كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

ولو وجد شي‌ء من المعدن مطروحاً في الصحراء فأُخذ فلا خمس. وفيما يحتاج إلى العمل من التراب كالتربة الحسينيّة ، والظروف ، وآلات البناء لوجوب الخمس فيه وجه.

وما شكّ في معدنيّته فلا شي‌ء فيه.

ولو حصل شي‌ء قليل منه في مكان ، فاستنبط مرّة بمقدار النصاب ثمّ انقطع ، ففي دخوله في حكم المعادن إشكال. ولو جعل ما أخذ من المعدن مكسباً ، وجب في ربحه ، مع جمع شرائط (١) الخمس.

ويجب الخمس في العنبر ، قيل : هو روث دابة بحرية (٢). وقيل : ينبع من عين (٣). وقيل : يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكل منه حيوان إلا مات ، ولا ينقره طائر إلا وقع فيه منقاره ، وإذا وضع رجله فيه سقطت أظفاره (٤). وقيل : جماجم تخرج من عينٍ في البحر أكبرها وزنه ألف مثقال (٥). وقيل : نبات في البحر (٦). وقيل : يقذفه بعضُ دوابّ البحر لسمّيته بعد أن يأكله لدسومته فيطفو على الماء ، فيقذفه إلى الساحل (٧). والأقوى لزوم البناء على الصدق عُرفاً. ويقوى اعتبار نصاب المعادن فيه. والأحوط عدم اعتبار النصاب فيه.

المقام الثالث : في الكنوز

والكنز : المال المذخور تحت الأرض. والمراد ما كان من النقدين مذخوراً بنفسه ، أو بفعل فاعل. وهو لواجده ، وعليه إعطاء خُمسه بعد المصارف ، مع بلوغه حدّ النصاب الأوّل في زكاة النقدين ، عشرين ديناراً ، أو مائتي درهم. ومع وجدانه في

__________________

(١) في «ص» ، «م» ، «ح» : الشرائط.

(٢) القاموس المحيط ٢ : ١٠٠.

(٣) القاموس المحيط ٢ : ١٠٠.

(٤) الحيوان للجاحظ ٥ : ٣٦٢.

(٥) حياة الحيوان للدميري ٢ : ٨٢.

(٦) حياة الحيوان ٢ : ٨١.

(٧) حياة الحيوان ٢ : ٨١.

٢٠١

أرض الكفّار الحربيين ، سواء كان عليه أثر الإسلام أو لا ، وسواء كان في أرض مملوكة أو دار مملوكة لهم ، أو لا ، أو وجد (١) في أرض المسلمين ولم تكن مملوكة لأحدهم من الأصل ، أو ملكت فصارت خربة ، وذهب عنها أهلها ، أو كانت مملوكة ولم يعرفها من عُرف من أصحابها ، ولم تكن عليها سكّة الإسلام.

أمّا لو كان لها أهل ملكوها بغير الإحياء ، أو به مع مضيّ مدّة يمكن فيها كونها لهم جميعهم أو بعضهم ، فهي للمدّعي منهم من غير يمين ، تعدّد أو اتّحد. ولو تنازعوا بينهم ، جرى عليهم حكم التداعي.

وقول المالك مُقدّم على قول المستأجر ، إلا إذا استطالت مدّة المستأجر وظهر أنّها ليست للمالك. ولو انفرد المستأجر بالدعوى سمع قوله على الأقوى. ولو تعدّد المستأجرون ، اشتركوا فيها كالملاك. ولو تنازعوا ، رجع أمرهم إلى التداعي.

وإذا كانت في أرض المسلمين غير مملوكة ، أو مملوكة ولم يعرفها المالك ، وكانت عليها سكّة الإسلام ، فحكمها حكم السابقة ، غير أنّ الأحوط إجراء حكم اللقطة عليها ، يعرّف منها ما يجب تعريفه في اللقطة ، ويترك ما يترك.

وأمّا ما كان في أرض الكفّار مُدّخراً في جدار ، أو في بطن شجرة ، أو خباء من بيوت أو خشب ، أو تحت حَطَب ، فهو لواجده من غير خمس. وكذا لو كانت على وجه الأرض البعيدة ، ولا يدَ للمسلمين ولا للكفّار عليها ، أو كانت في دار حربيّ ، وإن كانت في أرض المسلمين. وكذا ما وجد في مفاوز المسلمين. والأحوط إعطاء الخمس من هذه كلّها.

وما وُجِد في بطن حيوان ملك بالصيد كظبي أو حمار وحش أو سمكة أو نحوها فهو لواجده ، كان عليه أثر الإسلام أو لا ، ولا حاجة إلى تعريف صاحبه. والأحوط إعطاء الخمس وإن كان مملوكاً بالسابق ، ولو كان أصله مباحاً ، عرّفه الملّاك السابقين ، وقبل دعواهم إذا ادّعوه. وإن لم يعرفوه فهو له ، سواء كان عليه أثر الإسلام أو لا. و

__________________

(١) في «م» ، «ح» : وجد له ، وفي «ص» : وجدانه.

٢٠٢

الأحوط إجراء حكم اللقطة في القسم الأوّل.

ولو جعل ما كان من الكنز مكسباً ، تعلّق الخمس بربحه أيضاً. والظاهر تخصيص الحكم بالنقدين ، وغيره يتبع حكم اللقطة.

المقام الرابع : فيما يخرج من البحر بالغوص

من المعادن البحريّة ، من الدرّ ، والجوهر ، والمرجان ، ونحوها. وفيها يجب إخراج الخمس مع بلوغها قيمة دينار فما فوق ، سواء أُخرج دفعة أو متعاقباً ، ومع الاشتراك يُعتبر النصاب في نصيب كلّ واحد.

ويخرج الخمس بعد إخراج المصارف منه ، ويضمّ ما يحصل من الأجناس بعضها إلى بعض.

وما يخرج (١) بالغوص من المعدنيّات كالخارج بالآلات فلا شي‌ء فيه. ولو خرج بنفسه بغير غوص فلا شي‌ء فيه ، والأحوط الإخراج منه. والعنبر من الغوص أو بحكمه ، وقد مرّ بيان الخلاف في حقيقته.

وما غرق في البحر وخرج بنفسه فلأصحابه. وما أخرجه المخرجون مع عدم تعرّض أهله للإخراج فهو لهم. ولو طالب صاحبه لم يجب إعطاؤه ، وما دام صاحبه عنده راجياً لإخراجه لا يجوز التعرّض له. وما أعرض عنه لقابضه مطلقاً. وما يخرج من الأنهار كدجلة ، والفرات ، ونحوهما يجري فيه حكم ما غرق في البحر.

والخمس على الغوّاص إن كان أصيلاً ، وإن كان أجيراً فعلى المستأجر. والمتناول من الغوّاص لا يجري عليه حكم الغوص ، إلا إذا تناول وهو غائص ، مع عدم نيّة الأوّل للحيازة.

ولو غاصَ من غير قصد ، فصادف شيئاً ، دخلَ في حكم الغوص. ولو غاصَ قاصداً للمعدن ، فأخرج معه مالاً آخر ، فهل يوزّع المصرف عليهما؟ الأقوى تخصيصه

__________________

(١) في «س» ، «م» : وما لا يخرج.

٢٠٣

بالمعدن. ولو قصد غيره فأتى به ، قوي عدم احتساب المصرف عليه. ولو شركهما في القصد ، قضى بالتوزيع.

ولو غاصَ غوصات متعدّدة ، فأصاب ببعضها في مقام واحد ، قوي أخذ مصارف الجميع ممّا أُصيب ، بخلاف ما إذا اختلف الزمان أو المكان.

ومن غاص فأخرج حيواناً بغوصه فظهر في بطنه شي‌ء من المعدن ، فالظاهر جري حكم الخمس فيه ، بخلاف ما إذا وجده على الساحل. ومثل هذه المسائل الفاقدة للأقوال والدلائل لا بدّ فيها من الاحتياط الكامل ، ويُعتبر النصاب بعد إخراج المصارف على الأقوى. ولو اتّجر بما أخذ من الغوص ، وجب الخمس في ربحه أيضاً.

المقام الخامس

في أنّه يجب الخمس في أرض الذمّي إذا اشتراها من مسلم ، أو تملّكها منه بعقد معاوضة كائنة ما كانت على الأقوى. ويضعف إلحاق التملّك المجّاني.

والظاهر عدم الفرق بين أرض الزرع ، والبستان ، والدار ، وغيرها في وجه قويّ.

وطريق الأخذ في هذا القسم : أن يقوّم مشغولاً بما فيه بأُجرة للمالك.

ولا فرق بين المسلم المؤمن وغيره وفي دخول المنتحل للإسلام الخارج عنه في الحقيقة وجهان ، والأوجه عدمه ، ومصرف هذا الخمس مصرف غيره من الأخماس ولا بين الأرض المفتوحة عنوة وغيرها مع جواز بيعها.

ولو باعها الذمّي من ذمّي أو مسلم ، تخيّر أرباب الخمس بين الرّجوع على البائع والرّجوع على المشتري. وللمشتري الرجوع على البائع بما قابل خمسها من الثمن.

ولا يشترط هنا نصاب ، ولا حول ، ولا كثرة الثمن ، ولا قلّته ، فإنّ المأخوذ من الأرض لا من الثمن. ولو أسلم بعد العقد أو بعد القبض فيما يتوقّف الملك عليه ، بقي وجوب الخمس ، وقبل ذلك لا وجوب عليه.

ولو اشتراها من مسلم ، ثمّ باعها منه أو من مسلم آخر ، ثمّ شراها منه ، كان عليه

٢٠٤

خمس الأصل مع خمس الأربعة الأخماس ، وهكذا حتّى تفنى (١) قيمتها (٢). ولو اشترى الخمس أيضاً في جميع الدفعات ، أُخذ منه خمسه. ولو كرّر مرّتين فخمسا الخمسين ، وهكذا.

ولو شراها من الإمام أو نائبه الخاصّ أو العامّ ، وشرط نفي الخمس أو تحمّله عنه ، بطل الشرط ، ويقوى بطلان العقد أيضاً.

ولو تملّك ذمّي من مثله بعقد مشروط بالقبض ، فأسلم الناقل قبل الإقباض ، أُخذ من الذمّي الخمس في وجه قويّ.

ولو اشترى وشرط الخيار لنفسه وفسخ ، بقي مطالباً بعوض الخمس. وكذا لو ردّ بخيار العيب ، أو الحيوان ، أو الغبن ، ونحوها ، أو بالإقالة على الأقوى في الجميع.

وليس له الردّ بدون إذن الناقل ، إن جعلنا الخمس متعلّقاً بالعين. ولم يكتف بضمانه ؛ للزوم تبعّض الصفقة في البيع أو شبهه على البائع. وليس للذمّي الخيار مع عدم علمه بلزوم الضرر عليه في أخذ الخمس منه على الأقوى.

المقام السادس

في أنّه يجب في الحلال المختلط بالحرام مع عدم إمكان معرفة صاحبه ومقداره ، وكونه عيناً ؛ فلو عرف صاحبه ومقداره ، وجب الإيصال إليه ؛ ولو عرفه دون المقدار ، وجب صلح الإجبار ، ودفع وجه الصلح إليه. ولو عرف المقدار دونه ، تصدّق به عنه.

ولو جهل مع العلم بزيادته على الخمس ، فهو بحكم المعلوم حقيقة ، يرجع فيه إلى الصلح ، وكذا ما علم نقصه عن الخمس على الأقوى. وأمّا مع جهل صاحبه ومقداره بالمرّة ، فيجب إعطاء الخمس منه.

وأمّا ما كان قد تصرّف به فصار في ذمّته أو أدائه لغيره ، فإن كان مع اختلاط أعيانه ،

__________________

(١) في «س» ، «م» : تفي.

(٢) في «ص» زيادة : وتزيد.

٢٠٥

جرى فيه الحكم المذكور ، وإن كان قد تصرّف به شيئاً فشيئاً ، دخل في حكم مجهول المالك ، يعالج بالصلح ، ثمّ الصدقة.

ولو كان الاختلاط من أخماس ، أو زكوات ، فيحتمل أن يكون كمعلوم الصاحب ، وأن يكون كالسابق ، وهو أقوى. ولو كان الاختلاط مع الأوقاف ، فكمعلوم الصاحب في وجه قويّ. ولو حصل الاشتباه بين هذه الثلاثة ، أو أحدها وبين غيرها ، أو بينها بعضها مع بعض ، فالأقوى فيه الرجوع إلى الحكم السابق ، وهو إخراج الخمس ، إلا في اختلاط الأوقاف ، فإنّ علاجها الصلح.

وإذا تملّك شيئاً بمقابلة ذلك المخلوط ، أمكن الرّجوع في الخمس إلى الناقل والمنقول إليه.

ولو حصل مال في يد الموروث ، ولم يعلم بأنّه أخرج واجبه أو لا ، لم يجب الإخراج.

ولو كان ما فيه الواجب مشتركاً ، فامتنع أحد الشركاء عن القسمة ، أدّى غير الممتنع سهمه ، وحلّ له التصرّف بمقدار أربعة أخماس حصّته. ولو أمكن جبره على القسمة جبر.

ومصرف هذا الخمس كمصرف غيره من الأخماس.

ولو خلط الحرام مع الحلال عمداً خوفاً من كثرة الحرام لتجتمع شرائط الخمس ، فيجتزي بإخراجه ، فأخرجه ، عصى بالفعل ، وأجزأ الإخراج. ولو عرف المالك بعد إخراجه ، ضمنه له. ولو عرف القدر زائداً على المخرج ، تصدّق بالزائد ؛ واحتمل وجوب التصدّق بجميعه ، والاكتفاء بالسابق. ولعلّ الأقوى هو الأوّل. ولو ظهر ناقصاً أو مساوياً فلا ضمان.

المقام السابع

فيما يفضل عن مئونة السنة لنفسه ، ونفقة عياله الواجبي النفقة ، ومماليكه وخدّامه ، وأضيافه ، وغيرهم ، وعطاياه ، وزياراته ، وحجّاته فرضاً أو ندباً ، ونذوره ،

٢٠٦

وصدقاته ، ومركوبه ، ومسكنه ، وكتبه ، وجميع حوائجه ممّا يناسب حاله ، سنة كاملة ، ممّا لم يكن عنده من أرباح تجارات ، وزراعات ، وصناعات ، وحيازة مباحات قصد بها الانتفاع في الدنيا ؛ سواء حصل بارتفاع قيمة أو نماء أو غيرهما ؛ لا من مواريث ، وهبات ، وصدقات.

وفي المنتقل بوجه الجواز ، كما فيه الخيار هل يتعلّق به الخمس ، أو يعتبر في الملك الاستقرار؟ وعلى الأوّل لا يجوز الردّ بعد ظهور الربح ، لتبعّض الصفقة. وكذا الهبة الّتي يجوز ردّها ، لو قلنا بتعلّقه بها لخروج بعضها عن قابليّة الردّ ، وهو أقوى من التصرّف.

وليس مضيّ الحول وقتاً للوجوب ، وإنّما يؤخّر إليه جوازاً ؛ احتياطاً لمئونة السنة.

فما بقي من ربح السنة الماضية إلى دخول السنة المستقبلة ولو كان ممّا سببه التقتير ، ولم يُتّخذ للقنية ، كالحبوب ونحوها يلزم إخراج خمسه. وكذا ما اتّخذ للقنية إذا أُريد بيعه. أمّا إذا أُريد بقاؤه فيجري في مئونة العام الداخل ، ولا يُعتبر له الات جديدة إلا بعد تلفها أو نقلها مع إدخال ثمنها فيما استجدّ ، وليس له التجديد من الربح. وليس له تجديد شي‌ء (١) من الخدم والمراكب والآلات وغيرها ممّا بنيت على الدوام مع بقائها ، (أمّا لو تلفت فالجديد من المئونة) (٢) ، وما لم يبنَ على الدوام يلحق بربح السنة الماضية فيما بقي ممّا تُراد قنيته من حول سابق إلى لاحق لا يُعتبر في نفسه ، ولا في ربحه ، ولكنّه يدخل في مصارف السنة الاتية.

وكلّما اتُّخذ للاكتساب فظهر ربحه ، تعلّق به بزيادة قيمة سوق ، أو أثمار ، أو إنتاج ، أو فراخ أشجار ، أو غير ذلك. وما أُريد الاكتساب والربح بفوائده ، دخلت فوائده دون زيادة أعيانه قيمة وعيناً.

وما لم يقصد الاسترباح به ولا بفوائده ، وإنّما الغرض الانتفاع بها ، فالظاهر أنّه

__________________

(١) في «ص» زيادة : للسنة الجديدة مع بقاء ما في يده.

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، وفي «ح» ، «م» : فالجديد.

٢٠٧

كسابقه ، وفوائده كفوائده.

وتُحتسب المئونة من الرّبح المُكتَسب دون غيره على أصحّ الأقوال.

ويدخل في الاكتساب أخذ العسل ، والمن ، والترنجبين ، والصمغ ، والشيرخشت ، والسماق ، والعفص ، والفلي (١) ، ونحوها. ويدخل في المئونة دار تناسبه ، وزوجة كذلك ، وما يحتاج من ظروف ، وأسباب ، وغلمان ، وجوار ، وخيل ، وفراش ، وغطاء ، ولباس ، ومراكب ، ونحوها ممّا يليق بحاله. وما بقي منها إلى العام الجديد يبقى على حاله ، ولا يستجدّ منه غيره للعام الاتي مع الاكتفاء به.

وليس العام كعام الزكاة ، بل اثنا عشر شهراً على نحو ما هو المعروف.

ويلحق بالمؤن ما يؤخذ قهراً ، أو يصانع به ظالم ، وما يلزمه من حقّ نَذر أو عهد ، ونحوهما ، أو حجّ ، أو ما يستحبّ له من زيارة أو حجّ مستحبّ ، ونحوهما.

والدين السابق على العام ، والمقارن من المئونة.

ولا يجبر خُسران غير مال التجارة بالربح منها. والأحوط أن لا يُجبر خُسران تجارة بربح أُخرى ، بل يقتصر على التجارة الواحدة.

وما يدخله من الأرباح في العام يلحظ مُجتمعاً أو مُرتّباً (٢). ولكلّ عام ما يظهر من ربحه فيه. ولو دخله أرباح من جهات مختلفة متحدة في النوع أو مختلفة أُخذت المئونة المحتاج إليها من جميعها ، ممّا دخل فيه الخمس أولا.

وكلّما اتخذ للانتفاع لا للاكتساب فليس فيه شي‌ء ، زاد فيه زيادة في نفسه ، أو في قيمته. وكلّ مئونة من ربح عامها.

وله الخيار إذا ظهر الربح بين الدفع في مبدأ العام وبين الانتظار احتياطاً له.

ولو اتخذ من الدور ، أو الأزواج ، أو المراكب ، أو اللباس ، أو الفراش ، أو المأكل ، أو الظروف ، أو الكتب ، أو الآلات ما يزيد على حاله كمّاً أو كيفاً ، دخل التفاوت فيما فيه الخمس.

__________________

(١) في «س» القلى ، وفي «ص» : الجلود والقلى.

(٢) في «ص» : مترتباً.

٢٠٨

ولو اقتصد في قوتٍ ، أو لباسٍ ، أو آلاتٍ ، أو مساكن ، أو أوضاع ، ولم يفعل ما يُناسبه ، لم يُحسب التفاوت من المئونة على الأقوى ، وأُخذ الخمس من تمام الربح. ولو باعَ شيئاً ممّا يحتاجه ، جازَ له استجداده ، ولو ربح به دخل ربحه في الأرباح. ولو باعَ داره أو خادمه مثلاً ، جازَ له أن يستجدّ عوضهما ممّا يناسبه ، مع تكميل ما نقص من الربح بعد إعطاء ثمن ما بيع.

ولا يُعتبر ههنا نصاب ، بل يجب الإعطاء من القليل والكثير.

وصيد البرّ والبحر ، وحيازة المباحات : من الماء ، والحطب ، والحشيش ، والكمأة ، ونحوها من المكاسب. ولكلّ ربح عام مستقلّ. والقدر المُشترك بين الرّبحين يوزّع عليهما. ولو حصل ربح في المال المخمّس ، وجب إخراج خمسه.

ولو اتّجر بما أصابه من الخمس ، فربح زائداً على قوت سنة ، وجبَ عليه الخمس. ولو قبض شيئاً من الخمس ، من نقد مسكوك أو من أحد النعم الثلاث ، فحال عليه الحول ، وجبت فيه الزكاة.

البحث الثاني : قسمة الخمس

وينحصر البحث في مطالب :

الأول : في كيفيّة

قسمته : يُقسّم ستّة أقسام ، ثلاثة منها للإمام ، سهم بالأصالة ، وهو سهم الإمامة ، وسهمان بالانتقال إليه ، وهما سهم الله وسهم رسوله. وثلاثة أسهم لأرحامه : من اليتامى ، والمساكين ، وأبناء السبيل. فيكون للإمام نصف الخمس ، والنصف الأخر لأرحامه.

ويُشترط فيهم الإيمان في الأقسام الثلاثة ، والفَقر في القسمين الأوّلين. ولا تُشترط العدالة ، وربّما وجبت ؛ للنهي عن المُنكر. والحاجة في حال الغُربة ، وإن كانوا أغنياء في محلّهم في القسم الثالث.

٢٠٩

ومتى ارتفع الفقر أو اليتم أو الاحتياج ، لم يعطوا من سهامهم شيئاً.

ولا تجب القسمة على الأقسام ، بل يجوز تخصيص أحدهم ، ولا يجب البسط على الأفراد ، بل يجوز التخصيص بالبعض دون البعض.

ولا يجوز أن يدفع إلى فقير أو يتيم ما يزيد على قوت سنته. وإلى ابن السبيل ما يزيد على الحاجة ، ولا يُقدّر بقدر.

وهذه السهام الثلاثة مخصوصة بمن ينتسب إلى هاشم جدّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من طرف الأُبوّة ، دون مَن انتسبَ مِن جانب الأُمومة فقط ، ودون من انتسب إلى أخيه المطّلب.

وذريّة هاشم مختصّة بذريّة عبد المطّلب. وله عشرة أسماء غير اسمه المشهور تعرفها العرب ، وملوك العجم ، وملوك الحبشة. وملوك القياصرة ، وهي : عامر ، وشيبة الحمد ، وسيّد البطحاء ، وساقي الحجيج ، وساقي الغيث ، وغيث الوادي في العام الجدب ، وأبو السادة العشرة ، وحافر بئر زمزم. وله اسمان آخران.

وأولاده أحد عشر : عبد الله ، وأبو طالب ، والعبّاس ، وحمزة ، والزّبير ، وأبو لهب ، وضرار ، والغيداق ، ومقوّم ، وحجل ، والحارث ، وهو أسنّهم. وقيل : اثنا عشر بإضافة قشم (١). وقيل : عشرة بإسقاطه ، وجعل الغيداق وحجل واحداً (٢).

وبناته ستّ : أُمّ حكيم وهي البيضاء ، وبرّة ، وعاتكة ، وصفيّة ، وأروى ، وأيمة.

وانحصر النسل بأربعة منهم : أبي طالب ، والعبّاس ، وأبي لهب ، والحارث ، والمعروف منهم اليوم من انتسب إلى أبي طالب أو العبّاس ، والذين بارك الله تعالى فيهم ، وظهر أمرهم ذريّة أبي طالب. ولو زنى هاشميّ بهاشميّة ، فليس لولدهما نسب ، ولو زنت به مع اشتباهه أو عذره ، فالولد من أهل الخمس ، وبالعكس من المنتسبين بالأُمّ لا خمس لهم.

__________________

(١) نهاية الأرب ١ : ٦٢.

(٢) الخصال ٢ : ٤٥٣.

٢١٠

قيل : وينبغي توفير الطالبيين على غيرهم (١) ، والعلويين (٢) على غيرهم (٣) ، وليس بالبعيد تقديم الرضويّ ، ثمّ الموسوي ، ثمّ الحسني ، والحسيني (٤) ، وتقديم كلّ من كان علاقته بالأئمة أكثر.

ويصدّق مدّعي النسب ما لم يكن متّهماً كمدّعي الفقر.

وسهم الإمام يوصل إليه مع حضوره ، وإمكان الوصول إليه ، ومع عدم الإمكان لتقيّة ونحوها ، أو غيبته يُعطى للأصناف الثلاثة على الأقوى ، ويتولّى أمره المجتهد. والأحوط تخصيص الأفضل. ويتولّى إيصاله إلى مصرفه. وإذا تعذّر الوصول إليه ، ولم يمكن حفظ المال حتّى يصل الخبر ، تولاه عدول المسلمين.

ولو دفع أحد إلى غيره وغير وكيله أو مأذونه مع الإمكان ، وجبت الإعادة. وللمجتهد الإجازة ، والأحوط البناء على الإعادة. ولو دفع إلى من ظنّه مجتهداً فظهر خلافه ، فإن بقيت العين استُرجعت منه ، وإن تلفت ، وكان عالماً بأنّه حقّ الصاحب ، ضمن. وإن تعذّر إرجاعها ، وكان الدافع معذوراً ، فلا ضمان عليه ، وإلا ضمن.

المطلب الثاني : في كيفية دفعه

تُشترط في صحّته النيّة ، بالمعنى الّذي مرّ بيانه مراراً ، من المالك أو وكيله ، إلا فيما كان من الذمّي المشتري للأرض من المسلم ، فلا وجوب فيها ، ويحتمل وجوب تولّي الحاكم أو الأخذ. والأقوى خلافه.

فلو دفعه بلا نيّة ، أو نوى الرياء أو غيره من الأُمور الدنيوية ، وجبت إعادته ، وأُخذ ممّن في يده مع بقائه وتصديقه ومع عدم التصديق إشكال ومع تلفه مع علمه وجهل الدافع.

__________________

(١) في «ح» ، «س» ، «م» : الطالبيين.

(٢) في بعض النسخ زيادة : والفاطميين على غيرهم.

(٣) في «ص» ، «ح» : والغارمين.

(٤) في «م» : ثمّ الحسيني.

٢١١

ويلزم فيها التعيين إن وجب عليه متعدّد في كونها حصّة الإمام أو الحصص الباقية. والأقوى عدم اعتبار التعيّن (١) بين الحصص الثلاثة. ولو عيّن في الدفع وقبض فليس له العدول إلى غيره.

ويجوز الدفع إلى صاحب الصنف ، وإلى وصيّه أو وليّه الشرعي ، ولو عدول المسلمين ، أو وكيله. ولو دفع إلى المولّى عليه وتلف ، لزمت إعادته ، ومع بقائه لهُ أخذُه ودفعه إلى الولي إن شاء.

ويجوز احتساب الدين على المدين ، ولو كان غريمه مديوناً لصاحب الخمس ، جازت مقاصّته به مع التراضي.

ولو أخلّ بالنيّة الوكيل ، فلا ضمان على الموكّل ، وليس عليه الفحص عن حاله مع عدالته ، والأحوط أن لا يُستناب غير العدل في الأحكام الخفيّة الموقوفة على النيّة.

ولا يجوز دفعه إلى المماليك من بني هاشم الّذين ملكوا بأسر ، كذراري أبي لهب ، أو تبعيّة ، أو شرطيّة على القول بها. ويجوز الدفع إلى مواليهم.

ولو قلنا بأنّ المماليك يملكون مطلقاً ، أو خصوص ما ملّكهم الله من زكاة أو خمس ونحوهما ، أو قلنا بأنّ التملّك شرط في القابل للملك وفي غيره يكفي الاختصاص ، جاز الدفع إلى المملوك من بني هاشم.

وإذا وجب الخمس ، فإن شاء دفع من الجنس ، وإن شاء دفع من القيمة ، وليس له الدفع من الأدنى ، بل إمّا من الأعلى أو المساوي.

وليس لهاشمي أن يُبرئ ذمّة أحد من حقّ الخمس ، ولا أن يضيع حقوق السادات بأخذ القليل جدّاً عوضاً عن الكثير. ولو كان باختلاف يسير ، جاز له شراؤه ، ثمّ يحتسب المالك ثمنه عليه.

ويصدّق المالك في الدفع ، حتّى لو قال للمجتهد : دفعت إلى مجتهدٍ آخر ، فليس له معارضته.

__________________

(١) في «م» ، «س» : التعيين.

٢١٢

المطلب الثالث : في زمان دفعه

تجب المُبادرة إليه على نحو الدفع إلى الغريم المطالب. ولو أخّر في الجملة لطلب الرّجحان ، فلا بأس ما لم يسمّ تعطيلاً. وكذا لو فقد المستحقّ ، ولا يضمن مع (العزل وعدم التفريط على الأقوى. وكذا لو أبقاه في ماله بمصلحة أهله ، ولو تلف من المال شي‌ء وزّع على النسبة. ويجب النقل والأُجرة من الحقّ بتحويل أو مع أمين ، ولا يضمن مع) (١) التلف مع فقد المستحقّ في البلد وعدم حضور المجتهد ، ويرتفع ضمانه بتسليم المجتهد.

ويجوز للمجتهد طلب الحقوق إلى محلّه ، ولا ضمان عليه. ولو عزله وحمله ليوصله إلى مستحقّه في البلد وتلف من غير تفريط ، فلا ضمان. ولو طلب المجتهد منه حقّ صاحب الزمان جعلت فداءه فلم يسلّمه ، ضمنَ.

وفي تحقّق الإخلاص في النيّة بالنسبة إلى الدافع إلى الفقير ليردّه إليه فيأخذه أو يكرّر حسابه عليه إشكال.

ولو خاف من الدفع اختبار الظّالم فيطمع فيه ، أو اختبار الفقراء فيهجموا عليه أو يؤذونه ، جاز تأخير الدفع ، وربّما وجب.

ولو دفع إلى شخص ، فقبل فضولاً عن آخر ، فحصلت الإجازة ، صحّ. ولو قبل المجتهد عن الغائب ، فالظّاهر إجزاؤه ، كما لو دفع خمس الغائب مع تعذّر دفعه. ومثل ذلك يجري في جميع الحقوق.

ويجب على المضطرّين من بني هاشم طلب الخمس ، ولا غضاضة عليهم ؛ لأنّه حقّ الإمارة والسلطنة وأولاد السلاطين ، بخلاف الزكاة ، وباقي الصدقات ، فإنّها من أوساخ الناس ، وأوساخ الأموال ، وإن وجب أخذها عند الاضطرار.

ولا يجوز الاحتيال في أخذ الحقوق الواجبة ، بهبة ما يملكه لزوجته أو ولده مثلاً

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٢١٣

حتّى يكون فقيراً فيأخذ حقّ الفقراء ، أو يشتري من أحدهما شيئاً يسوى درهماً بألف دينار ، حتّى يكون مديناً ، وهكذا ، ولو فعل وقبل ، عصى وملك.

ومن قبض من الخمس بمقدار نصاب الزكاة ، ثمّ حال عليه الحول ، وجبت زكاته ؛ ولو اتّجر به ، وجب الخمس في ربحه.

والخمس مشترك بين الإمام وأرحامه كما مرّ.

ويختصّ بالإمام الأنفال ، وهي أقسام :

منها : الأرض الّتي تملك من غير قتال ، إمّا بانجلاء أهلها عنها ، أو بتسليمها إلى المسلمين وهم فيها من غير قتال.

ومنها : أرض الموات ، سواء ملكت ثمّ بادَ أهلها ، أو لم يجرِ عليها ملك. والمراد بالموات ما لم ينتفع به لعطلته لانقطاع الماء عنه ، أو لاستيلائه عليه ، أو لاستيجامه ، أو كثرة الشجر فيه ، أو استيلاء التراب أو الرمل عليه ، أو ظهور السبخ فيه ، إلى غير ذلك من موانع الانتفاع. ولو عرف مالكها وقد ماتت ، وكان ملكها بالإحياء ، دخلت في حكم الموات ، بخلاف ما إذا ملكت بغير ذلك.

ومنها : رؤوس الجبال ، وبطون الأودية ، والآجام ، ولو كانت في أرض مملوكة لغيره في وجه قويّ.

ومنها : صواف الملوك وقطعائهم من المنقول وغيره ، من الأرض وغيرها ممّا يختصّ بهم.

ومنها : ما يصطفيه من الغنيمة من ثوب ، أو فرس ، أو عبد ، أو جارية ، ونحو ذلك.

ومنها : غنيمة من غنم بقوّة الجند من غير إذن الإمام.

ومنها : المعادن.

ومنها : ميراث من لا وارث له. وكلّ شي‌ء يكون بيد الإمام ممّا اختصّ أو اشترك بين المسلمين يجوز أخذه من يد حاكم الجور بشراء أو غيره من الهبات والمعاوضات والإجارات ؛ لأنّهم أحلّوا ذلك للإماميّة من شيعتهم.

٢١٤

ومنها : ما يُوضع له ، من السلاح المعدّ له ، والجواهر ، والقناديل من الذهب ، أو الفضّة ، والسيوف ، والدّروع ، ونحوها.

ومنها : ما يُجعل نذراً لإمامٍ بخصوصه على أن يستعملها بنفسه الشريفة ، أو يصرفها على جنده من الدراهم والدّنانير ، وجميع ما يطلب للجيوش والاستعداد.

ومنها : المال المعيّن للتسليم إليه ليصرفه على رأيه ، وهذه الثلاثة ونحوها لا يجوز التصرّف فيها ، بل يجب حفظها ، والوصيّة بها. ولو خيف فساد شي‌ء منها ، بِيعَ وجُعلَ نقداً ، وحفظ على النحو السابق.

ولو أراد المجتهد الاتّجار به مع المصلحة ، قوي جوازه.

ولو وقف عليه واقف ، كان للمجتهد أو نائبه وإلا فعدول المسلمين قبضه عنه. ولو خافَ المجتهد من التلف مع بقاء العين ، أقرضها من مَليّ تقي. ومع تعدّد المجتهدين يجوز لكلّ منهم التوجّه لذلك. ولو اختلفت آراؤهم ، عوّل على قول الأفضل.

ولو ظهرت خيانة الأمين ، أو خيف عليه من التلف عند شخص ، انتزعه الحاكم ، وجعله عند غيره. وكذا لو كان قرضاً وخشي من إفلاس المقترض أو من ورّاثه.

ولو احتاجت بعض الأُمور المختصّة به إلى الإصلاح ، وتوقّف على بذل المال ، أُخذ من ماله الأخر من قناديل ، أو سلاح ، أو فرش ، ونحوها مقدار ما يصلحه به ، ويتولّى ذلك المُجتهد أو وكيله أو مأذونه ؛ فإن لم يكن أحدهم ، قام عدول المسلمين مقامهم.

الباب السادس : في الصدقات المندوبات غير الزكاة

وفيها مباحث :

الأوّل : في الصدقات الداخلة في الهِبات ،

وهي العطايا المتبرّع بها بالأصالة من غير نصاب ، وفيها مقامات

٢١٥

الأوّل : في فضلها ،

وهو ثابت عقلاً وشرعاً ، بل من ضروريّات الدين ، وفي القرآن المبين (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) (١).

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله ليدفع بالصدقة الداء ، والدبيلة ، والحرق ، والغرق ، والهدم ، والجنون ، إلى أن عدّ سبعين نوعاً من السوء» (٢) وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الصدقة تدفع ميتة السوء» (٣).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصدقة بعشرة ، والقرض بثمانية عشر ، وصلة الإخوان بعشرين ، وصلة الرحم بأربعة وعشرين» (٤).

وعن الباقر عليه‌السلام : «صنائع المعروف تدفع مصارع السوء» (٥).

وعن الصادق عليه‌السلام : «داووا مرضاكم بالصدقة ، وادفعوا البلايا بالدعاء ، واستنزلوا الرزق بالصدقة ، وهي تقع في يد الربّ ، قبل أن تقع في يد العبد» (٦).

ويُستحبّ للمريض أن يتصدّق بيده على فقير ، ويأمره بالدعاء له. ويستحبّ التبكير بالصدقة لدفع شرّ يومه ، وروى : أنّها تقضي الدين ، وتزيد المال ، وتُخلف البركة (٧).

__________________

(١) البقرة : ٢٧٢.

(٢) الكافي ٤ : ٥ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ٣٨ ح ١٦٠ ، دعائم الإسلام ٢ : ٣٣١ ح ١٢٥٢ ، الوسائل ٦ : ٢٦٨ أبواب الصدقة ب ٩ ح ١.

(٣) الكافي ٤ : ٥ ح ٣ ، ثواب الأعمال : ١٦٩ ح ٨ ، الوسائل ٦ : ٢٥٥ أبواب الصدقة ب ١ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ١٠ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٨ ح ١٦٤ ، دعائم الإسلام ٢ : ٣٣١ ح ١١٤ ، الوسائل ١١ : ٥٤٦ أبواب فعل المعروف ب ١١ ح ٥.

(٥) الكافي ٤ : ٢٩ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٠ ح ١١٤ ، أمالي الصدوق : ٢١٠ ح ٥ ، الوسائل ١ : ٥٢٣ أبواب فعل المعروف ب ١ ح ١٠.

(٦) الكافي ٤ : ٣ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٧ ح ١٥٦ ، التهذيب ٤ : ١١٢ ح ٣٣١ ، قرب الإسناد : ١١٧ ح ٤١٠ ، الخصال ١ : ٣٣ ، الوسائل ٦ : ٢٦٠ أبواب الصدقة ب ٣ ح ١ ، وص ٣٠٢ ب ٢٩ ح ١ ـ ٤ ، كنز العمال ٦ : ٢٩٣ ح ١٥٧٥٩.

(٧) الكافي ٤ : ٩ ح ١ ، عدّة الداعي : ٦٩ ، الوسائل ٦ : ٢٩٠ أبواب الصدقة ب ٢٢ ح ١ ، وص ٣٢٢ ب ٤٢ ، عوالي اللآلي ٣ : ١١٣ ح ٢.

٢١٦

والتوسعة على العيال. وإكرام الضيوف ، وزيادة الوقود في الشتاء لهم من أعظم الصدقات ، وإعطاء السائل ، ولو كان على فرس. وكان عليه‌السلام إذا أعطى الفقير أخذها من يده فقبّلها ثمّ ردّها إليه (١).

المقام الثاني : في مصرفها

وأفضله العلماء ، ثمّ الصلحاء ، ثمّ بنو هاشم ، ثمّ الجيران ، ثمّ الأصدقاء ، ثمّ مطلق أهل الإيمان ، ثمّ المخالفين ، ثمّ الذمّيين ، وتعطى لبني هاشم ، والفقراء أولى من الأغنياء ، ومع تعارض الصفات تلحظ زيادة العدد ، وقوّة السبب. وإعطاء العدل أفضل من إعطاء غيره ؛ ولو كان في منع الفاسق نهي عن المنكر ، قوي وجوبه.

المقام الثالث : في مقدارها

وحدّها : أن لا يبلغ بها إلى حيث يضرّ بحاله. ومعياره مضمون قوله تعالى (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (٢) ومضمون قوله تعالى (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٣).

ولأحدّ لقليلها ، فتُعطى التّمرة ، وشقّها. وينبغي أن يُراعى حال المتصدّق عليه في كثرة حاجته وقلّتها ، وعلوّ منزلته وضِعتها. وحال نفسه بملاحظة مقدار قدرته.

المقام الرابع : في جنسها

يُستحبّ بذل المحبوب ، كما يُكره إعطاء الخبيث (٤) ، وأن يختار لها من مُختار

__________________

(١) الكافي ٤ : ٨ ح ٣ ، وص ١١ ح ١ ـ ١٤ ، تفسير العياشي ٢ : ١٠٧ ، ثواب الأعمال : ١٧٣ ح ٢ ، أمالي الطوسي : ٦٧٣ ، عدّة الداعي : ٦٨ ، الوسائل ٦ : ٣٠٣ أبواب الصدقة ب ٢٩ ح ٥.

(٢) بني إسرائيل : ٢٩.

(٣) الفرقان : ٦٧.

(٤) في «ص» ، «ح» : الجشب.

٢١٧

أمواله ، خصوصاً لمن تناسبه كرائم الأموال لعزّته ، ونجابته.

ويُلحظ ما هو الأنفع للفقير ، كالطعام في وقت الغلاء ، والتمر إذا عزّ ، واللحم واللبن كذلك. ولا يبعد ترجيح التمر والزبيب على غيرهما ، مع فقد المرجّحات الخارجيّة. وورد الحثّ على صدقة الماء (١) ، ويلحق بها بذل الجاه ، والكلام الليّن ، ومكارم الأخلاق ، فقد ورد : أنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم بأخلاقكم (٢).

المقام الخامس : في أحكامها

تُشترط فيها نيّة القُربة على نحو غيرها من العبادات ، ويتوقّف تملّكها على الدفع والقبض ، فيحصل الملك بهما ، وإن لم يكونا مع الصيغة اللفظية. ولا يجوز الرجوع بها بعد ذلك ، سواء كانت لرحم أو غيره.

والإسرار بها أفضل إلا لدفع التهمة ، أو قصد القدوة ونحوهما من المرجّحات.

ويكره أن يتصدّق بجميع ماله إذا لم يكن محتاجاً إليه. ويكره السؤال وإظهار الحاجة وشكاية الفقر ، إلا مع الاضطرار فيجب. وليس طلب جوائز الملوك ، بل عطاياهم مطلقاً خصوصاً ما كان من المزارع والعقارات بأقسامها من السؤال ، كما هو ظاهر الحال. والله الموفق للصّواب.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٧ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ١١٠ ح ٣١٩ ، الفقيه ٢ : ٣٦ ح ، أمالي الطوسي : ٥٩٨ ح ١٢٤١ ، عدّة الداعي : ١٠٢ ، الوسائل ٦ : ٣٣٠ أبواب الصدقة ب ٤٩ ح ١ ـ ٧.

(٢) الكافي ٢ : ١٠٣ ح ١ ، أمالي الصدوق : ٣٦٢ ح ٩ ، أعلام الدين : ٢٩٤ ، مشكاة الأنوار : ٢١٣ ، الوسائل ٨ : ٥١٣ أبواب أحكام العشرة ب ١٠٧ ح ٨.

٢١٨

فنّ العبادات

من الماليّات المحضة الداخلة في العقود ،

 والإيقاعات والأحكام ، وفيه كتب

٢١٩
٢٢٠