبادات؟! فأجابهم : بأنّي مأمور ، ولست قادراً على أن أفعل شيئاً بغير أمر ربّي.

ومنهم من مالَ إلى السفاهة أشدّ الميل ، فاختُبر بتحريم الزنا ، واللواط ، وعمل الملاهي ، وشرب الخمر ، والكذب ، والفحش ، والغيبة ، والنميمة ، وهكذا.

١١٦

وبعد التأمّل في أحوال الخلق تعلم تفاوتهم في رغباتهم ، فيختلف الاختبار بحسب تكليفاتهم) (١).

وقد أُشير إلى جميع أنواع الاختبار بما تضمّنه كلام العزيز الجبّار في قوله تبارك وتعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصّابِرِينَ) (٢) فإن الصبر عام لجميع ما مرّ من الأقسام.

المبحث الثالث

في بيان فضيلة بذل المال (٣) (ورجحانه ممّا يشهد به العقل فضلاً عن النقل) (٤) ، وكفى في ذلك قوله تعالى (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٥) وقوله تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (٦) وقوله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٧) وقوله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (٨) وقوله تعالى (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ) (٩) إلى غير ذلك ممّا تضمّن مدح المتصدّقين والمتصدّقات وغيره ، مضافاً إلى ما ورد في الأخبار (١٠) ممّا يتعلّق برجحان بذل المال ، وبيان مقدار أجره ممّا لا يمكن عدّه بحساب ، ولا جمعه في كتاب.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) آل عمران : ١٤٢.

(٣) في «ص» زيادة : عموماً وخصوصاً.

(٤) ما بين القوسين ليس في «س».

(٥) الأنعام : ١٦٠.

(٦) البقرة : ٢٦١.

(٧) البقرة : ٢٤٥.

(٨) الحديد : ١١.

(٩) التغابن : ١٧.

(١٠) انظر الوسائل ٦ : ٢٥٥ أبواب الصدقة ب ١.

١١٧

الباب الثاني : في الأحكام المشتركة بين العبادات المالية جلّها أو كلّها ،

وهي أُمور (١) :

منها : النيّة ، وقد سبق بعضُ أحوالها في كتاب الطهارة والصلاة ، فلا زكاة ولا خمس فيما عدا أرض الذمّي كما سيجي‌ء (وعدا المأخوذ قهراً في أحد الوجهين) (٢) ولا صدقة ولا نذر ، ولا عتق ، ولا وقف ، ولا سكنى ، ولا عُمرى ، ولا تحبيس إلا مع النيّة.

والمراد بها : (قصد ينبعث عن) (٣) داعٍ تنبعثُ به النفس إلى العمل خالصاً لوجه الله تعالى ، إمّا لأهليّته تعالى لأن يُعبَد ، أو لأهليّة العابد لأن يَعبُد ، أو طلب القُرب المعنوي إليه ، أو رضوانه ، أو عفوه وغفرانه ، أو نيل الشرف بخدمته وعبوديته ، أو للحياء منه ، أو رفع الجور الحاصل بمنع فوائد ماله ، فينبعث عن إنصافه ، ومروّته ، أو لحصول رياضة تبعث على تصفية ذاته عن تكبّره وطغيانه ، وهذان من مكارم الأخلاق المغنية عن النيّة ، أو للوفاء بشكر جميع نعمه ، أو رجاء ثوابه ، أو الأمن من ضروب عقابه دنياويّين أو أُخرويّين ، لا بقصد المعاوضة ، أو لما تركّب من الاثنين والثلاثة فما زاد من هذه الوجوه ، إلى غير ذلك.

وبها تختلف مراتب الأولياء ، والصدّيقين ، والمقرّبين ، والعباد الراجين ، والخائفين.

ويتولاها المالك أو وليّه أو وكيله (حال الشروع في العقد أو) (٤) عند إيصال الحقّ إلى محلّه أو إلى يد المجتهد.

__________________

(١) في «ص» زيادة : منها : اشتراط المعلومية بحيث تؤول إلى التعين ، فلا يجوز المردد بين مالين أو عبادتين والقدرة على التسليم ، فلو احتسبها عليه وهي عنده واليد للظالم أشكل ، وكذا المرهون والمحجر عليه ومع تغلب الإجارة أو ارتفاع المانع مشكل.

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٤) ما بين القوسين زيادة من «ح».

١١٨

وليس على المجتهد نيّة ، كما أنّ له في جواز النقل والحمل خصوصيّة لقيامه مقام الإمام ، وهو وليّ عن فقراء أهل الإسلام ، وتجي‌ء إليه الحقوق من كلّ مقام ، فالعبادة تمّت بالوصول إليه ، ودفعه دفع أمانة ، بل لو أوصل لا لوجه الله فلا بأس. ويجري مثله في العزل على إشكال.

(يقوى إلحاق عدول المسلمين به ، ومع تعدد الآحاد والاتصال أو شبهه تجزي النيّة الواحدة ، ومع طول الفصل لا بدّ من التعدّد) (١).

ولو داخلها الرياء المقارن بطلت ، ويقوى في العُجب المقارن أيضاً ، دون المتأخِرَين (٢) ، وإن كان الأوّل أشدّ إشكالاً.

(وليس من العُجب ما كان لمقام العبوديّة ، ولا من الرياء ما كان للحضرة القدسيّة ، ولا اعتبار بالخطور في المقامين ، ومن الرياء ما كان للجنّ أو أهل السماء ، كما قد يقع من بعض العارفين) (٣).

ولو ضمّ إليها بعض الضمائم ؛ فإن لم تُنافِ القربة ، كما إذا قصد معها التوصّل إلى أُمور أُخرويّة أو دنياويّة وكانت غير مقصودة بالأصالة أو مساوية ، فلا مانع ، (وتبطل في القسمين الأخيرين) (٤) و (٥).

ولا بدّ من كونها مقارنة (للعقد أو الإقباض أو لهما ، وعلى الأخر يكفي الاقتران بالعقد مع عدم الفصل الطويل) (٦) فلا يكفي سبقها بمدّة تُنافي المقارنة عُرفاً ، ولا لحوقها مع عدم بقاء العين في يد القابل لها ، وعدم شغل ذمّته.

والظاهر أنّ دفع الوكيل وقبض المستحقّ مع تعيّن الجهة لهما متضمّن للنيّة ؛ إذ لا تحقّق لها إلا بها.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٢) أي دون الرياء والعجب المتأخّرين.

(٣) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٤) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٥) في «ص» زيادة : وقد مرّ تفصيلها في مباحث الوضوء والأحوط في حصّة صاحب الأمر تولّي المجتهد أو من قام مقامه النيّة عنه عليه‌السلام.

(٦) ما بين القوسين ليس في «س».

١١٩

(ويمكن على القول بوضع أسماء العبادات للصّحيح الاكتفاء بالاسم من العارف في الأصالة وغيرها في جميع العبادات ، ولو قصد القُربة إلى غير الله للتوصّل إلى القُرب إلى الله دون التقريب ، أجزأ في وجه قريب) (١).

ولو دفع إلى المستحقّ شيئاً من الحقوق قبل التعلّق ، ليحتسبه بعدُ منها من غير إعلام ولا اطّلاع على القرض ، فاحتسبه منها بعد التعلّق مع عروض التلف ، لم يُحسب له.

ويتولله ها المالك مع قابليّته وحضوره ، أو وكيله ، أو وليّه مع نقصانه ، من أبٍ أو جدٍّ لأب ، وهما في الولاية متساويان كَفَرسي رهان ؛ فإن لم يكن أحدهما ، فالوصيّ من أحدهما ؛ فإن لم يكونوا ، فالمجتهد أو وكيله ، وإلا فعدول المسلمين واحداً أو أكثر ، والوليّ عن الغائب الكامل مع لزوم التعطيل بالتأخير أحد هؤلاء ، وحصّة صاحب الأمر جُعلت فداءه من هذا القبيل ، وإن كانت الولاية منه.

ولا يجوز العدول من بعض العبادات إلى بعض بعد التسليم كلا أو بعضاً فيما سلّمه (٢) ، ولو دفع دافع فضولاً ناوياً فأجاز صاحب المال أو وليّه صحّ ، والأحوط الإعادة ، (ولا سيّما في صورة الغصب على القول بالكشف ، ودفع المجتهد مع امتناعه مُجزٍ عن دفعه من غير نيّة ، والأحوط نيابته فيها عنه) (٣).

ولو دفع الأجنبي من ماله غير متبرّع فأجاز المدفوع عنه جميع ما صدر عنه ، أو دفعاً

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) في «ص» زيادة : أو بعد الدخول فيه ، ولو دفع شيئاً قبل حلول وقت العمل ناوياً به العمل من حينه لم يجز ذلك ، ولو جعله في نفسه قرضاً ليحتسب به زكاةً أو خمساً أو صدقة أو ما أشبه ذلك بعد حلول الوقت ولم يخبر المدفوع إليه وظاهره الهبة مجاناً ، فإن تلف فلا وجه لاحتسابه ، وإن بقي جاز ، والأحوط التوقف على قبوله وإخباره.

ولو كان عليه واجب من نذر وشبهه ونسيه بالمرّة سقط وجوبه ، ولو علم دورانه بين المحصور وجب الجميع ؛ ولو نوى مردّداً بين الأعمال ، لم يصح ؛ ولو كان عملاً واحداً وجهله ، عيّن ما في علم الله. ولو كان وكيلاً أو فضولاً عن جماعة ، لزم تعيين المدفوع إليه. وإن كان واحداً وجهل نواها عمن هي له في علم الله ؛ ولو نوى متبرع عن المالك أو الدافع ، على إشكال في الأخير. ويجوز احتساب الدين على المديون مع قابليته زكاة أو صدقة أو خمساً أو نحوها ، وقد مرّ الكلام في مسألة الضمائم ونية الأبعاض والقطع وغيرها من المباحث في باب أحكام الوضوء والغسل بما لا مزيد عليه.

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

١٢٠